الفكر الخالد في بيان العقائد - ج ٢

الشيخ جعفر السبحاني

الفكر الخالد في بيان العقائد - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


المحقق: اللجنة العلميّة في مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-154-8
الصفحات: ٤٦٤
الجزء ١ الجزء ٢

بِهِمْ يَتَغامَزُونَ* وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ* وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ). (١)

هذا هو الأُسلوب الذي اعتمده الكافرون في الحياة الدنيا مع المؤمنين ، ولكن الحالة تتغيّر في يوم القيامة وتتحوّل تحوّلاً كاملاً حيث يصبح المؤمنون يستهزءون من الكافرين ويضحكون من العاقبة السيئة والشقاء الذي ساق الكافرون أنفسهم إليه باختيارهم وبإرادتهم ، وقد أكّد القرآن الكريم هذه الحقيقة بقوله :

(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ* عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ* هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ). (٢)

إنّ النماذج المذكورة تشير جميعها إلى مسألة كلّية وهي أنّ الأسباب والشرائط المؤثرة في هذه الدنيا والتي يكون لها أثر فاعل في العلاقات الاجتماعية والأواصر المختلفة ، والتي تعود على الإنسان بالنفع أو الخسارة والصداقة والعداء و ... فإنّ جميعها ستتحوّل في عالم الآخرة إلى شكل آخر ، وتحدث مقررات وشرائط جديدة تحل محلّ تلك العلاقات الزائلة.

وهناك آيات أُخرى تشير أيضاً إلى الحالات المختلفة للإنسان في يوم القيامة والتحوّل الذي يحدث وبنحو كلّي في ذلك اليوم ، فهناك طائفة من الناس تعيش حالة السعادة والفرح (٣) ، وطائفة أُخرى تعيش الشقاء والغم (٤) ، وطائفة مطأطئة رءوسها وتعيش حالة الخجل والحياء (٥) ، وطائفة تعيش الرضا والرفعة ، وأُخرى (٦)

__________________

(١). المطففين : ٢٩ ـ ٣٢.

(٢). المطففين : ٣٤ ـ ٣٦.

(٣). عبس : ٣٨ ـ ٤٠ والقيامة : ٢٢ ـ ٢٥.

(٤). عبس : ٣٨ ـ ٤٠ والقيامة : ٢٢ ـ ٢٥.

(٥). الغاشية : ٢ ـ ٨.

(٦). الغاشية : ٢ ـ ٨.

٣٠١

تحشر بوجوه نظرة وبهيئة جميلة (١) ، وطائفة تحشر بصورة قبيحة وبمنظر كريه (٢) ، وطائفة تحشر تحت عنوان أصحاب اليمين (٣) ، وأُخرى من أصحاب الشمال (٤) ، وطائفة من السابقين والمقرّبين (٥) ، وطائفة تؤتى كتابها بيمينها وأُخرى في شمالها (٦). (٧)

__________________

(١) و (٢). آل عمران : ١٠٢ ـ ١٠٦.

(٣) و (٤) و (٥). الواقعة : ٨ ـ ١٠.

(٦). الحاقة : ٦٩ ، الإسراء : ٧١ ، الانشقاق : ٧ ـ ١٠.

(٧). منشور جاويد : ٩ / ٤٢٧ ـ ٤٣٠.

٣٠٢

١١٣

الجنة والنار

سؤال : من البحوث التي دار حولها الجدل بين المذاهب الإسلامية هي مسألة خلق الجنة والنار ، هل هما مخلوقتان فعلاً أم انّهما ستخلقان ، نرجو تسليط الضوء على هذه المسألة وبيان حقيقة الأمر في هذه المسألة الخلافية؟

الجواب : من البحوث التي تتعلّق بالجنة والنار ، بحث وجودهما الفعلي ، ولقد طرحت هذه القضيّة منذ زمن طويل على بساط البحث والجدل ، وهذه المسألة بالرغم من كونها مسألة كلامية واعتقادية ، ولكنّها في نفس الوقت بحثت من وجهة نظر قرآنية وتفسيرية ، بمعنى أنّ هذه القضية يمكن أن ينظر إليها من زاوية الأدلّة العقلية وأُخرى من زاوية تفسيرية ، ونحن إذا رجعنا إلى المصادر الكلامية الإسلامية يتّضح لنا وبجلاء أنّ أكثر العلماء والمفكّرين المسلمين يتبنّون الرأي القائل : «الجنة والنار مخلوقتان فعلاً ، وانّهما موجودتان بالفعل».

يقول المحدّث والمتكلّم الكبير الشيخ الصدوق في هذا المجال : اعتقادنا في الجنة والنار أنّهما مخلوقتان ، وأنّ النبي قد دخل الجنة ورأى النار حين عرج به. (١)

وقد تعرّض الشيخ المفيد رحمه‌الله في كتابه «أوائل المقالات» إلى نقل الأقوال

__________________

(١). اعتقادات الصدوق : ٨٩.

٣٠٣

في المسألة ، ثمّ قال : إنّ الجنة والنار في هذا الوقت مخلوقتان ، وبذلك جاءت الأخبار وعليه إجماع أهل الشرع والآثار ، وقد خالف في هذا القول المعتزلة والخوارج وطائفة من الزيدية ، فزعم أكثر من سمّيناه انّ ما ذكرناه من خلقهما من قسم الجائز دون الواجب.

ووقفوا في الوارد به من الآثار ، وقال من بقي منهم بإحالة خلقهما ، واختلفوا في الاعتلال فقال أبو هاشم الجبائي : إنّ ذلك محال ، لأنّه لا بدّ من فناء العالم قبل نشره وفناء بعض الأجسام فناء لسائرها ، وقد انعقد الإجماع على أنّ الله تعالى لا يفني الجنة والنار. (١)

وقال العلّامة الحلّي في «كشف المراد» : اختلف الناس في أنّ الجنة والنار هل هما مخلوقتان الآن أم لا؟ فذهب جماعة إلى الأوّل وهو قول أبي علي ، وذهب أبو هاشم والقاضي (عبد الجبار) إلى أنّهما غير مخلوقتين ، ثمّ نقل احتجاج كلّ على رأيه. (٢)

والذي يظهر من الإمعان في عبارة الشيخ المفيد التي نقلها في «أوائل المقالات» أنّه توجد في هذا المجال ثلاث نظريات هي :

ألف : انّ الجنّة والنار مخلوقتان وهو قول الأكثرية من العلماء.

ب : انّ خلقهما وتحت الشرائط الفعلية أمرٌ ممكن ، ولكن لا دليل عندنا على تحقّق ذلك فعلاً ، وهذه نظرية المعتزلة والخوارج وطائفة من الزيدية.

ج : النظرية الثالثة تذهب إلى استحالة خلقهما فعلاً ، وقد تبنّى هذه النظرية كلّ من أبي هاشم والقاضي عبد الجبار.

__________________

(١). أوائل المقالات : ١٠٢.

(٢). كشف المراد : ٢٩٨ ، ط مؤسسة الإمام الصادق عليه‌السلام.

٣٠٤

والجدير بالذكر انّ هذه المسألة من المسائل التي لا بدّ من اعتماد المنهج والأُسلوب النقلي لإثباتها ولا بدّ من الرجوع في هذا الصدد إلى الكتاب والسنّة لاستنباط الحكم الفصل في هذه المسألة ثمّ معرفة ما ذا يقصد أبو هاشم من قوله باستحالة وقوعهما ، هل يريد انّ ذلك محال بالغير أو أنّه يريد الاستحالة الوقوعية؟

أدلّة القول بالخلق

إنّ مراجعة آيات الذكر الحكيم توضّح لنا وبصورة جلية انّ الجنة والنار مخلوقتان وانّهما موجودتان بالفعل ، ومن هذه الآيات قوله تعالى :

١. (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى). (١)

وإنّ المراد من (جَنَّةُ الْمَأْوى) هو الجنّة الموعودة ، والتي عبّر عنها في آيات أُخرى بتعابير من قبيل «جنة عدن» وغير ذلك من التعابير والأوصاف ، ومن الواضح أنّ الآية تؤكّد أنّ النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد شاهد أمين الوحي عند «سدرة المنتهى» التي تقع إلى جنب جنة الخلد ، ومن المعلوم إذا كانت الجنة غير مخلوقة بالفعل يُعتبر ذكر تلك العلامة بعيداً عن الفصاحة والبلاغة التي هي من سمات القرآن الكريم الأساسية.

٢. هناك طائفة من آيات الذكر الحكيم تصف الجنة والنار بالإعداد ، وانّ الجنّة أُعدّت للمتّقين ، والنار أُعدّت للكافرين ، وهذا شاهد على وجودهما الفعلي حال الحكاية ، ومن هذه الآيات قوله تعالى :

(... أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ). (٢)

__________________

(١). النجم : ١٣ ـ ١٥.

(٢). آل عمران : ١٣٣.

٣٠٥

وقال تعالى :

(... أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ...). (١)

وفي آية أُخرى يقول سبحانه :

(وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ). (٢)

وقال سبحانه :

(... وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ ...). (٣)

وقال عزّ من قائل :

(... وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً). (٤)

وكما قلنا : إنّ استعمال كلمة «الإعداد» في هذه الآيات يحكي عن وجود الجنة والنار فعلاً في زمن نزول الوحي ، ولو فرضنا انّهما غير موجودتين في زمن نزول الوحي ، فحينئذٍ لا مناص من اللجوء إلى التأويل ، وما دام لا يوجد مبرر للتأويل نحمل الآيات على الظاهر.

والحقّ أنّ هذه الآيات صالحة للاستدلال إذا لم يكن هناك دليل قاطع للتأويل.

إلى هنا اتّضح الموقف القرآني من المسألة ، ولنعطف عنان القلم لبيان القضية من وجهة نظر الروايات الإسلامية ، ومن هذه الروايات نشير إلى رواية الهروي عن الإمام الرضاعليه‌السلام :

__________________

(١). الحديد : ٢١.

(٢). آل عمران : ١٣١.

(٣). التوبة : ١٠٠.

(٤). الأحزاب : ٥٧.

٣٠٦

روى الصدوق في توحيده ، عن الهروي ، قال : قلت للرضا عليه‌السلام : يا ابن رسول الله أخبرني عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقتان؟ فقال : «نعم ، وإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد دخل الجنة ورأى النار لمّا عرج به إلى السماء».

قال : فقلت له : فإنّ قوماً يقولون إنّهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين.

فقال عليه‌السلام : «ما أُولئك منّا ولا نحن منهم ، من أنكر خلق الجنّة والنار فقد كذّب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكذّبنا ، وليس من ولايتنا على شيء ، وخلد في نار جهنم». (١)

مكان الجنة والنار

إذا ثبت انّ الجنة والنار مخلوقتان ينتقل البحث إلى نقطة أُخرى وهي البحث عن مكانهما وأين يقعان فعلاً؟ وقد يستفاد من آيات الذكر الحكيم أنّ مكانهما قريب من سدرة المنتهى حيث قال سبحانه :

(وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى).

فعلى هذا الأساس يكون مكان الجنة الموعودة إلى جنب سدرة المنتهى ، فلا بدّ من إثبات مكان سدرة المنتهى أوّلاً ، ثمّ بعد ذلك نثبت وبالتبع مكان الجنة ، وبما أنّ مكان سدرة المنتهى ـ فضلاً عن حقيقتها ـ مجهول لنا ومحفوف بهالة من الإبهام فلا يمكن أن نقطع بذلك.

يقول التفتازاني : لم يرد نصّ صريح في تعيين مكان الجنة والنار ، والأكثرون على أنّ الجنة فوق السماوات السبع وتحت العرش ، تشبثاً بقوله تعالى : (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) وقوله : «سقف الجنة عرش الرحمن والنار تحت

__________________

(١). بحار الأنوار : ٨ / ١١٩ نقلاً عن عيون أخبار الرضا عليه‌السلام.

٣٠٧

الأرضين السبع». والحقّ تفويض ذلك إلى علم العليم. (١)

والمستفاد من ظواهر الآيات أنّ الجنة والنار خارجتان عن نطاق السماوات والأرض ، والشاهد عليه أنّه سبحانه يصف سعة الجنة بسعة السماوات والأرض يقول :

(وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ). (٢)

فالآية شاهدة على أنّها خارجة عنهما غير أنّ سعتها كسعتهما ، ولا محيص عن القول بأنّ مكان الجنة والنار من الأُمور الغيبية التي نفوّض علم مكانهما إلى الله سبحانه. (٣)

__________________

(١). شرح المقاصد : ٢ / ٢٢٠.

(٢). آل عمران : ١٣٣ ، وبمضمون هذه الآية ، الآية ٢١ من سورة الحديد حيث قال سبحانه : (وجنّة عرضها كعرض السماء والأرض).

(٣). منشور جاويد : ٩ / ٣٦٣ ـ ٣٧٥.

٣٠٨

١١٤

أصحاب الأعراف

سؤال : لقد أشارت بعض الآيات إلى الأعراف وأصحاب الأعراف ، ما المقصود منه؟ ومن هم أصحاب الأعراف؟ وما هي سيماهم؟

الجواب : لقد وردت كلمة «الأعراف» في القرآن الكريم مرتين : تارة بلفظ : (وَعَلَى الْأَعْرافِ) ، وأُخرى بلفظ (أَصْحابُ الْأَعْرافِ). والآيتان تتعلّقان بيوم القيامة ومواقف ومنازل الآخرة ، فلننظر لنرى ما ذا يراد من كلمة «الأعراف»؟ ومن هم «أصحاب الأعراف»؟

أمّا «الأعراف» لغة فمأخوذ من «العُرْف» وهو عرف الفرس أو عرف الديك ، وقد يطلق على النقطة المرتفعة (١) فيكون الأعرافي هو المنتسب لهذه النقطة الرفيعة ، ويكون موقعهم ذلك الموقع الرفيع.

إلى هنا اتّضح لدينا المعنى اللغوي لكلمة «الأعراف» ، وحان الوقت للتعرف على المراد من ذلك في مواقف يوم القيامة ومنازلها؟

يقول الشيخ الصدوق في كتابه «الاعتقادات» : اعتقادنا في الأعراف انّه سور

__________________

(١). أقرب الموارد : ج ٢ ، مادة «عُرْف».

٣٠٩

بين الجنة والنار ، (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) ، والرجال هم النبي وأوصياؤه عليهم‌السلام لا يدخل الجنة إلّا من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلّا من أنكرهم وأنكروه ، وعند الأعراف ، المرجون لأمر الله إمّا يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم. (١)

وقال المفيد : قد قيل : إنّ الأعراف جبل بين الجنة والنار ، وقيل أيضاً : إنّه سور بين الجنة والنار ، وجملة الأمر في ذلك انّه مكان ليس من الجنة ولا من النار ، وقد جاء الخبر بما ذكرناه وإنّه إذا كان يوم القيامة كان به رسول الله وأمير المؤمنين والأئمّة من ذرّيته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم الذين عنى الله سبحانه بقوله :

(وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) (٢). (٣)

والجدير بالذكر انّ مصطلح الأعراف له جذور قرآنية ، وانّ الآيات التي تعرضت لذلك عبارة عن :

١. (وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ). (٤)

٢. (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). (٥)

__________________

(١). بحار الأنوار : ٨ / ٣٤٠.

(٢). الأعراف : ٤٦.

(٣). شرح عقائد الصدوق : ٤٨ ـ ٤٩.

(٤). الأعراف : ٤٦.

(٥). الأعراف : ٤٧.

٣١٠

٣. (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ). (١)

٤. (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ). (٢)

دلّت الآية الأُولى على أنّ الواقفين على الأعراف يعرفون أهل الجنة وأهل النار ، فإذا بأصحاب الجنة ينادونهم بالتسليم عليهم ، وهم بعدُ لم يدخلوا الجنة ولكن ينتظرون الدخول ، كما يقول سبحانه : (وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) ، أي نادى أصحاب الأعراف أصحاب الجنّة أن (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) تحية منهم إليهم وهم بعد لم يدخلوها ولكن ينتظرون أن يؤذن لهم بالدخول ، وكأنّهم مصطفّون على أبواب الجنّة ينتظرون الإذن الإلهي بالدخول.

ثمّ إنّ أصحاب الأعراف ينظرون إلى أصحاب النار نظر عداء ، فلا ينظرون إليهم إلّا إذا صرفت وجوههم إليهم ولأجل التبري من أعمالهم يقولون :

(رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

كما يقول سبحانه :

(وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

وبما أنّ أصحاب الأعراف نادوا أصحاب الجنة ـ فبطبع الحال ـ ينادون أصحاب النار الذين تبرّءوا منهم فنادوهم بما يحكي عنهم سبحانه ، ويقول :

(وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما

__________________

(١). الأعراف : ٤٨.

(٢). الأعراف : ٤٩.

٣١١

أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ).

ولمّا كان أصحاب النار يستهزءون بالمؤمنين ويصفونهم بأنّهم لا يصيبهم الله برحمة وخير ولا يدخلون الجنة ، حاول أصحاب الأعراف تقريعهم وتكذيبهم وقالوا : أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمته ، فانظروا كيف نالتهم رحمة الله وهم مصطفون على أبواب الجنة ينتظرون الدخول ، فيأذن أصحاب الأعراف لهم الدخول أمام أعين أصحاب النار ويخاطبونهم (... ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) ، وعلى ما ذكرنا يكون قوله : (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) في الآية الأُولى راجع إلى المؤمنين المصطفين على أبواب الجنة.

كما أنّ قوله في الآية الرابعة : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) راجع إلى هؤلاء الذين كانوا من أصحاب الجنة وهم بعد لم يدخلوها.

هذا ما يستفاد من الآيات ، ولكن مَن هم أصحاب الأعراف؟ فقد اختلفت فيه كلمة المفسّرين إلى أقوال مختلفة تصل إلى اثني عشر قولاً ، بعضها مردود وباطل قطعاً وساقط عن الاعتبار ، والبعض الآخر منها يستحقّ الذكر ولذلك سنورده هنا ، وهذه الأقوال هي :

أ. فئة من الناس لهم مكانة خاصّة ، وقد شملتهم عناية الله.

ب. هم الذين تستوي حسناتهم وسيئاتهم ، ولأجل ذلك لا يدخلون الجنة والنار بل يمكثون بينهما وإن كانت عاقبتهم الجنة لشمول رحمة الله سبحانه لهم.

ج. الملائكة المتمثّلون بصورة الرجال يعرفون الجميع.

د. الفئة العادلة من كلّ أُمّة الذين يشهدون على أُمّتهم.

ه. فئة صالحة من حيث العلم والعمل.

هذه هي الأقوال المذكورة في المقام ، لكن القول الثاني مردود ، لأنّ

٣١٢

المتوسطين في العلم والعمل ليس لهم أي امتياز حتّى يهنّئوا ويسلّموا على أصحاب الجنة ويندّدوا ويوبّخوا أصحاب النار.

كما أنّ القول الثالث لا يدعمه الدليل ، وهو خلاف ظاهر الآية.

وأما القول الرابع والخامس فقريبان من القول الأوّل ويمكن إرجاع الجميع إلى قول واحد.

والحاصل : انّ أصحاب الأعراف هم الرجال المثاليّون الذين بلغوا في العلم والعمل درجة ممتازة ، ويشكّل الأنبياء والأولياء معظمهم ، ثمّ الصالحون والصادقون.

ثمّ إنّ ما تضمنته هذه الآيات إنّما هو من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ، ويحكي لنا حقيقة رائعة لا تدرك إلّا بهذا النحو الوارد في الآيات ، وكأنّ الحكومة المطلقة لله سبحانه تتجلّى يوم القيامة بالشكل التالي :

ألف. طائفة متنعّمة (أصحاب الجنة) جزاء لأعمالهم الحسنة.

ب. طائفة معذّبة (أصحاب النار) جزاء لأعمالهم السيّئة.

ج. طائفة تنفِّذ أوامره سبحانه بإدخال أهل الجنة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار.

الأعراف في الروايات

لقد بيّنا ومن خلال البحث السابق النكات التي يمكن استفادتها من خلال الآيات القرآنية الكريمة ، ومن حسن الحظ أنّ الأحاديث والروايات الإسلامية قد أولت هي الأُخرى هذه المسألة عناية خاصة. ومن أجل أن يكون البحث أكثر شمولية وعمقاً نرى من اللازم التعرّض لدراسة مضامين تلك

٣١٣

الروايات ولو بصورة مختصرة.

وبعبارة أُخرى : لقد ركّزت الروايات على أمرين هما :

١. ما هي الأعراف؟

٢. من هم أصحاب الأعراف؟

أمّا ما يخصّ الأمر الأوّل فقد عبّرت عنه الروايات بتعبيرين :

ألف. الأعراف مكان مرتفع يقع بين الجنة والنار.

فقد روي عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال :

«إنّ الأعراف كثبان بين الجنة والنار». (١)

ب. الأعراف طريق بين الجنة والنار :

فقد روي عن الإمام الباقر عليه‌السلام أنّه قال : «الأعراف صراط بين الجنة والنار». (٢)

والجدير بالذكر أنّه لو ثبت أنّ المراد من الأعراف هو الصراط ، فلا شكّ أنّه ليس هو الصراط الذي تكفّلت ببيانه الآيات الأُخرى والذي عدّ واحداً من منازل الآخرة ، وذلك لأنّ الطريق المذكور طريق عام يجتازه كلّ من المؤمنين والكافرين ، طائفة تسلكه متوجّهة إلى الجنة وأُخرى إلى النار ، والحال أنّ الأعراف مقام خاص لعدّة من الناس فقط.

أمّا ما هي النكتة في إطلاق لفظ الصراط على الأعراف وتسميته بالصراط؟

الذي يستفاد من ذيل هذه الرواية والروايات الأُخرى أنّ علّة تلك التسمية :

__________________

(١). بحار الأنوار : ٨ / ٣٣٥ ، باب الأعراف من كتاب العدل والمعاد ، ح ٢.

(٢). المصدر نفسه : الحديث ٣.

٣١٤

انّ لفيفاً من المؤمنين العصاة يحتفّون حوله وينتظرون مصيرهم الذي يرتبط بشفاعة النبي وآلهعليهم‌السلام ، فمن هذه الجهة أُطلق على الأعراف لفظ الصراط لهذه المشابهة.

وأمّا البحث الثاني : مَن هم أصحاب الأعراف؟

اختلفت الروايات في هذه المسألة إلى ثلاثة أقوال هي : إنّ أصحاب الأعراف هم :

١. الأئمّة المعصومون عليهم‌السلام

ذهبت أكثر الروايات إلى تفسير أصحاب الأعراف بالأئمّة عليهم‌السلام ، وقد بلغ عدد الروايات التي نقلها العلّامة المجلسي في هذا الباب أربع عشرة رواية ، وبعد نقل الروايات أكّد المجلسي وجود روايات كثيرة بهذا المعنى نقلها في أبواب فضائلهم عليهم‌السلام.

وعلى هذا الأساس يمكن القول لا شك ـ وفقاً للنظرية الشيعية ـ بأنّ الأئمّة عليهم‌السلام هم من جملة أصحاب الأعراف يعرفون جميع أصحابهم وخصومهم.

٢. المؤمنون العصاة

وردت في هذا المعنى رواية واحدة حيث اعتبرت وبالإضافة إلى الأئمّة أنّ من أصحاب الأعراف طائفة من عصاة الشيعة.

وقد نقل الرواية علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن بريد ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام.

«الأئمّة عليهم‌السلام يقفون على الأعراف مع شيعتهم وقد سبق المؤمنون إلى الجنة بلا حساب ، فيقول الأئمّة لشيعتهم من أصحاب الذنوب : انظروا إلى إخوانكم في

٣١٥

الجنة قد سبقوا إليها بلا حساب ، وهو قول الله تبارك وتعالى : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ).

ثمّ يقال لهم : انظروا إلى أعدائكم في النار ، وهو قوله : (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

(وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ) ـ في النار ـ (قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ) ـ في الدنيا ـ (وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ).

ثمّ يقول لمن في النار من أعدائهم : هؤلاء شيعتي وإخواني الذين كنتم أنتم تحلفون في الدنيا أن لا ينالهم الله برحمته.

ثمّ يقول الأئمّة لشيعتهم : (... ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ).

ثمّ نادى أصحاب النار أصحاب الجنّة أن أفيضوا علينا من الماء أو ممّا رزقكم الله. (١)

٣. الذين تتساوى حسناتهم وسيئاتهم

كذلك وردت في هذا المعنى رواية نقلها العياشي حيث قال :

سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام وقال : قلت له : أيّ شيء أصحاب الأعراف؟

قال : «استوت الحسنات والسيئات ، فإن أدخلهم الله الجنة برحمته ، وإن عذبهم لم يظلمهم». (٢)

__________________

(١). بحار الأنوار : ٨ / ٣٣٥ ، باب ٢٥ ، الحديث ٢.

(٢). بحار الأنوار : ٨ / ٣٣٧ ، الحديث ١١.

٣١٦

مقارنة مضامين الروايات والآيات

بعد أن تعرّضنا لذكر الروايات الواردة في هذا المجال وتعرّفنا على مضامينها يجدر بنا أن نقارن بين مضامينها والمضامين الواردة في الآيات.

لا ريب أنّه لا توجد منافاة في القسم الأوّل (موقع الأعراف) بين مضامين الآيات والروايات ، وذلك لأنّ المستفاد من الآيات هو وجود حائل وواسطة بين الجنة والنار لا أكثر أُطلق عليه لفظ الأعراف ، وأمّا الروايات فقد تصدّت لتوضيح ذلك الحائل بأنّه المكان المرتفع أو أنّه الصراط الذي يقع بين الجنة والنار.

كذلك لا منافاة في القسم الثاني (مَن هم أصحاب الأعراف) على القول بأنّهم الأئمّة المعصومون عليهم‌السلام ، وذلك لأنّ الآيات في الواقع لم تتعرض لذكر المصاديق لرجال الأعراف ، وإنّما اكتفت بذكر بعض خصائصهم كقوله تعالى : (يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَ ...) وأمّا الروايات فقد تعرضت لذكر المصاديق ، أو على الأقل ذكرت المصداق الأكمل لرجال الأعراف.

وأمّا الطائفتان الثانية والثالثة من الروايات ، أعني : رواية علي بن إبراهيم ورواية العياشي فكلاهما في الحقيقة تشيران إلى واقعية وحقيقة واحدة ، لأنّه ليس من المستبعد انّ المقصود من : «الذين تتساوى حسناتهم وسيّئاتهم» ـ كما ورد في رواية العياشي هم المؤمنون العاصون من الشيعة الذين ورد ذكرهم في رواية علي بن إبراهيم.

نعم انّ هذا التفسير لا ينسجم مع ما استفدناه من ظاهر سياق الآيات ، لأنّه ووفقاً للبحث السابق حملنا قوله تعالى : (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) وقوله تعالى : (إِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ ...) على أصحاب الجنة الذين يقفون على حدود وأطراف الجنة ولم يدخلوها فعلاً ، ولا علاقة لهاتين الجملتين بأصحاب الأعراف.

٣١٧

وبعبارة أُخرى : انّ أصحاب الأعراف أُناس من الطراز الأوّل والنوع الممتاز المنزّه والمصون من كلّ أنواع الانحراف والزلل ، بل انّ مصير طائفة من أهل الجنّة والنار مرهون باختيار طائفة من أصحاب الأعراف ، والحال أنّنا نرى أنّ مفاد ومضمون بعض الروايات انّه يوجد في زمرة أصحاب الأعراف مجموعة من الناس المذنبين!!

ويمكن القول : إنّ الآيات المذكورة وإن كان سياقها يتناسب مع ما قلنا سابقاً ولكن هذه الآيات لا تأبى الانسجام مع مضامين الروايات ، بأن نجمع بينهما ، كما فعل ذلك العلّامة المجلسي حيث اعتبر وجه الجمع بين الآيات والروايات هو مضمون رواية علي بن إبراهيم وانّ أصحاب الأعراف ينقسمون إلى طائفتين :

١. الأنبياء والأئمة والكمّل من الناس.

٢. المؤمنون العصاة.

وكذلك ذهب إلى هذه النظرية كلّ من العالمين الكبيرين الشيخ الصدوق رحمه‌الله والشيخ المفيد قدس‌سره ، حيث قال : والرجال هم النبي وأوصياؤه عليهم‌السلام ، لا يدخل الجنة إلّا من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلّا من أنكرهم وأنكروه ، وعند الأعراف المرجون لأمر الله إمّا يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم.

وعلى كلّ حال فبحث «الأعراف» و «أصحاب الأعراف» من البحوث التي تعتمد على النقل بدرجة مائة بالمائة ، وإنّ المسألة تعبدية ولا طريق لدرك هذه الحقيقة ، وواقع الأمر والخصوصيات إلّا من خلال الوحي ، ومن الواضح أنّ الآيات والروايات لم تدع أيّ مجال للريب والشكّ في هذه الحقيقة التي يجب الإذعان بها باعتبارها تمثل أحد المراحل المسلّمة ، في عالم الآخرة وكيفية وقوع القيامة والحساب. (١)

__________________

(١). منشور جاويد : ٩ / ٣٥٤ ـ ٣٦٢.

٣١٨

١١٥

حال الأشقياء يوم القيامة

سؤال : لقد تعرّض القرآن الكريم لبيان حالات الناس الأشقياء يوم القيامة ، فما هي تلك الحالات؟ وما هي كيفيتها؟

الجواب : لقد وردت آيات كثيرة في الذكر الحكيم وبصور وعناوين مختلفة لبيان حالات الأشقياء يوم القيامة ، ونحن هنا واعتماداً على تلك الآيات نسلّط الضوء على أحوال تلك الطائفة من الناس الأشقياء ، ومن تلك الحالات :

الف. أصحاب الشمال

لقد ركّز القرآن الكريم على أحوال أصحاب الشمال ، فتارة تحدّث عن أحوالهم في الدنيا ، وأُخرى في الآخرة.

أمّا في الآخرة فقد وصفهم بالصفات التالية :

١. بيان حالهم حين يرون صحيفة أعمالهم ، حيث قال سبحانه واصفاً تلك الحالة :

(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ* وَلَمْ

٣١٩

أَدْرِ ما حِسابِيَهْ) (١)

٢. بيان تمنّيهم أن يكون الموت فناءً لهم بالكامل وأن لا يحشروا مرّة أُخرى ، قال تعالى :

(يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ). (٢)

٣. بيان حالهم في أنّهم سينكشف لهم انّ أموالهم وأولادهم لا تنفعهم شيئاً ، وينكشف لهم عجزهم وانكسارهم وانّ ما جمعوه من المال والسلطة والنفوذ لن يمنعهم من العذاب ، قال تعالى :

(ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ* هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ). (٣)

٤. يأخذه الموكّلون به يغلّونه فيصلونه الجحيم ، قال تعالى :

(خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ). (٤)

٥. وقد كشفت سورة الواقعة حالهم بنحو آخر حيث جاء فيها :

(وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ* فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ* وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ* لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ). (٥)

٦. يطعمون من شجرة الزقوم ويشربون من الحميم قال تعالى :

(ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ* لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ* فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ* فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ). (٦)

__________________

(١). الحاقة : ٢٥ ـ ٢٦.

(٢). الحاقة : ٢٧.

(٣). الحاقة : ٢٨ ـ ٢٩.

(٤). الحاقة : ٣٠ ـ ٣٢.

(٥). الواقعة : ٤١ ـ ٤٤.

(٦). الواقعة : ٥١ ـ ٥٤.

٣٢٠