الفكر الخالد في بيان العقائد - ج ٢

الشيخ جعفر السبحاني

الفكر الخالد في بيان العقائد - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


المحقق: اللجنة العلميّة في مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-154-8
الصفحات: ٤٦٤
الجزء ١ الجزء ٢

نفساً حيوانية ويطلب الجنين الإنساني نفساً إنسانية ، ومن المحتم أنّ الله سبحانه يفيض تلك النفوس عليها لتتعلّق بها.

ب : إذا تعلّقت النفس الإنسانية ـ بعد الموت ـ بالجسم النباتي أو الحيواني ، ففي هذه الصورة يكون للجسم والبدن الذي تعلّقت به النفس نوع تشخّص وتعيّن وحياة تتناسب مع ذلك الجسم والبدن.

ومن الواضح انّ التسليم بهاتين المقدّمتين يستلزم تعلّق نفسين في بدن واحد ، إحداهما نفس ذلك البدن الذي تعلّقت به بسبب لياقته واستعداده وأُفيضت عليه من قبل الله سبحانه ، والنفس الأُخرى هي النفس المستنسخة التي انتقلت إليه من بدن آخر.

ومن الواضح انّ اجتماع نفسين في بدن واحد باطل لوجهين :

الأوّل : انّ ذلك خلاف الوجدان ، ولم يحدّثنا تاريخ البشرية الطويل عن وجود مصداق واحد لمثل هذا الإنسان الذي يحمل روحين في بدن واحد.

الثاني : يلزم من ذلك ـ من جهة الصفات النفسية ـ تكرر الصفات النفسية مثلاً لو أعلم ببزوغ الشمس أو أحبّ مخلوقاً ما ، فلازمه أن يتكرر في نفسه هذا العلم وكذلك يتكرر الحبّ أو أيّ صفة أُخرى تحصل في النفس. (١)

وبعبارة أُخرى : انّ النتيجة الطبيعية لتعلّق النفسين في بدن واحد أن يمتلك الإنسان الواحد شخصيتين وتعينين وذاتين في آن واحد ، ومعنى ذلك تكثّر الواحد ووحدة الكثير ، وذلك لأنّ الفرد الخارجي هو إنسان كلّي ولازم الوحدة أن تكون له نفس واحدة ، ولكن بناءً على نظرية التناسخ تكون له نفسان ، وبالطبع هذا يعني وجود فردين من الإنسان الكلّي ، وهذا هو الإشكال المعروف بوحدة المتكثّر وتكثّر

__________________

(١). انظر كشف المراد : ٢٠٣ ، انتشارات شكوري ، قم.

٢٢١

الواحد. (١)

وهذا الفرض بالإضافة إلى كونه محالاً عقلاً ، يوجد فيه محذور آخر ، إذ يلزم منه أن يكون للإنسان في كلّ واقعة أو حادثة فكران أو علمان ، وهكذا سائر الصفات النفسية الأُخرى.

الإجابة عن تساؤل

من الممكن أن يطرح التساؤل التالي : صحيح انّ الخلية النباتية أو النطفة الحيوانية أو الجنين الإنساني حينما يصل إلى مرحلة اللياقة والاستعداد لتلقّي الروح تفاض عليه الروح ، ولكن في الوقت نفسه يمكن أن يكون تعلّق النفس المستنسخة مانعاً من تعلّق النفس الأُخرى ، وحينئذٍ لا يكون ذلك الموجود ذا شخصين وذا نفسين في آن واحد؟

والجواب عن هذا التساؤل واضح ، وذلك : لأنّ منع النفس المستنسخة من تعلّق النفس الجديدة في الخلية النباتية أو النطفة الحيوانية أو الجنين الإنساني ، ليست أولى من العكس ، بل انّ النفس النباتية أو الحيوانية أو الإنسانية التي تعلّقت بالنبات أو النطفة أو الجنين هي الأولى في منع النفس المستنسخة من التعلّق بالبدن ، ومن الواضح انّ ترجيح أحدهما على الآخر ترجيح بلا مرجح.

وبعبارة أُخرى : انّ كلّ بدن من هذه الأبدان على استعداد لتقبّل نفس واحدة ، ومن الواضح أنّ تعلّق كلّ نفس منهما يمنع من تعلّق الأُخرى ، فلما ذا يا ترى نقبل مانعية النفس المستنسخة ونغض الطرف عن الأُخرى؟!

__________________

(١). الأسفار : ٩ / ٩ ـ ١٠.

٢٢٢

الدليل الثاني : انعدام التنسيق والانسجام بين النفس والبدن

في الحقيقة انّ التركيب بين النفس والبدن ليس من قبيل التركيب الصناعي بين المنضدة والكرسي ، أو من قبيل التركيبات الكيمياوية ، بل هو تركيب أسمى وأرقى ، إذ هو تركيب واقعي وحقيقي ، يشكل في الحقيقة نوعاً من الوحدة بينهما وهذه الوحدة حاكمة عليهما ، وبسبب هذه الوحدة الحقيقية تسير النفس سيراً متناسقاً ومنسجماً مع حركة البدن ونموه ، وتكامله ، ولذلك تكتسب النفس شأناً وخاصية تنسجم مع المرحلة التي يعيش فيها البدن من الرضاعة إلى الطفولة إلى الفتوة والمراهقة ، مروراً بالشباب ثمّ الكهولة والشيخوخة والهرم ، وفي كلّ هذه المراحل تنتقل قوى النفس من مرحلة القوّة والاستعداد إلى مرحلة الفعلية والاقتدار بما يناسب تلك المرحلة.

ففي هذه الحالة التي اكتسبت النفس كمالاتها وانتقلت استعداداتها من مرحلة القوة إلى الفعلية ، كيف يا ترى أن تنتقل هذه النفس بهذه الخصائص لتتعلّق بالخلية النباتية أو النطفة الحيوانية أو الجنين الإنساني؟ وكيف يمكن لها أن تنسجم وتتناسق مع ذلك البدن والمفروض انّها وصلت من ناحية الكمالات إلى حدّ الفعلية ، والبدن لا يزال يعيش في المراحل الأُولى من كمالاته ، بل إنّه يمتلك فقط القوّة والاستعداد للتكامل فقط؟!

ملاحظة : انّ هذا البرهان إنّما يصدق في حالة واحدة وهي فيما إذا تعلّقت النفس المتكاملة ببدن أدنى منها ، أي بالبدن الذي لم تصل كمالاته واستعداداته الذاتية إلى حد الفعلية ، وأمّا إذا تعلّقت ببدن متكامل قد وصلت قدراته إلى حدّ الفعلية ، فحينئذٍ يمكنه التناسق والانسجام معها ، ولا يصدق حينئذٍ ذلك

٢٢٣

البرهان. (١)

ونذكر في الختام : انّ محور هذا البرهان قائم على انعدام الانسجام والتناسب بين الروح والبدن ، والذي يصدق في أغلب صور التناسخ ولا علاقة لهذا البرهان بالبرهان السابق الذي ذكرناه في باب التناسخ النزولي ، والذي قلنا إنّه يستلزم التبعية دائماً ورجوع الفعليات إلى القوّة. (٢)

__________________

(١). انظر الأسفار : ٩ / ٢ ـ ٣.

(٢). منشور جاويد : ٩ / ١٩٠ ـ ٢٣٠.

٢٢٤

١٠٣

المسخ في الأُمم السابقة ومسألة التناسخ

سؤال : من التساؤلات التي قد تطرح هنا هو : انّنا إذا راجعنا القرآن الكريم نجد انّه يؤكّد مسألة مسخ بعض الأُمم السابقة إلى قردة وخنازير ، فهل يعني ذلك أنّ تلك النفوس البشرية ـ المنحرفة ـ انفصلت من بدنها البشري لتستقر في بدن القرد أو الخنزير؟

ومن الآيات التي يمكن أن تدعم هذا التساؤل قوله تعالى :

(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ). (١)

وكذلك قوله تعالى :

(فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ). (٢)

الجواب : كما ذكرنا سابقاً انّ التناسخ يقوم على ركيزتين ويتقوّم بأمرين ، هما :

__________________

(١). المائدة : ٦٠.

(٢). الأعراف : ١٦٦.

٢٢٥

الف : تعدّد البدن ، البدن الأوّل الذي انسلخت وخرجت منه الروح ، والبدن الثاني الذي استقرت وتعلّقت به. سواء كان البدن الثاني خلية نباتية ، أو نطفة حيوانية ، أو جنيناً إنسانياً أو كان حيواناً كامل الخلقة.

ب : رجوع النفس إلى الوراء وانحطاطها من درجة الكمال السابقة إلى درجة الحقارة والذلّة ، كما إذا تعلّقت بالخلية النباتية أو النطفة الحيوانية أو الجنين الإنساني.

ومن المعلوم أنّ كلا الشرطين غير متوفرين هنا :

أمّا الأوّل : فلعدم تعدّد البدن هنا ، لأنّ البدن هو نفس البدن ، إذ المفروض انّ نفس الإنسان الطاغي والمتكبّر والمتمرّد على الله سبحانه وأوامره ، يمسخ قرداً أو خنزيراً ، أي أنّ نفس الممسوخ قد تبدّلت صورته إلى صورة أُخرى ، وانقلبت صورته البهية إلى صورة رديئة. وفي الواقع انّه لا يوجد هنا إلّا بدن واحد ، وانّ الذي تغيّر هو الصورة فقط.

أمّا الثاني : انحطاط النفس ، فهو منتف أيضاً ، لأنّه لا يوجد سير قهقرى للنفس ، وذلك لأنّ الهدف من المسخ هنا هو عقاب هذه الطائفة المستكبرة والعاتية ، ليروا أنفسهم بصورة القردة والخنازير ، والمقصود من ذلك تعذيبهم وإيلامهم وجزاؤهم جزاءً سيئاً ، ولا يتحقّق هذا العذاب إلّا إذا كانوا على نفس الدرجة من الإدراك والشعور الإنساني ليدركوا الحالة التي انقلبوا إليها ، وأمّا إذا تحوّلت نفوسهم إلى نفوس حيوانية (نفس قردية أو نفس خنزيرية) فلا تدرك هذا التحوّل أبداً ، ولا يكون في المسخ حينئذٍ أيّ تعذيب أو إيلام لهم. بل على العكس من ذلك فإنّهم يعيشون حالة الانشراح والسعادة ، لأنّ النفس القردية بالنسبة للقرد كمال والنفس الخنزيرية بالنسبة للخنزير كمال.

٢٢٦

ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة بقوله سبحانه :

(فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (١). (٢)

وكما ذكرنا أنّ الهدف من عملية المسخ هذه هو جزاؤهم وعقوبتهم ليكونوا عبرة وموعظة للآخرين وانّ الهدف الأوّل إنّما يتحقّق فيما إذا بقي الإنسان الممسوخ محافظاً على حالاته النفسية وإدراكاته الشعورية. (٣)

وبعبارة أُخرى : انّ حقيقة المسخ وواقعيته عبارة عن انقلاب الإنسان إلى صورة الحيوان (القرد أو الخنزير) مع التحفّظ على إنسانيته ، وليس المراد منه أنّه بالإضافة إلى التحوّل والتغيّر الظاهري والمسخ في الصورة ، تمسخ نفوسهم وإنسانيتهم وتتحوّل أرواحهم إلى روح قرد أو خنزير. (٤)

__________________

(١). البقرة : ٦٦.

(٢). الاستدلال بالآية المباركة مبني على أنّ المقصود من كلمة «ما» هو الذنوب ، سواء التي تقدّمت على الاصطياد أو الذنوب التي تأخّرت عنه ، والحال أنّ البعض قد ذهب إلى أنّ المقصود من كلمة «ما» هي الأُمم المعاصرة والأُمم اللاحقة ، فعلى هذا الوجه لا مناص من تفسير قوله تعالى : (نكالاً) بمعنى العبرة والموعظة ، وحينئذٍ تكون جملة (مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) تكراراً لما قبلها. انظر تفسير مجمع البيان : ١ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، ط دار المعرفة.

(٣). انظر : شرح المقاصد : ٢ / ٣٩ ؛ بحار الأنوار : ٥٨ / ١١٣ ، ط بيروت ؛ الميزان في تفسير القرآن : ١ / ٢١.

(٤). منشور جاويد : ٩ / ٢٠٣ ـ ٢٠٥.

٢٢٧

١٠٤

الفرق بين التناسخ والرجعة

سؤال : إذا ألقينا نظرة إلى الروايات التي وردت في المصادر الشيعية نجد انّ هناك طائفة منها تؤكد على رجوع مجموعة من الناس إلى الحياة الدنيا قبل يوم القيامة ، وتعد ذلك من علامات قيام الساعة ، ويطلق على ذلك حسب المصطلح عنوان «الرجعة» وحينئذٍ يطرح التساؤل التالي : ما هو الفارق الجوهري بين القول بالرجعة وبين التناسخ مع العلم أنّ الرجعة أيضاً تعني عودة الروح إلى البدن الدنيوي مرّة أُخرى؟

الجواب : في الواقع انّ القول بالرجعة وعودة البعض إلى البدن الدنيوي تشبه عملية إعادة الحياة إلى الموتى من قبل السيد المسيح عليه‌السلام من خلال المعجزة ، وهذه المعجزة يُسلّم بها جميع المسلمين وجميع أتباع الديانة المسيحية ، ولم يخطر في ذهن واحد منهم بأنّ تلك الرجعة التي حصلت على يد السيد المسيح عليه‌السلام من مقولة التناسخ ، بل الكلّ يرى أنّ ذلك معجزة وكرامة خصّ الله بها نبيّه عيسى عليه‌السلام.

وعلى هذا الأساس تكون إعادة بعض الطغاة والعتاة والمجرمين والأشرار

٢٢٨

وكذلك عودة من محضوا الإيمان من الصالحين كما هو مقتضى مفهوم الرجعة ولا علاقة لها من بعيد أو من قريب بمسألة التناسخ ، وذلك لأنّ محور التناسخ يقوم على أساس تعدّد الأبدان أوّلاً ، وانحطاط النفس ورجوعها القهقرى من مقامها الإنساني ثانياً.

ومن الواضح أنّ هذين المحذورين غير متوفّرين في مسألة إحياء الموتى ، لأنّه في عملية الإحياء لا يوجد تعدّد للأبدان ولا النفس تهبط من مقامها السامي والشامخ إلى الدرجة الوضيعة ، بل انّ النفس تتعلّق وترجع إلى نفس بدنها السابق الذي تركته والتي كانت لها معه درجة كاملة من الانسجام والتناسق ، وعلى هذا الأساس فإنّه وفقاً لنظرية الرجعة يكون البدن واحداً ، وكذلك النفس تعود إلى نفس بدنها الذي فارقته بسبب الموت ، وتتعلّق به ، ولذلك يكون قابلاً ومناسباً لتدبير الروح له ، إذ الروح هي نفس الروح التي فارقته والتي كانت تدبره على أحسن وجه وكان بينهما تناسق وانسجام ، أضف إلى ذلك انّه وفقاً لنظرية الرجعة لا تفقد النفس كمالاتها واستعداداتها بسبب العودة إلى الحياة الدنيا ، ولا يوجد أيّ تراجع للنفس عن كمالاتها لكي يقال انّ الرجعة تقتضي الحركة الارتجاعية والقهقرائية من مرتبة الفعلية إلى مرتبة القوّة أو إلى أدنى من ذلك وهو محال ، بل انّ النفس تعود إلى البدن بنفس كمالاتها واستعداداتها التي تمثل الأرضية المناسبة للسعادة أو الشقاء.

من هنا اتّضح انّ الفرق بين التناسخ والرجعة فرق جوهري وانّهما مقولتان مختلفتان تماماً. (١)

__________________

(١). منشور جاويد : ٩ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦.

٢٢٩

١٠٥

علائم القيامة

سؤال : لقد ركّزت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة على بيان علامات يوم القيامة فهل يمكن تسليط الضوء على تلك العلامات وبيانها؟

الجواب : لقد ورد على لسان العلماء وتبعاً للقرآن الكريم ، مسألة تحت عنوان «أشراط الساعة» ويقصدون بذلك علائم القيامة ، ويمكن تقسيم تلك العلائم والأشراط إلى قسمين :

١. الحوادث التي تتحقّق قبل يوم القيامة وقبل تقويض أركان النظام السائد وفي الوقت الذي ما يزال فيه الإنسان يعيش على وجه الأرض ، وغالباً ما تطلق كلمة «الأشراط» على هذا القسم من العلامات.

٢. الحوادث التي تكون سبباً لتقويض النظام السائد والتي ورد التركيز عليها في السور التالية : التكوير ، الانفطار ، الانشقاق ، والزلزلة ، وهذا ما يعبر عنه ب (مشاهد القيامة) ونحن هنا نحاول الحديث عن أشراط الساعة ، ثمّ نعقبه بالحديث عن القسم الثاني إن شاء الله تعالى.

لقد أكّد القرآن الكريم والروايات على علائم القيامة بالمعنى الذي

٢٣٠

نقصده ، ونحن هنا نتعرض لبيان علامتين من تلك العلامات التي وردت في سور مختلفة من القرآن الكريم ، قال تعالى :

(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ). (١)

توضيح ذلك : «الأشراط» جمع «شرط» على وزن صدف بمعنى العلامة ، يقول ابن منظور في «لسان العرب» : شرط ـ بفتح الراء ـ بمعنى العلامة ، وجمعه : أشراط ، وأشراط الساعة : علائمها. (٢)

فهذه الآية تخبر وبوضوح عن تحقّق بعض أشراط الساعة ، وهنا يطرح السؤال التالي : ما هي تلك الأشراط والعلائم التي تمّ تحقّقها؟

إنّ هذه الآية وآيات أُخرى لا توضح لنا الإجابة عن هذا التساؤل ، ولكنّ المفسّرين يقولون إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد فسّر هذه الآية بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«بعثت أنا والساعة كهاتين» (٣). (٤)

وهنا يرد سؤال آخر وهو : كيف يمكن أن تُعدّ بعثة النبي الأكرم من علائم القيامة مع أنّنا نرى أنّ الفاصل الزماني بينهما ليس بالقليل؟!

والجواب عنه : إنّنا إذا قسنا ما بقي من عمر الدنيا بالنسبة إلى ما فني منها وعرفنا أنّ العالم تجاوز مرحلة النضوج وهو في طريقه إلى الهرم ، فلا ريب أنّ العمر الأكبر قد مضى ولم يبق إلّا شيء قليل ، ومع الالتفات إلى هذه النسبة يمكن القول : إنّه لم يبق إلى قيام الساعة إلّا شيء قليل ، وحينئذٍ يصحّ اعتبار البعثة من

__________________

(١). محمد : ١٨.

(٢). لسان العرب : ٧ / ٣٢٩ ، مادة «شرط».

(٣). بحار الأنوار : ٢ / ٢٦٣ ، الحديث ١٢ ، وج ١٦ / ٢٥٦ ، الحديث ٣٦.

(٤). مجمع البيان : ٥ / ١٠٢.

٢٣١

علائم القيامة.

ثمّ إنّ بعض المفسّرين قد فسّر أشراط الساعة بانشقاق القمر كما في قوله تعالى :

(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ). (١)

ومنهم من ذهب إلى تفسير ذلك بنزول القرآن الكريم الذي هو خاتم الكتب.

وعلى كلّ حال فهذه الآية تحكي وبصورة قطعية عن تحقّق بعض علائم الساعة :

(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ). (٢)

يقول المفسّرون : حينما نزلت آية : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) (٣) ، وجد منها أهل مكة وجداً شديداً.

فقال أحد المشركين ـ ابن الزبعري ـ : خصمتك ـ والله ـ يا محمد ، ألست تثني على عيسى خيراً ، وقد عرفت أنّ النصارى يعبدون عيسى وأُمّه ، أفليس هؤلاء مع الآلهة في النار؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا» ، فقالت قريش : خصمك ابن الزبعري ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قلتم الباطل أما قلت : إلّا من استثنى الله وهو قوله تعالى :

(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ). (٤)

__________________

(١). القمر : ١.

(٢). الزخرف : ٦١.

(٣). الأنبياء : ٩٨.

(٤). تفسير نور الثقلين : ٣ / ٤٥٩. والآية ١٠١ من سورة الأنبياء.

٢٣٢

وقد ردّ القرآن الكريم عليهم في ضمن مجموعة من الآيات من ضمنها هذه الآية التي هي مورد بحثنا ، وهي أنّ المسيح لا يمتلك أيّ صفة من صفات الإله ، بل انّ وجوده عليه‌السلام أحد أسباب وعوامل التعرّف على اقتراب الساعة.

وبالطبع انّ القراءة المشهورة للآية (عِلْم) على وزن (حلم) يفيد انّها سبب للعلم والمعرفة ، وأمّا على قراءة (عَلَم) على وزن (سلف) فحينئذٍ تفيد الآية معنى العلامة ، ويكون وجود المسيح عليه‌السلام علامة على تحقّق القيامة.

ولكنّ هناك بحثاً آخر وهو : متى يكون المسيح من أعلام الساعة؟ فهل المراد حين تولّده ثمّ بعثه إلى بني إسرائيل؟ أو أنّ المراد زمان آخر غير ذلك الزمان؟

الروايات الواردة في هذا المجال تقول : إنّ السيد المسيح عليه‌السلام سوف ينزل إلى الأرض حين ظهور الإمام المهدي المنتظر ـ عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ ويقتدي به ، وبذلك يكون ظهور المسيح عليه‌السلام من أشراط الساعة ، وقد روى ذلك محدّثو السنّة والشيعة ، حيث جاء في الحديث :

«كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم». (١)

وفي الآية احتمال آخر وهو : انّ عيسى يعلم به الساعة في خلقه من غير أب وإحيائه الموتى ، فيعلم به أنّ الساعة ممكنة فلا تشكّوا في الساعة ولا ترتابوا فيها البتة. (٢)

وحينئذٍ يكون معنى الآية : انّ مجموع حياة السيد المسيح يُعدّ أحد علامات إمكان القيامة فلما ذا تشكّون فيها؟ وإذا من المفكّرين في السيد المسيح عليه‌السلام ، ففكّروا فيه من هذه الزاوية ومن هذه النكتة لا أن تنظروا إليه على أنّه معبود وإله

__________________

(١). جامع الأُصول : ١١ / ٤٧ ، باب أشراط القيامة ، الحديث ٧٨٠٨.

(٢). تفسير الميزان : ١٨ / ١١٨.

٢٣٣

لكم.

والذي يؤيّد هذا التفسير قوله سبحانه : (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) حيث فرعت عدم الشك في القيامة على وجود السيد المسيح عليه‌السلام.

وهذا التفسير لا ينافي التفسير الأوّل الذي ذكرناه ، إذ لا منافاة بين أن يكون المسيح بوجوده دليلاً على إمكان القيامة وفي نفس الوقت آية من آياتها ، فمع مشاهدة هذه العلامة لا ينبغي الشكّ في القيامة.

علامات القيامة في الروايات والأحاديث

لقد وردت روايات كثيرة عن طريق الفريقين تتحدّث عن أشراط وعلائم القيامة ، واعتبرت سلسلة من الحوادث والتحوّلات علامة على قيام الساعة ، والتي جاءت فيها عنوان «أشراط الساعة» يمكن تقسيمها إلى طائفتين :

١. الحوادث الخارقة للعادة التي تقع في النظام الكوني.

٢. التحوّلات والتغيّرات التي تحدث في سلوك الناس وأفكارهم.

وبما أنّ دراسة جميع تلك الروايات (١) يحتاج إلى بحث مفصّل وشامل ولا ينسجم مع حجم الكتاب ، لذلك نكتفي هنا بذكر رواية واحدة تشير إلى هذه العلامات بصورة مختصرة، وهي :

ما رواه حذيفة بن أسيد قال :

كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غرفة ونحن أسفل منه فاطّلع إلينا فقال : «ما تذكرون؟».

قلنا : الساعة. قال : «إنّ الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات :

__________________

(١). من أراد التفصيل فعليه بمراجعة : بحار الأنوار : ٦ / ٢٠٦ ـ ٢٠٩ ، باب أشراط الساعة ، وجامع الأُصول لابن الأثير : ١١ / ٤٧ ـ ٩٤.

٢٣٤

١. خسف بالمشرق.

٢. وخسف بالمغرب.

٣. وخسف في جزيرة العرب.

٤. والدخان.

٥. والدجال.

٦. ودابة الأرض.

٧. ويأجوج ومأجوج.

٨. وطلوع الشمس من مغربها.

٩. ونار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس ....

١٠. ونزول عيسى بن مريم ، وريح تلقي الناس في البحر». (١)

وأمّا الروايات الحاكية عن طروء التغيّر والتبدّل على حياة الناس وأخلاقهم وسلوكهم وابتعاد الناس عن القيم الدينية وشيوع الفساد والعصيان ، فهي روايات كثيرة ، أشمل تلك الروايات وأجمعها ما رواه ابن عباس عن الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. (٢)

بعد أن تعرّفنا على النوع الأوّل من العلامات التي عبّر عنها ب «أشراط الساعة» حان الوقت للحديث عن طائفة من الروايات التي تعتبر من العلامات الحتمية للقيامة والتي تحدث تحوّلاً في نظام الكون ، وهي ما عبر عنها ب «مشاهد القيامة».

__________________

(١). صحيح مسلم : ٨ / ١٧٩ ، باب في الآيات التي قبل الساعة من كتاب الفتن. وقد روى تلك الرواية المرحوم الصدوق في كتاب الخصال ، ولكنّه لم يذكر العلامة العاشرة فيها. ونقل الرواية أيضاً في البحار : ٦ / ٣٠٣ نقلاً عن الخصال.

(٢). بحار الأنوار : ٦ / ٢٠٦ ـ ٢٠٩.

٢٣٥

الحوادث الكونية وقيام الساعة

تحدّث القرآن الكريم عن وقوع مجموعة من الحوادث الكونية التي تخبر عن انتهاء عمر الدنيا وقيام الساعة.

وهذه الحوادث العظيمة والرهيبة سوف تشمل السماء والأرض ، والبحار ، والجبال ، والإنسان ، والشمس ، والنجوم و ....

وبكلمة واحدة : انّ النظام السائد في العالم سينهار بأسره ، وستقوم الساعة حينئذٍ ، وسنشير إلى هذه الحوادث المهيبة بصورة مفصّلة :

حالة السماء أوان قيام الساعة

لقد استعمل القرآن الكريم في هذا المجال المصطلحات التالية : الانشقاق ، الانفطار ، الانفتاح ، الانفراج ، الانطواء ، التبدّل ، المور ، المهل ، الدخان ، وردة كالدهان ، الكشط ، وقد وردت هذه المصطلحات في الآيات التالية :

١. (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) (١)

٢. (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) (٢)

٣. (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً) (٣)

٤. (وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) (٤)

٥. (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) (٥)

__________________

(١). الانشقاق : ١ ، لاحظ : الحاقة : ١٦ ، الفرقان : ٢٥.

(٢). الانفطار : ١ ، ولاحظ : المزمل : ١٨.

(٣). النبأ : ١٩.

(٤). المرسلات : ٩.

(٥). الأنبياء : ١٠٤.

٢٣٦

٦. (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ). (١)

٧. (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً). (٢)

٨. (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ). (٣)

٩. (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ). (٤)

١٠. (فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ). (٥)

١١. (وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ). (٦)

إلى غير ذلك من الآيات التي ترسم لنا صورة مرعبة ومذهلة عن الحوادث التي ترافق قيام الساعة والتحوّلات العجيبة التي تحدث في الكون ، فالسماء التي كانت تتراءى وكأنّها سقف محفوظ تبتلي بالاضطراب والاهتزاز العظيم الذي يحدث وتمزّق إلى قطع متناثرة ، وتنشق السماء وتتموج وتأتي كالصفر المذاب ، وتأتي بصورة الدخان ، وغير ذلك من الصور المرعبة والمذهلة.

والنكتة الجديرة بالالتفات والإشارة هي انّنا نرى أنّ القرآن ينص على أنّ السماء في بدء الخلقة كانت من دخان ، وسيئول أمرها إليه أيضاً عند الانقضاء حيث يقول سبحانه :

(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ ...). (٧)

__________________

(١). إبراهيم : ٤٨.

(٢). الطور : ٩.

(٣). المعارج : ٨.

(٤). الدخان : ١٠.

(٥). الرحمن : ٣٧.

(٦). التكوير : ١١.

(٧). فصلت : ١١.

٢٣٧

ثمّ قال سبحانه :

(... يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ). (١)

فما هو المقصود والمراد من هذه الآيات؟ هذا ما يحتاج إلى بحث مستقل خارج عن إطار بحثنا هنا ، فمن أراد الاطّلاع على ذلك عليه بمراجعة الكتب التفسيرية.

حالة الأرض أوان قيام الساعة

بعد أن تعرّفنا على حالة السماء أوان قيام الساعة حان الوقت للتعرف على حالة الأرض في ذلك الوقت من زاوية الرؤية القرآنية ، وكيف بيّن القرآن تلك الحقيقة؟

في البدء نشير إلى المصطلحات التي استعملها القرآن الكريم في هذا المجال ، وهي : الزلزلة ، البروز ، التبدّل ، الانشقاق ، الاندكاك ، الرّج ، المدّ ، وقد وردت تلك المصطلحات في الآيات التالية :

١. (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها). (٢)

٢. (يَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً). (٣)

٣. (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ). (٤)

٤. (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً). (٥)

__________________

(١). الدخان : ١٠.

(٢). الزلزلة : ١.

(٣). الكهف : ٤٧.

(٤). إبراهيم : ٤٨.

(٥). ق : ٤٤.

٢٣٨

٥. (إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا). (١)

٦. (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا). (٢)

٧. (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ). (٣)

إلى غير ذلك من الآيات التي تبيّن وضع الأرض عند قيام الساعة ، وكيف تتعرض الأرض لهزّة عنيفة ينهار على أثرها كلّ ما عليها من الظواهر الطبيعية وغيرها ، وينكشف سطحها ويظهر ما فيه للعيان ، وتنشق الأرض ويظهر من كان كامناً في أعماقها من الموتى ليحشروا في عرصات القيامة.

ومن الجدير هنا أن نشير إلى نكتتين :

النكتة الأُولى : انّ من بين المصطلحات التي ذكرت في مجال بيان وضع السماوات والأرض أوان القيامة ، يوجد مصطلحان قد تكرر ذكرهما في الحالتين ، وهذان المصطلحان هما : «التبدّل» و «الانشقاق» بمعنى أنّ هذين الوجودين سيصطدمان وينشقان ويتمزّقان إلى قطع متناثرة.

النكتة الثانية : كما أنّه قد ورد في بدء خلق السماوات وخاتمتها مصطلح «الدخان» كذلك ورد في بدء خلق الأرض وخاتمتها مصطلح «المدّ» حيث قال سبحانه :

(هُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ). (٤)

وقال تعالى :

(وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ). (٥)

__________________

(١). الفجر : ٢١.

(٢). الواقعة : ٤.

(٣). الانشقاق : ٣.

(٤). الرعد : ٣ ، الحجر : ١٩ ، ق : ٧.

(٥). الانشقاق : ٣.

٢٣٩

الظواهر الأرضية أوان قيام الساعة

من الظواهر الأرضية التي عدّت من علائم القيامة وقيام الساعة : الأُولى الجبال ، والثانية البحار ؛ والنكتة في ذلك هي عظمة وأهمية هذين الموجودين ، وذلك لأنّ القسم الأعظم من سطح الأرض تغطّيه المياه والبحار ، وأمّا الجبال فلما تتميّز به من العظمة والهيبة والتي تقوم الآن بدور أوتاد الأرض ، ولذلك فإنّه وبلا شك انّ التحوّل والتغيّر والتبدّل الذي يحدث فيهما يحكي ويخبر عن وقوع حادثة غريبة جداً وأمرٍ عظيم وهو قيام الساعة. ولعلّه لهذه الأسباب ركّزت الكثير من الآيات على قيامة الجبال والبحار ، وها نحن نشير إلى الآيات التي وردت في خصوص هاتين الظاهرتين :

البحار

لقد أخبر القرآن الكريم عن حالة البحار في اللحظات الأخيرة من عمر الدنيا في ثلاث آيات استعمل فيها مصطلحين ، هما : «سجّرت» ، و «فجّرت» حيث قال سبحانه :

(إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ). (١)

وقال تعالى :

(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ). (٢)

وقال تعالى في الآية الثالثة :

(وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ). (٣)

__________________

(١). الانفطار : ٣.

(٢). الطور : ٦.

(٣). التكوير : ٦.

٢٤٠