شرح المقاصد - ج ١

مسعود بن عمر بن عبدالله [ سعد الدين التفتازاني ]

شرح المقاصد - ج ١

المؤلف:

مسعود بن عمر بن عبدالله [ سعد الدين التفتازاني ]


المحقق: الدكتور عبدالرحمن عميرة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٣

١٣ ـ شهاب الدين محمد :

ذكره صاحب الفوائد البهية في ترجمة نور الدين عبد الرحمن الجامي حيث قال :

«إنه حضر دروس مولانا شهاب الدين محمد تلميذ التفتازاني. ولم نعثر على شيء آخر يوضح شخصيته بالرغم من كثرة تفتيشنا وبحثنا في كتب التراجم والأعلام» (١).

١٤ ـ شمس الدين الفنري : هو محمد بن حمزة العلامة قاضي القضاة شمس الدين أبو عبد الله الفنري الرومي الحنفي.

كان عارفا بالعربية والمعاني ، يحدد المؤرخون تاريخ ولادته بعام ٧٥١ ه‍. وجاء في ترجمة حفيده محمد بن عمر بن محمد بن حمزة أن جده هذا كان من بلاد ما وراء النهر ، من تلامذة سعد الدين التفتازاني.

ويرى بعض المحققين والراصدين للفكر الإنساني أن شمس الدين كان سببا جوهريا في إظهار كتب العلامة التفتازاني ، إذ إنها انتشرت ورغب الطلبة في قراءتها ولم تكن موجودة بالشراء ، لعدم انتشار نسخها ، فاحتاجوا إلى كتابتها ، ولكن عطلتهم الأسبوعية وهي يوم الجمعة والثلاثاء لم تكن وقتا كافيا لكتابة هذه الكتب فأضاف شمس الدين يوم الاثنين إلى العطلة ليتمكن الطلبة من التزود بكتب التفتازاني (٢).

١٥ ـ الأثير البغدادي : يقول صاحب الضوء اللامع في ترجمته : هو جبريل بن صالح الأثير البغدادي.

وممن تتلمذ على سعد الدين التفتازاني ، وقد أخذ عنه محمود بن أحمد العيني وقرأ عليه المفصل في النحو ، والتوضيح مع متنه التنقيح. ولكن متى كان

__________________

(١) راجع الفوائد البهية للإمام اللكنوي ص ٣٤.

(٢) راجع الشقائق النعمانية ج ٢ ص ٣ وج ١ ص ٩٠.

١٢١

مولده ، وفي أي عام كانت وفاته؟ ، يصمت الإمام السخاوي عن ذلك ، فلا يذكره لا من قريب ولا من بعيد ـ وكأنه ـ أراد لمن يترجم لهم أن يكونوا من أعيان القرن التاسع وكفى(١).

١٦ ـ سعد الدين لر :

وهذا لم نعثر له على ترجمة ، ولم يذكر في تاريخ التفتازاني ، ولكن يذكره السخاوي في ترجمة أبي الحسن علي الكرماني على أنه من شيوخه الفضلاء فقال :

ومن شيوخه سعد الدين لر الذي كان من طلبة التفتازاني (٢).

١٧ ـ قره داود :

ذكره صاحب كتاب كشف الظنون عند ذكره للسيد الشريف الجرجاني ، وقال :

له حاشية على شرح الشمسية لقطب الدين التحتاني ، وعلى هذه الحاشية حواشي كثيرة منها :

حاشية للمولى قره داود من تلامذة سعد الدين التفتازاني (٣) ، ولم يذكره صاحب النجوم الزاهرة ، ولا صاحب الضوء اللامع ، وبذلك لا يمكن تحديد تاريخ ولادته أو وفاته ، وهذه الحيرة التي يعيش فيها الباحث الذي يتعامل مع كتب التراث لا يقدرها حق قدرها إلا من عاش مثل هذه المعاناة.

١٨ ـ فتح الله الشرواني : تتفق الشقائق النعمانية ، ومفتاح السعادة في أنه هو فتح الله بن عبد الله الشرواني الرومي الحنفي.

أخذ عن العلامة التفتازاني ، والسيد الشريف الجرجاني ، واستفاد منهما في العلوم العقلية والشرعية. ومن تصانيفه (شرح كتاب إرشاد الهادي في النحو)

__________________

(١) راجع الضوء اللامع ج ١٠ ص ١٣١.

(٢) راجع الضوء اللامع ج ٦ ص ٥٧.

(٣) راجع كتاب كشف الظنون ج ٢ ص ١٠٦٣.

١٢٢

للعلامة سعد الدين التفتازاني وغيره. وتوفي سنة ٨٥٧ ه‍ (١).

١٩ ـ محمود السرائي :

ذكره الإمام السخاوي في ترجمة يوسف بن الحسن بن محمود السرائي حيث قال : وجده محمود قيل : ممن أخذ عن سعد الدين التفتازاني وغيره (٢). وكعادة صاحب الضوء اللامع أنه في أغلب الأوقات لا يقدم لنا تاريخا يعطي ضوءا على حياته ونورا يكشف عن جوانب شخصيته (٣).

وبعد ، فهذه مجموعة من العمالقة ممن تتلمذوا على سعد الدين التفتازاني ، حيث جلسوا بين يديه ، وتلقوا منه العلم مشافهة ، واستمعوا إلى حديثه ، وتداولوا معه أطراف العلم ، وألوان المعرفة.

ولكن هناك مجموعات ضخمة من الأساتذة والمفكرين في العالم الغربي والشرقي تتلمذوا على كتبه ، ونهلوا من ينابيعه ، وكانت لهم زادا في إعدادهم العلمي ، وتكوينهم الفكري.

إنها مدرسة غنية بالمعرفة ، ثرية بالعطاء ، وستستمر عبر التاريخ حتى يرث الله الأرض ومن عليها

__________________

(١) راجع كتاب كشف الظنون ج ١ ص ٦٧ ومفتاح السعادة ج ١ ص ٢٠٦. والشقائق النعمانية ج ١ ص ١٧٠.

(٢) راجع الضوء اللامع ج ١٠ ص ٣١٠.

(٣) المرجع السابق ج ١٠ ص ٣١٢.

١٢٣
١٢٤

مكانته العلمية

ورأي العلماء فيه

١٢٥
١٢٦

مكانته العلمية

ورأي العلماء فيه

عملاق من عمالقة الفكر ، ورائد من رواد المعرفة ، وشيخ أطبقت شهرته على الآفاق، وتخطت السدود والحدود. يصفه ابن تغرى بردى فيقول :

«كان فريد عصره ، ووحيد دهره ، وإنه برع في المعقول ، وساد على أقرانه ، وشارك في المنقول ، وفي أنواع من العلوم ، وتصدى للإقراء والتدريس ، وبرع في التأليف والتصنيف ، وانتفع بمؤلفاته وبمصنفاته الخاص والعام» (١).

وقد عرف ابن خلدون فضل التفتازاني ، واطلع على مصنفاته في علم البيان والكلام ، وأصول الفقه ، ووصفه بأنه من عظماء هراة ، وأشاد بمكانته في العلوم العقلية ، وذلك حيث يقول :

«ولقد وقفت بمصر على تآليف متعددة لرجل من عظماء هراة من بلاد خراسان يشهر بسعد الدين التفتازاني ، منها في علم الكلام وأصول الفقه ، والبيان ، تشهد بأن له ملكة راسخة في هذه العلوم. وفي أثنائها ما يدل على أن له اطلاعا على العلوم الحكمية ، وقدما عالية في سائر الفنون العقلية» (٢)

أما صاحب كتاب أعلام الأخيار فيصفه بأنه موسوعة علمية ، ودائرة معارف في العلوم الإسلامية ، فهو وإن كان شافعي المذهب ، إلا أنه يكتب في فقه

__________________

(١) المنهل الصافي ج ٣ ص ٣٥٦ بتصرف.

(٢) راجع مقدمة ابن خلدون ج ٣ ص ١٠٩١.

١٢٧

الأحناف ، ويقارن بين آراء أصحاب مدرسة الرأي ، وبين من يطبقون السنة ، ويتمسكون بالنص فيقول :

«كان التفتازاني من كبار علماء الشافعية ، ومع ذلك له آثار جليلة في أصول الحنفية ، وكان من محاسن الزمان ، لم تر العيون مثله في الأعلام والأعيان ، وهو الأستاذ على الإطلاق ، والمشار إليه بلا شقاق ، والمشهور في ظهور الآفاق ، المذكور في بطون الأوراق ، اشتهرت تصانيفه في الأرض ، وأتت بالطول والعرض حتى إن السيد الشريف ، في مبادي التأليف ، وأثناء التصنيف ، كان يخوض في بحار تحقيقه ، وتحريره ، ويلتقط الدرر من تدقيقه وتسطيره ، ويعترف برفعة شأنه ، وجلالة قدره ، وعلو مقامه» (١).

وإذا كان هؤلاء الأعلام ، وهم من كبار المؤرخين ، يصفونه بهذه الصفات ، ويمدحونه بكل صفة حميدة ، ورأي سديد ، فهناك عملاق من عمالقة المحدثين ، ألا وهو العالم الجليل ابن حجر العسقلاني صاحب التآليف الكثيرة ، والمصنفات البديعة. يصف الإمام التفتازاني في كتابه (الدرر الكامنة) (٢) فيقول :

«كان من أعاظم علماء العربية ، وأفاضل محققيهم المتبحرين ، ومصنفاته الجمة تدل على عظم (عقله) ، وجودة فهمه ، ووفور علمه ، ومتانة رأيه ، واستقامة سليقته ، وكثرة إحاطته ، وحسن تصرفه ، وتمامية فضله ، وكونه علامة من العلماء ، ومحققا من فنون شتى مع أن الجامعية والتحقيق قلما يجتمعان في رجل واحد».

لقد رأى ابن حجر في التفتازاني رجلا يختلف عن كثير من الرجال في سلامة عقله ، وإصابة رأية ، فهو لا يكتب في علم من العلوم ، ولا يقتصر على فن من الفنون ، ولكنه يتناول العلوم الشرعية ، واللغوية ، ويتبحر في كل فرع من فروعها ، وفي كل فن من الفنون.

__________________

(١) راجع كتاب أعلام الأخبار الورقة ٤٣٥.

(٢) راجع الدرر الكامنة ج ٥ ص ١١٩.

١٢٨

وما قاله ابن حجر يردده الإمام الشوكاني العالم المحقق ، المفسر المدقق ، المؤرخ الألمعي يقول :

«أخذ التفتازاني عن أكابر أهل العلم في عصره ، وفاق في كثير من العلوم ، وطار صيته ، ورحل إليه الطلبة ، وشرع في التصنيف وعمره ست عشرة سنة ، وقد تفرد بعلومه في القرن الثامن الهجري ، ولم يكن له في أهله نظير فيها ، وله من الحظ والشهرة والصيت في أهل عصره. فمن بعدهم ما لا يلحق به غيره فيه ، ومصنفاته قد طارت في حياته إلى جميع البلدان ، وتنافس الناس في تحصيلها» (١).

فإذا تركنا الإمام الشوكاني ، واتجهنا إلى صاحب كتاب مفتاح السعادة ، فنراه يعده عالما حكيما ، ويضعه في صف واحد مع ابن سينا ، والسهروردي ، والفخر الرازي وغيرهم حيث يقول :

«ومن جملة أساطين الحكمة أبو علي ابن سينا ، والإمام فخر الدين الرازي ، ومن نحا نحوهما كنصير الدين الطوسي ، ومن هؤلاء الشيخ شهاب الدين السهروردي ، وممن انخرط في سلكهم العلامة قطب الدين الشيرازي ، والعلامة قطب الدين الرازي ، ومولانا سعد الدين التفتازاني (٢). ثم يضيف عند ما يذكر التفتازاني بأنه إمام الدنيا الذي أشرقت الأرض بنور علومه وتصنيفاته وتأليفاته» (٣).

وفي العصر الحديث تقول عنه دائرة المعارف الإسلامية : «سعد الدين مسعود بن عمر حجة مشهورة في البلاغة والمنطق ، وما وراء الطبيعة ، والكلام والفقه ، وغيرها من العلوم ، وله كتب كثيرة ما زالت تعلم في مدارس المشرق» (٤).

هذا هو سعد الدين في عيون العلماء ، وفي عقول الأدباء والمؤرخين رحمه‌الله رحمة واسعة بمقدار ما قدم من خير للإسلام والمسلمين.

__________________

(١) راجع البدر الطالع ج ٢ ص ٢٠٠٣.

(٢) راجع مفتاح السعادة ج ١ ص ٣١٨ إلى ٣٢٠.

(٣) المصدر السابق ج ١ ص ١٩١.

(٤) راجع دائرة المعارف الإسلامية ج ٩ ص ٤٠٢.

١٢٩

وفاته

اختلف العلماء اختلافا بيّنا في تاريخ وفاة هذا العالم الكبير ، فهو مرة توفي عام ٧٩١ ه‍ الموافق ١٣٨٩ م كما يقرره صاحب بغية الوعاة أو في الثاني والعشرين من المحرم عام ٧٩٢ ه‍ الموافق ١٠ يناير سنة ١٣٩٠ م كما يقرره صاحب الفوائد البهية ، أو في الثاني والعشرين من المحرم عام ٧٩٣ ه‍ ، الموافق ٣٠ ديسمبر عام ١٣٩٠ م كما جاء في رسالة منسوبة إلى الجرجاني. والباحث إزاء هذه الاختلافات والتناقضات يصعب عليه تحديد الوقت والتاريخ الذي تم فيه ذلك.

ولكننا نميل إلى ترجيح الرأي الذي يقول : إن وفاته تمت في عام ٧٩١ ه‍ ، وسندنا في ذلك المناظرة التي تمت بينه ، وبين الشريف الجرجاني في حضرة تيمور لنك وكانت تدور حول اجتماع الاستعارة التبعية والتمثيلية في كلام صاحب الكشاف في قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١). وكان الحكم بينهما نعمان الدين الخوارزمي المعتزلي. فأمر تيمور لنك بتقديم السيد علي السعد وقال : لو فرضنا أنكما سيان في الفضل فله شرف النسب. فاغتمّ لذلك العلامة التفتازاني. وحزن حزنا شديدا فما لبث حتى ماترحمه‌الله تعالى. وكان بداية المناظرة (٢) في بداية عام ٧٩١ ه‍ وأخذ يعرض

__________________

(١) سورة البقرة آية رقم ٥.

(٢) كتب عن هذه المناظرة أبحاث منها بحثان مستقلان :

أ ـ كتاب مسالك الخلاص في مهالك الخواص لطاش كبريزاده ، وهو مخطوط بدار ـ

١٣٠

في شعره بملوك الأرض وخصوصا تيمور لنك ، فنراه يقول :

إذا خاض في بحر التفكّر خاطري

على درّة من معضلات المطالب

حقرت ملوك الأرض في نيل ما حووا

ونلت المنى بالمكتب لا بالكتائب (١)

ثم تمتلئ نفسه باليأس وتكتنفه الأحزان ويسخر من العلم والعلماء وخصوصا بعد أن أخذ السيد الشريف الجرجاني (٢) ـ وهو يعتبر من تلامذته ـ يتهمه بقصور العقل ، وقلة البضاعة في الفكر ، فكان يقول :

طويت بإحراز العلوم وكسبها

رداء شبابي والجنون فنون

فلما تحصلت العلوم ونلتها

تبيّن لي أن الفنون جنون

وكان إذا ذهب إلى ساحة ورأى حلقات الدرس ، وتجمع الطلاب هتف بشعره قائلا :

__________________

ـ الكتب المصرية تحت رقم ٣٠٨ بلاغة ، و٤٨٧ مجاميع.

ب ـ رسالة في تحقيق الاستعارة التمثيلية ، ونقل ما جرى فيها بين السعد والشريف لابن صدر الدين زاده ، وهو مخطوط بدار الكتب المصرية تحت رقم ١٢٨ مجاميع.

وقد تحدث عن هذه المناظرة أيضا طاشكبري زاده في شرح الفوائد الغياثية في علمي المعاني والبيان ص ٣٥٠ ـ ٣٤١.

كما ذكرها صدر الدين زاده في كتابه الفوائد الخاقانية ، وهو مخطوط بمكتبة الأزهر برقم ١٦٧ ـ ٣٤٦٤٤ حليم.

كما ذكرها أيضا الكفوي في كتائب أعلام الأخبار في الورقات ٤٣٤ ـ ٤٤١ ومخطوط بدار الكتب برقم ٨٤.

وأشار إليها اللكنوي في الفوائد البهية ص ٢٩ ، وابن العماد في كتابه (شذرات الذهب). ج ٢ ص ٣٢٢.

وأشار إليها ابن تغرى بردى في المنهل الصافي ج ٣ الورقة ٣٤٦ وهو مخطوط بدار الكتب المصرية تحت رقم ١١١٣ تاريخ.

(١) راجع شذرات الذهب ج ٦ ص ٣١٩ ـ ٣٢٢.

(٢) هو علي بن محمد بن علي السيد الزين أبي الحسن الحسيني الجرجاني الحنفي ، له مصنفات كثيرة منها التعريفات توفي عام ٨١٦ ه‍.

١٣١

فرق فرق الدرس وحصل مالا

فالعمر مضى ولم نذل آمالا

لا ينفعك القياس والعكس ولا

افعنلل يفعنلل افعنلالا(١)

رحمه‌الله رحمة واسعة جزاء ما قدم من خير لهذه الأمة في دينها ولغتها.

__________________

(١) راجع شذرات الذهب ج ٦ ص ٣١٩ وما بعدها.

١٣٢

١٣٣

١٣٤

١٣٥

١٣٦

١٣٧

١٣٨

١٣٩

١٤٠