نقض الوشيعة

السيّد محسن الأمين العاملي

نقض الوشيعة

المؤلف:

السيّد محسن الأمين العاملي


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤١٦

حتى تجمع على ترك نصوص الكتاب ، فالشيعة اورع واتقى من ان تميل في مذهبها الى الهوى وافضل واعلم من ان تتبع اجتهاد فرد وتترك بذلك نصوص الكتاب فالكتاب الكريم لم يجئ مبينا لجميع شروط الواجبات وموانعها وجلها مستفاد من السنة والكتاب العزيز اوجب السعي الى صلاة الجمعة عند سماع النداء لها وجميع الفقهاء من جميع المذاهب اشترطوا العدد والخطبتين والحضر وليس لذلك ذكر في كتاب الله وابو حنيفة اشترط اذن السلطان والمصر ولا ذكر لهما في الكتاب فاين موضع النكارة لو كان من المنصفين او المتعقلين. واولى بالتعجب ان يكون هوى مذهبيا او اجتهاد فرد صحابي يرسخ متمكنا في قلوب امة فتسقط من اذان الصلاة واقامتها بعضهما وتدخل فيهما بعض عادات المجوس وتجمع على ترك نصوص الكتاب في بعض مسائل النكاح المعروفة وبعض مسائل الطلاق وغير ذلك. هذا هو محل التعجب لا ما زعمه. اما قوله صلت صلاة شيعية وخطب خطيبها خطبة شيعية فمما لا يكاد ينقضي منه العجب فصلاة الجمعة ليس فيها شيعية وغير شيعية بل هي عند الجميع ركعتان وخطبتها أيضا ليس فيها شيعية وغير شيعية بل فيها عند الجميع خطبتان بينهما جلوس مشتملتان على الشهادتين والتصلية والوعظ وسورة او آية من القرآن الكريم مع قول ابي حنيفة بكفاية التسبيح او التهليل او التحميد. واذا ساغ له ان يقول ذلك ساغ لغيره ان يقول انه رأى طائفة صلت جمعة صلاة غير شيعية «الخ» وما يدريك مع من هو الحق منهما حتى يعيبه الآخر.

تعظيم القبور وزيارتها

قال : وأرى المشاهد والقبور عندكم معبودة. ونقول اذا كانت زيارة مشاهد الأنبياء والأوصياء والاولياء والصلحاء وتعميرها وتعظيمها عبادة لها فهذا امر لا تختص به الشيعة بل يشاركها فيه عموم المسلمين من اهل نحلته عدا الوهابية وقد رأى بعينه تعظيم قبري الامام ابي حنيفة والقطب الشيخ عبد القادر الجيلاني في بغداد وغيرهما من المشاهد وقبور الاولياء والصلحاء ورأى بعينه في مصر التي طبع وشيعته فيها ولا يزال يقطنها حتى اليوم تعظيم قبر الامام الشافعي ومشاهد رأس الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة وسائر المشاهد والقبور المعظمة هناك فتخصيصه

٢١

الشيعة بالنقد سفه وعصبية باردة. والحق ان قبور الأنبياء والأوصياء والصلحاء عند الشيعة وعند غيرهم مزورة معظمة لا معبودة كما يتوهمه الوهابية وقد اقمنا البرهان على رجحان زيارتها وتعظيمها واستحباب ذلك وانه ليس فيه شيء من العبادة في كتابنا (كشف الارتياب) المطبوع بما لا مزيد عليه فليرجع إليه من اراده.

المقابر

قال : اما المقابر فهي في اكثر بلادكم طرق للناس ومعابر يدوسها الانعام والكلاب وكل عابر. (ونقول) المقابر في بلاد الشيعة مثلها في بلاد سواهم منها ما هو مسور بحائط ومنها ما هو خلو من ذلك ومنها ما يعبر الناس فيه كثيرا ولا بد ان تعبر فيه الانعام والكلاب وكل عابر فلينظر الى مقابر بلاد الشام وقراها وجميع بلاد الاسلام حتى مقبرة البقيع بالمدينة المنورة هل ينقطع المرور فيها بين القبور وهل يمكن ذلك وقد قيل اقبح العيب ان تعيب ما فيك مثله

القرآن

قال صفحة (ي) : لم ار فيكم لا بين الاولاد ولا بين الطلبة ولا بين العلماء من يحفظ القرآن ولا من يقيم تلاوته ، ولا من يجيد قراءته ، ارى القرآن عندكم مهجورا أليس عليكم ان تهتموا في اقامة القرآن الكريم في مكاتبكم ومدارسكم.

ثم قال ص ٢٧ على عادته في التكرير والتطويل الممل بلا طائل لم ار بين علماء الشيعة ولا بين اولاد الشيعة لا في العراق ولا في الايران (كذا) من يحفظ القرآن ولا من يقيمه بعض الاقامة بلسانه ولا من يعرف وجوه القرآن الأدائية ما السبب في ذلك هل هذا اثر من آثار عقيدة الشيعة في القرآن الكريم. اثر انتظار مصحف علي الذي غاب بيد قائم آل محمد.

(ونقول) ان الشيعة في العراق وبلاد ايران ـ التي تكرم عليها بال وجاء بها معه من تركستان ـ وجميع البلدان اشد محافظة على القرآن من كل انسان يحفظونه في صدورهم ويتلونه في عشيهم وبكورهم وفي انديتهم وعلى قبورهم ويختمونه في ايامهم واسابيعهم وشهورهم يقع ذلك من صغيرهم وكبيرهم واناثهم وذكورهم. وان اراد حفظ القرآن عن ظهر القلب فكم فيهم من يحفظه كذلك وان كان ليس عاما

٢٢

فيهم ولا في غيرهم ولكن يوجد في المصريين في كثيرهم واذا كان لم ير من يحفظه كذلك فهو لا يدل على عدم وجوده لأنه في سياحته لم يعاشر جميع طبقاتهم. والشيعة اذا حفظت القرآن تقرأه بخشوع وخضوع وبكاء ودموع شأنها في جميع العبادات والادعية والاذكار لا بغناء واطراب وتواجد واضطراب ومكاء وتصدية. واذا سمعته تسمعه بتدبر واعتبار لا بمجرد الاستماع الى حسن الصوت ونغمات القارئ وتغنيه وترديده وتلحينه والله تعالى قد ذم من لا يتدبر القرآن لا من لا يلحنه ويطربه. وليس كل من حفظ القرآن تدبره وعمل بما فيه ورب تال للقرآن والقرآن يذمه وهو له مخالف فهو يقول : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) وهو قد اغتاب اخوانه في العراق وايران بالباطل فنسبهم الى التهاون بحفظ القرآن وان السبب في ذلك اثر اعتقادهم في القرآن واساء الظن بهم في ذلك والله تعالى يقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) فما يفيده حفظ الفاظ القرآن وهو غير عامل بها.

ولا شيء اعجب من قوله ارى القرآن عندكم مهجورا مع انهم اكثر الناس تلاوة له واهتماما به ولا يمضي عليهم يوم دون ان يفتتحوه بقراءة القرآن ولا شهر رمضان دون ان يختموا فيه عدة ختمات. ولا يكاد ينقضي عجبي من قوله : أليس عليكم ان تهتموا في اقامة القرآن في مكاتبكم ومدارسكم فمتى رآنا هذا الرجل لا نهتم في اقامة القرآن في مكاتبنا ومدارسنا اننا وايم الله اشد اهتماما بذلك من كل من قال لا إله الا الله. ولكن ما الحيلة فيمن يخلق ما يقول ، اما قوله ما السبب في ذلك الى آخر كلامه الذي ابرزه مبرز السخرية فهو بهذا القول احق بان يسخر منه فاعتقاد الشيعة في القرآن الكريم هو اعتقاد جميع المسلمين كما سنبينه مفصلا عند تعرضه لتحريف القرآن.

واما قائم آل محمد

فقد اعترف به كل مسلم واذا كان هو وارث علم جده الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا يستغرب ان يكون عنده تأويل متشابه القرآن الكريم.

وقد تعرض لذكر القائم في موضعين آخرين من وشيعته بطريق السخرية أيضا

٢٣

وهو احق بان يسخر منه فقال في (ص) ١٩٤ وسبب التفاوت في الحظوظ في الميراث ان العائلة تنبني على نظام الأبوة والانثى في نظام الابوة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا ضمان في العاقلة وتأخذ المهر ولم يعرف البشر الا نظام الابوة او نظام الامومة وان تخيل متخيل دولة بنيت على خليط من هذين النظامين مثل دولة صاحب الزمان الامام المنتظر في الجزيرة الخضراء لشيعة بحار الانوار وغاية المرام فيكون القانون في مثل هذه الدولة للذكر مثل حظ الأنثى وقال (ص) ٢١٥ ما حاصله تروي امهات كتب الشيعة عن الصادق ان الله آخى بين الارواح في الاظلة قبل ان يخلق الابدان بألفي عام فاذا قام قائمنا اهل البيت يجعل ذلك الاخ هو الوارث ولم يورث الأخ من الولادة وبهذه الشريعة جعل النبي الصديق خليفة له بنسب الارواح لا بنسب الابدان وقال (ص) ٢٢٦ فيا ليت لو ان السادة الشيعة قبلت اليوم الحق الذي وقع بإرادة الله ورضى نبيه وانصفت الشيعة الامة واخذت بشريعة إمامها المعصوم صاحب الزمان وجعلت النبي صاحب القرآن في آخر حياته مثل صاحب الزمان في عظيم دولته وقالت ان الصديق كان وارثا للنبي وكان إماما بالحق ليت ذلك كان والا يجب ان يكون شرع صاحب الزمان ناسخا لشريعة جده وان يكون النبي اعجز في اقامة شرعه من صاحب الزمان الذي يختفي طول العصور وهو بنا معذور.

ونقول الامام المنتظر ليس منتظرا الشيعة بحار الانوار وغاية المرام فقط بل لجميع المسلمين ـ ان كان منهم ـ فقد اتفق علماؤهم وكتب احاديثهم ومنها بعض الصحاح لمن تسموا بأهل السنة على أنه لا بد من إمام يخرج في آخر الزمان يسمى محمدا من نسل علي وفاطمة يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وانما الخلاف في انه ولد او سيولد وائمة اهل البيت وشيعتهم قالوا بولادته وبوجوده في الامصار غائبا عن الابصار حتى يأذن الله له بالخروج حسبما تقتضيه حكمته ولهم على ذلك ادلة وبراهين مذكورة في كتب الكلام وغيرها ولا مانع من بقائه وطول عمره كما طال عمر نوح وعيسى والخضر والياس من الابرار والدجال وابليس من الاشرار فابرازه ذلك بمعرض السخرية وتعبيره عن غيبته باختبائه دليل على استحقاقه السخرية والاستهزاء وان جاء في خبر انه يسكن الجزيرة الخضراء وصح سنده فلا مانع من قبوله والا كان كباقي الاخبار الضعيفة المشتملة عليها كتب

٢٤

الفريقين ولسنا ندري ما يريد بكلامه هذا الذي زعم فيه ان دولة صاحب الزمان خليط بين النظامين لنبدي رأينا فيه ولعله رأى خبرا في البحار لا يقول احد بمضمونه (والبحر يوجد فيه الدر والخزف) فعاب به فإن دأبه ان يترك المسلمات ويتتبع المهجورات. واما قوله يا ليت لو ان السادة الشيعة «الخ» فيا ليت انه يأتي في كلامه بشيء من البرهان ولا يقتصر على الدعاوى المجردة ولو شئنا لقلنا له اقلب تصب. ويا ليته يعلم بان الشيعة لا تعتقد بمضمون حديث ان شرع صاحب الزمان ناسخ لشرع جده ولا تصححه. ولا ندري لما ذا يلزم ان يكون النبي اعجز في اقامة شرعه من صاحب الزمان وبعد هذا نقول ان الاشتغال بهذه الأمور التي ليست من لب الاسلام ولا جوهره صحت أم فسدت حقت أم بطلت ولم يكلف النبي (ص) من يريد الاسلام باعتقادها ولا بعدمه لا فائدة فيه الا تفريق الكلمة وايقاد نار الفتنة واما لب الاسلام وجوهره فانه متفق عليه بيننا كما فصلناه غير مرة. ولكن ما تصنع بهذا الرجل الذي جعل دأبه المماحكة والمنابذة والسعي وراء القشور ونبذ اللباب والذي يلوح لنا من تتبع كلماته انه لا يزن كلامه. ولا يتأمل فيما يقول

التطبير

قال في صفحة (ح) انه رأى بالنجف يوم عاشورا العابا رياضية يسمونها التطبير ، قال وصوابها لفظا ومعنى واشتقاقا واصلا هو التتبير كنت اقول كلما اراها ان هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعلمون (الى ان قال) وكل هذه التمثيلات والالعاب لكان فيها روعة لو لم يكن فيها اغراء عداوة وبغضاء ولعجل الامام القائم المنتظر الرجعة لو رأى فيها اثر صدق بين ملايين الشيعة.

(ونقول) ان هذا التطبير لا يعتقد به اهل المعرفة من الشيعة ولا يستحلونه وقد ألّفنا فيه رسالة مطبوعة اسمها التنزيه لأعمال الشيعة ذكرنا فيها فتوى فقهائنا بتحريمه وانه من فعل الجاهلين فكيف ساغ له ان يدرجه فيما انتقده من عقائد الشيعة. واما انه كان يقول حين يراها : ان هؤلاء بشر ما هم فيه. فهل كان يقول ذلك حين يرى السيارة والدوسة وضرب الشيش واكل النار وضرب الدفوف والصياح الذي يشبه اصوات بعض الحيوانات والميل يمينا وشمالا وخروج الزبد من

٢٥

الافواه والأصوات والانغام في مجالس الذكر وهل كان يقول ذلك حين يرى الالعاب الرياضية والدوران بالتنورة على رجل واحدة الذي يسميه الافرنج رقص الاسلام وغير ذلك مما لسنا بحاجة الى ذكره لاشتهاره. لا نراه تعرض لذكره ولا افادنا ما كان يقوله حين يراه في سياحاته في بلاد الاسلام فكيف تناساه وتغاض عنه ولم يتعرض لانتقاده.

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عار عليك اذا فعلت عظيم

وما ندري ما يريد باغراء العداوة والبغضاء الذي جمجم فيه وابهم ولعله يريد العداوة لمسببي قتل سبط الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واهل بيته وفاعليه ويروم الدفاع والمحاماة عنهم. والإمام المنتظر الذي صح بوجوده الخبر وتواتر الاثر سواء أرأي فيها اثر صدق أم لم ير فهي مما لا يستجيزه اهل المعرفة كما مر وليس لك ان تعيب ما فيك مثله واشنع منه.

العداوة بين المسلمين

قال ص ٢٢٧ : كنت اتعجب واتأسف اذ كنت ارى في كتب الشيعة ان اعدى اعداء الشيعة هم اهل السنة والجماعة ورأيت رأي العين ان روح العداوة قد استولت على قلوب جميع طبقات الشيعة.

(ونقول) سواء أكان ما ادعاه من عداوة الشيعة لمن يسميهم اهل السنة حقا أم باطلا فما باله اغضى الطرف عن عداوة أولئك للشيعة وانهم يرون الشيعة بأنهم اعدى اعدائهم فهل هو لم يجدها في كتبهم او وجدها وسكت عنها وهل هو لم ير رأي العين ان روح العداء قد استولت على قلوب جميع طبقات غير الشيعة الا من شذ او رآها وتعامى عنها ، انا لا نزال نتعجب ونتأسف لذلك. نعم ان روح العداء قد انتشرت بين المسلمين وهي من اعظم مصائب الاسلام وما كان انتشارها الا بما يبثه امثاله لا سيما بمؤلفاتهم التي يطبعونها وينشرونها كوشيعته هذه ينبشون فيها الدفائن ويثيرون الضغائن ويغرسون الاحقاد وينتقدون الشيعة بالباطل ويفترون عليهم قائلين انا نريد بذلك الاصلاح وتأليف القلوب وانهم لهم المفسدون.

٢٦

التلاعن والطاعن

قال صفحة (ي) ـ بين كتب الشيعة ـ

غنينا عصورا في عوالم جمة

فلم نلق الا لا عنا متطاعنا

فان فاتهم طعن الرماح فمحفل

ترى فيه مطعونا عليه وطاعنا

هنيئا لطفل ازمع السير عنهم

فودع من قبل التعارف ظاعنا

هذه حال الشيعة في نسبتها الى الأمة.

(ونقول) : لهذا المنصف العادل او المتعصب المتحامل او العالم المتجاهل او الجاهل المتعاقل هل كان التلاعن والتطاعن منحصرا في الشيعة وكتبها أو عم المسلمين في جميع اعصارها وادوارها وكتبها واسفارها وما ذا رأيت بين كتب غير الشيعة وهل كانت حال هذه الامة التي تلهج دائما بذكرها في نسبتها الى الشيعة الا أسوأ من هذه الحال التي تدعيها. ومهما نسيت او تناسيت فلا تنسى عصرا كان التلاعن والتطاعن فيه بين من تسمى بامرة المؤمنين وتشرف بشرف الصحبة ونالت ألسنته علي بن ابي طالب رابع الخلفاء الراشدين والحسن والحسين سبطي الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابن عباس حبر الأمة واستمر ذلك فيما يزيد عن ثمانين سنة. وهل نسي او تناسى ما كان يجري بين الحنابلة والشافعية في بغداد وبين الحنفية والشافعية في بلاد خراسان مما تكفلت به كتب التاريخ وهل نسي او تناسى رجم جنازة الطبري صاحب التاريخ والتفسير من الحنابلة فليست هذه حال الشيعة في نسبتها الى الأمة بل حالة الأمة بعضها مع بعض وعلى ذكر هذه الأبيات التي أوردها جرى على لساننا هذه الأبيات :

لنا سلف فيما ترون مقدس

نرى فيه مطعونا عليه وطاعنا

وكلهم نال الرضا عند ربه

ولو قد غدا كل لكل مباينا

اذا ما اقتدينا بالذي من به اقتدى

ينال الهدى فالكل اصبح آمنا

٢٧

زعمه التشيع بشكله الاخير لم يكن في العصر الأول

قال صفحة (ي) : والتشيع على شكله الذي نراه اليوم وكنا نراه من قبل لم يكن في العصر الأول وعهد الخلافة الراشدة «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض» قد الف الله بين قلوبهم وفي صفحة (ع) انا لا أريد ان اكذب القرآن الكريم والتوراة اذ يقول رحماء بينهم.

وفي ص ٣٤ : لم يقع بين الصديق والفاروق وبين علي خلاف في الخلافة ولم يقع بين هؤلاء الصحابة الكرام الاجلة ائمة الاسلام عداء ابدا اصلا نزع الله من صدورهم غلا كان فيها وكل آية نزلت في الثناء على الامة فهم اوّل داخل فيها وكل ما في كتب الشيعة وكتب الاخبار من العداء بين هؤلاء الأئمة فكلها موضوعة بلسان الدعاة العداة لو ثبت البعض منها لكان فيها عيب كبير للامام علي امير المؤمنين ولا هل بيته كافة. وفي ص ٥٠ لم يقع بين علي واكابر الصحابة تعاد اصلا.

(ونقول) : هل كان سعد بن عبادة سيد الخزرج من المؤمنين فلما ذا لم يبايع وقال منا امير ومنكم امير وقيل فيه اقتلوا سعدا قتل الله سعدا حتى خرج الى حوران وقتلته الجن بسهم المغيرة بن شعبة الصحابي في عهد الخلافة الراشدة. وهل كان ذلك مسببا عن الولاية وألفة القلوب وهل كان علي بن ابي طالب من غير المؤمنين فلم يبايع الا بعد وفاة فاطمة على بعض الروايات. وهل كان من الولاية والالفة بين القلوب ما كانت تقوله أمّ المؤمنين والمؤمنات للخليفة الثالث. وهل كان حرب الجمل وصفين منبعثا عن الولاية والالفة بين القلوب وهل كان ذلك كله في العصر الأول وعهد الخلافة الراشدة وهل يرى ان اصحاب الجمل لم يكونوا من اكابر الصحابة رجالا ونساء. وهل كان موت الزهراء وهي واجدة على الخليفة ـ كما رواه البخاري في صحيحه ـ ناشئا عن الولاية والالفة بين القلوب. وهل كان قتل الخليفة الثالث بين ظهراني المهاجرين والانصار مسببا عن الولاية والالفة بين القلوب والمحبة الزائدة وحرب الجمل وصفين هل كان سببه الولاية بين المؤمنين والمؤمنات والالفة بين قلوبهم والتراحم بينهم او حب الدنيا والامارة او خدعة الصبي عن اللبن بالاجتهاد المخطئ؟!

وسيأتي منه أنه وقع في تاريخ الاسلام أمران لا ندري أيهما أفجع وأشد وقعا وأذهب بالدين والشرف قتل عثمان بمرأى من المهاجرين والانصار أو قتل الحسين وهو يناقض

٢٨

كلامه هنا مناقضة صريحة كما سنفصله هناك ولكنه لا يبالي بتناقض كلامه او لا يفهمه.

واذا كان اهل العصر الأول كلهم كما ذكر قد الف الله بين قلوبهم فلما ذا احتيج الى الاعتذار عما صدر بينهم بانه اجتهاد للمخطئ فيه اجر وللمصيب اجران فهل يمكن لموسى جار الله ان يحل هذا اللغز ليكون صادقا في دعواه وقد كان الاولى به عدم التعرض لهذه الامور لئلا يضطرنا الى نبش دفائنها وهو لا يريد ان يكذب القرآن الكريم والتوراة بصراحة ووضوح بل يريد ان يكذبهما بالكناية من دون تصريح فيقول ان قوله تعالى في القرآن الكريم (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) (الآية) شامل لبعض اصحاب الملك العضوض من بني امية ممن سفكوا الدماء الحرام واستحلوا الاموال الحرام وانتهكوا حرمة الاسلام وفرقوا كلمة المسلمين وتلاعنوا وتشاتموا على رءوس المنابر لأنهم مجتهدون فكان ذلك كله نوعا من التعاطف والتراحم بينهم وحياطة للإسلام وليس خاصا فيكون مكذبا للقرآن ولكن بلباقة وكناية لا بصراحة ونود ان لا يكون وقع بينهم خلاف في الخلافة ولا عداء كما قال. وكان الاولى به ـ لو عقل ـ طي هذه الامور فليس في نشرها في هذه الاعصار الا الضرر للمسلمين لكننا نسأله لما ذا لم يدخل علي في الحروب التي وقعت في الفتوحات الاسلامية بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا في ولاية او أمارة فهل جبن بعد ما كان شجاعا وانما قام الاسلام بسيفه او خفي عليه فضل الجهاد او لم يكن اهلا للولاية والامارة وقيادة الجيوش او في الامر سر آخر لا نعرفه. ولما ذا دفن البضعة الزهراء ليلا واخفى قبرها حتى انه لا يعرف موضعه على التعيين حتى اليوم وهناك امور أخر لا يتسع المجال لذكرها نضرب عنها صفحا ونطوي دونها كشحا ومحافظة على تأليف القلوب والله ولي عباده والعالم بسرهم وجهرهم ، ولو كان في خوف نبي او امام عيب عليه لكان ذلك في قرار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مكة ليلة الغار خوفا على نفسه من قريش وفرار موسى عليه‌السلام من فرعون وقومه لما خافهم وخروجه من مصر خائفا يترقب وقول لوط عليه‌السلام لو ان لي بكم قوة او آوى الى ركن شديد ، وقول هارون ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني عيبا عليهم وحاشاهم.

٢٩

محبة اهل البيت

قال صفحة (ي) : وكان كل يحب اهل البيت ويحترم بيت النبوة وقال صفحة (ك) ومحبة الامة لاهل البيت كانت صادقة لا يلعب بها غرض سياسي ، وقال ص ٣٤ والامة هم اولى الناس بأهل البيت وكل الأئمة. والولاية الصادقة بمعناها الصحيح الذي يرتضيه اهل البيت لا توجد اليوم وقبل اليوم الا عند اهل السنة والجماعة وهم عامة الامة ، وقال ص ٦٢ الامة اصدق ولاية لأهل البيت. الامة اهدى وارشد متابعة لاهل البيت في كل ما يصح عنهم وثبت عن امام الأئمة علي امير المؤمنين وقال ص ١٠٦ ولايتنا نحن اهل السنة والجماعة لاهل البيت حبا واحتراما واتباعا اصدق وأشد واقوى واقوم من ولاية الشيعة الامامية لاهل البيت.

(ونقول) : المحبة والولاية أمر قلبي لا يطلع عليه الا الله تعالى ولكن له دلائل وعلامات. وكذلك الاحترام تدل عليه الأقوال والافعال. ومن دلائل محبة الامة لأهل البيت محبة صادقة لا يلعب بها غرض سياسي انحرافها عن سيد أهل البيت وامامهم ومحاربته يوم الجمل وصفين ولعنه ولعن ولديه وابن عمه وخيار اصحابه على المنابر الاعوام المتطاولة قصدا لأن يربو عليها الصغير ويهرم عليها الكبير ولا يذكر له ذاكر فضلا والامة بين فاعل وساكت. ومن انكر كان جزاؤه القتل صبرا بمرج عذرا او الدفن حيا فهل يريد موسى جار الله دليلا على صدق محبة الامة اقوى من هذا وحجة اوضح. ومن دلائل ذلك موالاة من اشاد بلعن اهل البيت على المنابر واوقع القتل والنهب والحرمان بمن لا يبرأ منهم والشاعر يقول :

صديق صديقي داخل في صداقتي

صديق عدوي ليس لي بصديق

وتعريضه بالشيعة بان لهم في حبهم غرضا سياسيا جهل منه وقلة انصاف فالشيعة لم تحبهم لغرض سياسي واي غرض سياسي تجنيه من ذلك والدنيا والملك في يد غيرهم فان كان لأحد غرض سياسي في حب آخر فليكن حبه لغيرهم وما احبتهم الشيعة الا اتباعا لما امر الله تعالى به ورسوله بقوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) وقوله عليه‌السلام مثل اهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ومثل باب حطة واشباهه مما لا يحويه نطاق الحصر. نعم ما كان سبب صرف الناس عنهم

٣٠

والعداوة لهم الا الاغراض السياسية ومحبة غير الشيعة لهم التي جعلتهم فيها كسائر الناس او اقل لم يلعب بها غرض من الاغراض الا الغرض السياسي وتبع فيها اللاحق السابق ولكن لا عجب من هذا الرجل فهو يختار في اكثر دعاويه مصادمة الضرورة والبديهة. وكأنه يريد الاستدلال على الحق بكثرة الاتباع بتعبيره بعامة الامة وغير خفي ان الكثرة لا تصلح دليلا على ذلك ولا القلة على ضده لما هو غني عن البيان وما زال اتباع الحق الاقلين في كل زمان. (وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ).

وقد مدح الله تعالى القلة في القرآن في نحو من عشرين موضعا وذم الكثرة في القرآن في نحو من مائة موضع. ومن صدق محبة الأمة لسيد أهل البيت ايصاؤه اولاده ان يدفنوه سرا خوفا عليه بعد موته ودفنه. ومن صدق محبة الأمة لأهل البيت ايصاء الزهراء عليها‌السلام بأن تدفن ليلا سرا ولا يعرف قبرها. ومن صدق محبة الأمة لأهل البيت حربها للحسن ريحانة الرسول من أهل البيت وممالئتها لعدوه حتى اضطرته الى صلح مشين خوفا على نفسه واتباعه حتى قضى مسموما مظلوما قد غصب حقه ونقض عهده ، ومن صدق محبة الأمة لأهل البيت قتلها الحسين سبط الرسول وريحانته من أهل البيت بتلك الصورة الفظيعة وما اعقبها من فظائع وفجائع فكانت الأمة بين قاتل وخاذل إلا نفرا قلائل ولله در القائل :

قضى اخوه خضيب الرأس وابنته

غضبى وسبطاه مسموما ومنحورا

ومن صدق محبة الامة لاهل البيت ما فعلته مع ابناء الحسن السبط من حملهم من المدينة الى العراق مغللين مكبلين وحبسهم بالهاشمية في محبس لا يعرفون فيه الليل من النهار واذا مات منهم واحد بقي معهم في محبسهم لا يغسل ولا يكفن ولا يدفن يشجيهم منظره ويؤذيهم ريحه حتى هدم عليهم الحبس فماتوا تحت انقاضه والامة بين فاعل وخاذل. ومن دلائل محبة الامة لاهل البيت اعراضها عن مذهبهم وهجره ومعاداة من ينتسب إليه وتبرؤها ممن يعمل بمذهبهم ويقلدهم دينه وهجر طريقتهم اصلا ورأسا واتباع من لا يصل الى درجتهم علما وعملا فلا يساوونهم بالثوري ولا بمحمد بن الحسن الشيباني ولا بابي يوسف فضلا عن الائمة الاربعة مع

٣١

ان مذهبهم اقرب الى الصحة واولى بالاتباع من غيره لانهم اخذوه عن آبائهم عن اجدادهم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيل عن الله تعالى كما قال الشيخ البهائي :

ووال اناسا قولهم وحديثهم

روى جدنا عن جبرئيل عن الباري

أفلا يكفي هذا كله دليلا على ما يزعمه موسى جار الله من ان الامة اصدق واهدى واشد اتباعا لاهل البيت وامام الائمة علي عليه‌السلام ، ومن صدق محبة الامة لاهل البيت معاداتهم لشيعتهم واتباعهم ومن ينتمي إليهم ونبزهم بالالقاب واختلاق المعايب لهم وستر الفضائل فعادوهم وآذوهم واقصوهم وحرموهم وقد قال الامام جعفر الصادق عليه‌السلام كما عزاه إليه صاحب العتب الجميل.

ان اليهود بحبها لنبيها

امنت معرة دهرها الخوان

وذوو الصليب بحب عيسى أصبحوا

يمشون زهوا في قرى نجران

والمؤمنون بحب آل محمد

يرمون في الآفاق بالنيران

وقال الطغرائي.

حب اليهود لآل موسى ظاهر

وولاؤهم لبني اخيه بادي

وأمامهم من نسل هارون الأولى

بهم اهتدوا ولكل قوم هادي

وأرى النصارى يكرمون محبة

لنبيهم نجرا من الأعواد

واذا توالى آل احمد مسلم

قتلوه او وسموه بالالحاد

هذا هو الداء العياء بمثله

ضلت حلوم حواضر وبوادي

لم يحفظوا حق النبي محمد

في آله والله بالمرصاد

ومن صدق محبة الامة لامام اهل البيت علي امير المؤمنين عليه‌السلام انها عمدت الى كل فضيلة له ثبتت بالنقل الصحيح فانكرتها تارة ووهنتها اخرى وتناولتها بشتى التأويلات الفاسدة ورامت معارضتها بما لم يصح ولم يثبت. أفلا يكفي كل هذا دليلا على ما يزعمه موسى جار الله من ان الامة اصدق واهدى وارشد اتباعا لاهل البيت وامام الأئمة علي امير المؤمنين. وقد اقتفى موسى جار الله اثرهم وزاد عليهم فيما يأتي من كلماته ليبرهن على صدق دعواه هذه.

٣٢

قال ص ٣٤ : وليس الشأن كل الشأن في ولايتنا وحبنا لاهل البيت اذ لا يوجد مؤمن يعادي اهل البيت وانما الشأن كل الشأن فيمن يحبهم اهل البيت. ولا ارى ولا اتوهم ان عليا واولاده الائمة يحبون من يعادي الصحابة او يعادي العصر الأول.

(ونقول) : نعم لا يوجد مؤمن يقول انا اعادي اهل البيت والشأن فيمن يحبهم اهل البيت لا من يقول انا احب اهل البيت ، ولكن يا ترى ان من قال انا احب اهل البيت وهو يوالي اعداءهم ويعادي اولياءهم هل يكون صادقا في دعواه وهل ان اهل البيت يحبون من اشاد بلعن سيدهم على المنابر من اهل العصر الاول ومن يواليه ويحامي عنه من اهل الاعصار الأخيرة ، ومن قال ان الحسين خارجي حلال الدم وان يزيد خليفة حق وغير ذلك.

ترد عدوي ثم تزعم انني

صديقك ان الرأي منك لعازب

وللكاتب العالم المشهور عبد الله بن مسلم بن قتيبة كلام في كتاب الاختلاف في اللفظ طبع مصر يوضح ما قلناه ويثبته قال في ص ٤٧ بعد ما ذم حالة العلماء في عصره ما لفظه مع بعض الاختصار : وقد رأيت هؤلاء قابلوا الغلو في حب علي بالغلو في تأخيره وبخسه حقه ولحنوا في القول وان لم يصرحوا الى ظلمه واعتدوا عليه بسفك الدماء بغير حق ونسبوه الى الممالاة على قتل عثمان واخرجوه بجهلهم من أئمة الهدى الى جملة أئمة الفتن ولم يوجبوا له اسم الخلافة لاختلاف الناس عليه واوجبوها ليزيد بن معاوية لإجماع الناس عليه واتهموا من ذكره بخير وتحامى كثير من المحدثين ان يحدثوا بفضائله او يظهروا ما يجب له وكل تلك الاحاديث لها مخارج صحاح وجعلوا ابنه الحسين خارجيا شاقا لعصا المسلمين حلال الدم واهملوا من ذكره او روى حديثا من فضائله حتى تحامى كثير من المحدثين ان يتحدثوا بها وعنوا بجمع فضائل عمرو بن العاص ومعاوية كأنهم لا يريدونهما بذلك وانما يريدونه. فان قال قائل اخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي وابو سبطيه الحسن والحسين واصحاب الكساء علي وفاطمة والحسن والحسين تمعرت (١) الوجوه وتنكرت العيون وطرت حسائك الصدور وان ذكر ذاكر قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه وانت مني بمنزلة هارون

__________________

(١) في لسان العرب في الحديث فتمعر وجهه أي تغير واصله قلة النضارة وعدم اشراق اللون من قولهم مكان امعر وهو الجدب الذي لا خصب فيه ا ه. ـ المؤلف ـ.

٣٣

من موسى واشباه هذا التمسوا لتلك الاحاديث الصحاح المخارج لينقصوه ويبخسوه حقه وهذا هو الجهل بعينه ا ه

فما رأي صاحب الوشيعة في هذا الكلام وابن قتيبة مرمي بالانحراف عن أهل البيت ، قال الكوثري المعاصر في حاشية كتابه المذكور ـ أي الاختلاف في اللفظ ـ أنه ـ أي ابن قتيبة ـ في مؤلفاته السابقة يشف من ثنايا نقوله ما شجر بين الصحابة الانحراف والنصب حتى أن الحافظ ابن حجر قال في حق حمل السلفي كلام الحاكم فيه على المذهب : أن مراد السلفي بالمذهب النصب فإن في ابن قتيبة انحرافا عن أهل البيت والحاكم على ضد من ذلك ا ه.

قال صفحة (ك) وميل الشيعة زمن الأموية إلى أهل البيت لم يكن عاطفة دينية وإنما هو رغبة وأمل فيما كانوا ينتظرونه على أيدي أهل البيت من الحكم بالعدل ومن الاستقامة في السيرة فكان تشيع الشيعة عداوة لبني أمية وبني العباس. (نقول) هذه الدعاوى كغيرها من دعاواه مجردة عن الدليل لا يعضدها برهان ويخالفها الدليل والوجدان. بل ميل الشيعة زمن الأموية وفي كل زمان إلى أهل البيت كان عن عقيدة دينية راسخة لما بلغهم من قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي. أني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي. مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هوى. مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة من دخله كان آمنا وأمثالها. ولما رأوه فيهم من الفضل والعفة والنبل والعلم والعمل والزهادة والعبادة. ولما رأوه في سواهم من أضداد هذه الصفات.

(وقوله) : من الحكم بالعدل والاستقامة في السيرة اعتراف منه بأن ذلك لم يكن في بني أمية وهذا مما أوجبه الدين والشرع فالميل إلى من يرجى فيه ذلك يكون عاطفة دينية والميل عمن فيه ضد ذلك ليس إلا للعاطفة الدينية فهو يناقض قوله لم يكن عاطفة دينية (وقوله) فكان تشيع الشيعة عداوة لبني أمية وبني العباس يناقض قوله رغبة وأملا فيما كانوا ينتظرونه على أيديهم من الحكم بالعدل والاستقامة في السيرة فوقع في كلامه ثلاث جمل متتالية متناقضة. لم يكن عاطفة دينية يناقض رغبة في العدل والاستقامة والثاني يناقض عداوة للأموية والعباسية مع أنه لم يكن بين

٣٤

الشيعة وبين الأمويين شيء خاص يوجب العداوة إلا العداوة الدينية لظلمهم أهل البيت فما هي إلا العاطفة الدينية على أنه كان في الأمويين جماعة متشيعين مثل خالد ابن سعيد بن العاص وكان عمر بن عبد العزيز يقول بتفضيل علي (ع) وخبره في الذي حلف بطلاق زوجته إن لم يكن علي أفضل الناس بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معروف ذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج من رواية ابن الكلبي ويحكى التشيع عن معاوية الأصغر ، ومثل مروان بن محمد السروجي. قال المرزباني في تلخيص اخبار شعراء الشيعة : كان من بني أمية من مصر وكان حسن التشيع. ومثل صاحب الأغاني من نسل مروان بن الحكم. وكان في العباسيين جماعة كذلك أولهم عبد الله بن العباس الذي بلغ الغاية في نصر أمير المؤمنين عليه‌السلام ونشر فضائله ومنهم المأمون والامام الناصر وغيرهما ، وكل هذا يدل على قصور نظره.

زعمه حدوث التشيع زمن علي عليه‌السلام

قال صفحة (ي) : ولم يحدث التشيع والتخرج إلا زمن علي بدهاء معاوية وفساد الأموية حدث من عداوة جاهلية بين أفراد أو بين بيوت ولم يكن من الدين ولا من الاسلام في شيء. ولو كان لعلي سيرة النبي وسياسة الشيخين لما كان للتشيع من إمكان.

(ونقول) : دعواه أنه لم يحدث التشيع إلا زمن علي ـ أي زمن خلافته ـ دعوى باطلة. فقد قال الشيخ أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي في كتاب الفرق والمقالات المطبوع في استانبول : الشيعة هم فرقة علي بن أبي طالب المسمون بشيعة علي في زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما بعده معروفون بانقطاعهم إليه والقول بإمامته وقال أبو حاتم السجستاني في الجزء الثالث من كتاب الزينة أن لفظ الشيعة كان على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقب أربعة من الصحابة سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار وذلك صريح في أن مبدأ التشيع من زمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال السيوطي في الدر المنثور في تفسير كلام الله بالمأثور في تفسير قوله تعالى (أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) اخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله كنا عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاقبل علي فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والذي نفسي بيده أن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة «الحديث» قال :

٣٥

واخرج ابن عدي عن علي قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألم تسمع قول الله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جاءت الأمم لحساب تدعون غرا محجلين إلى غير ذلك. وهذا وإن لم يصرح فيه بوجود التشيع لعلي يومئذ إلا أنه يدل على أن باذر بذر التشيع هو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وان اسم التشيع لعلي لم يحدث في خلافته بل قبلها وأن التشيع له لم يحدث بدهاء معاوية وبغيه بل بأمر النبي (ص) وبشارته. والسامعون لهذا الكلام ومنهم جابر لا بد من أن يكون فيهم من تشيع لعلي بعد سماعه هذا الكلام المؤثر المرغب ان لم يكن متشيعا له قبل ذلك ، وما سماه دهاء معاوية قد أخطأ في تسميته وهو أولى أن يسمى بغير هذا الاسم وينعت بسوى هذا النعت مما يعرفه العارفون ويتحققه المنصفون. أما فساد الأموية فسواء أحدث من عداوة جاهلية بين أفراد أو بيوت كما زعم أم من عداوة دينية بين الاسلام والوثنية وعبادة الله وعبادة الاصنام ومن ثارات بدرية وضغائن احدثها يوم الفتح وانتصار الاسلام على الكفر فالذنب فيه ليس على الامويين وحدهم بل على الامة المعصومة بزعمه التي اعانتهم ونصرتهم ومهدت لهم ، وما كلامه هذا الذي اراد ان يعتذر به للأمويين من طرف خفي الا خارج من هذا المنبع وهل كان حرب الجمل من عداوة بين العلوية والاموية وهل كان فعل ابن الزبير مع ان اباه ابن عمة الرسول وعلي بن ابي طالب ـ حين قطع ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الخطبة كما يأتي ـ مسببا عن العداوة بين الاموية والعلوية.

ومن ذلك تعلم ان قوله : لم يكن من الدين ولا من الاسلام في شيء. ليس من الحق ولا من الصواب في شيء ، فما جاهدت العلوية الاموية وعادتها الا دفاعا عن الدين الذي ارادت الاموية ان تثأر منه وما حاربت الاموية العلوية وعادتها الا انتقاما من الدين والاسلام ، ولذلك قال عمار بن ياسر يوم صفين ان هذه الراية قاتلتها ثلاث عركات ما هذه بارشدهن او ما هذا معناه. وقوله لو كان لعلي سيرة النبي جهل منه بمقام علي او تجاهل فسيرة علي عليه‌السلام لا تعدو سيرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قيد شعرة فبسيرته اقتدى. وعلى مثاله احتذى وفي منهاجه نهج. وكيف لا يكون كذلك وهو الذي ربي في حجر النبي (ص) وتأدب بآدابه واقتدى بهداه وكان منه بمنزلة هارون من موسى وكان نفسه في آية المباهلة ، وقال فيه النبي (ص) علي مني وانا من

٣٦

علي ـ رواه البخاري ـ علي مني بمنزلة الصنو من الصنو. علي مني بمنزلة الذراع من العضد وآخاه دون كل الصحابة. وقال له تقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله. وقال علي عليه‌السلام ـ كما في نهج البلاغة ـ وانا من رسول الله (ص) كالصنو من الصنو او كالضوء من الضوء والذراع من العضد. قال ابن ابي الحديد في الشرح : وهذه الرتبة قد اعطاه اياها رسول الله (ص) في مقامات كثيرة نحو قوله في قصة براءة قد امرت ان لا يؤدي عني الا انا او رجل مني وقوله لتنتهن يا بني وليعة او لأبعثن إليكم رجلا مني او قال عديل نفسي ، وقد سماه الكتاب العزيز نفسه فقال : (وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) وقال له لحمك ولحمي مختلط ودمك منوط بدمي وبشرك وبشري واحد الى غير ذلك مما لا يسعه المقام ، أفلا يكفي هذا ان يكون لعلي سيرة النبي عند موسى تركستان. ولما قال له عبد الرحمن بن عوف ابايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين أبى إلا المبايعة على كتاب الله وسنة رسوله وهذه هي السيرة النبوية في تقديم الكتاب والسنة على كل شيء أفيحسن التركستاني بعد هذا ان يقول لو كان لعلي سيرة النبي. وأولى بالصواب ان يقال : لو كان للشيخين سيرة وسياسة علي لما كان للتشيع من امكان. وكيف يتصور ذو عقل أو ذو دين أن يكون لعلي غير سيرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وقال ص ٣٤. كل يعلم وكلنا نعلم ان البيوت الاموية والعباسية والعلوية كانت بينها ثارات وثارات وعداوات عادية قديمة وحديثة ولم تكن الا خصائص بدوية سامية عربية قد كانت وضرت الاسلام ووقعت بها فقط لا بغيرها في تاريخ الاسلام امور منكرة لم تقع في غيره ثم زالت بزوال اهلها وليس فيها اثم ولا أثر لاهل الاسلام ولا لاهل السنة ليس الاثم الا لاهلها وهم البيت الاموي والبيت العباسي والبيت العلوي والله يفصل بينهم يوم القيامة.

وقال صفحة (ج س) : وعلى علي لبني امية ثارات باقلها تستحل طبيعة العرب المحارم وتستبيح الدماء قلت ذلك ليعلم ان ما وقع في اوائل افضل العصور الاسلامية لم يقع الا من بيوتات اموية هاشمية علوية لعداوة قديمة ليس للاسلام فيه من اثر ولا لأهل السنة والجماعة فيه من دخل قد كانت عفاريت الاعداء توري به نيران البغضاء في قلوب الامم الاسلامية.

وفي ص ٤٩ ـ ٥٠ تراجم الابواب ـ في الكتب ـ مثل باب ما نزل من الآيات في

٣٧

اعداء الائمة هذه التراجم في نفسها ساقطة سخيفة لم يكن للامة عداوة للأئمة وان كان وقع بين اموي وعباسي وعلوي عداوة عادية بدوية فلم ينزل فيها شيء والامة منها بريئة تمام البراءة ، نعم قد استفاد اعداء الاسلام من تعادي هذه البيوت استفادة شيطانية ولا ذنب فيها على الامة ومر في صفحة (ي) قوله ان التشيع حدث من عداوة جاهلية بين افراد او بين بيوت ولم يكن من الدين ولا من الاسلام في شيء.

ونقول (أولا) زعمه ان هذه التارات والعداوات بين الامويين والعلويين وبين العباسيين والعلويين كانت امورا عادية بدوية تستحل العرب المحارم وتستبيح الدماء بأقلها ليس فيها اثم ولا اثر لاهل الاسلام ولا لمن تسموا باهل السنة ليس الاثم فيها الا لاهل البيوت الثلاثة والامة منها بريئة هو تمويه وتضليل فالثارات والعداوات بين الامويين والعلويين لم تكن الا بين الكفر والاسلام وعبادة الله وعبادة الاصنام مهما غير اسمها او بدل وصفها فذلك لا يجعل لاهلها ولمن مكنهم منها عذرا ، وطبيعة العرب في استحلال المحارم واستباحة الدماء قد محاها الاسلام ولو صدق اسلام بني امية لما كانوا يثأرون لها. فالصواب انها لم تكن الا بدرية لا بدوية وشهد شاهد من اهلها بقوله (ليت اشياخي ببدر شهدوا) وفي غير ذلك شواهد ممن سبقوا يزيد وممن تأخروا عنه وان اراد سترها وتمويهها بانها عادية بدوية كالتي حدثت بسبب داحس والغبراء فهي سهلة ليس لها كثير اهمية لم ينزل فيها شيء ولو نزل فيها شيء لعلمه موسى جار الله والامة منها بريئة تمام البراءة ـ براءة اخوة يوسف من القائه في الجب ـ واذا كان الامر كذلك فمن هم الذين مكنوا ومهدوا لهم حتى ارتكبوا هذه المنكرات وهل كانت آثام تلك المنكرات الا في رقابهم والذين نازعوا عليا وحاربوه بجيوشهم يوم الجمل وصفين والنهروان وشقوا عصى المسلمين وقتلوا مئات الالوف منهم وجعلوا بأس المسلمين بينهم والذين سب علي وبنوه على المنابر عشرات السنين وهم ساكتون لا يغيرون بيد ولا لسان او معاونون والذين اضطروا اولاده ان يدفنوه سرا ويخفوا قبره والذين حاربوا الحسن مع بني امية والذين خذلوه وكاتبوا عدوه والذين طعنوه في فخذه وانتهبوا رحله والذين مهدوا لسمه ولخلافة يزيد حتى جيش الجيوش على الحسين والذي ترك الصلاة على النبي (ص) في خطبته مدة طويلة ـ فيما رواه المؤرخون ـ وقال ان له اهيل سوء اذا ذكرته اقلعوا اعناقهم فاحب ان اكبتهم

٣٨

وقال بيت سوء لا اوّل لهم ولا آخر والذين كانوا يسمعون ولا يغيرون بيد ولا لسان والذين مهدوا لبني امية حتى ولوا زيادا والحجاج على المسلمين وفعلا الافاعيل والذين اعانوا بني العباس حتى ظلموا الطالبيين وبنوا عليهم الحيطان وقتلوا الامام موسى بن جعفر بالسم بعد حبسه سنين وحرثوا قبر الحسين ومنعوا من زيارته وسخروا من امير المؤمنين علي في مجالس اللهو كل هؤلاء لم يكونوا من الامة المعصومة ولا اثم ولا اثر لها في ذلك ولا لقومه الذين يدافعون وينافحون عن مرتكبي تلك الجرائم جهدهم كل هذه امور عادية بدوية حدثت بين الامويين والعباسيين والعلويين فقط كالتي حدثت بين بني عبس وبني ذبيان لا دخل فيها لاحد سواهم ، اصحاب الجمل وصفين كلهم من بني امية والذين مع علي كلهم من العلويين وباقي الامة كانت على الحياد تعبد الله وتسبحه وتقدسه معتزلة للفريقين اعتزال الاحنف في بني تميم. قال ذلك موسى جار الله محافظة على افضل العصور لئلا يقال انه وقع فيها مثل هذه القبائح فكان كغاسل الدم بالبول ، والمنصور والرشيد والمتوكل وغيرهم من بني العباس كانوا خصماء العلويين وحدهم لم يساعدهم احد من الامة ولم يكن في ووزرائهم ولا جيوشهم احد من غير بني العباس والعداوة بينهم وبين العلويين عادية بدوية قضايا مسلمة وامور ضرورية لا يشك في فسادها الا ابله او متعصب غطى الهوى على بصيرته. وعداوة بني العباس للعلويين لم تكن عادية ولا خصائص بدوية عربية بل حسدا للعلويين وخوفا منهم على ملكهم ولم يكن لها اثر قبل تولي بني العباس الملك ولم يكن فيها ذنب للعلويين الا فضلهم وميل الناس إليهم ومن الذي كان يعين العباسيين على العلويين غير الامة المعصومة.

(ثانيا) زعمه انه وقعت بها فقط لا بغيرها امور منكرة في تاريخ الاسلام مؤكدا بقوله (فقط لا بغيرها) جهل منه او تجاهل ففتنة قتل عثمان وحرب الجمل بل وحرب صفين كانت من الامور المنكرة التي جرت الويلات على الاسلام والمسلمين كانت بغيرها لا بها وكم وقعت في تاريخ الإسلام أمور منكرة لا تحصى كانت بغيرها لا بها وشهرتها تغني عن ذكرها.

(ثالثا) إذا كانت زالت بزوال اهلها فآثارها باقية الى اليوم وبعد اليوم وجدالك هذا معنا وتهوينك امرها اثر من آثارها.

٣٩

(رابعا) عفاريت الاعداء واعداء الاسلام الذين حاربوه يوم بدر وأحد والاحزاب وغيرها ثم دخلوا فيه كرها ليحقنوا دماءهم هم الذين كانوا يضرمون نيران البغضاء في قلوب الامم الاسلامية لنيل مآربهم الدنيوية فاستفادوا فوائد شيطانية دنيوية ساعدتهم عليها الامة المعصومة بعفاريتها وشياطينها فكان الذنب كل الذنب عليها لا على عبد الله بن سبأ وامثاله كما يفهم من كلامه في موضع آخر ولا ما قلد فيه غيره ولاكته بعض الألسن من ان التشيع لاهل البيت حدث من الفرس كيدا للاسلام ومن بعض اليهود فانه بعيد عن الحقيقة بعد السماء عن الارض وهو من الامور الشيطانية لا يراد به الا ستر القبائح واخفاء الفضائح وهيهات.

(خامسا) اشراكه البيت العلوي مع البيتين الآخرين في غير محله فاين آل امية وآل عباس من آل علي قال الشريف الرضي :

لنا الدولة الغراء ما زال عندها

من الظلم واق أو من الجور منصف

بعيدة صوت في العلى غير رافع

بها صوته المظلوم والمتحيف

وقال ابو فراس الحمداني :

وما توازن يوما بينكم شرف

ولا تساوت بكم في موطن قدم

وقال بعض شعراء العصر :

حاشا بني فاطم ما القوم مثلهم

شجاعة لا ولا جودا ولا نسكا

(سادسا) قوله هذه التراجم في نفسها ساقطة سخيفة لم يكن للامة عداوة للأئمة. هو في نفسه كلام ساقط سخيف يكذبه أن إمام الأئمة مضى أكثر عمره ولم يدخل في شيء من امور الأمة جهاد ولا غيره وجرى عليه وعلى ولديه الحسنين ما مر في الأمر الأول وتتبع الظالمون شيعته وذريته فاوسعوهم قتلا وحبسا وتشريدا وغيرها من أنواع الظلم الفاحش وباقي الأئمة كانوا في الدولتين تحت ستار من الخوف وفي مضايق الاضطهاد والظلم والحبس والنفي والقتل بالسم وأنواع الأذى كما هو معروف مشهور. كل هذا ولم يكن للأمة عداوة لهم وتركت الأمة مذهبهم ولم تره كأحد

٤٠