نقض الوشيعة

السيّد محسن الأمين العاملي

نقض الوشيعة

المؤلف:

السيّد محسن الأمين العاملي


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤١٦

قال ص ١٢٦ واذا افتلينا كتب الشيعة واجتلينا حالها في حلية المتعة فلا علينا إلا ان اقتفينا اجتهاد ائمة المذاهب واقتدينا به ثم اكتفينا بنوره واهتدينا به الى هدى الله في كتابه.

(ونقول) لا نكلفه افتلاء كتب الشيعة بل يكفيه ان ينظر نظرة واحدة في كتب قومه بشيء من الانصاف فيتضح له ان ما نزل به الكتاب وأباحه النبي الكريم وعملت به الصحابة والتابعون عدة سنين لم يكن لأحد ان يحرمه برأيه وهو غير معصوم وان ابى فله اقتفاؤه اجتهاد ائمة مذهبه واقتداؤه بهم ولنا اقتفاؤنا لأهل بيت نبينا وائمة مذهبنا الذين ندعي بهم يوم يدعى كل اناس بإمامهم واقتداؤنا بهم. امتثالا لقول نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي. اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وعتري أهل بيتي. وقد اكتفينا بنورهم واهتدينا به الى هدى الله في كتابه فأي الفريقين احق بالاصابة. واحق بالأمن وهيهات ان يهدي الى هدى الله في كتابه الأنور يخرج من مشكاة بيت النبوة ومصابيح الهدى ائمة بيت النبوة. مع ان افتاء ائمة المذاهب كلهم بتحريمها غير صحيح لافتاء الامام مالك بها كما مر ونحن قد افتلينا وشيعته فما وجدنا فيها إلا الدعاوي الفارغة والمخالفات لإجماع المسلمين واعلم ان المتعة عند الشيعة ان وقعت فإنما تقع نادرا وفي حالات استثنائية وهم يرونها عيبا وان كانت حلالا فليس كل حلال يفعل.

اعتذاره عن التطويل

قال ص ١٤٨ لقد علمت اني أسهبت اسهابا انتهى بي الى الاملال وعذري فيه ان مسألة شرف النساء او ابتذالهن له في حياتنا الاجتماعية الأدبية اهمية عظيمة وأحاديث المتعة متضاربة متعبة لا تطمئن قلب الفقيه المجتهد وكتب الشيعة قد اسرفت في القول بها ابتيارا والوضع فيها ابتهارا حتى عدت عدوانا وعادت عداء فعدت سفح ماء الحياة في غوار المتمتعات تقربا الى الله ارغاما لمن استنصر الله به في دينه ثم تعدت واعتدت حتى ادعت ان المتعة شعارا لأهل البيت نزل فيها القرآن الكريم ا ه. باختصار.

٣٤١

(ونقول) : لقد صدق في انه اسهب واطال بما ادى الى الاملال بدون جدوى ولا شبه جدوى سوى الفاظ مزوقة مجنسة مسجعة بما زادها برودة وسماجة ابتيارا ابتهارا عدت عدوانا عادت عداء فعدت تعدت واعتدت ادعت مدّعيا انه يريد المحافظة على شرف النساء والله ورسوله اعظم محافظة على شرفهن بما اودع في الكتاب العزيز والسنة المطهرة في هذه المسألة. ويا ليته اتى بشيء يصح الاعتماد عليه في هذه الاخبار المتضاربة التي كشف تضاربها عن الوضع فيها انتصارا لمن حرمها باجتهاده وارغاما لمن احلها بدلالة الكتاب والسنة لا عن الوضع في ما روته الشيعة كما زعم وهذه الأحاديث المتضاربة المتبعة قد اتعب اناس قبله انفسهم في ترقيعها واصلاحها فلم يستطيعوا ولم يأتوا بشيء كما بيناه في الحصون المنيعة وهم كانوا اعلم منه واعرف واقدر على التوجيه والاصلاح ولا يصل هو الى ما يقارب درجة ادناهم والشيعة اشد ورعا واعظم تقوى من الاسراف في القول والوضع والعداء بغير حق بما ورثته عن ائمتها الطاهرين وأهل بيت نبيها الطيبين وما نسبت الى اهل البيت إلا ما افتوا به والى القرآن الكريم إلا ما نزل فيه وإنما الاسراف والابتيار والوضع والابتهار والتعدي والاعتداء منه ومن امثاله.

المعاوضة في النكاح

قال ص ١٥٧ واذا نظر الفقيه الحصين الى عقد النكاح يراه عقد معاهدة حيوية تأخذ المرأة ميثاقها الغليظ من زوجها وان وجدنا او ادعينا في عقد النكاح معنى المعاوضة فأصل المعاوضة بين الزوجين فلذلك لا ينعقد عقد النكاح إلا بذكرهما في الايجاب والقبول وإلا بحضورهما في المجلس وتسلم كل للآخر والمال من طرف المرء ليس بعوض أصلا ابدا لكنه زائد وجب عليه لها على سبيل الكرامة.

(ونقول :) هذه فلسفة جديدة في النكاح ونوع جديد من العلم اختص به هذا الرجل ولم يطلع عليه فقهاء المسلمين فكلهم يقولون ان المهر عوض البضع والمعاوضة بين الزوجين بمعنى ان من احدهما العوض ومن الآخر المعوض. نعم جوز الشارع العقد بدون ذكر المهر تسهيلا لأمر التزويج فيثبت مهر المثل بالدخول وهذا لا ينفي كون المهر عوض البضع. أما هو فيقول المعاوضة بين الزوجين بمعنى ان

٣٤٢

احدهما عوض والآخر معوض لكنه لم يبين ايهما العوض وايهما المعوض فهل الزوجة عوض الزوج أو الزوج عوض الزوجة هذا بقي مبهما في كلامه. واغرب من ذلك تعليله بأن النكاح لا ينعقد إلا بذكرهما في الإيجاب والقبول مع ان كل عقد كذلك ففي البيع يقال بعتك كذا بكذا فيقول قبلت كما يقال زوجتك فلانة بمهر كذا فيقول قبلت والميثاق الغليظ الذي اخذته الزوجة من الزوج وهو العقد قد ذكره الله تعالى في معرض التوبيخ للزوج على اخذ شيء من المهر بقوله تعالى : (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) فدل على ان الميثاق الغليظ كان على المهر وان المعاوضة بين البضع والمهر فهو يدل على خلاف ما ادعاه ويثبت ما نفاه. وأغرب من هذا التعليل تعليله بأنه لا ينعقد عقد النكاح إلا بحضور الزوجين في المجلس وتسلم كل الآخر فإنه لم يسمع من مسلم عالم ولا جاهل قبله وكأنه اخذه من الذين لا يزال مستشهدا بأحكام كتابهم.

صاحب كتاب اصل الشيعة

قال ص ١٤٩ صاحب كتاب اصل الشيعة قد اتى بفرية كبيرة بهيتة اذ تكلم على طبقات الشيعة وافترى ابتهارا من غير استحياء على كل من ذكرهم فيها بالتشيع الذي عليه شيعة اليوم هم براء من كل عقيدة ابدعتها امهات كتب الشيعة. كل يؤمن ايمان علي ويتولى كل صحابي يغسل رجليه ويمسح على خفيه لم يكن لأحد منهم عقيدة الشيعة في الامامة نعم كل كان يحب أهل البيت محبة أهل السنة والجماعة لهم :

فإن كان في حب الحبيب حبيبه

حدود لقد حلت عليه حدود

(ونقول) لم يزد في كلامه على سوء القول بدون حجة وليس ذلك من دأب أهل العلم. وامهات كتب الشيعة كأصحابها منزهة عن الابتداع ليس دأبها إلا الاتباع للحق وان وجد فيها ما لم يصح فهو موجود في سواها والذين ذكرهم صاحب اصل الشيعة في طبقات الشيعة الله اعلم بعقائدهم وسرائرهم ، وكونهم ليسوا على عقيدة الشيعة اليوم لم يأت عليه بدليل فهذا الكلام لا يفيد إلا التطويل واما محبة أهل البيت فقد ذكرنا عند تعرضه لها كيف يجب ان تكون. والبيت الذي استشهد به

٣٤٣

الأولى ان يقال بدله :

وكل محب كان في الحب صادقا

فعن طاعة المحبوب ليس يحيد

خبر حسبنا كتاب ربنا

قال في ص ١٤٤ بعد ما ذكر جملة من فضائل الخليفة الثاني ان النبي وافقه في آخر عهد من حياته حين قال حسبنا كتاب ربنا. لم ينكر قوله وانما انكر نزاع الناس فقال قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع وقال انه لا يرتاب في ان هذا وفاق من النبي له.

(ونقول) خبر حسبنا كتاب ربنا كان الأولى به ان لا يتعرض له ولا يضطرنا الى الجواب عن كلامه فيه لأنه قد اقترن بقوله غلب عليه الوجع وغلبه الوجع وكان ابن عباس يقول ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم رواه البخاري في صحيحه في باب قول المريض قوموا عني ورواه ابن سعد في الطبقات وفي رواية أخرى للبخاري فقالوا ما شأنه أهجر وروى هذه الرواية الطبري في تاريخه وابن سعد في الطبقات وفي رواية اخرى لابن سعد في الطبقات فقال بعض من كان عنده ان نبي الله ليهجر وفي رواية اخرى لابن سعد فقالوا انما يهجر رسول الله وفي رواية للطبري في تاريخه فقالوا ان رسول الله يهجر وذلك يبطل كل ما قاله هذا الرجل.

رعية الامام الجائر والامام العادل

قال ص ٣٥ روى الكافي ان الباقر كان يقول : ان الله قال لأعذبن كل رعية دانت بولاية إمام جائر ولا استحي وان كانت الرعية في اعمالها بررة تقية ولا عفون عن كل رعية في الاسلام دانت بولاية إمام عادل من الله ولا استحي وان كانت الرعية ظالمة مسيئة في أي كتاب قال الله هذه الكلمات ثم ما الفائدة من أمثال هذه الكلمات.

ونقول : قد بينا فيما سلف ان الكتب فيها الغث والسمين والصحيح والسقيم

٣٤٤

ولكنا نقول من دان بولاية إمام جائر كان شريكا له في جوره ولا يمكن ان يكون برا تقيا في كل اعماله واذا عمل بعض اعمال البر يجوزان لا يقبلها الله لأنه انما يتقبل من المتقين ويكون ابعد عن عفو الله لأنه مشاق له في عقيدته والعقيدة يكون المخطئ فيها أبعد عن العذر لأن الله تعالى أقام الحجج والبراهين الساطعة ووهب للناس العقول التي يميزون بها بين الحق والباطل فالمخالف للحق في عقيدته اما معاند أو مقصر بخلاف من يرتكب المعصية لشهوة دعته الى ذلك فيرجى له ان يشمله الله بعفوه اذا لم يقصر في عقائده وان صح الحديث جاز ان يكون من الأحاديث القدسية التي رواها الباقر عن آبائه عن جده الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيل عن الله تعالى. والفائدة من امثال هذه الكلمات هي تهجين الجور والظلم والمبالغة في الردع عن معاونة الظالم على ظلمه والحث على العدل وعلى معاونة العادل على عدله. وقد نسي هو او تناسى اطالته الكلام في اشياء كثيرة لا فائدة فيها.

النسيء

قال ص ٣٥ ـ ٣٦ ما هو النسيء الذي هو زيادة في الكفر وهل كان له عند العرب قبل الاسلام نظام يدور عليه حساب السنين وسنو عمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل عدّت على وفق نظام النسيء أو كان للعرب تقويم خال عن النسيء به كان يعد عمر الانسان في الوافي الكتاب ٥ ص ٤٥ ان حساب الشهور عند الأئمة كان روميا ما وجه اتخاذ الأئمة حساب الروم وشهورهم وسنيهم وحساب العرب كان عربيا وتاريخ الهجرة عربي ما وجه اتباع الروم ووجه الابتداع.

ونقول : النسيء فعيل من النسء وهو التأخير. وسميت العصا منسأة لأنه يؤخر بها الشيء ويبعد (والنسيء) هو جعل شهر من الأشهر الحرم مكان شهر كانوا في الجاهلية اذا احتاجوا الى القتال في شهر من الأشهر الحرم قاتلوا فيه وجعلوا مكانه شهرا آخر قال الله تعالى في سورة التوبة : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) ثلاثة منها سرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد فرد وهو رجب وكانت العرب تحرم القتال في الشهور الأربعة. في مجمع البيان : وذلك مما تمسكت به من ملة ابراهيم واسماعيل ثم قال

٣٤٥

الله تعالى : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ) في مجمع البيان : كانوا اصحاب غارات وحروب فربما كان يشق عليهم ان يمكثوا ثلاثة اشهر متوالية لا يعزون فيها فكانوا يؤخرون تحريم المحرم الى صفر فيحرمونه ويستحلون المحرم فيمكثون بذلك زمانا ثم يزول التحريم الى المحرم ولا يفعلون ذلك إلا في ذي الحجة ، قال ابن عباس معنى زيادة في الكفر انهم احلوا ما حرم الله وحرموا ما احل الله ثم ذكر ان الذي كان ينسؤهما كان يقول اني قد نسأت المحرم العام وهما العام صفران فاذا كان العام القابل قضينا فجعلناهما محرمين وقال مجاهد : كان المشركون يحجون في كل شهر عامين فحجوا في ذي الحجة عامين وفي المحرم عامين وفي صفر عامين وكذلك في الشهور حتى وافقت الحجة التي قبل حجة الوداع في ذي القعدة ثم حج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العام القابل حجة الوداع فوافقت في ذي الحجة فذلك حين قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألا وان الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم. اراد ان الأشهر الحرم عادت الى مواضعها وعاد الحج الى ذي الحجة وبطل النسيء ا ه. وفي تفسير الرازي ان القوم علموا انهم لو رتبوا حسابهم على السنة القمرية فانه يقع حجهم تارة في الصيف وتارة في الشتاء وكان يشق عليهم الأسفار ولم ينتفعوا بها في المرابحات والتجارات لأن سائر الناس من سائر البلاد ما كانوا يحضرون إلا في الأوقات اللائقة الموافقة فعلموا ان بناء الأمر على رعاية السنة القمرية يخل بمصالح الدنيا فتركوا ذلك واعتبروا السنة شمسية ولما كانت السنة الشمسية زائدة على السنة القمرية بمقدار معين احتاجوا الى الكبيسة وحصل لهم بسبب تلك الكبيسة امران هما جعل بعض السنين ثلاثة عشر شهرا وانتقال الحج من بعض الشهور القمرية الى غيره فكان الحج يقع في بعض السنين في ذي الحجة وبعده في المحرم وبعده في صفر وهكذا في الدور حتى ينتهي بعد مرة مخصوصة مرة اخرى فحصل بسبب الكبيسة هذان الأمران الزيادة في عدة الشهور وتأخير الحرمة الحاصلة لشهر الى غيره ثم قال واما المفسرون فانهم ذكروا في سبب هذا التأخير وجها آخر فقالوا ان العرب كانت تحرم الشهور الأربعة وكان ذلك شريعة ثابتة من زمان ابراهيم واسماعيل عليهما‌السلام وكانت العرب اصحاب حروب وغارات فشق عليهم ان يمكثوا ثلاثة اشهر متوالية لا يغزون فيها وقالوا ان توالت ثلاثة اشهر حرم لا نصيب فيها شيئا لنهلكن

٣٤٦

وكانوا يؤخرون تحريم المحرم الى صفر فيحرمونه ويستحلون المحرم.

قال الواحدي واكثر العلماء ان هذا التأخير ما كان يختص بشهر واحد بل كان ذلك حاصلا في كل الشهور وهذا القول عندنا هو الصحيح على ما قررناه ا ه. يعني انهم كانوا اذا اخروا المحرم الى صفر اخروا صفر الى ربيع وهكذا حتى ينتهي بعد مدة الى ذي الحجة ونظامه عند العرب في الجاهلية الذي يدور عليه حساب السنين هو هذا الذي نقله الواحدي عن اكثر العلماء. وسنو عمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم تكن تعد على وفق النسيء بحيث تخالف عدد الشهور نعم ذكروا في سيرته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه حملت به أمه ايام التشريق من ذي الحجة وولد في ربيع الأول فإن كان ربيع تلك السنة كان حمله أقل من ستة اشهر ولا يكون الحمل أقل من ستة اشهر بنص القرآن وان كان ربيع السنة القابلة كانت مرة حملت اكثر من سنة وهو خلاف ما اتفق عليه فقهاء أهل البيت ورواياتهم من ان اقصى مرة الحمل سنة واجيب باحتمال ان يكون ذلك محمولا على النسيء بأن يكون ذو الحجة الذي حملت فيه هو شهر آخر غير ذي الحجة لأجل النسيء ولعله يريد هذا. اما عند من قال بجواز تأخر الحمل اكثر من سنة بل سنين فلا يجيء هذا اشكال. واما ما ذكره من ان في الوافي ان حساب الشهور كان عند الأئمة روميا فهو يشير الى ما في الوافي ج ٥ ص ٤٥ عن الفقيه والتهذيب عن عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال تزول الشمس في النصف من حزيران على نصف قدم وفي النصف من تموز على قدم ونصف وفي النصف من آب على قدمين ونصف وفي النصف من ايلول على ثلاثة أقدام ونصف وفي النصف من تشرين الأول على خمسة ونصف وفي النصف من تشرين الآخر على سبعة ونصف وفي النصف من كانون الأول على تسعة ونصف وفي النصف من كانون الآخر على سبعة ونصف وفي النصف من شباط على خمسة ونصف وفي النصف من آذار على ثلاثة ونصف وفي النصف من نيسان على قدمين ونصف وفي النصف من أيار على قدم ونصف وفي النصف من حزيران على نصف قدم ا ه. قال صاحب الوافي : هذا الحديث يبين اختلاف الظل الباقي عند الزوال بحسب الأزمنة كما أشرنا إليه سابقا والظاهر انه مختص بالعراق وما قاربها كما قاله بعض علمائنا ا ه. وغير خفي ان حساب زوال الشمس وتقديره بالاقدام لا يتم إلا على الحساب الشمسي الرومي للشهور لا على الحساب العربي القمري. وهذا ليس معناه ان حساب الشهور كان عند الأئمة

٣٤٧

روميا كما لا يخفى ولا يتوهمه من عنده ادنى معرفة حتى يسأل عن وجه اتخاذ الأئمة حساب الروم وشهورهم وسنيهم مع ان حساب العرب وتاريخ الهجرة كان عربيا ويجعل ذلك ابتداعا بل هذه فضيلة ومنقبة للإمام الصادق عليه‌السلام وفي تطبيقه معرفة زوال الشمس بالاقدام على الأشهر الرومية التي لا يمكن معرفته وتطبيقه إلا عليها وما ربط هذا بالنسيء وبسني عمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

حجات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

قال ص ٢٦ نحن نعلم ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد حج بعد الهجرة حجة واحدة ويقول الباقر والامام الصادق ان النبي قد حج بمكة مع قومه عشرين حجة كلها كانت مستترة لأجل النسيء كان في قومه كثرة قبل النبوة فكيف امكن له الاستتار ولم يكن بعد النبوة فرض الحج بمكة ولم يكن متعبدا بعد النبوة إلا بشرعه فعلى أي شريعة كان يحج وهل كان يحضر في مواسم الحج مع الناس.

(ونقول) اتفق المسلمون كافة على انه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يحج بعد الهجرة إلا حجة واحدة وهي التي تسمى حجة الوداع أو حجة الاسلام. رواه الكليني في الكافي بسنده عن جعفر عليه‌السلام. (لعله ابي جعفر) وقال ابن سعد في الطبقات الكبير : قالوا انه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اقام بالمدينة عشر سنين يضحي ولا يحج حتى كان في ذي القعدة سنة عشر من الهجرة فحج حجة الوداع ا ه. وفي السيرة الحلبية لم يحج صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المدينة غيرها قيل لا خراج الكفار الحج عن وقته لأن أهل الجاهلية كانوا يؤخرون الحج في كل عام احد عشر يوما حتى يدور الدور الى ثلاث وثلاثين سنة فيعود الى وقته فلذلك قال عليه الصلاة والسلام في هذه الحجة إلا ان الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض فإن هذه الحجة كانت في السنة التي عاد فيها الحج الى وقته وكانت سنة عشر.

واما حجاته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل النبوة ففي رواية الكليني السابقة انه حج بمكة مع قومه حجات. وفي رواية الكليني بسنده عن الصادق عليه‌السلام حج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشر حجات مستترا في كلها يمر بالمأزمين فينزل فيبول. وفي رواية عشرين حجة روى محمد بن ادريس الحلي في آخر السرائر عن جامع البزنطي عن زرارة سمعت أبا

٣٤٨

جعفر وأبا عبد الله من بعده عليهما‌السلام يقولان حج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشرين حجة مستترة منها عشر حجج أو قال سبع ـ الوهم من الراوي ـ قبل النبوة ا ه. هذه هي الروايات الواردة في ذلك من طرقنا وليس فيها ان الاستتار كان لأجل النسيء كما قال فيمكن كونه لأجله فإن حجهم بسبب النسيء كان يقع في غير اشهر الحج فيحج هو في اشهر الحج مستترا ويمكن انه كان يستتر في بعض اعمال حجة عنهم لأنهم كانوا أهل جاهلية يخالفون الشرع في بعض اعمال الشرع التي منها انهم كانوا يقفون بجمع وهو مع بقية العرب يقف بعرفة كما يأتي. أما غيرنا فاختلفوا كم حج قبل الهجرة بعد اتفاقهم على انه لم يحج بعدها إلا حجة واحدة فقيل : حج بعد النبوة قبل الهجرة حجة واحدة رواه ابن سعد في الطبقات بسنده عن مجاهد. وقيل حج بعد النبوة قبل الهجرة حجتين وهما اللتان كان عندهما بيعتا العقبة الأولى والثانية وان الحجة التي بايعه فيها ثمانية أو ستة من الأنصار كما يأتي هي العقبة الأولى لا غيرها لكن ابن سعد قال انها غيرها. وقيل انه حج بعد النبوة قبل الهجرة ثلاث حجات (احداها) قبل العقبة الأولى وهي التي اسلم فيها ثمانية أو ستة من الأنصار حين عرض عليهم‌السلام بمنى. (والثانية) الحجة التي لقي فيها اثني عشر رجلا من الأوس والخزرج (والثالثة) الحجة التي بايعه فيها السبعون عند العقبة الثانية قاله ابن سعد في الطبقات. وفي السيرة النبوية لدحلان انه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يحج بعد فرض الحج غير حجة الوداع قال قال ابو إسحاق السبيعي : وحج وهو بمكة اخرى ولكن قوله اخرى يوهم انه لم يحج قبل الهجرة إلا واحدة وليس كذلك بل حج قبلها مرارا قيل حجتين وقيل ثلاث حجج قال : والحق الذي لا ارتاب فيه كما في شرح الزرقاني على المواهب انه لم يترك الحج وهو بمكة لأن قريشا في الجاهلية لم يكونوا يتركون الحج. واذا كانوا وهم على غير دين ـ يحرضون على اقامة الحج فكيف يظن به انه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتركه قال وقد ثبت حديث جبير بن مطعم انه رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واقفا بعرفة وانه من توفيق الله له وكانت قريش تقف بجمع ولا تخرج من ارض الحرم وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخالفهم ويصل الى عرفة ويقف بها مع بقية العرب. وصح انه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يدعو قبائل العرب الى الاسلام بمنى ثلاث سنين متوالية قال الزرقاني فلا يقبل نفي ابن سعد انه لم يحج بعد النبوة إلا حجة الوداع لأن المثبت مقدم على الثاني ولذلك قال ابن الجوزي حج قبل النبوة وبعدها حجات لا يعلم عددها ، وقال ابن الأثير في النهاية كان يحج كل سنة قبل ان

٣٤٩

يهاجر ا ه. كلام دحلان. واذا كان بقاؤه بمكة بعد النبوة وقبل الهجرة ثلاث عشرة سنة يكون قد حج بعد النبوة وقبل الهجرة ثلاث عشرة حجة ـ وحينئذ فما ورد في رواياتنا كما سبق من انه حج مع قومه قبل الهجرة عشرين حجة هو الصواب يكون حج سبعا قبل البعثة وثلاث عشرة بعدها أو ثمانية قبلها واثنتي عشرة بعدها.

واما فرض الحج ففي السيرة الحلبية قال الجمهور : فرض الحج كان سنة ست من الهجرة وقيل سنة تسع وقيل سنة عشر وقيل فرض قبل الهجرة واستغرب ا ه.

اذا عرفت ذلك كله علمت ان حجه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل الهجرة أو قبل النبوة أو بعدها عدة حجات بمكة مع قومه لا يختص برواياتنا عن الامامين الباقر والصادق عليهما‌السلام وان حجة بعد النبوة قبل الهجرة لا بد ان يكون قبل فرض الحج في شرع الاسلام لأنه لم يفرض إلا بعد الهجرة كما عرفت. اما انه كان في قومه كثرة فكيف امكنه الاستتار فكثرة قومه لا تمنعه من الاستتار بأن يحج وحده أو مع قومه ويستتر في بعض الأعمال. واما انه بعد النبوة لم يكن فرض الحج بمكة ولم يكن متعبدا بعد النبوة إلا بشرعه فلا يختص بنا فإن ورد علينا ورد على غيرنا وهذا يدل على قلة اطلاعه. واذا ثبت انه كان يحج قبل ان يفرض الحج فلا بد ان يكون ذلك على شريعة غيره واعتراضه بأنه بعد النبوة لم يكن متعبدا إلا بشرعه غير وارد لأن ذلك انما يسلم فيما له فيه شرع أما قبل فرض الحج في شرعه فلا مانع ان يتعبد فيه بشرع غيره ويمكن ان يكون قد شرع الحج في حقه خاصة بعد النبوة وان لم يكن قد شرع في حق غيره. واما قبل النبوة فحال الحج كغيره من الاحكام والعبادات وللأصوليين خلاف مشهور في انه قبل النبوة هل كان متعبدا بشرعه أو بشرع غيره. ومن ذلك يعلم الجواب عن قوله هل كان يحضر في مواسم الحج وكيف كان فإيراد هذه المسائل في فقه عقائد الشيعة لا وجه له.

قال ص ٣٦ حج ابو بكر وعلي مع الناس في السنة التاسعة. تقول كتب الشيعة ان حج السنة التاسعة كان في ذي القعدة في دور النسيء ، وكيف يصح ذلك والكتاب الكريم سماه يوم الحج الأكبر.

ونقول : كتب الشيعة التي بأيدينا لم نجد فيها ما ذكره ففي مصباح المتهجد للشيخ الطوسي : في اوّل يوم من ذي الحجة سنة تسع من الهجرة بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سورة

٣٥٠

براءة حين نزلت عليه مع أبي بكر ثم نزل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه لا يؤديها عنك إلا انت أو رجل منك فأنفذ عليا حتى لحق أبا بكر فأخذها منه وهو صريح في ان حج تلك السنة كان في ذي الحجة لا في ذي القعدة وقال الطبرسي في تفسير قوله تعالى : (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) اختلف في هذه الأشهر الأربعة فضل ابتداؤها يوم النحر عن مجاهد وهو المروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام وقيل من أول شوال وقيل ابتداؤها يوم النحر لعشرين من ذي القعدة لأن الحج في تلك السنة كان في ذلك الوقت ثم صار في السنة الثانية في ذي الحجة وفيها حجة الوداع وكان سبب ذلك النسيء عن الجبائي فهو لم يقل ان حج تلك السنة كان في ذي القعدة بل نقله عن الجبائي ولم ندر ما هي كتب الشيعة التي تقول ذلك وان كانت تقول ذلك وقد شاركتها في هذا القول كتب غير الشيعة. قال الامام الرازي في تفسير الآية : اختلفوا في هذه الأشهر الأربعة فقيل ان ابتداءها شوال وقيل ابتداؤها العشرون من ذي الحجة وقيل ابتداء تلك المدة كان من عشر ذي القعدة الى عشر من ربيع الأول لأن الحج في تلك السنة كان في ذلك الوقت بسبب النسيء الذي كان فيهم ثم صار في السنة الثانية في ذي الحجة أي حجة الوداع. والدليل عليه قوله عليه الصلاة والسلام ألا ان الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض ا ه. فهو قد نقل ما نقله الطبرسي وظهر منه ترجيح القول الاخير. وفي الكشاف في تفسير (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً) الى قوله (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) ثلاثة سرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد مفرد وهو رجب ومنه قوله عليه‌السلام في خطبته في حجة الوداع الا ان الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم. ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان والبعض رجعت الأشهر الى ما كانت عليه وعاد الحج في ذي الحجة وبطل النسيء الذي كان في الجاهلية وقد وافقت حجة الوداع ذي الحجة وكانت حجة أبي بكر قبلها في ذي القعدة ا ه. فظهر ان اسانيده ذلك الى كتب الشيعة وحدها كان عن قصور في اطلاعه وحينئذ فيسأل كيف حج ابو بكر وعلي في ذي القعدة في دور النسيء وهو من سنن الجاهلية ويمكن الجواب من وجهين (الأول) ان الحج لم يكن قد فرض بناء على انه قد فرض سنة عشر من الهجرة كما هو احد الأقوال المتقدمة

٣٥١

في الفصل الذي قبل هذا ويؤيده ان الحج لو كان مفروضا قبل سنة عشر لما تركه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعدم استطاعته له بعيد لا سيما ان مكة المشرفة كانت قد فتحت سنة ثمان من الهجرة واذا لم يكن الحج مفروضا فلا مانع من حج ابي بكر وعلي في دور النسيء لغاية تبليغ علي سورة براءة (الثاني) يمكن ان يكون ابو بكر وعلي خرجا مع المشركين في حجهم في ذي القعدة وبلغ علي (ع) سورة براءة في الموسم ثم حج هو وابو بكر في ذي الحجة من تلك السنة وهذا الجواب يتم سواء أقلنا بأن الحج كان قد فرض أم لا ، وحينئذ فمن قال ان حج ابي بكر في السنة التاسعة كان في ذي القعدة يريد حجه مع الناس ولا ينافي ذلك ان يكون حج وحده حجا صحيحا والله اعلم. ومن هنا تعلم عدم المنافاة بين ذلك وبين تسميته في الكتاب الكريم بيوم الحج الأكبر إلا على القول بأن يوم الحج الأكبر يوم عرفة أو يوم النحر والقول بأنه وقع في ذي القعدة وقد عرفت ان شيخ الطائفة الطوسي قال في مصباحه انه وقع في ذي الحجة وان غيره من علماء غير الشيعة قالوا بوقوعه في ذي القعدة فتوجه عليهم الاعتراض اما على القول بأن الحج الأكبر هو مطلق الحج لأن العمرة تسمى الحج الأصغر أو انه سمي الحج الأكبر لاجتماع المسلمين والمشركين فيه فلا يرد هذا الاعتراض أيضا وكل ذلك يدل على قصور اطلاعه.

اسانيد الشيعة وغيرهم واخبارهم

قال ص ٤٦ بعد ذكر بعض اخبار نقلها من كتب الشيعة : وهذه وامثالها تشهد شهادة قطعية ان الشيعة تضع ولا تحسن الوضع لا ذوق للشيعة في الوضع ولا مهارة. تروي كتب الشيعة ان إماما من ائمة اهل البيت يقول : ذروا الناس فإن الناس اخذوا عن الناس وانتم اخذتم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي ص ٤٧ نقلا عن شرح الكافي للمجلسي (١ ـ ٢٨) ان شيوخنا رووا عن الباقر والصادق وكانت التقية شديدة وكانت الشيوخ تكتم الكتب فلما خلت الشيوخ وماتت وصلت كتب الشيوخ إلينا فقال امام من الأئمة حدثوا بها فإنها صادقة. تعترف الشيعة انه لم يكن عندها علم الحلال والحرام والمناسك الى زمن الباقر والصادق. نرى ان التقية جعلت وسيلة الى وضع الكتب. ثم جعل كل هذا دليلا على جواز العمل بالوجادة. هذا خلاصة

٣٥٢

للشيعة في اسانيد الاخبار والكتب. يقول أهل العلم ان اخبار الشيعة متونها موضوعة واسانيدها كلها مفتعلة مختلقة. والوضع زمن الأموية والعباسية كان شائعا غاية الشيوع للدعوة والدعاية لأسباب سياسية. وقد كان اعداء الاسلام واعداء الدولة الاسلامية من اليهود والمجوس يتظاهرون بالدين نفاقا ويضعون الأحاديث مكرا بالدين واثارة للفتن. واصل الأكاذيب في احاديث الفضائل كان من الشيعة المتظاهرة واخرجتها العصبية من ذكر الفضائل الى تعداد الرذائل. وكل متن يناقض المعقول أو يخالف الأصول أو يعارض الثابت من المنقول فهو موضوع على الرسول وفي ص ٤٨ كان لأئمة الأمة رواية محيطة احاطت احاطة مفترقة مستغرقة على كل ما رويت (كذا) لم تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا حصتها وكان لهم دراية نافذة واسعة حتى نقدت الأحاديث بعد التثبت في اسانيدها نقد الصيارفة خالص النقود من زيوفها ثم دونت الجوامع في الصحاح ودونت المسانيد فيما صح وحسن وثبت من الأحاديث فما فات الأئمة شيء من سنن النبي واحاديثه ولم يدخل ولم يبق في كتب الأمة زيف أو دخيل.

وكان لهم دراية نافذة واسعة وكانت لهم رعاية صادقة ناصحة.

وفي ص ٤٩ وروايات أهل البيت ائمة الشيعة ان كان لهم رواية فكلها ينتهي الى علي امير المؤمنين وكل ما صح وثبت عن علي فقد روته ائمة الأمة قبل ائمة الشيعة بزمن وهم ادركوه وهم كانوا أعلم واحرص هذا ما للشيعة وما لائمة الأمة في مسألة الأسانيد والمتون. فإجلالا لأهل البيت واحتراما لأئمة الشيعة انكر كل اخبار الشيعة لو ثبت بعض ما في كتب الشيعة فالأئمة وأهل البيت جاهلة سيئة الأدب قليلة الدين. في ابواب ما نزل من الآيات في الأئمة والشيعة وفي اعداء أهل البيت دليل لا يزر عيبا على من يقول كل ما في كتب الشيعة موضوعة كل ما روي في تأويل الآيات وتنزيلها استخفاف بالقرآن ولعب بالآيات لا يدل إلا على جهل القائل بها لو ثبت اخبار الكافي في القرآن وفي تأويل الآيات وتنزيلها فلا قرآن ولا إسلام ولا شرف لأهل البيت ولا ذكر لهم.

(ونقول) الشيعة لا تضع ولا تحسن الوضع ولا ذوق لها فيه ولا مهارة ولا تحتاج إليه وهي غنية بما ورثته من علوم آل محمد مفاتيح باب مدينة العلم وشركاء

٣٥٣

القرآن عن الوضع والكذب وغيرها قد يضع ويحسن الوضع ويكون له فيه ذوق ومهارة وقد يضع ولا يحسن الوضع ويكون وضعه بدون ذوق ومهارة كمن روى ما أبطأ عني جبرئيل إلا ظننت انه بعث الى فلان. وما ابطأ عني الوحي إلا ظننت انه نزل في آل فلان فواضع هذا لقلة ذوقه ومهارته لم يتفطن الى ان فيه نسبة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى الظن بعدول الباري تعالى عن نبوته والى الظن بأن نبوته قد انقطعت ومن شكره في استمرار النبوة أو ظن انقطاعها لم يكن مسلما فضلا عن ان يكون نبيا خاتم الأنبياء وسيدها وافضلها. وقد وضعوا لأمير الشام حين ادر عليهم الأموال من بيت مال المسلمين احاديث في ذم علي بن أبي طالب لم يكن لهم ذوق ولا مهارة في وضعها (منها) ان آية (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) نزلت في علي بن ابي طالب (ومنها) ان عليا خطب بنت ابي جهل فخطب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال في خطبته لاها الله لا تخطب بنت عدو الله على بنت رسول الله فاطمة بضعة مني من أذاها فقد آذاني حتى نظم ذلك مروان بن ابي حفصة شاعر بني العباس متقربا بذلك إليهم فقال :

وساء رسول الله اذا ساء بنته

بخطبته بنت اللعين أبي جهل

كما ذكره ابن ابي الحديد وغيره من المؤرخين فواضع هذا لا ذوق له في الوضع ولا مهارة فإنه لم يتفطن الى ان عليا في مكانته في الاسلام لا يمكن ان تصدق نسبة الافساد في الأرض إليه وانه لا يمكن ان يتزوج على الزهراء في حياتها وان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو قال ذلك لكان قدحا في نبوته ـ والعياذ بالله ـ لتحريمه ما أحله الله؟ وان صح قول احد الأئمة الناس اخذوا عن الناس وانتم اخذتم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان راجعا الى الفتوى لا الى الرواية اذ كل من يروي يسند حديثه الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اما الفتوى فالشيعة تأخذ احكامها عن ائمة أهل البيت الذين اخذوا عن آبائهم عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيرها يأخذ احكامه عن الناس من ائمة المذاهب الذين يعلم انهم يفتون بالاجتهاد الذي يجوز فيه الخطأ لكن صاحبه معذور أخطأ أم أصاب.

والشيعة كغيرهم قسموا اسانيد الاخبار والكتب الى اقسامها المعروفة عند الجميع من الصحيح والحسن والموثق والضعيف والمجهول والمرسل والمقطوع والمضمر والآحاد والمتواتر وغيرها من الأقسام المفصلة في كتب الدراية للشيعة ولغيرها. واما

٣٥٤

تحمل الرواية فطرقه عندهم هي ما عند غيرهم كالسماع من الشيوخ والقراء عليهم والاجازة والوجادة وغيرها مما فضّل في كتب الدراية فسخه لطريقة الشيعة في الاسانيد وتحمل الرواية وابرازه لها بهذا الشكل تعصب منه وقلة امانة ، وقوله ان شيوخنا رووا الى قوله صادقة الدال على جواز تحمل الرواية بالوجادة لا غبار عليه فأنها احد طرق التحمل فذكره في معرضها النقد قلة انصاف وما ذا ينكر من اشتداد التقية المؤدي الى كتمان الكتب وهل كان جزاء من ينتمي الى ائمة اهل البيت ويأخذ دينه عنهم غير القتل بشر القتلات وافظعها. وقد حبس الرشيد محمد بن ابي عمير احد اصحاب الكاظم ورواة الحديث وضربه اشد الضرب ليدل على اصحاب موسى بن جعفر فكاد يبوح لشدة البلاء ثم عصمه الله ودفنت اخته كتبه في غرفة فتلفت بما اصابها من المطر وامثال هذا كثير لا يحصى وكم بنيت الحيطان على العلويين ووضعوا احياء في اساطين البناء وكم خلد شيعة أهل البيت في السجون واودعوا المطامير أليس بعض هذا كافيا في لزوم التقية؟ فقوله نرى ان التقية جعلت وسيلة الى وضع الكتب ثم جعل هذا دليلا على جواز العمل بالوجادة رأي فاسد ومقال جائر. التقية لم تجعل وسيلة الى وضع الكتب. والتقية التي لا يمكن انكار وجوبها لا يسوغ لمنصف ان يعيب بها ويجعلها نقدا ووضع الكتب على لسان ائمة أهل البيت والتوسل الى ذلك بالتقية لا داعي له حتى يرتكبه رواة الشيعة ، فإن كان الاحتياج الى الوضع لقلة علوم أهل البيت فهم ينابيع العلم والحكمة والذين امرنا بأن نتعلم منهم ولا نعلمهم وان كان حبا بالوضع والكذب فهؤلاء الرواة قد اتسموا بالعدالة والوثاقة والتحرز في كتب الرجال وهم ابعد عن الكذب والوضع من كل احد وان وجد بينهم مقروح فيه فالشيعة ترد احاديثه ولا تقبلها وجعله هذا الكلام دليلا على ان الشيعة لم يكن عندها علم الحلال والحرام والمناسك الى زمن الباقر والصادق عليهما‌السلام سوء فهم منه وعناد وتعصب فإذا كانت شيوخ الشيعة تكتم بعض الكتب المروية عنهما في زمن شدة التقية ثم ظهرت تلك الكتب عند خفة التقية فليس معناه انه ليس عند الشيعة غير هذه الكتب ، ولا ان الشيعة لم تكن تعلم ما في هذه الكتب من الحلال والحرام والمناسك وتعمل به كيف لا وهم رواتها وحفظتها وإنما المراد انها لم تكن منتشرة انتشارها زمن خفة التقية واوّل الكلام صريح في انها مروية عن الباقر والصادق ، ومعمول بها في

٣٥٥

زمانهما وقبل زمانهما فكيف يقول لم يكن عندها علم الحلال والحرام إلى زمنهما ولكنه لا يدري ما يقول والشيعة ورثت علم الحلال والحرام والمناسك أولا عن امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام باب مدينة علم المصطفى وفاصل القضايا وحلال المشكلات والذي قال فيه الخليفة لو لا علي لهلك عمر قضية ولا ابو الحسن لها. لا عشت لمعضلة ليس لها ابو الحسن. وله من المؤلفات جمع القرآن وتأويله وكتاب املى فيه ستين نوعا من انواع علوم القرآن وذكر لكل نوع مثالا يخصه وهو الأصل لكل من كتب في انواع علوم القرآن. وكتاب الجامعة. وكتاب الجفر. وصحيفة الفرائض. وكتاب في زكاة النعم. وكتاب في أبواب الفقه. وكتاب آخر في الفقه. وعهده للأشتر. ووصيته لابن الحنفية. وكتاب عجائب احكامه. وقد تكلمنا على هذه الكتب في الجزء الأول من اعيان الشيعة (ص ١٥٤ ـ ١٨٧) ثم عن أولاده ائمة الهدى ومصابيح الدجى واحد الثقلين واحدا بعد واحد وإنما كان انتشار ذلك في زمن الصادقين. وحاشا اهل العلم ان يقولوا في اخبار الشيعة ومتونها ما ذكره وان قاله قائل فهو من أهل الجهل بل هو اجهل من كل جاهل وما يحمل قائل ذلك عليه إلا العداوة والعصبية وقلة الخوف من الله تعالى. واخبار الشيعة متون واسانيد كأخبار غيرها بل هي اقرب الى الصحة لأنها لا تعمل ولا تعتقد إلا بما يرويه الثقات عن الثقات عن الأئمة الهداة عن جدهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيل عن الله تعالى كما قال الشاعر :

ووال اناسا قولهم وحديثهم

روى جدنا عن جبرئيل عن الباري

ولا تأخذ بما يرويه مائة الف أو يزيدون وتحكم بعدالتهم جميعا وفيهم امثال بسر بن ارطاة ومروان بن الحكم والمغيرة بن شعبة والوليد بن عقبة واضرابهم وفيهم الذين اقاموا لأم المؤمنين اربعين أو خمسين شاهدا يشهدون زورا ان هذا ليس ماء الحوأب فكانت أول شهادة زورا قيمت في الاسلام وتسبب عنها قتل عشرات الألوف من المسلمين.

واذا كان الوضع شائعا زمن العباسية والاموية فمن هم الذين كانوا يضعون الاحاديث غير علماء السوء من الامة المعصومة ـ عنده ـ كانوا يضعونها لمن يبذل لهم الاموال وتوليهم الولايات ضد اهل البيت وفي مدح اعدائهم والذين ابتدءوا بالوضع وحملوا الناس عليه بالترغيب والترهيب هم ملوك بني أمية في ملكهم العضوض فبذل

٣٥٦

اوّل ملك منهم الاموال العظيمة وولى الولايات الجليلة لمن يروي له حديثا في ذم علي واهل بيته ثم فيمن يروي في فضائل غيرهم ثم تبعه بنو ابيه على ذلك مدة ملكهم ثم بني العباسية على هذا الاساس لا سباب يسميها المؤلف سياسية وبأي اسم سماها فهي لا تخرج عن العداوة لاهل البيت الطاهر وقصد اخفاء فضلهم وغمط حقهم ويأبى الله ذلك اما اهل البيت وشيعتهم فلم يكونوا في حاجة الى وضع ولا في فقر الى اختلاق لغناهم بالفضائل والمناقب التي اعترف بها العدو قبل الصديق بل لم يكونوا قادرين على اظهارها للملإ وهي حق حتى كانوا لا يجسرون ان يصرحوا باسم علي اذا رووا عنه فيقولون حدثني ابو زينب او رجل من اصحاب رسول الله ومنعوا عن ان يسموا باسمه او يكنوا بكنيته. وقد قال بعض من تسموا باهل السنة في حق امير المؤمنين علي عليه‌السلام ما اقول في رجل اخفى اولياؤه فضائله خوفا واعداؤه حسدا وظهر من بين ذين ما ملأ الخافقين وكون اليهود والمجوس كانوا يضعون الاحاديث كلام خال عن التحصيل قاله مخادع ماهر وتبعه عليه كثيرون فنسبوا وضع الاحاديث والمكر بالدين واثارة الفتن الى اليهود المجوس سترا للامر والصواب ان الذين فعلوا ذلك هم الذين اسلموا كرها وتظاهروا بالدين نفاقا واحقادهم يوم بدر وغيره باقية في صدورهم وهم اعداء الاسلام فبذلوا الاموال وولوا الولايات لمن يضع لهم الاحاديث في ذم علي واهل بيته ومدح غيرهم مكرا بالدين واثارة للفتن وعداوة لصاحب الشرع واهل بيته ولم يظهر المراد من قوله الشيعة المتظاهرة ولعل المراد ما في قوله السابق يتظاهرون بالدين نفاقا والصواب ان اصل الاكاذيب في احاديث الفضائل والذم كان ممن قدمنا ذكره كما ذكره ابن ابي الحديد في شرح النهج وغيره اما الشيعة فأئمتها غنية بالفضائل لا تحتاج الى الاختلاق كما مر وقد كان ابراهيم بن محمد الثقفي من اهل الكوفة الف كتابا في المناقب والمثالب فاشار عليه اهل الكوفة ان لا يظهره خوفا عليه فسألهم اي البلاد ابعد عن الشيعة فقالوا اصفهان فحلف ان لا يروينه الا باصفهان ثقة منه بصحة اسانيده فانتقل الى اصفهان ورواه بها.

والشروط التي ذكرها لمتون الاحاديث ليس الشأن في ذكرها بل الشأن في تطبيقها ومعرفة ان اي حديث يناقض المعقول واي حديث لا يناقضه فحديث النظر الى الله تعالى يوم القيامة يقول المعتزلة انه محال مناقض للمعقول ويقول الاشاعرة انه

٣٥٧

غير متناقض والشأن في ان اي القولين اصح والاصول التي يدعي ان الحديث يناقضها تختلف فيها الانظار فالمهم تصحيح الصحيح منها والثابت من المنقول عند قوم قد لا يثبت عند آخرين وهكذا كل كلامه تطويل بلا فائدة.

وكل امة تدعي لائمتها ما ادعاه لائمته والله اعلم بالمصيب منها والمخطئ والاختلاف في اموال الرجال من الرواة ينفي الجزم بأنه لم يبق في الكتب زيف او دخيل واذا كانت ائمة الائمة نقدت الاحاديث كما وصف فلما ذا رد احاديث اعظم ائمة الحديث في المتعة كما مر. البخاري ومسلم وابن حنبل والنسائي وابن ماجة الدالة على مشروعيتها وقال انها لم تشرع وبالغ في ذلك وقال في بعضها هذا كلام لفقته السنة الرواة الى آخر ما مر وهنا يقول لم يبق في اخبار الامة زيف او دخيل فكان في ذلك كالنعامة قيل لها احملي قالت انا طير قيل لها طيري قالت انا جمل او كالبومة قيل لها ما بال رأسك كبير قالت انا شويخة قيل فما بال ذنبك صغيرا قالت انا قديخة قيل ما تصدقين من رأسك الى ذنبك.

وقوله عن اهل البيت ان كان لهم رواية عجيب. وهل الرواية الا لهم فقد روى راو واحد وهو ابان بن تغلب عن امام واحد وهو جعفر بن محمد الصادق ثلاثين الف حديث. وقال الحسن بن علي الوشاء ادركت في مسجد الكوفة سبعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد. واحصى الحافظ ابن عقدة الرواة عن جعفر بن محمد من الثقات خاصة فكانوا أربعة آلاف. وقد صنف اصحاب الائمة فيما رووه في فنون شتى ما يزيد على ستة آلاف وستمائة كتاب ، وقال البهائي في الوجيزة ان ما تضمنته كتبنا من هذه الاحاديث يزيد على ما في الصحاح الستة بكثير كما يظهر لمن تتبع احاديث الفريقين وهذا الرجل يقول ان كانت لهم رواية.

ما ضر شمس الضحى والشمس مشرقة

ان لا يراها الذي في عينه رمد

قوله كلها تنتهي الى علي الصواب ان روايات اهل البيت ائمة الشيعة ـ الذين تفتخر الشيعة بانهم ائمتها وتدعى بهم يوم يدعى كل اناس بامامهم ـ كلها تنتهي الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيل عن الله تعالى كما قال احد ائمة اهل البيت عليهم‌السلام ما مضمونه كلما حدثتكم به فسندي فيه ابي عن جدي عن ابيه عن جده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. وكون كل ما صح وثبت عن علي روته ائمة الامة قبل ائمة

٣٥٨

الشيعة بزمن يرده انه متى كان من يسميهم ائمة الائمة يروون حديث علي في عهد من عهود الاسلام أفي العهد الاول الذي سئل عنه الخليل بن احمد النحوي واشترط عليه السائل ان لا يبوح به في حياة السائل فقال الخليل هذا يدل على ان الجواب اعظم من السؤال فقال رأيت الصحابة كانهم بنو أم واب وعليا كأنه ابن عكة فاجابه الخليل بجواب معروف واشترط عليه كتمان الجواب مدة حياة الخليل ، أم في العهد الاموي والعباسي وكان لا يجسر احد ان يروي عنه حديثا كما مر واستمر ذلك الى اليوم فقام موسى التركستاني ينكر فضلهم ويفضل عليهم من لا يلحقهم في فضل. والذي للشيعة في الاسانيد انهم لا يقبلون الا ما رواه الثقات عن الثقات حتى ينتهي الى صاحب الشرع وفي المتون انهم لا يقبلون ما يناقض المعقول او يخالف الثابت من المنقول وقد ملأت كتبهم في احوال الرجال والبحث عن عدالتهم وضعفهم الخافقين. والذي لائمة من يسميهم الامة قد علم حاله مما مر. وهذه التهويلات بتلك الالفاظ الهائلة. لا قرآن لا اسلام لا شرف. لا سماوات لا ارضون لا بحار لا انهار لو ثبت كذا فكل ما في كتب الشيعة موضوع. لو ثبت كذا فهو استخفاف بالقرآن. لا تدل الا على جهل قائلها. لما ذا كل هذا التهويل لان ما ذكر يخالف ما يعتقده موسى جار الله ولعل فيما يعتقده حقا وباطلا وصوابا وخطأ ليس موسى جار الله معصوما وان ادعى العصمة لنفسه ولامته في مواضع لا تحصى من وشيعته. نحن لا نقول بصحة كل ما في كتب الاخبار للشيعة لا في الاحكام الشرعية ولا غيرها لا الكافي ولا غيره ولا ندعي العصمة التي يدعيها له ولامته بل في هذه الاخبار جميع اقسام الحديث مما يحتج به وما لا حجة فيه فعلينا ان نبحث عن صحة سند الحديث وضعفه وقد تكفلت بتوثيق الرجال وتضعيفهم كتب الرجال ولا يلزمنا الاعتقاد او العمل بكل ما صح سنده بل نطرح ما خالف الكتاب والسنة واجماع المسلمين او خالف العقل. واذا كان جميع ما في كتب الاخبار صحيحا فلما ذا وضعت كتب الرجال ولما ذا قسم الحديث الى اقسامه المعروفة فقوله لو ثبت كذا فالائمة واهل البيت جاهلة سيئة الادب جهل منه وسوء ادب وانكاره كل اخبار الشيعة احتراما للائمة ـ بزعمه ـ تعد منه وتجاوز للحد كدعواه وضع كل ما في كتب الشيعة. فاذا كان في هذه الاخبار ما يخالف رأيه لا يترتب عليه ما ذكره من اللوازم اذ يجوز على رأيه الخطأ

٣٥٩

والصواب ويجوز ان يكون في هذه الاخبار ضعيف السند فاصداره هذه الاحكام الجائرة على كل اخبار الشيعة تهور وخطأ.

واشار ص ٥٠ الى بعض ما في الكافي وقال انه اصح كتاب عند الشيعة ثم اتى بعبارات اساء فيها الادب كثيرا مع الامام الصادق عليه‌السلام امام اهل البيت لم نر من مقتضى الادب نقلها وهو لا يساوي تراب اقدام الصادق وقد بينا ان الشيعة لا تعمل ولا تعتقد بكل ما في الكافي ولا تراه كله صحيحا وتقسم اخباره الى الاقسام المعروفة التي فيها الصحيح والضعيف سواء أكان اصح كتاب عندها أم اضعفه.

أم العباس

قال ص ٣٣ كلام كتب الشيعة في أم العباس فيه شيء من سوء الادب لا ارتضيه وهذه قد عادت للشيعة وكتبها عادة ، وفي ص ٥٠ ما في الوافي في أم العباس لعله نزعة شيعية زادتها الشيعة على الشعوبية.

(ونقول) هذه مسألة تاريخية ذكرها كافة المؤرخين من الشيعة وغيرهم فتخصيص كتب الشيعة بذلك قلة انصاف منه وهذه وامثالها قد عادت له عادة.

والشعوبية لم تؤثر شيئا في تاريخ الاسلام ولم يحوجها اهل الاسلام الى زيادة شيء فيه. والشيعة اصدق حديثا من ان تزيد على الشعوبية او غيرها ولكن نزعات العداوة للشيعة تحمل على مثل هذا القول.

ايمان جد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابيه وأمه وعمه

قال ص ٥١ (مسائل حسنة فقهية في كتب الشيعة) يعجبني غاية الاعجاب عقيدة الشيعة في جد النبي عبد المطلب وعمه ابي طالب وأمه الثانية فاطمة أم علي عن الصادق : يحشر عبد المطلب امة وحده عليه سيماء الأنبياء وهيبة الملوك. نزل جبرئيل على النبي عن الله تعالى اني قد حرمت الناس على صلب انزلك وبطن حملك وحجر كفلك. ومثل هذه الاحاديث وان كانت رويت على طريق الدعاية وعلى قصد تأييد هوى من الاهواء فان قلبي يميل الى هذه العقيدة وان لم يكن عندي لها دليل بل يميل

٣٦٠