لله وللحقيقة - ج ١ ـ ٢

الشيخ علي آل محسن

لله وللحقيقة - ج ١ ـ ٢

المؤلف:

الشيخ علي آل محسن


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار مشعر
الطبعة: ٠
ISBN: 964-7635-30-3
الصفحات: ٧١٧

عليه‌السلام وأحقيَّته في الخلافة ، وأنه وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنه دابة الأرض وغير ذلك من المعتقدات التي نسبوها إليه ، إلا ما رواه سيف بن عمر التميمي الوضَّاع الكذاب ، ونقله عنه الطبري وغيره من المؤرِّخين.

وكل ما أثبتته الأخبار والآثار المعتبرة المروية في كتب أهل السنة هو أن عبد الله بن سبأ كان كذاباً ، ولم تُثْبِتْ أكثر من ذلك.

وأما الكتب الشيعية وبالخصوص منها كتاب (اختيار معرفة الرجال) المعروف برجال الكشي فقد أثبتت ما قلناه من أنه كان كذاباً ، وأنه ادَّعى الألوهية لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، فاستتابه فلم يتب ، فأحرقه بالنار في جملة رجال كانوا معه ، لا أكثر من هذا ولا أقل.

وكل ما نُسج حول عبد الله بن سبأ من الدور الذي جعل منه رجلاً أسطورياً استطاع أن يعبث بعقول الصحابة ، ويؤلِّب الناس على عثمان ، وأن يُظهر الغلو في أمير المؤمنين عليه‌السلام ويبثّه في المسلمين ، حتى استطاع في زمن يسير أن يفكِّك الدولة الإسلامية ويزعزع خلافتها ، كل هذا قد وضعه سيف بن عمر في كتابه (الفتنة ووقعة الجمل) ، ولم يُرْو من طريق غيره.

* * *

قال الكاتب : ٢ ـ وقال المامقاني : (عبد الله بن سبأ الذي رجع إلى الكفر وأظهر الغُلُوَّ) وقال : (غالٍ ملعون ، حرقه أمير المؤمنين بالنار ، وكان يزعم أن عليا إله ، وأنه نبيّ) (تنقيح المقال في علم الرجال) ٢ / ١٨٣ ، ١٨٤.

وأقول : هاتان الكلمتان ليستا للمامقاني قدس‌سره كما صرَّح بذلك هو نفسه في كتابه المذكور ٢ / ١٨٣ ، فإنه نسب الكلمة الأولى للشيخ الطوسي قدس‌سره ، والكلمة الثانية للعلَّامة الحلي رحمه‌الله في كتاب الخلاصة ، وقد تقدم نقل هاتين العبارتين عنهما ، وإنما نبَّهنا

٤١

على ذلك ليعرف القارئ الكريم أن الكاتب لا يعوَّل على فهمه ، أو هو غير أمين في نقله.

وما قاله الشيخ والعلَّامة هو مفاد أحاديث الكشي التي ذكر الكاتب بعضاً منها آنفاً.

* * *

قال الكاتب : ٣ ـ وقال النوبختي : (السبئية قالوا بإمامة علي ، وأنها فرض من الله عزوجل ، وهم أصحاب عبد الله بن سبأ ، وكان ممن أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة ، وتبرأ منهم ، وقال : (إِن عليا رضي الله عنه أمره بذلك) فأخذه عليٌّ فسأله عن قوله هذا ، فأقر به ، فأمر بقتله ، فصاح الناس إليه : يا أمير المؤمنين أتقتل رجلا يدعو إلى حبكم أهل البيت ، وإلى ولايتك والبراءة من أعدائك؟ فَصَيَّرَه إلى المدائن.

وحكى جماعة من أهل العلم [من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام] (١) أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ، ووالى علياً ، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى عليه‌السلام بهذه المقالة ، فقال في إسلامه في علي بن أبي طالب بمثل ذلك ، وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي رضي الله عنه ، وأظهر البراءة من أعدائه ... فمن هنا قال مَن خالف الشيعة : إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية) (فرق الشيعة) ص ٣٢ ـ ٤٤.

وأقول : إن النوبختي رحمه‌الله نقل كل مضامين كتابه (فرق الشيعة) من مصادر غير معروفة ، ولم يذكر لما ذكره فيه أية أسانيد ، ومن الواضح أنه رحمه‌الله نقل كلمته هذه عن كتاب سيف بن عمر التميمي مباشرة ، أو عمن نقلها عن سيف أو كتابه ، لأن مثل هذه المضامين لم تُرْوَ عن غيره كما مرَّ.

__________________

(١) ما بين القوسين المعقوفين مذكور في المصدر ، وهو كتاب (فرق الشيعة) ، ص ٢٢.

٤٢

وما نقله عن بعض أهل العلم لا يصح التعويل عليه لجهالتهم ، ومع أن النوبختي وصفهم بأنهم من أصحاب أمير المؤمنين إلا أن الكاتب خلافاً للأمانة العلمية حذف هذا الوصف ، ليُوهم القارئ أنهم من علماء الشيعة المتقدِّمين.

وعليه فما نقله الكاتب عن النوبختي لا يمكن الاحتجاج به في إثبات شيء ، لأن النوبختي لم ينقله من مصدر معروف ، ولم تدل عليه شيء من الأحاديث الصحيحة المروية من طرق الشيعة أو أهل السنة على السواء.

* * *

قال الكاتب : ٤ ـ وقال سعد بن عبد الله الأشعري القُمِّي في عرض كلامه عن السبئية : (السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ ، وهو عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني ، وساعده على ذلك عبد الله بن خرسي ، وابن أسود ، وهما من أجل أصحابه ، وكان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم) (المقالات والفرق) ص ٢٠.

وأقول : حال كتاب (المقالات والفرق) لسعد بن عبد الله الأشعري حال كتاب (فرق الشيعة) للنوبختي ، فإنهما قدس‌سرهما نقلا كل مضامين كتابيهما من مصادر غير معروفة ، ولم يذكرا لكلامهما أسانيد صحيحة.

هذا مضافاً إلى أن ما قاله الأشعري في كتابه (المقالات والفرق) حول عبد الله ابن سبأ باطل في نفسه ، لوضوح أن عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني هو زعيم الخوارج الذي قُتل في النهروان ، وأما عبد الله بن سبأ فهو من الغلاة في أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقد أحرقه أمير المؤمنين عليه‌السلام في الكوفة كما هو الصحيح ، أو نفاه إلى المدائن كما دلَّت عليه بعض الأخبار. فهما شخصان مختلفان ، لكل منهما صفاته التي يختلف بها عن الآخر ، وقد ذكرنا في كتابنا (عبد الله بن سبأ) فصلاً في نفي أن يكون عبد الله بن سبأ هو عبد الله بن وهب الخارجي ، فليراجعه من أراد الاطلاع عليه.

٤٣

* * *

قال الكاتب : ٥ ـ وقال الصدوق : وقال أمير المؤمنين رضي الله عنه : إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء ، وينصب في الدعاء). فقال ابن سبأ : يا أمير المؤمنين أليس الله عزوجل بكل مكان؟ فقال : بلى. قال : فلِمَ يرفع يديه إلى السماء؟ قال : أو ما تقرأ (وفي السماء رزقكم وما توعدون) (الذاريات / ٢٢) ، فمن أين يطلب الرزق إلا من موضعه؟ وموضعه ـ الرزق ـ ما وعد الله عزوجل السماء) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٢٩.

وأقول : هذه الرواية ضعيفة السند بالحسن بن راشد ، فإنه لم يثبت توثيقه في كتب الرجال (١).

على أنه يحتمل أن يكون المراد بابن سبأ في الرواية هو عبد الله بن وهب الراسبي ، فإنه سبائي أيضاً ، ويُسمَّى ابن سبأ.

ولو سلَّمنا بأن ابن سبأ في الرواية هو عبد الله بن سبأ ، فالرواية لا تُثبت أكثر من أنه كان معاصراً لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، ونحن لا ننفي وجود شخص عبد الله بن سبأ كما مرَّ.

* * *

قال الكاتب : ٦ ـ وذكر ابن أبي الحديد أن عبد الله بن سبأ قام إلى علي وهو يخطب فقال له : (أنت أنت ، وجعل يكررها ، فقال له ـ علي ـ : «ويلك ، مَن أنا؟» ، فقال : أنت الله. فأمر بأخذه وأخْذِ قومٍ كانوا معه على رأيه. شرح نهج البلاغة ٥ / ٥.

٧ ـ وقال السيد نعمة الله الجزائري : (قال عبد الله بن سبأ لعلي عليه‌السلام : أنت الإله

__________________

(١) قال البرقي : إنه مولى بني العباس ، وكان وزير المهدي وموسى وهارون ، بغدادي. وقال ابن الغضائري : ضعيف في روايته. راجع معجم رجال الحديث ٤ / ٣٢٢.

٤٤

حقاً ، فنفاه علي عليه‌السلام إلى المدائن ، وقيل إنه كان يهودياً فأسلم ، وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون ، وفي موسى مثل ما قال في علي) (الأنوار النعمانية) ٢ / ٢٣٤.

وأقول : ما نقله عن ابن أبي الحديد موافق لبعض الروايات الصحيحة التي رواها الكشي في رجاله ، الدالَّة على أن ابن سبأ كان من الغلاة في أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقد ادَّعى فيه الألوهية ، فأحرقه عليه‌السلام بالنار.

وأما ما نقله عن السيّد نعمة الله الجزائري من أنه كان يهودياً فأسلم وأنه كان يقول في اليهودية في يوشع بن نون مثل ما قال في علي عليه‌السلام بعد إسلامه ، وغير ذلك مما نُسج حوله من الأساطير ، فكله ـ كما قلنا ـ لم يثبت بدليل صحيح ، بل كله من مرويات سيف بن عمر الوضاع ، والسيد نعمة الله الجزائري قدس‌سره لم يذكره قولاً له ، وإنما ذكره قولاً من الأقوال مشعراً بتضعيفه.

* * *

قال الكاتب : فهذه سبعة نصوص من مصادر معتبرة ومتنوعة بعضها في الرجال ، وبعضها في الفقه والفرَق ، وتركنا النقل عن مصادر كثيرة لئلا نطيل كلها تثبت وجود شخصية اسمها عبد الله بن سبأ ، فلا يمكننا بَعْدُ نَفْيُ وجودها خصوصاً وأن أمير المؤمنين رضي الله عنه قد أنزل بابن سبأ عقاباً على قوله فيه بأنه إله ، وهذا يعني أن أمير المؤمنين رضي الله عنه قد التقى عبد الله بن سبأ ، وكفى بأمير المؤمنين حجة ، فلا يمكن بعد ذلك إنكار وجوده.

وأقول : لا يخفى أن (الأنوار النعمانية) ، و (فرق الشيعة) ، و (المقالات والفرق) ، و (تنقيح المقال) ، لا تُعَد من مصادر الشيعة المعتبرة مع جلالة كُتَّابها (١) ، لأنها كتب

__________________

(١) مصادر الشيعة هي الكتب التي يعوِّل الشيعة على ما فيها من أحاديث ، كالكتب الأربعة وكتب الصدوق مثلاً ، والتي تعبِّر عن آراء المشهور عندهم في العقائد والأحكام ككتب السيد المرتضى والشيخ المفيد وغيرها ، وأما ما عداها فهي كتب تعبر عن آراء كاتبيها ، ولا يخفى أن الشيعة

٤٥

تعبِّر عن رأي أصحابها ، وليس كل ما فيها صحيح ، بل فيها ما هو معلوم البطلان.

وأما (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد ، فهو ليس من كتب الشيعة ، فضلاً عن أن يكون مصدراً معتبراً من مصادرهم ، لأن ابن أبي الحديد معتزلي صِرْف ، إلا أن بعض أهل السنة توهموا أنه شيعي ، حينما رأوا كثرة نقل الشيعة عنه واحتجاجهم بكلامه.

وأما الكتابان الآخران ـ وهما (رجال الكشي) و (من لا يحضره الفقيه) ـ فهما وإن كانا من مصادر الشيعة المعتبرة ، إلا أن علماء الشيعة لا يرون صحة كل ما فيهما من أحاديث ، ولا يتوقفون في الحكم على بعض ما فيهما بالضعف والبطلان.

ومنه يتضح أن الكاتب لم يستطع التمييز بين مصادر الشيعة ومصادر غيرهم ، وبين المعتبر منها وغير المعتبر ، ويكفي هذا دليلاً على فساد زعمه ببلوغه مرتبة الاجتهاد والفقاهة.

* * *

قال الكاتب : نستفيد من النصوص المتقدمة ما يأتي :

١ ـ إثبات وجود شخصية ابن سبأ ، ووجود فرقة تناصره ، وتنادي بقوله ، وهذه الفرقة تُعَرفُ بالسبئية.

وأقول : أما أنه كان له وجود فنعم ، وأما وجود فرقة تناصره تُعرف بالسبئية فهو غير صحيح ، وإن جاء ذكرها في بعض الأقوال ، لأن ورود ذلك في بعض الكتب ناشئ من النقل من غير تحقيق للمسألة.

ويدل على ما قلناه أنك لا تجد لهذه الفرقة أتباعاً معروفين ، ولا علماء

__________________

أطبقوا على أن كل كتاب يؤخذ منه ويُترك إلا القرآن الكريم ، فليس عندهم كتاب كله صحيح غيره.

٤٦

مشهورين ، ولا أقوالاً مدوَّنة ، ولا كتباً منتشرة ، وهذا هو المقوِّم لوجود أية فرقة من الفِرَق ، أو اعتبار أية طائفة من الطوائف.

* * *

قال الكاتب : ٢ ـ إن ابن سبأ هذا كان يهودياً فأظهر الإسلام ، وهو وإن أظهر الإسلام إلا أن الحقيقة أنه بقي على يهوديته ، وأخذ يبث سمومه من خلال ذلك.

وأقول : هذا لم يثبت بدليل صحيح ، وهو مروي عن سيف بن عمر التميمي الوضَّاع الذي أطبق الكل على تضعيفه ، ولم يُرو من طريق غيره ، وكل ما ذكره الطبري في تاريخه مما يرتبط بمسألة عبد الله بن سبأ إنما هو منقول عنه.

والكاتب قد جعل هذا من النتائج التي استخلصها من كلامه السابق مع أنه لم يذكر دليلاً واحداً في كل ما تقدم من كلامه يدل على يهودية عبد الله بن سبأ ، فراجع.

* * *

قال الكاتب : ٣ ـ أنه هو الذي أظهر الطعن في أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وكان أول من قال بذلك ، وهو أول من قال بإمامة أمير المؤمنين رضي الله عنه ، وهو الذي قال بأنه رضي الله عنه وَصيُّ النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنه نقل هذا القول عن اليهودية ، وأَنه ما قال هذا إلا محبة لأهل البيت ، ودعوة لولايتهم ، والتبرؤ من أعدائهم ـ وهم الصحابة ومن والاهُم بزعمه ـ.

وأقول : كل ما ذكره الكاتب إنما هو مضامين روايات سيف بن عمر التميمي الوضَّاع ، وكلها مضامين لم ترد في شيء من الأحاديث الصحيحة السُّنّية فضلاً عن الشيعية ، فكيف يؤخذ بها ويعوَّل عليها؟!

هذا مع أن الروايات التي نقلها الكاتب فيما مرَّ لا تدل على أمثال هذه النتائج

٤٧

التي توصَّل إليها كما هو واضح للقارئ الكريم.

وأما ما زعمه الكاتب من أن ابن سبأ هو أول من قال بإمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام فهو واضح البطلان ، وذلك لأن أول من قال بإمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام هو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في أحاديث كثيرة صحيحة :

منها : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (من كنت مولاه فعلي مولاه) (١).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي ، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي (٢).

__________________

(١) سنن الترمذي ٥ / ٦٣٣ قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. صحيح ابن حبان ١٥ / ٣٧٦. سنن ابن ماجة ١ / ٤٥. صحيح سنن ابن ماجة ١ / ٢٦. مسند أحمد ١ / ٨٤ ، ١١٨ ، ١١٩ ، ١٥٢ ، ٣٣٠ ، ٤ / ٢٨١ ، ٣٦٨ ، ٣٧٠ ، ٣٧٢ ، ٥ / ٣٤٧ ، ٣٦٦ ، ٤١٩. المستدرك للحاكم ٣ / ١٠٩ ، ١١٠ ، ١١٦ ، ١٣٤ ، ٣٧١ ، ٥٣٣ وصحَّحه. الأحاديث المختارة ٢ / ١٠٦ ، ١٧٤ ، ٣ / ١٥١ ، ٢٧٤. موارد الظمآن ٢ / ٩٨٧. تفسير القرآن العظيم ٢ / ١٤. مجمع الزوائد ٧ / ١٧ ، ٩ / ١٠٣ ـ ١٠٨ ، ١٢٠ ، ١٦٤. السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٥ ، ١٠٨ ، ١٣١ ، ١٣٢ ، ١٣٤ ، ١٣٥. المصنف لابن أبي شيبة ٦ / ٣٦٨ ، ٣٦٩ ، ٣٧١ ، ٣٧٥ ، ٣٧٧. المعجم الصغير للطبراني ١ / ٦٥ ، ٧١. مسند أبي يعلى ١ / ٢٥٧ ، ٥ / ٤٦٠. المعجم الأوسط ١ / ١١١ ، ٣١٢ ، ٥٣٣ ، ٤ / ٣٥٧. المعجم الكبير ٣ / ١٩٩ ، ٢٠١ ، ٤ / ١٧ ، ١٧٣ ، ٥ / ١٦٦ ، ١٧٠ ، ١٧١ ، ١٧٥ ، ١٩٢ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ٢٠٣ ، ٢٠٤ ، ٢١٢ ، ١٢ / ٩٩ ، ١٩ / ٢٩١. كتاب السنة ٢ / ٥٩٠ ـ ٥٩٣. فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ٢ / ٥٦٣ ، ٥٦٩ ، ٥٧٢ ، ٥٨٦ ، ٦٨٢. خصائص علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، ص ٩٦ ـ ١٠٨. وعدَّه من الأحاديث المتواترة : السيوطي في (قطف الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة) ، ص ٢٧٧ ، والكتاني في (نظم المتناثر) ، ص ٢٠٥ ، والزبيدي في (لقط اللآلئ المتناثرة) ، ص ٢٠٥ ، والحافظ شمس الدين الجزري في (أسنى المطالب) ، ص ٥ ، ومحمد ناصر الدين الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة) ٤ / ٣٤٣. وصحّحه جمع آخرون من أعلام أهل السنة.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١ / ٣٣٠ ـ ٣٣١. المستدرك ٣ / ١٣٣ قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه بهذه السياقة. ووافقه الذهبي. مجمع الزوائد ٩ / ١١٩ قال الهيثمي : رواه

٤٨

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيِّد ولد آدم ، وعليٌّ سيِّد العرب (١).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن عليّا مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي (٢).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أُوحي إليَّ في عليٍّ ثلاث : أنه سيِّد المسلمين ، وإمام المتقين ، وقائد الغُر المُحجَّلين (٣).

__________________

أحمد والطبراني في الكبير والأوسط باختصار ، ورجال أحمد رجال الصحيح ، غير أبي بلج الفزاري وهو ثقة وفيه لين. المعجم الكبير للطبراني ١٢ / ٩٩. فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ٢ / ٦٨٤. كتاب السنة ٢ / ٥٥١ ، وقال الألباني في تعليقته : إسناده حسن ، ورجاله ثقات رجال الشيخين ، غير أبي بلج ، واسمه يحيى بن سليم بن بلج ، قال الحافظ : صدوق ربما أخطأ. وفي ص ٥٨٩ : إلا أنك لست بنبي ، وأنت خليفتي في كل مؤمن بعدي. وعند البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة ٩ / ٢٥٩ ح ٨٩٤٤ ومختصر إتحاف السادة المهرة ٩ / ١٨٠ ح ٧٤٤٣ ، عن أبي يعلى ، أنه قال : إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفة من بعدي. كتاب السنة ٢ / ٥٥١ ، وقال الألباني في تعليقته : إسناده حسن ، ورجاله ثقات رجال الشيخين ، غير أبي بلج ، واسمه يحيى بن سليم بن بلج ، قال الحافظ : صدوق ربما أخطأ.

(١) المستدرك ٣ / ١٢٤ ، ١٣٨ وقال الحاكم : حديث صحيح الإسناد. المعجم الأوسط للطبراني ١ / ٤٠١. المعجم الكبير ٣ / ٩٠. حلية الأولياء ١ / ٦٣ ، ٥ / ٣٨. تاريخ بغداد ١١ / ٨٩. ترجمة الإمام أمير المؤمنين من تاريخ ابن عساكر ٢ / ٢٦١. در السحابة ، ص ٢١٤. مجمع الزوائد ٩ / ١١٦ ، ١٣١. كشف الخفا ١ / ٤٦٢.

(٢) سنن الترمذي ٥ / ٦٣٢ قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب. مسند أحمد ٤ / ٤٣٨ ، ٣٥٦. المستدرك ٣ / ١١١ قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم. وسكت عنه الذهبي. موارد الظمآن ٢ / ٩٨٦. السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٥ ، ١٣٣. المصنف لابن أبي شيبة ٦ / ٣٧٥. كتاب السنة ٢ / ٥٥٠ وقال الألباني في تعليقته : إسناده صحيح ، رجاله ثقات على شرط مسلم. صحيح ابن حبان ١٥ / ٣٧٤. مسند الطيالسي ، ص ١١١ ، ٣٦٠. فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ١ / ٣٣١ ، ٢ / ٦٠٥ ، ٤ / ٤٣٨. خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي ، ص ١٠٩. حلية الأولياء ٦ / ٢٩٤. مسند أبي يعلى ١ / ١٨٥. المعجم الكبير للطبراني ١٢ / ٩٩ ، ١٨ / ١٢٩.

(٣) المستدرك ٣ / ١٣٧ قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه. ترجمة الإمام أمير

٤٩

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (هذا أميرُ البرَرَة ، وقاتل الفَجَرة ، منصورٌ مَنْ نَصَرَه ، مخذول من خذله) يمد بها صوته (١).

إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الصحيحة الصريحة في إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فضلاً عن الأحاديث الأخرى التي تدل على المطلوب بأتم دلالة ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) (٢).

__________________

المؤمنين من تاريخ ابن عساكر ٢ / ٢٥٦ ـ ٢٥٨. حلية الأولياء ١ / ٦٣. در السحابة ، ص ٢٢٩.

(١) المستدرك ٣ / ١٢٩ ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. تاريخ بغداد ٣ / ٣٧٧ ، ٤ / ٢١٩.

(٢) صحيح البخاري ٣ / ١١٤٢ ، ١٣٣١. صحيح مسلم ٤ / ١٨٧٠ ، ١٨٧١. صحيح ابن حبان ١٥ / ١٥ ، ٣٦٩ ، ٣٧١. سنن الترمذي ٥ / ٦٣٨ ، ٦٤٠ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٢ ، ٤٥. مسند أحمد ١ / ١٧٠ ، ١٧٣ ـ ١٧٥ ، ١٧٧ ، ١٧٩ ، ١٨٢ ، ١٨٤ ، ١٨٥ ، ٣ / ٣٢ ، ٣٣٨ ، ٦ / ٣٦٩ ، ٤٣٨. المستدرك ٢ / ٣٣٧ ، ٣ / ١٠٩. الأحاديث المختارة ٣ / ١٥١ ، ٢٠٧. موارد الظمآن ٢ / ٩٨٥. المصنف لابن أبي شيبة ٦ / ٣٦٩ ، ٧ / ٤٢٥. المصنف لعبد الرزاق ٥ / ٢٧٩. مسند الحميدي ١ / ٣٨. مسند الطيالسي ، ص ٢٨ ، ٢٩. مجمع الزوائد ٩ / ١٠٩ ـ ١١١. الطبقات الكبرى ٣ / ٢٣ ـ ٢٤. السنن الكبرى للبيهقي ٩ / ٤٠. السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٤ ، ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١١٣ ، ١١٩ ـ ١٢٥ ، ١٤٤ ، ٢٤٠. المعجم الصغير للطبراني ٢ / ٢٢ ، ٥٤. المعجم الأوسط ١ / ٤٠٠ ، ٢ / ١٢٠ ، ٣ / ١٧٩ ، ٤ / ٩٧ ، ٢٣٩ ، ٢٤٥ ، ٥ / ٣٥٦ ، ٦ / ٣٣. المعجم الكبير ١ / ١٤٦ ، ١٤٨ ، ٢ / ٢٤٧ ، ٤ / ١٧ ، ١٨٤ ، ٥ / ٢٠٣ ، ٢٢١ ، ١١ / ٧٤ ، ٧٥ ، ١٢ / ١٨ ، ٩٨ ، ١٩ / ٢٩١ ، ٢٤ / ١٤٦ ، ١٤٧. مسند أبي يعلى ١ / ١٨٠ ، ٢٩٨ ، ٣٠١ ، ٣٠٦ ، ٣١٣ ، ٣٢١ ، ٦ / ٧٢. فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ٢ / ٥٦٦ ـ ٥٦٩ ، ٥٩٢ ، ٥٩٨ ، ٦١٠ ، ٦١١ ، ٦٣٣ ، ٦٣٨ ، ٦٤٢ ، ٦٤٣ ، ٦٦٣ ، ٦٦٦ ، ٦٧٠ ، ٦٧٥ ، ٦٨٤. كتاب السنة لابن أبي عاصم ٢ / ٥٥١ ، ٥٨٦ ـ ٥٨٩. حلية الأولياء ٤ / ٣٤٥ ، ٧ / ١٩٤ ـ ١٩٧ ، ٨ / ٣٠٧. تاريخ بغداد ١ / ٣٢٥ ، ٣ / ٢٨٩ ، ٤٠٦ ، ٤ / ٧٠ ، ٢٠٤ ، ٣٨٢ ، ٧ / ٤٥٢ ، ٨ / ٥٢ ، ٢٦٨ ، ٩ / ٣٦٤ ، ١٠ / ٤٣ ، ١١ / ٣٨٤ ، ٤٣١ ، ١٢ / ٣٢٣. خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي ، ص ٣٧ ، ٣٨ ، ٤٩ ، ٦٧ ـ ٧٩ ، ١٤٠. وعدَّه من الأحاديث المتواترة : السيوطي في

٥٠

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأته من الباب (١).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي منِّي وأنا من علي ، ولا يُؤَدِّي عنِّي إلا أنا أو علي (٢).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن أطاعني فقد أطاع الله ، ومَن عصاني فقد عصى الله ، ومَن أطاع عليّا فقد أطاعني ، ومَن عصى عليّا فقد عصاني (٣).

ولهذا كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يرى أنه هو الأولى بالخلافة من كل من تقدَّمه من الخلفاء ، ولأجل ذلك امتنع عن بيعة أبي بكر مطلقاً ، أو ستة أشهر على رواية البخاري ومسلم وغيرهما (٤) ، ولو لا ذلك لما كان وجه للتخلف عن بيعة أبي بكر كل

__________________

(قطف الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة) ، ص ٢٨١ ، والكتاني في (نظم المتناثر) ، ص ٢٠٦ ، والزبيدي في (لقط اللآلئ المتناثرة) ، ص ٣١ ، ونقل في الحاشية التواتر عن الشيخ جسوس في شرح الرسالة.

(١) سنن الترمذي ٥ / ٦٣٧. المستدرك ٣ / ١٢٦ ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. مجمع الزوائد ٩ / ١١٤. المعجم الكبير للطبراني ١١ / ٦٥. حلية الأولياء ١ / ٦٤. تاريخ بغداد ٧ / ١٧٢ ، ١١ / ٤٨ ـ ٥٠ ، ٢٠٣. فضائل الصحابة ٢ / ٦٣٤. الجامع الصغير للسيوطي ١ / ٤١٥. قال السيوطي في تاريخ الخلفاء ، ص ١٥٩ : هذا حديث حسن على الصواب ، لا صحيح كما قال الحاكم ، ولا موضوع كما قاله جماعة منهم ابن الجوزي والنووي ، وقد بيَّنتُ حاله في التعقيبات على الموضوعات. وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية ، ص ٢٦٩ : وأما حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها) فهو حديث حسن ، بل قال الحاكم : صحيح.

(٢) سنن الترمذي ٥ / ٦٣٦ قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب. سنن ابن ماجة ١ / ٤٤. صحيح سنن ابن ماجة ١ / ٢٦ ، وفيه حسَّنه الألباني. مسند أحمد ٤ / ١٦٤ ، ١٦٥. السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٥ ، ١٢٨. مصنف ابن أبي شيبة ٦ / ٣٦٨. المعجم الكبير للطبراني ٤ / ١٦ ، ١١ / ٤٠٠. كتاب السنة لابن أبي عاصم ٢ / ٥٨٤. خصائص أمير المؤمنين للنسائي ، ص ٩١. فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ٢ / ٥٩٤ ، ٥٩٩. مشكاة المصابيح ٣ / ١٧٢٠.

(٣) المستدرك ٣ / ١٢١ قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

(٤) أخرج البخاري في صحيحه ٣ / ١٢٨٦ ، ومسلم ٣ / ١٣٨٠ ـ واللفظ له ـ ، وغيرهما عن عائشة في حديث طويل قالت : إن فاطمة عليها‌السلام بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق

٥١

هذه المدة.

والعجيب زعمه أن عبد الله بن سبأ هو أول من قال : (إن علي بن أبي طالب عليه‌السلام وَصِيّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، مع أن القائلين بها من الصحابة كثير.

فمن هؤلاء الفضل بن العباس ، ومن شعره :

ألا إنَّ خيرَ الناسِ بعدَ محمدٍ

وصيُّ النبيِّ المصطفى عندَ ذي الذّكْرِ

وأولُ مَن صلَّى وصنوُ نبيِّه

وأولُ من أردى الغواةَ لدى بدْرِ (١).

وقال عبد الرحمن بن جعيل :

لعمري لقد بايعتمُ ذا حفيظةٍ

على الدينِ معروفَ العفافِ موفّقا

وصيَّ النبيِّ المصطفى وابنَ عمِّه

وأولَ مَن صلّى أخا الدينِ والتُّقى

وقال عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب :

ومنّا عليٌّ ذاك صاحبُ خيبرٍ

وصاحبُ بدرٍ يومَ سالتْ كتائبُه

وصيُّ النبيِّ المصطفى وابنُ عمه

فمَن ذا يُدانيه ومَن ذا يقاربُه.

__________________

تسأله ميراثها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك ، وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : (لا نورث ما تركنا صدقة ، إنما يأكل آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم في هذا المال) ، وإني والله لا أغيِّر شيئاً من صدقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولأعملنَّ فيها بما عمل به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، قال : فهجرَتْه فلم تكلِّمْه حتى توفيتْ ، وعاشت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلاً ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلَّى عليها عليٌّ ، وكان لعلي من الناس وجهةٌ حياةَ فاطمة ، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ، ولم يكن بايع تلك الأشهر ، فأرسل إلى أبي بكر : (أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك) كراهية محضر عمر بن الخطاب ... الحديث.

(١) تاريخ الطبري ٢ / ٦٩٦.

٥٢

وقال أبو الهيثم بن التيهان وهو من أهل بدر :

قُلْ للزبيرِ وقُلْ لطلحةَ إننا

نحن الذين شعارُنا الأنصارُ

نحن الذين رأتْ قريشٌ فعلَنا

يومَ القليبِ أولئك الكفارُ

كنا شعارَ نبيِّنا ودثارَه

يفديه منا الروحُ والأبصارُ

إنّ الوصيَّ إمامُنا ووليُّنا

بَرِحَ الخفاءُ وباحتِ الأسرارُ.

وقال حجر بن عدي الكندي في يوم الجمل :

يا ربَّنا سلِّمْ لنا عليّا

سلِّمْ لنا المبارَكَ المضيا

المؤمنَ الموحِّدَ التقيّا

لا خطلَ الرأيِ ولا غويّا

بل هادياً موفَّقاً مهديّا

واحفظه ربّي واحفظِ النبيّا

فيه فقد كان له وليّا

ثمّ ارتضاه بعدَه وصيّا.

وقال خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وهو من أهل بدر :

أعايشُ خلِّي عن عليٍّ وعيبه

بما ليس فيه إنما أنتِ والدَهْ

وصيِّ رسولِ اللهِ من دونِ أهلِه

وأنتِ على ما كان من ذاك شاهدَهْ

وحسبُكِ منه بعضُ ما تعلمينَه

ويكفيكِ لو لم تعلمي غير واحدَهْ

إذا قيل ما ذا عبتِ منه رميته

بخذلِ ابنِ عفان وما تلك آيدَهْ.

قال ابن أبي الحديد المعتزلي بعد أن ذكر تلك الأشعار وغيرها مما فيه ذكر الوصاية لأمير المؤمنين عليه‌السلام : ذكر هذه الأشعار والأراجيز بأجمعها أبو مخنف لوط بن يحيى في كتاب وقعة الجمل ، وأبو مخنف من المحدّثين وممن يرى صحة الإمامة بالاختيار ، وليس من الشيعة ولا معدوداً من رجالها (١). ومن لطائف ما ذكر من هذا الشعر ما قاله غلام شاب من بني ضبّة ، خرج يوم

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١ / ٤٨. ط محققة ١ / ١٤٧.

٥٣

الجمل من عسكر عائشة وهو يقول :

نحن بنو ضبَّةَ أعداءُ عليْ

ذاك الذي يُعرَف قِدْماً بالوصيْ

وفارسِ الخيلِ على عهدِ النبي

ما أنا عن فضلِ عليٍّ بالعَمِي

لكنني أنعى ابنَ عفانَ التقي

إن الوليَّ طالبٌ ثارَ الولي.

وقال ابن أبي الحديد بعد أن ساق أشعاراً كثيرة تتضمن لفظ الوصية لأمير المؤمنين عليه‌السلام : والأشعار التي تتضمن هذه اللفظة كثيرة جداً ، ولكنا ذكرنا منها هاهنا بعض ما قيل في هذين الحزبين (١) ، فأما ما عداهما فإنه يجل عن الحصر ، ويعظم عن الإحصاء والعد ، ولو لا خوف الملالة لذكرنا من ذلك ما يملأ أوراقاً كثيرة (٢).

* * *

قال الكاتب : إذن شخصية عبد الله بن سبأ حقيقة لا يمكن تجاهلها أو إنكارها ، ولهذا ورد التنصيص عليها وعلى وجودها في كتبنا ومصادرنا المعتبرة.

وأقول : لقد قلنا فيما مر أننا لا ننكر أن شخصية عبد الله بن سبأ حقيقة ، ولكن التهويلات التي نُسجت حوله مثل كونه يهودياً وأنه صار يطوف في البلدان ويؤلِّب المسلمين على عثمان ، وأنه أول من جاء بمسألة وصية أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأفضليته ، وأنه دابة الأرض ، وأنه يرجع إلى الدنيا بعد موته ، وغير ذلك من الأمور التي رواها سيف بن عمر التميمي ، ولم تُروَ من طريق غيره ، فكلها لا تصح ، ولا يمكن التصديق بها.

وكل ذلك أوضحناه مفصَّلاً وأثبتناه في كتابنا (عبد الله بن سبأ) ، فمن أراده فليرجع إليه.

__________________

(١) يريد بهما أصحاب علي عليه‌السلام وأصحاب طلحة والزبير وعائشة.

(٢) شرح نهج البلاغة ١ / ٥٠. ط محققة ١ / ١٥٠.

٥٤

* * *

قال الكاتب : وللاستزادة في معرفة هذه الشخصية ، انظر المصادر الآتية : الغارات للثقفي ، رجال الطوسي ، الرجال للحلي ، قاموس الرجال للتستري ، دائرة المعارف المسماة بمقتبس الأثر للأعلمي الحائري ، الكنى والألقاب لعباس القمي ، حل الإشكال لأحمد بن طاوس المتوفي سنة (٦٧٣) ، الرجال لابن داود ، التحرير للطاوسي [كذا] ، مجمع الرجال للقهبائي ، نقد الرجال للتفرشي ، جامع الرواة للمقدسي [كذا] الأردبيلي ، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ، مرآة الأنوار لمحمد بن طاهر العاملي ، فهذه على سبيل المثال لا الحصر أكثر من عشرين مصدراً من مصادرنا تنص كلها على وجود ابن سبأ ، فالعجب كل العجب من فقهائنا [كذا] أمثال المرتضى العسكري والسيد [كذا] محمد جواد مغنية ، وغيرهما في نفي وجود هذه الشخصية ، ولا شك أن قولهم ليس فيه شيء من الصحة.

وأقول : هذه المصادر كلها تنقل عن رجال الكشي نصّاً أو مضموناً ، فهي في واقعها مصدر واحد لا أكثر ، إلا أن الكاتب أراد أن يوهم القراء بكثرة المصادر المثبتة لعبد الله بن سبأ.

والطريف في الأمر أن الكاتب نسب كتاب (جامع الرواة) إلى المقدسي الأردبيلي ، مع أنه لمحمد بن علي الأردبيلي الحائري ، وذكر من ضمن المصادر (التحرير) للطاوسي ، ظنّا منه أن الطاووسي مؤلف الكتاب ، مع أن اسم الكتاب هو (التحرير الطاووسي) للشيخ حسن ابن الشهيد الثاني صاحب كتاب (معالم الدين).

كما أن الكاتب أمر قارئه بالنظر في كتاب (حَلّ الإشكال) للسيد أحمد بن طاوس ، مع أن كل أهل العلم يعرفون أن هذا الكتاب لا وجود له في عصرنا ولا أثر.

هذا مع أن كل تلك المصادر ذكرت أن عبد الله بن سبأ قد أحرقه أمير المؤمنين

٥٥

عليه‌السلام بالنار في جملة جماعة ادَّعوا فيه الألوهية ، وأما الأمور الأخرى المنسوبة لابن سبأ التي أشرنا إليها آنفاً فلم ترد في هذه المصادر العشرين التي ذكرها ، ومن أراد التأكد فليراجعها.

وأما ما ذهب إليه السيد مرتضى العسكري والشيخ محمد جواد مغنية من نفي وجود ابن سبأ فهو رأي من الآراء التي وافقهما عليه بعض الباحثين من أهل السنة ، وإن كنا لا نوافقهم فيه.

ومنه يتضح أن ما زعمه الكاتب من أن فقهاء الإمامية ينفون شخصية ابن سبأ بعيد عن الصواب.

وعلى كل حال سواء ثبت وجود عبد الله بن سبأ أم لم يثبت فهو أمر لا يرتبط من قريب أو بعيد بمذهب الشيعة الإمامية ، فإن الشيعة تبرَّءوا منه ولعنوه ، ولا ترى في كتب الشيعة رواية واحدة عنه ، ولا تجد لهم قولاً واحداً قد ثبت عنهم أنهم قد أخذوه منه.

وأما ما نسبه سيف بن عمر إلى ابن سبأ من عقائد الشيعة ، كالقول بأن أمير المؤمنين عليه‌السلام وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنه دابة الأرض ، وأنه يرجع إلى الدنيا ويسوق العرب بعصاه ، وما شابه ذلك ، فكله منحول عليه ، ولم يُرو إلا من طريق سيف المذكور ، والعقائد المذكورة ثبتت بالأدلة المروية في كتب أهل السنة ، ومن شاء الاستزادة فليرجع إلى كتابنا المذكور ، فإنا استوفينا فيه البحث غاية الاستيفاء.

٥٦

الحقيقة في انتساب الشيعة لأهل البيت

قال الكاتب : إن من الشائع عندنا معاشر الشيعة ، اختصاصنا بأهل البيت ، فالمذهب الشيعي كله قائم على محبة أهل البيت ـ حسب رأينا ـ إذ الولاء والبراء مع العامة ـ وهم أهل السنة ـ بسبب أهل البيت ، والبراءة من الصحابة وفي مقدمتهم الخلفاء الثلاثة وعائشة بنت أبي بكر بسبب الموقف من أهل البيت ، والراسخ في عقول الشيعة جميعاً صغيرهم وكبيرهم ، عالمهم وجاهلهم ، ذكرهم وأنثاهم ، أن الصحابة ظلموا أهل البيت ، وسفكوا دماءهم ، واستباحوا حُرُماتِهم.

وأقول : لا ريب في أن الولاء والبراء من الشعائر الثابتة في الإسلام التي دلَّت عليها آيات القرآن الكريم.

فإن الآيات الشريفة دلَّت على أن الله سبحانه ولي المؤمنين ، فقال جل شأنه (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١).

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٢٥٧.

٥٧

وقال سبحانه (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) (١).

وقال عزَّ مِن قائل (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (٢).

ونصَّت آيات أخر على أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض ، فقال سبحانه (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (٣).

وجاء النهي في آيات أُخر عن اتخاذ أعداء الدين أولياء ، فقال سبحانه يَا (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ) (٤).

وقال عزَّ من قائل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٥).

وقال جلَّ شأنه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٦).

وقال عزَّ اسمه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٧).

وقال تعالى (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية ١٩٦.

(٢) سورة آل عمران ، الآية ٦٨.

(٣) سورة التوبة ، الآية ٧١.

(٤) سورة الممتحنة ، الآية ١.

(٥) سورة التوبة ، الآية ٢٢.

(٦) سورة المائدة ، الآية ٥٧.

(٧) سورة المائدة ، الآية ٥١.

٥٨

الْمَصِيرُ) (١).

وأما آيات البراءة :

فمنها : ما دلَّ على أن الله ورسوله بريئان من المشركين.

قال سبحانه (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) (٢).

ومنها : ما دلَّ على لزوم البراءة من المشركين وما يعبدون من دون الله سبحانه.

قال تعالى (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ) (٣).

وقال تعالى (قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (٤).

غاية ما في الباب أن تشخيص كون هذا الرجل مؤمناً نتولاه ، أو كافراً أو منافقاً نتبرّأ منه ، لا يخرج عن كونه من المسائل الاجتهادية التي ربما يقع فيها الخطأ والاشتباه ، ولا يقدح الخطأ فيها في إيمان المؤمن بقادح.

ولهذا تبرّأ أهل السنة من رجال يرونهم كفاراً أو مرتدين ، مثل أبي طالب عليه‌السلام ، ومالك بن نويرة رضوان الله عليه ، بينما يراهما الشيعة من أجلاء المسلمين وخيار المؤمنين.

وبالمقابل حكم الشيعة على رجال بأنهم منافقون ، بينما يعتقد أهل السنة فيهم أنهم من أجلاء الصحابة ومن أهل الجنة.

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية ٢٨.

(٢) سورة التوبة ، الآية ٣.

(٣) سورة الممتحنة ، الآية ٤.

(٤) سورة الأنعام ، الآية ١٩.

٥٩

فإذا جاز لأهل السنة أن يجتهدوا في هذه المسألة ، ويكونوا مأجورين في اجتهادهم فالشيعة كذلك ، وإلا فالكل مأزور وآثم ، وأما قصر الاجتهاد على أهل السنة وتخصيصهم بالأجر دون غيرهم فهذا لا مستند له ولا حجة تعضده غير اتباع الهوى والعصبية بغير حق.

وأما ما قاله الكاتب من أن مذهب الشيعة قائم على محبة أهل البيت والبراءة من أهل السنة ، فهو غير صحيح ، لأن الواجب الذي أمرنا الله به هو البراءة من الكفار والمنافقين وأعداء الدين ، لا عموم المسلمين الذين يشهدون الشهادتين كأهل السنة وغيرهم.

وأما قوله : (إن الراسخ في عقول الشيعة جميعاً أن الصحابة ظلموا أهل البيت ، وسفكوا دماءهم ، واستباحوا حُرُماتِهم) فهو غير صحيح أيضاً ، لأن الشيعة وإن كانوا لا يرون عدالة كل الصحابة ، إلا أنهم يعتقدون بعدالة الصحابة الذين مدحهم الله سبحانه وتعالى في كتابه ، من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وغيرهم ممن نصروا الدين ، وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ، حتى انتشر الإسلام وارتفع لواؤه.

فهؤلاء نحبّهم ، ونتولاهم في الدنيا والآخرة ، ونترحم عليهم.

وأما المنافقون والطلقاء الذين كانوا يؤذون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويكيدون للإسلام ، ويتربصون به الدوائر ، فلا نحبّهم ولا قيمة لهم عندنا ، ونحن نتبرأ منهم ، وإن تسمَّوا بالصحبة وتظاهروا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنصرة والمحبة.

ومنه يتبين أن ما يُتَّهم به الشيعة من بغض كل الصحابة ولعنهم والبراءة منهم كله غير صحيح ، ومن الواضح أن الداعي إليه هو إيجاد ذريعة لتضليل الشيعة وتكفيرهم واستباحة دمائهم ، والله المستعان على ما يصفون.

* * *

٦٠