الشيعة في الإسلام

آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي

الشيعة في الإسلام

المؤلف:

آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: بيت الكاتب للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٢٠

ظاهر القرآن وباطنه

اتّضح أن القرآن الكريم بألفاظه وبيانه ، يوضّح الأغراض الدينية ، ويعطي الأحكام اللازمة للناس في الاعتقادات والعمل بها ، ولكن لا تنحصر أغراض القرآن بهذه المرحلة ، فإن في كنه هذه الألفاظ وهذه الأغراض ، تستقرّ مرحلة معنوية ، وأغراض أكثر عمقا ، والذي يدركه الخواص بقلوبهم الطاهرة المنزّهة.

فالنبي الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو المعلّم الإلهي للقرآن يقول : «ظاهره أنيق وباطنه عميق» (١) ويقول أيضا «للقرآن بطن وظهر ولبطنه بطن ، إلى سبعة بطون» (٢) ، وقد ورد الكثير عن باطن القرآن ، في أقوال أهل البيت عليهم‌السلام (٣).

فالأصل في هذه الروايات ، هو التشبيه الذي قد ذكره الله تعالى في سورة الرعد الآية ١٧. والذي يشبّه فيه الإفاضات السماوية بالمطر الذي يهطل من السماء يقول سبحانه وتعالى :

(أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ* كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ* فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ) (٤).

__________________

(١) تفسير الصافي ص ٤.

(٢) سفينة البحار / تفسير الصافي ص ١٥ / الكافي / تفسير العياشي / معاني الأخبار / وروايات أخرى.

(٣) البحار ج ١ : ١١٧.

(٤) سورة الرعد الآية ١٧.

٨١

وتشير هذه الآية إلى أن استيعاب الناس وقدرتهم على اكتساب المعارف السماوية والتي تنير النفوس ، وتمنحها الحياة متفاوتة.

فهناك من لا يعطي الأصالة لهذا العالم ـ الذي سرعان ما يزول ـ إلّا للمادة والحياة الماديّة ، ولا يرجو سوى ما تشتهيه نفسه من الحياة الماديّة ، ولا يخشى إلا الحرمان منها ، وهؤلاء على اختلاف في مراتبهم.

والحد الأدنى الذي يمكن قبوله من المعارف السماوية ، هو الاعتقاد بشكل مجمل وأداء أحكام الإسلام العلمية ظاهرا ، وعبادة الله جلّ شأنه أملا في الثواب وخوفا من العقاب.

وهناك أناس اثر صفاء فطرتهم لا يرون السعادة بالركون إلى لذائذ هذه الحياة بأيامها القليلة الزائلة ، وما الفائدة والضرر ، والبهجة والبؤس في هذه الحياة إلّا ظن مغر ، وما أولئك الذين كانوا بالأمس سعداء ، وأصبحوا اليوم قصصا تروى ، سوى دروس وعبر لهم ، تلقى في أذهانهم باستمرار وعلى الدوام.

وهؤلاء بالطبع يتجهون بقلوبهم المنزهة إلى العالم الأبدي وينظرون إلى هذا العالم بما فيه من مظاهر مختلفة ، بأنها دلالات وإشارات لا غير ، وليست فيها أية أصالة أو استقلال.

وعند ما تفتح لهم أبواب من المعرفة والإدراك المعنوي للآيات والظواهر الأرضية والسماوية ، وتشرق في نفوسهم أنوار غير متناهية من عظمة وجلال الخالق سبحانه ، وتعجب نفوسهم وقلوبهم الطاهرة برموز الخليقة إعجابا ، فتعرج أرواحهم في الفضاء غير المتناهي للعالم الأبدي بدلا من انغماسها في مصالحها المادية الخاصة.

٨٢

وعند ما يستمعون عن طريق الوحي الإلهي ، أن الله تعالى قد نهى عن عبادة الأوثان ، وظاهر الآية مثلا تجنب تقديس الأصنام ، فإنهم يدركون أن العبادة تختص بالله سبحانه ، وليست لأحد سواه ، لأن حقيقة العبادة هي العبودية المطلقة ، وأكثر من هذا فهم يدركون أن الخوف والرجاء لا يكون إلّا من الله ولله وحده ، ويجب ألّا يستسلموا لأهواء النفس ، ولا يجوز التوجه إلّا لله تعالى.

وعند ما يتلى عليهم حكم وجوب الصلاة ، وظاهر الحكم إقامة هذه العبادة الخاصة ، لكن بحسب الباطن يدركون أن هذه الصلاة يجب أن تتحقق بقلوبهم وبكلّ وجودهم ، وأكثر من هذا يجب عليهم أن ينسوا أنفسهم ويتفانوا في عبادة الله وحده ، فهم لا شيء تجاه الخالق.

وكما هو واضح أن المعنى الباطني المستفاد من المثالين السابقين ، لم يكن مدلولا لفظيا للأمر أو النهي بذاته بل ـ للذي جعل مجال فكره متسعا ـ يرجّع النظر إلى العالم والكون على النظر في نفسه ، وما تنطوي عليه من أنانية وحب للذات.

ومع هذا البيان ، يتبين معنى ظاهر القرآن وباطنه ، وكذلك يتضح أن باطن القرآن لا يلغي ولا يبطل ظاهره ، بل إنه بمنزلة الروح التي تمنح الجسم الحياة ، وبما أن الإسلام دين عام ، شامل وأبدي ، فهو يهتم أولا وقبل كل شيء بإصلاح المجتمع البشري ، ولا يتخلّى عن الأحكام الظاهرية والتي مؤدّاها إصلاح المجتمع ، وكذا لا يتخلّى عن الاعتقادات البسيطة والتي تعتبر حارسة للأحكام المشار إليها.

فكيف يمكن لمجتمع أن ينال السعادة بالاقتناع أن الإنسان يكفيه

٨٣

أن يكون منزها ، وليس هناك ثمة اعتبار للعمل ، فيعيش في حياة محاطة بعدم التنظيم والاستقرار؟

وكيف يمكن لفكر سقيم وأقوال سقيمة أن تخلق قلوبا طاهرة زكية ، أو أن يظهر من قلب زكي ، أقوالا سقيمة؟

ويقول تعالى في كتابه العزيز : (الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ) (١).

ويقول أيضا : (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً ...) (٢).

ويستفاد مما ذكرنا أن للقرآن الكريم ظاهرا وباطنا ، وباطنه أيضا ذو مراتب مختلفة ، وأما الحديث فهو المبين لمفاهيم القرآن الكريم.

تأويل القرآن

ومما كان مشهورا عند إخواننا أهل السنة في صدر الإسلام ، إمكان الرجوع عن ظاهر القرآن الكريم ، إذا وجد دليل ، وأن تحمل الآية على خلاف الظاهر ، هذا ما يسمّى ب «التأويل» فكلمة التأويل في القرآن الكريم ، كانت تفسّر بهذا المعنى.

ومما يشاهد في كتب أهل السنة ، أن المناظرات الدينية المختلفة ، كانت تؤيّد بإجماع علماء المذاهب ، أو بدليل آخر ، فإذا ما خالفت ـ أدلتهم ـ ظاهر آية من آيات القرآنية ، كانوا يلجئون إلى

__________________

(١) سورة النور ، ٢٦.

(٢) سورة الأعراف الآية ٥٨.

٨٤

تأويل الآية ، حملا لخلاف ظاهرها ، وأحيانا كان يلجأ كل من الطرفين المتخاصمين ، إلى الآيات القرآنية ، والاحتجاج بها ، وكل منها كان يؤوّل آية الطرف المتخاصم.

وقلما تسرّب هذا النوع من الاحتجاج إلى الشيعة ، وقد ذكر في بعض كتبهم في علم الكلام ... ومما يستفاد من الآيات القرآنية وأحاديث أهل البيت بعد تدبّرها أن القرآن الكريم مع صراحته ووضوح بيانه ، لا يريد أن تكون الآيات مبهمة وتبقى لغزا دون حل ، وكل ما جاء إلى الناس من أحكام ومسائل ، فهي بألفاظ تناسب ذلك الموضوع.

وما يذكره القرآن بكلمة «تأويل» لم يكن مدلولا للفظ بل حقائق وواقعيات أعلى شأنا من فهم عامة الناس ، وهي الأساس للمسائل الاعتقادية والأحكام العلمية للقرآن.

نعم أن لكل آيات القرآن تأويلا ، ولا يدرك تأويله عن طريق التفكّر مباشرة ، ولا يتّضح ذلك من ألفاظه ، وينحصر فهمه وإدراكه بالأنبياء والصالحين من عباد الله ، الذين نزّهوا أنفسهم من كل رجس ، فإنهم يستطيعون إدراكه عن طريق المشاهدة ، نعم إن تأويل القرآن سوف ينكشف يوم تقوم الساعة.

نحن نعلم جيدا أن تلبية حاجات المجتمع المادي ، دفعت الإنسان إلى الكلام ، ووضع الكلمات وكذا كيفية الاستفادة من الألفاظ. فالإنسان مضطر في حياته الاجتماعية لكي يفصح عما في ضميره من مفاهيم إلى أبناء نوعه ، أن يستمدّ العون عن طريق الصوت والأذن ، وقلما استفاد من الإشارة أو حركة العين ، ومن هنا نجد أنّ

٨٥

التفاهم لا يحصل بين أفراد صمّ وعمي ، لأن ما يقوله الأعمى لا يسمعه الأصم ، وما يقوم به الأصمّ من الإشارات لا يراها الأعمى.

فعلى هذا فإن وضع الكلمات ، وتسمية الأشياء ما هو إلّا لرفع الاحتياجات المادية ، وقد اصطنعت الكلمات للأشياء والأوضاع والأحوال المادية التي تقع في متناول الحسّ ، أو على مقربة من المحسوس.

وكما نشاهد ففي بعض الموارد ، التي يكون فيها المخاطب فاقدا لإحدى الحواسّ ، وأردنا التكلّم معه عن طريق ذلك الحسّ المفقود ، نلجأ إلى نوع من التمثيل والتشبيه ، إذا أردنا أن نصف لشخص أعمى منذ الولادة ، النور والضياء ، أو أن نصف لطفل لم يبلغ سن البلوغ ، لذة العمل الجنسي ، فإننا نقوم بنوع من المقارنة والتشبيه المناسب.

وعليه إذا افترضنا أن هناك في الكون واقعيات ليست بمادة (وواقع الأمر هكذا) ، فهناك من البشر ـ لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد ـ في كل عصر ، من لهم القدرة على إدراكها ومشاهدتها ، وهذه الأمور لا يمكن توضيحها للآخرين عن طريق البيان اللفظي والفكر الاعتيادي ، ولا يسعنا الإشارة إليه إلا بالتمثيل والتشبيه.

فالله تعالى يقول في كتابه العزيز (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (١) أي لا يتوصل إليه الفهم الاعتيادي ، ولا يبلغه.

__________________

(١) سورة الزخرف الآية ٣ ـ ٤.

٨٦

ويقول أيضا : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ* لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (١).

ويقول أيضا في شأن النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته عليهم‌السلام : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٢).

وفقا لدلالات هذه الآيات ، فإن القرآن الكريم يصدر من ناحية تعجز أفهام الناس عن الوصول إليها ، والتوغّل فيها ، فلا يدركها إلّا من كان من المخلصين وعباده المقربين ، وأوليائه الصالحين ، وأهل بيت النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خير مصداق لذلك.

ويقول عزّ من قائل : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) (٣). أي ترى الأشياء بالعيان يوم القيامة.

ويقول أيضا في آية أخرى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٤).

تتمة البحث عن الحديث

إن اعتبار أصالة الحديث ، والذي يؤيده القرآن الكريم ، تقرّه

__________________

(١) سورة الواقعة الآية ٧٧ ـ ٧٩.

(٢) سورة الأحزاب الآية ٣٣.

(٣) سورة يونس الآية ٣٩.

(٤) سورة الأعراف الآية ٥٣.

٨٧

الشيعة وسائر المذاهب الإسلامية ، ولكن أثر التفريط في حفظه والذي حصل من قبل الولاة والحكام في صدر الإسلام وأثر الإفراط الذي حدث من الصحابة والتابعين في نشر الأحاديث ، كانت عاقبة الحديث مؤسفة مؤلمة.

فمن جهة منع خلفاء ذلك الزمان من كتابة الحديث وتدوينه ، فكانوا يحرقون الأوراق التي دونت عليها الأحاديث ، ما وسعهم ذلك ، وأحيانا كانوا يمنعون من نقل الأحاديث ، فأدى هذا إلى أن الكثير من الأحاديث أصابها التغيير والتحريف والنسيان ونقلت الأحاديث بمضامينها.

ومن جهة أخرى ، قام صحابة النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين حضروا مجلسه ، واستمعوا إلى حديثه ، وكانوا مورد احترام هؤلاء الخلفاء وعامة المسلمين ، بنشر الأحاديث حتى آل الأمر إلى أن يصبح الحديث ذا أهمية أكثر من القرآن ، وأحيانا كان الحديث ينسخ الآية (١).

وكان يتفق أن نقلة الأحاديث ، كانوا يتحمّلون مصاعب الطريق والسفر لاستماع حديث واحد.

وقد تزيّا البعض من غير المسلمين بزيّ الإسلام ، وتلبّس به ، وبدءوا بوضع الأحاديث وتغييرها ، فأسقطوا الحديث من الاعتبار ، ومن الوثوق به (٢).

__________________

(١) موضوع نسخ القرآن بالحديث أحد مواضيع علم الأصول ، ويؤيده جمع من علماء أهل السنة ، ويتضح من قضية (فدك) أن الخليفة الأول يؤيد ذلك أيضا.

(٢) ما يؤيد هذا القول مصنفات كثيرة وضعها العلماء في الأحاديث الموضوعة ، وكذا في كتب الرجال اشتهر جماعة من الرواة بأنهم كذابون وضاعون.

٨٨

ولهذا السبب فكّر علماء الإسلام ومفكروه بوضع حلّ لهذه المعضلة ، فوضعوا علمين : علم الرجال وعلم الدراية ، ليميّزوا الحديث الصحيح من السقيم.

والشيعة فضلا عن أنهم يسعون لتنقيح سند الحديث ، يرون وجوب مطابقة الحديث للقرآن الكريم في صحة اعتباره.

وقد ورد في أخبار كثيرة (١) وبأسانيد قطعية عن طريق الشيعة عن النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، إن الحديث الذي يخالف القرآن لا اعتبار له ، والحديث المعتبر هو ما وافق القرآن. لذا ، لا يعمل الشيعة بالأحاديث التي تخالف القرآن ، أما الأخبار التي (٢) لا يعلم مدى مخالفتها أو موافقتها ، فإنها توضع جانبا ، دون ردّ أو قبول ، ويعتبر مسكوتا عنه ، ويستدل على هذا الأمر بأحاديث أخرى لأئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، ولا يخفى أن هناك فئة من الشيعة ، مثل ما هو موجود عند أهل السنة ، يعملون بأيّ حديث يقع في متناول أيديهم.

الشيعة والعمل بالحديث

الأحاديث التي سمعت من النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو أئمة أهل البيت عليهم‌السلام دون واسطة ، حكمها حكم القرآن الكريم ، أما الأحاديث التي وصلت إلينا بواسطة ، فإن الشيعة تعمل بها كالآتي :

فيما يتعلق بالمسائل الاعتقادية ، والذي يصرّح به القرآن ،

__________________

(١) البحار ج ١ : ١٣٩.

(٢) البحار ج ١ : ١٧١.

٨٩

يستلزم العلم والقطع بالخبر المتواتر ، أو الخبر الذي تتوفر في صحته الشواهد القطعية ، فإنه يعمل به ، وعدا هذين النوعين والذي يسمى الخبر الواحد ، فلا اعتبار له.

ولكن في استنباط (١) الأحكام الشرعية ، نظرا للأدلة القائمة ، فضلا عن الخبر المتواتر والخبر القطعي ، فإنه يعمل أيضا بالخبر الواحد الذي يكون موثّقا.

إذن فالخبر المتواتر والخبر القطعي مطلقا عند الشيعة ، يكون حجة ولازم الاتّباع ، أما الخبر غير القطعي كالخبر الواحد فإنه حجة بشرط أن يكون موثّقا في نوعه ، وينحصر ذلك في الأحكام الشرعية.

التعلّم والتعليم العام في الإسلام

إن تحصيل العلم من الوظائف الدينية في الإسلام ، وخير دليل على ذلك ، قول النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» ووفقا للأخبار التي تؤيّد بالشواهد القطعية ، يكون المراد من العلم ، هو معرفة أصول الدين الثلاثة : «التوحيد ، النبوّة ـ المعاد» مع ما يلازمها ، من معرفة الأحكام والقوانين الإسلامية بصورة مفصلة ، كل حسب احتياجه.

ومن الواضح أن تحصيل العلم في أصول الدين ، وإن كان مع دليل مجمل ، فهو ميسور للجميع ، ولكن تحصيل العلم مع تفاصيل

__________________

(١) مبحث حجية الخبر الواحد في علم الأصول.

٩٠

الأحكام والقوانين الدينية ، لا يتحقق إلّا بالاستنباط الفقهي من المصادر الأصليّة ، وهي الكتاب والسنة (الفقه الاستدلالي) وهذا ما لا يتيسر للجميع.

والإسلام لا يشرّع حكما فيه حرج ، لذا فإن تحصيل العلم بالأحكام والشرائع الدينية عن طريق الدليل يعتبر واجبا كفائيا ، يختص بالبعض الذي له الكفاءة والقدرة ، أمّا عامة الناس ، فيجب عليهم الرجوع إلى هؤلاء البعض. وفقا للقاعدة العامة ، وهي وجوب رجوع الجاهل إلى العالم ، (قاعدة الرجوع إلى أهل الخبرة) ، وهو مراجعة من يسمّون ب «المجتهدين الفقهاء» ويطلق على هذه المراجعة كلمة (التقليد) ولكن هذا الرجوع والتقليد ليس في أصول الدين (١).

ومما تجدر الإشارة إليه ، أن الشيعة ، لا تجيز التقليد الابتدائي من المجتهد الميّت ، والشخص الذي لا يعلم مسألة ما عن طريق الاجتهاد ، فإنه وفقا لوظيفته الدينية يجب أن يقلّد المجتهد ، ولا يستطيع الرجوع إلى فتوى المجتهد المتوفي ، ما لم يكن قد قلّد في هذه المسألة مجتهدا حيّا ، وبعد وفاة المرجع والمقلّد بقي على تقليده ، وهذه المسألة هي إحدى العوامل المهمة التي تجعل الفقه الإسلامي الشيعي يمتاز بالحيوية ، لهذا السبب يسعى جماعة للحصول على درجة الاجتهاد ، والتحقيق في المسائل الفقهيّة.

ولكن إخواننا أهل السنة إثر الإجماع الذي حصل في القرن

__________________

(١) يراجع في هذا الموضوع مبحث الاجتهاد والتقليد من علم الأصول.

٩١

الخامس الهجري ، الداعي بلزوم اتّباع مذهب من الفقهاء الأربعة وهم : أبو حنيفة والمالكي والشافعي وأحمد بن حنبل ، فهم لا يجيزون الاجتهاد الحرّ ، وكذا التقليد من غير هؤلاء الأربعة ، وفي النتيجة بقي فقههم كما كان عليه قبل حوالي ألف ومائتي سنة ، وأخيرا انعزل جماعة من المنفردين عن الإجماع المذكور ، واتجهوا نحو الاجتهاد الحرّ.

الشيعة والعلوم النقلية

العلوم الإسلامية التي دوّنها علماء الإسلام ، تنقسم إلى قسمين : عقلية ونقلية ، فالعلوم النقلية ، هي التي يعتمد عليها في النقل ، مثل اللغة والحديث والتأريخ وما شابهها ، والعلوم العقلية مثل الفلسفة والرياضيات.

ولا شك أن الدافع الأصلي لظهور العلوم النقلية في الإسلام ، هو القرآن الكريم ، عدا علمي التأريخ والأنساب وعلم العروض. أما سائر العلوم فهي وليدة هذا الكتاب الإلهي.

دوّن المسلمون هذه العلوم بتتبعهم الديني ، وأهم ما فيها هو ، الأدب العربي وعلم النحو والصرف ، وعلم البلاغة ، وعلم اللغة ، وما يتعلق بالظواهر الدينية ، مثل علم فن القراءة والتفسير والحديث والرجال والدراية والأصول والفقه.

والشيعة لهم دورهم ومشاركتهم المهمة في تأسيس وتنقيح هذه العلوم ، ويمكن القول بأن المؤسس والمبتكر لكثير منها ، هم الشيعة. كما نجد ذلك في علم النحو ، فقد صنفه «أبو الأسود

٩٢

الدؤلي» وهو أحد صحابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي عليه‌السلام بعد أن أملاه عليه الإمام علي عليه‌السلام. ويعتبر الصاحب بن عباد الشيعي من كبار مؤسسي (١) علم الفصاحة والبلاغة ، وكان من وزراء آل بويه. وأوّل كتاب صنف في علم اللغة هو «كتاب العين» (٢) ، لمؤلفه العالم المعروف «الخليل بن أحمد البصري الشيعي» ، وهو واضع علم العروض ، وأستاذ «سيبويه النحوي» في علم النحو.

وتنتهي قراءة «عاصم» للقرآن إلى عليّ عليه‌السلام بواسطة ، وأما عبد الله بن عباس والذي يعتبر من أفضل الصحابة في التفسير ، فهو تلميذ الإمام عليّ عليه‌السلام ، ولا ينكر أحد ما بذله أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم من جهد في علم الحديث والفقه ، كما أن اتصال الفقهاء الأربعة وغيرهم بالإمام الخامس والسادس (الباقر والصادق عليهما‌السلام) للشيعة فمعروف ، وما حصل عليه الشيعة من تقدم في أصول الفقه في زمن «الوحيد البهبهاني» (المتوفي سنة ١٢٠٥ ه‍ ـ ق) وبالأخص على يد «الشيخ مرتضى الأنصاري» ، (المتوفي سنة ١٢٨١ ه‍ ـ ق.) يثير الإعجاب. ولا يقارن بأصول الفقه لدى إخواننا أهل السنة.

__________________

(١) الوفيات لابن خلكان ص ٧٨ ـ أعيان الشيعة ج ١١ : ٢٣١.

(٢) الوفيات ص ١٩٠ ـ وأعيان الشيعة وسائر الكتب والتراجم.

٩٣

الطريق الثاني :

المباحث العقلية

التفكر العقلي والفلسفي والكلامي

قد أشرنا سابقا (١) ، أن القرآن الكريم يؤيد التفكر العقلي ، ويعتبره جزء من التفكّر الديني. والتفكّر العقلي بعد أن يصادق على صدق نبوّة النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يجعل الظواهر القرآنية بما فيها الوحي السماوي ، وأقوال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل البيت عليهم‌السلام من موارد الحجج العقلية. والحجج العقلية التي يثبت بها الإنسان نظرياته ، مع ما لديه من فطرة إلهيّة تنقسم إلى قسمين : البرهان والجدل.

والبرهان : حجة ، ومقدماته واقعية ، وإن لم تكن مشهودة أو مسلّمة ، وبعبارة أخرى ، هي أمور يدركها الإنسان بداهة مع ما عنده من فطرة إلهية ، ويصادق عليها ، كما نعلم أن عدد الثلاثة أصغر من عدد الأربعة ، فهذا النوع من التفكّر ، يدعى التفكّر العقلي ، وإذا تحقق هذا التفكر وحصل في كليات العالم والكون ، كالتفكر في بدء الخلقة ، وعاقبة العالم ، فهو ما يسمى بالتفكر الفلسفي.

والجدل : حجة ، إذا حصلت مقدماته من المشهودات والمسلّمات ،

__________________

(١) الفصل الأول من الكتاب.

٩٤

كما هو متعارف بين معتنقي الأديان والمذاهب ، فهم يثبتون آراء ونظريات مذهب ما مع الأصول المسلّمة لذلك المذهب.

والقرآن الكريم يستفيد من الطريقتين ، وهناك آيات كثيرة في هذا الكتاب السماوي لكل من هاتين الطريقتين.

فهو أولا : يأمر بالتدبّر والتفكّر المطلق في كليات عالم الطبيعة وفي النظام العام للعالم ، وكذا في النظام الخاص مثل ، نظام السماء والنجوم والليل والنهار والأرض والنبات والحيوان والإنسان وغيرها ، ويثني على التتبعات العقلية الحرّة ثناء كثيرا.

وثانيا : يأمر بالتفكر العقلي الجدلي ، ويسمّى عادة بالمباحث الكلامية ، بشرط أن يتم ذلك بأحسن وجه ممكن «وذلك لإظهار الحق بدون لجاجة وأن يكون مقرونا بالأخلاق الحسنة». كما في قوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (١).

مدى تقدم الشيعة في التفكر الفلسفي والكلامي في الإسلام

منذ اليوم الذي انفصلت فيه الأقلية الشيعية عن الأكثرية السنية ، كانت الشيعة تقيم الاحتجاجات مع مخالفيها ، في النظريات والخاصة بها التي كانت تتبناها.

صحيح أن الاحتجاج ذو طرفين ، وأن المتخاصمين شريكان في دعواهم ، ولكن الشيعة كانت تقف موقف الهجوم ، والآخرون كانوا

__________________

(١) سورة النحل الآية ١٢٥.

٩٥

في موقف الدفاع ، فالذي يقف موقف الهجوم يجب أن يكون قد هيّأ الوسائل الكافية للمخاصمة ، ومن ثم الحملة والهجوم.

وكذا في التقدم الذي حظيت به المباحث الكلامية بصورة تدريجية ، في القرن الثاني وأوائل القرن الثالث ، فقد وصل في رقّية إلى القمة مع انتشار مذهب الاعتزال ، فعلماء الشيعة ومحققوهم ، والذين هم تلاميذ مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام ، كانوا في مقدمة المتكلمين.

فضلا عن أن متكلمي أهل السنة (١) ، من الأشاعرة والمعتزلة وغيرهم ، يصلون في تدرجهم هذا إلى الإمام الأول للشيعة ، وهو الإمام علي عليه‌السلام ، وأما أولئك الذين عرفوا آثار الصحابة ، واطّلعوا عليها ، يعلمون جيدا أن من بين جميع هذه الآثار التي تنسب إلى الصحابة (وقد دوّنت أسماء اثني عشر ألفا) لم نجد أثرا واحدا يشتمل على التفكر الفلسفي. بل ينفرد الإمام علي عليه‌السلام بخطابه وبيانه المبهر في معرفة الله تعالى ، بأنه يتّصف بالتفكيرات الفلسفية الشديدة العمق.

لم تكن للصحابة ولا التابعين الذين جاءوا بعدهم ، أو العرب بصورة عامة في تلك الأيام أيّة معرفة بالتفكر الفلسفي الحرّ ، ولم نجد في أقوال العلماء في القرنين الأولين للهجرة ، نماذج من التدقيق والتتبع ، بينما نجد الأقوال الرصينة لأئمة الشيعة عليهم‌السلام ، وخاصة الإمام الأول (الإمام علي عليه‌السلام) والثامن

__________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ، أوائل المجلد الأول.

٩٦

(الإمام علي الرضا عليه‌السلام) ، تحتوي على كنوز من الأفكار الفلسفية ، وهم بدورهم ربوا تلاميذهم على هذا اللون من التفكير.

نعم كان العرب بعيدين عن التفكّر الفلسفي ، حتى ظهرت نماذج من هذا التفكير عبر ترجمة بعض الكتب الفلسفية اليونانية ، إلى اللغة العربية في أوائل القرن الثاني للهجرة ، وبعدها ترجمت كتب متعددة من اليونانية والسريانية وغيرها إلى اللغة العربية ، وحينها أصبحت طريقة التفكر الفلسفي في متناول أيدي العموم ، ومع هذا ، فإن الكثير من الفقهاء والمتكلمين ، لم يبدوا اهتماما بالفلسفة وسائر العلوم العقلية ، التي وردت إليهم حديثا ، رغم الاهتمام الخاص الذي كانت تبديه السلطة الحاكمة آنذاك لمثل هذه العلوم.

ولكن بعد فترة من الزمن تغيّرت الأوضاع والأحوال ، فمنعت دراسة هذه العلوم ، وألقيت بعض الكتب الفلسفية في البحر ، وما كتاب رسائل «إخوان الصفا» وهو نتاج فكري لعدد من المؤلفين ، إلّا مذكّر بتلك الفترة ، فهو خير دليل على الأوضاع المضطربة في ذلك الزمن. وبعد هذه الفترة ، أي في أوائل القرن الرابع الهجري ، ظهرت الفلسفة ونمت ، على يد «أبي نصر الفارابي». وفي أوائل القرن الخامس للهجرة ، وأثر مساعي الفيلسوف المشهور «أبي علي سينا» اتّسعت الفلسفة اتساعا بالغا ، وفي القرن السادس أيضا ، نقّح الشيخ «السهروردي» فلسفة الإشراق ، وقد قتل بهذه التهمة ، وبأمر من الحاكم «صلاح الدين الأيوبي» ، وبعدها ضعفت الفلسفة عند الكثيرين ، ولم ينبغ فيلسوف شهير ، حتى جاء القرن

٩٧

السابع الهجري ، فظهر في «الأندلس» «ابن رشد الأندلسي» وسعى في تنقيح الفلسفة.

الشيعة يسعون دائما بحقل الفلسفة وسائر العلوم العقلية

الشيعة ـ كما أشرنا ـ كانوا عاملا مؤثرا في إيجاد الفكر الفلسفي ، وهم يعتبرون عاملا مهما في تقديم هذا الفكر ، وكانوا يسعون دوما في نشر العلوم العقلية ، ومع وفاة «ابن رشد» ذهبت الفلسفة من بين الأكثرية من أهل السنة ، ولكنها لم تذهب من بين الشيعة ، فبعدها اشتهر فلاسفة كبار مثل «خواجه نصير الدين الطوسي» و «ميرداماد» و «صدر المتألهين» وسعى كل من هؤلاء ، الواحد بعد الآخر في تحصيل العلوم الفلسفية وتدوينها.

وكذلك في سائر العلوم العقلية ظهر كل من «الخواجه الطوسي» و «البيرجندي» وغيرهم. كل هذه العلوم وخاصة الفلسفة الإلهية ، تقدمت تقدما باهرا اثر المساعي الدءوبة لعلماء الشيعة ومفكريهم ، ويتّضح ذلك ، بمقارنة آثار كل من «الخواجه الطوسي» و «شمس الدين تركه» و «الميرداماد» و «صدر المتألهين» مع مؤلفات القدماء.

لما ذا استقرت الفلسفة عند الشيعة؟

فكما أن العامل المؤثر في وجود ونشأة الفكر الفلسفي والعقلي بين الشيعة هو آثار أئمة الشيعة وعلمائهم ، فإن بقاء واستقرار هذا اللون من الفكر ، يرجع إلى وجود تلك الذخائر العلمية ، التي

٩٨

يهتم بها الشيعة ويبدون لها احتراما وتقديسا ، ولكي يتضح الأمر ، يكفينا مقارنة الذخائر العلمية لأهل البيت عليهم‌السلام مع الكتب الفلسفية التي صنّفت مع مرور الزمن ، فإننا سنرى بوضوح ، أن الفلسفة كانت تقترب من هذه الكنوز العلمية في أكثر الموارد ، وحتى بداية القرن الحادي عشر ، فإنها كانت متقاربة جدا ، بل منطبقة ، ولم يكن هناك من فارق سوى الاختلاف في المصطلحات.

خمسة من نوابغ علماء الشيعة

١ ـ ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني ، المتوفي سنة ٣٢٩ للهجرة.

هو أول عالم شيعي ، استخرج ورتّب الموضوعات الفقهية والاعتقادية من الروايات الشيعية التي كانت مدونة في الأصول ، (الأصل هو ما جمعه المحدّث من روايات أهل البيت عليهم‌السلام في مصنّف خاص) فسمى كتابه ب «الكافي» وينقسم إلى أقسام ثلاثة :

الأصول والفروع والروضة (المتفرقات) ، ويشتمل على ١٦١٩٩ حديثا ، ويعتبر هذا الكتاب من أشهر كتب الحديث التي عرفت في عالم التشيّع ، وهناك ثلاثة كتب ، تأتي بعد «الكافي» من حيث الأهمية وهي :

كتاب «من لا يحضره الفقيه» للشيخ «الصدوق محمد بن بابويه القمي» المتوفي سنة ٣٨١ للهجرة. وكتاب «التهذيب» وكتاب «الاستبصار» لمؤلفهما «الشيخ الطوسي» المتوفي سنة ٤٦٠ للهجرة.

٩٩

٢ ـ أبو القاسم جعفر بن حسن بن يحيى الحلّي المعروف بالمحقق المتوفي سنة ٦٧٦ للهجرة.

يعتبر من نوابغ علم الفقه ، ومن أشهر مشاهير فقهاء الشيعة ، ويعتبر كتاب «المختصر النافع» وكتاب «الشرائع» من أروع ما حرّره في الفقه ، ومنذ ٧٠٠ سنة وحتى الآن لا يزال مورد إعجاب وتقدير الفقهاء.

ومن الكتب التي تأتي بعد الكافي هو كتاب «اللمعة الدمشقية» لمؤلفه المحقق الشهيد الأول «شمس الدين محمد بن مكي» استشهد في دمشق سنة ٧٨٦ للهجرة ، بتهمة التشيع ، وقد دوّن كتابه هذا بمستوى رفيع ، في السجن ، خلال سبعة أيام.

ويعتبر كتاب «كشف الغطاء» للشيخ «جعفر كاشف الغطاء النجفي» من أجود مؤلفات هذا العالم.

٣ ـ الشيخ مرتضى الأنصاري التستري المتوفي سنة ١٢٨١ للهجرة.

نقّح علم أصول الفقه ، وحرّر طرق الأصول العلميّة ، والتي تعتبر من أهم أقسام هذا الفن ، ولا تزال مدرسته قائمة ، وموضع تقدير العلماء منذ ١٠٠ عام.

٤ ـ الخواجه نصير الدين الطوسي ، المتوفى سنة ٦٧٦ للهجرة.

وهو أول من أظهر علم الكلام ، بصيغته الفنية الكاملة ، ومن أشهر مؤلفاته وأجودها كتاب «تجريد الاعتقاد» ولا يزال ومنذ أكثر من ٧٠٠ سنة ، معتبرا وذا قيمة بين روّاد هذا الفن ، وقد طبع الكتاب مع شروح وحواش عديدة من قبل العامة والخاصة.

١٠٠