الفكر الخالد في بيان العقائد - ج ١

الشيخ جعفر السبحاني

الفكر الخالد في بيان العقائد - ج ١

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


المحقق: اللجنة العلميّة في مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-153-X
الصفحات: ٤٤٩
الجزء ١ الجزء ٢

الموحّد والعارف بالله بعوامل طبيعية كالشمس والماء وحرث الأرض والمواد الكيمياوية ، فقد استعان بالله حقيقة ، لأنّه تعالى هو الذي منح تلك العوامل ذلك الأثر وأذِنَ به ومنحها القدرة والطاقة بحيث تستطيع إنماء ما أودع في بطن الأرض من بذر ثمّ إنباته والوصول به إلى حدّ الكمال.

٢. أن نستعين بإنسان أو عامل طبيعي مع الاعتقاد بأنّه مستقل في وجوده وغني في فعله عن الله بحيث يستطيع مساعدتنا من دون الاتّكاء على القدرة الإلهية ومن دون أخذ الإذن والإجازة منه ، فلا شكّ أنّ هذا الاعتقاد يكون شركاً ، والاستعانة في هذه الحالة تكون مخالفة للآيات التي حصرت الاستعانة بذات الله سبحانه.

ولقد توهم صاحب المنار في بيانه لهذه الحقيقة إذ تصوّر أنّ حدّ التوحيد هو : أن نستعين بقدرتنا في تحصيل مقاصدنا. ونتعاون فيما بيننا ـ في الدرجة الأُولى ـ ثمّ نفوّض بقية الأمر إلى الله القادر ونطلب منه لا من سواه. (١)

إذ صحيح أنّنا يجب أن نستفيد من قدراتنا ، أو من العوامل الطبيعية المادية ، ولكن يجب بالضرورة أن لا نعتقد لها بأيّة أصالة وغنى واستقلال وإلّا خرجنا عن حدود التوحيد.

فإذا اعتقد أحد بأنّ هناك ـ مضافاً إلى العوامل والقوى الطبيعية ـ سلسلة من العلل غير الطبيعية تستطيع بإذن الله وإجازته تقديم العون لمن استعان بها دون أن يكون لها أيُّ استقلال لا في وجودها ولا في أثرها ، فإنّ هذا الفرد لو

__________________

(١). يقول الشيخ محمد عبده في تفسير (إيّاك نستعين) : يجب علينا أن نقوم بما في استطاعتنا من ذلك ، ونبذل في إتقان أعمالنا كلّ ما نستطيع من حول وقوّة ، وأن نتعاون ويساعد بعضنا بعضاً على ذلك ، ونفوض الأمر فيما وراء كسبنا إلى القادر على كلّ شيء ونلجأ إليه وحده ونطلب المعونة للعمل والموصل لثمرته منه سبحانه دون سواه. (المنار : ١ / ٥٨).

٨١

استعان بهذه القوى غير الطبيعية مع الاعتقاد المذكور لا تكون استعانته عملاً صحيحاً فحسب ، بل تكون استعانة بالله ذاته ، كما لا يكون بين هذين النوعين من الاستعانة (الاستعانة بالعوامل الطبيعية والاستعانة بعباد الله الأبرار) أي فرق مطلقاً ، فإذا كانت الاستعانة بالعباد الصالحين شركاً ، لزم أن تكون الاستعانة في صورتها الأُولى هي أيضاً معدودة في دائرة الشرك.

من هذا البيان اتّضح انّ هناك صنفين من الآيات وردا في مسألة الاستعانة : صنف يحصر الاستعانة بالله فقط ويعتبره الناصر والمعين الوحيد دون سواه ، والصنف الآخر يدعونا إلى سلسلة من الأُمور المعينة غير الله ويعتبرها ناصرة ومعينة إلى جانب الله ، واتّضح أيضاً انّه لا تعارض بين هذين الصنفين من هذه الآيات.

إلّا أنّ فريقاً من الذين لا يدركون معارف القرآن العقلية نجدهم يتمسّكون بالصنف الأوّل من الآيات فيخطّئون أيّ نوع من الاستعانة بغير الله ، ثمّ يضطرون إلى إخراج الاستعانة بالقدرة الإنسانية والأسباب المادية من عموم تلك الآيات الحاصرة بالاستعانة بالله بنحو التخصيص ، بمعنى أنّ الاستعانة لا تجوز إلّا بالله ، إلّا في الموارد التي أذن بها وأجاز أن يستعان فيها بغيره ، فطبقاً لمنطق هؤلاء تكون الاستعانة بالقدرة الإنسانية والعوامل الطبيعية ـ مع أنّها استعانة بغير الله ـ جائزة ومشروعة ، في حين أنّ هدف الآيات هو غير هذا تماماً.

فإنّ مجموع الآيات يدعو إلى أمر واحد وهو : عدم الاستعانة بغير الله ، وأنّ الاستعانة بالعوامل الأُخرى يجب أن تكون بنحو لا يتنافى مع حصر الاستعانة بالله ، بل تكون بحيث تُعدّ استعانة بالله لا بغيره. وبتعبير آخر : إنّ المعين والناصر الوحيد هو الذي يستمد منه كلّ معين وناصر قدرته وتأثيره ، ليس إلّا الله سبحانه ،

٨٢

ولكنّه ـ مع ذلك ـ توجد في الكون سلسلة من العلل والأسباب تستطيع بإذنه وأمره وقدرته أن تمدّ يد العون لمن استعان بها ، ولذلك تكون الاستعانة بها كالاستعانة بالله ، وذلك لأنّ الاستعانة بالفرع استعانة بالأصل.

ونشير هنا إلى بعض الآيات من الصنفين :

(... وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ). (١)

وقوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). (٢)

هذه الآيات نماذج من الصنف الأوّل ، وهناك آيات من الصنف الثاني تدعونا إلى الاستعانة بغير الله من العوامل والأسباب :

١. (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ). (٣)

٢. (... وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ...). (٤)

٣. (... ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي ...). (٥)

٤. (... وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ...). (٦)

إنّ مفتاح حلّ التعارض بين هذين الصنفين من هذه الآيات واضح وجليٌّ جدّاً ، وهو : إنّ في الكون مؤثراً تامّاً وفاعلاً مستقلاً واحداً غير معتمد على غيره لا في وجوده ولا في فعله ، وهو الله سبحانه ، وأمّا العوامل الأُخرى فجميعها مفتقرة ـ في وجودها وفعلها ـ إليه وهي تؤدّي ما تؤدّي بإذنه ومشيئته وقدرته ، ولو لم يعط تلك العوامل ما أعطاها من القدرة والطاقة فإنّها تعجز عن القيام بأدنى عملٍ ما.

__________________

(١). آل عمران : ١٢٦.

(٢). الفاتحة : ٥.

(٣). البقرة : ٤٥.

(٤). المائدة : ٢.

(٥). الكهف : ٩٥.

(٦). الأنفال : ٧٢.

٨٣

ولقد أشارت سورة التوحيد إلى تلك الحقيقة ، إذ بيّنت أنّ المعين الحقيقي والواقعي وفي جميع المراحل هو الله ، فلا تصحّ الاستعانة بأحد باعتبار معيناً مستقلاً ولهذه الجهة حصرت مثل هذه الاستعانة بالله وحده ، ولكن هذا لا يمنع بتاتاً من الاستعانة بغير الله باعتبار ذلك الغير غير مستقل (أي باعتباره معيناً بالاعتماد على القدرة الإلهية) ، ومعلوم أنّ استعانة كهذه لا تنافي حصر الاستعانة بالله سبحانه ، وذلك :

أوّلاً : لأنّ الاستعانة المخصوصة بالله هي غير الاستعانة بالعوامل الأُخرى ، فالاستعانة المخصوصة بالله هي : ما تكون باعتقاد أنّه قادر على إعانتنا بالذات وبدون الاعتماد على غيرها ، في حين أنّ الاستعانة بغير الله سبحانه إنّما هي على نحو آخر ، أي مع الاعتقاد بأنّ المعين قادر على الإعانة مستنداً على القدرة الإلهية لا بالذات وبنحو الاستقلال ؛ فإذا كانت الاستعانة ـ على النحو الأوّل ـ خاصة بالله تعالى ، فإنّ ذلك لا يدلّ على أنّ الاستعانة بصورتها الثانية مخصوصة به أيضاً.

ثانياً : إنّ الاستعانة بمخلوقات الله غير منفكّة عن الاستعانة بالله ، بل هي عين الاستعانة به تعالى ، وليس للموحد الذي يرى أنّ الكون كلّه من فعل الله ومسند إليه مناص من هذا ، وبما أنّ صاحب المنار لم يتصوّر للاستعانة بالأرواح المقدّسة أكثر من صورة واحدة ، لذلك ذهب إلى الملازمة بين الاستعانة بها وبين الشرك حيث يقول :

«ومن هنا تعلمون انّ الّذين يستعينون بأصحاب الأضرحة والقبور على قضاء حوائجهم وتيسر أُمورهم وشفاء أمراضهم ونماء حرثهم وزرعهم وهلاك أعدائهم وغير ذلك من المصالح ، هم عن صراط

٨٤

التوحيد ناكبون وعن ذكر الله معرضون». (١)

ولا يخفى عدم صحّة كلامه هذا ، إذ الاستعانة بغير الله كالاستعانة بالعوامل الطبيعية على نوعين :

أحدهما عين التوحيد ، والآخر موجب للشرك ؛ أو أحدهما مذكّر بالله ومقرب منه والآخر مبعّد عن الله.

إنّ حدّ التوحيد والشرك لا يكمن في كون الأسباب ظاهرية أو غير ظاهرية ، إنّما يكمن في الاستقلال وعدم الاستقلال ، والغنى والفقر ، والأصالة وعدم الأصالة.

إنّ الاستعانة بالعوامل غير المستقلّة المستندة إلى الله ، التي لا تعمل ولا تؤثر إلّا بإذنه تعالى ليس فقط غير موجبة للغفلة عن الله ، بل هي خير موجّه ، ومذكّر بالله. إذ معناها انقطاع كلّ الأسباب وانتهاء كلّ العلل إليه سبحانه.

ومع هذا كيف يقول صاحب المنار : «أُولئك عن ذكر الله معرضون»؟! ولو كان هذا النوع من الاستعانة موجباً لنسيان الله والغفلة عنه للزم أن تكون الاستعانة بالأسباب المادية الطبيعية هي أيضاً موجبة للغفلة عنه.

على أنّ الأعجب من ذلك هو كلام شيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت الذي نقل ـ في هذا المجال ـ نصّ كلمات عبده دون زيادة ونقصان ، وختم المسألة بذلك ، وأخذ بظاهر الحصر في (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) غافلاً عن حقيقة الآية وعن الآيات الأُخرى المتعرّضة لمسألة الاستعانة. (٢)

__________________

(١). المنار : ١ / ٥٩.

(٢). راجع تفسير شلتوت : ٣٦ ـ ٣٩.

٨٥

٢٠

القدرة والعجز ومسألة التوحيد والشرك

سؤال : هل القدرة والعجز حدّان للتوحيد والشرك؟

الجواب : ربّما يستفاد من كلمات الوهابيّين أنّ هناك معياراً آخر للشرك في العبادة ، وهو «قدرة المستغاث على تحقيق الحاجة وعجزه عنها» فإذا طلب أحد من آخر حاجة لا يقدر عليها إلّا الله عدّ عمله عبادة وشركاً ، فهذا هو ابن تيمية يكتب في هذا الصدد قائلاً :

«من يأتي إلى قبر نبي أو صالح ويسأله حاجته ويستنجده ، مثل أن يسأله أن يزيل مرضه أو يقضي دينه أو نحو ذلك ممّا لا يقدر عليه إلّا الله عزوجل ، فهذا شرك صريح يجب أن يستتاب صاحبه ، فإن تاب وإلّا قتل». (١)

لقد جعل ابن تيمية في هذه العبارة معياراً آخر للشرك ، وهو قدرة المسئول وعجزه عن تلبية السائل ، وهذا خلاف التفصيل السابق حيث اعتبر

__________________

(١). زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور : ١٥٦. وفي رسائل «الهدية السنية» ص ٤٠ نجد ما يقرب من هذا المعنى أيضاً.

٨٦

هناك الميزان هو موت وحياة الطرف المستغاث ، ولو كان الميزان ما ذكره ابن تيمية هنا لكان الأجدر به أن يضيف بعد قوله : «قبر نبي أو صالح» جملة أُخرى هي : «أو ولي حيّ» ليتّضح أنّ المعيار الذي اعتمده ـ هنا ـ ليس هو موت المستغاث وحياته ، بل قدرته على تلبية الحاجة وعدم قدرته على ذلك ، كما فعل الصنعاني ـ الذي يُعدّ من كُتّاب الوهابية ـ حيث قال : «من الأموات أو من الإحياء».

وإليك في ما يأتي نصّ عبارته :

«الاستغاثة بالمخلوقين الأحياء فيما يقدرون عليه ممّا لا ينكرها أحد ... وإنّما الكلام في استغاثة القبوريين وغيرهم بأوليائهم وطلبهم منهم أُموراً لا يقدر عليها إلّا الله تعالى من عافية المريض وغيرها ... وقد قالت أُم سليم يا رسول الله : خادمك أنس ادع الله له وقد كانت الصحابة يطلبون الدعاء منه وهو حيّ وهذا أمر متّفق على جوازه ، والكلام في طلب القبوريين من الأموات أو من الأحياء أن يشفوا مرضاهم ويردوا غائبهم ... ونحو ذلك من المطالب التي لا يقدر عليها إلّا الله». (١)

ففي البحث السابق كان المعيار هو : حياة وموت المستغاث ، فلم يكن الطلب من الحيّ موجباً للشرك بينما كان الطلب من الميّت موجباً لذلك ، ولكن في هذا المبحث جُعل ميزان الشرك في العبادة هو طلب الحاجة التي لا يقدر عليها إلّا الله سبحانه من العبد ، ولذلك لا يكون هناك أيُّ تأثير لحياة المستغاث أو موته وأنّما الملاك قدرته وعجزه.

__________________

(١). كشف الارتياب : ٢٧٢.

٨٧

والحقّ أنّ هذا الرأي أضعف من أن يحتاج إلى مناقشة ونقد ، وذلك أنّ قدرة المستغاث أو عجزه إنّما يكون معياراً لعقلائية مثل هذا الطلب وعدم عقلائيته ، لا معياراً للتوحيد والشرك.

فالساقط في بئر ـ مثلاً ـ لو استغاث بالأحجار والصخور المحيطة به واستنجد بها عدَّ في نظر العقلاء أحمقاً وعمله غير عقلائي ، وأمّا لو استغاث بإنسان واقف على فوهة البئر قادر على إنقاذه كان طلبه عملاً عقلائياً يستحقّ الثناء.

وعلى هذا الأساس لا ينبغي أن نقف طويلاً أمام هذه النظرية لنقدها ومناقشتها ، بل ينبغي أن نركّز الكلام وبصورة مفصلة على مباحث أُخرى.

٨٨

٢١

التبرّك بآثار الأولياء

سؤال : هل يُعدّ التبرك بآثار الأولياء سواء في أثناء حياتهم أو بعد مماتهم سبباً للشرك؟

الجواب : لقد اعتبر الوهابيّون التبرك بآثار الأولياء شركاً ، ووصفوا من يقبّل محراب النبي أو منبره بالمشرك ، وإن كان عمله منزّهاً ومجرّداً عن الاعتقاد بألوهية النبي ، بل الدافع له للقيام بهذا العمل هو حبّه وتبجيله واحترامه للنبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولكلّ ما يمت إلى النبي بصلة.

ولكن لا ندري ما ذا يقول هؤلاء الوهابيّون وكيف يفسرون قصة قميص يوسفعليه‌السلام؟!

إنّ يوسف عليه‌السلام قد أمر وكما جاء في القرآن الكريم بأن يُلقى قميصه على وجه أبيه (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً). (١)

وكذلك فعل يعقوب عليه‌السلام حيث وضع قميص يوسف على عينيه فارتدّ بصيراً : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً). (٢)

__________________

(١). يوسف : ٩٣.

(٢). يوسف : ٩٦.

٨٩

فلا ندري لو أنّ النبي يعقوب عليه‌السلام قد تبرك بقميص يوسف على مرأى من النجديين وأتباع محمد بن عبد الوهاب ما ذا يكون موقفهم منه؟! وكيف يا ترى يعاملونه؟! وكيف يصفون ذلك العمل الصادر من نبي معصوم ومصان من الخطأ؟!

فلو أنّ إنساناً مسلماً قبّل ضريح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو وضع تراب قبره على عينيه ، أو صنع مثل ذلك عند قبور الأئمّة احتراماً ومودة وتبرّكاً بآثارهم اقتداءً بالنبي يعقوبعليه‌السلام واعتقاداً منه أنّ الله تعالى قد منح ذلك التراب والمكان المقدّس خاصّية التأثير ، فلما ذا يا ترى يكون مثل هذا الإنسان موضعاً للسبّ واللعن والتشهير والتكفير؟! (١)

__________________

(١). تبرك الصحابة بآثار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تأليف الشيخ محمد طاهر بن عبد القادر المكي.

٩٠

٢٢

تعظيم أولياء الله وتخليد ذكرياتهم

سؤال : هل تعظيم أولياء الله وتخليد ذكرياتهم شرك؟

الجواب : يعتبر الوهابيون تعظيم أولياء الله وتخليد ذكرياتهم وإحياء مناسبات مواليدهم أو وفياتهم بدعةً وحراماً ، كأنّهم أعداء ألدّاء وخصوم أشدّاء لهؤلاء العظماء والأولياء من الرجال الإلهيّين ، ويعتبرون اجتماع الناس في المجالس المعقودة لهذا الشأن شركاً وضلالاً.

ففي هذا الصدد يكتب محمد حامد الفقي رئيس جماعة أنصار السنّة المحمدية في هوامشه على كتاب «فتح المجيد» : الذكريات التي ملأت البلاد باسم الأولياء هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم (١). (٢)

إنّ نقطة الخلل في تفكير هؤلاء وبكلمة واحدة إنّهم لم يضعوا حدّاً

__________________

(١). فتح المجيد : ١٥٤ ثمّ نقل عن كتاب قرة العيون ما يشابه هذا المضمون.

(٢). أجمع المسلمون منذ عصر الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحتى عصرنا الحاضر على التبرّك بآثار الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باستثناء الفرقة الوهابية التي منعت ذلك ، ولقد جمع الشيخ محمد طاهر بن عبد القادر المكي الشواهد التاريخية القطعية على تبرك المسلمين بآثاره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رسالة طبعها عام ١٣٨٥ وأسماها ب «تبرك الصحابة بآثار الرسول».

٩١

للتوحيد والشرك وللعبادة على الأخص ، ولذلك تصوّروا أنّ كلّ نوع من أنواع التعظيم يُعدُّ عبادة وشركاً ، وهذا ما يظهر من كلام الفقي حيث قرن في عبارته السابقة بين لفظتي العبادة والتعظيم ، وتصوّر أنّ للّفظتين معنى واحداً.

وممّا لا شكّ فيه أنّ القرآن وفي أكثر من مورد قد عظّم فريقاً من الأنبياء والأولياء وبعبارات صريحة كما يقول في شأن زكريا ويحيى عليهما‌السلام :

(إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ). (١)

فلو أنّ أحداً من الناس أقام مجلساً عند قبر من عناهم الله وسمّاهم في هذه الآية وقرأ في ذلك المجلس تلك الآية المادحة معظماً بذلك شأنهم ، فهل اتّبع غير القرآن؟!

كما أنّ القرآن الكريم يمتدح وبصراحة تامة شأن أهل بيت النبي عليهم‌السلام ويعظمهم ويقول :

(وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً). (٢)

فلو اجتمع جماعة من المؤمنين في يوم ميلاد علي بن أبي طالب عليه‌السلام ـ وهو أحد الآل ـ وقالوا : إنّ علياً كان يطعم الطعام للمسكين واليتيم والأسير ، ويثنون على الأمير بما أثنى عليه القرآن الكريم أكانوا بعملهم هذا مشركين وعن الصراط ناكبين؟!

وكيف يكون الإنسان مشركاً إذا احتفل بذكرى ميلاد النبي الأكرم وتلا الآيات المادحة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو قرأ ترجمة تلك الآيات بلغة أُخرى ، أو سكب

__________________

(١). الأنبياء : ٩٠.

(٢). الإنسان : ٨.

٩٢

هذا الثناء الإلهي القرآني في قالب الشعر وأنشد ذلك في محفل يقصد به تكريم الرسول والثناء عليه تأسّياً بما ورد في القرآن الكريم؟!

إنّ أعداء تكريم الرسول الأكرم وأولياء الله يتسترون على عدائهم هذا بستار محاربة الشرك ليتسنّى لهم من خلال ذلك الوقوف أمام كلّ حالات التكريم والثناء على الرسول.

وإذا قيل : إنّ هذه المجالس التي تُعدّ للتكريم والثناء لم تكن في عصر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّ جواب ذلك : إنّ عدم وجودها في زمن الرسول ليس دليلاً على كونها شركاً.

فلو أنّ أحداً من الناس أقام الاحتفالات التكريمية أو مجالس العزاء في ذكرياتهم ونسب عمله هذا إلى الشارع المقدّس وادّعى بأنّ الله ورسوله قد أمرا بذلك ، يلزم أن نتفحص عن مدى صحّة هذه النسبة ، لنرى هل أنّهما أمرا بذلك على نحو العموم ، أو بصورة خاصة؟ أو أنّهم لم يأمرا بذلك؟

فلو ثبت أنّ هذه النسبة غير صحيحة ، فحينئذٍ يدخل عمله هذا في باب البدعة ولا يُعدُّ شركاً في العبادة.

ولذلك نرى أنّ نقطة الخلل في الفكر الوهابي تكمن ـ هنا ـ في الخلط بين مفهومي البدعة والشرك في العبادة.

أمّا لو ثبت أنّه قد صدرت الإجازة بذلك من قبل الله أو من قبل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سواء على نحو العموم أو الخصوص ، ففي هذه الصورة يخرج العمل من تحت مفهوم البدعة أيضاً ، فضلاً عن الخروج عن مفهوم الشرك.

ومن حسن الحظ أنّ القرآن الكريم قد أجاز ذلك على نحو العموم.

إنّ القرآن الكريم أثنى على أُولئك الذين أكرموا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعظّموا شأنه

٩٣

وبجّلوه ، بقوله :

(... فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). (١)

إنّ الأوصاف التي وردت في هذه الآية والتي استوجبت الثناء الإلهي :

١. (آمَنُوا بِهِ) ،

٢. (عَزَّرُوهُ) ،

٣. (نَصَرُوهُ) ،

٤. (وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ).

فهل يحتمل أحد أن تختص هذه الجمل : (آمَنُوا بِهِ) ، (نَصَرُوهُ) ، (وَاتَّبَعُوا النُّورَ) بزمن النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ إنّ من المسلّم به أنّه إذا صح هذا الاحتمال في خصوص الجمل الثلاثة الماضية فإنّه لا يصحّ قطعاً في جملة (عَزَّرُوهُ) ، والتي تعني نصرة الرسول أو تعظيمه أو تكريمه. (٢)

أضف إلى ذلك أنّ القائد العظيم يجب أن يكون موضعاً للتكريم والاحترام والتعظيم في كلّ العهود والأزمنة.

فهل إقامة المجالس لإحياء ذكرى المبعث أو المولد النبوي وإنشاد الخطب والمحاضرات والقصائد والمدائح إلّا مصداق جليّ لقوله تعالى : (وَعَزَّرُوهُ) ، والتي تعني أكرموه وعظّموه؟

عجباً كيف يعظّم الوهابيون أمراءهم الذين هم أُناس عاديون ويبجّلونهم بما يفوق ما يفعله غيرهم اتّجاه أولياء الله أو اتّجاه منبر النبي ومحرابه ، فلا يكون

__________________

(١). الأعراف : ١٥٧.

(٢). مفردات الراغب : مادة «عزر».

٩٤

عملهم شركاً ويُعدّ عمل غيرهم شركاً وضلالاً ومحاربة للإسلام؟!

إنّ المنع عن تعظيم الأنبياء والأولياء وتكريمهم ـ أحياء وأمواتاً ـ يصوّر الإسلام في نظر الأعداء ديناً جامداً لا مكانة فيه للعواطف الإنسانية ، كما يصوّر تلك الشريعة السمحاء المطابقة للفطرة الإنسانية شريعة تعتقد الجاذبية المطلوبة القادرة على اجتذاب أهل الملل الأُخرى واكتسابهم.

وما ذا يقول الذين يخالفون إقامة مجالس العزاء للشهداء في سبيل الله في قصة يعقوبعليه‌السلام الذي بكى على ابنه حتى ابيضّت عيناه من الحزن؟! وما ذا يكون يا ترى حكم النجديين وأتباع محمد بن عبد الوهاب لو كان النبي يعقوب عليه‌السلام يعيش في أوساطهم فعلاً؟! وبما ذا يصفون حزنه وبكاءه على ولده يوسف عليه‌السلام؟! إنّه عليه‌السلام بكى ولده ليلاً ونهاراً ، وسأل عنه القريب والبعيد والقاصي والداني وحثّ الجميع للبحث عنه وتقصّي أخباره ، ولقد وصف لنا القرآن الكريم شدّة حزنه وتحرّقه على ولده وذهاب بصره بقوله تعالى : (وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ ...). (١)

إنّ ذهاب بصر يعقوب عليه‌السلام ومرضه لم يؤديا إلى نسيان يوسف فحسب ، بل كلّما اقتربت ساعة اللقاء كلّما اشتدّت شعلة العشق والشوق في قلب الشيخ الكبير لولده العزيز ، ولذا نرى القرآن الكريم يصف لنا تلك الحالة بأروع وصف ، حيث أشار إلى أنّ يعقوبعليه‌السلام قد أحسّ بريح يوسف وشمّ عطره المبارك ، وما زالت القافلة التي تحمل قميصه عليه‌السلام تبعد عن يعقوب عليه‌السلام عدّة فراسخ (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ). (٢)

__________________

(١). يوسف : ٨٤.

(٢). يوسف : ٩٤.

٩٥

وبدل أن نرى كوكب يوسف عليه‌السلام يبحث عن شمس يعقوب نرى أنّ شمس يعقوب تطرق الأبواب باباً باباً لتبحث عن كوكبها الضائع يوسف عليه‌السلام.

فلما ذا يكون إظهار هذه العلاقة في حال حياة الولد (يوسف) جائزاً ومشروعاً ومطابقاً لأُصول التوحيد بينما إذا مات عُدَّ شركاً؟!

فإذا اتّبع أحد طريق يعقوب فبكى يوسفه وعدّد خصاله الحميدة وأثنى على صفاته الجميلة وأذرف الدموع بسبب فقده ، فلما ذا لا يُعدُّ عمله اقتداء وتأسّياً بيعقوب عليه‌السلام ويُعدُّ عبادة لمن فقده وشركاً بالله؟! (١)

لا ريب في أنّ مودة ذوي القربى هي إحدى الفرائض الإسلامية التي دعا إليها القرآن بأوضح تصريح ، فلو أراد أحد أن يقوم بهذه الفريضة الدينية بعد أربعة عشر قرناً فكيف يمكنه؟ وما هو الطريق إلى ذلك؟ هل هو إلّا أن يفرح في أفراحهم ويحزن في أحزانهم؟

فإذا قام أحد ـ لإظهار سروره ـ مجلساً يذكر فيه حياتهم وتضحياتهم ، أو يبيّن مصائبهم وما جرى عليهم من الظلم وغصب حقوقهم ، فهل فعل إلّا إظهار المودة المندوب إليها في القرآن الكريم؟!

وإذا زار أحدٌ ـ لإظهار مودّة أكثر ـ قبور وأضرحة أقرباء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبنائه الطاهرين وأقام مثل تلك المجالس عند القبور الطاهرة ، فإنّه بلا شكّ ولا ريب في نظر عقلاء العالم والمفكّرين من ذوي البصيرة وبعد النظر لم يفعل إلّا إظهار التقرب والمودّة لهم وليس عمله عبادة وشركاً إلّا أن يدّعي الوهابيون أنّه من الواجب أن تحبس العواطف والأحاسيس والمودة والحبّ في صدور أصحابها ولا

__________________

(١). إضافة إلى ذلك ، وردت روايات متواترة في موضوع إقامة مراسم العزاء وأحياء ذكرى آل رسول الله المظلومين ، وقد ذكر العلّامة الأميني قسما من تلك الروايات في كتابه «سيرتنا وسنتنا».

٩٦

يحق لأحد أن يظهر شيئاً منها إلى الخارج.

إنّ من يلاحظ عصر الرسول وما تلاه من عصور التحول العقائدي والفكري يجد إقبال الأُمم المختلفة ذات التقاليد والعادات المتنوعة على الإسلام وكثرة دخولهم واعتناقهم هذا الدين ، ويجد أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمين كانوا يقبلون إسلامهم ويكتفون منهم بذكر الشهادتين دون أن يعمدوا إلى تذويب ما كانوا عليه من عادات اجتماعية وصهرها في بوتقة واحدة ، ولم يشكل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والخلفاء من بعده محاكم للتفتيش العقائدي والبحث عن آداب ورسوم تلك الملل والأقوام.

وقد كان ولا يزال احترام العلماء وتبجيلهم ـ أحياء وأمواتاً ـ وتخليد ذكرياتهم والحضور عند قبورهم وإظهار الود والتعلّق بتلك الآثار يُعدُّ من رسوم وعادات شعوب وأقوام العالم ، واليوم نجد الشعوب المختلفة ـ الشرقية والغربية ـ تعظم وتخلد ذكريات عظمائها وتزور قبور أبنائها بحيث يمضون عدة ساعات في طوابير طويلة لكي يتسنّى لهم الوقوف لحظة واحدة إلى جنب تلك القبور ، لإظهار الحبّ والتبجيل لها ، ويرون أنّ عملهم هذا يُعدُّ نوعاً من التكريم والاحترام النابع من العاطفة والمشاعر الداخلية الغريزية.

وصفوة القول : إنّنا لم نجد مورداً عمد فيه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى قبول إسلام الوافدين والداخلين فيه بعد أن يشترط عليهم أن ينبذوا تقاليدهم الاجتماعية هذه وبعد أن يفحص عقائدهم ، بل نجده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكتفي من الوافدين الجدد للإسلام بذكر الشهادتين ورفض الأوثان ، وإذا كانت هذه العادات والتقاليد شركاً لزم أن لا يقبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إسلام تلك الجماعات والأفراد إلّا بعد أن تتعهّد له بنبذ تلك التقاليد والمراسم.

٩٧

كما أنّنا نلاحظ أنّ المسيح عليه‌السلام قد دعا الله سبحانه لينزل عليهم مائدة سماوية ، ليكون يوم نزولها عيداً لهم قال سبحانه :

(رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). (١)

فهل يا ترى أنّ وجود ومنزلة النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقل من مائدة السيد المسيح السماوية والتي عُدّ يوم نزولها عيداً؟! فإذا اعتبرت تلك المائدة آية إلهية واحتفل بنزولها انطلاقاً من ذلك المعتقد ، أليس النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أكبر آية إلهية؟

قال تعالى في حقّ الرسول : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ). (٢)

وهل لعقد مجالس الفرح والسرور والاحتفاء بذكرى ميلاده الميمون معنى إلّا رفع اسمه ومقامه وإحياء ذكراه. ولما ذا لا نتأسّى بالقرآن الكريم؟! أليس القرآن لنا أُسوة وقدوة؟!

__________________

(١). المائدة : ١١٤.

(٢). الانشراح : ٤.

٩٨

٢٣

دعوة الصالحين ومسألة التوحيد

سؤال : هل دعوة الصالحين عبادة لهم؟

الجواب : تبيّن من البحوث السابقة أنّ طلب الحاجة من غير الله مع الاعتقاد بأنّ المسئول لا يملك شيئاً من شئون المقام الإلهي ، وأنّه عبد من عبيده لم يفوِّض إليه شيئاً ، ولو قام بفعل شيءٍ ما فإنّما يقوم به بإذن الله ، فلا يُعدُّ ذلك شركاً.

وبقي في هذا المجال مطلب آخر ، وهو أنّ القرآن الكريم نهى ـ في موارد متعدّدة ـ عن دعوة غير الله سبحانه ، واعتبر أنّ تلك الدعوة عبادة وكأنّه قد اقترنت الدعوة بالعبادة ، وإليك الآيات المتضمّنة ، بل المصرّحة بذلك :

(وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً). (١)

(لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ ...). (٢)

__________________

(١). الجن : ١٨.

(٢). الرعد : ١٤.

٩٩

(وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ). (١)

(... وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ). (٢)

(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ ...). (٣)

(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً). (٤)

(أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) (٥)

(وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ ...). (٦)

(إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ ...). (٧)

(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ...). (٨)

ولقد استنتج الوهابيّون من هذه الآيات مساوقة دعوة الصالحين والأولياء مع عبادتهم ، فلو وقف شخص إلى جنب قبر النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو في مكان بعيد وقال متوسّلاً : يا محمد ، فنداؤه ودعوته بنفسها عبادة للمدعو ، كما يقول الصنعاني في هذا الصدد :

«وقد سمّى الله الدعاء : عبادة بقوله : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) ومن هتف باسم نبي أو صالح بشيء أو قال اشفع لي

__________________

(١). الأعراف : ١٩٧.

(٢). فاطر : ١٣.

(٣). الأعراف : ١٩٤.

(٤). الإسراء : ٥٦.

(٥). الإسراء : ٥٧.

(٦). يونس : ١٠٦.

(٧). فاطر : ١٤.

(٨). الأحقاف : ٥.

١٠٠