نقض الوشيعة

السيّد محسن الأمين العاملي

نقض الوشيعة

المؤلف:

السيّد محسن الأمين العاملي


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤١٦

قلبي الى توسيع هذه العقيدة في عمود النسب حتى يدخل في دائرة الرحمة الإلاهية التي رسمها اشعاع بركة النبي كل ما لم يرد فيه نص الحرمان. وكنت استبعد غاية الاستبعاد قول ابن حزم في كتابه الاحكام في اصول الاحكام : وقد غاب عنهم ان سيد الأنبياء هو ولد كافر وكافرة. عجيب من مثل هذا الامام الكبير محمد بن حزم مثل هذه الصراحة ومثل هذا القطع وقد كان والد النبي وأمه على دين ابراهيم او امكن ان يكون على دينه.

(ونقول) العقائد لا تكون بالاعجاب ولا بميل القلب. بل تكون بالدليل والدليل على اسلام من ذكر كالنور على السطور. بما روي عن ائمة اهل البيت الذين هم اولى بالاتباع من كل احد ومنه الحديث الذي نقله فالصلب الذي انزله عبد الله ويمكن شموله لجميع اجداده الى آدم والبطن الذي حمله آمنة والحجر الذي كفله عبد المطلب وابو طالب وزوجته فاطمة بنت اسد لكنه لم يذكر اباه وأمه الوالدة مع ذكرهما في الرواية ومع ان الوالدة اولى بالذكر من المربية المتفق على اسلامها ويزيد اسلام ابي طالب بما سيجيء ومع ذلك لم يقل به اكثر قومه لأحاديث موضوعة رويت في عصر الملك العضوض على طريق الدعاية ضد اهل البيت النبوي قصد تأييد هوى من الاهواء عداوة لمن ولده آخر حجر كفله بل عداوة له نفسه واخذها من تأخر بالقبول غفلة عن حالها وبناء على بعض الاسس غير الثابتة في قبول الخبر حين ينتهي الى صحابي. وزعمه ان احاديث ايمان هؤلاء رويت على سبيل تأييد الدعاية وعلى قصد تأييد هوى من الاهواء. لم يسقه إليه الا هوى من الاهواء. ويقول ان عقيدة اسلام هؤلاء ليس لها عنده دليل. مع ان الدليل على اسلام ابي طالب مما لا ينبغي الشك فيه ولذلك نصره وحامى عنه وتحمل اذى قومه في سبيله واوصى اولاده عليا وجعفر عند موته بنصره فقال :

ان عليا وجعفرا ثقتي

عند مسلم الخطوب والكرب

لا تخذلا وانصرا ابن عمكما

اخي لامي من بينهم وابي

والله لا اخذل النبي ولا

يخذله من بني ذو حسب

وصرح بالاسلام في شعره في عدة مواضع وانما كان يخفي اسلامه ليتمكن من نصره فهو الذي يقول :

ولقد علمت بأن دين محمد

من خير اديان البرية دينا

٣٦١

ويقول :

ألم تعلموا ان ابننا لا مكذب

لدينا ولا يعني بقول الأباطل

كذبتم وبيت الله نخلي محمدا

ولما نطاعن دونه ونناضل

وننصره حتى نصرع حوله

ونذهل عن ابنائنا والحلائل

الى غير ذلك من اشعاره. اما قول الصادق الذي ترويه الشيعة فلا يصلح دليلا عنده لان الشيعة ـ بزعمه ـ كل احاديثها موضوعة. ومثل هذه الاحاديث رويت على سبيل الدعاية ولتأييد هوى من الاهواء. واولى بذلك ما روي بضدها من ان والدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ماتا كافرين وانهما في النار. وكيف يقول بما لم يرد فيه نص الحرمان. وقد وردت في هؤلاء نصوص الحرمان ـ بزعم اصحابه ـ والعجب منه انه فيما يصيب فيه يبني اصابته على غير دليل وكان يستبعد غاية الاستبعاد ما قاله ابن حزم من ان سيد الأنبياء ولد كافر وكافرة ويتعجب منه ولكنه لو لم ينظر ابن حزم بعين الرضا ـ التي هي عن كل عيب كليلة ـ لما استبعد ان يصدر منه مثل هذا الكلام فقد اتى ابن حزم في كتابه الفصل من التعصب بالباطل على الشيعة والاكاذيب وقلب الحقائق بما تقشعر منه الجلود وتسميته بالامام الكبير ليست الا لذلك.

الطلاق والغسل والمسح

قال ص ٥٢ واستحسن الكثير من اقوال الشيعة في ادب الطلاق ونظامه. ولا استحسن غلو الشيعة في تحريم غسل الرجلين في الوضوء وغسل كل شيء وكل الاعضاء في كل حال وعلى كل حال مباح في الاصل فالتحريم جهل عظيم. وغسل الارجل تعبدا وتنظفا سنة قديمة ثبتت في كل الاديان السماوية ووردت في اسفار موسى على انها سنة ابراهيم. وفي ص ٥٤ والمسح بالرءوس له تاريخ قديم ولم يثبت في دين من الاديان السماوية الا الغسل في الارجل.

الغسل والمسح في آية الوضوء

وفي ص ٥٢ والغسل المسح في الارجل قرآن متواتر وفي سنة النبي كلاهما سنة متواترة وقول الباقر والصادق : يأتي على الرجل سبعون سنة ما قبل الله منه صلاة

٣٦٢

لانه غسل الرجلين تحكم استكبار عند (كذا) جلال الله وتحجير لاختيار الله وفي ص ٥٢ ـ ٥٣ ـ ٥٤ وابن عباس كان يقول في آية (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) لا اجد في القرآن الا المسح لكن الامة ابت الا الغسل. ومثل هذا اسلوب محاورة للصحابة في الناظرة وفي تقرير الاشكال كان يقول هذا على ملأ من فقهاء الصحابة للمذاكرة والاستفادة وفيهم امام الائمة علي امير المؤمنين وافضل الامة وافقه الصحابة الامام عمر الفاروق وهو الذي كان يقدم ابن عباس على شيوخ الصحابة في مجالس العلم اجلالا لعلمه واعتمادا على عظيم ادبه فتسليم الصحابة اجماع منهم على ان وظيفة الرجلين هي الغسل والا لانكروا عليه قوله لكنكم ابيتم الا الغسل وكان هذا الاجماع قبل الصادق وابيه الباقر بقرن كامل فتحريم غسل الارجل لا بدّ ان يكون موضوعا على لسان الصادق والا فالصادق جاهل يعاند جده المعصوم وابن عباس كان من اعلم تلاميذ علي واكثرهم تعلقا بعلي وكان يوم الاجماع من شيعة علي وان ارتد بعد مدة وصار كافرا على ما تزعمه الشيعة (٢ : ٤٠١) اصول الكافي. وروى اهل العلم بسند كل رجاله : ان ابن عباس قال اكتفاء القرآن الكريم في التيمم بمسح الوجوه والايدي يرشد الى ان وظيفة الارجل في الوضوء هي المسح فقط فالتيمم هو مسح ما كان يغسل في الوضوء وترك ما كان يمسح فيه ولا ريب ان هذا القول فيه فقه جليل لطيف وحدس سريع خفيف الى ما في اوضاع الشرع من الانتظام العجيب الحصيف. وعندنا عليه زيادة. وذلك ان الآية فيها الوجهان وكل وجه آية بذاتها وحمل احد الوجهين على الآخر تكلف نحوي وتصرف في قول القائل من غير اذنه واعتداء على قصده وحجر على اختياره وبيان معنى الوجهين حق مخصوص للشارع والشارع كان يعمل بكلا الوجهين كان يغسل رجليه وهو اغلب احواله في احتفائه وقد يمسح رجليه وهو منتعل متخفف (لابس خفا) واذا راعينا معنى النظافة من الاحداث والاخباث في الوضوء ومصلحة التيسير ورفع الحرج عرفنا ان النصب امر بغسل الارجل في حال الاحتفاء والخفض تيسير بمسح الارجل في حال الانتعال والاختفاف على انه رخصة. نعم لو كان التيمم عزيمة في شرع الاسلام والوضوء رخصة لكان لمسح الارجل في حال احتفائها وجه جواز ثم لما كان لتحريم غسل الارجل من وجه لا شرعا ولا عقلا فقد قلنا ان غسل كل شيء في كل

٣٦٣

حال مباح وهو ضروري في الاحيان فلا يأتي شرع بتحريمه الا على قاعدة شيعية امامية كل ما عليه العامة فساد والاخذ بخلاف ما عليه الامة رشاد. وهذه القاعدة هي اصل من اصول الفقه عند الشيعة وفي ص ٥٤ ـ ٥٥ والمسح باليد زمن ابراهيم وقبله بقرون كان رمز تقديس وكل شيء يراد تقديسه كان الكاهن يمسحه بيده وملكى صادق (كذا) كبير عصره دعا لا إبراهيم وباركه مسح بيديه رأسه رمزا على ان يكون إماما للانبياء وأبا الجمهور وهذا من اعجب اعاجيب ما وقع في التاريخ القديم ترويه التوراة بقول فصل وعبارات جزيلة يصدقه القرآن الكريم في آيات جليلة وما كان يقدس الانسان بمسح رأسه الا غيره ولم يكن انسان يتقدس بنفسه وحياء الاسلام فكرم الانسان وهداه الى ان الانسان لا يتقدس الا بعمله واقر المسح رمزا للتقديس وجعل المسح ثالث اركان الوضوء قبل غسل الارجل لان اهتداء الانسان في سبيل حياته لا يستقيم الا اذا استقام رأسه وتقدس عقله ولعل (كذا) لاجل هذا المعنى تأخر نزول آية الوضوء الى عشرين من نبوته لان الامة لم تتقدس الا بعد عقدين من سعيه.

المسح على الخفين

قال في ص ٣١ كتب الشيعة اذا تعصبت على المسألة تجازف في الكلام تتجاوز حدود التشدد في المبالغة مثل ما روي في المسح على الخفين كان الصادق يقول يأتي على الرجل سبعون سنة ما قبل الله منه صلاة لانه مسح على خفيه لانه غسل الرجلين وفي ص ٥٥ سورة المائدة وآية الوضوء والتيمم نزلت في السادسة من الهجرة وعدد هذه الآية في السورة صار تاريخا لنزولها. وآية التيمم نزلت في سفر النبي الذي ضاع فيه جزع أمّ المؤمنين عائشة ومقتها مشهورة كانت في السادسة وعلي اعلم بمنازل الآيات. وما في التهذيب عن الباقر ان عمر جمع الصحابة وفيهم علي فقال ما تقولون في المسح على الخفين فقام المغيرة بن شعبة فقال رأيت النبي يمسح فقال علي قبل المائدة او بعدها فقال لا ادري فقال علي سبق الكتاب الخفين انما نزلت المائدة قبل ان يقبض بشهرين او ثلاثة. مع كونه خطأ تاريخيا او موضوعا شاهد على اجماع من في المجلس ان النبي كان يمسح على الخفين حيث ان عليا لم ينكر على المغيرة قوله رأيت النبي

٣٦٤

يمسح على خفيه. واذ ثبت ان النبي كان يمسح على خفيه فهذا الفعل من الشارع بيان لمعنى الجر في وارجلكم وفي ص ٤٦ ثبت المسح على الخفين في آخر ايامه بالمدينة في حديث عبد الله البجلي وكان بعد حجة الوداع. هذا بعض ما لاهل العلم في المسح على الرجلين والغسل والمسألة معركة حرب كبيرة لم تكن في القرن الاول فلنضع اوزارها بعد اليوم.

(ونقول) احكام الشرع ليست بالاستحسان بل بالدليل عن صاحب الشرع فاستحسان اقوال الشيعة في الطلاق وعدم استحسانها فهي غسل الرجلين في الوضوء لا قيمة له. نعم يمكن الاستدلال على صحة الحكم بموافقته للحكمة وطريقة الشارع في باقي احكامه وعلى فساده بمخالفته لذلك وكيف كان فنحن نحمد الله على ان استحسن بعض احكامنا ولم يستقبحها كلها. وغسل كل شيء وكل الاعضاء مباح في الاصل لا يقول احد بتحريمه لا من الشيعة ولا من غيرها لكن اباحته في الاصل لا تجعله جزءا من الوضوء الذي هو محل الكلام اذ لا يكفي في ذلك الاصل فاستدلاله على كونه جزء الوضوء باباحته في الاصل جهل عظيم لا يستبعد صدوره منه. وقد نسخ ديننا جميع الاديان السماوية واسفار موسى وغيرها فلا شغل لنا منها بغير الدين الإسلامي وما نزل به القرآن الكريم والتنظف لا يحتاج إلى الأديان السماوية والتعبد يجب أخذه من ديننا لا من غيره فالاستشهاد بالأديان السماوية تطويل بلا طائل صح ما حكاه عنها أم لا فان كان موسى جار الله يريد غسل رجليه اتباعا لما جاء في اسفار موسى فله شأنه.

وقد خبط في آية الوضوء خبط عشواء كعادته وتحمل وتعسف ولم يأت بطائل فادعى ان الغسل والمسح كلاهما متواتر في القرآن والسنة ولا تواتر في الغسل لا في القرآن ولا في السنة (اما القرآن) ففي الآية قراءتان الجر والنصب في وارجلكم فاذا سلم ان القراءتين متواترتان يكونان بمنزلة آيتين مستقلتين كما قال فقراءة الجر تعين المسح لتعين عطف الارجل على الرءوس واما قراءة النصب فاما ان تعطف فيها الارجل على الوجوه او على محل الجار والمجرور وكلاهما جائز بحسب القواعد العربية لكن عطفها على الوجوه يلزم منه التعقيد اللفظي المخل ببلاغة القرآن الموهم خلاف المقصود بتأخير لفظ عن موضعه وتقديم لفظ فتكون كقولك اكرم زيد او عمرا واستخف بخالد وبكرا مع إرادة ان بكرا مأمور بالكرامة لا بالاستخفاف به فتعين

٣٦٥

عطف الارجل على قراءة النصب على محل الجار والمجرور فان العطف عليه سائغ شائع قال :

معاوي اننا بشر فاسجح

ولسنا بالجبال ولا الحديدا

ويكون ذلك جمعا بين القراءتين وهذه حجة من قال بالمسح اما من قال بالغسل فحمل قراءة النصب على عطف الأرجل على الوجوه وقراءة الجر على المجاورة نحو هذا حجر ضب خرب بجر خرب لمجاورة ضب وكلاهما غير صحيح اما الاول فيلزم منه التعقيد اللفظي المخل ببلاغة القرآن واما الثاني فهو ضعيف فلا يحمل عليه القرآن على ان الجر بالمجاورة لا يصح مع الفاصل وهو هنا موجود وهو حرف العطف (ان قيل) نصب الارجل دال على عطفها على الوجوه (قلنا) نصبها لا يعين ذلك لبقاء احتمال عطفها على محل الجار والمجرور الذي هو عربي جيد (ان قيل) تأخير الارجل لبيان ان غسلها يجب ان يكون بعد مسح الرءوس (قلنا) لا دلالة في التأخير على ذلك لان الواو لا تفيد الترتيب بل مطلق الجمع (ان قيل) قراءة الجر لا تنافي الغسل لان غسل الارجل لما كان فطنة الاسراف عطفت على الممسوح لبيان انه ينبغي ان تغسل غسلا خفيفا يشبه المسح لئلا يلزم الاسراف كما قاله صاحب الكشاف (قلنا) هذا الغاز يجب ان يصان عنه كلام الله تعالى المبني على بلاغة الاعجاز مع انه الغاز بما لا يفهم ولا يهتدي إليه ولا بقول المنجم ولم يقع مثله في كلام والعجب من صاحب الكاشف كيف يتفوه بمثله لكن من يريد جعل ما لا يكون كائنا لا بدّ ان يقع في مثل هذا فتعين ان تكون الارجل في قراءة النصب معطوفة على محل الجار والمجرور وبذلك يكون المسح متعينا على كل حال فزعمه ان الغسل في الارجل قرآن متواتر هذر من القول لا يعرف له معنى صحيح حتى لو سلمنا تواتر قراءة النصب وحمله قراءة النصب على الغسل وقراءة الجر على المسح على الخفين ستعرف فسادها (واما السنة) فدعواه تواترها بالغسل والمسح على الخفين مجازفة محصنة فظهر ان جعله قول الباقر والصادق تحكم استكبار عن جلال الله وتعجيزا لاختيار الله ما هو الامر على كتاب الله وتحكم استكبار وعناد لامر الله واساءة ادب عظيمة مع اولياء الله.

اما فلسفته الباردة وتحمله الفاسد في كلام ابن عباس فلا يجدي نفعا فابن

٣٦٦

عباس لم يقل ذلك ليجعله اسلوبا للمحاورة والمناظرة وتقريرا للاشكال ولا للمذاكرة والاستفادة بل قاله عن اعتقاد وردا على من يقول بالغسل وهل يقبل قوله لا اجد في القرآن الا المسح التأويل وهل يمكن ان يعارض قول الناس قول الله ليكون محلا للمناظرة والمذاكرة. ودعواه اجماع الصحابة التي اعدها لكل حادث طريفة جدا فاذا كان عدم الانكار يفيد الاجماع فعدم انكارهم قوله لا اجد في القرآن الا المسح اجماع منهم على ان وظيفة الرجلين هي المسح والا لا نكروا عليه قوله لا اجد في القرآن الا المسح فهو قد ادعى دعويين (احداهما) انه لا يجد في القرآن الا المسح (والثانية) ان الناس قد أخطئوا بقولهم بالغسل لمخالفته للقرآن ، والصحابة قد سمعوا ذلك منه وسكتوا فعلى قوله يكون سكوتهم اجماعا منهم على صحة كلا الدعويين وكان هذا الاجماع قبل ان يخلق الله موسى جار الله بما يزيد عن الف وثلاثمائة سنة. فقوله باجماع الصحابة على ان وظيفة الرجلين الغسل افتراء منه على الصحابة وجهل ومعاندة لصاحب الشريعة المعصوم وكيف كان فابن عباس مخالف فاين الاجماع. واما افضل الامة بعد سيد الامة فهو من لم يشاركه احد من الامة في فضائله كما شهد له بذلك خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين بقوله :

من فيه ما فيهم لا يمترون به

وليس في القوم ما فيه من الحسن

وشهدت له بذلك شواهد اليقين التي لا يمكن ردها. واما ان فيهم أفقه الصحابة فهو لم يدع ذلك لنفسه حين قال كل الناس افقه منك حتى المخدرات. لو لا علي لهلك عمر. قضية ولا ابو حسن لها. لا عشت لقضية ليس لها ابو حسن.

ولم يكن يقدم ابن عباس ويأخذ بقوله كما زعم بل الذي كان يقدمه ويأخذ بقوله في الفتاوى والأمور المشكلة هو علي بن أبي طالب وحسبك ما مر من أقواله آنفا وقد اخذ بقوله في وضع التاريخ وغزو الفرس وحلي الكعبة وغيرها واين ابن عباس وغير ابن عباس من علي ابن ابي طالب. وابن عباس لم يجسر على اظهار قوله في العول في حياته بل اظهره بعد وفاته كما مر في العول. وبذاءة لسانه ـ التي اعتادها ـ في حق الصادق امام اهل البيت الطاهر وفي حق غيره قد دلت على سوء ادبه وعدم صفاء نفسه وان ابرزها بصورة التعليق. وجدّ الصادق امير المؤمنين علي بن ابي طالب معصوم بالبرهان

٣٦٧

القاطع لا بمثل دعاواه الفارغة. واذا كان ابن عباس من اعلم تلاميذ علي واكثرهم تعلقا به فلا بد ان يكون اخذ قوله لا اجد في القرآن الا المسح منه ولا يمكن ان يترك علي وتلميذه قول القرآن الى قول الناس وهو من شيعته يوم الاجماع الذي لو صح لكان على عكس ما توهمه موسى جار الله كما يعلم مما مر وقبله وبعده الى آخر حياته وما نسبه الى الشيعة في حقه سخافة لا يقولها احد منهم ولا تستحق الجواب ولم اجدها في اصول الكافي في الطبعة التي عندي ، نعم روي كثير من المؤرخين انه اخذ مال البصرة وذهب الى الحجاز فان صح فهي موبقة عظيمة لا تختص الشيعة بإلقائها عليه ولكن المحققين من علماء الشيعة وغيرهم لا يصححون نسبة ذلك إليه ويقولون انه لم يفارق عليا حتى استشهد ، بدليل ما ذكروا انه هو الذي اخذ البيعة للحسن بالكوفة بعد قتل ابيه ولا يبعد ان يكون ما نسب إليه موضوعا من اعداء بني هاشم عامة وآل ابي طالب خاصة او انه صدرت منه هفوة ثم تاب منها وعاد الى علي ولكن مؤلف الوشيعة لا يألو جهدا في نسبة القبائح الى شيعة اهل البيت فتعود تلك القبائح عليه. والاستنباط اللطيف العجيب الذي استنبطه ابن عباس ولا شك انه اخذه من قدوته علي بن ابي طالب وعلي اخذه من منبع الرسالة مع ثناء صاحب الوشيعة عليه بتلك العبارات يخالفه ويقول عندنا عليه زيادة. وانما هي كزيادة زياد في آل حرب فحمل احدى القراءتين على الاخرى بالوجه الصحيح الذي تقتضيه لغة العرب وفصاحة القرآن وبلاغته أم لازم واجب دفعا للتناقض ورفعا للتعارض وصونا لبلاغة القرآن الكريم عن التعقيد اللفظي فاذا كانت القراءتان متواترتين وكانتا بمنزلة آيتين مستقلتين فلا مناص عن الجمع بينهما بما ذكر ، وليس ذلك تكلفا بل حمل على وجه عربي جيد جاءت لغة العرب الفصيحة بمثله ولا حجرا على اختيار الشارع فالشارع لا يمكن ان يختار ما لا يدل عليه اللفظ وما يوجب سقوط بلاغة القرآن ولزوم التعقيد في عبارته. اما الحمل على وجوب الغسل حال الاحتفاء والمسح على النعل والخف حال لبس احدهما فذلك فرع صحة عطف الارجل على الوجوه وقد عرفت فساده فهو تصرف في قول الله تعالى من غير اذنه وبما لا يرضاه وبما لا يصححه تكلف نحوي ولا صرفي وبما يوجب التعقيد في كلامه تعالى واعتداء على قصده وافتراء عليه وتقييد بغير مقيد والآية تنص على المسح بالارجل لا بجلود الشياه والبقر والابل ، والمكلف امر بان

٣٦٨

يوضئ جلده لا جلود الانعام وإرادة الخفاف من الارجل مجاز ينافيه اصالة الحقيقة وفقد القرينة ومسح الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الخفين لم يثبت ان لم يثبت عدمه. وائمة اهل البيت الذين نزل القرآن والاحكام في بيتهم وعلى جدهم وورثوا علومه اعرف بالاحكام بمعاني القرآن من موسى تركستان ومن كل انسان وهم قد اوجبوا المسح بالرجلين دون الغسل ودون المسح على الخف. ومسح المنتعل بالنعل العربية برجليه ممكن بادخال يده تحت التراك ، فلو فرض ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح منتعلا لم يناف ذلك المسح بالرجلين وليس بيان معنى الوجهين حقا مخصوصا بالشارع كما توهم بل الله تعالى خاطب الناس بما يفهمون فعليهم العمل بما يفهمون من غير انتظار بيان آخر والشارع لا يمكن ان يأتي ببيان آخر يخالف اللغة والتخاطب ويخل ببلاغة القرآن وعمله بكلا الوجهين لم يثبت بل ثبت خلافه كما مر. واما مراعاة معنى النظافة والتيسير ورفع الحرج وغير ذلك من هذه العبارات المزوقة فاحكام الشرع تثبت بنص الشارع وتوقيفه لا بالحدس والظن والتخمين والمناسبات والاستحسانات وتنميق العبارات وحكم الشرع لا يعرفها الا الشارع وليس لعقولنا طريق إليها ، وقد عرفت ان النصب لا يمكن ان يكون امرا بغسل الارجل لا في حال الاحتفاء ولا غيرها وان الخفض نص في وجوب المسح بالرجلين لا بالخفين والنعلين لان الخف والنعل ليسا برجل فهذا التفصيل الذي فصله بان النصب امر بالغسل حال الاحتفاء للتنظيف والخفض امر بالمسح حال الانتعال او الاختفاف يشبه الالغاز في الكلام ولا يستند الى مستند غير الاوهام والمناسبات والاستحسانات التي لا يجوز بناء الاحكام الشرعية عليها وانه تلاعب بآيات القرآن واذا كان المسح رخصة حال الاختفاف فليكن كذلك حال الاحتفاء أيضا تيسيرا لعدم وجود الماء الكافي لغسل الرجلين في كثير من الحالات فالتيسير فيه اولى من التيسير في نزع الخف والنعل اللذين لا مشقة فيهما. والوضوء والتيمم كلاهما عزيمة لا رخصة فيهما بالمعنى المعروف للعزيمة والرخصة من الوجوب والاستحباب والاباحة. والرخصة بمعنى التيسير مجرد مناسبة لا يبتني عليها حكم شرعي فقوله لو كان التيمم عزيمة والوضوء رخصة لكان لمسح الارجل في حال احتفائها وجه جواز. عار عن الفائدة. وفي كتاب ربنا ودلالته الواضحة غنية عن هذه التمحلات الباردة وقد بينا ان المتنازع فيه

٣٦٩

هو كون الغسل جزءا من الوضوء الذي هو عبادة واجبة او مستحبة فقوله انه مباح وانه ضروري في الاحيان لا يأتي شرع بتحريمه لا يصدر من احد ينسب الى علم فالاباحة لا تثبت الوجوب وكونه ضروريا في بعض الاحيان لا يجعله جزءا من العبادة ولم يأت شرع بذلك الا على قاعدة موسوية تركستانية مستوحاة من هوى النفس وقد بينا في اوائل الكتاب عند ذكره لخلاف ما عند العامة بطلان قوله كل ما عليه العامة «الخ» وان كونه اصلا من اصول الفقه عند الشيعة لا اصل له فراجع.

وهذا الرجل مولع باقوال التوراة يستشهد بها في كل مناسبة لكن بما لا ينطبق على مدعاه ما لنا وللتوراة حسبنا كتاب ربنا الذي نسخ التوراة والإنجيل. يقول ان كبير عصر إبراهيم دعا لا إبراهيم وباركه بمسح رأسه بيديه وإبراهيم عليه‌السلام غني باتخاذ الله له خليلا عن كبير عصره ودعائه مباركته ويجعل من أعجب الأعاجيب موافقة القرآن الكريم في إيجاب مسح الرأس في الوضوء لذلك. لكن من أعجب الأعاجيب اشتغاله بهذه الأمور. يقول ما كان يقدس الانسان بمسح رأسه إلا غيره والاسلام جعل الانسان لا يتقدس إلا بعمله فيمسح رأسه بيده. ونحن نقول الانسان لا يتقدس لا بعمله في الاسلام وقبل الاسلام وفي كل عصر ويرجى له البركة بمسح الصالحين في الاسلام وغيره وكون الكاهن كان يمسح كل ما يراد تقديسه بيده موجود مثله في الاسلام فالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمسح رءوس الأطفال ويبارك عليهم ويدعو لهم وكل مولود يولد كان يؤتى به إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليبارك عليه وكل رجل صالح يرجى منه ذلك وكل رجل في الاسلام وغيره لا يباركه بمسح رأسه إلا غيره أما هو فبركته لا تزداد ولا تحدث بمسحه رأسه إنما يرجى له البركة بمسح صالح رأسه وخص الرأس لأنه أشرف عضو في الانسان وكون الانسان يمسح رأسه بيده في وضوئه لا يدل على أنه لا تحصل له البركة بمسح أحد الصالحين رأسه ومسح الرأس باليد في الوضوء عبادة أمر الله بها لا لأنها بركة وتقديس من الانسان لنفسه فهذا والذي جعله علة لجعل المسح ثالث أركان الوضوء والذي جعله علة لتأخر نزول آية الوضوء كلها تمحلات وفلسفات باردة وتطويل بغير فائدة ككون الأمة لم تتقدس إلا بعد عقدين من سعيه أي بعد عشرين سنة من نبوته حين نزلت آية الوضوء والأمة لم تقدسها آية الوضوء ولا يقدسها الوضوء إنما يقدسها إخلاص إيمانها وشريف أعمالها وهذا كان حاصلا لبعضها من أول البعثة وبعضها لم يحصل له شيء منه طول حياته

٣٧٠

كالذين مردوا على النفاق من أهل المدينة ومن حولها من الاعراب والمؤلفة قلوبهم وبعضها كان تقديسه ضعيفا بضعف إيمانه وعمله.

ونسبة كتب الشيعة إلى التعصب والمجازفة مر عند الكلام على المتعة أنها بعيدة عن ذلك. وإذا ثبت بالدليل وجوب المسح دون الغسل وعدم جواز المسح على الخف لم يكن في قول الصادق تشدد فالعمدة هو الدليل لا هذه الألفاظ الفارغة.

وكون آية الوضوء والتيمم نزلت في السادسة من الهجرة لم نجد ما يدل على صحته بعد البحث ولم يذكر هو مأخذه. وكون عدد الآية في السورة صار تاريخا لنزولها أي أنها الآية السادسة من السورة موقوف على صحة ذلك وكذلك كون آية التيمم نزلت في السفر الذي وقع فيه حديث الإفك لم نجد مستنده ولا ذكره هو.

والباقر عليه‌السلام اعرف بمنازل الآيات من كل أحد منزه عن الخطأ واتباعه عن الوضع لأنه باقر العلم والمتوسع فيه بشهادة جده الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ولأنه شريك القرآن بحديث الثقلين ووارث علوم جده أمير المؤمنين عليه‌السلام الذي اعترف موسى جار الله بأنه اعلم بمنازل الآيات واتباعه منزهون عن الوضع لغناهم بعلمه. وكون رواية الباقر شاهدا على اجماع من في المجلس أن النبي كان يمسح على الخفين غريب إذ لم يقل ذلك إلا المغيرة بن شعبة والباقون لم يعلم رأيهم وعلي عليه‌السلام كذب المغيرة ضمنا بقوله سبق الكتاب الخفين ، ومعناه أن قوله وأرجلكم يدل على وجوب مسح الرجل والخف ليس رجلا وسأله أولا أن هذه الرؤية كانت قبل المائدة أو بعدها فإن قال قبل المائدة أجابه بأن آية الوضوء التي في المائدة لم تكن انزلت بعد وأن قال بعد المائدة رد عليه بأنه سبق الكتاب الخفين فلما قال لا أدري اقتصر في الرد على الثاني الدال على أنه بعد نزول آية الوضوء لم يمسح على الخفين. ولو فرض أن عليا لم ينكر ذلك على المغيرة فكيف دل على اجماع من في المجلس وهم لم يتكلم منهم أحد. ودون ثبوت مسح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الخفين خرط القتاد حتى يكون بيانا لمعنى الجز ومعنى الجز واضح لا يحتاج إلى بيان. ولسنا نعرف مبلغ حديث عبد الله البجلي من الصحة وأحاديث أئمة أهل البيت الذين أمرنا بالتمسك بهم كما أمرنا بالتمسك بالقرآن والذين هم أصدق حديثا من البجلي والجدلي ومن كل أحد انكرت المسح على الخفين وهي أولى بالاتباع. والمسألة كانت معركة حرب كبيرة في

٣٧١

القرن الأول وبعده وكفى في ذلك مخالفة علي أعلم الأمة وابن عباس جرها. ومما مر تعلم أنه لم يجيء بشيء يوجب وضع اوزارها بعد اليوم ويقتضي هذا التبجح.

مال الناصب ونكاح الاماء

قال ص ٦٠ نحن لا نقول قول الشيعة وقول الصادق في مال الناصب بل نقول قول الاسلام : كن في مال الغير وحقه كما تريد أن يكون الغير في حقك ومالك. وللشيعة في كتبها ميل منتشر إلى الازدحام في النساء. رجل أمته تحت عبده يأمر عبده أن يعتزلها ولا يقربها حتى تحيض فإذا حاضت بعد مسه إياها ردها عليه بغير نكاح فسيدها يطؤها بملك اليمين وعبده يطئوها بملك النكاح. عن الصادق رجل زوج عبده أمته ثم اشتهاها يقول له اعتزلها فإذا طمثت وطئها ثم يردها عليه إذا شاء وليس لعبد رجل طلاق في أمة الرجل إن زوجه إياها لأن الله يقول عبدا مملوكا لا يقدر على شيء هذا مبلغ فقه الصادق وهذه عصمته.

(ونقول) هل يصدق قول هذا الرجل كن في مال الغير «الخ» قول جماعة من أصحابه وفعلهم في حقنا بما لا يسعنا بيانه ولا نود ذكره ولا الاشارة إليه لو لا ما يضطرنا إليه هذا الرجل بتشنيعاته علينا بالباطل وحاشا للشيعة أن تقول إلا بما قاله نبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يحل مال امرئ إلا عن طيب نفسه فهي أشد تمسكا به من كل مسلم وان تقتدي إلا بمثل قول زين العابدين عليه‌السلام لو أن قاتل الحسين استودعني السيف الذي قتله به لأديته إليه.

وقد تسافل الزمان أي تسافل حتى صار موسى التركستاني يهزأ بفقه الامام جعفر بن محمد الصادق فقيه أهل البيت ووارث علوم آبائه عن جده الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واحد الثقلين اللذين لا يضل المتمسك بهما إلى يوم القيامة فيقول هذا الكلام بلا خجل ولا استحياء وإذا كانت سخافة هذا التركستاني أدته إلى أن يرد على الله ورسوله ويخالف إجماع المسلمين فيورث ولد الولد مع الولد كما مر فلا نستغرب منه رده على جعفر الصادق وفقه الصادق الذي عن أبيه عن أجداده عن رسول الله (ص) عن جبرئيل عن الله تعالى لم يؤده إلى أن (يبيح الطلا وهي الشراب المحرم) ولا أن (يبيح نكاح البنت والبنت تحرم) ولا أن (يبيح لهم أكل الكلاب وهم هم) كما أشار

٣٧٢

إليه الزمخشري الحنفي في أبياته المشهورة المطبوعة على أول الكشاف. وما ذا نقم من فقه الصادق. فهل ينكر قول الله تعالى (عبدا مملوكا لا يقدر على شيء) أو ينكر دلالته على المطلوب أو يرى من المحال أن يطلق الرجل أمته المزوجة من عبده أو يفسخ نكاحها ويطأها بعد ما اعتدت ثم يردها عليه بعقد أو تحليل. أما تشدقه بأن للشيعة في كتبها ميل فتتوالى الازدحام في النساء فهو من باب أساء فهما فأساء إجابة فقد أجمعت فقهاء الشيعة على أن من زوج عبده أمته حرم على المولى وطئ الأمة حتى تحصل الفرقة وتنقضي عدتها فإذا أراد ردها على العبد لا يجوز إلا بعقد جديد أو إحلال جديد عند من يجوز إحلال المولى أمته لعبده. قال فقيه الشيعة جعفر بن سعيد الحلي المعروف بالمحقق في كتابه شرائع الاسلام في بحث نكاح الاماء إذا زوج عبده أمته كان عقدا صحيحا لا إباحة وله أن يفرق بينهما بغير لفظ الطلاق. وقال أيضا يحرم على المالك وطئ مملوكته إذا زوجها حتى تحصل الفرقة وتنقضي عدتها إذا كانت ذات عدة. وقال في بحث العدد عدة الأمة في الطلاق مع الدخول قرءان وإن كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض اعتدت بشهر ونصف سواء أكانت تحت حرام عبد. ثم قال لو طلقت الأمة بعد الدخول لم يجز للمولى الوطي إلا بعد الاعتداد ا ه. وفي الجواهر في شرح قوله (يحرم على المالك وطئ مملوكته إذا زوجها) : بغيره ولو عبده وبعد قوله (إذا كانت ذات عدة) : بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه مضافا إلى النصوص المعتبرة. عشر لا يجوز نكاحهن ولا غشيانهن وعد منها أمتك ولها زوج. ونحوه الآخر بزيادة وهي تحته. يحرم من الإماء عشر : وعد منها امتك ولها زوج. أمتك وهي في عدة. فعلم من ذلك أن تزويج المولى عبده أمته لا يكون إلا بالعقد له عليها أو باحلالها له عند من جوز الاحلال وأن المولى له أن يطلقها أو يفسخ العقد وأنه إذا طلق أو فسخ بانت من العبد فلا يجوز رجوعه إليها إلا بعقد أو إحلال جديد فإن ورد ما يخالف ذلك من الروايات وجب رده لمخالفته الاجماع أو حمله على ما يوافقه. وهو الذي أشار إليه في أول كلامه بقوله رجل أمته تحت عبده «الخ» ، فقد أشار به إلى ما روي عن الباقر عليه‌السلام أنه سئل عن قول الله تعالى : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم قال هو أن يأمر الرجل عبده وتحته أمته فيقول له اعتزل امرأتك. ولا تقربها ثم يحبسها عنه حتى تحيض ثم يمسكها فإذا حاضت بعد

٣٧٣

مسه إياها ردها عليه بغير نكاح. فهذه الرواية بظاهرها مخالفة للنص والاجماع الدالين على أن النكاح الأول بطل بفسخ العقد فيجب ردها وعدم العمل بها أو حملها على التحليل بناء على جوازه فإن فيه خلافا بين أصحابنا. وشرط العمل بالخير عندنا أن لا يخالف المشهور فكيف بما خالف الاجماع وليس كل ما أودع في كتب الأخبار يمكن العمل به وقد مر عند ذكر علوم الأئمة روايات في مسند الامام أحمد دالة على أن رسول الله (ص) جوز الأكل في شهر رمضان بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس فهل لنا أن نعيب بها أهل السنة لأنها وردت في صحاحهم مع علمنا بأنهم لا يعلمون بها. فقوله : فسيدها يطئوها بملك اليمين وعبده يطئوها بملك النكاح تهجينا للأمر وتشنيعا لا يعود بالشناعة إلا عليه لتوهمه أن العبد والسيد يشتركان في وطئها هذا بالعقد وهذا بملك اليمين فصدق عليه اساء فهما فأساء إجابة. أما الرواية الثانية فليس فيها إلا أنه يردها عليه إذا شاء والمراد أنه يردها عليه بعقد أو إحلال فليس فيها ما يخالف شيئا مما ثبت فهذا فهم موسى جار الله وهذه معرفته.

كل ما لنا حل لشيعتنا

نقل في ص ٦٠ ـ ٦١ أحاديث فيها الصحيح والسقيم والغث والسمين عن بعض الأئمة تتضمن : كل ما لنا فهو حل موسع لشيعتنا لتطيب مواليدهم ـ أنا وأهل بيتي أورثنا الله الأرض ونحن المتقون والأرض كلها لنا وما أخرج الله منها من شيء فهو لنا. ثم رتب عليه أن كل الأموال للامام فلا يحل لأحد لا نكاح ولا تجارة ولا طعام إلا بإباحة من الامام. ثم قال كل هذه دعاوي لا تكون لنبي ولا إمام ولا لأحد من الفراعنة والنماردة.

(ونقول) في هذه المنقولات حق وباطل. فالحق أن للامام نصف الخمس من الغنائم وهو سهم الله الراجع إلى الرسول (ص) وسهم ذوي القربى وأنهم احلوا لشيعتهم ما أخذ من السبي وللامام فيه نصف الخمس لتطيب مواليدهم. أما من لا يعتقد ذلك فهو حل له بطبيعة الحال ونكاحه صحيح. وأما أن كل الأموال للامام لا يحل نكاح ولا تجارة ولا طعام إلا باباحته فباطل لا يعتقده أحد منا وهذه كتب الفقه عندنا خالية من ذلك وقد بينا غيره مرة أنه لو كان كل ما في كتب الحديث صحيحا لما

٣٧٤

احتيج إلى علم الرجال وعلم الدراية. فتهويله بألفاظه الخشنة يشبه فعل الفراعنة والنماردة.

زعمه الشيعة تنكر على الأمة مذاهبها

قال ص ٦١ الشيعة تنكر على الأمة مذاهبها وأعمالها ثم نقل حديثين يتضمن أحدهما إعادة الناصب الزكاة إذا عرف هذا الأمر والآخر إعادة المخالف الحج كذلك وقال عن الصادق أنه كان يقول لا يستقيم الناس على الفرائض والطلاق والزكاة إلا بالسيف.

(ونقول) ومن تسميهم الأمة ينكرون أيضا على الشيعة مذاهبها واعمالها (فما بال باؤكم تجر وباؤنا لا تجر) والخبران أن صحا محملهما فقد شرط من شروط الزكاة والحج وقومه لا يعتقدون فيما يخالفهم دون ذلك فما باله يعتقد بما فيه مثله. والخلاف بين أئمة أهل البيت وغيرهم من الفقهاء في العول والتعصيب من أحكام الفرائض معروف ومشهور وكذلك الطلاق فعند أئمة أهل البيت لا يصح طلاق المدخول بها الحاضر معها زوجها في حال الحيض ولا في طهر المواقعة ويشترط حضور شاهدين عدلين يسمعان الطلاق وكونه بالعربية الصحيحة بلفظ أنت طالق دون الملحون ودون غيره مما يؤدي معناه وإذا قال أنت طالق ثلاثا لم تقع إلا واحدة وباقي الفقهاء يجيزونه في حال الحيض مع قولهم أنه بدعة وفي طهر المواقعة ولا يشترطون الاشهاد ويجيزون الطلاق بالملحون والمحرف والمصحف وكل ما يفيد معنى الطلاق ووقوع الثلاث بلفظ واحد وقد اعترف هو فيما سبق بانه اعجبه مذهب الشيعة في الطلاق.

وفي الزكاة بعض الاختلاف وجل الأمة أخذت في الفرائض والطلاق والزكاة بغير أقوال أهل البيت ونبذت أقوالهم فلذلك قال الصادق هذا القول. ويمكن أن يراد في خصوص الزكاة معنى آخر هو أنه لا يؤدي الناس الزكاة إلا بالسيف وكيف كان فاي انتقاد على الشيعة في ذلك.

الرجعة

حكى في ص ٦٢ ـ ٦٣ عن المجلسي وصاحب الوافي أن أخبار الرجعة متواترة

٣٧٥

وقال رجعة جماعة من أولياء الله وأعدائه لأجل الانتقام من الأموية لن تقع.

(ونقول) الرجعة أمر نقلي أن صح النقل به لزم اعتقاده وإلا فلا ولا يستحق كل هذا التهويل ولا كل هذا الاستنكار لو لا التعصب والاستكبار وجزمه بأنها لن تقع دعوى منه لعلم الغيب الذي اختص الله به. وقد كثر التشنيع بها على الشيعة من خصومهم وهو ظلم فإن كان من حيث دعوى وهو أنها محال أو مستبعدة فهو يشبه قول منكري البعث إذا كنا ترابا وعظاما أإنا لمخرجون فرد الله تعالى عليهم (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) وقد وقع نظيرها في الأمم السالفة فيما حكاه القرآن الكريم (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتسلكن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه. وإن كان من جهة عدم ثبوت الرواية بها عندكم فذلك لا يوجب عيب من يدعي ثبوت الرواية بها عن أهل بيت نبيه ولا يوجب الجزم بأنها لن تقع والتقول على قدرة الله وكان عليكم أن تنظروا في أسانيد رواياتها فإن كان فيها ضعف رددتموها من هذه الجهة وكان قولكم مقبولا وحجتكم ظاهرة أما ردها بمجرد الدعوى بقول لن تقع فليس من دأب أهل العلم والانصاف. وقد أجاب السيد الحميري سوارا القاضي بحضرة المنصور فيما رواه المفيد في الفصول حين قال سوار يا أمير المؤمنين إنه يقول بالرجعة فقال السيد أقول بذلك على ما قال الله تعالى ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا. فعلمنا أن هنا حشرين عاما وخاصا وقال سبحانه (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ. فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ).

الولاية

وحكى عن المجلسي وصاحب الوافي أيضا أن أخبار الولاية متواترة ثم قال والولاية في الدين تعم جميع المسلمين يدخل في آياتها الامام علي وأولاده مثل دخول

٣٧٦

كل مؤمن وأولاده والولاية وظيفة دينية أو حق ديني يستوي فيها الكل من غير تقدم وتأخر.

(ونقول) الولاية التي صغر أمرها وحقر شأنها وسوى فيها بين علي وأولاده وسائر الناس لحاجة في نفسه هيهات أن تكون كذلك بل هي الولاية الثابتة بقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم. ومن كنت مولاه فهذا علي مولاه وبقوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) الخاصة بمن تصدق بخاتمه في صلاته وهو راكع والثابتة بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله كان آمنا. مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هوى.

تأويل آيات في الكافي

أطال في ص ٦٣ واطنب وطول وهول بأن في الكافي نزول آيات فيما يكون من الصحابة بعد وفاة النبي وأن الصحابة والأمة انكرت ما لعلي ولأولاده حسدا وبغيا وأمثال ذلك.

(ونقول) الكافي وغيره من كتب الأخبار لا يقول واحد من الشيعة بأن جميع ما فيه صحيح كما قلنا مرارا كما لا يمكنكم أن تقولوا بأن جميع ما في كتب أخباركم صحيح وإذا كان كذلك فما فائدة علم الرجال وكتب الرجال ودراية الحديث. والشيعة لا تعتمد في تفسير القرآن الكريم على غير ما في كتب أئمة مفسريها كالتبيان لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي ومجمع البيان للطبرسي وجمع الجوامع له وكلها مطبوعة وليس معنى اعتمادها عليها أنها ترى كل ما فيها صوابا فإن العصمة لله وحده ولمن عصمه. وحسد كثير من الأمة لعلي وولده ملحق بالضروريات لا يحتاج فيه إلى الروايات.

٣٧٧

الخمس والزكاة

قال ص ٦٦ يعجبني واستحسن رأي الشيعة في تعميم ما غنمتم من شيء من آية الغنائم. فإنها وإن نزلت في غنائم الحرب إلا أن حادثة النزول لا تخصص عموم العام المستغرق المؤكد. ما غنمتم من شيء يدخل فيه غنائم الحرب من المنقول وغيره وما استفيد من المعادن والكنوز وربح التجارة والزراعة والصناعة. هذا فقه جليل لطيف فإن مقادير الزكاة أربعة :

(١) خمس غنائم الحرب والمعادن والركاز والكنوز.

(٢) نصف الخمس في بعض ما تخرجه الأرض بالزرع وهو العشر.

(٣) ربع الخمس في البعض الآخر وهو نصف العشر.

(٤) ثمن الخمس في الذهب والفضة وأموال التجارة. وهذا نظام هندسي صعودا أو هبوطا مثل سلسلة سهام الفرائض معناه أن حق الشرع في جميع الأموال خمس ما يربح منها. ونصاب الفضة مائتا درهم حق الشرع منها خمسة دراهم ونصاب الذهب عشرون مثقالا حصة الزكاة منه نصف مثقال فهذا إرشاد من الشارع إلى أن الربح المأذون فيه غايته خمسة وعشرون في كل مأتين من الفضة والذهب فنسبة حصة الزكاة إلى مقدار النصاب واحدة هي خمس الربح الذي يحصل منه في الغالب ومقدار النصاب في الأموال واحد وهو أربعون نصاب الذهب عشرون مثقالا فيها نصف مثقال ونصاب الفضة مائتا درهم زكاتها خمسة دراهم ثم ذكر دية الانسان وأطال بما لا فائدة فيه وقال هذا الرأي أرانيه الله في معنى هذه الآية (أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ).

وفي ص ٧٢ قال أن آية الخمس في بيان الأئمة وعقيدة الأمة خاصة بغنائم الحرب ثم أكد أنها عامة وأطال في بيان ذلك.

وفي ص ٦٩ وعليه ينهار بعض الانهيار ما يراه الشيعة الامامية في الخمس وأهليه وفي مصارفه وينهار تمام الانهيار ما تعتقده في معنى هذه الآية فإن الخمس لو جعلت ثلاثة أسداسه للامام أو نائبه والثلاثة الباقية حق الفقراء من بني هاشم فأي شيء يبقى لليتامى والمساكين وابن السبيل. ومسألة الغنائم وكونها من خصائص هذه الأمة فيها إشكال من وجوه (منها) أن غنائم الغلبة في القرون الأولى ذكرها القرآن

٣٧٨

الكريم في سور متعددة (ومنها) أن الامام أحمد وجماعة رووا حديثا معناه أن الغنائم لم تحل لهذه الأمة إلا لأنها ضعيفة فحلها لها ضرورة وليس بشرف لها فإن الجهاد لم يشرع إلا لوجه الله والدين فقط لا للغنائم (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) فشيء لم يجعل حلالا إلا لأجل الضعف كيف يكون حقا لآل محمد وكثير من أئمة الأمة. حرمة الصدقة على النبي وأهل بيته كرامة جليلة وتنزيه عظيم من ريبة وأوساخ ولا يلحق على أهل البيت بمثل هذه الكرامة الجليلة نقصان يحتاج إلى جره بخمس الغنائم. ثم لو كان الخمس عوضا عن حرمة الصدقة لاستحقه من يستحق الصدقة على نحو استحقاق الصدقة ولا يستأهل الصدقة إلا الفقير ثم لا يستأهل الفقير إلا على وجه جواز الصرف لا على وجه وجوب الصرف.

وفي ص ٧٠ فما معنى كون الخمس حقا فرضا لآل محمد ومحمد وآل محمد أكرم على الله وعند الله من أن يجعلهم الله فقراء إلا إلى الله. ثم ذكر أقوال الشيعة في الخمس في زمن غيبة الامام وبينها أقوال شاذة لا يعمل بها أحد وقولان هما العمدة سقوطه زمن الغيبة ودفعه لنائب الامام وهو المجتهد العادل يصرفه على مهمات الدين ومساعدة الضعفاء والمساكين. ثم قال كل هذه الأقوال كلمات تخرج من أفواه الشيعة لم تقلها ولا تقولها سريعة ونحن لا ننكرها (ونقول) قد أخطأ في جعل هذه الأقوال في الخمس كله بل هي في نصفه والنصف الثاني يصرف على فقراء بني هاشم جبرا لما فاتهم من الصدقة المحرمة عليهم وقوله لم تقلها ولا تقولها شريعة دعوى منه شنيعة في بابها فقد قالتها شريعة علماء آل محمد الذين أخذوا دينهم وشريعتهم عن ثقات أئمتهم عن جدهم الرسول (ص) عن جبرئيل عن الله تعالى فبطل تعجبه بقوله ونحن ـ أي الشيعة ـ لا ننكرها تعجبا من عدم انكارهم.

وفي ص ٧٣ ـ ٧٤ قال أن للأئمة في آية الخمس أقوالا قيل يقسم الخمس على ستة وهم المذكورون في الآية حكي عن أبي العالية وأن سهم الله يصرف إلى البيت وعمارة المساجد وقيل على خمسة بجعل سهم الله ورسوله واحدا وقيل لله ولرسوله مفتاح الكلام فإن الأرض كلها لله ثم الحكم لله ولرسوله والخمس للأربعة : لذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل سهم الرسول كان له في حياته فهل سقط بموته قيل هو باق يصرف إلى الخليفة بعده وقيل سقط وسهم ذوي القربى كان النبي (ص)

٣٧٩

يصرفه إلى بني هاشم وبني المطلب وقال إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد في الاسلام والجاهلية. وقد أجمع الصحابة في عهد الخلافة الراشدة وفيهم علي على تقسيم الخمس على ثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وابن السبيل والنص معلوم لهم فكان إجماعا.

وفي ص ٧٥ ثبت أن النبي إذ قسم أموال بني النضير قسمها بين المهاجرين ولم يعط الانصار.

وفي ص ٧٨ عند الكلام على فدك : في الأم للامام الشافعي أن الفاروق قال لعلي في المسلمين اليوم خلة فإن أحببتم تركتم حقكم من الخمس وجعلناه في خلة المسلمين واهل البيت هم أحق الناس بالايثار وأكرم الخلق كافة وأرحم الناس بأمة محمد.

(ونقول) هذا هو الأمر الثاني الذي أعجبه من آراء الشيعة مضافا إلى الأمر الأول وهو الطلاق فنحمد الله على ذلك. ولكن إدماجه الخمس في الزكاة غير صواب. فالخمس في الغنائم سواء أخصصناها بغنائم الحرب أم عممناها لارباح التجارة والزراعة والكنوز والمعادن. ومصرفه لله ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل بنص القرآن الكريم والزكاة في ثلاثة أشياء النقدين والغلات والأنعام ومصرفها للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل بنص القرآن الكريم وقد سمى الأول خمسا (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) والثاني زكاة (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ).

أما ما تفلسف به وقال أن الله أراه إياه من أن مقادير الزكاة التي أدرج فيها الخمس أربعة وجعلها كلها تدور على الخمس وأنه نظام هندسي كسهام المواريث فلا يبتنى على أساس فالله قد فرض الخمس في الغنائم والعشر وربعه في الزكاة والخمس لا ربط له بالزكاة سواء أسمينا العشر ونصفه وربعه بأسمائها أم سميناها نصف الخمس وربعه وثمنه فتغيير اسمها لا يوجب اندراج الخمس فيها ولا جعل ذلك نظاما هندسيا وما ربط الهندسة بالمقام وسهام الفرائض اقتضى تفاوتها في المقدار أن يكون فيها ثمن وربع ونصف وسدس وثلث وثلثان وليس لنظام الهندسة في ذلك دخل. وإرجاع الزكاة إلى الخمس وزعم أن معناه أن حق الشرع في جميع الأموال خمس ما يربح منها وأن جعل زكاة مائتي درهم خمسة دراهم وعشرين مثقالا لا نصف

٣٨٠