نقض الوشيعة

السيّد محسن الأمين العاملي

نقض الوشيعة

المؤلف:

السيّد محسن الأمين العاملي


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤١٦

واما الصداق فثابت في كل منهما قل او كثر بغير فرق والعدة ثابتة على كل منهما في الوفاة من غير فرق وفي الطلاق مع الفرق بالأدلة الفارقة وليس في ذلك ما يخالف آيات القرآن. واما الميراث فلو لم تخصص آيات المواريث بالدائمة بالأدلة الصحيحة لقلنا به في الكل فلما قام الدليل على التخصيص قلنا به ولم يكن فيه مخالفة للآيات وهكذا الكلام في الحقوق فظهر ان هذه الآيات لا تدل دلالة قطعية ولا ظنية على حصر العقد الحلال في النكاح الذي ثبتت به هذه الأشياء وهذه الحقوق وانه اذا دل دليل على عدم ثبوت بعضها في نوع من انواع النكاح لم يكن ذلك منافيا لتلك الآيات وان قوله كل عقد لا يترتب عليه هذه الأشياء لا يكون جلالا جزاف من القول لا يستند الى دليل ولا برهان وانه لا بينة من ذلك في شيء من الشرائع واما قوانين الدول فليست مستندا لأحكام الشرع إلا عند هذا الرجل الذي يستشهد بها وبالكتب المنسوخة.

عدم إرث القاتلة والكافرة وعدم نفقة الناشز

قال (ص ١٣٧) والمجادل الذي يتحيل في دحض الحق بالباطل يقول القاتلة والكافرة لا ترث والناشزة لا نفقة لها. وقوله في عقيدته باطل لأن السقوط عند قيام المانع لا ينافي ولا ينفي الوجوب بأصل العقد ولعل هوى التشيع يبيح التشييع وان يقول شيعي لعامي قولا يراه في اصل فقه مذهبه باطلا. فعقد القاتلة انعقد موجبا للإرث والناشزة للنفقة وإنما سقط الحق الثابت بمانع حدث بعد وعقد الكافرة انعقد موجبا للإرث وسقط الإرث بمانع قائم حين العقد قصاصا لأنها لا ترى الإرث بدينها اما اذا كانت ترى الارث بدينها أو بقانون الدولة فالإرث ثابت بالعقد لا يسقط باختلاف الدين.

(ونقول) لهذا المجادل المتحيل لدحض الحق بالباطل الذي لا تخلو كلمة من كلماته من سوء القول الذي لا يعتمده إلا جاهل :

ان من يحرم المتعة قد استدل على تحريمها بحصر النكاح المحلل في الزوجة وملك اليمين (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) وليست المتمتع بها ملك يمين وهو واضح ولا زوجة وإلا لورثت ووجبت نفقتها فلما لم ترث ولم تجب نفقتها دل على انها ليست بزوجة. فأجابهم اصحابنا بان انتفاء الإرث أو النفقة لا يوجب

٣٢١

انتفاء الزوجية لانتفاء الإرث في القاتلة والكافرة والنفقة في الناشز مع بقاء الزوجية تدل على انه لا ملازمة بين الزوجية والارث ولا بينها وبين النفقة بحيث كلما وجدت وجدا وكلما انتفيا انتفت تكون الوجوب بأصل العقد والسقوط لمانع لا يضر شيئا حيث ثبت امكان تخلف الإرث والنفقة عن الزوجية سواء أكان ذلك لمانع طارئ أو لمانع من أول الأمر فبطل الاستدلال بانتفاء الارث والنفقة على انتفاء الزوجية فكما جاز ان ينتفي الارث أو النفقة لحصول مانع مع اقتضاء العقد لهما جاز ان ينتفيا لحصول مانع من أول الأمر كما اعترف هو في الكافرة لكنه أراد ان يتحيل لدحض الحق بالباطل فلم تتم حيلته فقال ان سقوط ارثها كان قصاصا لأنها لا ترى الإرث بدينها. نحن نقول لا ملازمة بين الزوجية والارث فانتفاؤه لا يوجب انتفاءها لأن الزوجية الكافرة لا ترث اجماعا وانتفاء ارثها لا يوجب انتفاء زوجتها سواء أكان ذلك قصاصا أم غير قصاص فالمتمتع بها كذلك والزوجة الكافرة والمتمتع بها كلاهما فيها مانع الارث من حين انعقاد الزوجية فلا يجيء في الكافرة الجواب الذي لفقه في القاتلة من ان اصل العقد مقتضى للارث وانا سقط الارث بمانع حادث. وجعله الارث ثابتا اذا كانت تراه بدينها أو بقانون الدولة لا يفهم له معنى فاذا اراد ارثها من المسلم فهو منتف بالاجماع سواء أكانت ترى الارث بدينها أم لا بل اجمع أهل نحلته على عدم التوارث من الجانبين مع اختلاف الدين واي مدخل لقانون الدولة في احكام الشرع وان اراد إرث الكافرة من الكافر فهو غير محل الكلام فظهر ان قول الشيعة في رد هذا الاستدلال لا يخالف اصول الفقه عندهم وانهم لم يحتجوا على غيرهم بما يرونه باطلا في عقيدتهم كما تشدق به وتفاصح بقوله هوى التشيع يبيح التشيع وهو بعيد عن الفصاحة قريب من ان يكون مهملا.

آية فابتغوا ما كتب الله لكم

وقال ص ١٣٨ ما حاصله بعد حذف كثير من عباراته الفارغة : من وجوه تحريم المتعة قوله تعالى : (وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) وقد كتب الله لنا في حل النكاح مقاصد مطلوبة اصلية قضاء الوطر فيها مطلوب تابع فالنكاح لم يشرع لمجرد قضاء الوطر بل لأغراض مشروعة مطلوبة وسفح الماء في الشهوة واقتضاء الشهوة

٣٢٢

بالمتعة لا يقع وسيلة الى المقاصد التي كتب الله لنا فلا يكون مشروعا وهذا برهان عقلي بمعنى معقول افادته نصوص الكتاب الكريم الحكيم. المتعة لا ينبني عليها المجتمع إلا اذا كان شيوعيا يشترك في نسوته رجاله أو يشرك كل امرأة في نفسها رجاله. المتعة لا ينبني على قواعدها بيت عائلة أو اسرة ولا يقوم على عمودها نسب ولا تنمو من نواتها شجرة لها اغصان ولها افنان وكل هذه مقاصد اصلية مطلوبة في بقاء النوع بالنكاح فحيث لا تتحقق يقينا لا يكون فيها النكاح مشروعا فنكاح المتعة باطل بحكم الكتاب ونصوصه الظاهرة.

(ونقول) الأحكام الشرعية إنما تثبت بنص الشارع لا بهذه الخزعبلات والمقاصد المطلوبة الأصلية التي كتب الله لنا كما تتحقق في الدائم تتحقق في المتعة فإنها احد قسمي النكاح بلا فرق سوى الأجل والطلاق. وجعله المتعة نظاما شيوعيا يشترك فيه الرجال في النساء والنساء في الرجال افتراء منه على الحق واجتراء على الله ورسوله ودينه. متى كانت المتعة كذلك وهي تزويج بعقد ومهر وعدة كالدائم فأي اجتراء وافتراء اعظم من جعلها نظاما شيوعيا والمتعة ينبني على قواعدها بيت عائلة ويقوم على عمودها نسب وولدها ولد شرعي وتنمو من نواتها شجرة لها اغصان وافنان وان افترى موسى تركستان واكثر من الهذيان فإنها لا تفترق عن الدائم إلا بالأجل الذي يجوز ان يكون عشرات من السنين فهذه الفلسفة الباردة التي سماها برهانا عقليا أفادته نصوص الكتاب ما هي إلا سفسطة ومخرقة ونصوص الكتاب بريئة منها بعيدة عنها ولا تزيد ان تكون اجتهادا واهيا سخيفا في مقابل نصوص الكتاب وزعمه ان نكاحها باطل بحكم الكتاب ونصوصه الظاهرة باطل بحكم الكتاب والسنة ونصوصهما القطعية على انه يلزم على مقتضى فلسفة هذه ألا يكون نكاح التي علم انها لا تلد ليأس أو غيره مشروعا لأنه لم يقصد به إلا سفح الماء في الشهوة ولا تتحقق به تلك المقاصد الأصلية المطلوبة التي ذكرها.

فتوى ابن جريح فقيه مكة بإباحة المتعة

قال ص ١٣٣ : وقد اسرف في القول بإباحة المتعة فقيه مكة ابن جريح كما كان يسرف في العمل بها حتى اوصى بنيه بستين امرأة وقال لا تتزوجوا بهن فإنهن

٣٢٣

امهاتكم وقد روى ابو عوانة في صحيحه عن ابن جريح عن هذا المسرف المتمتع انه قال لهم بالبصرة اشهدوا اني قد رجعت عن المتعة اشهدهم بعد ان حدثهم فيها ثمانية عشر حديثا انه لا بأس بها وبعد ان شبع وعجز.

(ونقول) نسبته ابن جريح الى الاسراف في القول والعمل اسراف منه وليس هو اهلا لأن يتجرأ ويقول هذا القول في ابن جريح فقيه الحرم واحد الأعلام والأئمة الحفاظ الفقهاء المحدثين ومن اوعية العلم والعباد صائمي الدهر ومن لم ير احسن صلاة منه ومن تظهر عليه خشية الله وهو من أهل نحلته وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ فقال ابن جريح الامام الحافظ فقيه الحرم ابو الوليد ويقال ابو خالد عبد الملك ابن عبد العزيز بن جريح الرومي الأموي مولاهم المكي الفقيه صاحب التصانيف احد الأعلام حدث عن جماعة وروى عنه السفيانان ومسلم بن خالد وابن علية وحجاج بن محمد وأبو عاصم وروح ووكيع وعبد الرزاق وامم سواهم ، قال احمد بن حنبل كان من اوعية العلم وهو ابن ابي عروبة أول من صنّف الكتب ، وقال عبد الرزاق ما رأيت احدا احسن صلاة من ابن جريح كنت اذا رأيته علمت انه يخشى الله ويقال ان عطاء قيل له من نسأل بعدك قال هذا الفتى اذا عاش يعني ابن جريح ، وقال ابن عاصم كان ابن جريح من العباد وكان يصوم الدهر إلا ثلاثة أيام من الشهر وكانت له امرأة عابدة وعن عبد الرزاق كان من ملوك القراء وخرجنا معه فأتاه سائل فأعطاه دينارا قال جرير كان ابن جريح يرى المتعة تزوج ستين امرأة ، قال ابن عبد الحكم سمعت الشافعي يقول استمتع ابن جريح بتسعين امرأة حتى انه كان يحتقن في الليلة بأوقية شيرج طلبا للجماع قال ابن قتيبة مولده بمكة سنة ٨٠ وقال الواقدي مات سنة ١٥٠ ا ه. واخباره أهل البصرة انه رجع عن المتعة بعد ما روى فيها ثمانية عشر حديثا انه لا بأس بها وبعد ما تمتع بستين أو تسعين امرأة الله اعلم بصحته ولو كان صحيحا لأشار الذهبي في ترجمته فما هو إلا موضوع مختلق وكيف يمكن ان يرجع عن القول بها بعد ما روى ثمانية عشر حديثا انه لا بأس بها إلا ان يراد بالرجوع تركها لكبر سنه.

٣٢٤

خبر عبد الله الليثي مع الباقر عليه‌السلام

قال ص ١٢٤ في الكافي والتهذيب : سألنا الباقر عن المتعة فقال احلها الله في كتابه وسنة نبيه نزلت في القرآن : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) فهي حلال الى يوم القيامة فقيل له يا أبا جعفر مثلك يقول هذا وقد حرمها عمر فقال وان كان فعل فقيل فإنّا نعيذك بالله من ذلك ان تحل شيئا حرمه عمر فقال انت على قول صاحبك وانا على قول رسول الله (ص) هلم الا عنك ان القول ما قال النبي وان الباطل ما قاله صاحبك فأقبل عبد الله الليثي وقال أيسرك ان نساءك وبناتك واخواتك وبنات عمك يفعلن ذلك فعرض الباقر حين ذكر نساءه وبنات عمه.

وفي ص ١٤٢ فكيف يكون إمام دين يستجيز في بنات الأمة امرا اذا ذكر في نسائه وبنات عمه يظل وجهه مسودا وهو كظيم يعرض غضبان يتوارى من سوء ما ذكر به بناته فهل يمكن ان يستجيز شرع القرآن في بنات نبيه. النبي أولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم فالمؤمنون اخوة ابوهم النبي وازواجه امهاتهم وبنات الأمة بناته.

وفي ص ١٤٠ لا نشك ان الليثي قد اغلظ واساء الأدب في خطاب الإمام بهذا. ولو انه ذكر للباقر قصة لوط : يا قوم هؤلاء بناتي هن اطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي لكفى ولأصاب ولم يسيء الأدب. قصة عرض لوط بناته لا محمل لها إلا نكاح المتعة ولا يستحلها لوط إلا في غاية الضرورة والنبي لوط قد وقع في غاية الضرورة ولم ينس غاية الأدب فاكتفى بعرض بناته وما اعتدى بعرض بنات الأمة.

وقال ص ١٤١ قصة عرض لوط بناته تدل دلالة أدبية على تحريم المتعة مثل تحريم الزنا ، فإن قول القائل الكريم احمل عار بناتي اهون عليّ من ان احمل عارا في ضيوفي معناه ان عار الضيوف اقبح هذا أدب قديم عادي وكرم سامي اما التمتع ببنات الأمة فأدب شيعي وكرم شيعي هذا هو عذر الليثي في خطاب اوجب اعراض الامام وهذا عذر يقطع الكلام ولا يترك مجالا لامتهان ولا لعان.

وفي ص ١٤٢ : كنت لا ازال اتعجب تعجب حيرة من قوم كانوا يأتون الذكران ويذرون ما خلق لهم ربهم من ازواجهم وهم قوم عاد كيف قالوا في بنات خيرات حسان عرضهن لهم ابوهن : لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وانك لتعلم

٣٢٥

ما نريد وهذا القول أدب نزيه جليل كان ينبغي ان يكون لفقيه حكيم وإمام كريم يكرم امته تكريما ويحترم ملته احتراما وهذه عبرة عابرة فهل من معتبر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر.

(ونقول) انما اعرض الإمام الباقر عن عبد الله الليثي حين ذكر نساءه وبنات عمه لما بدا منه من الجفاء والغلظة وسوء الأدب من ذكر نسائه وبنات عمه في مجالس الرجال في معرض التشنيع والتهجين المنافي للشهامة والغيرة عملا بقوله تعالى (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) وأشد منه جفاء وغلظة وسوء أدب قول هذا الرجل في حق إمام أهل البيت وباقر علوم جده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من سوء ما ذكر به بناته ومثل هذا قد تكرر منه مرارا اما تمويهه هذا الذي كرره مرارا على عادته فقد كررنا جوابه أيضا بأن الأحكام الشرعية تتبع الدليل ولا تتبع التمويه والتهويل فالمتعة ان كان عليها دليل شرعي لم يكن لقوله كيف يستجيز في بنات الأمة كذا بنات الأمة بناته وامثال هذه الألفاظ وان لم يكن عليها دليل بطلت سواء أكن بنات الأمة بناته أم لا ، واعراض الامام الباقر عليه‌السلام عن الليثي لما عرفت مما لا يرتبط بحلية المتعة أو بحرمتها وإباحة الأشياء لا ترفع قبح ذكر بعض الأمور في المجالس والمحافل وذكر النساء في مجالس الرجال فهل إباحة الفعل تسوغ ان يقال لرجل ايسرك ان ابنتك يطئوها زوجها ويتفخذها ويضاجعها ويضمها ويقبلها؟ وهل اذا قيل له ذلك فأعرض وغضب وزجر المتكلم يكون ملوما؟ ويسوغ ان يقال له كيف تستجيز في بنات الأمة امرا اذا ذكر في بنتك غضبت وترجرجت وهل يدل على ان تلك الأمور محرمة؟ بل إباحة الفعل بالأصل لا ترفع قبحه من بعض الناس كالأكل على الطريق ومجالسة الأراذل ممن له شرف وتزويج الأسافل من بنات الأشراف وغير ذلك مما لا يحصى واذا كانت المتعة مباحة فلا يلزم ان يفعلها كل احد فكم من مباح يترك تنزها وترفعا. ونظير ما قاله الليثي للباقر عليه‌السلام ما قاله بعض ائمة المذاهب لبعض اصحاب الأئمة عليهم‌السلام فقال له ما قولك في المتعة؟ فقال حلال فقال أيسرك ان يتمتع بناتك أو اخواتك؟ قال : ما شأن البنات والأخوات هنا. شيء احله الله وان كرهته نفسي فما حيلتي ولكن ما قولك في النبيذ فقال : هو حلال ، فقال أيسرك ان تكون بناتك واخواتك نباذات قال شيء احله الله وان كرهته نفسي فما حيلتي. وجواب ابن عمر المشهور المعروف حين قيل له ان اباك حرمها هو عين جواب الامام

٣٢٦

الباقر وقد رواه الترمذي ولم نر احدا اعترض عليه بمثل اعتراض هذا الرجل على الامام الباقر بكلامه الخشن البذيء.

وأما تعليمه لليثي بأنه لو ذكر الباقر قصة لوط لكفى ولأصاب ولم يسيء الأدب. فهو لم يخرج به عن الخطأ واساءة الأدب بأفحش انواعها بنسبة نبي الله لوط عليه‌السلام الى انه قدم بناته للزنا ونسبة الامام الباقر باقر العلم كما سماه جده (ص) الى انه جهل ما اهتدى هو إليه بزعمه والامام الباقر يعلم من تفسير القرآن ومعانيه ما لا يعلمه هو ولا الليثي ولا غيرهما من جميع العلماء ، وقد خالف بهذا الذي نسبه الى لوط عليه‌السلام اقوال ائمة المفسرين. ففي مجمع البيان في تفسير (هؤُلاءِ بَناتِي) ، معناه ان لوطا لما هموا بأضيافه عرض عليهم نكاح بناته وقال هن احل لكم من الرجال فدعاهم الى الحلال قيل اراد بناته لصلبه عن قتادة ، وقيل اراد النساء من أمته لأنهن كالبنات له فإن كل نبي أبو أمته وازواجه امهاتهم عن مجاهد وسعيد بن جبير ثم قيل عرضهن بالتزويج وكان يجوز في شرعه تزويج المؤمنة من الكافر كما كان في أول الاسلام ثم نسخ ، وقيل اراد التزويج بشرط الايمان عن الزجاج وقيل كان لهما سيدان مطاعان فيهم فأراد ان يزوجهما بنتيه زعوراء وريتاء ا ه. فظهر ان قوله قصة عرض لوط بناته لا محمل لها إلا المتعة افتراء على كتاب الله وعلى نبيه وان قوله ان لوطا عليه‌السلام وقع في غاية الضرورة ولم ينس غاية الأدب فاكتفى بعرض بناته وما اعتدى بعرض بنات الأمة ـ تعريضا بالإمام الباقر عليه‌السلام ـ لا بقوله من عنده ادنى فهم فلوط عليه‌السلام لم يكن ليعرض بناته إلا للحلال كما يدل عليه قوله هن اطهر لكم ولم يكن ليدفع الحرام بالحرام وان نسبة عرض بناته بالحرام إليه اساءة ادب عظيمة وضرورة دفع اللواط لا تجوّز عرض الزنا ولم يصل الى ذلك إلا علم هذا الرجل والدلالات التي خلقها الله تعالى وعرفها العلماء هي ثلاث ، ولكن هذا الرجل بعلمه الجم وذهنه الحاذق اخترع دلالة رابعة هي الدلالة الأدبية فاستدل بها على حرمة المتعة وجعل قول القائل الكريم احمل عار بناتي اهون من ان اجمل عارا في ضيوفي أدبا قديما عاديا وكرما ساميا وجعله عذرا لليثي في اساءته الأدب مع الإمام الذي اوجب اعراضه عنه ، نعم هذا أدب لكنه أدب حديث تركستاني وكرم جديد خرافي اطلع الله عليه هذا الرجل ولم يطلع عليه احدا من خلقه سواه فخرج به عن دائرة الأدب مع ائمة أهل البيت وشيعتهم ومع انبياء الله فنسب نبي الله لوطا عليه‌السلام الى عرض

٣٢٧

بناته للزنا دفعا للواط بضيوفه لأن عار الضيوف اقبح فأي أدب وكرم يصل الى درجته ويلزم على قياس قوله هذا ان رجلا لو جاءه قوم يريدون ان يفعلوا بضيوفه فعل قوم لوط فعرض نفسه لهم ان يكون ذلك منه أدبا عماديا وكرما حاتميا لا ساميا. وهذا عذر بقطع الكلام فإن من يجعل عرض نبي من الأنبياء بناته للزنا من الأدب والكرم لا مجال للكلام معه ولا ازال اتعجب من استنباطات هذا الرجل وتمحلاته التي لا يساعد عليها لفظ وقد زاد تعجبي منه الآن حيث قد أدى به تفكيره بعد طول حيرة الى ان يجعل اللوطيين اللواط المحرم الفاحش على النكاح المحلل الطاهر هو أدبا نزيها جليلا كان ينبغي ان يكون لفقيه حكيم وإمام كريم ولسنا ندري كيف استفاد من قولهم ما لنا في بناتك من حق أنه أدب نزيه جليل وكأنه حمله على انه عرضهن عليهم للزنا فأبوا الزنا فلذلك جعله أدبا نزيها جليلا أو على انهم أبوا الزنا بهن لأنهن بناته احتراما له وكلاهما غير صواب فلوط عليه‌السلام عرض بنات عليهم للتزويج المحلل لا المحرم فأجابوه بأنه قد علم انه لا أرب لهم ولا رغبة في نكاح الإناث وانا يريدون نكاح الذكور وحالهم كان معلوما مشهورا عنده وعند غيره فهذه عبرة عابرة من جملة عبر هذا الرجل فهل من معتبر.

زعمه النكاح هزله جد فلا ينعقد إلا دائما

قال ص ١٦٥ لا ننكر الشيعة ان النكاح جده جد وهزله جد وما يكون هزله جدا اذا انعقد لا ينعقد إلا لازما اقوى من عقد البيع يوجب ملكا لا يرتفع إلا بالموت أو بالطلاق وانقطاع المتعة بدون طلاق لم يكن إلا من عدم الانعقاد.

(ونقول) هذا الكلام هو بالهزل اشبه منه بالجد والى الهذيان اقرب منه الى القصد. العقود كلها يشترط فيها القصد والهزل ليس له اثر عند الشيعة في جميع العقود وكونه لا يرتفع إلا بالموت أو بالطلاق استدلال بعين الدعوى وهو في كلامه كثير بل هو نوعان احدهما يرتفع بما ذكر والآخر بانقضاء الأجل وجعله الانقطاع بدون طلاق دليل عدم الانعقاد طريف جدا فإن كل عقد مؤجل ينقطع بانقطاع الأجل كالاجارة التي تنتهي بانتهاء اجلها وذلك دليل الانعقاد ولو كان غير منعقد لم يحتج الى انقضاء الأجل.

٣٢٨

خبر النوبية ومرعوش

ذكر في صفحة ١٤١ فضائل الخليفة الثاني ثم قال حتى ان نوبية اعتقها عبد الرحمن بن خالد وكانت ثيبة رؤيت حبلى واعترفت انها حبلت من مرعوش بدرهمين فأمر بها عمر فجلدت مائة ثم غرّبت وسقط الحد لأنها جاهلة ولم يكن عليّ ليسكت وقد شهد عذاب مؤمنة مسكينة جاهلة وعلي يعلم ان المتعة بدرهمين حلال وشعار لبيت النبوة.

(ونقول) من ضروريات الفقه الاسلامي ان الحدود تدرأ بالشبهات فلو كانت تزوجت متعة بدر همين لكان ذلك شبهة دارئة للحد بالاجماع فكيف يحدها الخليفة مائة حد الزاني الغير المحصن مع وجود الشبه والجهل وقوله سقط الحد لأنها جاهلة لا يفهم له معنى لأنه مناقض لقوله فأمر فجلدت مائة وان كانت محصنة وسقط حد الرجم لجهلها فلما ذا جلدت مائة؟ والقضية ان صحت ظاهرة في الزنا أو هي مجملة وكيف كان فلا يصح الاستشهاد بها ولم يتيسر لنا حين التحرير مراجعتها. وتكريره قول وشعار لبيت النبوة وما في معناه مظهرا له بمظهر السخرية لا يدل إلا على جهله وقلة بضاعته وانه احق بالسخرية.

آية واذ اسر النبي

ذكر في ص ١٢٨ واشار إليه في ص ١٤٢ قيل للصادق هل تمتع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال نعم : وقرأ (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ) حديثا وأطال في ذلك وكرر على عادته في انه ان لم يكرر الشيء عشرا فما فوق فلا أقل من مرتين وشنع ما شاءت له بذاءة لسانه.

ولا نعلم من اين نقل هذا الذي عزاه الى الصادق عليه‌السلام ولا يصح ان ينسب إلينا في تفسير القرآن غير ما ذكره اكابر مفسرينا كالشيخ الطوسي في التبيان والطبرسي في مجمع البيان وجمع الجوامع دون غيرها وأمامنا الآن مجمع البيان وقد ذكر في تفسير الحديث الذي أسره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى بعض ازواجه وجوها كثيرة منها انه كان يتعلق بمارية القبطية عن الزجاج وفي خبر انه يتعلق بمن يملك بعده وليس فيها هذا الذي ذكره فإطالته في ذلك وتشنيعه لا يعود بالشناعة إلا عليه.

٣٢٩

تصديق المرأة في انها خلية من زوج

تعجب في ص ١٤٥ من تجويز الصادق عليه‌السلام التمتع بمن تدعي انه ليس لها زوج وعدم ايجاب التفتيش.

وهذا التعجب في غير محله فالنساء مصدقات في مواضع كثيرة بدون قيام البينة في الحيض والطهر وانقضاء العدة وغير ذلك فإذا افتى الامام الصادق وارث علم جده الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتصديقهن في الخلو من الزوج لم يكن ذلك محل تعجب ولا استغراب كما لم يكن محل تعجب ولا استغراب فتوى الامام ابي حنيفة كما ذكره الخطيب في تاريخ بغداد بأنه اذا شهد شاهدان عند القاضي بأن فلانا طلق زوجته وهما يعلمان بأنهما كاذبان فحكم القاضي بطلاقها جاز لأحد الشاهدين ان يتزوجها.

المحلل والمحلل له

قال ص ١٤٦ الشارع لعن المحلل والمحلل له والمحلل لم يلعنه إلا لأنه نكاح متعة ولو كان نكاح المتعة جائزا لما كان للشارع ان يلعنه ولكان لعنه جهلا من الشارع لشرعه ثم لكان لغوا قول القرآن فإن طلقها فلا جناح عليهما ان يتراجعا لأن حرمة المرأة بعد الثلاث لزوجها الأول تنتهي بذوق العسيلة والانتهاء بالذوق قد نص عليه الشارع.

(ونقول) هذا أيضا من استدلالاته واستنباطه الغريبة التي انفرد بها وخبط فيها خبط عشواء وليس لها معنى محصل بل من نوع الهذيان فإن نكاح المحلل نكاح دائم لا نكاح متعة بالاتفاق لاحتياجه الى الطلاق كما دل عليه قوله فإن طلقها فخبط وخلط نكاح المحلل بنكاح المتعة. والمحلل له لعنهما الشارع لأنهما فعل فعلا دنيئا فكان فعلهما مكروها والمكروه قد ورد اللعن عليه في موارد كثيرة كالنائم في البيت وحده والمسافر وحده والآكل طعامه وحده والمحلل شبه في الشرع بالتيس المستعار والمحلل له قد طلق زوجته ثلاثا ففعل ما يوجب تحليلها فصار ملوما بذلك ويدل كلامه على ان نكاح المحلل محصور في نكاح المتعة ولذلك لعنه الشارع ولو لا ذلك لم يكن له ان يلعنه ولكان لعنه جهلا من الشارع لشرعه والحال ان نكاح المحلل محصور في النكاح ـ

٣٣٠

الدائم كما مر ـ بالاتفاق وهو جائز بضرورة دين الاسلام واذا كان زنا فكيف جوزة الشارع ليحصل التحليل بقوله حتى تنكح زوجا غيره ، وكيف صححه واوجب الطلاق بعده اذا اراد المراجعة أفيكون تمحل وسخافة وخبط وخلط اعظم من هذا وقوله ثم لكان لغوا قول القرآن فإن طلقها كأنه يريد به انه لو جاز نكاح المتعة لحصل به التحليل فلا يحتاج الى قوله فإن طلقها لأن نكاح المتعة ينقضي بانقضاء الأجل وهو تمحل كسابقه فإن قوله فإن طلقها يدل على انه لا يكفي في التحليل نكاح المتعة بل لا بد من كونه دائما وأي دلالة لذلك على كون نكاح المتعة غير جائز فاذا قال الشارع النكاح الدائم والنكاح الى اجل كلاهما صحيح والمحلل في طلاق الثلاث هو الدائم المؤجل كان قوله فإن طلقها مقيدا للنكاح في قوله حتى تنكح زوجا غيره بالنكاح الدائم فأي تناف بين هذه الأحكام وأي شيء اوجب ان يكون قوله فإن طلقها لغوا إلا في مخيلة هذا الرجل.

الأمر بتزوج الأبكار

قال ص ١٧١ روت امهات كتب الشيعة نبي الأمة الأمر بتزوج الابكار فأنهن وانهن قال وهذه السنة قد جمعت مقاصد النكاح وبركات الزواج ولا تكون في متعة الشيعة.

ونقول : ما ربط الأمر بتزويج الأبكار بمتعة الشيعة وما بقي عليه إلا ان يستدل على حرمة المتعة بلمع البرق وقصف الرعد ونزول المطر واذا كانت هذه المقاصد والبركات لا توجد في متعة الشيعة فهل توجد في تزوج الثيبات فإن قال لا كان تزوج الثيبات حراما كالمتعة وان قال نعم فقد كذب في قوله لا توجد في متعة الشيعة فأنظر واعجب.

الحكومة الايرانية والحكومة التركية

قال ص ١٧٢ العجم ونساؤها والحكومة بمملكة الشيعة في عذاب بئيس وحرج ضيق شديد من متعة فقهاء الشيعة ومن احدى سيئات متعة الشيعة ما كنت

٣٣١

اراه في بلادها من ابتذال المرأة في شوارع مدن العاصمة وقراها ابتذالا لا يمكن ان يوجد افحش منه ولا في نظام الشيوع المطلق وكتبت في هذه لجماعة من مجتهدي العاصمة وقلت هلا يوجد على مثل هذه المهانة عندكم من غيرة وهلا يوجد لكم منها من تأثر وما رأيت على وجه مجتهد عند ذلك إلا بشاشة وهشاشة تبسم ان كان استهان بي فقد استخف واستهان بدينه وأمته وامهاته من قبل وحكومات الأمم الاسلامية اليوم ارشد في شرف دينها وصلاح دنياها من فقهاء الأمة فحكومة الدولة الايرانية نراها اليوم بفضل مليكها الأعظم قد فسخت المتعة فسخا قطعيا بتاتا واعظم حكومة شيعية بفضل ملكها الأجل قد اهتدت الى عقد معاهدة مع اقوى حكومة سنية تركية ولم تزل امهات الكتب في المدارس تبذر بذور العداء في قلوب الأساتذة والطلبة. وفي ص ١٨٥ يعجبني غاية الاعجاب ان حكومة الدولة الايرانية التي تسعى في اصلاح حياة الأمة ودنياها وفي تعمير الوطن واحيائه اخذت في اصلاح دين الأمة فمنعت منعا باتا متعة فقهاء الشيعة واخذت في تصفية عقائد الأمة في مدارسها وكلياتها وكتبها تستبدل إيمان الإمام علي امير المؤمنين وعقيدة أهل البيت بعقائد الشيعة الامامية التي في أمهات كتبها المتأخرة وفي صفحة (ي) ارى ابتذال النساء وحرمات الاسلام في شوارع مدنكم بلغ حدا لا يمكن ان يراه الانسان في غير بلادكم.

ونقول : ليهنئه ما عند العرب ونسائها لا سيما البلد الذي ألف كتابه وطبعه فيه وعند الحكومة بملكه غير الشيعة من النعيم المقيم والسعة العظيمة من ترك متعة فقهاء الشيعة فدور البغاء فيها غاصة بالمومسات وبلد طبع كتابه تزيد على ذلك (الخول) وما كنا نود ان يجري قلمنا بمثل هذا لو لا انه اضطرنا إليه. ومن احدى محاسن تحريم متعة الاسلام ما كان يراه في بلاد الاسلام لا سيما البلد الذي ألّف كتابه وطبعه فيه من انتشار دور البغاء وابتذال المرأة في شوارع مدن العواصم وقراها فإن كان يريد ان جميع النساء في مدن العاصمة التي رآها وقراها كما وصف فقد كذب وافترى. نساء مدن العاصمة التي رآها (حين رآها) من اشد النساء تسترا وتحجبا وعفافا وصيانة فإنه رآها قبل إجبار الحاكم ـ الذي اشاد بمدحه النساء على السفر وان كان يريد انه يوجد افراد من النساء مبتذلات فليقل لنا هل لا يوجد مثل ذلك في كل بلد من بلاد الاسلام على ظهر الكرة الأرضية؟ ونساء مدن الاسلام في إيران ان لم تكن اعف واستر من نساء سواها فليست دونها في الستر والعفاف. فقوله ابتذالا لا

٣٣٢

يمكن ان يوجد افحش منه في نظام الشيوع المطلق كذب فاحش ساقه إليه التعصب والعناد وبهتان لا بهتان افحش منه وظلم لا ظلم اشنع منه واذا كان كتب لبعض مجتهدي العاصمة بما قال فلما ذا لم يكتب لعلماء العاصمة التي كان فيها طبع كتابه ولعلماء غيرها من البلاد فيقول لهم هلا يوجد على مثل هذه المهانة عندكم من غيرة. فدور البغاء في بلادكم منتشرة والفتيان والفتيات يسبحون ويسبحن جميعا على شاطئ البحر عارين وعاريات وهلا يوجد لكم منها من تأثر وان كان كتب فهل رأى على وجه واحد منهم بشاشة وهشاشة تبسم أو عبوس وتقطيب تألم. حسبنا ايها الرجل كلاما فارغا وتشتيتا وتفريقا بين المسلمين وعيبا بما فيك مثله أو اكثر. وأي فائدة تجنيها من عيبك امة عظيمة بغير ما فيها أو بما فيك مثله واعظم ثم تزعم ان بشاشة العالم في وجهك ـ بما طبع عليه من مكارم الأخلاق ـ هي استهانة بك واستخفاف واستهانة بدينه وأمته وامهاته من قبل. تغضب على المجتهدين وتصفهم بسيئ الوصف لأنهم لا يتابعونك على تحريم ما احله الله فلو كنت ذا غيرة على الدين والإسلام والمسلمين لدعوتهم الى مباحثتك وانتصبت ـ بما أوتيته من بلاغة وقوة حجة ـ لمخاصمتهم وحججتهم وخصمتهم وسجلت ما دار بينك وبينهم وطبعته ونشرته ليعلم الناس حينئذ ان الحق والصواب في جانبك. وان كانت الأخرى سلمت لهم ورجعت عن رأيك اما ان تأتي الى عاصمة ايران وتتبع العورات وتعد السيئات وتغضي عن الحسنات وتكتب في ورقة بعض الكلمات التي لا تسمن ولا تغني من جوع ثم تأتي مصر وتطبع وتنشر بأقبح العبارات وابشع الألفاظ ما خيلته لك واهمتك ولا يوافقك على اكثره أهل مذهبك ويطبعه لك من لا يهمه إلا ان ينتفع في دنياه بدراهم معدودة ، فليس هذا من سيرة أهل الدين والعلم والاخلاص ، وقد جئتنا الى الكوفة وسألتنا عن التقية والمتعة فأجبناك فلم تنبس ببنت شفة وذلك بعد ما سألت صاحب أصل الشيعة فأجابك فلم تتكلم بحرف وإنما كتبت بعد رجوعك لبغداد اسئلة في دفتر تنتقد بها الشيعة لا تمت الى العلم ولا الى الانصاف بصلة وصلتنا فأجبناك عنها وأجابك غيرنا وممن أجابك عالم في البصرة لم تنشر شيئا من أجوبته كما اعترفت به في وشيعتك فهلا باحثتنا حين رأيناك بالكوفة وباحثت صاحب أصل الشيعة واقنعتنا بحججك الواضحة ثم طبعت ما دار بيننا ونشرته ليعرف الناس فضلك وان الحق في جانبك اما ما جئت ترمي به من مكان سحيق فما أجدره بقول القائل :

٣٣٣

واذا ما خلا الجبان بأرض

طلب الطعن وحد والنزالا

وينبغي للأمم الاسلامية من جميع الفرق ان تبادر قبل فوات الفرصة الى العمل بنصائح هذا الرجل فتقتدي بحكومات الأمم الاسلامية وتدع الاقتداء بفقهاء الامة لتنال بذلك شرف الدين وصلاح الدنيا فإن حكومات الأمم الاسلامية اليوم هي ارشد في شرف دينها وصلاح دنياها من فقهاء الأمة ـ عند هذا الرجل. أليس كذلك فعلى المسلمين اليوم ـ حفظا لدينهم ودنياهم ـ ان يمشوا على نهج اعظم حكومة شيعية وأقوى حكومة سنية تركية. وان كانت أمهات الكتب في المدارس تبذر بذور العداء في قلوب الأساتذة والطلبة فقد اصبح الأساتذة والطلبة ـ والحمد لله ـ بفضل ما بذرته الوشيعة في قلوبهم من بذور الالفة والاتحاد مع غيرهم إخوانا على سرر متقابلين

وحكومة الدولة الايرانية ـ التي يقول عنها انها اخذت في اصلاح دين الأمة واعجبه ذلك غاية الاعجاب وقد منعت اشياء كثيرة غير ما ذكره واجابت اشياء كثيرة فكان عليه ان يذكر ذلك لنعرف أعجبه ذلك أيضا غاية الاعجاب أم دون الغاية أم لم يعجبه أصلا وان لا يقتصر على ذكر شيء واحد يوافق هواه. وشيعة علي وأهل البيت أقرب الى ان يطلعوا على ايمانه وعلى عقيدة أهل البيت من صاحب الوشيعة ومن المدارس والكليات الجديدة وكتبها.

المتعة شارة أهل البيت

مما اولع به هذا الرجل وكرره في كلامه على عادته في التطويل والتكرير الممقوتين وجعله نقدا على الشيعة قوله المتعة شارة أو شعار أو حلية لأهل البيت وللأمة ففي ص ٣١ كان الباقر والصادق يبالغان في المتعة ويقولان من لم يستحل متعتنا ولم يقل برجعتنا فليس منا ويجعلها علماء الشيعة شارة أهل البيت وشعار الأئمة وفي ص ١٢٦ تقول الشيعة تفتخران حلية المتعة وزينة التمتع شعار لأهل البيت وشارة لبيت النبوة ، وفي ص ١٢٧ وفي السكوت (من علي (ع)) هدم لحكم جليل من احكام الدين هو شعار له وشارة ، وفي ص ١٤١ ولم يكن علي ليسكت وهو يعلم ان المتعة بدرهمين حلال وشعار لبيت النبوة ، وفي ص ١٣٥ وجعل المتعة حلية لأهل

٣٣٤

البيت او شارة وشعار للأئمة لا يكون إلا جنفا من نجف أو شنيعة من شيعة يصدق فيها قول القائل عدو عاقل خير من صديق جاهل ، وفي ص ١٣٥ بعد ما عبر عن المتعة بعبارات قبيحة قال فكيف يجعل شارة لبيت نبوة العرب إلا من عجمي كسروي مدائني اذا لقي عربيا سمعت له شهيقا وهو يفور يكاد يتميز من الغيظ وفي ص ١٤٤ لم يوجد للشيعة زخرفة إلا ان المتعة شارة لأهل البيت وشعار للأئمة وفي ص ١٤٨ ثم تعدت الشيعة واعتدت حتى ادعت ان المتعة شارة للأئمة وشعار لأهل البيت وفي ص ١٥٩ أي كلمة يمكن ان تكون اضيع من آية : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ) لو قلنا ان متعة الشيعة شعار أهل البيت بيت النبوة وقلنا انها شارة ائمة الدين وفي ص ١٦٤ الزنا أقرب الى الحل من متعة تجعل شعارا لبيت نبوته ـ نبوة الشرع ـ.

ونقول : ليس المقام مقام مفاخرة وافتخار بل مقام بيان حكم شرعي ـ الشيعة ذكرته واستدلت عليه وهو لم يزد على تكرير العبارات الفارغة التي لا طائل تحتها وعلى السباب والشتم والبذاءة وسوء القول ولم يأت بدليل ولا شبه دليل فليفتخر ما شاء بتحريم ما أحله الله فتشدقه بهذه الألفاظ الممقوتة وتفاصحه جنفا من نجف. شنيعة من شيعة. لا يعود إلا بالمذمة والشناعة عليه ونسبة الجهل إليه واذا كان عدو عاقل خير من صديق جاهل فما قولك بعدو جاهل وكيف لا يجعل شارة لبيت نبوة العرب شرعه وأباحه نبي العرب والعجم ويجعل شارة للمسلمين ما لم يشرعه ذلك النبي وهو شعار العجم والمجوس وقد خالف بقوله من عجمي كسروي الخ قوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) وقول نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى. ان احد خير من احد إلا بالتقوى. فشهيقه هذا وهو يفور يكاد يتميز من الغيظ سيؤدي به الى الثبور وقد وجد للشيعة الأدلة القاطعة المتقدمة لا ما زخرفه من انه لم يوجد لها زخرفة إلا انها شارة للبيت والشيعة لا تتعدى ولا تعتدي بل هو معتد في جعله الزنا أقرب الى الحل مما نزل بحله القرآن وجاءت به بعدم نسخه السنة المطهرة.

تجاوزه الحد في الافتراء والقذف والتشنيع وسوء القول

افرط هذا الرجل في تشنيعه وافترائه على الشرع المطهر وسوء قوله فجعل المتعة

٣٣٥

زنا بل اقبح من الزنا فاستحق حد القاذف ولئن سلم من ذلك في الدنيا فلن يسلم منه في الآخرة.

فقال في ص ١٣٤ المتعة بأجرة سماها القرآن البغاء : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) واذا كان عرض المتعة واجرتها حراما والاكراه يوجب عقاب الله وغضبه فنفس العمل اشد وافحش ، وفي ص ١٤٥ اما متعة الشيعة اليوم فهو زنا مستحل ثم اكثر من امثال هذه الكلمات حسبما اداه إليه ادبه وتعصبه وتنصبه فقال : هي زنا فاحشة ومقتا وزيادة استحلال زيادة في الكفر وزيادة في الفساد بها يترك الرجل فراشه ويهجر ربة البيت فتكفر وتبرأ ثم تدعو على الآمر بها وتلعنه وبها تفسد العائلة وفي ص ١٦٤ فأي فرق بين متعة الشيعة وبين زنا برضا أو بقهر وان كان فرق فعلى فائدة حل الزنا اذ قد يكون زنا لا يكون فيه اتجار يهين المرأة والزنا أقرب الى الحل من متعة يتاجر بها الشرع ومن متعة تجعل شعارا لبيت نبوته ونبيها ابو أمته وازواجه امهات بناتها وفي ص ١٦٥ متعة الشيعة زنا وزيادة استحلال وعقيدة باطلة بدعوى التقرب بها الى الله.

(ونقول) زعمه ان المتعة سماها القرآن بغاء افتراء منه على القرآن فهي نكاح بعقد ومهر اجازه القرآن وابداله المهر بالأجرة لقصد التشنيع لا يعود إلا بالشناعة عليه وجعله ذلك من قبيل اكراه الفتيات على البغاء بغي منه وعناد للحق وافتراء على كتاب الله فإكراه الفتيات كان من المشركين على الزنا والبغاء بأجرة بدون محلل شرعي وقد نهى الله عنه في كتابه كما نهى عن سائر المحرمات والمتعة بعقد ومهر الى اجل قد رخص الله فيه في كتابه واعترف جملة من اجلاء الصحابة بعدم نسخه وفعلته الصحابة في عصر الرسالة وبعده وفعله التابعون فتسوية احدهما بالآخر عين الجهل والعناد والافتراء على الكتاب والسنة والفحش الذي جاء في كلامه يوجب لقائله عقاب الله وغضبه ويلحق به فاحشة ومقتا وزيادة في الكفر وزيادة في الفساد وزيادة استحلال للحرام وعقيدة باطلة وكون الرجل بها يترك قرانه ويهجر ربة البيت فتفعل ما تفعل لا يفترق شيئا عن تعدد الزوجات وملك اليمين الذي لا ينحصر في عدد بالاتفاق فإنه يقال فيهما بذلك يترك الرجل فراشه ويهجر ربة البيت فتكفر وتبرأ ثم تدعو على الآمر به وتلعنه وبه تفسد العائلة فهل يوجب ذلك تحريم تعدد الزوجات؟ هذا علم

٣٣٦

صاحبنا وهذه أدلته والاحكام الشرعية تثبت بنصوص الشارع لا بمثل هذه التلفيقات والكلمات التي لا طائل تحتها والتي تدل على جهل قائلها كقوله أيضا اتجار يهين المرأة متعة يتاجر بها الشرع فما احله الله لا إهانة فيه لاحد وانما هذا الكلام اهانة لشرع الله تعالى وتهجين لأحكامه واذا كان النبي أبا امته وازواجه امهات بناتها فهو بما شرعه واحله وامر به اعرف بما يهينها ويشرفها من هذا الرجل الذي جاء يكيل الدعاوي كيلا بلا دليل ولا برهان ان هذا الرجل يتهجم على الأحكام ويقول في المتعة انها زنا بل يفضل الزنا عليها وقد كذب بذلك نفسه في دعواه فيما تقدم انها كانت تنعقد دائما ويبطل الأجل وهذا يبطل افتراءه هنا بجعلها زنا. والامام أبو حنيفة وزفر قالا بانعقادها دائما وبطلان الأجل. على ان المسائل الخلافية والاجتهادية في النكاح لا يجوز نسبة احد فيها الى الزنا إذ لا أقل من كونه نكاح شبهة أفلا يكفي في حصول الشبهة استناد مستحلها الى الكتاب والسنة والاجماع وفتاوي ائمة أهل البيت والشرع الاسلامي صحح نكاح المجوس وسائر الفرق ولم يقل احدا انه زنا. ثم ما يقول فيما اذا خالف الامام الشافعي والإمام مالك في احدى الروايتين عنه بقية المذاهب الأربعة فقال بأنه يحل للرجل ان ينكح المتولدة من زناه كما حكاه الشعراني في ميزانه وغيره واشار إليه الزمخشري بقوله من ابيات :

وان شافعيا قلت قالوا بأنني

أبيح نكاح البنت والبنت تحرم

وما يقول في قول الإمام أبي حنيفة الذي حكاه الخطيب في تاريخ بغداد في ترجمة ابي حنيفة انه لو شهد شاهدان كذبا وهما يعلمان انهما كاذبان بأن فلانا طلق زوجته فحكم القاضي بطلاقها جاز لأحد الشاهدين ان يتزوجها. هل يقول ان ما حكم به الامامان الشافعي وابو حنيفة زنا أو يقول انه نكاح صحيح ويستشهد بذلك لذلك بقول البوصيري :

وكلهم من رسول الله ملتمس

غرفا من البحر أو رشفا من الديم

لا شك انه يقول بالثاني فإذا كيف يجعل زنا ما افتى به ائمة أهل البيت السجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا عليهم‌السلام وفقهاؤهم ووافقهم حبر الأمة ابن عباس وعدد غير يسير من اجلاء الصحابة والتابعين ووافقهم الامام مالك في احدى الروايتين كما مر وابن جريح فقيه مكة لا شك انه لا يجرأ على ذلك رجل يؤمن بالله

٣٣٧

واليوم الآخر وعنده ذرة من علم. وهل كان الامام الصادق وباقي ائمة أهل البيت أقل فقها وعلما من ائمة المذاهب الأربعة حتى تكون فتواهم في تصحيح النكاح مقبولة وفتوى الصادق وباقي الأئمة غير مقبولة وهم ان لم يكونوا افقه من ائمة المذاهب فليسوا دونهم.

عباراته الشنيعة التي تفوه بها

قد استعمل في تهجين امر المتعة عبارات ذكرها في ص ١٣٥ و ١٣٩ و ١٤٠ و ١٤٦ و ١٦٠ و ١٦٢ لا يتفوه بها ذو علم وأدب ولا ترجع الى دليل مثل المتعة اتجار المرأة بفرجها ، ببدنها وعرضها المتعة تجرح شرف المرأة. المتعة اجارة المرأة نفسها ليتمتع بها الرجال أو تجارة المرأة بفرجها امتهان لها وهتك لشرفها. وفتك بعزتها. المتعة اجارة واجارة المنفعة بيع وتجارة ولم يستحل دين تجارة المرأة ببدنها وعرضها وشرفها وعفافها بذل المرأة نفسها في سبيل الهوى والحب إجابة لداعي الهوى اقرب الى العفاف والشرف من بذلها في سبيل حفنة من الحب. نحن نقول اداء التراويح جماعة شعار للسنة فهذا القول يمكن ان يكون له وجه ادبي وديني اما اتجار المرأة بفرجها فلن يكون إلا خزيا لا يدانيه خزي يحمر منه وجه الأدب ويسود منه جلد الاجرب. واخس رجل لا يرضى ان يتمتع احد بأخته أو بنته فكيف يستحلها الفقيه والامام في بنات الامة والمرأة اذا أجرت نفسها أو اتجرت بها مرة يتجنبها الرجال ومن يمكن ان يكون اكفر بالايمان في آية المحصنات من عاد يترك المحصنة ويتمتع بالتي تتجر ببدنها فتؤجره بكف من بر أو حفنة من شعير. والله يريد ان يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات ان تميلوا ميلا عظيما. من هم الذين يتبعون الشهوات هل هم الا الذين يستحلون التمتع بكف من بر ثم يقولون من لم يقل بكرّتنا ويستحل متعتنا فليس منا. يكفينا كل تعب في سبيل تحريم متعة النساء كلمة المتعة وحدها التي تجرح شرف المرأة فإن الانسان غاية للكون وللتشريع الى آخر ما تفلسف به مما لا طائل تحته ، وقد اكثر من سفاسفه هذه واطال في زخارفه واطنب في هذيانه فيما هو من هذا البحر وعلى هذه القافية وتجاوز الحد في سوء قوله واطال بما اوجب الملال وكرر واعاد على عادته الشنيعة وعاد الى هذه المهزلة مرارا بعبارات تركنا اكثرها لعدم فائدة في نقلها

٣٣٨

واكتفينا بنموذج منها والاحكام الشرعية لا تثبت ولا تنتفي بتزويق العبارات وتنميقها وتجنيسها وتسجيعها. هتك وفتك. الحب والحب ولا بعبارات الفحش المنفرة والبذاءة ولا بالتكرير والتطويل وليس الحكم في حسم النزاع إلا الدليل. فالمتعة ان دل الدليل على اباحتها لم تحرم بهذه العبارات التي ملؤها البذاءة والفحش وان لم يدل الدليل على اباحتها كفى ذلك في حرمتها من غير حاجة الى هذه العبارات التي هي صفات قائلها. فتعبيره عما احله الله بهذه العبارات لا يكون إلا خزيا عليه لا يدانيه خزي يحمر منه وجه الدين ويسود منه جبين الحق ولكن هذا الرجل لا يحمر وجهه ولا يصفر من اقواله هذه التي اسود منها وجهه عند أهل الحق وتعبيره باتجار المرأة بفرجها وامثاله لا يشبه إلا قول من يريد ان يعيب التزوج ويستحسن الترهب فيقول التزوج اتجار المرأة بفرجها لأنها تأخذ المهر من الزوج ثمنا مقابل الوطي وتأخذ النفقة مقابل الاستمتاع وقول من يقول ان فلانا المتزوج بفلانة يمتهنها في شرفها يطئوها وينظر الى فرجها وينظر إليها عارية ويفعل ويفعل الى غير ذلك من الفاظ الفحش والبذاءة التي يمكن ان يعبر بها عن النكاح المحلل وهو بعينه قول من كان يأبى الصلاة من المشركين ويقول لا أحب ان يعلوني استي فيأبى الإسلام لذلك وهو بعينه فعل أهل الجاهلية في وأدهم بناتهم تخلصا من عار التزويج أو غيره وأراد هذا الرجل أن لا يفوته التشبه بهم فجعل ما أباحه شرع الاسلام ونطق بإباحته الكتاب والسنة واتفق جميع المسلمين على انه شرع واختلفوا في نسخه مثل الزنا بل على الزنا أقرب الى الشرف والعفاف منه وهذا رد على الله ورسوله وجميع علماء المسلمين الذين اتفقوا على انه شرع وسخرية بدين الله وذم له سواء أكانت شرعيتها باقية أم منسوخة وهذا ما لا يستحله دين من الأديان وحفنة من الحب التي كرر ذكرها في كل مناسبة ليعيب ويشنع بها قد ذكرنا مرارا انها يصح ان تجعل مهرا في كل نكاح ، وقد نقل ذلك هو عمن حرمها في قوله فالآن من شاء نكح بقبضته وفارق عن ثلاث فما بالك تعيب يلزمك عيبه كما ذكرنا غير مرة اتفاق المسلمين على ان كل ما يتمول يصح كونه مهرا قل وكثر وقد كان في عصر الرسالة يكون المهر تعليم سورة وكون اخس رجل لا يرضى ان تتمتع اخته أو بنته قد مر اعتراض احد ائمة المذاهب به على هشام بن الحكم فأجابه بأنه شيء احله الله وان ابته نفسي فما حيلتي ولكن ما تقول في

٣٣٩

النبيذ؟ قال حلال ، قال أيسرك ان تكون اختك او بنتك نباذة فأفحمه كما ان قوله اجارة المرأة نفسها ليتمتع بها الرجال يمكن ان يقال مثله في النكاح الدائم بأنه بيع المرأة نفسها ليتمتع بها الرجال ويطؤها الزوج ويفعل كذا وكذا واذا طلقت تمتع بها زوج آخر فاذا طلقت تمتع بها ثالث فتكون قد باعت نفسها ليتمتع بها الرجال أليس كل ذلك حق وواقع في الشرع فهل هو عيب إلا على قائله واذا صح له دعوى ان المتعة اجارة لأنها الى اجل بمال صح ان يدعي ان النكاح الدائم بيع لأنه تمليك لا الى اجل بمال. اما استشهاده بالجماعة في التراويح والجماعة في الفرائض فكل عبادة لم يرد فيها رخصة من الشارع لا يمكن ان يكون لها وجه أدبي ووجه ديني والذي سن الجماعة في التراويح لقصد الاجتماع على العبادة هو الذي حرم المتعة في شأن عمرو بن حريث لما تمتع بامرأة فحملت فرأى فيها مفسدة وهو الذي اسقط حي على خير العمل من الأذان والإقامة لئلا يعلم الناس ان الصلاة خير العمل فيتركوا الجهاد وهو الذي امضى الطلاق ثلاثا بلفظ واحد قصدا لردع الناس عن الطلاق وكان يرى الاجتهاد في الاحكام وكان له في ذلك قصد حسن ولكننا بعد ان علمنا ان الله اكمل الدين وانقطع الوحي وليس لأحد ان يجتهد في تغيير الاحكام لم يلزمنا اتباعه أما الجماعة في الفرائض فمن ضروريات دين الاسلام فلا وجه لذكرها في المقام إلا التطويل وقوله إذا آجرت المرأة نفسها أو اتجرت بها مرة يتجنبها الرجل مما يضحك الثكلى فهي لم تفعل ذلك وإنما تزوجت بعقد ومهر الى اجل بإباحة من الله ورسوله فإن كان ذلك اجارة وتجارة فليكن الدائم بيعا وتجارة كما مر ، واما انه يتجنبها الرجال فمع فرض صحته يأتي مثله في الطلاق فمن تزوجت وطلقت مرارا يتجنبها الرجال فيلزم على مقتضى قوله ان لا يشرع الطلاق واذا فرض ان شيئا مباحا يوجب تجنب الرجال لها لا يجعله ذلك محرما ودعواه ان لفظ المتعة وحده يكفيه في تحريمها طريفة جدا فلفظ المتعة قد جاء في القرآن بلا ريب بآية فما استمتعتم وهو يقول انها واردة في النكاح الدائم فإذا هي كافية في تحريم النكاح الدائم ومن يمكن ان يكون اكفر بالإيمان في آية حل المحصنات من عاد يفضل الزنا على ما احله الله ويتلاعب بالآيات ويحملها على هواه وما احقه بقوله تعالى : (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) من هم الذين يتبعون الشهوات هل هم إلا امثال هذا الرجل الذي يحرم ما احله الله ورسوله اتباعا لشهوة نفسه وميلا مع هواه.

٣٤٠