شرح المقاصد - ج ٣

مسعود بن عمر بن عبدالله [ سعد الدين التفتازاني ]

شرح المقاصد - ج ٣

المؤلف:

مسعود بن عمر بن عبدالله [ سعد الدين التفتازاني ]


المحقق: الدكتور عبدالرحمن عميرة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات الشريف الرضي
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٦

مسبوق بمادة ، يحل فيها (١) كالصور والأعراض ، أو يتعلق بها كالنفوس والعقول مبرأة عن ذلك. ومنها أن كلّا من العقول نوع ينحصر في شخص ، لأن تكثر أشخاص النوع (٢) الواحد لا يكون إلا بحسب المواد ، وما يكتنفها من الهيئات ، ومنها أن كمالاتها حاصلة بالفعل ، لأن خروج الشيء من القوة إلى الفعل ، لا يكون إلا بما له مادة ، تندرج في الاستعدادات ، بحسب تجدد المعدات من الأوضاع والحركات ، ومنها أنها عاقلة لذواتها ، ولجميع الكليات. أما لذواتها ، فلأنها حاضرة بماهياتها عند ذواتها المجردة ، وهو معنى التعقل ، إذ لا يتصور في تعقل الشيء لنفسه حصول المثال المطابق ، وأما لغيرها ، فلأنها مجردة ، وكل مجرد يمكن أن يعقل لبراءته من الشوائب (٣) المادية ، واللواحق الغريبة ، المانعة عن التعقل ، وكل ما يمكن أن يعقل ، فإنه يمكن أن يعقل مع غيره من الكليات ، لأن الصور العقلية ليست متعاندة ، بل متعاونة ، (٤) وكل ما يمكن أن يعقل مع غيره صح أن يقارنه من غير أن تتوقف صحة المقارنة على حصولهما في جوهر العاقل ، لأن ذلك متأخر عن صحة المقارنة ضرورة تقدم إمكان الشيء على حصوله. فلو توقفت صحة المقارنة عليه لزم الدور. فإذن صحة مقارنة المجردات وسائر الكليات ثابتة عند حصول المجرد في الأعيان ، فيثبت صحة تعقله (٥) إياها ، إذ لا معنى له سوى مقارنتها للمجرد ، وحضورها عنده ، وكل ما يصح للعقول المجردة ، فهو حاصل بالفعل لما مرّ ، فتكون عاقلة لذواتها ، ولجميع المعقولات ، ثم إنك خبير بابتناء (٦)

__________________

(١) في (ب) يحصل بدلا من (يحل)

(٢) في (أ) بزيادة لفظ (النوع)

(٣) الشوب : الخلط ، وقد شبت الشيء أشوبه فهو مشوب وقول الشاعر :

سيكفيك ضرب القوم لحم معرص

وماء قدور في القصاع مشيب

إنما بناه على شيب الذي لم يسم فاعله أي مخلوط بالتوابل والصباغ وقولهم : ما عنده شوب ولا روب أي لا مرق ولا لبن وفي المثل هو يشوب ويروب ، يضرب لمن يخلط في القول أو العمل والشائبة : واحدة الشوائب ، وهي الأقذار والأدناس.

(٤) في (ب) متقارنة بدلا من (متعاونة)

(٥) في (ب) تعلقه بدلا من (تعقله)

(٦) في (ب) بابتناء وفي (أ) (بانتفاء)

٣٦١

هذه الفروع على مقدمات فلسفية غير مسلمة عند المتكلمين ، فلا حاجة إلى التنبيه.

[قال وإنها مبادي يعني أحوال العقول أنها مبادي لكمالات النفوس الفلكية والبشرية بل النفوس والأجرام أنفسها].

بمعنى أن الموجب لتلك الحركة السرمدية هو العقل لا بطريق المباشرة ، وإلا لكان له تعلق بالجسم من طريق التصرف فيه ، فلم يكن عقلا ، بل بطريق الإفاضة (١) على النفس المحركة بقوته التي لا تتناهى ، وبقبولها منه ذلك الفيض ، وتأثيرها تأثيرا غير متناه عن سبيل الوساطة دون المبادئية لامتناع صدور غير المتناهي عما يتعلق بالأجسام ، ما لم يكن مستمرا من مبدأ عقل غير متناهي القوة ، ومنها أن الأخير من العقول ، وهو المسمى بالعقل الفعال ، يعطي النفوس البشرية كمالاتها ، ويخرجها من القوة إلى الفعل في تعقلاتها ، ونسبته إلى النفوس نسبة الشمس إلى الأبصار بل أتم ، وهو كالخزانة للمعقولات إذا أقبلنا عليه قبلنا منه ، وإذا اشتغلنا عنه بجانب الحس ، انمحت (٢) عنا الصورة العقلية كالمرآة ، فإنها إذا حوذي بها صورة تمثلت فيها. فإذا أعرض بها عنها يزال ذلك التمثل ، وربما تمثل فيها غير تلك الصورة على حسب ما يحاذي بها ، فكذا النفس إذا أعرض بها عن جانب القدس إلى جانب الحس ، أو إلى أي شيء آخر من أمور القدس ، ومنها أن مبدأ النفوس كلها ، من حيث هي نفوس ، يجب أن يكون من العقول ، إذ لا يجوز أن يكون هو الواجب ، لأن النفوس لا تكون إلا مع الأجسام فلا تصدر عن الواحد الحقيقي ، ولا أن تكون من الأجسام وأجزائها ، وأحوالها ، لأنها إنما تفعل بمشاركة

__________________

(١) فاض الخير يفيض واستفاض ، أي شاع ، وهو حديث مستفيض أي منتشر في الناس ، وفاض صدره بالسر: أي باح به ، وفاض اللئام : كثروا.

وأفاض الناس من عرفات إلى منى أي دفعوا. وكل دفعة إفاضة وأفاضوا في الحديث أي اندفعوا فيه.

والفيض : نيل مصر ، قال الأصمعي : ونهر البصرة يسمى فيضا

وقولهم : أعطاه غيضا من فيض ، أي أعطاه قليلا من كثير

(٢) في (ب) انحجبت بدلا من (انمحت)

٣٦٢

الوضع ، فلا تؤثر فيما لا وضع له ، ولا من النفوس. لأن الكلام في المبدأ القريب الذي تستند إليه كلية النفوس ، وإن كان بعضها من البعض ، وبهذا يتبين أن المبدأ القريب لكلية الأجسام لا يجوز أن يكون هو الواجب ، ولا الجسم وأجزاؤه وأحواله ، ولا النفس ، لأنها من حيث هي نفس ، إنما تفعل بواسطة الجسم ، فتعين العقل ، ولا يخفي ضعف بعض المقدمات وابتنائها على كون الصانع موجبا لا يصدر عنه إلا الواحد.

[قال (على ما قيل) :

إن الصادر الأول عقل ، ويصدر عنه باعتبار وجوده عقل ، وباعتبار وجوبه بالغير نفس ، وباعتبار إمكانه جسم ، جريا على ما هو الأليق ، وهكذا إلى الأخير. واعترض. بأن تلك الاعتبارات إما (١) وجودية ، فيعود المحذور ، أو عدمية فلا يصلح أجزاء من الموجد. ولو سلم فلم لا يكفي الواجب لماله (٢) من السلوب والإضافات ، وكيف يكف الواحد في فلك الثوابت ، وبأن العقول ، إما متفقة الماهية ، فلا تنقطع السلسلة ، أو لا فيجوز أن لا يحصل الفلك إلا بعد عدة (٣) من العقول ، فكيف يجزم بأنها عشرة على أن جزئيات الأفلاك فوق التسعة قطعا ، وكلياتها احتمالا ، وفي التقصي عن ذلك إطناب لا يليق بالكتاب].

إشارة إلى ما ذكره الفلاسفة في ترتيب الوجود ، وكيفية صدور النفوس والأجسام عن العقول ، وقد سبق أن أول ما يصدر عن الواجب ، يجب أن يكون عقلا ، ولا شك أن له وجودا ، وإمكانا في نفسه ، ووجوبا بالغير ، وعلما بذلك وبمبدئه. فقيل صدر عنه باعتبار وجوده عقل ، وباعتبار وجوبه بالغير نفس ، وباعتبار إمكانه فلك إسنادا للأشرف إلى الأشرف. وهكذا من العقل الثاني عقل ونفس وفلك ، إلى آخر ما ثبت بالبرهان من وجود الأفلاك ، ثم تفويض (٤) تدبير عالم العناصر إلى العقل

__________________

(١) سقط من (ب) لفظ (إما).

(٢) في (ب) وله ماله من السلوب

(٣) في (أ) جمع بدلا من (عدة).

(٤) في (أ) بزيادة لفظ (تفويض).

٣٦٣

الأخير بمعونة الأوضاع والحركات. وقيل صدر عن العقل الأول باعتبار إمكانه هيولى الفلك الأعظم ، وباعتبار وجوده صورته ، وباعتبار علمه بوجوب وجوده بعلته عقله ، وباعتبار علمه بعلته نفسه ، واعلم أنه لما ثبت عندهم امتناع صدور الكثير عن الواحد الحقيقي ، ذكروا طريقا (١) في صدور الكثرة عن الواحد ، على أنه احتمال راجح في نظرهم من غير قطع به ، ولم يجعلوا الوجود والإمكان ونحو ذلك عللا مستقلة ، بل اعتبارات وحيثيات ، تختلف بها أحوال العلل (٢) الموجدة على ما قال في الشفاء. نحن لا نمنع أن يكون عن شيء واحد ، ذات واحدة ، ثم يتبعها كثرة إضافية ، ليست في أول وجودها ، داخلة في مبدأ قوامها ، بل يجوز أن يكون الواحد يلزم عنه واحد ، ثم ذلك الواحد يلزمه حكم أو حال أو صفة أو معلول ، ويكون ذلك أيضا واحدا ، ثم يلزم عنه لذاته شيء ، وبمشاركة ذلك اللازم شيء ، فتنبع من هناك كثرة ، كلها تلزم ذاته ، فيجب أن يكون مثل هذه الكثرة هي العلة ، لإمكان وجود الكثرة معا عن المعلولات الأولى ، ثم العقول ليست متفقة الأنواع ، حتى يلزم(٣) اتفاق (٤) ، آثارها بأن يصدر عن كل منها عقل ونفس ، وفلك. بل يجوز أن تنتهي سلسلة العقول إلى ما يكون مبدأ الهيولي العناصر ، وما يعرض لها من الصور والأعراض ، بحسب ما له من الحيثيات ، وما يحصل للمواد من الاستعدادات ، بخلاف الواجب ، فإنه ليس فيه كثرة حيثيات واعتبارات ، وأما السلوب والإضافات فإنما تعقل بعد ثبوت الغير ، فلو علل ثبوت الغير بها كان دورا ، ولم يقطعوا بأن العقول ليست فوق العشرة ، وأن حيثيات كل عقل تنحصر في الثلاث أو الأربع ، فلا يمتنع أن يكون مبدأ فلك الثوابت عقولا كثيرة ، أو عقلا واحدا ، باعتبارات وحيثيات غير محصورة وبما ذكر يندفع اعتراضات :

الأول : أن الوجود والوجوب والإمكان إن كانت أمورا اعتبارية لا تحقق لها في

__________________

(١) في (ب) جعلوا ما ذكر بدلا من (ذكروا)

(٢) في (ب) الفلك بدلا من (العلل)

(٣) في (ب) حيث بدلا من (حتى)

(٤) في (ب) إثبات بدلا من (اتفاق)

٣٦٤

الأعيان لم تصلح أجزاء من العلة الموجدة (١) ، وإن كانت وجودية متحققة فسواء صدرت عن الواجب أو عن العقل ، لزم كون الواحد مصدرا لأكثر من الواحد ، وكذا لو جعلنا جهات كثرة العقل تعقله للوجوب ونحوه.

الثاني : أنه يلزم على ما ذكر أن يصدر عن كل عقل فلك ونفس وعقل إلى ما لا يتناهى ، فلا تنحصر العقول في عدد فضلا عن العشرة.

الثالث : أن حديث إسناد الأشرف إلى الأشرف خطابي لا يليق بالعلوم البرهانية.

الرابع : أن إسناد فلك الثوابت مع كثرتها إلى العقل الثاني باعتبار إمكانه يثبت (٢) صدور الكثير عن الواحد ، وكذا إسناد الصور ، والأعراض العنصرية إلى العقل الأخير.

الخامس : أنه لو كانت الحيثيات العدمية (٣) والاعتبارية كافية في صدور الكثير عن الواحد لجاز اسناده إلى الواجب ، باعتبار ما له من السلوب والإضافات.

السادس : أنه إذا كانت العقول مختلفة بالنوع حتى كان الأخير مما تنقطع عنده سلسلة العقول والأفلاك ، بأن لا يصدر عنه فلك ، وعقل ، ونفس ، جاز في جانب الابتداء أن لا يصدر عن العقل الأول إلا عقل ثان. وعن الثاني ، إلا عقل ثالث ، وهكذا ، حتى يكون صدور الفلك الأعظم بعد صدور عقول كثيرة ، وحينئذ لا يصح الجزم بأنه يصدر عن العقل الأول فلك ، وعقل ، ونفس ، وبأن العقول عشرة على عدد الأفلاك. مع الأول كيف. والأفلاك الجزئية كثيرة يستدعي كل منها مبدأ.

واعترفوا بأنه يحتمل أن يكون بين الفلك الأعظم ، وفلك الثوابت أفلاك كثيرة ، وأن يكون كل من الثوابت على فلك هذا ، ولا يخفى أن كلامهم في هذا المقام مع ابتنائه على أن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد يشتمل على مقدمات أخر ضعيفة ، وأن الاحتمال والأولوية لا يجدي كثير نفع (٤) في المطالب العلمية.

__________________

(١) في (ب) للوحدة بدلا من (الموجدة)

(٢) في (ب) قول لصدور بدلا من (يثبت صدور)

(٣) في (ب) القديمة بدلا من (العدمية)

(٤) سقط من (أ) جملة (كثير نفع)

٣٦٥

المبحث الثالث

[قال (المبحث الثالث) :

في الملائكة والجن والشياطين. زعموا أن الملائكة هم العقول المجردة ، والنفوس الفلكية، والجن أرواح مجردة لها تصرف في العنصريات. والشيطان هو القوة المتخيلة في الإنسان ، وبعضهم على أن النفوس البشرية بعد المفارقة إن كانت خيرة ، فالجن ، وإن كانت شريرة فالشياطين].

جعل هذا من مباحث العقول نظرا إلى أن الملائكة عند الفلاسفة ، هم العقول المجردة، والنفوس الفلكية ، وتخص باسم الكروبيين ، ما لا يكون له علاقة مع الأجسام ، ولو بالتأثير ، والقائلون من الفلاسفة بالجن والشياطين. زعموا أن الجن جواهر مجردة لها تصرف وتأثير في الأجسام العنصرية من غير تعلق بها تعلق النفوس البشرية (١) بأبدانها ، والشياطين هي القوى المتخيلة في أفراد الإنسان من حيث استيلائها على القوى العقلية ، وصرفها عن جانب القدس ، واكتساب الكمالات العقلية إلى اتباع الشهوات واللذات الحسية والوهمية. ومنهم من زعم أن النفوس البشرية بعد مفارقتها عن الأبدان ، وقطع العلاقة منها ، إن كانت خيرة مطيعة للدواعي العقلية ، فهم الجن ، وإن كانت شريرة باعثة على الشرور والقبائح معينة على الضلالة والانهماك في الغواية فهم الشياطين.

وبالجملة. فالقول بوجود الملائكة والجن (٢) والشياطين مما انعقد عليه إجماع الآراء ، ونطق به كلام الله تعالى وكلام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وحكى

__________________

(١) سقط من (أ) لفظ (البشرية)

(٢) سقط من (أ) لفظ (الجن)

٣٦٦

مشاهدة الجن عن كثير من العقلاء ، وأرباب المكاشفات من الأولياء ، فلا وجه لنفيها كما لا سبيل إلى إثباتها بالأدلة العقلية.

[قال (وزعموا أن لكل فلك روحا) :

يتشعب منه أرواح كثيرة تتعلق بأجزائه وأطرافه ، والمدبر لأمر العرش يسمى بالنفس الكلية ، يدبر أمره في جميع ما في جوفه ، والشعب لها بمنزلة القوى للنفس الإنسانية ، وهكذا لكل قسم من العنصريات من الجبال والمغاور والعمرانات وأنواع النباتات والحيوانات وغير ذلك روح يدبر أمره ، ويحفظه من الآفات يسمى بالطباع التام ، وفي لسان الشرع بالملك لذلك النوع].

يشير إلى ما ذهب إليه أصحاب الطلسمات. من أن لكل فلك روحا كليا يدبر أمره، وتتشعب منه أرواح كثيرة ، مثلا للعرش. أعني الفلك الأعظم روح يدبر أمره (١) ، في جميع ما في جوفه يسمى بالنفس الكلية ، والروح الأعظم ، وتتشعب منه أرواح كثيرة متعلقة بأجزاء العرش وأطرافه ، كما أن النفس الناطقة تدبر أمر بدن الإنسان ، ولها قوة طبيعية وحيوانية ، ونفسانية ، بحسب كل عضو ، وعلى هذا يحمل قوله تعالى (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) (٢).

وقوله تعالى (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) (٣) وهكذا سائر الأفلاك ، وأثبتوا لكل درجة روحا ، يظهر أثره عند حلول الشمس تلك الدرجة ، وكذا لكل يوم من الايام ، والساعات ، والبحار ، والجبال ، والمفاوز ، والعمران ، وأنواع النبات ، والحيوانات ، وغير ذلك ، على ما ورد في لسان الشرع من ملك الأرزاق ، وملك الجبال (٤) ، وملك البحار ، وملك الأمطار ، وملك الموت (٥) وملك النبات ، ونحو ذلك.

__________________

(١) في (ب) يرى أثره بدلا من (يدبر أمره)

(٢) سورة النبأ آية رقم ٣٨

(٣) سورة الزمر آية رقم ٧٥

(٤) سقط من (أ) جملة (وملك الجبال)

(٥) سقط من (أ) جملة (وملك الموت)

٣٦٧

وبالجملة. فكما ثبت لكل من الأبدان البشرية نفس مدبرة. فقد أثبتوا لكل نوع (من الأنواع ، بل لكل صنف روحا يدبره ، يسمى بالطباع التام ، لذلك النوع) (١) تحفظه من الآفات ، والمخافات ، وتظهر أثره في النوع ، ظهور أثر النفس الإنسانية في الشخص ، وقد دلت الأخبار الصحاح على كثرتهم جدا كقوله عليه‌السلام : «أطت السماء ، وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع» (٢).

[قال (وعندنا) :

الملائكة أجسام لطيفة تتشكل بأشكال مختلفة ، شأنهم الخير والطاعة والعلم ، والقدرة على الأعمال الشاقة. الجن كذلك إلا أن منهم المطيع والعاصي ، والشياطين شأنهم الشر والإغواء ، والغالب عليهم ، عنصر النار ، وعلى الأولين عنصر الهواء].

ظاهر الكتاب والسنة ، وهو قول أكثر الأمة. أن الملائكة أجسام لطيفة نورانية قادرة على التشكلات بأشكال مختلفة كاملة في العلم والقدرة على الأفعال الشاقة شأنها الطاعات ، ومسكنها السموات. هم رسل الله تعالى إلى أنبيائهم عليهم‌السلام ، وأمناؤه على وحيه ، يسبحون الليل والنهار لا يفترون (٣) ، لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون (٤). والجن أجسام لطيفة هوائية تتشكل بأشكال مختلفة ، وتظهر منها أفعال عجيبة ، منهم المؤمن والكافر (٥) والمطيع والعاصي.

والشياطين أجسام نارية. شأنها إلقاء النفس في الفساد والغواية بتذكير أسباب

__________________

(١) ما بين القوسين سقط من (أ).

(٢) الحديث رواه الإمام الترمذي في كتاب الزهد باب ٩ ورواه ابن ماجه في كتاب الزهد باب ١٩ ورواه الإمام أحمد في المسند ٥ : ١٧٣ (حلبي).

(٣) سورة الأنبياء آية رقم ٢٠

(٤) سورة التحريم آية رقم ٦

(٥) قال تعالى : (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً).

٣٦٨

المعاصي واللذات ، وإنساء منافع الطاعات ، وما أشبه ذلك على ما قال الله تعالى حكاية عن الشيطان.

(وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ، فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) (١).

قيل : تركيب الأنواع الثلاثة من امتزاج العناصر الأربعة ، إلا أن الغالب على الشياطين عنصر النار ، وعلى الآخرين عنصر الهواء. وذلك أن امتزاج العناصر قد لا يكون على القرب من الاعتدال ، بل على قدر صالح من غلبة أحدها. فإن كانت الغلبة للأرضية ، يكون الممتزج مائلا إلى عنصر الأرض ، وإن كانت للمائية ، فإلى الماء ، أو للهوائية فإلى الهواء ، أو للنارية فإلى النار ، لا يبرح ولا يفارق إلا بالأحياز (٢) ، أو بأن يكون حيوانا فيفارق بالاختيار ، وليس لهذه الغلبة حد معين ، بل تختلف إلى مراتب ، بحسب أنواع الممتزجات التي تسكن هذا العنصر ، ولكون الهواء والنار في غاية اللطافة والشفيف ، كانت الملائكة والجن والشياطين ، بحيث يدخلون المنافذ والمضايق حتى (٣) أجواف الإنسان ، ولا يرون بحس البصر ، إلا إذا اكتسوا من الممتزجات الأخر التي يغلب عليها الأرضية والمائية جلابيب وغواشي ، فيرون في أبدان كأبدان الناس أو غيره من الحيوانات ، والملائكة كثيرا ما تعاون الإنسان على أعمال يعجز هو عنها بقوته كالغلبة على الأعداء (٤) ، والطيران في الهواء ، والمشي على الماء ، وتحفظه خصوصا المضطر عن كثير من الآفات ، وأما الجن والشياطين فيخالطون بعض الأناسي ، ويعاونونهم على السحر (٥) والطلسمات والنيرنجات وما يشاكل ذلك.

__________________

(١) سورة إبراهيم آية رقم ٢٢.

(٢) في (ب) بالاجبار بدلا من (بالأحياز).

(٣) في (أ) في بدلا من (حتى).

(٤) قال تعالى : (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ ، بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) سورة آل عمران آية ١٢٤ ـ ١٢٥.

(٥) قال تعالى : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا ـ

٣٦٩

[قال (ولا يمتنع أن يكتسبوا) :

أحيانا جلابيب من أجسام كثيفة ، فيراهم الإنسان ، أو يكون فيهم من العنصر الكثيف ما يقتضي الظهور لبعض الأبصار ، وفي بعض الأحوال ، وأن يكون في أمزجتهم وصورهم النوعية ، ما يقتضي حفظ التركيب عند الانحلال والتشكل بالأشكال ، وأما على القول بالقادر المختار فلا إشكال].

إشارة إلى دفع إشكالات تورد على هذا المذهب وهي أن الملائكة والجن والشياطين ، إن كانت أجساما ممتزجة من العناصر ، يجب أن تكون مرئية لكل سليم الحس كسائر المركبات ، وإلا لجاز أن يكون بحضرتنا جبال شاهقة ، وأصوات هائلة لا نبصرها ، ولا نسمعها. والعقل جازم ببطلان ذلك على ما هو شأن العلوم العادية ، وإن كانت غلبة اللطيف بحيث لا تجوز رؤية الممتزج يلزم أن لا يروا أصلا ، وأن تتمزق أبدانهم ، وتخل تراكيبهم بأدنى سبب واللازم باطل. بما تواتر من مشاهدة بعض الأنبياء (١) والأولياء إياهم ، ومكالمتهم ، ومن بقائهم زمانا طويلا مع هبوب الرياح العاصفة ، والدخول في المنافذ الضيقة ، وأيضا لو كانوا من المركبات المزاجية ، لكانت لهم صور نوعية ، وأمزجة مخصوصة تقتضي أشكالا مخصوصة كما في سائر الممتزجات ، فلا يتصور التشكل بالأشكال المختلفة.

__________________

ـ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ، وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ).

سورة البقرة آية رقم ١٠٣

(١) روى الإمام البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء ٤٠ باب قول الله تعالى : (وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)

٣٤٢٣ ـ حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه إن عفريتا من الجن تفلت البارحة ليقطع عليّ صلاتي فأمكنني الله منه فأخذته فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم فذكرت دعوة أخي سليمان (رب هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي) فرددته خاسئا.

ورواه الإمام النسائي في كتاب السهو ١٩ والإمام أحمد بن حنبل في المسند ٢ : ٢٩٨ ، ٣ : ٨٢ (حلب)

٣٧٠

وحاصل الجواب منع الملازمات. أما على القول باستناد الممكنات إلى القادر المختار فظاهر لجواز أن تخلق رؤيتهم في بعض الأبصار والأحوال دون البعض ، وأن يحفظ بالقدرة والإرادة تركيبهم ، وتبديل أشكالهم ، وأما على القول بالإيجاب ، فلجواز أن يكون فيهم من العنصر الكثيف ما يحصل معه الرؤية لبعض الأبصار دون البعض ، وفي بعض الأحوال دون البعض ، أو يظهروا أحيانا في أجسام كثيفة هي بمنزلة الغشاء والجلباب لهم فيبصروا أو أن تكون نفوسهم ، أو أمزجتهم أو صورهم النوعية بحيث تقتضي (١) حفظ تركيبهم عن الانحلال ، وتبدل أشكالهم بحسب اختلاف الأوضاع (٢) والأحوال ، أو يكون فيهم من الفطنة والذكاء ما يعرفون به جهات هبوب الرياح ، وسائر أسباب انحلال التركيب ، فيحترزون عنها ، ويأوون إلى أماكن لا يلحقهم ضرر.

وأما الجواب بأنه يجوز أن تكون لطافتهم بمعنى الشفافية دون رقة القوام ، فلا يلائم ما يحكى عنهم من النفوذ في المنافذ الضيقة ، والظهور في ساعة واحدة في صور مختلفة بالصغر والكبر ونحو ذلك.

[قال (خاتمة) :

من الناس من زعم أن بين عالمي الحس والعقل واسطة تسمى عالم المثال لا تحصى مدته ، فيه لكل موجود من المجردات والماديات حتى الألوان والأشكال والطعوم والروائح ، والأوضاع والحركات والسكنات وغير ذلك مثال قائم بذاته ، مستغن عن المادة والزمان والمكان ، ولهذا يسمى بالمثل المعلقة ، والأشباح المجردة ، وعليه بنوا أمر المعاد الجسماني والمنامات ، وكثيرا من الإدراكات وخوارق العادات والجن والشياطين والغيلان ونحو ذلك.

واحتجوا بأن ما يشاهد من الصور في المرايا ونحوها ، ليست عدما صرفا ، ولا

__________________

(١) في (ب) بزيادة (بحيث).

(٢) في (ب) بزيادة (اختلاف).

٣٧١

من عالم الحس ، وهو ظاهر ، ولا العقل بكونها ذوات مقادير ، ولا مرتسمة في آلة جسمانية ، لامتناع ارتسام الكبير في الصغير ، وهذه شبهة واهية بنيت عليها دعوى عالية ، فلم يلتفت إليه المحققون من المتكلمين والحكماء والفلاسفة].

يشير إلى ما ذهب إليه بعض المتألهين من الحكماء ، ونسب إلى القدماء ، من أن بين عالمي المحسوس والمعقول واسطة ، يسمى عالم المثل (١) ، ليس في تجرد المجردات ، ولا في مخالطة الماديات ، وفيه لكل موجود من المجردات والأجسام والأعراض حتى الحركات والسكنات والأوضاع والهيئات والطعوم والروائح ، مثال قائم بذاته ، معلق لا في مادة ومحل يظهر للحس بمعونة مظهر كالمرآة والخيال والماء والهواء ونحو ذلك. وقد ينتقل من مظهر إلى مظهر ، وقد يبطل ، كما إذا فسدت المرآة والخيال ، أو زالت المقابلة أو التخيل.

وبالجملة : هو عالم عظيم الفسحة غير متناه يحذو حذو العالم الحسي في دوام حركة أفلاكه المثالية ، وقبول عناصره ومركباته آثار حركات أفلاكه ، وإشراقات العالم العقلي ، وهذا ما قال الأقدمون أن في الوجود عالما مقداريا غير العالم الحسي ، لا تتناهى عجائبه ، ولا تحصى مدته (٢) ، ومن جملة تلك المدن جابلقا وجابرصا ، وهما مدينتان عظيمتان ، لكل منهما ألف باب لا يحصى ما فيهما من الخلائق ، ومن هذا العالم تكون الملائكة والجن والشياطين والغيلان لكونها من قبيل المثل ، أو النفوس الناطقة المفارقة الظاهرة فيها ، وبه تظهر المجردات في صور مختلفة بالحسن ، والقبح ، واللطافة ، والكثافة ، وغير ذلك ، بحسب استعداد القابل والفاعل ، وعليه بنوا أمر المعاد الجسماني ، فإن البدن المثالي الذي تتصرف فيه النفس ، حكمه حكم البدن الحسي ، في أن له جميع الحواس الظاهرة والباطنة ، فيلتذ ويتألم باللذات والآلام الجسمانية ، وأيضا يكون من الصور

__________________

(١) أول من تكلم بذلك هو (أفلاطون) وفي الحقيقة أن الفلسفة اليونانية ، والفارسية والهندية وكل الفلسفات التي لم تهتد بالوحي هي أضاليل وأوهام لأن العقل قاصر له حد محدود يقف عنده ولا يتعدا والعاقل من جعل التنزيل دليله ومنهجه وسار على ما سار عليه الصحابة والتابعون ـ الذين التزموا بكتاب ربهم وسنة نبيهم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٢) في (ب) مدنه بدلا من (مدته)

٣٧٢

المعلقة نورانية ، فيها نعيم السعداء ، وظلمانية فيها عذاب الأشقياء ، وكذا أمر (١) المنامات ، وكثير من الإدراكات ، فإن جميع ما يرى في المنام ، أو يتخيل في اليقظة (٢) ، بل يشاهد في الأمراض ، وعند غلبة الخوف ونحو ذلك من الصور المقدارية ، التي لا تحقق لها في عالم الحس كلها من عالم المثل ، وكذا كثيرا من الغرائب ، وخوارق العادات ، كما يحكى عن بعض الأولياء أنه مع إقامته ببلدته ، كان من حاضري المسجد الحرام أيام الحج ، وأنه ظهر من بعض جدران البيت ، أو خرج من بيت مسدود الأبواب والكوات ، وأنه أحضر بعض الأشخاص ، أو الثمار (٣) ، أو غير ذلك من مسافة بعيدة في زمان قريب إلى غير ذلك.

والقائلون بهذا العالم منهم من يدعي نبوته بالمكاشفة والتجارب الصحيحة ، ومنهم من يحتج ، بأن ما يشاهد من تلك الصور الجزئية في المزايا ونحوها ، ليست عدما صرفا ، ولا من عالم الماديات وهو ظاهر ، ولا من عالم العقل لكونها ذوات مقدار ، ولا مرتسمة في الأجزاء الدماغية ، لامتناع ارتسام الكبير في الصغير ، ولما كانت الدعوى عالية ، والشبهة واهية (٤). كما سبق لم يلتفت إليه المحققون من الحكماء والمتكلمين.

والله أعلم

__________________

(١) في (أ) من بدلا من (أمر)

(٢) سقط من (أ) لفظ (اليقظة)

(٣) في الحقيقة أن هذه الأشياء كما تحكي عن الأولياء تحكى عن شياطين الإنس الذين يستخدمون الجن في قضاء مثل هذه الأمور ويحكي القرآن الكريم عن العلاقة التي تتم بين الإنس والجن وغالبا ما تكون إلا للاضرار والفساد ويندر أن تكون علاقة لغير هذا قال تعالى : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً). والإمام الجنيد يقول : إذا رأيتم من يطير في السماء ، أو يمشي على الماء ـ ولا يؤدي شرع الله ـ ولا يطبقه على نفسه ، ولا على الآخرين فهو والحق يقال : شيطان رجيم.

(٤) نعم إنها دعوى عريضة ولكن لا يسندها رأى من الكتاب ولا دليل من السنة وما دام الأمر كذلك فهي كما قال : شبهة واهية ، والله أعلم.

٣٧٣

فهرست الجزء الثالث من شرح المقاصد

المقصد الرابع في الجواهر........................................................... ٥

أقوال العلماء في قابلية الجسم البسيط للإنقسام.................................. ٢١

طريقة المتكلمين في كون الجسم يتركب من اجزاء لا تتجزأ......................... ٢٥

إثبات جوهر في الجسم لا يقبل الإنقسام........................................ ٢٨

الاحتجاج على أن أجزاء الجسم متناهية......................................... ٣٣

طرف نفي الجوهر الفرد عند الفلاسفة.......................................... ٣٩

تفاوت الحركتين دليل على نفي الجزء الذي لا يتجزأ............................... ٤٣

أدلة هندسية على نفي الجزء الذي لا يتجزأ...................................... ٤٥

المبحث الرابع : في تقاريع المذهب................................................. ٦٦

المبحث الخامس : في أحكام الأجسام............................................. ٨٣

الجهات غير محصورة في عدد................................................. ١٠٥

أقسام الجهات علو وسفل وأربعة وضعية....................................... ١٠٦

العلو في الجهات لا يلزم أن يكون مضافاً إلى السفل............................. ١٠٦

الاجسام محدثة بذواتها وصفاتها عند المبين...................................... ١٠٧

الأدلة على أن الأجسام لا تخلو من الحوادث................................... ١٠٩

أدلة امتناع ثعاقب الحوادث لا إلى بداية ونهاية.................................. ١١٤

إبطال ما ذهب إليه الفلاسفة من قدم الأفلاك................................. ١١٧

أدلة أن الجسم محل الحوادث................................................. ١١٨

الجسم أثر الفاعل المختار.................................................... ١١٩

أدلة إبطال قدم الجسم...................................................... ١٢٠

٣٧٤

أدلة القائلين بقدم العالم والرد عليها........................................... ١٢٠

دليل آخر على إمكان قدم العالم والرد عليه.................................... ١٢٣

دليل ثالث على قدم العالم والرد عليه......................................... ١٢٤

دليل رابع على قدم العالم والرد عليه........................................... ١٢٥

أدلة إبطال القائلين بقدم العالم............................................... ١٢٧

الفصل الثاني : الجسم مركب وبسيط وفلكي وعنصري............................. ١٢٨

المبحث الأول : إثبات المحدد................................................ ١٣١

رد وجهين من الاستدلال على كربة المحدد..................................... ١٣٣

المراد بمحدد الجهة ما يتعين به وضع الجهة...................................... ١٣٤

إثبات المحدد مبني على امتناع الخلاء........................................... ١٣٦

المبحث الثاني : المحدد تاسع الأفلاك في زعمهم................................... ١٣٩

الدوائر الموازية للمنطقة تسمى مدارات تلك الحركة............................... ١٤١

القول بأن الفلك التاسع يحرك الأفلاك الثمانية................................. ١٤١

فلك الثوابت تحت الفلك التاسع............................................. ١٤٢

فلك القمر تحت كل الأفلاك................................................ ١٤٣

تفصيل الأفلاك الجزئية التي يشتمل عليها الأفلاك الكلية......................... ١٤٥

المبحث الثالث : توهمهم الدوائر المتقاطعة على قطبى البرج.......................... ١٤٧

قطع الكواكب السيارة لمنطقة البروج.......................................... ١٤٩

الحركات البسيطة للأفلاك الجزئية............................................. ١٥٠

ميل القمر عن منطقة البروج بحسب المائل..................................... ١٥٢

الحديث عن نقطتي تقاطع المائل.............................................. ١٥٣

ما ذكره من طريق الحدس لا الاستدلال........................................ ١٥٥

الحدسيات المشهورة عنده.................................................... ١٥٦

أسباب الكسوف ودواعيها.................................................. ١٥٧

أسباب الخسوف........................................................... ١٥٨

المبحث الرابع : في الدوائر المتوهمة............................................... ١٦٢

٣٧٥

القسم الثاني : في البسائط العنصرية............................................. ١٧١

المبحث الأول.............................................................. ١٧١

المبحث الثاني.............................................................. ١٧٧

المبحث الثالث : في النار وعوامل توهجها..................................... ١٨٠

القسم الثالث : في المركبات التي لا مزاج لها وأنواعها............................... ١٨٨

القسم الرابع : في المركبات التي لها مزاج........................................... ٢٠٠

المبحث الأول.............................................................. ٢٢٨

المبحث الثاني.............................................................. ٢٤١

المبحث الثالث............................................................. ٢٦٥

المقالة الثانية فيما يتعلق بالمجردات.......................................... ٢٩٨

الفصل الأول : في النفس...................................................... ٢٩٨

المبحث الثاني.............................................................. ٣١٧

المبحث الثالث............................................................. ٣٣١

المبحث الرابع.............................................................. ٣٣٣

المبحث الخامس............................................................ ٣٣٩

المبحث السادس........................................................... ٣٤٧

الفصل الثاني : في العقل....................................................... ٣٥٥

المبحث الأول : في إثباته.................................................... ٣٥٥

المبحث الثاني : في أحواله................................................... ٣٦٠

المبحث الثالث : في الملائكة والجن والشياطين.................................. ٣٦٦

تمت الفهرسة

٣٧٦