شرح المقاصد - ج ٤

مسعود بن عمر بن عبدالله [ سعد الدين التفتازاني ]

شرح المقاصد - ج ٤

المؤلف:

مسعود بن عمر بن عبدالله [ سعد الدين التفتازاني ]


المحقق: الدكتور عبدالرحمن عميرة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٥

المبحث الثاني

الاستدلال بعالم الأجسام على وجود الصانع

(قال : المبحث الثاني ، الظاهر في نظر الكل هو عالم الأجسام من الفلكيات ، والعنصريات مفرداتها ومركباتها. شاع فيما بينها الاستدلال بذواتها وصفاتها لإمكانها أو حد وقتها على وجود صانع (١) قديم قادر عليم وكثر في كلام الله تعالى الإرشاد إلى ذلك لأنه أنفع للجمهور وأوقع في النفوس لما في دقة الأدلة الحكمية من فتح باب الشبهات ولم يعبأ باحتمال أن يكون ذلك الصانع غير الواجب تعالى. أما شهادة الحدث بأنه لا يكون إلا غنيا مطلقا ، وهو المعنى بالواجب فيكون من الإقناعيات التي قلما يخلو استكثارها عن التأدي إلى اليقين. وإما لانسياق الذهن إلى أنه لو كان مخلوقا فخلقه أولى بهذه الصفات ، فلا يذهب ذلك إلى غير النهاية ، وإما لأن المقصود الرد على من لا يقر بهذا العالم بموجود له الخلق والأمر ، ومنه المبدأ وإليه المنتهى. وقد أشير إلى اعتراف الكل به عند الاضطرار تنبيها على أنه مع ثبوته بالبرهان والإقناع من المشهورات جريا على ما هو اللائق بالمطالب العالية).

المبحث الثاني : قد سبقت الدلالة (٢) على وجود الصانع بالبراهين ، وهاهنا يشير إلى وجوه (٣) إقناعية ، وإلى كونه من المشهورات التي لم يخالف فيها أحد ممن يعتد به بذلا (٤) للمجهود في إثبات ما هو أعظم المطالب العالية (٥). بيان ذلك أنه لا يشك أحد في وجود عالم الأجسام من الأفلاك والكواكب ، والعناصر والمركبات

__________________

(١) قال تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) سورة الملك آية رقم ٢ ـ ٣.

(٢) في (ب) الأدلة.

(٣) في (أ) وجود وهو تحريف.

(٤) في (ب) بذلك.

(٥) في (ج) الغالية.

٢١

المعدنية والنباتية والحيوانية وفي اختلاف صفات لها وأحوال (١) ، وقد صح الاستدلال بذواتها وصفاتها لإمكانها وحدوثها على وجود صانع قديم قادر حكيم فتأتي في أربعة طرق هي الشائعة فيما بين الجمهور وأشير إليها في أكثر من ثمانين موضعا من كتاب الله تعالى. كقوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ ، وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ ، وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٢).

وكقوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ)(٣).

وكقوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ) (٤).

وكقوله تعالى : (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) (٥).

وكقوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ)(٦).

إلى غير ذلك من مواضع الإرشاد إلى الاستدلال بالعالم الأعلى من الأفلاك (٧) والكواكب وحركاتها وأوضاعها ، والأحوال المتعلقة بها ، وبالعالم الأسفل من طبقات العناصر ، ومراتب امتزاجاتها ، والآثار العلوية والسفلية ، وأحوال المعادن والنبات والحيوانات ، سيما الإنسان ، وما أودع بدنه مما يشهد به علم التشريح (٨) وروحه بما

__________________

(١) في (ب) وأحواله.

(٢) سورة البقرة آية رقم ١٦٤.

(٣) سورة الأعراف آية رقم ٥٤.

(٤) سورة فصلت آية رقم ٥٣.

(٥) سورة المرسلات آية رقم ٢٠.

(٦) سورة الروم آية رقم ٢٢.

(٧) سقط من (ب) حرف الجر (من).

(٨) علم دراسة بناء الجسم ، ومواقع أعضائه بعضها من بعض ، وذلك عن طريق تقطيعه إلى أجزاء فإذا امتدت الدراسة إلى أنسجة الجسم ، وجرى فحصها تحت «الميكروسكوب» سميت حينئذ التشريح ـ

٢٢

ذكر في علم النفس ومبنى الكل على أن افتقار الممكن إلى الموجد ، والحادث إلى المحدث ضروري ، تشهد به الفطرة ، وأن فاعل العجائب والغرائب على الوجه الأوفق الأصلح لا يكون إلا قادرا حكيما. فإن قيل : سلمنا ذلك لكن لم لا يجوز أن يكون ذلك الصانع جوهرا روحانيا من جملة الممكنات دون الواجب تعالى وتقدس.

فالجواب : من وجوه :

الأول : أنه يعلم بالحدس والتخمين أن الصانع لمثل هذا لا يكون إلا غنيا مطلقا يفتقر إليه في كل شيء ، ولا يفتقر هو إلى شيء بل يكون (١) وجوده لذاته ، فيكون الدليل من الإقناعيات ، والاستكثار منها كثيرا مما يقوي الظن بحيث يفضي إلى اليقين.

الثاني : أن ذهن العاقل ينساق إلى أن هذا الصانع إن كان هو الواجب الخالق فذاك ، وإن كان هو مخلوقا (٢) ، فخالقه أولى بأن يكون قادرا حكيما ، ولا يذهب ذلك إلى غير النهاية لظهور بعض أدلة بطلان التسلسل ، فيكون المنتهى إلى الواجب تعالى وتقدس ولهذا صرح (٣) في كثير من المواضع بأن تلك الآيات إنما هي لقوم يعقلون (٤).

الثالث : أن المقصود بالإرشاد إلى هذه الاستدلالات تنبيه من لم يعترف بوجود صانع يكون منه المبدأ وإليه المنتهى وله الأمر والنهي (٥) وكونه ملجأ الكل عند انقطاع

__________________

ـ الميكروسكوبي ، او علم الأنسجة ، ومن العلماء في تاريخ هذا العلم «هيروفليس» من علماء جامعة الإسكندرية على عهد البطالمة في أواخر القرن ٤ ق. م. ثم جالينوس الذي عاش في القرن الأول للميلاد وقد تعلم في الإسكندرية ومن المحدثين (فيزاليوس) الذي وضع التشريح في صورته الحديثة. راجع الموسوعة العربية الميسرة ص ٥٢٠.

(١) في (أ) ما بدلا من (مما).

(٢) في (ب) بزيادة (هو).

(٣) في (أ) بزيادة لفظ (تقدس).

(٤) قال تعالى : (وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) : البقرة ١٦٤.

وقال تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) : الرعد آية ٤.

وقال تعالى : (وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) : العنكبوت آية ٣٥.

(٥) سقط من (ب) وله الأمر والنهي.

٢٣

الرجاء من المخلوقات مذكور في بعض المواضع من التنزيل كقوله تعالى :

(فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ) (١).

وكقوله تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) (٢).

وكقوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) (٣) إلى غير ذلك تنبيها على أنه مع ثبوته بالأدلة القطعية والوجوه الإقناعية مشهور يعترف به الجمهور ، ومن المعترفين (٤) بالنبوة وغيرهم ، إما بحسب الفطرة ، أو بحسب التهدي إليه (٥) ، واجب بالاستدلالات الخفية على ما نقل عن الأعرابي أنه قال : «البعرة تدل على البعير ، وآثار الأقدام على المسير ، فسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، ألا تدل على اللطيف الخبير»؟

وخالفت الملاحدة في وجود الصانع لا بمعنى أنه لا صانع للعالم ؛ ولا بمعنى أنه ليس بموجود ولا معدوم ، بلا واسطة ، بل بمعنى أنه مبدع لجميع المتقابلات من الوجود والعدم ، والوحدة والكثرة والوجوب والإمكان فهو متعلل عن أن يتصف بشيء منها ، فلا يقال له موجود ولا واجد ، ولا واجب مبالغة في التنزيه ، ولا خفاء في أنه هذيان بيّن البطلان.

__________________

(١) سورة العنكبوت آية رقم ٦٥.

(٢) سورة النمل آية رقم ٦٢.

(٣) سورة لقمان آية رقم ٢٥.

(٤) في (ب) المعترضين بدلا من (المعترفين).

(٥) في (ب) النهدي الله وهو تحريف.

٢٤

المبحث الثالث

ذات الواجب تخالف الممكنات

(قال : ذات الواجب تخالف ذوات الممكنات ، وإلا لكانت امتيازه بخصوصيته ، وحينئذ فالوجوب إما للذات فيلزم وجوب الممكنات أو مع الخصوصية فيلزم إمكان الواجب لتركبه وقيل : بل تماثلها وتمتاز بالوجوب والحياة وكمال العلم والقدرة أو بالألوهية الموجبة للأربعة بمثل ما مرت من أدلة اشتراك الوجود ورد بأنها إنما تفيد اتحاد مفهوم الذات الصادق على الذوات. لا تماثل الذوات لأن وقوعه عليها وقوع اللازم لا لذاتي كما مر في الوجود).

المبحث الثالث : الحق أن الواجب تعالى يخالف الممكنات في الذات والحقيقة ، إذ لو تماثلا ، وامتاز كل عن الآخر بخصوصه ، فمثل الوجوب والإمكان إما أن يكون من لوازم الذات ، فيلزم اشتراك الكل فيه ، أو الذات مع الخصوصية ، فيلزم التركيب المنافي للوجوب الذاتي ، نعم تشارك ذاته ذات الممكنات ، بمعنى أن مفهوم الذات أعني ما يقوم بنفسه ، ويقوم به غيره صادق على الكل ، صدق العارض على المعروض ، كما أن وجود الواجب ، ووجود الممكن مع اختلافهما بالحقيقة يشتركان في مطلق الوجود الواقع عليهما ، وقوع لازم خارجي غير مقوم بالأدلة المذكورة في اشتراك الوجود من صحة القسمة إلى الواجب والممكن ، ومن الجزم بالمطلق مع التردد في الخصوصية ، ومن اتحاد (١) المقابل ، بل (٢) لا يتغير إلا (٣) الاشتراك في مفهوم (٤) الذات ، وصدقه على جميع الذوات من غير دلالة على تماثل الذوات وتشاركها في الحقيقة.

فما ذهب إليه بعض المتكلمين أن ذات الواجب تماثل سائر الذوات وإنما تمتاز

__________________

(١) في (ب) اتخاذ بدلا من (اتحاد).

(٢) في (ب) بزيادة لفظ (بل).

(٣) في (أ) بزيادة (الا).

(٤) في (أ) بزيادة حرف الجر (في).

٢٥

بأحوال أربعة هي الوجود الواجبي الذي (١) قد يعبر عنه بالوجوب ، والحياة والعلم التام ، والقدرة الكاملة ، أو بحالة خامسة تسمى بالإلهية هي الموجبة لهذه الأربع تمسكا بالوجوه المذكورة. غلط من باب اشتباه العارض بالمعروض.

فإن قيل : فكيف لم يلزم المتكلمين القائلين بتمام وجود الواجب والممكن تركب الواجب ..؟

قلنا : لأن المتصف بالوجوب ، والمقتضي للوجوب هو المخالفة الماهية لسائر الماهيات، والوجود زائد عليها.

__________________

(١) في (ب) الوحي وهو تحريف.

٢٦

المبحث الرابع

في أن الصانع أزلي أبدي

(لما كان الواجب ما يمتنع عدمه لم يحتج بعد إثباته كونه أزليا أبديا. والمتكلمون لما اقتصروا على إثبات صانع للعالم افتقروا ببيانهم إلى إثبات ذلك فالأزلية لإبطال التسلسل ومما سيجيء من أن الكل بقدرة القديم والأبدية لما مر من استلزام القديم امتناع العدم.

قال : المبحث الرابع : قد يجعل من مطالب هذا الباب أن الصانع أزلي أبدي ، ولا حاجة إليه ، بعد إثبات واجب الوجود لذاته لأن من ضرورة وجوب الوجود امتناع العدم أزلا وأبدا.

وبعض المتكلمين لما افتقروا في البيان على أن لهذا العالم صانعا من غير (١) بيان كونه واجبا أو ممكنا (٢) ، افتقروا إلى إثبات كونه أزليا أبديا فبينوا :

الأول : بأنه لو كان حادثا لكان له محدث ويتسلسل ، وبأنا سنقيم (٣) الدلالة على أن المؤثر في وجود هذا (٤) العالم هو الله تعالى ، من غير واسطة.

الثاني : بأن القديم يمتنع عليه العدم لكونه واجبا أو منتهيا إليه بطريق الإيجاب. لأن الصادر بطريق الاختيار يكون مسبوقا بالعدم. وقد سبق بيان ذلك.

__________________

(١) سقط من (ب) لفظ (غير).

(٢) في (ب) ممكنا واجبا.

(٣) في (ب) مستقيم بدلا من (سنقيم).

(٤) في (أ) بزيادة لفظ (هذا).

٢٧
٢٨

الفصل الثاني

في التنزيهات

وفيه مباحث :

الأول : في التوحيد

الثاني : الله تعالى ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض

الثالث : الله تعالى لا يتحد بغيره

الرابع : امتناع اتصاف الله تعالى بالحوادث

٢٩
٣٠

الفصل الثاني

فى التنزيهات لله تعالى

وفيه مباحث :

(الأول : في التوحيد الواجب لا كثرة فيه أجزاء ، لأن المركب ممكن ، ولا أفراد ، لوجوه :

الأول : لو وجد واجبان لزم نقل الماهية وإلا لكان ممكنا ، يعلل إما بها فيتقدم على نفسه ، ضرورة تقدم العلة بالوجوب ، وإما بغيرها فلا يكون ذاتيا ، فكان تمايزها يتعين ، وهو ثبوتي فيه تركب الواجب.

الثاني : لو تعدد الواجب فالتعين الذي به الامتياز إما نفس الماهية الواجبة أو بها ، ويلازمها ، فلا تعدد وينفصل فلا وجوب.

الثالث : لو تعدد فالوجوب والتعين إن جاز إهلاكهما (١) لزم الوجوب بلا تعين ، وهو محال ، والتعين بلا وجوب وهو إمكان ، وإن لم يجز كان الوجوب بالتعين فيدور ، أو بالعكس أو كلاهما بالذات ، فلا تعدد ، أو ينفصل فلا وجوب).

قال : الفصل الثاني : في التنزيهات : أي سلب ما لا يليق بالواجب عنه وفيه مباحث :

الأول : في نفي الكثرة عنه بحسب الأجزاء ، بأن يتركب من جزءين فأكثر وبحسب الجزئيات بأن يكون الموجود واجبين أو أكثر ، واستدل على نفي التركيب ، بأن كل مركب محتاج إلى الجزء الذي هو غيره ، وكل محتاج إلى الغير ممكن ، لأن ذاته من (٢) دون ملاحظة الغير لا يكون كافيا في وجوده. وإن لم يكن ذلك الغير فاعلا له خارجا

__________________

(١) في (ج) انفكاكهما.

(٢) في (ب) بزيادة حرف الجر (من).

٣١

عنه ، وبأن كل جزء منه. فإما أن يكون واجبا فيتعدد الواجب وسنبطله! أو لا فيحتاج الواجب إلى الممكن فيكون أولى بالإمكان. وبأنه إما أن يحتاج أحد الجزءين إلى الآخر فيكون ممكنا ، ويلزم إمكان الواجب ، أو لا فلا يلتئم منهما حقيقة واحدة ، كالحجر الموضوع بجنب الإنسان ، واستدل على امتناع تعدد الواجب بوجوه :

الأول : لو كان الواجب (١) مشتركا بين اثنين لكان بينهما تمايز لامتناع الاثنينية (٢) بدون التمايز ، وما به التمايز. غير ما به الاشتراك ضرورة. فيلزم تركب كل من الواجبين مما به الاشتراك ، وما به الامتياز وهو محال.

لا يقال هذا ، إنما يلزم لو كان الوجوب المشترك مقوما ، وهو ممنوع لجواز أن يكون عارضا ، والاشتراك في العارض مع الامتياز بخصوصه لا يوجب التركب. لأنا نقول وجوب الواجب نفس ماهيته. إذ لو كان عارضا لها كان ممكنا معللا بها ، إذ لو علل بغيرها لم يكن ذاتيا ، وإذا علل بها يلزم تقدمها على نفسه. لأن العلة متقدمة على المعلول بالوجود ، والوجوب. وإذا كان الوجوب نفس الماهية ، كان الاشتراك فيها اشتراكا في الماهية. والماهية مع الخصوصية مركبة قطعا.

فإن قيل : لم لا يجوز أن تكون الخصوصية من العوارض.

قلنا : لأنها تكون معللة (٣) بالماهية ، أو بما تقوم بها من الصفات وهو ينافي التعدد المفروض ، إذ الواجب لا يكون بدون تلك الخصوصية أو بأمر منفصل ؛ فيلزم الاحتياج المنافي للوجوب الوجود. وهذا يصلح أن يجعل دليلا مستقلا.

بأن يقال : لو تعدد الواجب. فالتعين الذي به الامتياز إن كان نفس الماهية الواجبة أو معللا بها أو بلازمها فلا تعدد ، وإن كان معللا بأمر منفصل فلا

__________________

(١) في (أ) الوجوب بدلا من (الواجب).

(٢) الاثنينية : هي كون الطبيعة ذات وحدتين ويقابلها كون الطبيعة ذات وحدة أو وحدات والاثنان هما الغيران. وقال بعض المتكلمين ليس كل اثنين بغيرين.

راجع كشاف اصطلاحات الفنون ج ١ ص ٢٥٧.

(٣) في (أ) بزيادة (تكون).

٣٢

وجوب بالذات لامتناع احتياج الواجب في تعينه إلى أمر منفصل فلهذا جعل (١) في المتن دليلا ثانيا.

الثالث : لو كان الواجب أكثر من واحد لكان لكل منهما تعين وهوية ضرورة وحينئذ إما (٢) أن يكون بين الوجوب والإمكان (٣) والتعين لزوم أولا ، فإن لم يكن جاز انفكاكهما لزم جواز الوجوب بدون التعين وهو محال لأن كل موجود متعين ، وجواز التعين بدون الوجوب وهو ينافي كون الوجوب ذاتيا ، بل يستلزم كون الواجب ممكنا ، حيث تعين بلا وجوب ، وإن كان بين الوجوب والتعين لزوم ، فإن كان الوجوب بالتعين لزم تقدم الوجوب على نفسه ضرورة تقدم العلة على المعلول بالوجود والوجوب مع محال آخر ، وهو كون الوجوب الذاتي بالغير ، إن جعل التعين زائدا ، وإن كان التعين بالوجوب أو كلاهما بالذات لزم خلاف المفروض ، وهو تعدد الواجب ، لأن تعين المعلول لازم غير متخلف ، فلا يوجد الواجب بدونه ، وإن كان التعين والوجود بأمر منفصل ، لم يكن الواجب واجبا بالذات لاستحالة احتياجه في الوجوب والتعين! بل في أحدهما إلى أمر منفصل وهو ظاهر.

__________________

(١) في (ب) فلذا بدلا من (فلهذا).

(٢) في (ب) وهي بدلا من (حينئذ).

(٣) في (ب) بزيادة لفظ (الإمكان).

٣٣

طرق المتكلمين في نفي التعدد والكثرة

(الرابع : لو وجد إلهان فوقع المقدور الذي قصداه. إما أن يكون بما ينبغي أن يكون للاستدلال أو بكل منهما فيلزم مقدورين قادرين. أو بأحدهما فيلزم الترجيح بلا مرجح. لأن نسبة المقدورات إليهما على السواء. لأن القادرية بالذات والمقدورية بالإمكان.

الخامس : إذا أراد أحدهما أمرا فإن لم يتمكن الآخر من إرادة ضده فعاجز. إذ لا مانع سوى تعلق قدرة الأول. وإن تمكن لزم من فرض وقوعهما إما وقوع الضدين وهو محال. أو لا وقوعهما. وهو عجز لهما مع الاستحالة في مثل حركة جسم وسكونه أو وقوع أحدهما فقط وهو ترجيح بلا مرجح مع عجز من لم يقع مراده.

السادس : إن اتفقا على مقدور لزم التوارد وإلا فالتمانع.

السابع : ما به التمايز إن كان من لوازم الألوهية فباطل وإلا فيمكن ارتفاعه فترتفع الاثنينية.

الثامن : لا دليل على الثاني فيجب نفيه وإلا لزم محالات (١).

التاسع : لو تعدد لم يتناه إذ لا أولوية.

العاشر : الأدلة السمعية من الإجماع والنصوص القطعية وفي بعض ما سبق ضعف لا يخفى).

الرابع : شروع في طرق المتكلمين فمنها أنه لو وجد إلهان ، ويتصفان لا محالة بصفات الألوهية من العلم والقدرة والإرادة وغير ذلك. فإذا قصد إلى إيجاد مقدور

__________________

(١) في (أ) و (ب) محال بدلا من (محالات).

٣٤

معين ، كحركة جسم معين في زمان معين ، فوقوعه إما أن يكون بهما فيلزم مقدور بين قادرين مستقلين ، بمعنى استقلال كل منهما بإيجاده ، وقد سبق في بحث العلة امتناع ذلك. وإما أن يكون بأحدهما ، فيلزم الترجيح (١) بلا مرجح ، لأن المقتضى للقادرية ذات الإله ، وللمقدورية! إمكان الممكن فنسبة (٢) الممكنات إلى الإلهين المفروضين على السوية من غير رجحان.

لا يقال يجوز أن لا يقع مثل هذا المقدور للزوم المحال ، أو يقع بهما جميعا! لا بكل منهما ليلزم المحال. لأنا نقول للأول باطل (٣) للزوم عجزهما ، ولأن المانع عند وقوعه بأحدهما ليس إلا وقوعه بالآخر ، فيلزم من عدم وقوعه بهما (٤) وقوعه (٥) بهما. وكذا الثاني لأن التقدير استقلال كل منهما بالقدرة والإرادة.

الوجه الخامس :

أنه لو وجد إلهان بصفة الألوهية ، فإذا أراد أحدهما أمرا كحركة جسم (٦) مثلا فإما أن يتمكن الآخر من إرادة ضده أو لا؟ وكلاهما محال. أما الأول : فلأنه لو فرض تعلق إرادته بذلك الضد. فإما أن يقع مرادهما وهو محال لاستلزام اجتماع الضدين ، أو لا يقع مراد واحد منهما وهو محال لاستلزامه عجز الإلهين الموصوفين بكمال القدرة على ما هو المفروض ولاستلزامه ارتفاع الضدين المفروض امتناع خلو المحل عنهما كحركة جسم وسكونه في زمان واحد (٧) ، معين ؛ أو يقع مراد أحدهما دون الآخر وهو محال لاستلزامه الترجيح (٨) بلا مرجح ، وعجز من فرض قادرا حيث لم يقع مراده.

وأما الثاني : فلأنه يستلزم عجز الآخر حيث لم يقدر على ما هو ممكن في نفسه أعني إرادة الضد ، والمقدمات كلها بيّنة سوى هذه ، فإنها ربما (٩) تمنع ويقال لا

__________________

(١) في (ب) الترجح.

(٢) في (أ) نسبة.

(٣) في (ب) مطلوب بدلا من (باطل).

(٤) سقط من (ب) لفظ (بهما).

(٥) سقط من (ب) وقوعه.

(٦) في (ب) أمر الحركة وهو تحريف.

(٧) سقط من (أ) لفظ (واحد).

(٨) في (أ) الترجح.

(٩) في (ب) إنما بدلا من (ربما).

٣٥

نسلم (١) أن مخالفة أحدهما للآخر ، وإرادة ضد ما أراده ممكنة حتى يكون عدم القدرة عليها عجزا! وذلك أن الممكن في نفسه ربما يصير ممتنعا بحسب شرط ، ككون الجسم في هذا الحيز حال الكون في حيز آخر.

والجواب : أن الممكن في ذاته ممكن على كل حال ضرورة امتناع الانقلاب ، والممتنع فيما ذكرتم من تحيز الجسم هو الاجتماع أعني كونه في آن واحد ، في حيزين فكذا هاهنا يمتنع اجتماع الإرادتين ، وهو لا ينافي إمكان كل منهما ، فتعين أن لزوم المحال ، إنما هو من وجود الإلهين. فإن قيل : كل منهما عالم بوجوه المصالح والمفاسد. فإذا (٢) على المصلحة في أحد الضدين ، امتنع إرادة الآخر.

قلنا : لو سلم كون الإرادة تابعة للمصلحة ، ففرض الكلام فيما إذا استوت في الضدين وجوه المصالح.

فإن قيل : ما ذكرتم لازم في الواحد إذا وجد المقدور ؛ فإنه لا يبقى قادرا عليه ، ضرورة امتناع إيجاد الموجود فيلزم أن لا يصلح للألوهية.

قلنا : عدم القدرة منا على تنفيذ القدرة ليس عجزا بل كمالا للقدرة بخلاف عدم القدرة بناء على سد الغير طريق القدرة عليه ، فإنه عجز بتعجيز الغير إياه.

وهذا البرهان يسمى برهان التمانع وإليه الإشارة (٣) بقوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (٤).

__________________

(١) سقط من (ب) لفظ (نسلم).

(٢) في (ب) فإن بدلا من (فإذا).

(٣) في (ب) أشار بدلا من (الإشارة).

(٤) سورة الأنبياء آية رقم ٢٢ وتقرير الدليل كما يسوقه علماء الكلام لو كان في السموات والأرض إله غير الله لتنازعت الإرادتان بين سلب وإيجاب ، وأن هذا التنازع يؤدي إلى فسادهما لتناقض الإرادتين ولكنهما صالحان غير فاسدين فبطل ما يؤدي إلى الفساد فكانت الوحدانية فسبحان رب العرش عما يصفون ومن ذلك أيضا قوله تعالى: (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) وإذا ثبت أنه ليس فيه اختلاف ولا تضارب في مقرراته ولا عباراته فإنه يثبت النقيض وهو أنه من عند الله تعالى.

المعجزة الكبرى لمحمد أبو زهرة ص ٤٠١.

٣٦

فإن أريد بالفساد عدم التكون ، فتقديره أنه لو تعدد الإله لم تتكون السماء والأرض ، لأن تكونهما إما لمجموع (١) القدرتين ، أو بكل منهما أو بأحدهما ، والكل باطل.

أما الأول : فلأن من شأن الإله كمال القدرة.

وأما الآخران (٢) فلما مرّ. وإن أريد بالفساد الخروج عما هما (٣) عليه من النظام فتقديره أنه لو تعدد الإله لكان بينهما التنازع والتغالب ، وتميز صنع كلّ عن صنع الآخر بحكم اللزوم العادي ، فلم يحصل بين أجزاء العالم هذا الالتئام الذي باعتباره صار الكل بمنزلة شخص واحد ، ويختل النظام (٤) الذي به بقاء الأنواع وترتب الآثار.

الوجه السادس : لو وجد إلهان. فإن اتفقا على إيجاد كل مقدور لزم التوارد وإن اختلفا لزم مفاسد التمانع أعني عجزهما أو عجز أحدهما مع الترجيح (٥) بلا ترجح.

الوجه السابع : لو تعدد الإله فما به التمايز لا يجوز أن يكون من لوازم الإلهية ضرورة اشتراكهما ، بل من العوارض فيجوز مفارقتها ، فترفع الاثنينية ، فيلزم جواز وحدة الاثنين وهو محال.

الوجه الثامن : أن الواحد كافا (٦) ولا دليل على الثاني ، فيجب نفيه ، وإلا لزم جهالات لا تحصى مثل كل موجود تبصره (٧) اليوم غير الذي كان بالأمس ونحو ذلك فإن قيل : كان الله في الأزل ولا دليل عليه (٨).

__________________

(١) في (أ) مجموع.

(٢) في (ب) الآخر بدلا من (الآخران).

(٣) في (ب) بزيادة (ثم) ولا محل لها.

(٤) في (أ) الانتظام.

(٥) في (أ) الترجح بدلا من (الترجيح).

(٦) في (ب) كان بدلا من (كاف).

(٧) في (ب) تنصره بدلا من (تبصره).

(٨) في (أ) حينئذ بدلا من (عليه).

٣٧

وأجيب : بأن المراد أن (١) ما لا دليل لنا عليه (٢) يجب علينا نفيه. ولنا دليل على وجوده في الأزل.

وقد يجاب : بأن المراد أن ما لا يمكن أن يقوم عليه دليل يجب نفيه. والله الواحد قد قام عليه الدليل فيما لا يزال ، وإن لم يمكن في الأزل بخلاف الشريك ، فإنه لو كان عليه دليل ، فإما أزلي وهو باطل ، لأنه لا يلزم افتقاره إلى المؤثر بل لا يجوز عند المتكلمين. وإما حادث وهو لا يستدعي مؤثرا ثانيا (٣) ، ولا يخفى ضعفه بل ضعف هذا المأخذ.

الوجه التاسع : إنه لا أولية لعدد (٤) دون عدد ، فلو تعدد لم ينحصر في عدد واللازم باطل لما سبق من الأدلة (٥) على تناهي كل ما دخل تحت الوجود وقد سبق ضعفه.

الوجه العاشر : أن بعثة الأنبياء عليهم‌السلام (٦) وصدقهم بدلالة المعجزات لا يتوقف على الوحدانية ، فيجوز التمسك بالأدلة السمعية ، كإجماع الأنبياء على الدعوة إلى التوحيد ونفي الشريك وكالنصوص القطعية من كتاب الله تعالى على ذلك.

وما قيل : إن التعدد يستلزم الإمكان لما عرف من أدلة (٧) التوحيد وما لم يعرف أن الله تعالى واجب الوجود خارج عن جميع (٨) الممكنات لم يتأت إثبات البعثة والرسالة ليس بشيء ، لأن غايته (٩) استلزام الوجوب الوحدة لا استلزام معرفيه ، معرفتها فضلا عن التوقف ، ومنشأ الغلط عدم التفرقة بين ثبوت الشيء والعلم بثبوته.

__________________

(١) سقط من (ب) لفظ (أن).

(٢) سقط من (ب) لفظ (لنا).

(٣) سقط من (ب) لفظ (ثانيا).

(٤) في (ب) تعدد بدلا من (لعدد).

(٥) في (ب) الدلالة.

(٦) سقط من (ب) جملة (عليهم‌السلام).

(٧) سقط من (أ) لفظ (جميع).

(٨) في (ب) بزيادة لفظ (الامكان).

(٩) في (ب) عنايته وهو تحريف.

٣٨

خاتمة

حقيقة التوحيد عدم الشريك

(لم يخل بالتوحيد القول بقدم الصفات وإيجاد الحيوان لأفعاله وإن قبح لفظ الخلق ، وإن صح منه تفويض أمر الشرور والقبائح إلى الشيطان. وأما القول بقدم العقول وإيجادها للنفوس والأجسام وقدم الافلاك ، وتدبيرها لعالم العناصر فخطب هائل. والمشركون وافقهم الثانوية القائلون بمبدأين ، نور وظلمة. والمجوس القائلون بتفويض الشرور حتى الأجسام الخبيثة إلى (أهرمن) وإن جعل متولدا من (يزدان) وعبدة الأجسام لتأويلات توهموها. والقائلون بالولد. سبحان الله عما يشركون).

قال :

خاتمة : حقيقة التوحيد اعتقاد عدم الشريك في الألوهية وخواصها ولا نزاع لأهل الإسلام في أن تدبير العالم وخلق الأجسام ، واستحقاق العبادة ، وقدم ما يقوم بنفسه كلها من الخواص ونعني (١) بالقدم بمعنى عدم المسبوقية بالعدم.

وأما بمعنى عدم المسبوقية بالغير فهو نفس الألوهية ، وبوجوب الوجود. فنحن إنما نقول بالصفات القديمة دون الذوات ، ومع ذلك لا نجعل (٢) الصفة غير الذات.

والمعتزلة إنما يقولون بخلق العباد لأفعالهم دون غيرها من الأعراض (٣) والأجسام نعم تفويضهم تدبير شطر من (٤) حوادث العالم ، وهو الشرور والقبائح إلى الشيطان على خلاف مشيئة الله تعالى ، وإن كان بإقداره وتمكينه خطب صعب ، وأصعب منه قول الفلاسفة : بقدم العقول وإيجادها للنفوس وبعض الأجسام ،

__________________

(١) في (ب) ومعين القدم.

(٢) في (ب) لا تحول بدلا من (نجعل).

(٣) سقط من (ب) لفظ (والأجسام).

(٤) في (ب) شرط من الحوادث.

٣٩

وتفويض تدبير عالم العناصر إليها ، وإلى الأفلاك.

فمرجع التوحيد عندهم إلى وحدة الواجب لذاته (١) لا غير.

فالمعتزلة إنما يبالغون في نفس تعدد القديم.

وأهل السنة في نفي تعدد الخالق.

والكل متفقون على نفي تعدد الواجب والمستحق للعبادة ، والموجد للجسم.

وأما المشركون فمنهم الثنوية (٢) القائلون بأن للعالم إلهين نور هو مبدأ الخيرات ، وظلمة هو مبدأ الشرور.

ومنهم المجوس القائلون بأن مبدأ الخيرات هو (يزدان) ومبدأ الشرور هو (أهرمن) واختلفوا في أن (أهرمن) أيضا قديم أو حادث من (يزدان) وشبهتهم أنه لو كان مبدأ الخير والشر واحد لزم كون الواحد خيرا وشريرا وهو محال.

والجواب : منع اللزوم إن أريد بالخير من غلب خيره ، وبالشر (٣) من غلب شره ، ويمنع (٤) استحالة اللازم إن أريد خالق الخير وخالق الشر في الجملة.

غاية الأمر أنه لا يصلح إطلاق الشرير لظهوره فيمن غلب شره.

وعورض بأن الخير إن لم يقدر على دفع الشرير أو الشرور فعاجز ، وإن قدر ولم يفعل فشرير ، وإن جعل إبقاؤها (٥) خيرا لما فيه من الحكم والمصالح الخفية كما تزعم المعتزلة في خلق إبليس (٦) وذريته وأقداره وتمكينه من الإغواء ، فلعل نفس

__________________

(١) في (ب) بذاته بالباء.

(٢) الثنوية : مذهب قديم شاع خاصة في بلاد فارس قبل المسيحية وبعدها وانتسبت إليه فرق تحمل أسماء أصحابها أقدمها الزرادشتية نسبة الى زرادشت وكان يمثل النور والظلمة (يزدان وأهرمن) ومنها الديصانية نسبة إلى ديصان والمانوية نسبة إلى ماني ثم المزدكية نسبة إلى مزدك ، ومن الثنوية الطائفة المرقونية التي حاولت أن تمزج بينها وبين المسيحية. راجع القاموس الإسلامي ج ١ ص ٥٤٣.

(٣) في (ب) وبالشر بدلا من (الشرير).

(٤) في (ب) ومنع بدلا من (يمنع).

(٥) في (ب) أبقاها.

(٦) إبليس : هو اسم أعجمي ممنوع من الصرف ، وقيل عربي واشتقاقه من الإبلاس لأن الله تعالى أبلسه من رحمته ، وآيسه من مغفرته. قال ابن الأنباري : لا يجوز أن يكون مشتقا من أبلس لأنه لو كان مشتقا ـ

٤٠