الملل والنحل

عبدالقاهر بن طاهر البغدادي

الملل والنحل

المؤلف:

عبدالقاهر بن طاهر البغدادي


المحقق: الدكتور ألبير نصري نادر
الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار المشرق
الطبعة: ٣
ISBN: 2-7214-8039-1
الصفحات: ١٨٤

١
٢

٣
٤

٥
٦

محتويات الكتاب

المقدمة........................................................................ ٩

وصف المخطوطة............................................................ ٩

أولا ـ مؤلف المخطوطة........................................................ ١٠

ثانيا ـ عنوان الكتاب........................................................... ١٦

ـ مؤلف الكتاب........................................................... ٣٩

الرموز.................................................................... ٤٣

(في بيان مقالات فرق الرفض)................................................. ٤٧

الكيسانية................................................................ ٤٧

ذكر فرق الضلال من الخوارج.................................................. ٥٧

ذكر المحكمة الاولى........................................................ ٥٨

ذكر الازارقة.............................................................. ٦٣

ذكر النجدات............................................................ ٦٥

ذكر الصّفرية الزيادية...................................................... ٦٧

ذكر الميمونية............................................................. ٦٨

ذكر الشعيبية............................................................. ٦٩

ذكر الحازمية والحمزية...................................................... ٧٠

ذكر المعلومية والمجهولية..................................................... ٧٢

ذكر الصلتية.............................................................. ٧٢

ذكر الاخنسية والمعبدية.................................................... ٧٣

ذكر الشيبانية والشبيبية.................................................... ٧٤

ذكر الرشيدية............................................................. ٧٦

ذكر المكرمية.............................................................. ٧٧

ذكر الحفصية............................................................. ٧٧

ذكر اليزيدية.............................................................. ٧٨

ذكر الحارثية.............................................................. ٧٨

ذكر اصحاب طاعة لا يراد الله تعالى بها ، منها : الأباضية الواقفة................ ٧٩

ذكر فرق الضلال من القدرية والمعتزلة عن الحق................................ ٨٢

ذكر الواصلية............................................................. ٨٣

ذكر العمرية.............................................................. ٨٦

ذكر الهذيل العلاف....................................................... ٨٨

ذكر النظامية............................................................. ٩١

ذكر الاسوارية........................................................... ١٠٢

ذكر الاسكافية.......................................................... ١٠٣

٧

ذكر الجعفرية............................................................ ١٠٤

ذكر البشرية............................................................ ١٠٧

ذكر المردارية............................................................ ١٠٩

ذكر الهشامية........................................................... ١١٠

ذكر الحائطية والحدثية.................................................... ١١٥

ذكر الحمارية............................................................ ١١٧

ذكر المعمرية............................................................ ١١٨

ذكر الثمامية............................................................ ١٢١

ذكر الجاحظية........................................................... ١٢٣

ذكر الخياطية............................................................ ١٢٦

ذكر الكعبية............................................................ ١٢٧

ذكر الجبائية............................................................ ١٢٨

ذكر البهشمية.......................................................... ١٢٩

ذكر فرق الضلال من المرجئة................................................ ١٣٨

ذكر اليونسية........................................................... ١٢٩

ذكر الغسانية........................................................... ١٤٠

ذكر الثوبانية............................................................ ١٤٠

ذكر الثومنية............................................................ ١٤١

ذكر المريسية............................................................ ١٤١

ذكر فرق الضلال من النجارية................................................ ١٤٢

ذكر البرغوثية........................................................... ١٤٣

ذكر الزعفرانية........................................................... ١٤٣

ذكر المستدركة.......................................................... ١٤٤

ذكر فرق الضلال من الجهمية................................................ ١٤٥

ذكر البكرية المبتدعة..................................................... ١٤٦

ذكر الضرارية الضالة..................................................... ١٤٧

ذكر الضلال من الكرّامية..................................................... ١٤٩

الباب الرابع

بيان التحقيق لنجاة اهل السنة والجماعة.................................... ١٥٤

الفهارس

ـ فهرس المراجع المذكورة في الهوامش......................................... ١٦٣

ـ فهرس الاعلام المذكورة في كتاب «الملل والنحل»............................ ١٦٦

ـ فهرس الكتب المذكورة في نص الكتاب.................................... ١٧٢

ـ فهرس البلدان والمدن.................................................... ١٧٣

ـ فهرس الاصطلاحات والكلمات.......................................... ١٧٤

ـ فهرس الآيات القرآنية والاحاديث......................................... ١٨٢

٨

المقدّمة

وصف المخطوطة

توجد في مكتبة الاوقاف ببغداد مخطوطة تحت رقم ٦٨١٩ تشتمل على ١٢٧ ورقة ، وكل ورقة صفحتان. ذكر على الصفحة اليمنى من الورقة رقم ٣٩ العنوان التالي :

«كتاب المسائل الخمسين في علم اصول الدين»

وجاء بعد هذا العنوان : «اعلم انه ثبت في كتب الشرع ، وذكر في الأصل والفرع ، ان كبائر الاثم سبعون كبيرة ، وان الفاظ الكفر أيضا سبعون لفظا. فمن فعل كبيرة من الكبائر واستحلها ، او تكلم بلفظ من الفاظ الكفر ، عامدا طوعا ، يكفر بالله تعالى ، كما ورد في المنظوم :

اعدادها سبعون بالحساب

فاعلها بشّره بالعذاب

يحدّد النكاح والايمان

كذا روى سيدنا النعمان»

ثم ينقطع الكلام بعد هذين البيتين ، وتبدأ الصفحة اليسرى من ذات الورقة رقم ٣٩ بمسألة الامامة. ولا توجد أية علاقة بين ما جاء في الصفحة اليمنى وما جاء في الصفحة اليسرى من هذه الورقة. ثم يستطرد الكلام ابتداء من الصفحة اليسرى للورقة ٣٩ حتى الورقة ١٢٧ وهي آخر ورقة للمخطوطة ، وذلك بخط منتظم وواضح وبقلم واحد. فيكون الجزء الخاص بموضوع الامامة وما يليه في هذه المخطوطة هو من الصفحة اليسرى للورقة ٣٩ الى الصفحة اليمنى من الورقة ١٢٧ ، اي ٨٨ ورقة مجموع صفحاتها ١٧٦ صفحة ؛ وعدد اسطر كل صفحة هو ١٣ سطرا وابعاد كل صفحة ١٧ سم في ١٣ سم.

٩

وفي الورقة الأخيرة من هذه المخطوطة ورد عدد من عناوين لكتب متنوعة ولأسماء مؤلفيها مثل : ملل ونحل الشهرستاني ـ ملل ابن حزم ـ ملل استكتبناها في اسلامبول ـ جلاء العينين ـ الجواب الفسيح ـ النبراس للكوداني.

«ملل» ابي منصور عبد القاهر الخ ...

وهذا العنوان بالذات : «ملل» ابي منصور عبد القاهر يلفت النظر اذ انه مختصر عنوان كتاب «الملل والنحل» لعبد القاهر البغدادي.

وبعد المطالعة والتدقيق والتحقيق في الاوراق ابتداء من الصفحة اليمنى للورقة ٣٩ من هذه المخطوطة حتى نهايتها في الورقة ١٢٧ اتضح لنا الآتي :

أولا ـ مؤلف المخطوطة

المخطوطة لعبد القاهر البغدادي

المخطوطة هي كتاب لعبد القاهر البغدادي صاحب كتاب «الفرق بين الفرق» (١) وهناك عدة أدلة على ذلك واردة في المخطوطة ذاتها. ومن هذه الأدلة :

__________________

(١) طبع كتاب «الفرق بين الفرق» للامام الاستاذ ابي منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي لاول مرة في مصر القاهرة عام ١٣٢٨ ه‍ / ١٩١٠ م بمطبعة المعارف ، ووقف على طبعه وضبطه وتعليق حواشيه محمد بدر. والاصل منقول عن نسخة واحدة في الكتبخانة الملوكية ببرلين رقم٢٨٠٠konigh.biblioth.zuberlin.٢٨٠٠.H.H.X.I.١٢٨٩٣.IV.٧٥١٠. وقد ذكره بروكلمان geschichtederara bischenliteratur في الجزء الأول صفحة ٣٨٥ المطبوع في weimar سنة ١٨٩٨.

ـ ثم طبع ثانية مع ترجمة للمؤلف وتصحيح وهوامش وضعها الشيخ محمد زاهد بن الحسن الكوثري عن نسخة خطية كانت مملوكة لجلبي زاده احد احفاد سلطان الصوفية وامام الفلاسفة مولانا جلال الدين الصديقي ناظم كتاب «المثنوي» ومؤسس الطريقة المولوية المتوفى ٦٧٢ ه‍ المشهور مزاره بمدينة «قونية» ـ عني بنشره وراجع اصله ووقف على طبعه السيد عزت العطار الحسيني الدمشقي الموطن الشهير بالعطار ، مؤسس ومدير مكتب نشر الثقافة الاسلامية من اقدم عصورها الى الآن ، سنة ١٣٦٧ ه‍ / ١٩٤٨ م. وكان فضل العثور على هذه النسخة النادرة لحضرة الاخ البحّاثة الأديب الاستاذ سامي نجل ناشر العلوم والمعارف وخادم الشريعة الاسلامية السيد امين الخانجي.

١٠

١ ـ جاء في الصفحة الثانية من الورقة رقم ٤٢ سطر ٢ :

وقال الاستاذ الامام عبد القاهر ـ صاحب الكتاب : قد اجبنا الفريقين عن شعرهما. يقول :

يا ايها الرافضة المبطلة

دعواكم من اصلها مبطلة

وجاء في كتاب «الفرق بين الفرق» (طبعة بدر ص ٥٤ ، طبعة الكوثري ص ٤٤ ، وطبعة عبد الحميد ص ٧١) :

«قال عبد القاهر : قد اجبنا الفريقين عن شعرهما بقولنا :

يا ايها الرافضة المبطلة

دعواكم من اصلها مبطلة»

وفي المخطوطة وردت الأبيات الخمسة المذكورة في كتاب «الفرق بين الفرق» بكاملها.

ووردت هذه الأبيات الخمسة أيضا في «مختصر الفرق بين الفرق» للرسعني ص ٦٤ ، وجاء قبل هذه الأبيات : «فاجابهما عبد القاهر المصنّف فقال : «يا ايها الرافضة المبطلة ...» فهذا دليل واضح على ان صاحب الكتاب المخطوط هنا هو عبد القاهر البغدادي.

٢ ـ وجاء في الصفحة الثانية من الورقة ١١٤ سطر ١٠ من المخطوطة :

__________________

ـ ثم طبع كتاب «الفرق بين الفرق» مرة أخرى ، وقد حقق اصوله ، وفصله ، وضبط مشكله ، وعلق حواشيه محمد محيي الدين عبد الحميد ـ ونشرته مكتبة محمد علي صبيح واولاده بميدان الأزهر بمصر سنة ١٩٦٤.

ـ وهناك «مختصر كتاب الفرق بين الفرق» تأليف عبد القاهر بن طاهر ابي منصور البغدادي ـ اختصار عبد الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف الرّسعني. حرّره فيليب حتّى د. ف. استاذ التاريخ في الجامعة الاميركية ببيروت واحد اساتذة جامعة كولومبيا في نيويرك سابقا. مطبعة الهلال بمصر سنة ١٩٢٤ عن «مخطوطة في دار الكتب الظاهرية بدمشق عنوانها «مختصر كتاب الفرق بين الفرق» تأليف عبد القاهر بن طاهر ابي منصور البغدادي رحمه‌الله ، اختصار عبد الرزاق بن رزق الله بن ابي بكر بن خلف الرسعني. ونسخة الأصل بخطه» ـ المخطوطة صفحاتها ١١١ بالقطع المتوسط المائل الى الصّغر.

١١

وقال الاستاذ الامام ابو منصور ، صاحب الكتاب : رضي الله عنه ، «رأيت بالري رجلا من اصحابنا يقول لواحد من هذه الطائفة (طائفة المستدركة من الزعفرانية) :

«اخبرني عن قولي لك انك انسان عاقل ، فاضل ... فسكت خجلا».

وجاء في كتاب «الفرق بين الفرق» (ط. بدر ١٩٨ ، ط. الكوثري ص ١٢٧ ، ط. عبد الحميد ص ٢١٠ ـ ٢١١) : قال عبد القاهر [واسمه بالكامل : ابو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي] : «ناظرت بعض هذه الطائفة بالري ، فقلت له : اخبرني عن قولي لك انت انسان عاقل مولود من نكاح ... فسكت خجلا». ففي هذين الموضعين ، اي في الصفحة الثانية من الورقة رقم ٤٢ سطر ٢ وفي الصفحة الثانية من الورقة ١١٤ سطر ١٠ جاء اسم «عبد القاهر» في الموضع الاول واسم «ابو منصور» في الموضع الثاني ، وكان كل من الاسمين مسبوقا باللقب الذي اشتهر به المؤلف وهو «الاستاذ الامام» ؛ وهذا دليل قاطع على ان مؤلف هذا الكتاب (المخطوط) هو الاستاذ الامام ابو منصور عبد القاهر وهو صاحب كتاب «الفرق بين الفرق».

وبجانب هذا الدليل القاطع ورد في المخطوطة بعض الأدلة الأخرى التي تشير الى ان صاحبها هو مؤلف كتاب «الفرق بين الفرق» منها :

٣ ـ جاء في الصفحة الاولى من الورقة رقم ٦٣ سطر ٤ :

قال الاستاذ صاحب الكتاب : وقد قلنا في واصل من كيسنا :

مقالة ما وصلت بواصل

بل قطع الله به اوصالها

والقصيدة واردة بكاملها في المخطوطة وهي عبارة عن احد عشر بيتا.

وجاء في كتاب «الفرق بين الفرق» : ط. بدر ص ١٠٠ ، ط. الكوثري ص ٧٢ ، ط. عبد الحميد ص ١٢٠ ، «ومقالة واصل في الجملة كما قلنا في بعض اشعارنا :

مقالة ما وصلت بواصل

بل قطع الله به اوصالها

١٢

وهذا هو البيت الوحيد الوارد في كتاب «الفرق بين الفرق» ، ويليه : «وسنذكر تمام ابيات هذه القصيدة بعد هذا ان شاء الله عزوجل». ولم يأت ذكر لباقي هذه القصيدة في كتاب «الفرق بين الفرق» ، بينما وردت القصيدة كاملة في هذه المخطوطة (١). ومن المؤكد في كتاب «الفرق» ان مطلع هذه القصيدة هو لعبد القاهر البغدادي ، والقصيدة واردة هنا بكاملها في المخطوطة. فهذا أيضا دليل قاطع على ان مؤلف الكتاب المخطوط هنا هو ذات مؤلف كتاب «الفرق بين الفرق».

٤ ـ جاء في الصفحة الثانية من الورقة ٤٩ سطر ٦ :

«وكان عمران بن حطان من الصفرية ، وهو شاعرهم وناسكهم ومفتيهم. وهو الذي رثى عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي (ر) فقال في ضربته اياه :

يا ضربة من تقي ما اراد بها

الا ليبلغ من ذي العرض رضوانا

اني لا ذكره يوما فاحسبه

اوفى البرية عند الله ميزانا

ونحن نقول لهذا الراثي : «حشرك الله مع من رثيته».

وقد جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» (طبعة بدر ص ٧٢ وطبعة الكوثري ص ٥٥ وطبعة عبد الحميد ص ٩٣) : وكان عمران بن حطّان هذا ناسكا شاعرا شديدا في مذهب الصفرية ، وبلغ من خبثه في غزوة علي (ر) انه رثى عبد الرحمن ابن ملجم ، وقال في ضربه عليا :

يا ضربة من (منيب) ما اراد بها

إلّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

اني لأذكره يوما فأحسبه

أوفى البريّة عند الله ميزانا

قال عبد القاهر : وقد اجبناه عن شعره هذا بقولنا :

يا ضربة من كفور ما استفاد بها

الا الجزاء بما يصليه نيرانا

اني لألعنه دينا ، والعن من

يرجو له ابدا عفوا وغفرانا

ذاك الشقي لأشقى الناس كلهم

اخفهم عند رب الناس ميزانا»

__________________

(١) ربما اكتفى البغدادي بذكر هذا البيت الاول من قصيدته هذه في كتاب «الفرق بين الفرق» على اساس أنه أوردها في كتاب سابق وهو موضوع هذه المخطوطة.

١٣

فالاستشهاد بشعر عمران بن حطّان واحد في المخطوطة هنا وفي كتاب «الفرق بين الفرق» ، وحكم المؤلف على عمران بن حطّان واحد فيهما. فذلك أيضا من الأدلة على ان صاحب المخطوطة هو صاحب كتاب «الفرق بين الفرق».

٥ ـ جاء في الصفحة الثانية من الورقة ٥٥ سطر ٣ :

«وقلنا لهذه الفرقة (١) : انكرتم على عائشة خروجها الى البصرة في حرب الجمل ، واكفرتموها بذلك ، واستدللتم عليها بقول الله عزوجل : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) (سورة الاحزاب الآية ٣٣). فهلا ا كفرتم غزالة وحميرة بخروجهما الى الكوفة للقتال؟»

وقد جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» (ط. بدر ص ٢٩٢ ، ط. الكوثري ص ٦٧ ، ط. عبد الحميد ص ١١٣) :

قال عبد القاهر : يقال للشبيبية من الخوارج : انكرتم على أمّ المؤمنين عائشة خروجها الى البصرة مع جندها الذي كلّ واحد منهم محرم لها لأنها أمّ جميع المؤمنين في القرآن ، وزعمتم انها كفرت بذلك. وتلوتم عليها قول الله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) (سورة الاحزاب آية ٣٣). فهلا تلوتم هذه الآية على غزالة أمّ شبيب؟ وهلا قلتم بكفرها وكفر من خرجن معها من نساء الخوارج الى قتال جيوش الحجاج؟»

فالسؤال المحرج الموجه من مؤلف هذه المخطوطة الى فرقة الشبيبية من الخوارج هو ذات السؤال الذي يوجهه عبد القادر البغدادي في كتابه «الفرق بين الفرق» لذات الفرقة. والاستشهاد جاء بذات الآية في الجهتين. الا انه جاء في المخطوطة ذكر غزالة وحميرة بينما في كتاب «الفرق بين الفرق» لم يذكر عبد القاهر الا غزالة أم شبيب.

٦ ـ جاء في الصفحة الأولى من الورقة ١٢٢ سطر ١٠ :

«وقد استقصينا فضائح الكرامية في كتاب مفرد ، وفيما ذكرنا منها في هذا الكتاب كفاية ؛ وقد وفينا بما وعدنا في اوّل الكتاب من ذكر فضائح اثنين

__________________

(١) المقصود هنا : الشبيبية من الخوارج.

١٤

وسبعين فرقة من ذكر الأهواء المنتسبة الى الاسلام». اما ما جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» بخصوص الكرامية ففيه توضيح واف لهذه الفرقة (انظر ط. بدر ص ٢٠٢ الى ٢١٤ ، ط. الكوثري ص ١٣٠ الى ١٣٨ ، ط. عبد الحميد ص ٢١٥ الى ٢٢٥) فكأن البغدادي اعدّ كتاب «الفرق بين الفرق» بعد هذه المخطوطة اذ انه في هذه المخطوطة يوجز موقف الكرامية في حين انه يتوسع في عرض مواقفهم في كتاب «الفرق» حيث يذكر انه ناظر احدهم ، وهو ابن مهاجر ، في مجلس ناصر الدولة ابي الحسن محمد بن ابراهيم بن سيمجور صاحب جيش السامانية في سنة سبعين وثلاثمائة في هذه المسألة (مسألة اسماء الله) وألزمه فيها.

فكل هذه الأدلة تثبت ان مؤلف الكتاب المخطوط هنا هو ، بلا أدنى ريب ، الاستاذ الامام ابو منصور عبد القاهر (البغدادي). فقد جاء في المخطوطة ذكر اسمه بجزئيه وهما : (ابو منصور) تارة ثم (عبد القاهر) تارة أخرى ، وفي كلتا الحالتين كان الاسم مسبوقا باللقب الذي اشتهر به وهو (الاستاذ الامام). فيكون مصنف الكتاب هو «الاستاذ الامام ابو منصور عبد القاهر» المشهور بالبغدادي.

ووردت الابيات التي وضعها هو في واصل بن عطاء مسبوقة بهذا الكلام : «قال الاستاذ صاحب الكتاب» وهذه الأبيات مذكورة في كتاب «الفرق بين الفرق» مسبوقة أيضا بهذا الكلام : «كما قلنا في بعض اشعارنا» ، وكتاب «الفرق بين الفرق» هو لابي منصور عبد القاهر البغدادي.

وورد في المخطوطة موقفه من عمران بن حطّان وحكمه عليه ، وهو ذات الحكم الوارد أيضا في كتاب «الفرق بين الفرق» ؛ وكذلك الحال فيما يتعلق بموقفه من الشبيبية من الخوارج والكرامية ؛ وهو يصرح ان مثل هذه الاحكام عليهم هي له ، وتدل على موقفه منهم.

فثبت هكذا لدينا ان صاحب الكتاب هو : الاستاذ الامام ابو منصور عبد القادر البغدادي.

بقي علينا أن نتأكد من عنوان هذا الكتاب.

١٥

ثانيا : عنوان الكتاب

١ ـ مقارنة بين كتاب «الفرق بين الفرق» وكتاب «مختصر كتاب الفرق بين الفرق» للبغدادي واختصار عبد الرزاق بن رزق الله الرسعني.

ينقسم كتاب «الفرق بين الفرق» خمسة ابواب هي كما يلي :

الباب الأول : في بيان الحديث المأثور في افتراق الامة.

الباب الثاني : في كيفية افتراق الامة ثلاثا وسبعين فرقة. وبيان الفرق الذي يجمعهم اسم ملة الاسلام في الجملة ـ وهو فصلان.

الباب الثالث : في بيان تفصيل مقالات فرق الأهواء وبيان فضائحهم ـ وهو يشتمل على فصول ثمانية : الروافض ـ الخوارج ـ المعتزلة ـ المرجئة ـ النجارية ـ الجهمية ـ الكرامية ـ المشبهة.

الباب الرابع : في بيان الفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست من الاسلام ـ

وهو يشتمل على سبعة عشر فصلا :

السبائية ـ البيانية ـ المغيرية ـ الحربية ـ المنصورية ـ الجناحية ـ الخطابية ـ الغرابية والمفوضية والذمية ـ الشريعية والنميرية ـ الحلولية ـ اصحاب الاباحة من الخرمية ـ اصحاب التناسخ ـ الخابطية من القدرية ـ الحمارية من القدرية ـ اليزيدية من الخوارج ـ الميمونية من الخوارج ـ الباطنية ـ

الباب الخامس : في بيان اوصاف الفرقة الناجية ـ وهو سبعة فصول :

في بيان اوصاف اهل السنة والجماعة ـ في بيان تحقيق النجاة لاهل السنة والجماعة ـ في بيان الأصول التي اجتمع عليها اهل السنة ـ الكلام على السلف الصالح من الأمة ـ في بيان عصمة الله اهل السنة عن تكفير بعضهم بعضا ـ في بيان فضائل اهل السنة ـ في بيان آثار اهل السنة في الدين والدنيا ـ انتهاء الكتاب.

اما «مختصر كتاب الفرق بين الفرق» للرسعني فجاءت فيه الابواب الاربعة الأولى المذكورة في كتاب «الفرق» مع فصول كل باب تماما حسب الترتيب الوارد في «الفرق». اما الباب الخامس الوارد في «الفرق» فلا ذكر له في «مختصر» الكتاب.

١٦

٢ ـ اما بخصوص المخطوطة هنا فنلاحظ :

ا ـ انه لم يرد فيه الا ذكر باب واحد ، وهو الباب الرابع في الورقة ١٢٢ منه. ولم نجد قبل ذلك ذكرا لا لباب آخر ولا لفصل من فصول الكتاب ؛ بل هناك عناوين باسماء الفرق كما هو واضح في فهرست المخطوطة.

ب ـ ان عدد الفرق المذكورة في المخطوطة هو سبع ، كما يلي :

الكيسانية ـ الخوارج ـ المعتزلة ـ المرجئة ـ النجارية ـ الجهمية ـ الكرامية. ولكل فرقة منها اقسام.

واذا قارنا هذا التقسيم الوارد في المخطوطة بما جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» لاحظنا انه جاء في الباب الثالث منه ذكر ثمان فرق ؛ سبع منها مذكورة في المخطوطة وبذات الترتيب ، اما الفرقة الثامنة ، وهي فرقة المشبهة الواردة في كتاب «الفرق» فانها غير مذكورة في المخطوطة.

فيكون ما ورد في المخطوطة هي الفصول السبعة (عدا الفصل الثامن) من الباب الثالث من كتاب «الفرق بين الفرق» يضاف إليها ما جاء في الباب الخامس من هذا الكتاب ويقابله ـ بالعنوان فقط ـ ما جاء في الباب الرابع من المخطوطة.

٣ ـ المخطوطة ليست مختصرا لكتاب «الفرق بين الفرق»

وهناك عدة ادلة على ذلك ، منها :

ا ـ جاء في الفصل الثالث من الباب الثالث من كتاب «الفرق بين الفرق» قول المؤلف :

«قد ذكرنا قبل هذا ان المعتزلة افترقت فيما بينها عشرون فرقة ، كل فرقة منها تكفر سائرها ، وهي : الواصلية ـ والعمروية ـ والهذيلية ـ والنظامية ـ والاسوارية ـ والمعمرية ـ والاسكافية ـ والجعفرية ـ والبشرية ـ والمردارية ـ والهشامية ـ والثمامية ـ والجاحظية ـ والخابطية ـ والحمارية ـ والخياطية ـ واصحاب

١٧

صالح قبة ـ والمريسية ـ والشحامية ـ والكعبية ـ والجبائية ـ والبهشمية المنسوبة الى ابي هاشم بن الجبائي.

فهذه اثنتان وعشرون فرقة ؛ فرقتان منها من جملة فرق الغلاة في الكفر ، نذكرهما في الباب الذي نذكر فيه فرق الغلاة وهما : الخابطية والحمارية. وعشرون منها قدرية يجمعها كلها في بدعتها امور ...»

وجاء في «مختصر الفرق بين الفرق» في الفصل الثالث من الباب الثالث :

«قد ذكرنا قبل هذا ان المعتزلة افترقت فيما بينها اثنتين وعشرين فرقة : فرقتان منها من جملة فرق الغلاة في الكفر ، نذكرهم في بابهم ـ وهما الحابطية والحمارية ـ وعشرون منها قدرية محضة يجمعها كلها امور منها نفيهم صفات الله ...» ثم يأتي ذكر اهم بدع المعتزلة ، كما جاء في كتاب «الفرق» ، وهي نفي صفات الله الازلية ـ استحالة رؤية الله بالابصار ـ القول بحدوث كلام الله ـ وقولهم بان الله غير خالق لأكساب الناس ، ولذلك سمّاهم المسلمون قدرية ـ وقولهم ان الفاسق من أمة الاسلام في منزلة بين المنزلتين : لا مؤمن ولا كافر ـ وان الله لا يغفر لمرتكبي الكبائر بلا توبة.

فجاء «مختصر الفرق» متفقا تماما مع كتاب «الفرق».

بينما جاء في المخطوطة : «قد بينا ان القدرية عشرون فرقة ، وهي : الواصلية ـ والعمرية ـ والهذيلية ـ والنظامية ـ والاسوارية ـ والاسكافية ـ والجعفرية ـ والبشرية ـ والمردارية ـ والهشامية ـ والحابطية ـ والحدثية ـ والحمارية ـ والمعمرية ـ والثمامية ـ والجاحظية ـ والخياطية ـ والكعبية ـ والجبائية ـ والبهشمية.

وسنذكر من فضائح كل فرقة منهم ما يكشف عن كفرها».

فلم يميز عبد القاهر البغدادي في هذه المخطوطة بين الغلاة اعني الحابطية والحمارية من جهة ، والقدرية المحضة من جهة اخرى كما فعل في كتاب «الفرق» وكما جاء في «مختصر الفرق». بل ، في المخطوطة ، بعد ما ذكر اسماء الفرق العشرين عرض مباشرة موقف كل فرقة منها ومعها الحابطية والحمارية.

١٨

فكأن البغدادي استدرك في كتاب «الفرق بين الفرق» وتنبه الى الفرق الموجود بين القدرية المحضة والغلاة منهم ، فارجأ الى الباب الرابع من كتابه ـ وهو الباب الخاص بالغلاة ، وهي الفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه ، فرقتين وهما الحابطية والحمارية كان قد عرض موقفهما في كتاب سابق (وهي المخطوطة هنا) في الفصل المخصص للمعتزلة.

ومما يجدر ملاحظته ان المخطوطة لم تخصص بابا منفردا «للفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه» كما جاء في كتاب «الفرق» وفي «مختصره» حيث الباب الرابع منهما خاص بالغلاة من الفرق.

ب ـ فيما يتعلق بالخوارج نلاحظ ان عبد القاهر البغدادي في كتابه «الفرق بين الفرق» وكذلك الرسعني في «مختصر كتاب الفرق بين الفرق» قد خصصا للميمونية من الخوارج الفصل السادس عشر من الباب الرابع ـ وهو الباب الخاص بالفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه. فاعتبرا الميمونية من غلاة الخوارج الذين خرجوا عن فرق الاسلام.

وكذلك الأمر فيما يتعلق باليزيدية من الخوارج ، فقد خصصا لهم الفصل الخامس عشر من الباب الرابع ، الخاص بالفرق المنتسبة الى الاسلام وهي ليست منه.

ولكن في المخطوطة هنا يذكر البغدادي الميمونية واليزيدية مع فرق الخوارج مستعرضا مواقفهم بالتفصيل مثل ما فعل بباقي فرق الخوارج ، دون ان يميز بين الخوارج المحض والغلاة منهم ، كما فعل في كتاب «الفرق» وكما جاء في «مختصر الفرق» أيضا.

فاذا كانت المخطوطة ملخصا لكتاب «الفرق بين الفرق» لجاء فيها هذا التمييز بين اصحاب الفرق والغلاة منهم ، كما حدث في «مختصر كتاب الفرق» وكتاب «الفرق» ذاته.

ولكنا نلاحظ هنا في المخطوطة ان هذا التمييز غير وارد. فالاستدراك بين اصحاب الفرق والغلاة منهم جاء بعد كتابة او املاء هذه المخطوطة.

١٩

ج ـ لقد خصص عبد القاهر في كتاب «الفرق بين الفرق» وكذلك الرسعني في «مختصر الفرق» في الباب الرابع الخاص بالغلاة الذين خرجوا عن فرق الاسلام ، الفصول التالية :

الفصل الثاني للبيانية من الروافض ـ الفصل الرابع للحربية ـ الفصل الخامس للمنصورية ـ الفصل السابع للخطابية ـ الفصل الحادي عشر للخرمدينية ـ والفصل الثاني عشر للراوندية ـ وكلها من الرافض.

اما في المخطوطة ، فقد جاء ذكر هذه الفرق مع مواقفها بايجاز ، في آخر الكلام عن الامامة ، وهكذا اعتبرهم هنا عبد القاهر البغدادي من فرق الروافض ، لا من الغلاة الذين ليسوا من فرق الاسلام.

لو كانت المخطوطة مختصرا لكتاب «الفرق بين الفرق» لورد فيها هذا التمييز بين اصحاب الفرق من جهة والغلاة منهم من جهة اخرى ، كما جاء في كتاب «الفرق» وفي «مختصره» للرسعني. وعدم اثبات مثل هذا التمييز هنا لا يعتبر سهوا من قبل مؤلف الكتاب ، اذ ان هذا التمييز لم يذكر في ثلاث فرق كبيرة وهي الرافضة ، والخوارج ، والقدرية المعتزلة.

فيستنتج من ذلك ان هذه المخطوطة ليست مختصرا آخر لكتاب «الفرق بين الفرق».

ه ـ يقول عبد القاهر البغدادي في اوّل الباب الرابع من المخطوطة انه قد ذكر في الباب الاول من «هذا الكتاب» قول النبي (ص) لما سئل عن الفرقة الناجية : «ما انا عليه واصحابي».

فكأن الباب الأول من المخطوطة ـ وهو ناقص هنا ـ خاص بالحديث المأثور في افتراق الأمة. ونلاحظ ان الكتب التي تعرض مواقف الفرق تبدأ بهذا الحديث : تفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة. ثم يلي هذا الباب باب ثان خاص بالفرق التي يجمع بينها اسم ملة الاسلام ، وكيف افترقت الامة ، ونشأة الخلاف حول الامامة. ـ وهذا الباب الثاني ناقص أيضا هنا في المخطوطة.

وهكذا تنحصر المخطوطة في بابين اثنين هما الباب الثالث والباب الرابع لكتاب واحد.

٢٠