واقع التقيّة عند المذاهب والفرق الإسلاميّة من غير الشيعة الإماميّة

السيد ثامر هاشم العميدي

واقع التقيّة عند المذاهب والفرق الإسلاميّة من غير الشيعة الإماميّة

المؤلف:

السيد ثامر هاشم العميدي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: النهضة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠١

التقية في الفقه الطبري

شهد القرن الرابع الهجري تطوّراً عظيماً في الفقه الإسلامي ، حيث نشأت في ذلك العصر مذاهب فقهيّة كثيرة ، وما لبث بعضها ان أصبح في خبر كان لانقراض أتباعه بعد حين.

ومن هذه المذاهب هو المذهب الطبري نسبة إلى أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري (ت / ٣١٠ ه‍) الذي لم يبق من مؤلّفات هذا المذهب سوى كتب الطبري ، وأهمّها تفسيره.

وقد مرّ في الفصل الأوّل ما يثبت انّ الطبري من القائلين بجواز التقيّة عند الإكراه ، ولا داعي لإعادة ما ذكر من أقواله هناك ، أو ما نقله هو عن كبار الصحابة والتابعين في مشروعيّة التقية في الإسلام.

٢٢١

التقيّة في الفقه الظاهري

ومن عداد المذاهب الفقهية المنقرضة هو المذهب الظاهري نسبة إلى أبي سليمان داود بن علي بن داود الأصفهاني (ت / ٢٧٠ ه‍).

وهو أوّل من استعمل قول الظاهر ، وأخذ بالكتاب والسنّة ، وألغى ما سوى ذلك من الرأي والقياس ، وقد نشر فقهه من بعده ولده محمّد بن داود (ت / ٢٩٧ ه‍) الذي ترك بعض المصنّفات في فقه أبيه منها : كتاب الانذار ، وكتاب الأعذار ، ثمّ جاء بعده ابن المغلّس أبو الحسن عبد الله بن أحمد بن محمّد (ت / ٣٢٤ ه‍) الذي انتهت إليه رئاسة المذهب الظاهري في عصره ، وقد ترك عدّة كتب على طريقة أهل الظاهر (١).

وقد قدّر لهذا المذهب أن يمتد به العمر زمناً حتّى كان من أبرز أنصاره فيما بعد ابن حزم الظاهري (ت / ٤٥٦ ه‍) الذي يعدّ كتابه «المحلّى» من أهم ما وصل إلينا من كتب هذا المذهب الفقهيّة ، ولهذا سنعتمد ما في هذا الكتاب لبيان حقيقة التقية وواقعها في فقه المذهب الظاهري ، فنقول :

__________________

(١) فهرست ابن النديم : ٣٠٥ ٣٠٦.

٢٢٢

أفرد ابن حزم الظاهري في المحلّى كتاباً بعنوان كتاب الإكراه ، فصّل فيه الامور التي يسع الإنسان إتيانها عند الإكراه عليها ، ولا شيء عليه من ذلك ، كما فصّل الحديث عن الامور التي لا يجوز فعلها ولا تصحّ التقية فيها ، وذلك في مسائل ، نذكر منها ما يأتي :

قال في أحدها : «فمن اكره على شرب الخمر ، أو أكل الخنزير ، أو الميتة ، أو الدم ، أو بعض المحرّمات ، أو أكل مال مسلم ، أو ذمّي فمباح له أن يأكل ويشرب ولا شيء عليه ، لا حدّ ولا ضمان» (١).

وفي مسألة اخرى : «فلو امسكت امرأة حتّى زُني بها ، أو امسك رجل فأُدخل احليله في فرج امرأة فلا شيء عليه ، ولا عليها سواء انتشر أو لم ينتشر ، أنزلت هي أو لم تنزل ، لأنّهما لم يفعلا شيئاً أصلاً ، والإمناء فعل الطبيعة الذي خلقه الله تعالى في المرء ، أحب أم اكرِه ، لا اختيار له في ذلك» (٢).

وقال في كلام طويل صحّح فيه الإكراه على البيع ، والشراء ، والإقرار ، والهبة ، والصدقة ، والنكاح ، والطلاق ، والرجعة ، والعتق ، والنذر ، واليمين ، ثمّ فصّل الكلام في مناقشته للأحناف فيما يلزم من ذلك ان وقع من المكرَه ، وفيما لا يلزمه.

ثمّ ردّ على من حكم بامضاء نكاح المكره ، أو طلاقه ، أو عتقه وقال بوجوب إقامة الحدّ على من يتزوّج المطلقة أو المعتقة إكراهاً ، بل وحتّى الواطي في نكاح الإكراه عدّه زانياً (٣).

__________________

(١) المحلّى / ابن حزم ٣٣٠ : ٨ مسألة : ١٤٠٤.

(٢) م. ن ٣٣١ : ٨ مسألة : ١٤٠٥.

(٣) م. ن ٣٣١ : ٨ ٣٣٥ بعد المسألة : ١٤٠٦.

٢٢٣

وقال في مسألة اخرى : «ومن اكرِه على سجود لصنم ، أو لصليب فليسجد لله تعالى مبادراً إلى ذلك ، ولا يبالي في أيّ جهة كان ذلك الصنم والصليب» (١).

ثمّ قال : «ولا فرق بين إكراه السلطان ، أو اللصوص ، أو من ليس سلطاناً ، كلّ ذلك سواء في كلّ ما ذكرنا» (٢) وردّ على من قال بأنّ الإكراه لا يكون بضرب سوط أو سوطين ، وعدّه تقسيماً فاسداً لم يأتِ به قرآن ولا سُنّة ، وانّه غير معقول ، وأخرج في تأييده ردّه عن ابن مسعود أنّه كان يقول : «ما من ذي سلطان يريد أن يكلّفني كلاماً يدرأ عنّي سوطاً أو سوطين إلا كنت متكلّماً به» قال : «ولا يعرف له من الصحابة رضي الله عنهم مخالف» (٣).

كما جوّز في المسألة الأخيرة من مسائل الإكراه ، الإكراه على النذر واليمين ، وردّ ردّاً عنيفاً على من قال بأن نذر المكرَه يلزمه ، وكذا يمينه (٤).

__________________

(١) المحلّى / ابن حزم ٣٣٥ : ٨ مسألة : ١٤٠٧.

(٢) م. ن ٣٣٥ : ٨ مسألة : ١٤٠٨.

(٣) م. ن ٣٣٦ : ٨ مسألة : ١٤٠٩.

(٤) م. ن ٣٣٦ : ٨ مسألة : ١٤١٠.

٢٢٤

التقية في فقه الخوارج الإباضية

الإباضية فرقة من فرق الخوارج ، وسمّيت بذلك نسبة إلى عبد الله بن إباض المقاعسي المري التميمي (ت / ٨٦ ه‍) ، ويكثر تواجدهم اليوم في سلطنة عمان ، والجزائر في المغرب العربي ، وهم من القائلين بالتقية كما صرّحت بذلك كتبهم الفقهيّة ، فقد ورد في كتاب المعتبر لأبي سعيد محمّد بن سعيد الكدمي الإباضي ، وهو من فقهاء الإباضية في القرن الرابع الهجري في باب (ما يجوز به معنى التقية في الأرحام ونحوهم من القول) ما نصّه :

«التقية في ذوي الأرحام ، والجار ، والصاحب جائزة ، يظهر إليه الجميل والدعاء ، حتّى أنّك تحمد أمره ولو كنت لا تتولاه» (١).

وهذا هو قول أبي جابر محمّد بن جعفر الأزكوي الإباضي المتوفّى في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري ، وهو من أكبر أئمّة الخوارج الإباضية كما جاء في تقديم كتاب المعتبر.

وفيه أيضاً :

__________________

(١) المعتبر / أبو سعيد الكدمي الإباضي ٢١٢ : ١.

٢٢٥

«والعذر في التقيّة في الدين فيما يجوز ، كالعذر في التقية في النفس فيما يجوز ... ومن كان في حال التقية جاز له أن يدعو لمن لا يتولاه بما يدعو به لأهل الولاية ، ويعقد المعنى لغيره» (١).

ثمّ نقل عن الأزكوي المتقدّم قوله : «إن الجُبن في مواطن الحقّ نفاق» وعقبه بقوله : «من غير تقية تسعُهُ وتجوّز له ، وهو قادر على ذلك ... وأمّا إن كان الجُبن غريزة فيه لا يقدر على القيام بذلك العارض من الحقّ ، أو كان الحقّ غير واجب عليه ، أو كان في حال تقية توسّع بها ممّا يسعه في دين أو نفس أو مال ... انّ هذا لا يكون من النفاق ، وإنّما النفاق ما أوجب الكفر من ركوب المعصية ، وترك شيء من اللازم ، أو ركوب شيء من المحارم بغير عذر له في الدين» (٢).

وقال في مكان آخر : «ومن كان في حال التقية أو في غير حال التقية ، ولقي كافّة الخلق بأحسن ما يقدر عليه ، ما لم يضيع حقّاً لله في حال ذلك بدخوله في باطل ، أو خروجه من حقّ ، فهو معنا من أفضل الأعمال ، وأحسن الأحوال ، من الوسائل والفضائل ، وربّما كان ذلك من الواجب اللازم ، ولا شكّ أنّه من المروءة والمكارم» ، ثمّ ضرب لذلك بعضاً من السيرة النبويّة المطهّرة ، إلى أن قال : «وقد كان النبيّ (ص) في حال التقية وحال قدرة» (٣).

ثمّ قال : «وروي عن بعض أهل العلم انّه كان يكتب إلى بعض من كان فسقه ظاهراً مع الناس وأحسب انّه كان من أعوان السلطان ، وكان في كتابه : حباك الله وحفظك ...» ثمّ بيّن أنّ هذا القول لا يجوز أن يقال إلا على

__________________

(١) المعتبر / أبو سعيد الإباضي ٢١٦ : ١.

(٢) م. ن ٢١٨ : ١.

(٣) م. ن ٢١٣ : ١ ٢١٤.

٢٢٦

نحو التقية ، ثمّ قال : «إنّه جائز أن يتكلّم الإنسان بكلام على غير ما يكون ، يريد به الإصلاح بين الناس ، وصرف الباطل ، وإدخال الحقّ ... ولا يكون على هذه المعاني كذباً ، لأنّ الكذب إنّما هو عُقِد كذباً ، وهذا إنّما عقد للإحسان ، والإصلاح ، والحقّ ، وصرف الباطل ، فلا يكون كذباً ، وفيه الأجر والثواب» (١).

وقال السمدي الإباضي (ت / ٥٥٧ ه‍) في الفصل الثالث والأربعين في الصدق والكذب ، من كتابه (المصنّف) : «إنّه من كذب كذبة فهو منافق ، إلا أن يتوب ، فان تاب ، وإلا بَرِئ منه. ومن يقول انّه منافق ، يقول : إنّها كبيرة ما كانت إلا في تقيّة أو إصلاح» (٢).

وفي كتاب النيل وشفاء وشفاء العليل للثميني الإباضي (ت / ١٢٢٣ ه‍) ما نصّه : «جاز لمكره اتقاء إن خاف قتلاً ، أو ضرباً عنيفاً ، أو خلوداً في سجن أو مثله ، وقيل : حتّى يشار عليه بسيف أو سوط ، والأوّل أليق» (٣).

وقال محمّد بن يوسف اطفيش الإباضي (ت / ١٣٣٣ ه‍) في شرح هذه العبارة : «(جاز لمكره اتقاء ... أو خلوداً) مكثاً طويلاً (في سجن أو مثله) كقطع أنملة ، أو حلق لحية ، وفقء عين (وقيل حتّى يشار عليه بسيف أو سوط) أو نحوهما (والأوّل أليق) ولعلّه إذا رفع السيف ، أو السوط ، وأشار به لا يردّه حتّى يقضي ما أراد ، فإذا خاف ذلك أعطى الجبار ما أراد من قول لا يجوز ،

__________________

(١) المعتبر / الإباضي ٢١٤ : ١ ٢١٥.

(٢) المصنّف / أبو بكر أحمد بن عبد الله بن موسى الكندي السمدي الإباضي ٢٠٣ : ٢ من المجلّد الأوّل.

(٣) كتاب النيل وشفاء العليل / عبد العزيز الثميني الإباضي ٣٦٠ : ٤.

٢٢٧

ويعقد خلافه في قلبه ، أو من فِعلٍ إن أجاز العلماء التقية به.

وعن بعض : ما من كلمة ترفع ضربة أو ضربتين إلا أقولها ، وأجاز بعضهم التكلّم بترحّم الكافر ، جلباً للنفع ، أو دفعاً لضر ما ، وذلك إذا احتيج إليه ...» (١).

وقد قصر في النيل الإكراه على الشروع بالضرب (٢) ، فردّه الشارح بقوله : «والصحيح ما مرّ إنّه تسعُهُ التقية إذا خاف ولو قبل الشروع. ومن استحلفه السلطان بالطلاق ، أو الإعتاق وخاف إن لم يحلف أن يفعل به ما مرّ ، أو ضربة ، أو ضربتين على قول جاز الحلف بهما ، وكذا إن اكرهه عليهما بلا تحليف جاز له النطق بهما» (٣).

كما ورد في كتاب النيل : انّ السلطان إذا نادى إلى بيعته ، فذهب شخص إليه ، وحلف على البيعة لزمه ما حلف عليه إن حنث (٤).

قال الشارح : «من لم يجئ عاقبته بقتل أو ضرب أو نحو ذلك ، جاز الخروج إليه والتقية ، ولا حنث في ذلك» (٥).

أمّا من يكفر بالله تعالى مكرهاً ، وقلبه مطمئن بالإيمان ، فليس بكافر ، وإن جرى لفظ الكفر على لسانه ، وهذا من التقيّة ، وهو جائز كما صرّح به اطفيش

__________________

(١) شرح كتاب النيل وشفاء العليل / محمّد بن يوسف اطفيش ٣٦٠ : ٤.

(٢) كتاب النيل ٣٦١ : ٤.

(٣) شرح كتاب النيل ٣٦١ : ٤.

(٤) كتاب النيل ٣٦١ : ٤.

(٥) شرح كتاب النيل ٣٦١ : ٤.

٢٢٨

في تفسيره (١) ، مع حرمة التقية عنده على القتل أو الزنا ، وانّه لا يعذر من يقتل أو يزني وإن كان مكرهاً (٢).

__________________

(١) تيسير القرآن / محمّد بن يوسف اطفيش ٩٧ : ٧.

(٢) م. ن ٩٩ : ٧.

٢٢٩

التقيّة عند المعتزلة

مرّ في الفصل الثاني إن واصل بن عطاء رأس الاعتزال (ت / ١٣١ ه‍) قد اتّقى من الخوارج كما نصّ عليه ابن الجوزي الحنبلي (ت / ٥٩٧ ه‍) ، وقد ذكرنا تقيته برقم / ٥٠ في موقف التابعين من التقية.

وذكرنا أيضاً ضمن موقف تابعي التابعين من التقية ، برقم / ٧٨ تقية ابن أبي الحديد المعتزلي (ت / ٦٥٦ ه‍).

امّا الزمخشري المعتزلي (ت / ٥٣٨ ه‍) فقد استثنى المكره من حكم الافتراء كما مرّ في الآية الثانية من الآيات الدالّة على مشروعية التقية ، في الفصل الأوّل.

كما رخّص للمكره التلفّظ بكلمة الكفر تقية ، ولا شيء عليه مع اطمئنان القلب بالإيمان وقد مرّ ذلك أيضاً في الآية الاولى في الفصل الأوّل.

ويمكن أن يقال بأنّ ردّ الجاحظ المعتزلي (ت / ٢٥٥ ه‍) على الحنابلة المتقدّم في تقية أحمد بن حنبل برقم / ٧٠ ، قد تضمن اعتراف الجاحظ بالتقية ، حيث أشار إلى الإكراه المبيح للتقية كما في قوله : «على أنّه أي الإمام أحمد لم يرَ

٢٣٠

سيفاً مشهوراً ، ولا ضرب ضرباً كثيراً».

فهذا الكلام يدلّ على انّ من اكره بالسيف أو ضرب ضرباً شديداً أو خُوّف به فله عند الجاحظ أن يداري من أكرهه بالتقية.

وقد صرّح الهادي المعتزلي يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي من أعلام القرن الثالث الهجري بمشروعية التقية ، قال : «أمّا المداراة للظالمين باللسان ، والهبة ، والعطية ، ورفع المجلس ، والإقبال بالوجه عليهم ، فلا بأس» (١).

وبهذا نكون قد أعطينا صورة واضحة عن التقية في فقه المسلمين بشتّى مذاهبهم وفرقهم المعروفة.

__________________

(١) مسائل الهادي يحيى بن الحسين الرسي : ١٠٧ نقلاً عن : معتزلة اليمن دولة الهادي وفكره / علي محمّد زيد : ١٩٠.

٢٣١
٢٣٢

الخلاصة

لقد تأكّد من خلال هذا البحث أن التقيّة من دين الإسلام الحنيف.

أمّا من حيث ما يدلّ على كونها من الدين.

فالقرآن الكريم.

والسنّة المطهّرة.

وإجماع علماء الإسلام.

وهذا هو ما بيّنه البحث في فصله الأول.

ولقد كانت لنا جولة واسعة مع المفسّرين في هذا الفصل ، استعرضنا فيها أقوال أشهر المفسّرين لدى المذاهب الإسلامية عموماً ، وبما يزيد على قول ثلاثين مفسّراً للكتاب العزيز. ولم نقف على أيّ واحد منهم قد حرّم التقية مطلقاً ، ولم ينقل أحدهم التحريم عن غيره ، ولم يصرّح أي فرد منهم بأنّها من النفاق ولا من الخداع أو الكذب في الدين. بل وجدنا الكثير منهم من صرّح بخلاف ذلك تماماً.

٢٣٣

ولقد كان للصحابة رضي الله عنهم موقف واضح من التقية ، إذ صرّحوا بجوازها ، وعملوا بها زرافات ووحداناً ، وقد عزّزنا عملهم بالتقية بواحد وثلاثين مثالاً ، كانت من بينها أمثلة كثيرة على التقية الجماعية التي اشترك بها ما لا يعلم عدده من الصحابة إلا الله تعالى.

كما كان للتابعين موقف من التقية إذ صرّحوا بجوازها وعملوا بها أيضاً ، وهذا ما أوضحناه بأمثلة كثيرة من تقيتهم ، وذلك في واحدٍ وثلاثين مثالاً ، وقد رأينا في تقية الصحابة والتابعين الكثير منهم ممّن حمله الإكراه على أن يحلف بالله على خلاف الواقع ، أو يفتي بخلاف الحقّ إرضاءً للسلطان واتقاءً من شرّه وظلمه.

وقد تتبّعنا العصرين ما وسعنا المواقف الصريحة إزاء التقية قولاً وفعلاً ابتداءً من السّنة السابعة قبل الهجرة المشرفة وحتّى نهاية سنة / ١٧٩ ه‍ ، وهي من أواخر عمر التابعين. فوجدنا من مواقفهم إزاء التقية ما لا ينسجم بحال من الأحوال مع ادّعاء أنّ التقيّة كذب وخداع وافتراء!!

ثمّ انتقلنا بعد ذلك إلى موقف تابعي التابعين ومن جاء بعدهم وصولاً إلى عصرنا الحاضر ، نقلب صفحات التاريخ ونبحث في طيّات السنين ، ونسترق السمع خلف أبواب السلاطين ، فسمعنا العجب العجاب من كلمات المؤمنين ، ورأينا الأعجب من أفعالهم تقيّة من هؤلاء الظالمين ، وذلك في أربعة وعشرين مثالاً.

ولقد تبيّن من خلال الفصل الثاني الذي استوعب من مواقف المسلمين على امتداد تاريخهم من التقية وذلك في ستّة وثمانين مثالاً انّ الظلم والاضطهاد الذي مرّ به التابعون وتابعوهم ليس له نظير في تاريخ الإسلام إلا

٢٣٤

ما كان في العصر الأوّل منه حيث المعاناة والاضطهاد على أيدي المشركين ، ولقد أدرك الكثير من الصحابة تلك المعاناة ممّن امتدّ بهم العمر بعد افول نجم الخلافة الراشدة ، فكان ذلك من أهمّ أسباب ومسوّغات لجوء هؤلاء الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى العمل بالتقية للنجاة بأنفسهم ، والحفاظ على أعراضهم ، وسلامة أموالهم من معرّة الظالمين.

ومن ثمّ جاء دور الفقه الإسلامي الذي امتاز بمرونته وصلاحيته لكل زمان وجيل ، فهو لم يدع مسألة إلا وفصلها ، ولم يترك ملحظاً كلياً أو جزئياً له صلة بالفرد أو المجتمع إلا وتعرّض لبيان حكمه بدقّة وتفصيل.

ولمّا كنت قد عرفت موقف فقهاء الشيعة الإمامية من التقية ، تساءلت مع نفسي! سؤالاً طالما تردّد قبل الشروع في كتابة الفصل الأخير.

ما هو موقف فقهاء المسلمين من غير الشيعة الإمامية من التقية؟

فكان جوابهم كما بيّنه الفصل الأخير واحداً ، ألا انّ التقية من دين الإسلام وكفى به جواباً والسلام.

اللهمّ أرنا الحق حقّاً حتّى نتبعه ، والباطل باطلاً حتّى نجتنبه واجعل شرائف صلواتك ، ونوامي بركاتك على محمّد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق ، والفاتح لما انغلق وعلى آله الأبرار وصحبه الأخيار.

والحمد لله ربّ العالمين

ثامر العميدي

٢٣ / صفر / ١٤١٥ ه‍

قم المشرّفة

٢٣٥
٢٣٦

الفهارس الفنية

١ ـ فهرس الآيات القرآنية

٢ ـ فهرس الأحاديث

٣ ـ فهرس الأشعار

٤ ـ فهرس الأنبياء والأئمة عليهم السلام

٥ ـ فهرس الأعلام

٦ ـ فهرس الاماكن والبلدان والمعارك والوقائع

٧ ـ فهرس الدول والطوائف والطبقات والقبائل

٨ ـ فهرس الملل والنحل والمذاهب والفرق

٢٣٧
٢٣٨

فهرس الآيات القرآنية

الآية

رقمها

الصفحة

(سورة الفاتحة : ١)

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

١

٧ ـ ١٢٩ ـ ١٣٠

(الحمدُ للهِ ربّ العالَمِين)

٢

١٢٩

(سورة البقرة : ٢)

(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ)

١٥٩

١١٣

(إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

١٧٣

٧٨

(يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)

١٨٥

٣٠ ـ ٨٢

(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)

١٩٥

٥١ ـ ٧٩ ـ ٨٠

(سورة آل عمران : ٣)

(لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا

٢٣٩

مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ)

٢٨

٣ ـ ٢١ ـ ٢٢ ـ ٢٦ ـ ٣٢ ـ ٣٣ ـ ٣٥ ـ ٣٧ ـ ٩٥ ـ ١٢٢ ـ ١٣٥ ـ ١٤٢ ـ ١٧٩ ـ ١٨٤ ـ ٢١٩

(قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)

٢٩

٢٧

(سورة النساء : ٤)

(تِجارَةً عَنْ تَراضٍ)

٢٩

٢٢٠

(سورة المائدة : ٥)

(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ)

٦٧

٤٣ ـ ٤٤ ـ ٤٥

(سورة الأنعام : ٦)

(وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ)

١١٩

٣٠ ـ ٤١ ـ ٧٨ ـ ٢١٧

(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)

١٦٤

١٣٩

(سورة الحجر : ١٥)

(فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)

٥٤

٤٥

٢٤٠