النّهاية - ج ٢

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٢

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٢٦

وفى حديث ابن ذى يزن :

أسد تُرَبِّبُ فى الغيضات أشبالا

أى تربّى ، وهو أبلغ منه ومن تَرُبُ ، بالتكرير الذى فيه.

وفيه «الرَّابُ كافل» هو زوج أمّ اليتيم ، وهو اسم فاعل ، من رَبَّهُ يَرُبُّهُ : أى أنه تكفّل بأمره.

ومنه حديث مجاهد «كان يكره أن يتزوّج الرجل امرأة رَابِّهِ» يعنى امرأة زوج أمّه لأنه كان يربّيه.

(س) وفى حديث المغيرة «حملها رِبَابٌ» رِبَابُ المرأة : حدثان ولادتها. وقيل هو ما بين أن تضع إلى أن يأتى عليها شهران. وقيل عشرون يوما ، يريد أنها تحمل بعد أن تلد بيسير ، وذلك مذموم فى النّساء ، وإنما يحمد أن لا تحمل بعد الوضع حتى تتمّ رضاع ولدها.

(ه) ومنه حديث شريح «إن الشّاة تحلب فى رِبَابِهَا».

(ه) وفى حديث الرؤيا «فإذا قصر مثل الرَّبَابَةِ البيضاء» الرَّبَابَةُ ـ بالفتح ـ السّحابة التى ركب بعضها بعضا.

ومنه حديث ابن الزبير «وأحدق بكم رَبَابُهُ» وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفيه «اللهم إنّى أعوذ بك من غنى مبطر وفقر مُرِبٍ» أو قال «ملبّ» أى لازم غير مفارق ، من أَرَبَ بالمكان وألبّ : إذا أقام به ولزمه.

(ه) وفى حديث عليّ «الناس ثلاثة : عالم رَبَّانِيٌ» هو منسوب إلى الرّب بزيادة الألف والنّون للمبالغة. وقيل هو من الرَّبِ بمعنى التّربية ، كانوا يربّون المتعلّمين بصغار العلوم قبل كبارها ، والرَّبَّانيُ : العالم الراسخ فى العلم والدّين. أو الذى يطلب بعلمه وجه الله تعالى. وقيل العالم العامل المعلّم.

(ه) ومنه حديث ابن الحنفية قال حين توفّى ابن عباس : «مات رَبَّانِيُ هذه الأمّة».

(س) وفى صفة ابن عباس «كأنّ على صلعته الرُّبَ من مسك وعنبر» الرُّبُ ما يطبخ من التّمر ، وهو الدّبس أيضا.

١٨١

(ربث) (ه) في حديث عليّ «إذا كان يوم الجمعة غدت الشياطين براياتها فيأخذون الناس بِالرَّبَائِثِ فيذكّرونهم الحاجات» أى لِيُرَبِّثُوهُمْ بها عن الجمعة. يقال رَبَّثْتُهُ عن الأمر إذا حبسته وثبّطنه. والرَّبَائِثُ جمع رَبِيثَةٍ وهى الأمر الذى يحبس الإنسان عن مهامّه. وقد جاء فى بعض الروايات «يرمون الناس بِالتَّرَابِيثِ» قال الخطّابى : وليس بشىء.

قلت : يجوز ـ إن صحّت الرواية ـ أن يكون جمع تَرْبِيثَةٍ وهى المرّة الواحدة من التَّرْبِيثِ. تقول : رَبَّثْتُهُ تَرْبِيثاً وتَرْبِيثَةً واحدة ، مثل قدّمته تقديما وتقديمة واحدة.

(ربح) (ه) فى حديث أبى طلحة «ذلك مال رَابِحٌ» أى ذو رِبْحٍ ، كقولك لابن وتامر ويروى بالياء. وسيجيء.

(ه) وفيه «إنه نهى عن رِبْحِ ما لم يضمن» هو أن يبيعه سلعة قد اشتراها ولم يكن قبضها بِرِبْحٍ ، فلا يصحّ البيع ولا يحل الرِّبْحُ ؛ لأنّها فى ضمان البائع الأوّل ، وليست من ضمان الثانى ، فَرِبْحُهَا وخسارتها للأوّل.

(ربحل) فى حديث ابن ذى يزن «وملكا رِبَحْلاً» الرِّبَحْلُ ـ بكسر الراء وفتح الباء الموحدة ـ الكثير العطاء.

(ربخ) (س) في حديث عليّ «إنّ رجلا خاصم إليه أبا امرأته فقال : زوّجني ابنته وهي مجنونة ، فقال : ما بدا لك من جنونها؟ فقال : إذا جامعتها غشي عليها ، فقال : تلك الرَّبُوخُ ؛ لست لها بأهل» أراد أن ذلك يحمد منها. وأصل الرَّبُوخِ من تَرَبَّخَ فى مشيه إذا استرخى. يقال : رَبَخَتِ المرأة تَرْبَخُ فهى رَبُوخٌ ؛ إذا عرض لها ذلك عند الجماع.

(ربد) (ه) فيه «إنّ مسجده صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان مِرْبَداً ليتيمين» الْمِرْبَدُ : الموضع الذى تحبس فيه الإبل والغنم ، وبه سمّى مِرْبَدَ المدينة والبصرة. وهو بكسر الميم وفتح الباء ، من رَبَدَ بالمكان إذا أقام فيه. ورَبَدَهُ إذا حبسه.

(ه) ومنه الحديث «إنه تيمّم بِمِرْبَدِ النّعم» والْمِرْبَدُ أيضا : الموضع الذى يجعل فيه التّمر لينشف ، كالبيدر للحنطة.

١٨٢

(ه) ومنه الحديث «حتى يقوم أبو لبابة يسدّ ثعلب مِرْبَده بإزاره» يعنى موضع تمره.

(س) وفى حديث صالح بن عبد الله بن الزبير «إنه كان يعمل رَبَداً بمكة» الرَّبَدُ بفتح الباء : الطين ، والرَّبَّادُ : الطّيّان : أى بناء من طين كالسّكر ، ويجوز أن يكون من الرَّبْدِ : الحبس ؛ لأنه يحبس الماء. ويروى بالزاى والنون. وسيجىء فى موضعه.

(ه) وفيه «إنه كان إذا نزل عليه الوحى ارْبَدَّ وجهه» أى تغيّر إلى الغبرة. وقيل الرُّبْدَةُ : لون بين السّواد والغبرة.

(ه) ومنه حديث حذيفة فى الفتن «أىّ قلب أشربها صار مُرْبَدّاً» وفى رواية «صار مُرْبَادّاً» هما من ارْبَدَّ وارْبَادَّ. ويريد ارْبِدَادَ القلب من حيث المعنى لا الصورة ، فإن لون القلب إلى السّواد ما هو.

(ه) ومنه حديث عمرو بن العاص «إنه قام من عند عمر مُرْبَدَّ الوجه فى كلام أسمعه».

(ربذ) (ه) فى حديث عمر بن عبد العزيز «إنه كتب إلى عامله عدىّ بن أرطاة : إنما أنت رِبْذَةٌ من الرِّبَذِ» الرِّبْذَةُ بالكسر والفتح : صوفة يهنأ بها البعير بالقطران ، وخرقة يجلو بها الصائغ الحلىّ ، يعنى إنما نصبت عاملا لتعالج الأمور برأيك وتجلوها بتدبيرك. وقيل هى خرقة الحائض ، فيكون قد ذمّه على هذا القول ونال من عرضه. ويقال هى صوفة من العهن تعلّق فى أعناق الإبل وعلى الهوادج ولا طائل لها ، فشبّهه بها أنه من ذوى الشارة والمنظر مع قلة النّفع والجدوى. وحكى الجوهرى فيها الرَّبَذَةُ بالتحريك وقال : هى لغة. والرَّبَذَةُ بالتحريك أيضا : قرية معروفة قرب المدينة ، بها قبر أبى ذرّ الغفارى.

(ربز) (س) فى حديث عبد الله بن بسر «قال : جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى دارى فوضعنا له قطيفة رَبِيزَةً» أى ضخمة ، من قولهم كيس رَبِيزٌ وصرّة رَبِيزَةٌ. ويقال للعاقل الثّخين : رَبِيزٌ. وقد رَبُزَ رَبَازَة ، وأَرْبَزْتُهُ إِرْبَازاً. ومنهم من يقول رميز بالميم. وقال الجوهرى فى فصل الراء من حرف الزاى : كبش رَبِيزٌ أى مكتنز أعجز ، مثل ربيس.

١٨٣

(ربس) (س) فيه «إنّ رجلا جاء إلى قريش فقال : إن أهل خيبر أسروا محمدا ويريدون أن يرسلوا به إلى قومه ليقتلوه ، فجعل المشركون يُرْبِسُونَ به العبّاس» يحتمل أن يكون من الْإِرْبَاسِ وهو المراغمة : أى يسمعونه ما يسخطه ويغيظه. ويحتمل أن يكون من قولهم جاءوا بأمور رُبْسٍ : أى سود ، يعنى يأتونه بداهية. ويحتمل أن يكون من الرَّبِيسِ وهو المصاب بمال أو غيره : أى يصيبون العبّاس بما يسوءه.

(ربص) فيه «إنما يريد أن يَتَرَبَّصَ بكم الدّوائر» التَّرَبُّصُ : المكث والانتظار. وقد تكرر فى الحديث.

(ربض) (ه) فى حديث أمّ معبد «فدعا بإناء يُرْبِضُ الرّهط» أى يرويهم ويثقلهم حتى يناموا ويمتدّوا على الأرض. من رَبَضَ فى المكان يَرْبِضُ إذا لصق به وأقام ملازما له. يقال أَرْبَضَتِ الشمس إذا اشتدّ حرّها حتى تَرْبِضَ الوحش فى كناسها. أى تجعلها تَرْبِضُ فيه. ويروى بالياء. وسيجىء.

(ه) ومنه الحديث «أنه بعث الضّحّاك بن سفيان إلى قومه وقال : إذا أتيتهم فَارْبِضْ فى دارهم ظبيا» أى أقم فى دارهم آمنا لا تبرح ، كأنك ظبى فى كناسه قد أمن حيث لا يرى إنسيّا. وقيل المعنى أنه أمره أن يأتيهم كالمتوحّش ؛ لأنه بين ظهرانى الكفرة ، فمتى رابه منهم ريب نفر عنهم شاردا كما ينفر الظّبى.

(س) وفى حديث عمر «ففتح الباب فإذا شبه الفصيل الرَّابِض» أى الجالس المقيم.

ومنه الحديث «كَرَبْضَة العنز» ويروى بكسر الراء : أى جثّتها إذا بركت.

(س) ومنه الحديث «إنه رأى قبّة حولها غنم رُبُوضٌ» جمع رَابِضٍ.

وحديث عائشة «رأيت كأنّى على ظرب وحولى بقر رُبُوضٌ».

(س) وحديث معاوية «لا تبعثوا الرَّابِضِينَ التّرك والحبشة» أى المقيمين السّاكنين ، يريد لا تهيّجوهم عليكم ماداموا لا يقصدونكم.

(س) ومنه الحديث «الرَّابِضَةُ ملائكة أهبطوا مع آدم يهدون الضّلالّ» ولعلّه من الإقامة أيضا. قال الجوهرى : الرَّابِضَةُ : بقيّة حملة الحجّة ، لا تخلو منهم الأرض. وهو فى الحديث.

١٨٤

(ه) وفيه «مثل المنافق كمثل الشّاة بين الرَّبَضَيْنِ» وفى رواية «بين الرَّبِيضَيْنِ» الرَّبِيضُ : الغنم نفسها. والرَّبَضُ : موضعها الذى تَرْبِضُ فيه. أراد أنه مذبذب كالشاة الواحدة بين قطيعين من الغنم ، أو بين مَرْبِضَيْهِمَا.

ومنه حديث عليّ «والناس حولى كَرَبِيضَةِ الغنم» أى كالغنم الرُّبَّضُ.

(س) وفيه «أنا زعيم ببيت فى رَبَضِ الجنّة» هو بفتح الباء : ما حولها خارجا عنها ، تشبيها بالأبنية التى تكون حول المدن وتحت القلاع. وقد تكرر فى الحديث.

(س) وفى حديث ابن الزبير وبناء الكعبة «فأخذ ابن مطيع العتلة من شقّ الرُّبْضِ الذى يلى دار بنى حميد» الرُّبْضُ بضم الراء وسكون الباء : أساس البناء. وقيل وسطه ، وقيل هو والرَّبَضُ سواء ، كسقم وسقم.

(س) وفى حديث نجبة «زوّج ابنته من رجل وجهّزها ، وقال : لا يبيت عزبا وله عندنا رَبَضٌ» رَبَضُ الرّجل : المرأة التى تقوم بشأنه. وقيل هو كلّ من استرحت إليه ، كالأمّ والبنت والأخت ، وكالقيّم والمعيشة والقوت.

(ه) وفى حديث أشراط الساعة «وأن تنطق الرُّوَيْبِضَةُ فى أمر العامّة ، قيل : وما الرُّوَيْبِضَةُ يا رسول الله؟ فقال : الرجل التّافه ينطق فى أمر العامّة» الرُّوَيْبِضَةُ ، تصغير الرَّابِضَةُ وهو العاجز الذى رَبَضَ عن معالى الأمور وقعد عن طلبها ، وزيادة التّاء للمبالغة. والتَّافِهُ : الخسيس الحقير.

(ه) وفى حديث أبى لبابة «أنه ارتبط بسلسلة رَبُوضٍ إلى أن تاب الله عليه» هى الضّخمة الثّقيلة اللّازقة بصاحبها. وفعول من أبنية المبالغة يستوى فيه المذكر والمؤنث.

(س) وفى حديث قتل القرّاء يوم الجماجم «كانوا رِبْضَةً» الرِّبْضَةُ : مقتل قوم قتلوا فى بقعة واحدة.

(ربط) (ه) فيه «إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرِّبَاطُ» الرِّبَاطُ فى الأصل : الإقامة على جهاد العدوّ بالحرب ، وارتباط الخيل وإعدادها ، فشبّه به ما ذكر من الأفعال الصّالحة والعبادة. قال القتيبى : أصل الْمُرَابَطَةِ أن

١٨٥

يَرْبِطَ الفريقان خيولهم فى ثغر ، كلّ منهما معدّ لصاحبه (١) فسّمّى المقام فى الثّغور رِبَاطاً. ومنه قوله «فذلكم الرِّبَاطُ» أى أنّ المواظبة على الطّهارة والصلاة والعبادة. كالجهاد فى سبيل الله ، فيكون الرِّبَاطُ مصدر رَابَطْتُ : أى لازمت. وقيل الرِّبَاطُ هاهنا اسم لما يُرْبَطُ به الشىء : أى يشدّ ، يعنى أن هذه الخلال تَرْبُطُ صاحبها عن المعاصى وتكفّه عن المحارم.

ومنه الحديث «إنّ رَبِيطَ بنى إسرائيل قال : زين الحكيم الصّمت» أى زاهدهم وحكيمهم الذى رَبَطَ نفسه عن الدنيا : أى شدّها ومنعها.

ومنه حديث عدىّ «قال الشّعبى : وكان لنا جارا ورَبِيطاً بالنّهرين».

ومنه حديث ابن الأكوع «فَرَبَطْتُ عليه أستبقى نفسى» أى تأخّرت عنه ، كأنه حبس نفسه وشدّها.

(ربع) (س) فى حديث القيامة «ألم أذرك تَرْبَعُ وترأس» أى تأخذ رُبع الغنيمة. يقال رَبَعْتُ القوم أَرْبُعُهُمْ : إذا أخذت رُبع أموالهم ، مثل عشرتهم أعشرهم. يريد ألم أجعلك رئيسا مطاعا ؛ لأنّ الملك كان يأخذ الرُّبع من الغنيمة فى الجاهلية دون أصحابه ، ويسمّى ذلك الرُّبعُ : الْمِرْبَاعُ.

(ه) ومنه قوله لعدىّ بن حاتم «إنك تأكل المِرْبَاعَ وهو لا يحل لك فى دينك» وقد تكرر ذكر الْمِرْبَاع فى الحديث.

ومنه شعر وفد تميم.

نحن الرّءوس وفينا يقسم الرُّبُع

يقال رُبْعٌ ورُبُعٌ ، يريد ربع الغنيمة ، وهو واحد من أَرْبَعَةٍ.

(س) وفى حديث عمرو بن عبسة «لقد رأيتني وإني لَرُبُعُ الإسلام» أى رَابِعُ أهل الإسلام ، تقدمنى ثلاثة وكنت رابعهم.

(س) ومنه الحديث «كنت رَابِعَ أَرْبَعَةٍ» أى واحدا من أربعة.

__________________

(١) فسر القاموس المرابطة بقوله : «أن يربط كل من الفريقين خيولهم فى ثغره ، وكل معد لصاحبه».

١٨٦

(س) وفى حديث الشّعبى فى السّقط «إذا نكس فى الخلق الرَّابِعِ» أى إذا صار مضغة فى الرّحم ؛ لأنّ الله عزوجل قال : (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ، ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ، ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ، ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ)».

(س) وفى حديث شريح : حدّث امرأة حديثين ، فإن أبت فَأَرْبَع» هذا مثل يضرب للبليد الذى لا يفهم ما يقال له ، أى كرّر القول عليها أربع مرات. ومنهم من يرويه بوصل همزة أربع بمعنى قف واقتصر ، يقول حدّثها حديثين ، فإن أبت فأمسك ولا تتعب نفسك.

(س) وفى بعض الحديث «فجاءت عيناه بِأَرْبَعَةٍ» أى بدموع جرت من نواحى عينيه الْأَرْبَعِ.

وفى حديث طلحة «إنه لمّا رُبِعَ يوم أحد وشلّت يده قال له : باء طلحة بالجنة» رُبِعَ : أى أصيبت أَرْبَاع رأسه وهى نواحيه. وقيل أصابه حمّى الرِّبْع. وقيل أصيب جبينه.

(ه) وفى حديث سبيعة الأسلمية «لمّا تعلّت من نفاسها تشوّفت للخطّاب ، فقيل لها لا يحل لك ، فسألت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال لها : ارْبَعِي على نفسك» له تأويلان : أحدهما أن يكون بمعنى التّوقّف والانتظار ، فيكون قد أمرها أن تكفّ عن التزوّج وأن تنتظر تمام عدّة الوفاة ، على مذهب من يقول إن عدّتها أبعد الأجلين ، وهو من رَبَعَ يَرْبَعُ إذا وقف وانتظر ، والثانى أن يكون من رَبَعَ الرجل إذا أخصب ، وأَرْبَع إذا دخل فى الرَّبِيعِ : أى نفّسى عن نفسك وأخرجيها من بؤس العدّة وسوء الحال. وهذا على مذهب من يرى أنّ عدّتها أدنى الأجلين ، ولهذا قال عمر : إذا ولدت وزوجها على سريره ـ يعنى لم يدفن ـ جاز أن تتزوّج.

ومنه الحديث «فإنه لا يَرْبَع على ظلعك من لا يحزنه أمرك» أى لا يحتبس عليك ويصبر إلّا من يهمّه أمرك.

ومنه حديث حليمة السعدية «ارْبَعِي علينا» أى ارفقى واقتصرى.

ومنه حديث صلة بن أشيم «قلت أى نفس ، جعل رزقك كفافا فَارْبَعِي فَرَبَعْتُ ولم تكدّ» أى اقتصرى على هذا وارضى به.

١٨٧

(ه) وفى حديث المزارعة «ويشترط ما سقى الرَّبِيعُ والْأَرْبِعَاءُ» الرَّبِيعُ : النهر الصغير ، والْأَرْبِعَاء : جمعه.

ومنه الحديث «وما ينبت على رَبِيعِ السّاقى» هذا من إضافة الموصوف إلى الصّفة : أى النّهر الذى يسقى الزّرع.

(ه) ومنه الحديث «فعدل إلى الرَّبِيعِ فتطهّر».

(ه) ومنه الحديث «إنهم كانوا يكرون الأرض بما ينبت على الْأَرْبِعَاءِ» أى كانوا يكرون الأرض بشىء معلوم ويشترطون بعد ذلك على مكتريها ما ينبت على الأنهار والسّواقى.

ومنه حديث سهل بن سعد «كانت لنا عجوز تأخذ من أصول سلق كنّا نغرسه على أَرْبِعَائِنَا».

وفى حديث الدعاء «اللهم اجعل القرآن رَبِيعَ قلبى» جعله رَبِيعاً له لأنّ الإنسان يرتاح قلبه فى الرَّبِيعِ من الأزمان ويميل إليه.

(ه) وفى دعاء الاستسقاء «اللهم اسقنا غيثا مغيثا مُرْبِعاً» أى عامّا يغنى عن الارتياد والنّجعة ، فالناس يَرْبَعُونَ حيث شاءوا : أى يقيمون ولا يحتاجون إلى الانتقال فى طلب الكلأ ، أو يكون من أَرْبَعَ الغيث إذا أنبت الربيع.

(س) وفى حديث ابن عبد العزيز «أنه جمّع فى مُتَرَبَّعٍ له» الْمَرْبَعُ والْمُتَرَبَّعُ والْمُرْتَبَعُ : الموضع الذى ينزل فيه أيام الرَّبِيع ، وهذا على مذهب من يرى إقامة الجمعة فى غير الأمصار.

وفيه ذكر «مِرْبَع» بكسر الميم ، وهو مال مِرْبَعٍ بالمدينة فى بنى حارثة ، فأما بالفتح فهو جبل قرب مكة.

(س) وفيه «لم أجد إلا جملا خيارا رَبَاعِيّاً» يقال للذّكر من الإبل إذا طلعت رَبَاعِيَتُهُ رَبَاعٌ ، والأنثى رَبَاعِيَةٌ بالتخفيف ، وذلك إذا دخلا فى السنة السابعة. وقد تكرر فى الحديث.

(س) وفيه «مرى بنيك أن يحسنوا غذاء رِبَاعِهِمْ» الرِّبَاعُ بكسر الراء جمع رُبَعٍ ،

١٨٨

وهو ما ولد من الإبل فى الرّبيع. وقيل ما ولد فى أوّل النّتاج ، وإحسان غذائها أن لا يستقصى حلب أمهاتها إبقاء عليها.

ومنه حديث عبد الملك بن عمير «كأنه أخفاف الرِّبَاع»

ومنه حديث عمر «سأله رجل من الصّدقة فأعطاه رُبَعَةً يتبعها ظئراها» هو تأنيث الرُّبَع.

(س) ومنه حديث سليمان بن عبد الملك :

إن بنىّ صبية صيفيّون

أفلح من كان له رِبْعِيُّونَ

الرِّبْعِيُ : الّذى ولد فى الرّبيع على غير قياس ، وهو مثل للعرب قديم.

(ه س) وفى حديث هشام فى وصف ناقة «إنّها لَمِرْبَاعٌ مسياع» هى من النوق التى تلد فى أوّل النّتاج. وقيل هى التى تبكّر فى الحمل. ويروى بالياء ، وسيذكر.

وفى حديث أسامة قال له عليه الصلاة والسلام : «وهل ترك لنا عقيل من رَبْعٍ» وفى رواية «من رِبَاع» الرَّبْعُ : المنزل ودار الإقامة. ورَبْعُ القوم محلّتهم ، والرِّبَاعُ جمعه.

(س) ومنه حديث عائشة «أرادت بيع رِبَاعِهَا» أى منازلها.

(س) ومنه الحديث «الشّفعة فى كل رَبْعَةٍ أو حائط أو أرض» الرَّبْعَةُ أخصّ من الرَّبْع.

وفى حديث هرقل «ثم دعا بشىء كَالرَّبْعَةِ العظيمة» الرَّبْعَةُ : إناء مُرَبَّعٌ كالجونة.

(ه) وفى كتابه للمهاجرين والأنصار «إنهم أمّة واحدة على رِبَاعَتِهِمْ» يقال القوم على رِبَاعَتِهِمْ ورِبَاعِهِمْ : أى على استقامتهم ، يريد أنهم على أمرهم الذى كانوا عليه. ورِبَاعَةُ الرجل : شأنه وحاله التى هو رَابِعٌ عليها : أى ثابت مقيم.

وفى حديث المغيرة «إنّ فلانا قد ارْتَبَعَ أمر القوم» أى انتظر أن يؤمّر عليهم.

ومنه «الْمُسْتَرْبِعُ» المطيق للشىء. وهو على رِبَاعَةِ قومه : أى هو سيّدهم.

(ه) وفيه «أنه مرّ بقوم يَرْبَعُونَ حجرا» ويروى يَرْتَبِعُونَ. رَبْعُ الحجر وارْتِبَاعُهُ :

١٨٩

إشالته ورفعه لإظهار القوّة. ويسمّى الحجر الْمَرْبُوعَ والرَّبِيعَةَ ، وهو من رَبَعَ بالمكان إذا ثبت فيه وأقام.

(ه) وفى صفته عليه الصلاة والسلام «أطول من الْمَرْبُوعِ» هو بين الطويل والقصير. يقال رجل رَبْعَةٌ ومَرْبُوعٌ.

(ه) وفيه «أغبّوا عيادة المريض وأَرْبِعُوا» أى دعوه يومين بعد العيادة وأتوه اليوم الرابع ، وأصله من الرِّبْعِ فى أوراد الإبل ، وهو أن ترد يوما وتترك يومين لا تسقى ، ثم ترد اليوم الرابع.

(ربغ) فيه «إنّ الشيطان قد أَرْبَغَ فى قلوبكم وعشّش» أى أقام على فساد اتّسع له المقام معه. قاله الأزهرى.

وفى حديث عمر «هل لك فى ناقتين مُرْبَغَتَيْنِ سمينتين» أى مخصبتين. الْإِرْبَاغُ : إرسال الإبل على الماء ترده أىّ وقت شاءت ، أَرْبَغْتُهَا فهى مُرْبَغَةٌ ، ورَبَغَتْ هى ، أراد ناقتين قد أُرْبِغَتَا حتى أخصبت أبدانهما وسمنتا.

وفيه ذكر «رَابِغ» هو بكسر الباء : بطن واد عند الجحفة.

(ربق) [ه] فيه «من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع رِبْقَة الإسلام من عنقه» مفارقة الجماعة : ترك السّنة واتّباع البدعة. والرِّبْقَةُ فى الأصل : عروة فى حبل تجعل فى عنق البهيمة أو يدها تمسكها ، فاستعارها للإسلام ، يعنى ما يشدّ به المسلم نفسه من عرى الإسلام : أى حدوده وأحكامه وأوامره ونواهيه. وتجمع الرِّبْقَةُ على رِبَقٍ ، مثل كسرة وكسر. ويقال للحبل الذى تكون فيه الرِّبْقَةُ : رِبْقٌ ، وتجمع على أَرْبَاقٍ ورِبَاقٍ.

(س) ومنه الحديث «لكم الوفاء بالعهد ما لم تأكلوا الرِّبَاقَ» شبّه ما يلزم الأعناق من العهد بِالرِّبَاقِ ، واستعار الأكل لنقض العهد ، فإن البهيمة إذا أكلت الرِّبْقَ خلصت من الشّدّ.

ومنه حديث عمر «وتذروا أَرْبَاقَهَا فى أعناقها» شبّه ما قلّدته أعناقها من الأوزار والآثام ، أو من وجوب الحج ، بِالْأَرْبَاقِ اللازمة لأعناق البهم.

١٩٠

(ه) ومنه حديث عائشة تصف أباها «واضطرب حبل الدّين فأخذ بطرفيه ورَبَّقَ لكم أثناءه» تريد لمّا اضطرب الأمر يوم الردّة أحاط به من جوانبه وضمّه ، فلم يشذّ منهم أحد ، ولم يخرج عما جمعهم عليه. وهو من تَرْبِيقِ البهم : شدّه فى الرِّبَاقِ.

(ه) ومنه حديث عليّ «قال لموسى بن طلحة : انطلق إلى العسكر فما وجدت من سلاح أو ثوب ارْتُبِقَ فاقبضه ، واتّق الله واجلس فى بيتك» رَبَقْتُ الشىء وارْتَبَقْتُهُ لنفسى ، كربطته وارتبطته ، وهو من الرِّبْقَة : أى ما وجدت من شىء أخذ منكم وأصيب فاسترجعه. كان من حكمه فى أهل البغى أنّ ما وجد من مالهم فى يد أحد يسترجع منه.

(ربك) (ه) فى صفة أهل الجنة «إنهم يركبون المياثر على النّوق الرُّبْكِ» هى جمع الْأَرْبَكِ ، مثل الأرمك ، وهو الأسود من الإبل الذى فيه كدرة.

وفى حديث عليّ «تحيّر فى الظّلمات وارْتَبَكَ فى المهلكات» ارتبك فى الأمر : إذا وقع فيه ونشب ولم يتخلّص ، ومنه ارْتَبَكَ الصّيد فى الحبالة.

(س) ومنه حديث ابن مسعود «ارْتَبَكَ والله الشيخ».

(ربل) فى حديث بنى إسرائيل «فلمّا كثروا ورَبَلُوا» أى غلظوا ، ومنه تَرَبَّلَ جسمُه إذا انتفخ وربا.

(ه) وفى حديث عمرو بن العاص «انظروا لنا رجلا يتجنّب بنا الطّريق ، فقالوا : ما نعلم إلا فلانا فإنه كان رَبِيلاً فى الجاهليّة» الرَّبِيلُ : الّلصّ الذى يغزو القوم وحده. ورَابِلَةُ العرب هم الخبثاء المتلصّصون على أسؤقهم. هكذا قال الهروى. وقال الخطابى : هكذا جاء به المحدّث بالباء الموحدة قبل الياء. قال : وأراه الرَّيْبَل ، الحرف المعتل قبل الحرف الصّحيح. يقال ذئب رِيبَالٌ ، ولصّ رِيبَالٌ. وسمّى الأسد رِيبَالاً لأنه يغير وحده ، والياء زائدة. وقد يهمز ولا يهمز.

(س) ومنه حديث ابن أنيس «كأنه الرِّئْبَالُ الهصور» أى الأسد ، والجمع الرَّآبِيلُ والرَّيَابِيلُ ، على الهمز وتركه.

(ربا) قد تكرر ذكر «الرِّبَا» فى الحديث والأصل فيه الزّيادة. رَبَا المال يَرْبُو رَبْواً إذا

١٩١

زاد وارتفع ، والاسم الرِّبَا مقصور ، وهو فى الشّرع : الزّيادة على أصل المال من غير عقد تبايع ، وله أحكام كثيرة فى الفقه. يقال : أَرْبَى الرجل فهو مُرْبٍ.

ومنه الحديث «من أجبى فقد أَرْبَى».

ومنه حديث الصّدقة «فَتَرْبُو فى كفّ الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل».

(ه) وفيه «الفردوس رَبْوَةُ الجنّة» أى أرفعها. الرُّبْوَةُ بالضم والفتح : ما ارتفع من الأرض.

(ه) وفى حديث طهفة «من أبى فعليه الرِّبْوَةُ» أى من تقاعد عن أداء الزّكاة فعليه الزّيادة فى الفريضة الواجبة عليه ، كالعقوبة له ، ويروى «من أقرّ بالجزية فعليه الرِّبْوَةُ» أى من امتنع عن الإسلام لأجل الزكاة كان عليه من الجزية أكثر مما يجب عليه بالزكاة.

(ه) وفى كتابه فى صلح نجران «أنه ليس عليهم رُبِّيَّةٌ ولا دم» قيل إنما هى رُبْيَة من الرّبا ، كالحبية من الاحتباء ، وأصلهما الواو ، والمعنى أنه أسقط عنهم ما استسلفوه فى الجاهلية من سلف ، أو جنوه من جناية. والرُّبْيَةُ ـ مخفّفة ـ لغة فى الرّبا ، والقياس رُبْوَةٌ. والذى جاء فى الحديث رُبِّيَّة ؛ بالتشديد ، ولم يعرف فى اللغة. قال الزمخشرى : سبيلها أن تكون فعّولة من الرّبا ، كما جعل بعضهم السّرّية فعّولة من السّرو ، لأنها أسرى جوارى الرجل.

وفى حديث الأنصار يوم أحد «لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لَنُرْبِيَنَ عليهم فى التمثيل» أى لنزيدنّ ولنضاعفنّ.

(ه) وفى حديث عائشة «ما لك حشياء رَابِيَةً» الرَّابِيَةُ : التى أخذها الرَّبْوُ ، وهو النّهيج وتواتر النّفس الذى يعرض للمسرع فى مشيه وحركته.

(باب الراء مع التاء)

(رتب) (ه) فى حديث لقمان بن عاد «رَتَبَ رُتُوبَ الكعب» أى انتصب كما ينتصب الكعب إذا رميته. وصفه بالشّهامة وحدّة النّفس (١).

__________________

(١) أنشد الهروى لأبى كبير :

وإذا يهبّ من المنام رأيته

كرتوب كعب السّاق ليس بزمّل

١٩٢

ومنه حديث ابن الزبير «كان يصلى فى المسجد الحرام ، وأحجار المنجنيق تمرّ على أذنه وما يلتفت كأنّه كعب رَاتِبٌ».

(س) وفيه «من مات على مَرْتَبَةٍ من هذه الْمَرَاتِبِ بعث عليها» الْمَرْتَبَةُ : المنزلة الرّفيعة ، أراد بها الغزو والحجّ ونحوهما من العبادات الشّاقّة ، وهى مفعلة ، من رَتَبَ إذا انتصب قائما والْمَرَاتِبُ جمعها.

وفى حديث حذيفة قال يوم الدّار : «أما إنّه سيكون لها وقفات ومَرَاتِبُ ، فمن مات فى وقفاتها خير ممن مات فى مَرَاتِبِهَا» الْمَرَاتِبُ : مضايق الأودية فى حزونة.

(رتت) (س) فى حديث المسور «أنه رأى رجلا أَرَتَ يؤمّ الناس فأخّره» الْأَرَتُ : الذى فى لسانه عقدة وحبسة ، ويعجل فى كلامه فلا يطاوعه لسانه.

(رتج) (ه) فيه «إنّ أبواب السّماء تفتح فلا تُرْتَج» أى لا تغلق.

ومنه الحديث «أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بِإِرْتَاجِ الباب» أى إغلاقه.

ومنه حديث ابن عمر «أنه صلّى بهم المغرب فقال : (وَلَا الضَّالِّينَ) ، ثم أُرْتِجَ عليه» أى استغلقت عليه القراءة. ويقال أيضا للباب رِتَاجٌ.

(ه) ومنه الحديث «جعل ماله فى رِتَاجِ الكعبة» أى لها ، فكنى عنها بالباب ، لأنّ منه يدخل إليها. وجمع الرِّتَاجِ : رُتُجٌ.

(ه) ومنه حديث مجاهد عن بنى إسرائيل «كانت الجراد تأكل مسامير رُتُجِهِمْ» أى أبوابهم.

ومنه حديث قسّ «وأرض ذات رِتَاجٍ».

وفيه ذكر «رَاتِجِ» بكسر التاء ، وهو أطم من آطام المدينة ، كثير الذّكر فى الحديث والمغازى.

(رتع) (ه) فى حديث الاستسقاء «اللهم اسقنا غيثا مربعا مُرْتِعاً» أى ينبت من الكلأ ما تَرْتَعُ فيه المواشى وترعاه. والرَّتَعُ : الاتّساع فى الخصب. وكل مخصب مُرْتعٌ.

١٩٣

(ه) ومنه حديث ابن زمل «فمنهم المُرْتِعُ» أى الذى يخلّى ركابه تَرْتَعُ.

(ه) ومنه حديث أمّ زرع «فى شبع ورىّ ورَتْع» أى تتعّم.

ومنه الحديث «إذا مررتم برياض الجنة فَارْتَعُوا» أراد برياض الجنة ذكر الله ، وشبّه الخوض فيه بالرّتع فى الخصب.

(ه) ومنه الحديث «وأنه من يَرْتَعُ حول الحمى يوشك أن يخالطه» أى يطوف به ويدور حوله.

ومنه حديث عمر «إنى والله أُرْتِعَ فأشبع» يريد حسن رعايته للرّعيّة ، وأنه يدعهم حتى يشبعوا فى الْمَرْتَعِ.

(ه) وفى حديث الغضبان الشيبانى «قال له الحجاج : سمنت ، قال : أسمننى القيد والرَّتَعَةُ» الرَّتَعَةُ بفتح التاء وسكونها : الاتّساع فى الخصب.

(رتك) (ه) فى حديث قيلة «تُرْتِكَانِ بعيريهما» أى يحملانهما على السّير السّريع. يقال رَتَكَ يَرْتِكُ رَتْكاً ورَتَكَاناً.

(رتل) فى صفة قراءة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كان يُرَتِّلُ آية آية» تَرْتِيلُ القراءة : التّأنى فيها والتّمهّل وتبيين الحروف والحركات ، تشبيها بالثّغر الْمُرَتَّلُ ، وهو المشبّه بنور الأقحوان. يقال رَتَّلَ القراءة وتَرَتَّلَ فيها. وقد تكرر فى الحديث.

(رتم) (س) فى حديث أبى ذر «فى كلّ شىء صدقة حتى فى بيانك عن الْأَرْتَمِ» كذا وقع فى الرواية ، فإن كان محفوظا فلعلّه من قولهم : رَتَمْتُ الشىء إذا كسرته ، ويكون معناه معنى الأرتّ ، وهو الذى لا يفصح الكلام ولا يصحّحه ولا يبيّنه ، وإن كان بالثّاء المثلثة فيذكر فى بابه.

وفيه «النّهى عن شدّ الرَّتَائِمِ» هى جمع رَتِيمَةٍ ، وهى خيط يشدّ فى الأصبع لتستذكر به الحاجة.

(رتا) (ه) فيه «الحسا يَرْتُو فؤاد الحزين» أى يشدّه ويقوّيه.

١٩٤

وفى حديث فاطمة «أنها أقبلت إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال لها : ادنى يا فاطمة ، فدنت رَتْوَةً ، ثم قال لها : ادنى يا فاطمة ، فدنت رَتْوَةً» الرَّتْوَةُ هاهنا : الخطوة.

(ه) وفى حديث معاذ «أنه يتقدّم العلماء يوم القيامة بِرَتْوَةٍ» أى برمية سهم (١). وقيل بميل. وقيل مدى البصر.

(ه) ومنه حديث أبى جهل «فيغيب فى الأرض ثم يبدو رَتْوَة».

(باب الراء مع الثاء)

(رثأ) فى حديث عمرو بن معدى كرب «وأشرب التّبن من اللّبن رَثِيئَةً أو صريفا» الرَّثِيئَةُ : اللبن الحليب يصب عليه اللّبن الحامض فيربّ من ساعته.

ومن أمثالهم «الرَّثِيئَةُ تفثأ الغضب» أى تكسره وتذهبه.

(ه) ومنه حديث زياد «لهو أشهى إلىّ من رَثِيئَةٍ فثئت بسلالة ثغب فى يوم شديد الوديقة».

(رثث) (س) فيه «عفوت لكم عن الرِّثَّةِ» وهو متاع البيت الدّون. وبعضهم يرويه الرَّثِّيَّة ، والصواب الرِّثَّة بوزن الهرّة.

(ه) ومنه حديث عليّ «أنه عرّف رِثَّة أهل النّهر ، فكان آخر ما بقى قدر».

(ه) ومنه حديث النعمان بن مقرّن يوم نهاوند «ألا إنّ هؤلاء قد أخطروا لكم رِثَّة وأخطرتم لهم الإسلام» وجمع الرِّثَّةُ : رِثَاثٌ.

(ه) ومنه الحديث «فجمعت الرِّثَاثُ إلى السّائب».

(ه) وفى حديث ابن نهيك «أنه دخل على سعد وعنده متاع رَثٌ ، ومثال رَثٌ» أى خلق بال.

وفى حديث كعب بن مالك «أنه ارْتُثَ يوم أحد ، فجاء به الزّبير يقود بزمام راحلته» الِارْتِثَاثُ : أن يحمل الجريح من المعركة وهو ضعيف قد أثخنته الجراح. والرَّثِيثُ أيضا : الجريح ، كَالْمُرْتَثِ.

__________________

(١) الذى فى الهروى : «أى بدرجة ومنزلة. ويقال بخطوة» وفسر الرتوة فى حديث أبى جهل بما فسرها به ابن الأثير فى حديث معاذ.

١٩٥

(س) ومنه حديث زيد بن صوحان «أنه ارْتُثَ يوم الجمل وبه رمق».

(س) ومنه حديث أمّ سلمة «فرآنى مُرْتَثَّة» أى ساقطة ضعيفة. وأصل اللّفظة من الرَّثِ : الثّوب الخلق. والْمُرْتَثُ : مفتعل منه.

(رثد) (ه) فى حديث عمر «إنّ رجلا ناداه فقال : هل لك فى رجل رَثَدْتَ حاجته وطال انتظاره» أى دافعت بحوائجه ومطلته ، من قولك : رَثَدْتُ المتاع إذا وضعت بعضه فوق بعض. وأراد بحاجته حوائجه ، فأوقع المفرد موقع الجمع ، كقوله تعالى «فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ» أى بذنوبهم.

(رثع) (ه) فى حديث ابن عبد العزيز يصف القاضى «ينبغى أن يكون ملقيا لِلرَّثَعِ متحمّلا للّائمة» الرَّثَعُ بفتح الثاء : الدّناءة والشّره والحرص ، وميل النّفس إلى دنىء المطامع.

(رثم) (س) فيه «خير الخيل الْأَرْثَمُ الأقرح» الْأَرْثَمُ : الذى أنفه أبيض وشفته العليا.

وفى حديث أبى ذر «بيانك عن الْأَرْثَمُ صدقة» هو الذى لا يصحّح كلامه ولا يبيّنه لآفة فى لسانه أو أسنانه. وأصله من رَثِيمِ الحصى ، وهو ما دقّ منه بالأخفاف ، أو من رَثَمْتُ أنفه إذا كسرته حتى أدميته ، فكأن فمه قد كسر فلا يفصح فى كلامه. ويروى بالتاء وقد تقدّم.

(رثي) (ه) فيه «أنّ أخت شدّاد بن أوس بعثت إليه عند فطره بقدح لبن وقالت : يا رسول الله إنّما بعثت به إليك مَرْثِيَةً لك من طول النّهار وشدّة الحرّ» أى توجّعا لك وإشفاقا ، من رثى له إذا رقّ وتوجّع. وهى من أبنية المصادر ، نحو المغفرة والمعذرة. وقيل الصّواب أن يقال مَرْثَاةً لك ، من قولهم رَثَيْتُ للحىّ رَثْياً ومَرْثَاةً ، ورَثَيْتُ الميّت مَرْثِيَةً.

(س) ومنه الحديث «أنه نهى عن التَّرَثِّي» وهو أن يندب الميّت فيقال : وا فلاناه.

١٩٦

(باب الراء مع الجيم)

(رجب) (ه) فى حديث السّقيفة «أنا جذيلها المحكّك : وعذيقها الْمُرَجَّبُ» الرُّجْبَةُ : هو أن تعمد النّخلة الكريمة ببناء من حجارة أو خشب إذا خيف عليها لطولها وكثرة حملها أن تقع. ورَجَّبْتُهَا فهى مُرَجَّبَةٌ. والعذيق : تصغير العذق بالفتح ، وهى النخلة ، وهو تصغير تعظيم ، وقد يكون تَرْجِيبُهَا بأن يجعل حولها شوك لئلّا يرقى إليها ، ومن التَّرْجِيبِ أن تعمد بخشبة ذات شعبتين. وقيل : أراد بِالتَّرْجِيبِ التّعظيم. يقال رَجَبَ فلان مولاه : أى عظّمه. ومنه سمّى شهر رَجَب ، لأنه كان يعظّم.

ومنه الحديث «رَجَبُ مضر الذى بين جمادى وشعبان» أضاف رَجَباً إلى مضر ؛ لأنهم كانوا يعظّمونه خلاف غيرهم ، فكأنّهم اختصّوا به ، وقوله بين جمادى وشعبان تأكيد للبيان وإيضاح ؛ لأنّهم كانوا ينسئونه ويؤخّرونه من شهر إلى شهر ، فيتحوّل عن موضعه المختصّ به ، فبيّن لهم أنه الشّهر الذى بين جمادى وشعبان ، لا ما كانوا يسمّونه على حساب النّسىء وفيه «هل تدرون ما العتيرة؟ هى التى تسمّونها الرَّجَبِيَّةَ» كانوا يذبحون فى شهر رجب ذبيحة وينسبونها إليه.

(س) وفيه «ألا تنقّون رَوَاجِبَكُمْ» هى ما بين عقد الأصابع من داخل ، واحدها رَاجِبَةٌ ، والبَرَاجِم : العقد المتشنّجة فى ظاهر الأصابع.

(رجج) (ه) فيه «من ركب البحر إذا ارْتَجَ فقد برئت منه الذمّة» أى اضطرب ، وهو افتعل ، من الرَّجِ ، وهو الحركة الشّديدة. ومنه قوله تعالى (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا)

وروى أرتج ، من الإِرْتَاج : الإغلاق ، فإن كان محفوظا فمعناه أغلق عن أن يركب ، وذلك عند كثرة أمواجه.

ومنه حديث النفخ فى الصّور «فَتَرْتَجُ الأرض بأهلها» أى تضطرب.

ومنه حديث ابن المسيّب «لمّا قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ارْتَجَّتْ مكة بصوت عال».

١٩٧

ومنه حديث عليّ «وأمّا شيطان الرّدهة فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه ورَجَّة صدره».

وحديث ابن الزبير «جاء فَرَجَ الباب رَجّاً شديدا» أى زعزعه وحرّكه.

(س) ومنه حديث عمر بن عبد العزيز «الناس رَجَاجٌ بعد هذا الشيخ» يعنى ميمون بن مهران» هم رعاع الناس وجهّالههم.

(رجح) (س) فى حديث عائشة وزواجها «إنها كانت على أُرْجُوحَةٍ» وفى رواية «مَرْجُوحَة» الْأُرْجُوحَةُ : حبل يشدّ طرفاه فى موضع عال ثم يركبه الإنسان ويحرّك وهو فيه ، سمّى به لتحرّكه ومجيئه وذهابه.

(رجحن) فى حديث عليّ «فى حجرات القدس مُرْجَحِنِّينَ» ارْجَحَنَ الشىء إذا مال من ثقله وتحرّك.

ومنه حديث ابن الزبير فى صفة السّحاب «وارْجَحَنَ بعد تبسّق» أى ثقل ومال بعد علوّه ، أورد الجوهرىّ هذا الحرف فى حرف النّون ، على أنّ النّون أصلية ، وغيره يجعلها زائدة من رجح الشىء يرجح إذا ثقل.

(رجرج) (ه) فى حديث ابن مسعود «لا تقوم السّاعة إلّا على شرار النّاس كَرِجْرِجَةِ الماء الخبيث (١)» الرِّجْرِجَةُ ـ بكسر الرّاءين ـ بقية الماء الكدرة فى الحوض المختلطة بالطّين ، فلا ينتفع بها. قال أبو عبيد : الحديث يروى كَرِجْرَاجَةِ الماء. والمعروف فى الكلام رِجْرِجَة. وقال الزمخشرى : «الرِّجْرَاجَةُ : هى المرأة الّتى يَتَرَجْرَجُ كفلها. وكتيبة رَجْرَاجَةٌ : تموج من كثرتها ، فكأنه ـ إن صحّت الرّواية ـ قصد الرِّجْرِجَة ، فجاء بوصفها ؛ لأنها طينة رقيقة تَتَرَجْرَجُ».

[ه] فى حديث الحسن ، وذكر يزيد بن المهلّب ، فقال : «نصب قصبا علّق عليها خرقا فاتّبعه رِجْرِجَة من الناس» أراد رذالة الناس ورعاعهم الذين لا عقول لهم.

__________________

(١) رواية الهروى :

رجرجة كرجرجة الماء الخبيث

١٩٨

(رجز) (س) فى حديث الوليد بن المغيرة حين قالت قريش للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنه شاعر فقال : «لقد عرفت الشّعر ؛ رَجَزَهُ وهزجه وقريضه فما هو به» الرَّجَزُ : بحر من بحور الشّعر معروف ونوع من أنواعه ، يكون كلّ مصراع منه مفردا ، وتسمّى قصائده أَرَاجِيزَ ، واحدها أُرْجُوزَةٌ ، فهو كهيئة السّجع إلا أنه فى وزن الشّعر. ويسمّى قائله رَاجِزاً ، كما يسمّى قائل بحور الشّعر شاعرا. قال الحربى : ولم يبلغنى أنه جرى على لسان النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم من ضروب الرَّجَزِ إلّا ضربان : المنهوك ، والمشطور. ولم يعدّهما الخليل شعرا ، فالمنهوك كقوله فى رواية البراء أنه رأى النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم على بغلة بيضاء يقول :

أنا النّبىّ لا كذب

أنا ابن عبد المطّلب

والمشطور كقوله فى رواية جندب أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم دميت إصبعه فقال :

هل أنت إلّا إصبع دميت

وفى سبيل الله ما لقيت

وروى أن العجّاج أنشد أبا هريرة :

ساقا بخنداة وكعبا أدرما

فقال : كان النبى عليه الصلاة والسلام يعجبه نحو هذا من الشّعر. قال الحربىّ : فأمّا القصيدة فلم يبلغنى أنه أنشد بيتا تامّا على وزنه ، إنما كان ينشد الصّدر أو العجز ، فإن أنشده تامّا لم يقمه على ما بنى عليه ، أنشد صدر بيت لبيد :

ألا كلّ شىء ما خلا الله باطل

وسكت عن عجزه وهو :

وكلّ نعيم لا محالة زائل

وأنشد عجز بيت طرفة :

ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

وصدره :

ستبدى لك الأيّام ما كنت جاهلا

وأنشد ذات يوم :

أتجعل نهبى ونهب العبي

د بين الأقرع وعيينة

١٩٩

فقالوا : إنما هو :

.. بين عيينة والأقرع

فأعادها : بين الأقرع وعيينة ، فقام أبو بكر فقال : أشهد أنك رسول الله. ثم قرأ (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ). والرَّجَزُ ليس بشعر عند أكثرهم. وقوله :

أنا ابن عبد المطّلب

لم يقله افتخارا به ؛ لأنه كان يكره الانتساب إلى الآباء الكفّار ، ألا تراه لمّا قال له الأعرابى : يا ابن عبد المطّلب ، قال : قد أجبتك ، ولم يتلفّظ بالإجابة كراهة منه لما دعاه به ، حيث لم ينسبه إلى ما شرّفه الله به من النّبوّة والرسالة ، ولكنّه أشار بقوله :

أنا ابن عبد المطلب

إلى رؤيا رآها عبد المطلب كانت مشهورة عندهم ، رأى تصديقها ، فذكّرهم إيّاها بهذا القول. والله أعلم.

وفى حديث ابن مسعود «من قرأ القرآن فى أقلّ من ثلاث فهو رَاجِزٌ» إنما سمّاه رَاجِزاً لأن الرَّجَزَ أخفّ على لسان المنشد ، واللسان به أسرع من القصيد.

(ه) وفيه «كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرس يقال له الْمُرْتَجِزُ» سمّى به لحسن صهيله.

وفيه «إن معاذا أصابه الطاعون فقال عمرو بن العاص : لا أراه إلا رِجْزاً أو طوفانا ، فقال معاذ : ليس بِرِجْز ولا طوفان» قد جاء ذكر الرِّجْز مكرّرا فى غير موضع ، وهو بكسر الراء : العذاب والإثم والذّنب. ورِجْزُ الشيطان : وساوسه.

(رجس) (س) فيه «أعوذ بك من الرِّجْسُ النّجس» الرِّجْسُ : القذر ، وقد يعبّر به عن الحرام والفعل القبيح ، والعذاب ، والّلعنة ، والكفر ، والمراد فى هذا الحديث الأوّل. قال الفرّاء : إذا بدأوا بالنّجس ولم يذكروا معه الرِّجْس فتحوا النون والجيم ، وإذا بدأوا بِالرِّجْسِ ثم أتبعوه النّجس كسروا الجيم.

ومنه الحديث «نهى أن يستنجى بروثة وقال : إنها رِجْسٌ» أى مستقذرة. وقد تكرر فى الحديث.

٢٠٠