النّهاية - ج ٢

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٢

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٢٦

(س) ومنه الحديث «كمثل الجسد إذا اشتكى بعضه تَدَاعَى سائره بالسّهر والحمّى». كأنّ بعضه دَعَا بعضا.

ومنه قولهم «تَدَاعَتِ الحيطان» أى تساقطت أو كادت.

(ه) وفى حديث عمر «كان يقدّم الناس على سابقتهم فى أعطياتهم ، فإذا انتهت الدَّعْوَة إليه كبّر» أى النّداء والتّسمية ، وأن يقال دونك يا أمير المؤمنين. يقال دَعَوْتُ زيدا إذا ناديته ، ودَعَوْتُهُ زيدا إذا سمّيته. ويقال : لبنى فلان الدَّعْوَةُ على قومهم إذا قدّموا فى العطاء عليهم.

(ه) وفيه «لو دُعِيتُ إلى ما دُعِيَ إليه يوسف عليه‌السلام لأجبت» يريد حين دُعِيَ للخروج من الحبس فلم يخرج ، وقال : «ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ» يصفه بالصبر والثّبات : أى لو كنت مكانه لخرجت ولم ألبث. وهذا من جنس تواضعه فى قوله : لا تفضّلونى على يونس ابن متّى.

(ه) وفيه «أنه سمع رجلا يقول فى المسجد : من دَعَا إلى الجمل الأحمر؟ فقال : لا وجدت» يريد من وجده فدعا إليه صاحبه ، لأنه نهى أن تنشد الضّالّة فى المسجد.

(س) وفيه «لا دِعْوَةَ فى الإسلام» الدِّعْوَةُ فى النّسب بالكسر ، وهو أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه وعشيرته ، وقد كانوا يفعلونه ، فنهى عنه وجعل الولد للفراش.

ومنه الحديث «ليس من رجل ادَّعَى إلى غير أبيه وهو يعلمه إلّا كفر» وفى حديث آخر «فالجنة عليه حرام» وفى حديث آخر «فعليه لعنة الله» وقد تكررت الأحاديث فى ذلك. والِادِّعَاءُ إلى غير الأب مع العلم به حرام ، فمن اعتقد إباحة ذلك كفر لمخالفة الإجماع ، ومن لم يعتقد إباحته ففى معنى كفره وجهان : أحدهما أنه أشبه فعله فعل الكفار ، والثانى أنه كافر نعمة الله والإسلام عليه ، وكذلك الحديث الآخر «فليس منّا» أى إن اعتقد جوازه خرج من الإسلام ، وإن لم يعتقده فالمعنى أنه لم يتخلّق بأخلاقنا.

ومنه حديث على بن الحسين «المستلاط لا يرث ويُدْعَى له ويُدْعَى به». المستلاط : المستلحق فى النّسب. ويُدْعَى له : أى ينسب إليه ، فيقال فلان ابن فلان ، ويُدْعَى به أى يكنّى فيقال هو أبو فلان ، ومع ذلك لا يرث ؛ لأنه ليس بولد حقيقىّ.

١٢١

(س) وفى كتابه إلى هرقل «أَدْعُوك بِدِعَايَةِ الإسلام» أى بدعوته ، وهى كلمة الشّهادة التى يُدْعَى إليها أهل الملل الكافرة ، وفى رواية : بِدَاعِيَةِ الإسلام ، وهى مصدر بمعنى الدّعوة ، كالعافية والعاقبة.

(س) ومنه حديث عمير بن أفصى «ليس فى الخيل دَاعِيَةٌ لعامل» أى لا دَعْوَى لعامل الزّكاة فيها ، ولا حقّ يَدْعُو إلى قضائه ، لأنها لا تجب فيها الزّكاة.

(ه) وفيه «الخلافة فى قريش ، والحكم فى الأنصار ، والدَّعْوَةُ فى الحبشة» أراد بِالدَّعْوَة الأذان ، جعله فيهم تفضيلا لمؤذّنه بلال (١).

وفيه «لو لا دَعْوَةُ أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة» يعنى الشيطان الذى عرض له فى صلاته ، وأراد بِدَعْوَة سليمان عليه‌السلام قوله «وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي» ومن جملة ملكه تسخير الشّياطين وانقيادهم له.

ومنه الحديث «سأخبركم بأوّل أمرى : دَعْوَة أبى إبراهيم ، وبشارة عيسى» دَعْوَةُ إبراهيم عليه‌السلام هى قوله تعالى «رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ» وبشارة عيسى قوله «وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ».

ومنه حديث معاذ لمّا أصابه الطّاعون قال : «ليس برجز ولا طاعون ، ولكنّه رحمة ربّكم ، ودَعْوَةُ نبيّكم» أراد قوله «اللهم اجعل فناء أمّتى بالطّعن والطّاعون».

(س) ومنه الحديث «فإن دَعْوَتَهُم تحيط من ورائهم» أى تحوطهم وتكنفهم وتحفظهم ، يريد أهل السّنّة دون أهل البدعة. والدَّعْوَةُ : المرّة الواحدة من الدُّعَاء.

وفى حديث عرفة «أكثر دُعَائِي ودُعَاء الأنبياء قبلى بعرفات «(لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) وحده (لا شَرِيكَ لَهُ) ، (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)» إنما سمّى التّهليل والتحميد والتّمجيد دُعَاءً لأنه بمنزلته فى استيجاب ثواب الله وجزائه ، كالحديث الآخر «إذا شغل عبدى ثناؤه علىّ عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين».

__________________

(١) فى الهروى : وجعل الحكم فى الأنصار لكثرة فقهائها.

١٢٢

(باب الدال مع الغين)

(دغر) (ه) فيه «لا تعذّبن أولادكنّ بِالدَّغْرِ» الدَّغْرُ : غمز الحلق بالأصبع ، وذلك أن الصّبىّ تأخذه العذرة ، وهى وجع يهيج فى الحلق من الدّم ، فتدخل المرأة فيه إصبعها فترفع بها ذلك الموضع وتكبسه.

(ه) ومنه الحديث قال لأمّ قيس بنت محصن «علام تَدْغَرْنَ أولادكنّ بهذه العُلُق».

(ه) وفى حديث عليّ «لا قطع فى الدَّغْرَةِ» قيل هى الخلسة ، وهى من الدّفع ، لأنّ المختلس يدفع نفسه على الشىء ليختلسه.

(دغفق) (ه) فيه «فتوضّأنا كلّنا منها ونحن أربع عشرة مائة نُدَغْفِقُهَا دَغْفَقَةً». دَغْفَقَ الماء إذا دفقه وصبّه صبّا كثيرا واسعا. وفلان فى عيش دَغْفَقٍ : أى واسع.

(دغل) (ه) فيه «اتّخذوا دين الله دَغَلاً» أى يخدعون به النّاس. وأصل الدَّغَلِ : الشّجر الملتفّ الذى يكمن أهل الفساد فيه ، وقيل هو من قولهم أَدْغَلْتُ فى هذا الأمر إذا أدخلت فيه ما يخالفه ويفسده.

(س) ومنه حديث عليّ «ليس المؤمن بالمُدْغِل» هو اسم فاعل من أَدْغَلَ.

(دغم) (ه) فيه «أنه ضحّى بكبش أَدْغَمَ» هو الذى يكون فيه أدنى سواد ، وخصوصا فى أرنبته وتحت حنكه.

(باب الدال مع الفاء)

(دفأ) (ه) فيه «أنه أتى بأسير يرعد ، فقال لقوم : اذهبوا به فَأَدْفُوهُ ، فذهبوا به فقتلوه. فوداه صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أراد صلى‌الله‌عليه‌وسلم الإِدْفَاءَ من الدَّفْءِ ، فحسبوه الْإِدْفَاء بمعنى القتل فى لغة أهل اليمن. وأراد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أَدْفِئُوهُ بالهمز فخفّفه بحذف الهمزة ، وهو تخفيف شاذّ ، كقولهم لا هناك المرتع ، وتخفيفه القياسى أن تجعل الهمزة بين بين ، لا أن تحذف ، فارتكب

١٢٣

الشّذوذ لأن الهمز ليس من لغة قريش. فأمّا القتل فيقال فيه أَدْفَأْتُ الجريح ، ودَافَأْتُهُ ، ودفوته ، ودافيته ، وداففته إذا أجهزت عليه.

(ه) وفيه «لنا من دِفْئِهِمْ وصرامهم» أى من إبلهم وغنمهم. الدِّفْءُ : نتاج الإبل وما ينتفع به منها ، سمّاها دَفْءً لأنها يتّخذ من أوبارها وأصوافها ما يُسْتَدْفَأُ به.

(دفدف) فى حديث الحسن «وإن دَفْدَفَتْ بهم الهماليج» أى أسرعت ، وهو من الدَّفِيف : السّير اللّبّن ، بتكرير الفاء.

(دفر) (ه) فى حديث قيلة «ألقى إلىّ ابنة أخى يا دَفَارِ» أى يا منتنة. والدَّفْرُ : النّتن ، وهى مبنية على الكسر بوزن قطام. وأكثر ما يرد فى النّداء.

(ه) وفى حديث عمر ، لمّا سأل كعبا عن ولاة الأمر فأخبره فقال : «وا دَفْرَاهُ» أى وا نتناه من هذا الأمر. وقيل أراد وا ذلّاه. يقال دَفَرَهُ فى قفاه إذا دفعه دفعا عنيفا.

ومن الأول حديثه الآخر «إنما الحاجّ الأشعث الْأَدْفَرُ الأشعر».

(ه) ومن الثانى حديث عكرمة فى تفسير قوله تعالى «يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا» قال : يُدْفَرُونَ فى أقفيتهم دَفْراً.

(دفع) (س) فيه «إنه دَفَعَ من عرفات» أى ابتدأ السّير ودَفَعَ نفسه منها ونحّاها ، أو دفع ناقته وحملها على السّير.

ومنه حديث خالد «أنه دَافَعَ بالناس يوم مؤتة» أى دَفَعَهُمْ عن موقف الهلاك. ويروى بالراء ، من رفع الشىء إذا أزيل عن موضعه.

(دفف) فى حديث لحوم الأضاحى «إنما نهيتكم عنها من أجل الدَّافَّةِ التى دَفَّتْ» الدَّافَّةُ : القوم يسيرون جماعة سيرا ليس بالشديد. يقال : هم يَدِفُّونَ دَفِيفاً. والدَّافَّة : قوم من الأعراب يردون المصر ، يريد أنهم قوم قدموا المدينة عند الأضحى ، فنهاهم عن ادّخار لحوم الأضاحى ليفرّقوها ويتصدّقوا بها ، فينتفع أولئك القادمون بها.

(ه) ومنه حديث عمر «قال لمالك بن أوس : قد دَفَّت علينا من قومك دَافَّة».

١٢٤

(ه) وحديث سالم «إنه كان يلى صدقة عمر ، فإذا دَفَّتْ دَافَّة من الأعراب وجّهها فيهم».

(ه) وحديث الأحنف «قال لمعاوية : لو لا عزمة أمير المؤمنين لأخبرته أنّ دَافَّةً دَفَّت».

(ه) ومنه الحديث «إن فى الجنة لنجائب تَدِفُ بركبانها» أى تسير بهم سيرا ليّنا.

(س) والحديث الآخر «طفق القوم يَدِفُّونَ حوله».

(ه) وفيه «كل ما دَفَ ولا تأكل ما صفّ» أى كل ما حرّك جناحيه فى الطّيران كالحمام ونحوه ، ولا تأكل ما صفّ جناحيه كالنّسور والصّقور.

وفيه «لعله يكون أوقر دَفَ رحله ذهبا وورقا» دَفَ الرّحل : جانب كور البعير ، وهو سرجه.

وفيه «فصل ما بين الحلال والحرام الصّوت والدُّفُ» هو بالضم والفتح معروف ، والمراد به إعلان النكاح.

(ه) وفى حديث ابن مسعود «أنه دَافَ أبا جهل يوم بدر» أى أجهز عليه وحرّر قتله. يقال : دَافَفْتُ على الأسير ، ودافيته ، ودَفَّفْتُ عليه. وفى رواية أخرى «أقعص ابنا عفراء أبا جهل ودَفَّفَ عليه ابن مسعود» ويروى بالذال المعجمة بمعناه.

(ه) ومنه حديث خالد «أنه أسر من بنى جذيمة قوما ، فلما كان الليل نادى مناديه : من كان معه أسير فَلْيُدَافِّهِ» أى يقتله. وروى بالتخفيف بمعناه ، من دافيت عليه.

(ه) وفيه «إنّ خبيبا قال وهو أسير بمكة : ابغونى حديدة أستطيب بها ، فأعطى موسى فَاسْتَدَفَ بها» أى حلق عانته واستأصل حلقها ، وهو من دَفَفْتُ على الأسير.

(دفق) (ه) فى حديث الاستسقاء «دُفَاقُ العزائل» الدُّفاق : المطر الواسع الكثير. والعزائل : مقلوب العزالى ، وهو مخارج الماء من المزادة.

١٢٥

وفى حديث الزّبرقان «أبغض كنائنى إلىّ التى تمشى الدِّفِقَّى» هى بالكسر والتشديد والقصر : الإسراع فى المشى.

(دفن) (ه) فى حديث عليّ «قم عن الشمس فإنها تظهر الداء الدَّفِين» هو الداء المستتر الذى قهرته الطّبيعة. يقول : الشمس تعينه على الطّبيعة وتظهره بحرّها.

وفى حديث عائشة تصف أباها «واجتهر دُفُنَ الرّواء» الدُّفُنُ جمع دَفِينٍ ، وهو الشىء الْمَدْفُونُ.

(ه) وفى حديث شريح «كان لا يردّ العبد من الِادِّفَانِ ، ويردّه من الإباق الباتّ» الِادِّفَانُ : هو أن يختفى العبد عن مواليه اليوم واليومين ، ولا يغيب عن المصر ، وهو افتعال من الدّفن ؛ لأنه يَدْفِنُ نفسه فى البلد : أى يكتمها. والإباق : هو أن يهرب من المصر. والباتّ : القاطع الذى لا شبهة فيه.

(دفا) (ه) فيه «أنه أبصر فى بعض أسفاره شجرة دَفْوَاء تسمّى ذات أنواط» الدَّفْوَاء : العظيمة الظّليلة ، الكثيرة الفروع والأغصان.

(ه) وفى صفة الدّجال «إنّه عريض النّحر فيه دَفاً» الدَّفَا مقصور : الانحناء. يقال رجل أَدْفَى ، هكذا ذكره الجوهرى فى المعتل. وجاء به الهروى فى المهموز فقال : رجل أَدْفَأ ، وامرأة دَفْآء.

(باب الدال مع القاف)

(دقر) (ه) فى حديث عمر «قال لأسلم مولاه : أخذتك دِقْرَارَةُ أهلك» الدِّقْرَارَةُ : واحدة الدَّقَارِيرِ ، وهى الأباطيل وعادات السوء ، أراد أنّ عادة السّوء التى هى عادة قومك ، وهى العدول عن الحقّ والعمل بالباطل قد نزعتك وعرضت لك فعملت بها. وكان أسلم عبدا بجاويّا.

(س) وفى حديث عبد خير «قال : رأيت على عمّار دِقْرَارَة ، وقال إنّى ممثون» الدِّقْرَارَة : التّبّان ، وهو السّراويل الصغير الذى يستر العورة وحدها. والممثون : الذى يشتكى مثانته.

١٢٦

وفى حديث مسيره إلى بدر «إنه جزع الصّفيراء ثم صبّ فى دَقْرَان» هو واد هناك. وصبّ : انحدر.

(دقع) (ه) فيه «قال للنساء : إنكنّ إذا جعتنّ دَقِعْتُنَ» الدَّقْعُ : الخضوع فى طلب الحاجة ، مأخوذ من الدَّقْعَاء وهو التّراب : أى لصقتنّ به.

(ه) ومنه الحديث «لا تحلّ المسألة إلا لذى فقر مُدْقع» أى شديد يفضى بصاحبه إلى الدَّقْعَاءِ. وقيل هو سوء احتمال الفقر.

(دقق) فى حديث معاذ «قال : فإن لم أجد؟ قال له : اسْتَدِقَ الدنيا واجتهد رأيك» أى احتقرها واستصغرها. وهو استفعل ، من الشىء الدَّقِيق الصغير.

ومنه حديث الدعاء «اللهم اغفر لى ذنبى كلّه ؛ دِقَّهُ وجِلَّهُ».

وفى حديث عطاء فى الكيل «قال : لا دَقَ ولا زلزلة» هو أن يَدُقَّ ما فى المكيال من المكيل حتى ينضمّ بعضه إلى بعض.

وفى مناجاة موسى عليه‌السلام «سلنى حتّى الدُّقَّة» قيل هى بتشديد القاف : الملح الْمَدْقُوقُ ، وهى أيضا ما تسفيه الرّيح وتسحقه من التّراب.

(دقل) فى حديث ابن مسعود «هذّا كهذّ الشّعر ، ونثرا كنثر الدَّقَل» هو ردئ التّمر ويابسه ، وما ليس له اسم خاصّ فتراه ليبسه ورداءته لا يجتمع ويكون منثورا. وقد تكرر فى الحديث.

(س) وفيه «فصعد القرد الدَّقَل» هو خشبة يمدّ عليها شراع السّفينة ، وتسمّيها البحريّة : الصّارى.

١٢٧

((باب الدال مع الكاف)

(دكدك) (ه) فى حديث جرير ووصف منزله فقال «سهل ودَكْدَاكٌ» الدَّكْدَاكُ : ما تلبّد من الرّمل بالأرض ولم يرتفع كثيرا : أى أنّ أرضهم ليست ذات حزونة ، ويجمع على دَكَادِكَ.

ومنه حديث عمرو بن مرّة :

إليك أجوب القور بعد الدَّكَادِكِ

(دكك) فى حديث عليّ «ثمّ تَدَاكَكْتُمْ علىّ تَدَاكَك الإبل الهيم على حياضها» أى ازدحمتم. وأصل الدَّكِ : الكسر.

(ه) ومنه حديث أبى هريرة «أنا أعلم الناس بشفاعة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم القيامة ، قال : فَتَدَاكَ الناس عليه».

(ه) وفى حديث أبى موسى «كتب إلى عمر إنّا وجدنا بالعراق خيلا عراضا دُكّا» أى عراض الظّور قصارها. يقال فرس أَدَكُ ، وخيل دُكٌ ، وهى البراذين.

(دكل) فى قصيدة مدح بها أصحاب النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

علىّ له فضلان فضل قرابة

وفضل بنصل السّيف والسّمر الدُّكْل

الدُّكْل والدّكن واحد ، يريد لون الرّماح.

(دكن) (س) فى حديث فاطمة «أنّها أوقدت القدر حتى دَكِنَتْ ثيابها» دَكِنَ الثّوب إذا اتّسخ واغبرّ لونه يَدْكَنُ دَكَناً.

ومنه حديث أمّ خالد فى القميص «حتّى دَكِنَ».

وفى حديث أبى هريرة «فبنينا له دُكَّاناً من طين يجلس عليه» الدُّكَّانُ : الدَّكَّة المبنيّة للجلوس عليها ، والنون مختلف فيها ، فمنهم من يجعلها أصلا ، ومنهم من يجعلها زائدة.

١٢٨

باب الدال مع اللام

(دلث) [ه] فى حديث موسى والخضر عليهما‌السلام «وإنّ الِانْدِلَاثَ والتّخطرف من النقحام والتّكلّف» الِانْدِلَاثُ : التّقدّم بلا فكرة ولا رويّة.

(دلج) (س ه) فيه «عليكم بالدُّلْجَةِ» هو سير الليل. يقال أَدْلَجَ بالتّخفيف إذا سار من أوّل اللّيل ، وادَّلَجَ ـ بالتشديد ـ إذا سار من آخره. والاسم منهما الدُّلْجَة والدَّلْجَة ، بالضم والفتح ، وقد تكرر ذكرهما فى الحديث. ومنهم من يجعل الْإِدْلَاجَ للّيل كلّه ، وكأنّه المراد فى هذا الحديث ، لأنه عقّبه بقوله «فإنّ الأرض تطوى باللّيل». ولم يفرّق بين أوّله وآخره. وأنشدوا لعليّ رضى الله عنه :

اصبر على السّير والْإِدْلَاج فى السّحر

وفى الرّواح على الحاجات والبكر

فجعل الْإِدْلَاجَ فى السّحر.

(دلح) (ه) فيه «كنّ النّساء يَدْلَحْنَ بالقرب على ظهورهنّ فى الغزو» والدَّلْحُ : أن يمشى بالحمل وقد أثقله. يقال دَلَحَ البعير يَدْلَحُ. والمراد أنّهنّ كنّ يستقين الماء ويسقين الرّجال.

ومنه حديث عليّ ووصف الملائكة فقال : «ومنهم كالسّحائب الدُّلَّحِ» جمع دَالِحٍ.

(ه) ومنه حديث «إنّ سلمان وأبا الدّرداء اشتريا لحما فَتَدَالَحَاهُ بينهما على عود» أى وضعاه على عود واحتملاه آخذين بطرفيه.

(دلدل) (س) فى حديث أبى مرثد «فقالت عناق البغىّ : يا أهل الخيام هذا الدُّلْدُلُ الذى يحمل أسراركم» الدُّلْدُلُ : القنفذ. وقيل ذكر القنافذ ، يحتمل أنّها شبّهته بالقنفذ لأنه أكثر ما يظهر فى اللّيل ، ولأنه يخفى رأسه فى جسده ما استطاع. ودَلْدَلَ فى الأرض : ذهب. ومرّ يُدَلْدِلُ ويَتَدَلْدَلُ فى مشيه إذا اضطرب.

ومنه الحديث «كان اسم بغلته عليه‌السلام دُلْدُلاً».

(دلس) (ه) فى حديث ابن المسيّب «رحم الله عمر لو لم ينه عن المتعة لاتّخذها الناس

١٢٩

دَوْلَسِيّاً» أى ذريعة إلى الزّنا مُدَلِّسَةً. التَّدْلِيسُ : إخفاء العيب. والواو فيه زائدة.

(دلع) [ه] فيه «أنه كان يَدْلَعُ لسانه للحسن» أى يخرجه حتى ترى حمرته فيهشّ إليه ، يقال دَلَعَ وأَدْلَعَ.

(ه) ومنه الحديث «أن امرأة رأت كلبا فى يوم حارّ قد أَدْلَعَ لسانه من العطش».

ومنه الحديث «يبعث شاهد الزّور يوم القيامة مُدْلِعاً لسانه فى النّار».

(دلف) فى حديث الجارود «دَلَفَ إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحسر لثامه» أى قرب منه وأقبل عليه ، من الدَّلِيفِ وهو المشى الرّويد.

(ه) ومنه حديث رقيقة «ولْيَدْلِفْ إليه من كل بطن رجل».

(دلق) (ه) فيه «يلقى فى النار فَتَنْدَلِقُ أقتاب بطنه» الِانْدِلَاقُ : خروج الشّىء من مكانه ، يريد خروج أمعائه من جوفه.

ومنه «انْدَلَقَ السّيف من جفنه» إذ شقّه وخرج منه.

ومنه الحديث «جئت وقد أَدْلَقَنِي البرد» أى أخرجنى.

(ه) وفى حديث حليمة السّعدية «ومعها شارف دَلْقَاء» أى متكسّرة الأسنان لكبرها ، فإذا شربت الماء سقط من فيها. ويقال لها أيضا الدَّلُوقُ ، والدِّلْقِم ، والميم زائدة.

(دلك) فيه ذكر «دُلُوك الشمس» فى غير موضع من الحديث ، ويراد به زوالها عن وسط السّماء ، وغروبها أيضا. وأصل الدُّلُوكِ : الميل.

(ه) وفى حديث عمر أنه كتب إلى خالد بن الوليد : «بلغنى أنه أعدّ لك دَلُوكٌ عجن بخمر ، وإنّى أظنّكم آل المغيرة ذرء النار» الدَّلُوكُ بالفتح : اسم لما يَتَدَلَّكَ به من الغسولات ، كالعدس ، والأشنان ، والأشياء المطيّبة.

وفى حديث الحسن وسئل «أيُدَالِكُ الرّجل امرأته؟ قال : نعم إذا كان ملفجا» الْمُدَالَكَةُ : المماطلة ، يعنى مطله إيّاها بالمهر.

(دلل) (ه) فى حديث عليّ فى صفة الصحابة «ويخرجون من عنده أَدِلَّة» هو جمع

١٣٠

دَلِيلٍ : أى بما قد علّموه فَيَدُلُّونَ عليه النّاس ، يعنى يخرجون من عنده فقهاء ، فجعلهم أنفسهم أَدِلَّةً مبالغة.

(ه) وفيه «كانوا يرحلون إلى عمر فينظرون إلى سمته ودَلِّهِ فيتشبّهون به» وقد تكرّر ذكر الدَّلِ فى الحديث ، وهو والهدى والسّمت عبارة عن الحالة التى يكون عليها الإنسان من السّكينة والوقار ، وحسن السّيرة والطّريقة واستقامة المنظر والهيئة.

(ه) ومنه حديث سعد «بينا أنا أطوف بالبيت إذ رأيت امرأة أعجبنى دَلُّهَا» أى حسن هيأتها. وقيل حسن حديثها.

(س) وفيه «يمشى على الصراط مُدِلًّا» أى منبسطا لا خوف عليه ، وهو من الْإِدْلَالِ والدَّالَّة على من لك عنده منزلة.

(دلم) فيه «أميركم رجل طوال أَدْلَمُ» الْأَدْلَمُ : الأسود الطويل.

ومنه الحديث «فجاء رجل أَدْلَمُ فاستأذن على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم» قيل هو عمر بن الخطاب.

(س) ومنه حديث مجاهد فى ذكر أهل النار «لسعتهم عقارب كأمثال البغال الدُّلْمِ» أى السّود ، جمع أَدْلَم

(دله) (س) فى حديث رقيقة «دَلَّهَ عقلى» أى حيّره وأدهشه. وقد دَلِهَ يَدْلَهُ.

(دلا) فى حديث الإسراء «فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ)» التَّدَلِّي : النزول من العلوّ. وقاب القوس : قدره. والضمير فى تَدَلَّى لجبريل عليه‌السلام.

(س) وفى حديث عثمان «تطأطأت لكم تطأطأ الدُّلَاةِ» هم جمع دَالٍ ـ مثل قاض وقضاة ـ وهو النازع بالدّلو المستقى به الماء من البئر. يقال أَدْلَيْتُ الدَّلْوَ ودَلَيْتُهَا إذا أرسلتها فى البئر. ودَلَوْتُهَا أَدْلُوهَا فأنا دَالٍ : إذا أخرجتها ، المعنى تواضعت لكم وتطامنت كما يفعل المستقى بِالدَّلْوِ.

(س) ومنه حديث ابن الزبير «إنّ حبشيّا وقع فى بئر زمزم فأمرهم أن يَدْلُوا ماءها» أى يستقوه.

١٣١

(ه) ومنه حديث استسقاء عمر «وقد دَلَوْنَا به إليك مستشفعين به» يعنى العباس. أى توسّلنا ، وهو من الدَّلْوِ لأنه يتوصّل به إلى الماء. وقيل أراد به أقبلنا وسقنا ، من الدَّلْوِ : وهو السّوق الرّفيق.

(باب الدال مع الميم)

(دمث) فى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «دَمِثٌ ليس بالجافى» أراد به أنه كان ليّن الخلق فى سهولة. وأصله من الدَّمْثِ ، وهو الأرض السّهلة الرّخوة ، والرّمل الذى ليس بمتلبّد. يقال دَمِثَ المكان دَمَثاً إذا لان وسهل. فهو دَمِثٌ ودَمْثٌ.

(ه) ومنه الحديث «أنه مال إلى دَمْثٍ من الأرض فبال فيه» وإنما فعل ذلك لئلا يرتدّ عليه رشاش البول.

ومنه حديث ابن مسعود «إذا قرأت آل حم وقعت فى روضات دَمِثَاتٍ» جمع دَمِثَةٍ.

وحديث الحجاج فى صفة الغيث «فلبّدت الدِّمَاثَ» أى صيّرتها لا تسوخ فيها الأرجل. وهى جمع دَمْثٍ.

(ه) ومنه الحديث «من كذب عليّ فإنما يُدَمِّثُ مجلسه من النار» أى يمهّد ويوطّئ.

(دمج) (ه) فيه «من شقّ عصا المسلمين وهم فى إسلام دَامِجٍ فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه» الدَّامِجُ : المجتمع. والدُّمُوجُ : دخول الشىء فى الشىء.

(س) وفى حديث زينب «أنها كانت تكره النّقط والأطراف إلا أن تَدْمُجَ اليد دَمْجاً فى الخضاب» أى تعمّ جميع اليد.

ومنه حديث عليّ «بل انْدَمَجْتُ على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية فى الطّوىّ البعيدة» أى اجتمعت عليه ، وانطويت واندرجت.

ومنه حديثه الآخر «سبحان من أَدْمَجَ قوائم الذّرّة والهمجة».

(دمر) (ه) فيه «من اطّلع فى بيت قوم بغير إذنهم فقد دَمَرَ» وفى رواية «من سبق

١٣٢

طرفه استئذانه فقد دَمَرَ عليهم» أى هجم ودخل بغير إذن ، وهو من الدَّمَارِ : الهلاك ؛ لأنه هجوم بما يكره ، والمعنى أن إساءة المطّلع مثل إساءة الدَّامِر.

ومنه حديث ابن عمر «فدحا السّيل بالبطحاء حتى دَمَّرَ المكان الذى كان يصلّى فيه» أى أهلكه. يقال : دَمَّرَهُ تَدْمِيراً ، ودَمَّرَ عليه بمعنى. ويروى «حتى دفن المكان» والمراد منهما دروس الموضع وذهاب أثره. وقد تكرر فى الحديث.

(دمس) فى أراجيز مسيلمة «واللّيل الدَّامِس» أى الشّديد الظّلمة.

(ه) وفيه «كأنما خرج من دَيْمَاسٍ» هو بالفتح والكسر : الكنّ : أى كأنه مخدّر لم ير شمسا. وقيل هو السّرب المظلم. وقد جاء فى الحديث مفسّرا أنه الحمّام.

(دمع) [ه] فى ذكر الشّجاج «الدَّامِعَةُ» هو أن يسيل الدّم منها قطرا كَالدَّمْعِ ، وليست الدّامغة بالغين المعجمة.

(دمغ) (ه) فى حديث عليّ «دَامِغُ جيشات الأباطيل» أى مهلكها ، يقال : دَمَغَهُ يَدْمَغُهُ دَمْغاً إذا أصاب دِمَاغَهُ فقتله.

(ه) ومنه ذكر الشّجاج «الدَّامِغَة» أى التى انتهت إلى الدِّمَاغِ.

ومنه حديث عليّ : «رأيت عينيه عينى دَمِيغٍ» يقال رجل دَمِيغٌ ومَدْمُوغٌ إذا خرج دِمَاغُهُ.

(دمق) (ه) فى حديث خالد «كتب إلى عمر : إنّ الناس قد دَمَقُوا فى الخمر وتزاهدوا فى الحدّ» أى تهافتوا فى شربها وانبسطوا وأكثروا منه. وأصله من دَمَقَ على القوم إذا هجم بغير إذن ، مثل دمر.

(دمك) فى حديث إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام «كانا يبنيان البيت فيرفعان كلّ يوم مِدْمَاكاً» الْمِدْمَاكُ : الصّف من اللّبن والحجارة فى البناء. عند أهل الحجاز : مِدْمَاكٌ ، وعند أهل العراق : ساف ، وهو من الدَّمْكِ : التّوثيق. والْمِدْمَاكُ : خيط البنّاء والنّجّار أيضا.

(ه) ومنه الحديث «كان بناء الكعبة فى الجاهليّة مِدْمَاكُ حجارة ومِدْمَاكُ عيدان من سفينة انكسرت».

١٣٣

(دمل) (ه) فى حديث سعد «كان يَدْمُلُ أرضه بالعرّة» أى يصلحها ويعالجها بها ، وهى السّرقين. من دَمَلَ بين القوم إذا أصلح بينهم. وانْدَمَلَ الجرح إذا صلح.

ومنه حديث أبى سلمة «دَمِل جرحه على بغى فيه ولا يدرى به» أى انختم على فساد ولم يعلم به.

(دملج) (س) فى حديث خالد بن معدان «دَمْلَجَ الله لؤلؤة» دَمْلَجَ الشىء إذا سوّاه وأحسن صنعته. والدُّمْلُجُ والدُّمْلُوجُ : الحجر الأملس والمعضد من الحلىّ.

(دملق) (ه) فى حديث ظبيان وذكر ثمود «رماهم الله بِالدَّمَالِقِ» أى بالحجارة الملس.

يقال دَمْلَقْتُ الشىء ودملكته إذا أدرته وملّسته.

(دمم) (س) فى حديث البهىّ «كانت بأسامة دَمَامَةٌ فقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قد أحسن بنا إذا لم يكن جارية» الدَّمَامَةُ بالفتح : القصر والقبح ، ورجل دَمِيمٌ.

ومنه حديث المتعة «وهو قريب من الدَّمَامَة».

ومنه حديث عمر «لا يزوّجن أحدكم ابنته بِدَمِيمٍ».

وفى كلام الشافعى «وتطلى المعتدّة وجهها بِالدِّمَامِ وتمسحه نهارا» الدِّمَامُ : الطّلاء.

ومنه : دَمَمْتُ الثّوب إذا طليته بالصّبغ. ودَمَ البيت طيّنه.

(ه) ومنه حديث النّخعى «لا بأس بالصّلاة فى دِمَّة الغنم» يريد مربضها ، كأنه دُمَ بالبول والبعر : أى ألبس وطلى. وقيل أراد دمنة الغنم ، فقلب النّون ميما لوقوعها بعد الميم ثم أدغم. قال أبو عبيد : هكذا سمعت الفزارىّ يحدّثه ، وإنما هو فى الكلام بالدّمنة بالنون.

(دمن) (ه) فيه «إيّاكم وخضراء الدِّمَنِ» الدِّمَنُ جمع دِمْنَةٍ : وهى ما تُدَمِّنُهُ الإبل والغنم بأبوالها وأبعارها : أى تلبّده فى مرابضها ، فرّبما نبت فيها النبات الحسن النّضير.

ومنه الحديث «فينبتون نبات الدِّمْنِ فى السّيل» هكذا جاء فى رواية بكسر الدال وسكون الميم ، يريد البعر لسرعة ما ينبت فيه.

١٣٤

ومنه الحديث «فأتينا على جدجد مُتَدَمِّنٍ» أى بئر حولها الدِّمْنَةُ.

وحديث النخعى «كان لا يرى بأسا بالصلاة فى دِمْنَةِ الغنم».

(ه) وفيه «مُدْمِنُ الخمر كعابد الوثن» هو الذى يعاقر شربها ويلازمه ولا ينفك عنه. وهذا تغليظ فى أمرها وتحريمها.

(ه) وفيه «كانوا يتبايعون الثّمار قبل أن يبدو صلاحها ، فإذا جاء التّقاضى قالوا أصاب الثمر الدَّمَانُ» هو بالفتح وتخفيف الميم : فساد الثّمر وعفنه قبل إدراكه حتى يسودّ ، من الدِّمْنِ وهو السّرقين. ويقال إذا طلعت النّخلة عن عفن وسواد قيل أصابها الدَّمَانُ. ويقال الدّمال باللام أيضا بمعناه ، هكذا قيّده الجوهرى وغيره بالفتح. والذى جاء فى غريب الخطّابى بالضمّ ، وكأنه أشبه ، لأنّ ما كان من الأدواء والعاهات فهو بالضّم ، كالسّعال والنّحاز والزّكام. وقد جاء فى الحديث : القشام والمراض ، وهما من آفات الثّمرة ، ولا خلاف فى ضمّهما. وقيل هما لغتان. قال الخطّابى : ويروى الدّمار بالراء ، ولا معنى له.

(دما) (ه) فى صفته عليه الصلاة والسلام «كأن عنقه جيد دُمْيَةٍ» الدُّمْيَةُ : الصّورة المصوّرة ، وجمعها دُمًى ؛ لأنها يتنوّق فى صنعتها ويبالغ فى تحسينها.

وفى حديث العقيقة «يحلق رأسه ويُدَمَّى» وفى رواية «ويسمّى» كان قتادة إذا سئل عن الدَّمِ كيف يصنع به قال : إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة واستقبلت بها أوداجها ، ثم توضع على يافوخ الصّبى ليسيل على رأسه مثل الخيط ، ثم يغسل رأسه بعد ويحلق. أخرجه أبو داود فى السنن. وقال : هذا وهم من همّام. وجاء بتفسيره فى الحديث عن قتادة وهو منسوخ. وكان من فعل الجاهليّة. وقال يسمّى أصحّ. وقال الخطّابى : إذا كان قد أمرهم بإماطة الأذى اليابس عن رأس الصّبى فكيف يأمرهم بِتَدْمِيَةِ رأسه؟ والدَّمُ نجس نجاسة مغلّظة.

وفيه «إنّ رجلا جاء معه أرنب فوضعها بين يدى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال : إنى وجدتها تَدْمَى» أى أنّها ترمى الدَّم ، وذلك أنّ الأرنب تحيض كما تحيض المرأة.

(ه) وفى حديث سعد «قال : رميت يوم أحد رجلا بسهم فقتلته ، ثم رميت بذلك السّهم أعرفه ، حتى فعلت ذلك وفعلوه ثلاث مرات ، فقلت هذا سهم مبارك مُدَمًّى ، فجعلته

١٣٥

فى كنانتى ، فكان عنده حتى مات» الْمُدَمَّى من السّهام : الذى أصابه الدَّمُ فحصل فى لونه سواد وحمرة ممّا رمى به العدوّ ، ويطلق على ما تكرّر الرّمى به ، والرّماة يتبرّكون به. وقال بعضهم : هو مأخوذ من الدَّامِيَاءِ وهى البركة.

وفى حديث زيد بن ثابت «فى الدَّامِيَة بعير» الدَّامِيَةُ : شجّة تشقّ الجلد حتى يظهر منها الدم ، فإن قطر منها فهى دامعة.

وفى حديث بيعة الأنصار والعقبة «بل الدَّمُ الدَّمُ ، والهدم الهدم» أى أنكم تطلبون بدمى وأطلب بدمكم ، ودمى ودمكم شىء واحد. وسيجىء هذا الحديث مبيّنا فى حرفى اللام والهاء.

وفى حديث عمر «أنه قال لأبى مريم الحنفى : لأنا أشدّ بغضا لك من الأرض لِلدَّمِ» يعنى أنّ الدَّمَ لا تشربه الأرض ولا يغوص فيها ، فجعل امتناعها منه بغضا مجازا. ويقال : إنّ أبا مريم كان قتل أخاه زيدا يوم اليمامة.

وفى حديث ثمامة بن أثال «إن تقتل تقتل ذا دَمٍ» أى من هو مطالب بدم ، أو صاحب دم مطلوب. ويروى ذا ذمّ بالذال المعجمة : أى ذا ذمام وحرمة فى قومه. وإذا عقد ذمّة وفّى له.

ومنه حديث قتل كعب بن الأشرف «إنى لأسمع صوتا كأنّه صوت دَمٍ» أى صوت طالب دم يستشفى بقتله.

(س) وفى حديث الوليد بن المغيرة «والدَّمِ ما هو بشاعر» يعنى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هذه يمين كانوا يحلفون بها فى الجاهليّة ، يعنى دم ما يذبح على النّصب.

ومنه الحديث «لا والدِّمَاء» أى دِمَاء الذّبائح ، ويروى «لا والدُّمَى» جمع دُمْيَةٍ ، وهى الصّورة ، ويريد بها الأصنام.

١٣٦

باب الدال مع النون

(دندن) (ه س) فيه «أنه سأل رجلا ما تدعو فى صلاتك؟ فقال : أدعو بكذا وكذا ، وأسأل ربّى الجنّة ، وأتعوّذ به من النّار ، فأمّا دَنْدَنَتُكَ ودَنْدَنَةُ معاذ فلا نحسنها ، فقال عليه الصلاة والسلام : حولهما نُدَنْدِنُ» وروى «عنهما نُدَنْدِنُ» الدَّنْدَنَةُ : أن يتكلم الرجل بالكلام تسمع نغمته ولا يفهم ، وهو أرفع من الهينمة قليلا. والضمير فى حولهما للجنة والنّار : أى حولهما نُدَنْدِنُ وفى طلبهما ، ومنه دَنْدَنَ الرجل إذا اختلف فى مكان واحد مجيئا وذهابا. وأمّا عنهما نُدَنْدِنُ فمعناه أنّ دَنْدَنَتَنَا صادرة عنهما وكائنة بسببهما. وقد تكرر فى الحديث.

(دنس) فى حديث الإيمان «كأنّ ثيابه لم يمسّها دَنَسٌ» الدَّنَسُ : الوسخ. وقد تَدَنَّسَ الثّوب : اتّسخ.

(دنق) [ه] فى حديث الأوزاعى «لا بأس للأسير إذا خاف أن يمثّل به أن يُدَنِّقَ للموت» أى يدنو منه. يقال دَنَّقَ تَدْنِيقاً إذا دنا ، ودَنَّقَ وجه الرّجل إذا اصفرّ من المرض ، ودَنَّقَتِ الشّمس إذا دنت من الغروب ، يريد له أن يظهر أنه مشف على الموت لئلا يمثّل به.

وفى حديث الحسن «لعن الله الدَّانَقَ ومن دَنَّقَ الدَّانَق» هو بفتح النون وكسرها : سدس الدّينار والدّرهم (١) ، كأنه أراد النّهى عن التّقدير والنّظر فى الشيء التّافه الحقير.

(دنا) (ه س) فيه «سمّوا الله ودَنُّوا وسمّتوا» أى إذا بدأتم بالأكل كلوا ممّا بين أيديكم وقرب منكم ، وهو فعّلوا ، من دَنَا يَدْنُو. وسمّتوا : أى ادعوا للمطعم بالبركة.

وفى حديث الحديبية «علام نعطى الدَّنِيَّةَ فى ديننا» أى الخصلة المذمومة ، والأصل فيه الهمز ، وقد تخفف ، وهو غير مهموز أيضا بمعنى الضعيف الخسيس.

وفى حديث الحج «الجمرة الدُّنْيَا» أى القريبة إلى منى ، وهى فعلى من الدُّنُوِّ ، والدُّنْيَا أيضا اسم لهذه الحياة لبعد الآخرة عنها. والسماء الدُّنْيَا لقربها من ساكنى الأرض. ويقال سماء الدُّنْيَا على الإضافة.

__________________

(١) كذا فى الأصل وا واللسان وشرح القاموس. والذى فى الصحاح والمصباح والقاموس «الدانق : سدس الدرهم» وهو ما ذكره اللسان أيضا.

١٣٧

وفى حديث حبس الشمس «فَادَّنَى من القرية» (١) هكذا جاء فى مسلم ، وهو افتعل ، من الدنوّ. وأصله ادتنا ، فأدغمت التاء فى الدّال.

وفى حديث الأيمان «ادْنُه» هو أمر بالدُّنُوِّ : القرب ، والهاء فيه للسكت جىء بها لبيان الحركة. وقد تكرّرت فى الحديث.

(باب الدال مع الواو)

(دوبل) (س) فى حديث معاوية «أنه كتب إلى ملك الرّوم : لأردّنّك إرّيسا من الأرارسة ترعى الدَّوَابِلَ» هى جمع دَوْبَلٍ ، وهو ولد الخنزير والحمار ، وإنما خصّ الصّغار لأنّ راعيها أوضع من راعى الكبار ، والواو زائدة.

(دوج) (س) فيه «ما تركت حاجة ولا دَاجَةً إلا اقتطعتها» الدَّاجَةُ إتباع الحاجة ، وعينها مجهولة فحملت على الواو ؛ لأنّ المعتلّ العين بالواو أكثر من الياء ، ويروى بتشديد الجيم. وقد تقدم.

(دوح) (ه) فيه «كم من عذق دَوَّاحٍ فى الجنة لأبى الدّحداح» الدَّوَّاحُ : العظيم الشديد العلوّ ، وكلّ شجرة عظيمة دَوْحَة. والعذق بالفتح : النخلة.

ومنه حديث الرؤيا «فأتينا على دَوْحَةٍ عظيمة» أى شجرة.

ومنه حديث ابن عمر «إنّ رجلا قطع دَوْحَةً من الحرم فأمره أن يعتق رقبة».

(دوخ) (ه) فى حديث وفد ثقيف «أَدَاخَ العرب ودان له النّاس» أى أذلّهم. يقال دَاخَ يَدُوخُ إذا ذلّ ، وأَدَخْتُهُ أنا فَدَاخ.

(دوخل) (س) فى حديث صلة بن أشيم «فإذا سبّ فيه دَوْخَلَّةُ رُطَب فأكلت منها» هى بتشديد اللام : سفيفة من خوص كالزّبّيل ، والقوصرّة يترك فيها التّمر وغيره ، والواو زائدة.

(دود) (س) فيه «إن المؤذّنين لا يُدَادُونَ» أى لا يأكلهم الدُّودُ. يقال دَادَ الطعام ، وأَدَادَ ، ودَوَّدَ فهو مُدَوِّدٌ بالكسر ، إذا وقع فيه الدُّودُ.

__________________

(١) فى الأصل واللسان : بالقرية. وما أثبتناه من ا. والذى فى مسلم باب تحليل الغنائم من كتاب الجهاد : فأدنى للقرية.

١٣٨

(دور) (ه) فيه «ألا أخبركم بخير دُورِ الأنصار؟ دُورِ بنى النّجار ثم كذا وكذا» الدُّورُ جمع دَارٍ وهى المنازل المسكونة والمحالّ ، وتجمع أيضا على دِيَارٍ ، وأراد بها هاهنا القبائل ، وكلّ قبيلة اجتمعت فى محلّة سميت تلك المحلة دَاراً ، وسمى ساكنوها بها مجازا على حذف المضاف : أى أهل الدّور.

(ه) ومنه الحديث «ما بقيت دَارٌ إلّا بنى فيها مسجد» أى قبيلة.

فأما قوله عليه الصلاة والسلام «وهل ترك لنا عقيل من دَارٍ» فإنما يريد به المنزل لا القبيلة.

(س) ومنه حديث زيارة القبور «سلام عليكم دَارَ قوم مؤمنين» سمّى موضع القبور دَاراً تشبيها بِدَارِ الأحياء لاجتماع الموتى فيها.

وفى حديث الشفاعة «فأستأذن على ربّى فى دَارِهِ» أى فى حضرة قدسه. وقيل فى جنّته ، فإن الجنة تسمّى دَارَ السلام. والله هو السلام.

وفى حديث أبى هريرة رضى الله عنه :

يا ليلة من طولها وعنائها

على أنّها من دَارَةِ الكفر نجّت

الدَّارَة أخصّ من الدّار.

وفى حديث أهل النار «يحترقون فيها إلّا دَارَاتِ وجوههم» هى جمع دَارَةٍ وهو ما يحيط بالوجه من جوانبه ، أراد أنّها لا تأكلها النار لأنها محلّ السجود.

(ه) وفيه «إن الزمان قد اسْتَدَارَ كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض» يقال دَارَ يَدُورُ ، واسْتَدَارَ يَسْتَدِيرُ بمعنى إذا طاف حول الشىء وإذا عاد إلى الموضع الذى ابتدأ منه. ومعنى الحديث أن العرب كانوا يؤخّرون المحرّم إلى صفر وهو النّسىء ليقاتلوا فيه ، ويفعلون ذلك سنة بعد سنة ، فينتقل المحرّم من شهر إلى شهر حتى يجعلوه فى جميع شهور السّنة ، فلما كانت تلك السّنة كان قد عاد إلى زمنه المخصوص به قبل النّقل ، ودارت السّنة كهيئتها الأولى.

وفى حديث الإسراء «قال له موسى عليه‌السلام : لقد دَاوَرْتُ بنى إسرائيل على أدنى من هذا فضعفوا» هو فاعلت ، من دَارَ بالشىء يَدُورُ به إذا طاف حوله. ويروى راودت.

١٣٩

وفيه «فيجعل الدَّائِرَةَ عليهم» أى الدّولة بالغلبة والنّصر.

(ه) وفيه «مثل الجليس الصالح مثل الدَّارِيِ» الدَّارِيُ بتشديد الياء : العطّار. قالوا لأنه نسب إلى دَارِين ، وهو موضع فى البحر يؤتى منه بالطّيب.

ومنه كلام عليّ رضى الله عنه «كأنه قلع دَارِيٌ» أى شراع منسوب إلى هذا الموضع البحرى.

(دوس) (ه) فى حديث أمّ زرع «ودَائِسٌ ومنقّ» الدَّائِسُ : هو الذى يَدُوسُ الطّعام ويدقّه بالفدّان ليخرج الحبّ من السّنبل ، وهو الدِّيَاسُ ، وقلبت الواو ياء لكسرة الدال.

(دوف) (س) فى حديث أم سليم «قال لها وقد جَمَعَتْ عَرَقَهُ : ما تصنعين؟ قالت عرقُك أَدُوفُ به طيبي» أى أخاط ، يقال دُفْتُ الدّواء أَدُوفُهُ إذا بللته بماء وخلطته ، فهو مَدُوفٌ ومَدْوُوفٌ على الأصل ، مثل مصون ومصوون ، وليس لهما نظير. ويقال فيه داف يديف بالياء ، والواو فيه أكثر.

(س) وفى حديث سلمان «أنه دعا فى مرضه بمسك فقال لامرأته : أَدِيفِيهِ فى تور من ماء».

(دوفص) (س) فى حديث الحجاج «قال لطبّاخه : أكثر دَوْفَصَهَا» قيل هو البصل الأبيض الأملس.

(دوك) (ه) فى حديث خيبر «لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّه الله ورسوله ويحب الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، فبات الناس يَدُوكُونَ تلك الليلة» أى يخوضون ويموجون فيمن يدفعها إليه. يقال وقع الناس فى دَوكَةٍ ودُوكَةٍ : أى فى خوض واختلاط.

(دول) فى حديث أشراط الساعة «إذا كان المغنم دُوَلاً» جمع دُولَةٍ بالضم ، وهو ما يَتَدَاوَلُ من المال ، فيكون لقوم دون قوم.

ومنه حديث الدعاء «حدّثنى بحديث سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم تَتَدَاوَلْهُ بينك وبينه الرجال» أى لم تتناقله الرجال ويرويه واحد عن واحد ، إنما ترويه أنت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

١٤٠