نقض الوشيعة

السيّد محسن الأمين العاملي

نقض الوشيعة

المؤلف:

السيّد محسن الأمين العاملي


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤١٦

(سابعا) قوله وما انكر (م الأشياء) الخ فنحن مهما انكرنا من شيء فلا ننكر عليه اتباعه الأوهام في وشيعته فليس عنده غيرها وان يتبع تقليده ويعبد هواه وان يهتوي حيث تستهويه دعوى التعصب والعناد وان يفتري على العصر الأول فيزعم انه مقدس وعلى الأمة فيدعي انها معصومة وان يقول على الله وعلى دين الله كل ما يوحيه عشق التقليد والوضع وهوى التعصب لا ننكر شيئا من ذلك عليه له دعاويه بل لا ننكر عليه انكاره ان تكون الآية نزلت في متعة النساء ومبالغته في ذلك بتلك العبارات الشنيعة التي نضح بها إناؤه واطالته وتكريره الذي يوجب التهوع ولا تفاصحه بوضع (م الأشياء) مكان من الأشياء ليقود الفصاحة والأدب الى حظيرة تنصبه ويودعه زريبة تنصبه ولا نعجب من مخالفته اجلاء الصحابة واجلاء العلماء من أهل نحلته الذين قالوا بنزولها في متعة النساء. ولازم كلامه ان لا يكونوا من المؤمنين الذين يعلمون لغة القرآن ويؤمنون باعجازه ويفهمون افادة النظم وعليهم نزل وهم تراجمته وان يكونوا عنده جهلاء يدعون ولا يعون وهو احق بذلك منهم ومن كل احد لا نعجب من شيء من ذلك ولا نستبعد صدور امثاله منه بعد ما ظهر من مخالفته الاجماعات والمسلمات وانكاره البديهيات بل مخالفته ضرورة الدين في توريث اولاد الأولاد مع الأولاد وانه يدعي ولا يعي وانكار تميز الشيعة في الأدب والبلاغة وفضلهم على الأدب العربي لا يكون إلا من جاهل ولا يمكن احدا انكاره مهما تعصب وتنصب وجعل قلة الأدب سمة للنصب واحتكره في زريبته (وهل ترى من أديب غير شيعي). والشيعة لا تتبع الظن ولا تتبع إلا الدليل القاطع كما يعلم من حالها في الأصولين وانما هو يتبع الأوهام ولا تعبد إلا الله لا الهوى والعصبية للباطل كما هو دأبه. وهي تفتخر وتعتز بولاية أهل بيت نبيها عن ايمان وعقيدة لا عن دعوى كاذبة كما هو شأنه وبولاية من قال فيه الرسول من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه ولا تفتري على الأعصار ولا تقول إلا بما صحت به الاخبار ولا تقول على الله وعلى دينه إلا الحق هي اورع واتقى واخوف لله من ان تفتري أو تقول غير الحق ، ورثت ذلك عن ائمتها وأهل بيت نبيها ، أهل الورع والصدق والتقوى ، لا تستحل وضعا ولا كذبا وهي غنية عن الوضع بما ورثته عن مفاتيح باب مدينة العلم ومعادن الحكمة وشركاء القرآن. والتقية التي نزل بها القرآن وامر بها عمار وهي دين اولياء الله في كل عصر ومتبع كل ذي عقل لا يعيب بها إلا رقيق الدين عظيم الجهل.

٢٨١

ومن لم يستطع طولا قد نقله القرآن من نكاح الى نكاح ولكن هل حجر عليه غير ذلك النكاح الذي نقله إليه كلا ، اذ لا يدل القول بأن من لا يتمكن من نكاح الحرائر دواما فلينكح الاماء على حرمة نكاح الحرائر والاماء متعة بشيء من الدلالات كما يأتي كما لا يدل قولنا من لم يمكنه لباس الحرير فليلبس القطن على انه يحرم عليه لباس الكتان فإذا دل دليل على جواز لبس الكتان لم يكن منافيا وكان الحاصل ان من لم يتمكن من الحرير له لبس القطن أو الكتان وحديث المتعة فيه انه قد ذكره قبل ذلك بقوله فما استمتعتم فلم يحتج الى ذكره بعد وليست هي استئجار بل نكاح بمهر الى اجل باتفاق كتب الشيعة وعلمائهم وشبهها بالاستئجار لا يجعلها استئجارا حقيقة ولا تنعقد بلفظ الاستئجار اجماعا والله تعالى يقول فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن وهو عنده وارد في النكاح الدائم فهل هذا يجعل النكاح الدائم استئجارا. وزعمه انها لو كانت نكاحا لما كان لصاحب الأربع ان يتمتع لا دليل عليه فالنكاح في الشرع قسمان دائم منحصر في الأربع والى اجل غير منحصر فيهن كما ان الوطء بملك اليمين نكاح شرعي ولا ينحصر في عدد فبطل قوله ، ونقل القرآن من نكاح الى نكاح فقط ابطال للاستئجار. واذا كان نقلا من نكاح الى نكاح فقط فإن المتعة نكاح فقط ، وليست باستئجار كما عرفت والاتفاق على ان لصاحب الأربع ان يتمتع ليس اتفاقا على انها استئجار كما عرفت ولا يستلزم ذلك بطلان فأنكحوا ما طاب لكم الآية ، باختصاصه بالدائم فأين هو اتفاق كتب الشيعة على بطلان المتعة بآيات القرآن. ولكنه هو قد اعتاد ان يبطل كلامه بكلامه وهو لا يشعر.

(ثامنا) ما اطال به من ذكر محرمات النكاح واتبعه به ما هو إلا كرحى تطحن قرونا كأكثر ما اطال به في وشيعته فسفح ماء الحياة على غير ما احله الله هو السفاح وقد اثبتنا بالبراهين القاطعة ان المتعة مما احله الله فمن يجعلها سفاحا فقد رد على الله حكمه وكفر بالايمان وحبط عمله وكان من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا وليس بيد من حرمها دليل سوى تحريم بعض الصحابة وسوى روايات متناقضة متدافعة فإن كان بوسعه اثبات تحريمها بدليل غير ذلك فليأت به وله الفلج أما هذه الجعجعات والكلام البذيء فهي سلاح العاجز وآيات الذم التي أوردها هو بمضمونها احق وهي به أليق واضر ضلال غشي أو يغشى قلبه ان كان يزعم

٢٨٢

ان الآيات التي ذكرها نزلت في غيره فقط وحكمها لا يتناوله ومن يمكن ان يكون اكفر في آية حل المحصنات من عاد يصرفها عن وجهها ويحملها على غير ما أريد بها ويحرم ما احله الله بغير دليل بل بشهوة النفس والتعصب والعناد والعداوة. وقد بان بما ذكرناه من هو الذي يترك كتاب الله وينبذه وراء ظهره أو يضعه تحت قدميه ويدوسه واحق مما انشده ان يقال له :

قد ارخصت دينها في الناس طائفة

بدرهم لم تبعه أو بدينار

لكن بشهوة نفس واتباع هوى

فساقها سائق التقليد للنار

وهذه بلية قد عمت واعمت سلكها في قلوبهم التقليد واتباع الاهواء لا كتب الكلام وما ربط كتب الكلام بالمقام كتب الكلام تشحذ الافهام ممن تأمل واستقام.

(تاسعا) ما ادعاه من اللوازم الباطلة على تقدير كون الآية في المتعة غير لزوم اختلال النظم وبقاء الكلام ابتر الذي تقدم من بطلان التفريع وكون العقد غير مذكور واختلاف الضميرين لغوا ولا جناح عليكم حشوا غير صواب (اما التفريع) بالفاء فإن قوله واحل لكم ما وراء ذلكم لما شمل الدائم والمنقطع اجمالا وكان حكم الدائم قد تقدم تفصيله صح تفريع حكم المنقطع على ذلك الاجمال بقوله فما استمتعتم فكان تفصيلا بعد اجمال (وأما) عدم ذكر العقد من الطرفين ورضا المرأة فهو زعم غريب زعمه هنا وفي ص ١٦٤ ـ ولا غرابة في امر هذا الرجل فإن معنى فما استمتعتم فما تزوجتم به منهن وعقدتم عليه متعة وهو دال على العقد كما دل عليه فانكحوا ما طاب لكم فإن كان ذلك قد ذكر فيه العقد فهذا كذلك وان كان ذكر ضمنا فهنا قد ذكر ضمنا وهو كاف ولو فرض ان فما استمتعتم معناه فما انتفعتم فهو دال على العقد ضمنا أيضا سواء أحمل على الدائم أم المتعة لا مناص عن ذلك والفقهاء استدلوا على صحة جملة من عقود التجارة بآية إلا ان تكون تجارة عن تراض وليس فيها تصريح بالعقد ، وجل آيات النكاح ان لم تكن كلها لم تدل على وقوع العقد من الطرفين ولا على رضا المرأة صراحة. فانكحوا ما طاب لكم من النساء. وأحل لكم ما وراء ذلكم. فمما ملكت أيمانكم. فهل هذا دليل على جواز الاكراه في النكاح على مقتضى علم هذا الرجل وفلسفته المعوجة. وما في (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ) يجوز كونها شرطية وموصولية كما يفهم من العكبري في اعراب القرآن والأولى ان تكون موصولة

٢٨٣

مبتدأ عبارة عن النساء والضمير في به عائد عليها على اللفظ وما الموصولة وان كانت لغير العاقل إلا انه يجوز استعمالها في صفات من يعقل ومن في منهن للتبعيض حال من الهاد في به وجملة فآتوهن خبر والعائد ضمير النسوة ويظهر من قوله به أي بهذا النكاح المتقدم بيانه انه جعل ما عبارة عن النكاح أي ، فالنكاح المتقدم الذي استمتعتم به منهن وحينئذ لا بد من تقدير ضمير في جملة فآتوهن يعود على المبتدأ أي فآتوهن اجورهن فيه أو لأجله ولا يخفى ما فيه من التكلف المنافي لبلاغة القرآن ولو سلم فهو لا ينافي ورودها في المتعة كما لا يخفى فالمعنى الذي جعل الآية نصا فيه لتكون خاصة بالدائم لا تحتمله إلا على ابعد احتمال وذلك الاحتمال لا يجعلها خاصة بالدائم وهكذا دأبه يدعي الاجماع في محل الخلاف وفي محل الاجماع على العدم والنصوصية مع عدم الدلالة وينكر المسلمات ويخالف الاجماعات بدون تحرج ولا مبالاة على ان قراءة جماعة من اكابر الصحابة والتابعين الى اجل مسمى كما مر دالة على انها عندهم واردة في المتعة وهم اعرف بنصوص القرآن وظواهره من كل احد واما اختلاف الضميرين في به ومنهن فإنما هو لكون الأول راجعا الى ما الموصولة على اللفظ أو الشرطية لا الى هذا النكاح كما توهمه والثاني راجع الى النساء ولسنا ندري لما ذا يكون اختلاف الضميرين لغوا ان أريد بها المتعة كما لا ندري لما ذا يكون لا جناح عليكم «الخ» حشوا ولغوا وبيان الحكم الشرعي في أي شيء كان حقيرا أو كبيرا لا يصح ان يقال عنه انه اشتغال بأمر تافه فليس في الشريعة امر تافه والامر المهم الذي ينبني عليه حياة الانسان قد فرغ من بيانه واشتغل ببيان غيره وقوله ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة راجع الى نكاح المتعة فأل في الفريضة للعهد الذكري. في مجمع البيان قال السدي معناه لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من استئناف عقد آخر بعد انقضاء مدة الأجل المضروب في عقد المتعة يزيدها في الأجر فتزيده في المدة ا ه. لكن الطبري في تفسيره روى عن السدي انه ان شاء ارضاها من بعد الفريضة الأولى يعني الأجرة التي اعطاها على تمتعه بها قبل انقضاء الأجل فقال اتمتع منك أيضا بكذا وكذا قبل ان يستبرأ رحمها ا ه. ومراد السدي العقد عليها ثانيا ولا يرد عليه ما أورده الطبري من فساد القول بإحلال جماع المرأة بغير نكاح ولا ملك يمين فإنه احلال بنكاح. وبأقل مهما بلغت به البلادة فبسط كفيه واخرج لسانه لما سئل عن ظبي بيده بكم اشتراه مشيرا بانه اشتراه باحد عشر درهما

٢٨٤

فقد الظبي لن يبلغ مدى هذا الرجل في تحكماته وتمحلاته وتقولاته على الكتاب والسنة.

(عاشرا) ما تحذلق به في امر الجملة الشرطية التي جوابها إنشاء واخذه الخجل من كتابة مسألة نحوية ابتدائية ظهرت له وخفيت على من احتكر الأدب سمة للرفض وقال انه لا يصدر إلا من اعجمي لا يعرف ادب البيان هو كسائر اقواله رقم فوق ماء والعجمة ظاهرة في كلماته مثل ادخاله ال على براءة كما مر واللحن كثير في كلامه فيما لا يلحن فيه صغار الطلبة كما نبهنا على جملة منه فيما مر مما يدل على جهله بأدب البيان فهذه الجملة لم يعلم انها شرطية بل يجوز ان تكون خبرية وما موصولة كما مر بل هو الأولى وعلى فرض كونها شرطية وكون عمدة الكلام هو وجوب المهر بالاستمتاع فلا محذور فيه فإن حلية المتعة نفهم منه ضمنا. ونكاح المتعة كما مر داخل في عموم : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) وانما ذكر ثانيا لتفصيل ما اجمل كقولنا سيجيئك العلماء فإذا جاءك زيد منهم فأكرمه وليترتب عليه حكم آخر بين بقوله : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) كما مر فبعد ما بين النكاح اجمالا بقوله : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) قال : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) فالقسم الذي كان نكاحه نكاح متعة والعقد عليه عقد متعة مما ابتغيتم باموالكم يجب ايتاؤهن اجورهن حال كونها فريضة أي مفروضة لا يجوز غصب شيء منها ومنعه. هذا ان حمل استمتعتم على معنى عقدتم عقد متعة وان حمل على معنى انتفعتم كما هو اصل معنى الاستمتاع يكن المعنى انه يجب ايتاء الأجر عند حصول الاستمتاع لبيان ان الأجر يجب بالاستمتاع لا بمجرد العقد كما في الدائم فإنه يجب بالعقد وجوبا مراعى بعدم الطلاق قبل الدخول وإلا سقط النصف فاذا كانت الجملة في حلية المتعة فلا مناص عما عبر به فيها. ولو قيل فما آتيتموهن اجورهن فاستمتعوا منهن لكان كلاما ساقطا غير مفيد للمطلوب قول جاهل اعجمي لا يفهم ما يقول (والحاصل) انه قد بيّن في اوّل السورة النكاح الدائم : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) ثم وجوب ايتاء الصداق : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَ) ثم محرمات النكاح ثم احلال ما عداها بنكاح دائم أو منقطع أو ملك يمين. ثم وجوب ايتاء المهر في نكاح المتعة وجواز تجديده قبل انقضاء الأجل أو بعده بزيادة في الفريضة. ولو كان يعرف شيئا من أدب البيان لعلم ان حملها على النكاح الدائم هو المنافي لأدب

٢٨٥

البيان ونظم القرآن فإنه اذا كان جزاء الجملة هو عمدة الكلام تكون عمدة هذه الجملة هي وجوب اداء المهور وهذا قد تقدم بقوله وآتوا النساء صدقاتهن فيلزم التكرير لغير فائدة وهو مما يأباه أدب البيان ونظم القرآن. والامام الرازي حكى الاستدلال على نزولها في المتعة بأنه اوجب المهور بمجرد الاستمتاع التلذذ والانتفاع والاجور في الدائم لا تجب على الاستمتاع بل على النكاح ـ أي العقد ـ ولذا لزم نصف المهر بمجرد العقد. وانا لو حملناها على الدائم لزم تكرار بيان حكم النكاح في السورة الواحدة لأنه تعالى قال في اوّل هذه السورة : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ) الخ ثم قال وآتوا النساء صدقاتهن بخلاف ما لو حملناها على المتعة فإنه يكون حكما جديدا ا ه. والذين قالوا بنزولها في متعة الاسلام هم ابن عباس ترجمان القرآن وابن مسعود وأبي بن كعب الذي امر الله رسوله ان يقرأ عليه والسدي ومجاهد من اعلم الناس بتفسير القرآن فليرفع عن نفسه هذا الخجل بموافقة هؤلاء للشيعة. وليعلم ان المسائل النحوية الابتدائية والانتهائية لم تكن لتخفى على اقل طلبة الشيعة.

(حادي عشر) سواء أسمي المتعة اجارة أم نكاحا باجرة تهجينا لامرها تعصبا وعنادا للحق أم ما شاء له هواه أم نكاحا بمهر فهي قد ثبتت بالكتاب والسنة كما عرفت. اما استدلاله بآية من لم يستطع طولا وزعمه انها نص قطعي في تحريم المتعة على عادته في دعوى القطع في ما لا يخرج عن الوهم فالآية يراد بها ان من لم يستطع نكاح الحرائر لقلة طوله وقلة غناه فليتزوج من الاماء لقلة مهورهن ونفقتهن وتكاليفهن وليس المراد النكاح بالشراء وملك اليمين كما توهم لقوله تعالى بعد ذلك فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن اجورهن بالمعروف ولو اريد الاستدلال بها بنحو آخر لعله قد استدل به غيره فنقله وخلطه بغلطه هذا وهو ان الآية نقلت من لم يستطع نكاح المحصنة الى نكاح ملك اليمين ولم تذكر ما هو أقدر عليه من ذلك وهو المتعة الى آخر ما ذكره (والجواب) يفهم مما مر في آية وليستعفف من انها لا تدل على حرمة المتعة ولا اباحتها بشيء من الدلالات لا بمنطوق ولا بمفهوم ولا ربط لها بذلك بوجه من الوجوه وانما هي مسوقة لبيان ان نكاح الأمة دواما مشروط بعدم القدرة على نكاح الحرة دواما فمنطوقها ان من لم يستطع تزوج الحرائر دواما ومفهومها ان من استطاع ذلك ليس له تزوج الاماء ولا دلالة لها على شيء وراء هذا من حلية المتعة أو حرمتها فاذا وجد ما يدل على حلية المتعة لم يكن معارضا لمفهوم الآية ولا لمنطوقها فهي بمنزلة قولنا

٢٨٦

من لم يستطع ان يشتري البطيخ فليشتر القثاء. فلا يدل على انه ليس له ان يشتري الخيار فاذا وجد ما يدل على إباحة شراء الخيار كان مقتضى الجمع بين الأدلة ان من لم يقدر على شراء البطيخ له شراء القثاء أو الخيار فالله تعالى أباح نكاح الحرائر دواما بمهر مطلقا ونكاح الحرائر والإماء الى اجل بمهر مطلقا ونكاح الاماء دواما بشرط عدم استطاعة نكاح الحرائر ومنع منه مع الاستطاعة وجوز نكاح الاماء بملك اليمين مطلقا هذه هي احكام النكاح التي بينها الله تعالى في كتابه ليس بينها تناف ولا تعارض لو كان يدري ما يقول. على ان مهر الحرة في الدائم كما يمكن ان يكون قنطارا من ذهب يمكن ان يكون تعليم سورة وكفا من بر كما صرح به الخليفة واقل ما يتمول ومهرها في المنقطع كما يمكن ان يكون كفا من بر يمكن ان يكون قنطارا من ذهب وكما يمكن ان لا يستطيع نكاح الحرة دائما لكثرة المهر أو لامر آخر ويتمكن من نكاح الأمة يمكن ذلك في نكاحها متعة فأسباب عدم الاستطاعة لا تنحصر في كثرة المهر وفي النفقة كما مر في آية وليستعفف وبذلك ينحط الى دركات ما تحت الصفر بكثير تفلسفه هذا البارد السخيف.

(ثاني عشر) قد بان بما ذكرناه سابقا ولاحقا من الأدلة بطلان قوله ليس بيد الشيعة دليل سوى الآية بل بيدها مضافا الى ذلك السنة والاجماع على المشروعية والخلاف في النسخ وبأن بطلان قوله لا يوجد في غير كتب الشيعة قول لأحد انها نزلت في متعة النساء ويبطل قوله لم يقل احد انها نسخت اقوال من اجابوا عنها بأنها نسخت من علماء من تسموا بأهل السنة كما يأتي.

ومنهم ابن حزم في كتابه الناسخ والمنسوخ وهبة الله بن سلامة المفسر في كتاب الناسخ والمنسوخ المطبوع بهامش اسباب النزول للواحدي حيث قال عند ذكر الآيات المنسوخة من سورة النساء : الآية العاشرة قوله تعالى في متعة النساء : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً). نزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منزلا في اسفاره فشكوا إليه العزبة فقال استمتعوا من هؤلاء النساء فكان ذلك مدة ثلاثة أيام ولاء فلما نزل خيبر حرمها وحرم لحوم الحمر الأهلية. ثم ذكر انها نسخت بآية ميراث الزوجة. ثم حكي عن الشافعي انها نسخت بآية الا على ازواجهم أو ما ملكت ايمانهم وقد بان بذلك جهله وقصور معرفته وان قول الشيعة ليس فيه خطأ فضلا عن

٢٨٧

كونه فاحشا وان افحش خطأ وافتراء على الله وعلى القرآن الكريم هو انكاره ذلك. وان هذه المسألة النحوية لا تخفى على صبيان المكاتب من الشيعة.

(ثالث عشر) : زعمه احسن الاحتمالات فيما ينسب للصادقين عليهم‌السلام ان السند موضوع تكذيب للروايات بغير دليل والقول بأن الآية نزلت في المتعة قال به جماعة من اجلاء الصحابة والعلماء وقد جعله قول مدع جاهل مفتر وهو اولى بالدعاوي الباطلة والجهل والافتراء على كتاب الله منهم واذا قال به جماعة من اجلاء الصحابة والعلماء فلا غرو ان يقول به إمام أهل البيت والامام ابو حنيفة وإمام أهل البيت هو إمام الأمة بحق الذي اخذ عنه من سماه إمام الأمة. وقطعه بكذب الحكاية يوجب القطع بجهله وجرأته على الباطل. والشيعة ليسوا بادعياء في تشيعهم قد اخلصوا في حب أهل بيت نبيهم وحفظوا فيهم وصية جدهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما الدعي إلا من يرد اقوالهم بالهوى والغرض ويكذب رواياتهم الصحيحة بغير دليل ولا مستند. ودعواه اجماع الأمة على التحريم مع مخالفة ائمة أهل البيت وعلماء شيعتهم هي كسائر دعاويه الفاسدة. ونحن لا نتعجب من ادعائه هذه الدعاوي التي علم بطلانها ولا من خطأ الفاحش في فهم الكتاب ادبيا ومنطقيا بعد ما ظهر منه في كل مواقفه من التمحل والتعسف ومصادمة البديهة ومخالفة الاجماعات.

ثبوت المتعة بالسنة النبوية

المستفيضة بل المتواترة التي رواها ائمة الحديث في صحاحهم. البخاري. ومسلم. واحمد بن حنبل. والنسائي وغيرهم من ائمة الحديث الدالة على اذن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها أو على وقوع ذلك في عهد الرسالة وعهد الشيخين أو على الاباحة وانه لم تنزل آية تنسخها ولم ينه عنها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مدة حياته.

روى البخاري في صحيحه بسنده عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الاكوع قالا كنا في جيش فأتانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال انه قد اذن لكم ان تستمتعوا فاستمتعوا وروى مسلم في صحيحه بسنده عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال ان رسول الله قد أذن لكم ان تستمتعوا يعني متعة النساء ، وروى مسلم في صحيحه أيضا بسنده عن سلمة بن الأكوع وجابر بن عبد الله ان

٢٨٨

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتانا فأذن لنا في المتعة. وروى البخاري في صحيحه في باب ما يكره من التبتل والخصاء بسنده قال : قال عبد الله كنا نغزو مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس لنا شيء قلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا ان ننكح المرأة بالثوب ثم قرأ علينا : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) الآية. البخاري في باب قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) نحوه. قال القسطلاني في ارشاد الساري لشرح صحيح البخاري في ذلك الباب : وهذا الحديث اخرجه مسلم والنسائي في التفسير. وقال أيضا في شرح الحديث : (عبد الله) ابن مسعود «ان تنكح المرأة بالثوب» أي الى اجل في نكاح المتعة وقال في موضع آخر وهو نكاح المتعة (ثم قرأ علينا) أي عبد الله بن مسعود كما في رواية مسلم وكذا الاسماعيلي في تفسير المائدة. ثم قال : قال في الفتح وظاهر استشهاد ابن مسعود بهذه الآية هنا يشعر بأنه كان يرى جواز المتعة ا ه. مسلم في صحيحه بسنده عمن سمع عبد الله ـ يعني ابن مسعود كما سمعت ـ يقول كنا نغزو مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس لنا نساء فقلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا ان ننكح المرأة بالثوب الى اجل ثم قرأ عبد الله يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين. مسلم أيضا بسنده مثله إلا انه قال ثم قرأ علينا ولم يقل قرأ عبد الله. مسلم أيضا بسنده مثله إلا انه قال كنا ونحن شباب فقلنا يا رسول الله ألا نستخصي ، ولم يقل نغزو قال النووي في شرح صحيح مسلم : فيه أي في استشهاد ابن مسعود بالآية اشارة الى انه كان يعتقد إباحة المتعة كقول ابن عباس وانه لم يبلغه نسخها ا ه. وفي تفسير الفخر الرازي روي ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما قدم مكة في عمرته تزين نساء مكة فشكا اصحاب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليه العزوبة فقال استمتعوا من هذه النساء. وفي شرح النووي لصحيح مسلم عن القاضي عياض انه قال روي حديث إباحة المتعة جماعة من الصحابة فذكره مسلم من رواية ابن مسعود وابن عباس وجابر وسلمة بن الأكوع وسبرة بن معبد الجهني ا ه. وفي صحيح مسلم بسنده عن عطاء : قدم جابر بن عبد الله معتمرا فجئناه في منزله فسأله القوم عن اشياء ثم ذكروا المتعة قال نعم استمتعنا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابي بكر وعمر. وفي صحيح مسلم أيضا بسنده عمن سمع جابر بن عبد الله يقول كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن

٢٨٩

حريث. وهما صريحتان في بقاء المشروعية بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مدة خلافة ابي بكر وشطرا من خلافة عمر. وفي صحيح مسلم أيضا بسنده عن أبي نضرة : كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر فعلناهما مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما. الامام احمد بن حنبل في مسنده من مسند عبد الله بن عمر (٢ : ٩٥) بسنده عن عبد الرحمن بن نعم أو نعيم الأعرجي. : سأل رجل ابن عمر عن المتعة وانا عنده متعة النساء فقال والله ما كنا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زانين ولا مسافحين. ثم قال والله لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ليكونن قبل يوم القيامة المسيح الدجال وكذابون ثلاثون او اكثر. الامام احمد في مسنده أيضا (٤ : ٤٣٦) من حديث عمران بن حصين قال نزلت آية المتعة في كتاب الله تبارك وتعالى وعملنا بها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم تنزل آية تنسخها ولم ينه عنها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى مات. وفي تفسير الفخر الرازي عند ذكر الاحتجاج على إباحة متعة النساء عن عمران بن الحصين انه قال ان الله انزل في المتعة آية وما نسخها بآية اخرى وامرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمتعة وما نهانا عنها ثم قال رجل برأيه ما شاء يريد ان عمر نهى عنها ا ه. وروى الثعلبي في تفسيره ـ كما في مجمع البيان ـ باسناده عن عمران بن الحصين قال نزلت آية المتعة في كتاب الله ولم تنزل آية بعدها تنسخها فأمرنا رسول الله وتمتعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومات ولم ينهنا عنها فقال بعد رجل برأيه ما شاء.

فهذه الروايات تكذب دعاواه السخيفة كلها تكذيبا صريحا فقول جابر : استمتعنا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر حتى نهى عنه عمر وقول ابن عمر لما سئل عن متعة النساء : والله ما كنا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زانين ولا مسافحين يكذب دعواه انه لم يكن في الاسلام نكاح متعة وانها لم تقع من صحابي. وما اشتملت عليه روايات جابر وسلمة من إن رسول الله (ص) اذن لهم في متعة النساء وامرهم بها وما اشتملت عليه روايات عبد الله بن مسعود من ان رسول الله (ص) رخص لهم في نكاح المرأة بالثوب الى اجل واستشهاده بآية لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم كله يكذب دعوى انها لم تكن بإذن من الشارع ويسقط قوله فدعوى إباحة

٢٩٠

الشارع لها في صدر الاسلام ساقطة وكلها تكذب هذيانه بأنها من بقايا الأنكحة الجاهلية وانها كانت امرا تاريخيا لا حكما شرعيا وانه ليس بيد احد دليل بإباحتها في صدر الاسلام. والحمد لله على ما ظهر من ان ما حمد الله عليه وزعم انه هداه إليه هو دعاوي مجردة قد قامت البراهين القطعية على فسادها.

واراد ان يتحمل عذرا عن روايات ابن مسعود على عادته فقال في ص ١٢٨ ـ ١٣٠ ما حاصل مجموعه روى الامام الطحاوي في معاني الآثار عن عبد الله بن مسعود : كنا نغزو وليس لنا نساء فقلنا ألا نختصي الحديث المتقدم ، ثم قال : هذا كلام لفقته ألسنة الرواة من كلمات جرت في مجالس متفرقة على حوادث مختلفة حفظ الراوي منها جواب النبي لقائل قد قال ألا نختصي ، وقد كان جواب النبي على اسلوب حكيم يرشد المضطر الى ترك اشد الحرامين ولو بارتكاب الأخف وكلام الحكيم في امثاله لا يفيد احلال الأخف وانما يرشد الى تقليل الشر عند الاضطرار الى احد الشرين. قلت ذلك لأن ابن مسعود لم يغب في غزوة غيبة طويلة تضطره الى الاختصاء ولأن قول الصحابة ألا نختصي يدل دلالة قطعية على ان حرمة التمتع كانت معلومة مثل حرمة الزنا وإلا لما قال اجهل صحابي ألا نختصي ولأن أطول الغزوات غيبة عن المدينة مثل خيبر والفتح وتبوك كانت بعد نزول : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) وابن مسعود كان أقوم الناس بأدب الدين وأطوعهم لأوامر الكتاب وكان يعلم ان امد الاغناء يمكن ان يمتد الى سنين فلم يمكن ان يقول صحابي له أدب خرج من بيته مجاهد في سبيل الله ألا نختصي وهو يحفظ آية فليستعفف ولم يغب عن زوجه إلا أياما أو أسابيع وهل كان ابن مسعود افقر من ان يكون له كف من بر. ثم اعاد الكلام في آية وليستعفف فكرر واطال بما يوجب الضجر والملال بدون جدوى على عادته السيئة فذكرها في ص ١٣٣ ـ ١٣٥ وفي ص ١٣٩ و ١٦٤ و ١٦٩ اكثر من تسع مرات بمضامين متقاربة ونضح إناؤه بما فيه من سوء القول فقال ما ملخصه : قوله تعالى في سورة النور : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ. وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ. وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ. وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ) هذه الآية الكريمة ، وحدها تكفي ان تثبت ان المتعة كانت محرمة في صدر الاسلام تحريم ابد ولو حلت لما كان لهذه الآية

٢٩١

الجليلة ولا لجملة من جملها الخمس معنى. الاستعفاف مبالغة التعفف ومن لم يتمكن من نكاح فعليه الاستعفاف حتى يمكنه الله ويغنيه من فضله ولو حل تمتع لبطل هذا الأمر. وآية وليستعفف نص قاطع محكم في تحريم المتعة تحريم ابد. ومجتهد الشيعة الذي تفلسف في توجيه هواه ومذهبه قد نسي ومر على آية في القرآن الكريم واعرض عنها. وكأين من آية في القرآن الكريم وسنن امة النبي الحكيم يمرون عليها وهم عنها معرضون. هذه الآية تهدي من لا يجد نكاحا الى الاستعفاف حتى يغنيه الله لا الى التمتع ولا الى الاستئجار لا يتمتع ولا يمتع لا يستأجر ولا يؤجر إلا مذهب الشيعة لا دين الكتاب الكريم ولا أهل بيت النبي الحكيم ثم ان كان جملة وما استمتعتم في حل المتعة ولا يقوله إلا باقل أو اعجمي جاهل فأين كان الله الذي لا ينسى واين كان قوله فليستعفف هل نسيه أو نسخه وجملة شرطية نزلت تفريعا في تفصيل آيات النكاح هل تنسخ آية فيها تأكيد حرمة النكاح وتقديسه بإيجاب الانتظار الى اغناء الله وأي معنى لقوله لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله لو حل تمتع بكف من بر أو بعدهم واي حاجة الى الاستعفاف لو حل المتعة بوجه من الوجوه فوجوب الاستعفاف عند العجز عن النكاح يناقض حل التمتع بينهما مناقضة منطقية ومراقبة عروضية والله ارشد كل فقير الى النكاح بقوله وانكحوا الأيامى ثم اوجب على نفسه اغناء الفقير في دوام العقد والزيجة ولو جاز تمتع الشيعة لم يبق لهذه الآية شأن ولما كان لذكر آية الاستعفاف بعدها من مناسبة اعجازية أو ادبية تعالى :

كتاب الله وهو اجل قدرا

من الاخبار عنه بالتعالي

قال : ومن كان الخاطب بآية اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله وقد نزلت قبل هذه الغزوات بمدة. وهل يمكن ان يوجد جزع اشد وأذم من جزع مجاهد يقول ألا نختصي وهو يحفظ أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وهل يمكن ان يكون صحابة أفضل نبي اوهن واوقح في جنب الله عند نبيه من اصحابه أي نبي كان وقد كانوا :

رهبان ليل يذكرون كلامه

آساد غاب في الوغى ينهار

ثم تمضي عليهم سنون لا يجس في قلب احد منهم واجس تمتع ولا داعية ميل الى زوجة. ومثل ابن مسعود في ورعه ودينه اذا اعتقد حرمة زنا وقال ألا نختصي لا

٢٩٢

يمكن ان يعتدي على القرآن يضرب بعض الآيات ببعضها يبتذل في سبيل سبقه آية لا تحرموا طيبات ما أحل لكم ولا تعتدوا ، واي فرق بين هذا الاعتداء وبين قول خليع يستحل زنا بغادة جميلة ويقول لا تحرموا واقل صحابي (ولا أقل بين الصحابة) اجل من ان يبتذل آية مثل هذا الابتذال فكيف ابن مسعود وهو احفظ الصحابة واقرأهم بلا استثناء واعلم من اكثرهم واشبههم أدبا وهديا بالنبي صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

(ونقول) (أولا) انه لم يرو ذلك الامام الطحاوي وحده بل رواه قبل الطحاوي اصحاب الصحاح وغيرهم. الامام البخاري. والامام مسلم. والامام احمد بن حنبل والنسائي وابن ماجة وغيرهم وهم الذين قال عنهم فيما يأتي عند ذكر متون الاحاديث انهم ائمة الأمة وان لهم رواية محيطة ودراية نافذة واسعة وانهم نقدوا الاحاديث نقد الصيارفة خالص النقود من زيوفها وانه ما فاتهم شيء من سنن النبي واحاديثه وانه لم يبق في احاديث الأمة زيف أو دخيل وهنا يقول هذا كلام لفقته ألسنة الرواة من كلمات جرت في مجالس متفرقة على حوادث مختلفة وهل هذا الا قدح في نقد هؤلاء الأئمة للأحاديث بأنه اختلط عليهم الأمر فجمعوا كلاما لفقته ألسنة الرواة من كلمات جرت في مجالس متفرقة على حوادث مختلفة لم يميزوا بينها فلفقوها وجمعوها وهل هذا إلا تناقض ظاهر وكم له في كلامه امثال.

(ثانيا) لا أقبح ولا ابرد ولا اسخف من هذا العذر الذي اعتذره عن ترخيص النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم في النكاح بالثوب الى اجل بانه ترخيص في الزنا لكونه اخف حرمة من الاختصاء فإنه لا يصدر ممن عنده ذرة من معرفة مع انه مناقض لما وصفهم به من انها تمضي عليهم سنون لا يجس في قلب احد منهم واجس تمتع ولا داعية ميل الى زوجة ولما وصف به ابن مسعود من الورع والدين فمن تكون هذه صفتهم هل يتفوه من عنده ذرة من علم او عقل بأنهم يقدمون على الزنا ثم يزيد بأن النبي (ص) رخص لهم فيه لأنه اخف حرمة من الاختصاء هل يمكن ان يتكلم بمثل هذا مفلت من دبر هرقل ومناقض أيضا لأمر الله لهم بالصبر والمصابرة ولكن التناقض في كلامه لا شيء أرخص منه وأي حكمة في ذلك يمكن اسنادها الى النبي (ص) وهم لم يريدوا بقولهم ألا نختصي حقيقة وإنما أرادوا اظهار زيادة المشقة أي ما ذا نصنع أنختصي فلم

٢٩٣

يبق بيدنا شيء نفعله إلا الاختصاء كما يقول المتضجر ما ذا افعل أأقتل نفسي؟ فلا اضطرار هنا الى احد الأمرين يبيح الأخف ضررا منهما كانقاذ الاجنبية من الغرق المستلزم مس بدنها كما هو واضح.

(ثالثا) زعمه ان ابن مسعود وغيره لم يغيب عن أهله غيبة طويلة في عهد الرسالة تضطره للاختصاء هو رد للآثار الثابتة بالاستبعادات والتأويلات الخارجة عن مداليل الألفاظ ولو جاز التعويل عليها لم يسلم لنا حديث فكل يؤل على مشتهاه ان الاختصاء لم ترد حقيقته كما عرفت وهل كان مع الصحابة فعرف سرهم وعلانيتهم وظاهر احوالهم وباطنها على ان عوامل الطبيعة في مثل ذلك كما تكون مع الغيبة الطويلة تكون مع القصيرة امثال الشهر والشهرين والأقل وطبائع الأشخاص في ذلك مختلفة مع ان هذه الدعوى لو صحت لأبطلت عذره المتقدم من ان جواب النبي كان على اسلوب حكيم «الخ» ، كما لا يخفى.

(رابعا) احكام الشريعة كانت تنزل تدريجا فيجوز ان يكون حلية المتعة شرعت يومئذ وبذلك يبطل زعمه ان قوله ألا نختصي يدل على ان حرمة التمتع كانت معلومة على انه قد قال فيما مر : كانت في عهد الرسالة تثبت سنة وتخفي على جماعة من الصحابة كثيرة وان ابن عباس قد خفي عليه سنن في ابواب الربا والصرف مع ما قيل عنه ان عنده ثلثي علم رسول الله (ص) فلابن مسعود اسوة به فصح على مقتضى قوله ان يكون التمتع مشروعا وخفي عن جماعة كثيرة من الصحابة ولا ينافي ذلك ما وصف به ابن مسعود من صفات التعظيم.

(خامسا) ان صح ان اطول الغزوات كانت بعد نزول آية وليستعفف لم يمنع ذلك ان يشكو ابن مسعود الى الرسول (ص) مشقة العزوبة ويقول ألا نختصي والأمر الطبيعي لا يتنافي مع القيام بأدب الدين واطاعة أوامر الكتاب ولا يرتبط بذلك ويمكن حصوله في المدة الطويلة والقصيرة ولا يرفعه الأدب ولا الخروج للجهاد في سبيل الله بل هو امر قهري من لوازم الطبيعة يحصل للمجاهدين والقاعدين والمتأدبين والقليلي الأدب والمطيعين لأوامر الكتاب والعاصين لها. فقول ابن مسعود أو غيره للرسول (ص) ألا نختصي ليس عصيانا لقوله تعالى : (وَلْيَسْتَعْفِفِ) ولا خروجا عن أدب الدين بل هو شكاية الى الرسول (ص) كما يدل عليه ما في رواية اخرى : شكونا الى رسول الله العزبة ومن عادة الاتباع ان يشكوا الى متبوعهم كل ما ينوبهم

٢٩٤

خصوصا من هو احنى عليهم من الأب الشفيق وهم ـ كما مر ـ لم يريدوا حقيقة الاختصاء بل اظهار زيادة المشقة والضجر فأرشدهم الى المتعة واباحها لهم عن الله تعالى فكانت شكايتهم سببا لحصول الفرج لهم. واذا كان ابن مسعود يعلم ان امد الاغناء يمكن ان يمتد الى سنين كان ذلك ادعى الى ان يشتكي الى الرسول العزبة وابن مسعود لم يعلم بحلية المتعة قبل ذلك الوقت فبطل قوله هل كان افقر من ان يكون له كف من بر وآية وليستعفف لا دلالة لها على تحريم المتعة بشيء من الدلالات ولذلك لم يذكرها احد في ادلته قبل هذا الرجل مع تشبثهم في ذلك بكل رطب ويابس اللهم الا ان يكون وقع ذلك من احد امثاله فهذا التكرار والتطويل والتهويش والتهويل بدون برهان ولا دليل لا يغني من فتيل وإن دلت على وجوب الاستعفاف عن الزنا من الذين لا يقدرون على التزوج لفقرهم حتى يغنيهم الله من فضله فيتمكنون من مهر الزوجة ونفقتها والمهر في كل من النكاح الدائم والمنقطع يجوز ان يكون كفا من بر أو درهما أو تعليم سورة أو قنطارا من ذهب وقد اجمع المسلمون كافة على ان كل ما يتمول يصح ان يكون مهرا في الدائم بل يصح بدون مهر اصلا كما نطق به القرآن الكريم ويكون لها مع الدخول مهر المثل وقد صرح الخليفة الثاني كما نقله هو فيما مر بأن كفا من بر يصح ان يكون مهرا في النكاح الدائم واعترف هو أيضا فيما مر بأن أقوال الشيخين حجة كأقوال الرسول (ص) كما اجمع كل من قال بنكاح المتعة ان كل ما يتمول يصح ان يكون مهرا قل أو كثر ككف من بر أو درهم أو تعليم سورة أو قنطار من ذهب. وكما يمكن ان لا يقدر المرء على النكاح الدائم لفقره مع غلاء المهر وكثرة النفقة يمكن ان لا يقدر على المنقطع لعدم رضا المرأة بمهر قليل أو عدم رضاها بالمنقطع اصلا ولو بمهر كثير أو عدم تمكنه ولو من القليل كدرهم أو درهمين أو عدم رضاها بالمنقطع اصلا ولو بمهر كثير فيدخل تحت قوله لا يجدون نكاحا. وكما يمكن ان ترضى في المنقطع بمهر قليل ككف من بر أو درهم أو تعليم سورة يمكن ان ترضى بذلك في الدائم أو بغير مهر ويصح النكاح وان تكون غنية فلا تكلف الزوج النفقة فبان ان النكاح الدائم والمنقطع يشتركان في جوازهما بكل مهر وان قل جدا او كثر جدا وفي إمكان عدم القدرة على النكاح لفقد المهر قل أو كثر ولو سلم ورود الآية في الدائم لأنه الغالب لم يكن فيها دلالة على حل المتعة ولا حرمتها لأنها انما تدل على

٢٩٥

وجوب الاستعفاف بترك الزنا عند عدم التمكن من الدائم أما ان الزنا ما هو وبأي شيء يحصل واي نكاح صحيح وأي نكاح باطل فلا دلالة لها عليه فاذا كان نكاح المتعة مباحا مع قطع النظر عن هذه الآية بما دل عليه لم يكن فعلها منافيا للاستعفاف ولا هذه الآية منافية لحليتها. فظهر بما ذكرناه ان ما يتفق به بقوله ان هذه الآية نص قاطع محكم «الخ» عار عن التحصيل وان الآية لا ربط لها بما ذكره بوجه من الوجوه وان قوله لما كان لهذه الآية الجليلة ولا لجملها الخمس معنى ليس له معنى وان جملها الخمس لا ترتبط بحلية المتعة ولا بحرمتها اصلا وان هذا الذي تفلسف به في معنى الآية لتوجيه هواه ومذهبه يدخله في عموم وكأين كل آية في القرآن الكريم وسنن امة النبي الحكيم يمرون عليها وهم عنها معرضون ولها تاركون وتعبيره عن المتعة بالاستئجار والايجار كما مر منه مرارا ما هو إلا هذر من القول لا يثبت حقا ولا ينفي باطلا كما علم بما اقمناه من الأدلة على شرعية المتعة وعدم نسخها انها من دين الكتاب الكريم وسنة النبي الحكيم ومذهب كثير من الصحابة واهل البيت عامة وان دعاواه هذه المجردة لا قيمة لها كما ظهر ان انكار كون فما استمتعتم في حل المتعة لا يقع من باقل ولا اعجمي جاهل فأين كان الله الذي لا ينسى حتى يكرر حكم النكاح الدائم الذي ذكره في أول السورة بقوله فانكحوا ما طاب لكم وحكم المهر المذكور بقوله وآتوا النساء صدقاتهم فيعيده مرة ثانية بقوله فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فهل نسيه واين كان الله تعالى الذي اوجب المهر في الدائم بمجرد العقد هل نسيه أو نسخة فأوجبه بالاستمتاع لا بالعقد. وجملة شرطية نزلت تفريعا في حكم المتعة التي دخلت في آيات النكاح كما مر عند الكلام على تلك الجملة الشرطية لا تنافي آية وليستعفف التي فيها تأكيد حرمة النكاح وتقديسه حتى تكون ناسخة لها كما بيناه وأي معنى لقوله لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله اذا حل نكاح دائم بكف من بر أو بدرهم كما اجمع عليه المسلمون وحكاه هو عن الخليفة الثاني واي حاجة الى الاستعفاف اذا حل هذا فما يكون جوابه فهو جوابنا والجواب يعلم مما مر عند بيان معنى آية الاستعفاف فظهر ان وجوب الاستعفاف عند العجز عن النكاح وحل المتعة ليس بينها مناقضة منطقية ولا مراقبة عروضية مما تفاصح به عند من ينصف ويفهم مناحي الكلام واذا كان الله تعالى حث على النكاح ونهى عن ان يكون الفقر مانعا منه

٢٩٦

ووعد بإغناء الفقير اذا تزوج وامر من لم يقدر على النكاح ان يتعفف عن الزنا فما ربط ذلك بحلية المتعة وحرمتها فاذا قال تعالى من تزوج فقيرا يغنه الله من فضله ويجوز النكاح الى اجل ومن لم يجد نكاحا لفقره فليستعفف حتى يغنيه الله من فضله أي منافاة بينها تنافي الاعجاب والأدب بعد الاجماع على جواز كون المهر في الدائم والمتعة من حفنة بر الى قنطار ذهب.

كتاب الله وهو اجل قدرا

تعالى عن اباطيل الرجال

ويلزم على رأيه ان لا يشتكي المجاهدون جوعهم الى رسول الله (ص) اذا جاعوا ولا عطشهم اذا عطشوا ولا شيئا مما يصيبهم لأن ذلك ينافي امرهم بالصبر والمصابرة فالصبر على الشدة مع امكان التخلص منها هو صبر بلادة لا صبر شرف واجر. وتهويله بأنه هل يمكن ان يوجد جزع أشد من جزع مجاهد يقول ألا نختصي وهو يحفظ آية أم حسبتم ان تدخلوا الجنة وهل يمكن ان يكون صحابة افضل نبي «الخ» بتلك العبارة المعقدة. تهويل بارد. المجاهد يطلب منه الثبات في الحرب وعدم الفرار وعدم الجزع والخوف ولا يطلب منه اذا حصل له امر طبيعي ان يشكوه الى نبيه الذي يمكن ان يبيح له ما يرفعه سواء أكان من صحابة افضل نبي أم لا واي ربط لأفضلية النبي وعدمها بالمقام ولم يكن في المقام جزع ولا هلع واذا كانوا رهبان ليل في عبادة الله بالصلاة والدعاء والتلاوة لم يلزم ان يكونوا رهبان نصارى لا رهبانية في الاسلام. ولم تسلب منهم شهوة النكاح وقد ورد تعلموا من الديك خمس خصال وعدّ منها كثرة الطروقة وحبب إليه (ص) من الدنيا ثلاث اولها النساء ومات عن تسع نسوة وتسمية ذلك وهنا ووقاحة من الوهن والوقاحة لما عرفت. وقوله مضت عليهم سنون «الخ» من جملة عباراته الفارغة. قوله لا يجس في قلب احدهم واجس تمنع تكذيب للأحاديث النبوية. وقوله ولا داعية زوجة نسبة لهم الى مخالفة السنة ان اراد انهم لم يتزوجوا ويكذبه المعلوم من حالهم ان اراد عدم ميلهم للنساء وعلى ذكر البيت الذي انشده جرى على اللسان هذان البيتان :

حب النساء شريعة مسنونة

مأخوذة عن احمد المختار

ما كان في شرع النبي ترهب

من عابد أو فارس كرار

(سادسا) مثل ابن مسعود في ورعه ودينه اذا كان يرى ويروي حلية المتعة

٢٩٧

ويروي ذلك ائمة الأمة مثل البخاري ومسلم وامثالهما الذين قال هو فيهم فيما يأتي انهم نقدوا الأحاديث نقد الصيارفة ولم يبق في كتب الأمة زيف أو دخيل ويستشهد بعده بآية لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم وجب قبول قوله واتباعه ولم يجز رد روايته وحقا انه اذا اعتقد حرمة الزنا واستباح المتعة ـ كما حكاه عن نفسه ـ فلا بد ان يكون استباحها بنص الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا يمكن ان يعتدي على القرآن يضرب بعض الروايات ببعضها وانما تلا آية لا تحرموا مستشهدا بها لما سمعه وثبت عنده من احلال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الله تعالى للمتعة ورادا بذلك على من حرمها ولا يمكن ان يبتذل في سبيل قضاء شهواته آية لا تحرموا ولا ان يعتدي فما ذكره أدل على خلاف مراده. ومثل هذا الذي وقع من ابن مسعود في علمه ودينه وادبه مثل من تزوج بحسناء وقال لا تحرموا. اما الاعتداء وابتذال السنة والآيات في سبيل تأييد هوى النفس فهو ما فعله هذا الرجل في صرف الروايات والآيات عن موردها بغير دليل ولا موجب سوى شهوة النفس وابن مسعود لا يمكن ان يبتذل آية من كتاب الله ولكن عد هذا الرجل الاستشهاد بالآية الكريمة على ما تدل وتنطبق عليه ابتذالا لها هو عين الابتذال للحق والصواب والاخلال بواجب الآداب. ولم يفهم لقوله ـ ولا أقل بين الصحابة ـ معنى فهل يرى ان الصحابة كلهم في درة واحدة فمروان بن الحكيم والوليد بن عقبة والمغيرة بن شعبة وبسر بن ارطاة واضرابهم في درجة الخلفاء الرادين لا يقلون عنهم في شيء.

فظهر ان قوله ان هذا الكلام كان ملفقا كلام ملفق مزوق بعيد عن الحقيقة والحق.

الروايات المدعي فيها النسخ

مسلم في صحيحه بسنده عن سلمة بن الأكوع : رخص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها.

روايات سبرة بن معبد الجهني

مسلم في صحيحه بسنده عن الربيع بن سبرة ان اباه غزا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتح مكة قال فأقمنا خمس عشرة ثلاثين بين يوم وليلة فأذن لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في متعة

٢٩٨

النساء فخرجت أنا ورجل من قومي ولي عليه فضل في الجمال وهو اقرب من دمامة مع كل واحد منا برد فبردي خلق واما برد ابن عمي فبرد جديد غض حتى اذا كنا بأسفل مكة أو باعلاها فتلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة فقلنا لها هل لك ان يستمتع منك احدنا قالت وما ذا تبذلان فنشر كل واحد منا برده فجعلت تنظر الى الرجلين ويراها صاحبي ينظر الى عطفها فقال ان برد هذا خلق وبردي جديد غض فتقول برد هذا لا بأس به ثلاث مرات أو مرتين ثم استمتعت منها فلم اخرج حتى حرمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

(وبسنده) عن الربيع بن سبرة بن معبد عن ابيه ان نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عام فتح مكة امر اصحابه بالتمتع من النساء فخرجت انا وصاحب لي من بني سليم حتى وجدنا جارية من بني عامر وكأنها بكرة عيطاء فخطبناها الى انفسنا وعرضنا عليها بردينا فجعلت تنظر فتراني اجمل من صاحبي وترى برد صاحبي احسن من بردي فأمرت نفسها ساعة ثم اختارتني على صاحبي فكن معنا ثلاثا ثم امر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفراقهن.

(وبسنده) عن الربيع بن سبرة عن ابيه ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى يوم الفتح عن متعة النساء.

(وبسنده) عن الربيع بن سبرة الجهني عن ابيه انه اخبره ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن المتعة زمان الفتح متعة النساء وان اباه كان قد تمتع ببردين احمرين.

(وبسنده) عن الربيع بن سبرة الجهني عن ابيه : امرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم يخرج حتى نهانا عنها.

(وبسنده) عن سبرة الجهني ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن المتعة وقال انها حرام من يومكم هذا الى يوم القيامة ومن كان اعطى شيئا فلا يأخذه.

(وبسنده) عن الربيع بن سبرة الجهني عن ابيه انه قال اذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمتعة فانطلقت انا ورجل الى امرأة من بني عامر فعرضنا عليها انفسنا فقالت ما تعطيني فقلت ردائي وقال صاحبي ردائي وكان رداء صاحبي اجود من ردائي وكنت اشب منه فاذا نظرت الى رداء صاحبي اعجبها واذا نظرت إليّ اعجبتها ثم قالت انت ورداؤك تكفيني فكنت معها ثلاثا ثم ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال من كان عنده من هذه النساء اللاتي يتمتع بهن فليخل سبيلها.

٢٩٩

(وبسنده) عن الربيع بن سبرة الجهني ان اباه قال قد كنت استمتعت في عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم امرأة من بني عامر ببردين احمرين ثم نهانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن المتعة.

(وبسنده) عن الربيع بن سبرة الجهني ان اباه حدثه انه كان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال يا أيها الناس إني كنت قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وان الله قد حرم ذلك الى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا.

(وبسنده) عن الربيع بن سبرة عن ابيه ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن نكاح المتعة.

الامام احمد بن حنبل في مسنده فيما اخرجه من حديث سبرة بن معبد بسنده عن الربيع بن سبرة الجهني عن ابيه : خرجنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الفتح فأقمنا خمس عشرة من بين ليلة ويوم فاذن لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المتعة وخرجت انا وابن عم لي في اسفل مكة أو قال في اعلى مكة فلقينا فتاة من بني عامر بن صعصعة كأنها البكرة العنطنطة وأنا قريب من الدمامة وعليّ برد جديد غض وعلى ابن عمي برد خلق فقلنا لها هل لك في ان يستمتع منك احدنا قالت وهل يصلح ذلك قلنا نعم فجعلت تنظر الى ابن عمي فقلت لها ان بردي هذا جديد وبرد ابن عمي هذا خلق مح قالت برد ابن عمك هذا لا بأس به فأستمتع منها فلم نخرج من مكة حتى حرمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(وبسنده) عن ربيع بن سبرة عن ابيه ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن متعة النساء يوم الفتح.

(وبسنده) عن ربيع بن سبرة : سمعت ابي يقول سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع ينهي عن نكاح المتعة.

(وبسنده) عن الربيع بن سبرة عن ابيه : خرجنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المدينة في حجة الوداع الى ان قال فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت وبين الصفا والمروة ثم امرنا بمتعة النساء فرجعنا إليه فقلنا يا رسول الله انهن قد ابين الا الى اجل مسمى قال فافعلوا فخرجت انا وصاحب لي عليّ برد وعليه برد فدخلنا على امرأة فعرضنا عليها انفسنا فجعلت تنظر الى برد صاحبي فتراه اجود من بردي وتنظر إليّ فتراني اشب منه فقالت برد مكان برد واختارتني فتزوجتها عشرا ببردي فبت معها تلك الليلة فلما اصبحت غدوت الى المسجد فسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو على المنبر يخطب يقول من

٣٠٠