الفكر الخالد في بيان العقائد - ج ٢

الشيخ جعفر السبحاني

الفكر الخالد في بيان العقائد - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


المحقق: اللجنة العلميّة في مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-154-8
الصفحات: ٤٦٤
الجزء ١ الجزء ٢

عن الباطل ، بل الطيب عن الخبيث ، وهذا أمر جار في الدنيا والآخرة.

وبذلك تقف على إتقان ما روي عن الإمام زين العابدين عليه‌السلام ، وقد قال فيما كان يعظ به الناس : «ثمّ رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب ، فقالعزوجل : (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ). (١)

فإن قلتم : أيّها الناس ، إنّ الله عزوجل إنّما عني بهذا أهل الشرك فكيف ذلك ، وهو يقول :

(وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ). (٢)

واعلموا عباد الله أنّ أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدواوين وإنّما يحشرون إلى جهنم زمراً ، وإنّما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الإسلام». (٣)

ويؤيد ذلك ما نقل عن الإمام السجاد عليه‌السلام أيضاً أنّه قال : «ما يوضع في ميزان امرئ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق». (٤)

وبما أنّ حسن الخلق من أبرز صفات الأنبياء ، فمن تمتّع به فهو أشبه بالأنبياء من غيره ، فيكون عمله عملاً قيّماً له أثره الخاص.

نماذج من كلمات المفكّرين والعلماء

وفي ختام البحث نشير إلى بعض كلمات أصحاب الاختصاص من العلماء ،

__________________

(١). الأنبياء : ٤٦.

(٢). الأنبياء : ٤٧.

(٣). بحار الأنوار : ٧ / ٢٥٠ ، الباب العاشر من كتاب العدل والمعاد ، الحديث ٨.

(٤). بحار الأنوار : ٧ / ٢٤٩ ، الباب العاشر من كتاب العدل والمعاد ، الحديث ٧.

٢٨١

كالغزالي والفيض الكاشاني وغيرهم.

وللمحقّق الكاشاني كلام في تفسير الملكين المعروفين بمنكر ونكير يناسب ذكره في المقام لصلته بما ذكرنا ، يقول :

ويخطر بالبال انّ المنكر عبارة عن جملة الأعمال المنكرة التي فعلها الإنسان في الدنيا فتمثّلتا في الآخرة بصورة مناسبة لها مأخوذ ممّا هو وصف الأفعال في الشرع ، أعني : المذكور في مقابلة المعروف.

والنكير هو الإنكار لغة ، ولا يبعد أن يكون الإنسان إذا رأى فعله المنكر في تلك الحال أنكره ووبّخ نفسه عليه ، فتمثّل تلك الهيئة الإنكارية أو مبدؤها من النفس بمثال مناسب لتلك النشأة ، فإنّ قوى النفس ومبادئ آثارها كالحواس ومبادئ اللّمم تسمّى في الشرع بالملائكة.

ثمّ إنّ هذا الإنكار من النفس لذلك المنكر يحملها على أن تلتفت إلى اعتقاداتها وتفتش عنها ، أهي صحيحة حسنة حقّة أم فاسدة خبيثة باطلة؟ ليظهر نجاتها وهلاكها ويطمئن قلبها ، وذلك لأنّ قبول الأعمال موقوف على صحّة الاعتقاد ، بل المدار في النجاة على ذلك كما هو مقرر ضروري من الدين ، وإليه أُشير بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «حب علي حسنة لا تضرّ معها سيئة ، وبغض علي سيّئة لا تنفع معها حسنة». (١)

ويقول الحكيم عبد الرزاق اللاهيجي ما هذا تعريبه : إنّ المفاهيم الكلّية ذات مصاديق مختلفة عبر الزمان ، فهذا لفظ القلم كان يطلق على القلم المنحوت من القصب ، ولكن تلك الخصوصية لم تؤخذ في ماهيته ، ولذلك يطلق على ما إذا كان من حديد وغيره.

__________________

(١). الحقائق في محاسن الأخلاق : ٤٤٦.

٢٨٢

ونظيره الميزان فإنّ منه ما يوزن به المتاع ، ومنه ما يوزن به الوقت ، ومنه ما يوزن به الأشكال الهندسية كالفرجار والمسطرة والقوس ، ومنه ما يوزن به الأشعار كعلم العروض ، ومنه ما يوزن به خطأ الإدراكات وصحتها كالمنطق ، وعلى هذا فلا مانع من أن يكون نفس الأنبياء موازين الأعمال ، فكلّ عمل يشبه أعمالهم فهو حقّ ، وكلّ عمل يخالف أعمالهم فهو باطل.

فكلّ عمل عند المقايسة إلى أعمالهم يعلم كونه صالحاً أو طالحاً ، صحيحاً أم فاسداً.(١)

ويؤيده الحديث التالي :

عن هشام بن سالم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل :

(وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً)؟

قال : «هم الأنبياء والأوصياء» (٢). (٣)

__________________

(١). گوهر مراد : ٤٧٨.

(٢). بحار الأنوار : ٧ / ٢٤٩ ، باب الميزان ، الحديث ٦.

(٣). منشور جاويد : ٩ / ٣١٧ ـ ٣٢٧.

٢٨٣

١١١

الشهود يوم القيامة

سؤال : كلّ محكمة أو قضاء يحتاج إلى شهود ، فمَن هم الشهود يوم القيامة؟

الجواب : من الواضح ـ وكما جاء في متن السؤال ـ إنّ كلّ محكمة تتطلّب وجود شهود قد حضروا الواقعة ليشهدوا لصالح هذا الطرف أو ذاك أو يشهدون ضده. وبعد أن تطوي المحكمة مجموعة من المراحل تصدر حكمها وفقاً لذلك ، على هذا الأساس قامت محكمة العدل الإلهي يوم القيامة ، إذ يوجد في ذلك اليوم طائفة من الشهود يشهدون على أعمال الإنسان وما اقترفه في الحياة الدنيا.

ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة بقوله سبحانه :

(... يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ). (١)

وفي آية أُخرى يشير سبحانه إلى مضمون الشهادة حيث يقول سبحانه :

__________________

(١). غافر : ٥١.

٢٨٤

(... يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ ...). (١)

ويمكن تقسيم الشهود في يوم القيامة إلى طائفتين أو صنفين :

الطائفة الأُولى : الشهود مثل (الله والأنبياء ...).

الطائفة الثانية : أعضاء البدن.

وهنا يمكن الإشارة إلى نوع آخر من الشهود وإن كان يحتاج إلى بحث مستقل ، وهذا الشاهد هو تجسّم الأعمال.

إنّ المراد من «تجسّم الأعمال» هو أنّ أعمال الإنسان الأعم من الحسنة والسيّئة تتجلّى بصورة خاصة يوم القيامة ، فالأفعال الحسنة تظهر بصورة موجودات جميلة تسرّ الناظرين ، والأعمال القبيحة والذنوب تظهر بصورة موجودات قبيحة المنظر كريهة الشكل والصورة ، بنحو يُعدّ ذلك بنفسه نوعاً من العقاب للمجرمين والمذنبين وشاهداً على جرائمهم وذنوبهم.

ونحن هنا نستعرض الطائفة الأُولى من الشهود الذين هم من خارج الإنسان وروحه والذين تعرّض القرآن الكريم في آيات كثيرة لذكرهم.

١. الله جلّ جلاله

الشاهد الأوّل على سلوك الإنسان وعمله وتصرفاته هو الله سبحانه وتعالى الذي لا تخفى عليه خافية في هذا العالم ، ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة حيث قال سبحانه :

(.. لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ). (٢)

__________________

(١). هود : ١٨.

(٢). آل عمران : ٩٨.

٢٨٥

وفي آية أُخرى يقول سبحانه :

(... إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ). (١)

وقال تعالى أيضاً :

(... فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ). (٢)

٢. الأنبياء

يؤكّد القرآن الكريم وبوضوح تام أنّه يوجد في كلّ أُمّة شهيد يشهد على أعمال تلك الأُمّة يوم القيامة حيث قال سبحانه :

(فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً). (٣)

وقد جاء هذا المعنى في آيات أُخرى بصورة كلّية. (٤)

ولقد استظهر المفسّرون أنّ المراد من الشاهد هنا هو نبيّ كلّ أُمّة ، بشهادة أنّه سبحانه صرّح بأنّ السيد المسيح عليه‌السلام يكون شهيداً على أُمّته ، قال تعالى :

(وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً). (٥)

إذاً يمكن استظهار أنّ شهود كلّ أُمّة أنبياؤها.

__________________

(١). الحج : ١٧.

(٢). يونس : ٤٦.

(٣). النساء : ٤١.

(٤). انظر : النحل : ٨٤ و ٨٩ ، القصص : ٧٥.

(٥). النساء : ١٥٩.

٢٨٦

وهنا بحث آخر ينبغي الالتفات إليه وهو أنّ الآية السالفة الذكر قد أثبتت الشهادة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث جاء فيها : (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) ، وحينئذٍ يقع البحث في المقصود من قوله : (عَلى هؤُلاءِ) ، هل هم الأنبياء أم أُممهم؟

يوجد احتمالان ذكر المرحوم الطبرسي الاحتمال الأوّل منهما ولم يتعرض لذكر الاحتمال الثاني ، ويمكن القول بقرينة كلمة (هؤُلاءِ) في قوله تعالى : (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) انّ المراد هو أُمّة النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٣. نبي الإسلام

لقد أوضحت الآيات السابقة انّ النبي الأكرم شاهد على أعمال أُمّته وما يصدر منهم ، ولكن هناك آيات تشير إلى هذا المعنى بصورة صريحة وواضحة ، ولذلك حاولنا أن نفردها في البحث هنا.

فلقد وصفت بعض الآيات الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّه شاهد ومبشر ، قال تعالى :

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً ...). (١)

فمن الممكن أن يكون المقصود من الشاهد هنا هو الشهادة على أعمال عباده يوم القيامة.

وفي آية أُخرى يقول سبحانه :

(إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ ...). (٢)

ومع الأخذ بعين الاعتبار انّ الشهادة فرع التحمّل والشهود ـ أي انّ الشهادة تتم بعد علم الشاهد بالواقعة أو الحادثة ـ ندرك أنّ الآية المباركة دليل واضح على

__________________

(١). الأحزاب : ٤٥ ، الفتح : ٨.

(٢). المزمل : ١٥.

٢٨٧

سعة وشمولية علم النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للأعمال الظاهرية والباطنية ، للأُمّة الإسلامية.

٤. الملائكة

الشاهد الآخر على أعمال العباد وأفعالهم ، الملائكة المراقبون لأعمال العباد والذين يستنسخون عملهم ويشهدون عليهم يوم القيامة أمام محكمة العدل الإلهي ، فإنّ طائفة من الملائكة مهمتهم جلب المجرمين إلى ساحة المحكمة ، وطائفة من الملائكة تشهد على أعمالهم وأفعالهم ، قال تعالى :

(وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ* لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ* وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ). (١)

يقول أمير المؤمنين عليه‌السلام :

«سائقٌ يَسُوقُها إلى مَحْشَرِهَا وَشاهِدٌ يَشْهَدُ عَلَيْها بِعَمَلِها». (٢)

وقد وردت الإشارة إلى شهادة الملائكة في آيات أُخرى ، منها قوله سبحانه :

(ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). (٣)

ويقول سبحانه :

(وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ* كِراماً كاتِبِينَ* يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ). (٤)

__________________

(١). ق : ٢١ ـ ٢٢.

(٢). نهج البلاغة : الخطبة ٨٥.

(٣). ق : ١٨.

(٤). الانفطار : ١٠ ـ ١٢.

٢٨٨

٥. الأرض

الشاهد الآخر الذي يشهد على أعمال العباد وتصرفاتهم ، الأرض التي يجري عليها العمل الصالح أو الطالح ، ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة بقوله سبحانه :

(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها* بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها). (١)

لم تشر الآية إلى نوع المخبر عنه وانّ الأرض تخبر عن أيّ شيء؟ ولكن بقرينة كون الآية تتحدث عن بعث الناس يوم القيامة وانّهم سيرون أعمالهم التي اقترفوها يوم القيامة ، يتّضح بجلاء أنّ إخبار الأرض يتعلّق بأعمال العباد الصالحة منها أو الطالحة ، خيراً أو شراً ، ولذلك أردفها مباشرة بالحديث عن ثواب الأعمال وجزائها حيث قال سبحانه :

(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ* فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ). (٢)

والجدير بالذكر انّه ليس كلّ نقاط الأرض تشهد على الإنسان ، بل الذي يشهد منها هو البقعة التي ارتكب الإنسان العمل عليها خيراً أم شراً ، ولقد أكّدت الروايات هذا المعنى.

سأل أبو كهمس أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : يصلّي الرجل نوافله في موضع أو يفرقها؟ قال عليه‌السلام : «لا ، بل هاهنا وهاهنا ، فإنّها تشهد له يوم القيامة». (٣)

__________________

(١). الزلزلة : ٤ ـ ٥.

(٢). الزلزلة : ٦ ـ ٨.

(٣). بحار الأنوار : ٧ / ٣١٨ ، باب ١٦ ، الحديث ١٥ ، وجاء في الحديث رقم ١١ : «والبقاع التي تشتمل عليه شهود ربه له أو عليه».

٢٨٩

ولقد وردت في المصادر الحديثية روايات كثيرة في خصوص شهادة الأرض على أعمال الإنسان في يوم القيامة ، وقد جاءت هذه الروايات في الأبواب المتعلّقة بالصلاة الواجبة والمستحبة ، والحجّ ، والجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و ... ، ولكثرتها يحتاج بحثها ودراستها إلى بحث مستقل وشامل خارج عن حدود البحث هنا ، ولقد روي عن الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «أتدرون ما أخبارها؟» قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : «أخبارها أن تشهد على كلّ عبد وأنّه بما عمل على ظهرها تقول : عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا». (١)

ولقد أزاحت الآيات والروايات الستار عن وجه الحقيقة وأشارت إلى تلك المعارف الدقيقة في وقت كان يغط العالم فيه بسبات ويعيش الجهل المطبق وانعدام الفكر والمعرفة ، وهذا شاهد صدق على أحقّية المعارف الإسلامية وانّها تنبع من عين صافية وتنزل من لدن عليم حكيم.

ولقد أشار الحكيم الرومي إلى هذه الحقيقة بأبيات رائعة استوصى مضامينها من آيات الذكر الحكيم والروايات الشريفة. (٢) :

٦. الزمان

إذا كانت الأرض وبشهادة الآيات القرآنية تشهد يوم القيامة بما جرى عليها من عمل وما اقترف من أفعال ، كذلك الزمان ليله ونهاره يشهدان على الإنسان بما اقترف من أعمال.

روى الكليني عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «إنّ النهار إذا جاء قال يا ابن

__________________

(١). مجمع البيان : ٩ ـ ١٠ / ٧٩٨ ، تفسير سورة الزلزلة.

(٢). مثنوي : الدفتر الثالث باللغة الفارسيّة.

٢٩٠

آدم : اعمل في يومك هذا خيراً أشهد لك به عند ربّك يوم القيامة ، فإنّي لم آتك فيما مضى ولا آتك فيما بقي ، وإذا جاء الليل قال مثل ذلك». (١)

كما روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عليه‌السلام قال : «الليل إذا أقبل نادى مناد بصوت يسمعه الخلائق إلّا الثقلين : يا ابن آدم إنّي على ما في شهيد فخذ منّي ، فإنّي لو طلعت الشمس لم تزدد في حسنة ولم تستعتب في من سيئة ، وكذلك يقول النهار إذا أدبر الليل». (٢)

٧. القرآن

دلّت بعض الروايات على أنّ القرآن الكريم يظهر يوم القيامة بصورة إنسان ليشهد على الأُمّة وعلى طريقة تعاملهم معه ، ويشكو إلى الله سبحانه وتعالى هجرهم له ، وفي نفس الوقت يشهد بحق من حفظوه وصانوه واعتنوا به.

فقد روى سعد الخفاف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : «... إنّه سبحانه يخاطب القرآن الكريم ويقول : يا حجّتي في الأرض ... كيف رأيت عبادي؟ فيقول : منهم من صانني وحافظ عليَّ ولم يضيع شيئاً ، ومنهم من ضيّعني واستخف بحقّي وكذب وأنا حجّتك على جميع خلقك ، فيقول الله تبارك وتعالى : وعزّتي وجلالي وارتفاع مكاني لأُثيبنّ عليك اليوم أحسن الثواب ولأُعاقبنّ عليك اليوم أليم العقاب». (٣)

__________________

(١). بحار الأنوار : ٧ / ٣٢٥ ، الباب ١٦ من كتاب العدل والمعاد ، الحديث ٢٢ و ٢١.

(٢). بحار الأنوار : ٧ / ٣٢٥ ، الباب ١٦ من كتاب العدل والمعاد ، الحديث ٢٢ و ٢١.

(٣). بحار الأنوار : ٧ / ٣١٩ ـ ٣٢٠ ، الباب ١٦ من كتاب العدل والمعاد ، الحديث ١٦.

٢٩١

٨. صحيفة الأعمال

من الشهود الذين يشهدون على الإنسان يوم القيامة صحيفة أعماله التي تحتوي على جميع أعماله الحسنة والسيّئة الخيّرة والشريرة.

ولقد أكّد القرآن الكريم وفي آيات كثيرة وجود هذه الصحيفة حيث قال سبحانه :

(... قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ). (١)

وقال تعالى في آية أُخرى :

(أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ). (٢)

فهاتان الآيتان صريحتان في أنّ الملائكة يكتبون كلّ ما يصدر من الإنسان ويحصون عليه جميع حركاته وسكناته الظاهرة والخفيّة إلّا أنّهما لم تتعرضا إلى مسألة الشهادة يوم القيامة ، ولكن من الواضح أنّ الكتابة لا بدّ أن تكون نابعة من غرض وهدف ، وإلّا لأصبح هذا التدوين وهذه الكتابة لغواً ، وما هذا الغرض إلّا لأجل الاحتجاج على الإنسان يوم القيامة فتكون الكتابة مقدّمة للاحتجاج ، ولذلك نرى القرآن الكريم يصرّح في آية أُخرى :

(وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ ...). (٣)

وفي آية أُخرى :

(... وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ* وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ

__________________

(١). يونس : ٢٠.

(٢). الزخرف : ٨٠.

(٣). الكهف : ٤٩.

٢٩٢

جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا ... * هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ ...). (١)

والعجيب هنا أنّ هذه الصحيفة بنحو من الدقّة في تدوين وتسجيل الأعمال : دقيقها وجليلها ، بل والأُمور الخفية جداً حتّى أنّ المجرمين يتعجّبون من هذه الدقّة ، ولقد حكى لنا القرآن الكريم حالهم يوم القيامة بقوله سبحانه :

(... ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها ...). (٢)

وفي آية أُخرى يصرّح القرآن الكريم أنّ كلّ إنسان تعلّق صحيفة عمله في عنقه :

(وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً). (٣)

إلى هنا تمّ البحث عن الشهود الذين هم من خارج نفس الإنسان ، وحان الوقت للحديث عن الشهود من داخل الإنسان.

الشهود من داخل الإنسان

إنّ المراد من هذا الصنف من الشهود هو أعضاء بدن الإنسان التي هي جزء من بدنه ، أو التي ترتبط بالبدن بنحو من الأنحاء ، ومن هذا الصنف :

__________________

(١). الجاثية : ٢٧ ـ ٢٩.

(٢). الكهف : ٤٩.

(٣). الإسراء : ١٣.

٢٩٣

الف : أعضاء البدن

من الأُمور المحيّرة والعجيبة يوم القيامة أنّ أعضاء الإنسان المجرم تشهد على جرائمها وما تقترفه من أعمال في الحياة الدنيا ، بنحو لا تبقي عذراً للمجرم أو للحاضرين والناظرين.

يقول سبحانه :

(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ). (١)

وفي آية أُخرى يؤكّد القرآن الكريم أنّ لسان الإنسان يختم عليه ، ويفسح المجال للأعضاء الأُخرى لتدلي بشهادتها يوم القيامة ، قال تعالى :

(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ). (٢)

ب : شهادة الجلود

فإذا كانت الطائفة الأُولى من الآيات أشارت إلى شهادة أعضاء بدن الإنسان ، فإنّ هناك طائفة أُخرى من الآيات تشير إلى أنّ من بين الشهود يوم القيامة جلد الإنسان نفسه يشهد على عمل الإنسان حيث قال تعالى :

(وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ* حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ* وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي

__________________

(١). النور : ٢٤.

(٢). يس : ٦٥.

٢٩٤

أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). (١)

ففي هذه الآية شهادة على أنّ الجلود تشهد على الإنسان وأعماله بصورة مطلقة ، فهي تشمل كلّ ما يصدر من الإنسان من عمل ، سواء صدر هذا العمل من خلال يد الإنسان أو رجله أو ... ، ولكن ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ المراد من «الجلود» هو الكناية عن «الفروج» وليس مطلق الجلود ، وإنّما كنّى القرآن الكريم عن ذلك بالجلود مراعاة للأدب والخلق والتنزّه في الكلام.

ولكنّ هذا التفسير لا يقوم على أساس محكم ، أضف إلى ذلك أنّ كلمة «الفروج» قد وردت في القرآن الكريم حينما جاء الحديث عن مدح المؤمنين والثناء عليهم ، حيث قال تعالى :

(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ). (٢)

بقي هنا سؤال وهو أنّ المذنبين يعترضون على خصوص شهادة الجلود ولا يعترضون على شهادة سائر الأعضاء والجوارح فما هو وجهه؟

والجواب : انّ الجلود تشهد على ما يصدر عنها بالمباشرة ، بخلاف السمع والبصر فإنّها كسائر الشهود تشهد بما ارتكبه غيرها. (٣)

إلى هنا اتّضح الكلام عن أصناف الشهود التي تشهد على الإنسان يوم القيامة. (٤)

__________________

(١). فصلت : ١٩ ـ ٢١.

(٢). المؤمنون : ٥.

(٣). انظر تفسير الميزان : ١٧ / ٣٧٨.

(٤). منشور جاويد : ٩ / ٣٢٨ ـ ٣٤٢.

٢٩٥

١١٢

الأحوال الطارئة على الإنسان يوم القيامة

سؤال : ما هي الحالة التي يعيشها الإنسان بصورة عامة في يوم القيامة؟

الجواب : لقد ركّز القرآن الكريم على هذه المسألة في آيات كثيرة ، وبيّن الحالات المختلفة للناس الصالحين منهم والطالحين ، ومن الواضح أنّ تأكيد القرآن الكريم على هذه المسألة ينبع من حكمة الباري عزوجل لتأمين الهدف النهائي للقرآن الكريم.

توضيح ذلك : انّ الهدف النهائي للقرآن الكريم ـ والذي يتّضح وبجلاء من خلال مطالعة الآيات القرآنية هو توفير الأرضية المناسبة والشروط المساعدة لتكامل الإنسان الروحي والفكري وسوقه نحو الطيبات والعمل الصالح وفك أسره من قيود الشهوة والخضوع للشيطان والتبعية للأهواء والميول ، ومن المعلوم أنّ الاعتقاد بوجود عالم آخر يحاسب فيه الإنسان على الصغيرة والكبيرة وتحصى عليه جميع حركاته وسكناته صغيرها وكبيرها ، يكون له تأثير واضح في تنمية روح الطهارة والفضيلة في الإنسان ، فإذا كان الاعتقاد بالمعاد له هذا الأثر الفعّال في التربية والطهارة والكمال ، فلا ريب أنّ وصف ما يتعرّض له الإنسان وما يلاقيه

٢٩٦

من الحالات يوم القيامة يكون له تأثير أكبر وفاعلية أكثر في حياته ، ويكون حينئذٍ أكثر فائدة في تحقيق الهدف القرآني ، ومن هذا المنطلق نحاول تسليط الضوء ـ وبما يسمح به المجال ـ على الآيات التي تتعلّق بهذا الموضوع ونشير إلى تفسيرها.

الأحوال الطارئة على الإنسان يوم القيامة

نشير هنا إلى نماذج من آيات الذكر الحكيم التي تسلّط الضوء على هذا البحث مع الإشارة إلى العناوين الكلّية والصفات العامة التي تتحدّث عنها ، وهي :

١. لكلّ إنسان شأن يغنيه

قال تعالى في بيان هذه الحالة التي يتعرّض لها الإنسان يوم القيامة :

(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ* لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (١).

٢. لا يملك إنسان لإنسان نفعاً

يقول سبحانه وتعالى حاكياً عن تلك الحقيقة :

(فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ). (٢)

ويقول سبحانه في آية أُخرى :

__________________

(١). عبس : ٣٤ ـ ٣٧.

(٢). سبأ : ٤٢.

٢٩٧

(يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (١)

والذي يظهر من مراجعة آيات الذكر الحكيم الأُخرى ، انّ السبب في ذلك هو أنّ النظام السائد في عالم الكون سينهار بالكامل في ذلك اليوم ، وسوف تنفصم كلّ العرى والعلاقات الاجتماعية والأواصر والروابط الأُسرية والسياسية وغيرها من الأواصر التي كانت حاكمة في عالم الدنيا وينتفي تأثير تلك العوامل بصورة تامة ، ولقد أشار القرآن الكريم ـ وبصراحة تامة ـ إلى تلك الحقيقة بقوله :

(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسباب). (٢)

ومن الواضح أنّ المراد من الأسباب المنقطعة ليس هو مطلق الأسباب ، بل الأسباب الدنيوية ، وذلك لأنّه وبشهادة القرآن الكريم انّ الأسباب تنقسم ـ وحسب النظام العام ـ إلى أسباب صالحة ونافعة ومفيدة وإلى أسباب ضارة ومفسدة ومهلكة ، فلا يجني منها الإنسان إلّا الخيبة والخسران والهلكة.

٣. ما لا ينفع الإنسان

يصرّح القرآن الكريم بأنّ هناك بعض الأشياء لا تنفع الإنسان يوم القيامة ، ومن تلك الأشياء :

أ. المال والثروة.

ب. الأولاد والأرحام.

قال تعالى معبراً عن تلك الحقيقة :

__________________

(١). الانفطار : ١٩.

(٢). البقرة : ١٦٦.

٢٩٨

(يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ). (١)

وفي موضع آخر يقول سبحانه :

(لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ ...). (٢)

٤. لا ينفع الاعتذار

أشار سبحانه وتعالى إلى هذه الحالة من حالات يوم القيامة بقوله :

(فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ). (٣)

٥. العوامل النافعة يوم القيامة

لقد صرّح القرآن الكريم بعاملين أساسيّين ينفعان الإنسان يوم القيامة ويكونان له عوناً في عالم الآخرة ، وهما :

الف : القلب السليم

يقول تعالى معبّراً عن أهمية هذا العامل يوم القيامة :

(إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ). (٤)

وهنا يطرح السؤال التالي : ما المراد من القلب السليم هنا؟

إنّ المراد من القلب السليم هو القلب النزيه عن الشرك الخالي من حب

__________________

(١). الشعراء : ٨٨.

(٢). الممتحنة : ٣.

(٣). الروم : ٥٧.

(٤). الشعراء : ٨٩.

٢٩٩

الدنيا ، فقد روي عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «هو القلب الذي سلم من حب الدنيا».

ويؤيّد ذلك قول النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «حُبُّ الدُّنْيا رَأْسُ كُلِّ خَطيئَةٍ». (١)

ب : الصدق

لقد أشار سبحانه إلى أهمية هذا العامل بقوله :

(قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ...). (٢)

٦. الأخلّاء بعضهم عدو لبعض

من النماذج الأُخرى التي تشير إلى الانقلاب الحاصل في عالم الآخرة والتحوّل الذي يطرأ على عالم الكون يوم القيامة هو أنّ الأخلّاء الذين كانت تربطهم أواصر الحبّ والألفة والخلّة في هذا العالم يتحوّلون إلى خصوم وأعداء في الآخرة يتبرّأ بعضهم من البعض الآخر ويذم بعضهم البعض ، يقول سبحانه في هذا الصدد :

(الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ). (٣)

٧. منطق المؤمنين مع الكافرين

لقد أشار القرآن الكريم إلى المنهج الاستهزائي الذي كان يعتمده الكافرون تجاه المؤمنين في الحياة الدنيا بقوله تعالى :

(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ* وَإِذا مَرُّوا

__________________

(١). مجمع البيان : ٤ / ١٩٤.

(٢). المائدة : ١١٩.

(٣). الزخرف : ٦٧.

٣٠٠