نقض الوشيعة

السيّد محسن الأمين العاملي

نقض الوشيعة

المؤلف:

السيّد محسن الأمين العاملي


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤١٦

وافر ا ه وجدنا السيد علي ابن السيد محمد الامين من اعاظم علماء جبل عاملة قتل مسموما في عكا في عهد ابراهيم باشا المصري وغيرهم ممن لا يسعنا احصاؤهم في هذه العجالة. وكم كان الشيعة في الحجاز يؤذون بانواع الاذى بالقتل فما دونه في اغلب الاعصار. وكم كان يوضع طبيخ العدس الجريش في حر الحجاز حتى ينتن ويجعل في الحرم لشريف ويدعي على شيعة العجم انه عذرة وضعوها في المسجد توصلا لإيذائهم وفي عصرنا هذا قتل سيد ايراني شريف من ذرية الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء لاداء فريضة الحج في عهد الوهابيين ادعي عليه حمل العذرة على شفتيه وتنجيس الكعبة بها فحكم القاضي بقتله فذبح بين الصفا والمروة بالسيف ذبح الشاة. وامثال ذلك كثير لا يمكن حصره. ومع كل هذا يقول مؤلف الوشيعة بلا خجل ولا استحياء لم يكن في عصر من العصور الاسلامية ضرر على شيعي اذا جهر بعقيدته وما روي في ذلك فهو من اوضاع ، وما وشيعته هذه وما اودعه فيها الا شرارة من تلك النار وسهم من تلك الكناية.

كتم السر

قال ص (٨٢) كان للائمة في الدعوة والامور السياسية اسرار واخبار اذاعها البعض فقتل او كان سببا لقتل امام فكانت الائمة قد يتقون الشيعة اكثر من اتقائها الناصب والمخالف قال امام ما قتلنا من اذاع سرنا خطأ بل قتلنا قتل عمد. وقال ص (٨٣) فالتقية اذا كانت بمعنى كتم السر فهي ادب لازم لم يكن يقوم بها الا قليل والغالب ان مثل هذا الادب لم يكن عند الشيعة زمن الائمة ولذلك كانت الائمة تتقي الشيعة اكثر من اتقائها المخالف والناصب.

(ونقول) أولا لم يكن عند الائمة اسرار سياسية فيما يرجع الى الملك والسلطان وانما كان سرهم الذي لا يريدون اذاعته القول بامامتهم في الدين واخذ احكامه عنهم فكانوا يوصون اتباعهم بالتقية في ذلك خوفا من ملوك زمانهم الذين يخافون من ميل الناس إليهم ان ينازعوهم ملكهم وهذا يشمل ويعم كلما يدل على القول بامامتهم اما صريحا او ضمنا من فعل عبادة تختص بهم كالمسح على الرجلين ونقل فتوى تخالف فتوى غيرهم وغير ذلك ففي اخفاء ذلك كتم للسر وفي اظهاره

٢٠١

اذاعة له. واظهار هذا وحده كان كافيا في سفك الدماء ونهب الاموال والحبس والضرب وانواع الاذى من طواغيت زمانهم لكل من يقول به وينتسب إليه فامروا اتباعهم بالتقية لاجل ذلك وهي تشمل التقية في العبادة والرواية اللتين حصر كلامه فيهما وانكرهما سابقا واعترف بهما هنا من حيث لا يشعر فاذا كان كتم السر يشمل عدم اظهار القول بامامتهم وعدم اظهار عبادة او فتوى تختص بهم لان لازم ذلك القول بامامتهم فقد شملت التقية العبادة والفتوى ويترتب على ذلك امور.

(١) بطلان جعله كتم السر غير التقية بالعبادة والفتوى وغيرهما بقوله فالتقية ان كانت بمعنى كتم السر فهي ادب لازم بل كتم السر يشمل التقية بالعبادة والفتوى وغيرهما.

(٢) بطلان قوله ان مثل هذا الادب لم يكن عند الشيعة زمن الائمة مستندا الى ان الائمة كانت تتقي الشيعة اكثر من اتقائها المخالف والناصب لان الشيعة كانت تذيع السر فان اذاعة السر كما عرفت تشمل العبادة والرواية وغيرهما وكون ذلك لم يكن عند الشيعة غير صواب فقد كان ذلك عندهم زمن الائمة الا من شذ ومحمد بن ابي عمير من اصحاب الكاظم حبسه الرشيد وضربه اشد الضرب ليدل على اصحاب موسى بن جعفر فصبر وعصمه الله من ان يدل عليهم فيقتلوا ودفنت اخته كتبه خوفا فتلفت فحدث من حفظه وكذلك كون الائمة كانت تتقي الشيعة اكثر من غيرهم غير صواب وان صح عن احدهم انه قاله فهو من باب المبالغة والتشديد في الزجر عن ترك التقية وكذلك قول ما قتلنا من اذاع سرنا خطأ بل قتل عمد ـ ان صح ـ فانما هو تشديد ومبالغة في الوصاة بالتقية وبيان ان تركها قد يسبب قتلنا وليس المراد ان بعض شيعتهم اذاع سرهم فكان سبب قتلهم فهو كقول القائل من فعل كذا فقد قتلني وهو مؤيد لما قلناه وبذلك يبطل قوله او كان سبب قتل امام الذي رتبه على قول ما قتلنا من اذاع سرنا «الخ» فاننا لا نعلم إماما قتل بسبب اذاعة السر من بعض اصحابه وهذا احد استنتاجاته الخاطئة. ولعله اراد بالبعض الذي اذاع السر فقتل هو المعلى بن خنيس مولى الامام جعفر الصادق الذي قتله بعض طواغيت بني العباس واخذ امواله بسبب ترك التقية واذاعة السر باظهار القول بالامامة وهو مؤيد لما قلناه.

٢٠٢

(٣) بطلان قوله السابق لا اظن ان الائمة كانوا يعلمون الشيعة التقية وانها تقية الحق لا تقية الخداع والنفاق كما سماها هناك بحسن ادبه وبطلان قوله لم يكن في عصر من العصور قتل شيعي «الخ».

قال ص ٨٣ قال الصادق ذكرت التقية يوما عند علي بن الحسين فقال والله لو علم ابو ذر ما في قلب سلمان لقتله ولكفره وقد آخى الله بينهما هذه صورة اخرى من تقية كتم ما في القلب من الافكار والعلوم ـ ان سمينا الكتم تقية ـ فمثل هذه التقية لا بأس بها. وليست هي من تقية الشيعة. ومثل هذه التقية قليل عند الائمة واقل عند الشيعة الا اذ اطال المجتهد الشيعي كلاما لا معنى له في موضوع لا يفهمه فبعد التعب العظيم والاتعاب يتظاهر بالعلم ويقول : وهاهنا بيان يسعه الصدر ولا يسعه السطر ولذلك كتمناه في الصدور وارخينا دونه الحجب والستور. هذه تقية لها فائدة تستر العجز والجهل نعم.

لله سر تحت كل لطيفة

فاخو البصائر غائص يتعلق

(ونقول) : حديث لو علم ابو ذر «الخ» لا نعتقد بصحته ان لم نجزم ببطلانه وليس كل ما اودع في الكتب يمكن وصفه بالصحة من كتب الفريقين ولو صح لوجب حمله على تفاوت درجات الايمان والمعرفة. واما قوله في حق المجتهد الشيعي ـ صاحب اصل الشيعة ـ فكان ينبغي له ان يشافهه به. وقد رأى هذا الكلام منه وهو عنده وفي بلده وفي بيته فيفحمه في رد كلام هو بزعمه لا معنى له في موضوع لا يفهمه فيظهر بذلك عجزه وجهله الذي يدعيه لا ان يؤخر جوابه فيبعث به من وراء البحار والقفار بكلام مجمل لا يقدر ان يجزم سامعه بصحته ولا بفساده حتى لا يصدق عليه قول القائل :

واذا ما خلا الجبان بارض

طلب الطعن وحده والنزالا

ثم اتى ص ٨٤ بكلمات تشبه كلمات الصوفية ومناحيهم وجاء في اثنائها ببعض كلمات القذف والقذع مما هو احق به ولا حاجة بنا الى نقله.

قال ص ٨٤ الشيعة تروي عن الصادق ان اسم أمير المؤمنين خاص بعلي لا يتسمى به إلا كافر فإن ثبت هذا عن الصادق فقد كفر كل ملوك الاسلام وخلفائهم. هذا جهار باشنع فاحشة واعتداء طاغ على حرمة الاسلام وأمته وقد كان الصادق

٢٠٣

يخاطب خلفاء بني العباس بأمير المؤمنين فكيف مثل هذا الاعتداء الطاغي ومثل هذه التقية المذلة المخزية من إمام معصوم من غير عذر قاهر يلجئه إليها بعد أن أسرف في الاعتداء.

(ونقول) كذب في ذلك. ولو وجد في رواية لا يعلم حالها ولا مبلغ صحتها وضعفها لم يجز اسناده إلى الشيعة بوجه العموم. وإن صح أن الصادق قال في بعض الخلفاء شيئا فهو أنه ليس أمير المؤمنين بحق وهذا غير بعيد عن جملة ممن تسمى بإمرة المؤمنين أمثال يزيد ومروان والوليد من ملوك بني أمية وجملة من ملوك بني العباس الذين صدرت منهم أشنع الفواحش واطغى الاعتداءات على حرمة الاسلام وأمته وهل كان يأمن الصادق على دمه لو لم يخاطب المنصور بأمير المؤمنين. وهل هذا لا يكفي عذرا للمخاطبة بأمير المؤمنين عند هذا الرجل حتى يقول من غير عذر قاهر يلجئه إليها ويسميها تقية مذلة مخزية حقا لقد أسرف هذا الرجل في الاعتداء واعطى نفسه من هواها ما تشاء بغير خجل ولا استحياء وهل سلم الصادق من شر المنصور مع هذا الخطاب فقد استدعاه مرارا من المدينة إلى العراق ليقتله فنجاه الله منه هذا وهو يخاطبه بأمير المؤمنين فكيف لو ترك خطابه بذلك وتركه يدل على أنه لا يعتقد بخلافته ويطعن فيها.

قال ص ٨٥ ومن ينتحل حب أهل البيت مدعيا ويضمر بغض أكابر الصحابة والقرن الأول متقيا ويستحل في المخالف كل شيء معتديا فهو شر الفرق.

(ونقول) من ينتحل حب أهل البيت مدعيا هو من يجعلهم كسائر الناس لا ميزة لهم في شيء كما سلف منه وينكر فضائلهم ويفضل عليهم من لا يساويهم ويوالي عدوهم ويعادي وليهم ويهجر مذهبهم ولا يهتدي بهديهم وينابذ اتباعهم ومحبيهم وشر ممن يظهر بغض أكابر الصحابة والقرن الأول ويلعنهم على المنابر الأعوام الطويلة مجاهرا غير متق ولا متستر ونحن نواليه ونلتمس له الأعذار. والكلام في الصحابة والقرن الأول قد مضى مفصلا. والشيعة لا تستحل شيئا في المخالف فضلا عن أن تستحل فيه كل شيء تحترم الدم والمال والعرض وتجري على المخالف لها من فرق المسلمين جميع أحكام الاسلام كما

٢٠٤

بيناه فيما سبق وإن كذب هذا الرجل وافترى. وما باله غض النظر وارخى الستار عمن يستحل في الشيعة كل شيء معتديا.

ما اعجبه من مذهب الشيعة

قال ص (٣٠) يعجبني دين الشيعة في تحريم كل شراب يسكر كثيرة قليله حرام حتى أن المضطر لا يشرب الخمر ساعة الاضطرار لأنها قاتلة. والشيعة تحرم الجلوس على مائدة كانت أو تكون فيها الخمر.

وقال ص (٥٢) واستحسن من قول الشيعة ـ لو صدقه فعلها ـ أن قليل ما يسكر كثيرة حرام لا يحل حتى في الاضطرار تبالغ فيه الشيعة حتى تقول أن الجلوس على مائدة شرب فيها مسكر حرام وأحسن من قول الشيعة قول أبي العلاء في لزومياته :

لو كانت الخمر حلا ما سمحت بها

لنفسي الدهر لا سرا ولا علنا

فليغفر الله كم تطغى مآربنا

وربنا قد أحل الطيبات لنا

وقال ص ٣٠ استحسن كل الاستحسان مذهب الشيعة الامامية في مسائل الطلاق وبعض أصول المواريث.

(ونقول) الأحكام الشرعية إنما تؤخذ بالنص عليها من الشارع لا بالعقول والآراء وقول استحسن ولا استحسن ويعجبني ولا يعجبني إن هو إلا وحي يوحى. ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. ودين الشيعة هو دين الأئمة الطاهرين الذين اخذوه واحدا بعد واحد عن أبيهم علي بن أبي طالب عن جدهم الرسول عن جبرئيل عن الله تعالى وأخذه عنهم شيعتهم واتباعهم بالروايات والأسانيد الصحيحة على أنه مخطئ في نسبته إلى الشيعة تحريم الخمر عند الاضطرار وتحريم الجلوس على مائدة كانت أو تكون فيها الخمر أو شرب فيها مسكر حرام بل الحرام الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر أو عليها الخمر ولعل مراده ذلك. والشيعة لا تقول شيئا بهواها واجتهادها واستحسانها ولا تبالغ لا تقول إلا ما أخذته عن صاحب الشرع بالسند المعتبر وقولها بحرمة الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر إنما أخذته من قول أئمة أهل البيت لا مبالغة فيه وقوله (لو صدقه فعلها) إن أراد أن فيها

٢٠٥

من يشرب المسكر فهذا ليس خاصا بها بل يعم جميع أهل المذاهب والنحل التي تحرم الخمر. والشيعة إن لم تكن اكثر الناس اجتنابا للمحرمات فليست أقلها. وقد جعل قول أبي العلاء في شعره أحسن من قول الشيعة المأخوذ عن أئمة أهل البيت عن جدهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكفى بذلك جهلا.

الربا

قال ص ٣ ولم يعجبني فتاواهم ـ أي الشيعة ـ في جزئيات الربا ووجدت ما طالعته من كتب الشيعة مقصرة في بيان الربا وقال ص ٥٦ كتب الشيعة في مسائل الربا مقصرة. ولها في باب التخلص من الربا حيل منكرة مرفوعة إلى أئمة الشيعة وذكر أمثلة لذلك (منها) طلب مني مائة ألف درهم على أن يكون ربحي عشرة آلاف درهم أقرضه تسعين ألف درهم وأبيع منه ثوبا قيمته ألف درهم بعشرة آلاف درهم ، قال أبو الحسن لا بأس أعطه مائة ألف درهم وبعه الثوب بعشرة آلاف درهم واكتب كتابين قال فإن جاز مثل هذه الحيل الشرية في فقه الشيعة أوفقه أحد المذاهب فلا حرام في الدنيا والقرآن مهجور والشرع تحت أقدام المحتالين والسلام على الدين وربا اليهود وكل ربا البنوك حلال طلق سائغ هنيء بعد هذه الحيل ، وقال ص ٥٦ ـ ٥٧ تقول الشيعة ولا تتقي : الناصب حرب لنا فما له غنيمة والناصب في عقيدتهم من يعتقد بإمامة الشيخين ، وقال ص ٥٧ تقول الشيعة ليس بين الشيعي والذمي ولا بين الشيعي والناصب ربا قال من يتقول على شرع الاسلام بمثل هذه الأقاويل لا يكون له فقه ولا دين. كتب الشيعة في بيان الربا مقصرة وفي المعاملة بالربا متهورة. أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون. والقرآن الكريم يحرم الربا أكلا وإيكالا ثم تأتي كتب المذهب تحل الحيل تضل بها الذين آمنوا وحياة المجتمع لا تبنى على الحيل ، ثم أطال بما لا فائدة في نقله وقال كيف يكون إذا أخذت الأمة تحتال بحيل شرية تسميها شرعية تجعل حكم الله تحت أقدام الحيل تتظاهر بالدين وتحتال بالدون. وذكر في ص ٥٨ في كلام طويل أنه ألف كتابا في الزكاة والربا وأنه عرض فيه لمجتهدي الأمة طريقا سهلا ظن فيه إمكان حل لمسائل الربا ينبني على أساس الاحسان في حال والتعاون بين الأموال والأعمال في حال. قال

٢٠٦

وأريت بعون الله وعون القرآن الكريم ـ يهدي الله لنوره من يشاء ـ أن التحريم والاحلال يدور على مدار الفرق بين قرض وقرض لا على مدار الفرق بين بدل وبدل كما جرى عليه أئمة الاجتهاد ثم افتخر وقال هذا حدس خصني الله به. وإدارة تحريم الربا على الفرق بين بدل وبدل وهم قد عم البلاد والآحاد إلى آخر ما ذكره مما لا فائدة في نقله.

(ونقول) قد عرفت ان الدين يعرف بالنص وليس لاحد ان يقول يعجبني ولم يذكر هذا التقصير لنعرفه وكتب الشيعة لم تقصر في مسائل الربا بل ذكرت جميع احكامه وفروعه ومسائله ولم تترك منها شاردة ولا واردة بدون نقصان عن كتب غيرهم ان لم يكن فيها زيادة كما هو حالها في جميع ابواب الفقه ولها السبق في كل شيء وما سبب نسبة التقصير إليها الا القصور منه ، ثم ان الفتاوى تؤخذ من كتب الفقه لا من كتب الاخبار التي فيها الصحيح والسقيم والقوي والضعيف والمتعارضات والكتاب الذي ثقل منه هو كتاب اخبار لا كتاب فقه ولفقهاء الشيعة في الحيل الشرعية خلاف وليست صحيحه عند الجميع.

ثم ان الاحكام في الشرع الاسلامي تابعة للعناوين التي في الادلة لا للاستبعادات ولا لعبارات التهويل الفارغة كقول حيل منكرة حيل شرية تسميها شرعية لا حرام في الدنيا القرآن مهجور الشرع تحت اقدام المحتالين السلام على الذين تحل الحيل تضل بها. حياة المجتمع لا تبنى على الحيل تتظاهر بالدين تحتال بالدون وامثال ذلك وكلامه هذا يشبه كلام المشركين الذين جعلوا الاحكام تابعة للنتائج لا للعناوين فقالوا انما البيع مثل الربا فرد الله تعالى عليهم بانها تابعة للعناوين لا للنتائج فقال واحل الله البيع وحرم الربا وهو يقول الحيل الشرعية نتيجتها نتيجة الربا ولم ينظر الى العناوين. فالكلب نجس محرم في اكثر المذاهب فاذا وقع في المملحة وصار ملحا طهر وحل اكله لان الله تعالى نجس الكلب وحرمه وطهر الملح واحله. وامرأة الغير الاجنبية اذا ارضعت طفلة الرضاع المحرم وعقد رجل على تلك الطفلة صارت المرأة محرما بعد ما كانت اجنبية. والهبة المعوضة يجري عليها حكم الهبة فاذا باع الموهوب بمثل ذلك العوض جرى عليه حكم البيع. وبيع المجهول فاسد والصلح عليه صحيح. وبيع الف درهم بعشرة آلاف درهم ربا محرم وبيع ثوب قيمته عشرة

٢٠٧

آلاف درهم بالف درهم او بالعكس صحيح وان كانت نتيجته نتيجة الربا لان الله تعالى احل البيع وحرم الربا. وبيع دينار بدينارين ربا محرم وبيع دينار قيمته عشرة دراهم بعشرين درهما صحيح مع ان نتيجته نتيجة الربا. فجعل ذلك حيلا منكرة من الامور المنكرة وتسميتها حيلا شرية من الاعمال الشرية كما ان تسميتها حيلا شرعية ليس فيه شيء من النقص والعيب اذا المراد انها امور يتوصل بها الى تبديل الموضوع الذي يتبدل به الحكم.

وهذا الامام ابو حنيفة يقول لو ان شاهدين شهدا عند قاض ان فلان ابن فلان طلق امرأته وعلما جميعا انهما شهدا بالزور ففرق القاضي بينهما ثم لقيها احد الشاهدين فله ان يتزوج بها ثم علم القاضي بعد فليس له ان يفرق بينهما تاريخ بغداد (١٣ : ٣٧٣) وذلك لان حكم الحاكم عنده بغير الواقع فهذا من التوصل بالحيل الشرعية المحرمة فما قوله فيه أيهول فيه مثل هذا التهويل.

وما ذكره في تفسير الناصب وانه ليس بينه وبين الشيعي ربا كذب منه وافتراء بل الناصب من نصب العداوة لاهل البيت وما ينقله عن رواية انه حرب لنا فلا يمكننا الجزم بصحتها لاشتمال كتب الروايات على الصحيح والسقيم كما مر ولكنا نسأله هل يستعظم قول من يكفر غير فرقته من المسلمين ويستحل الاموال والدماء ، وتقول ليس بين الذمي والمسلم ربا وهي لم تقل ذلك من عند انفسها بل قلدت من لو قال الامام ابو حنيفة او الامام الشافعي بمثل قوله لما توقف موسى جار الله في قبوله فاذا صدر من اهل بيت النبوة. رده بالاستبعاد والتهويل لا بالبرهان والدليل.

وكتب الشيعة لم تتهور في المعاملة بالربا كما مر ولكنه هو يتهور يقذف بالباطل وهو اولى بان يكون داخلا في الآية التي استشهد بها

ومسائل الربا وشروطه واحكامه مبينة مفصلة في كتب الفقه الاسلامية وجلها ان لم يكن كلها متفق عليه بين المسلمين وتحريمه من ضروريات فقه الاسلام ومسائله واضحة ظاهرة ليس فيها اشكال ولا عقد تحتاج الى حلوله وفلسفته وحدسه ـ الذي اختصه الله به ـ والهداية التي اكتسبها من نور القرآن الكريم ،. ما هي الإضلالات وخيالات وهمية وما اطال به هنا مما نقلنا بعضه وتركنا جله من الفلسفات والحلول

٢٠٨

التي لا تبنى على ادلة ولا اصول كلها تطويل بلا طائل وتضييع للعمر في غير جدوى ولو لا طبع كتابه ونشره لما اتعبنا نفسنا في نقضه.

مسائل في المواريث

قال ص ١٨٥ بين الشيعة والامة في باب المواريث اختلافات مهمة بعضها بقية من اختلاف الصحابة والبعض قد حدث باختلاف الاجتهاد وقد يكون ما يراه الشيعة اوفق بالكتاب واقرب الى صلاح المجتمع.

وقال ص ١٨٧ ان اوّل ما نزل في المواريث : للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه او كثر نصيبا مفروضا.

وقال ص ١٨٨ ان القرآن في هذه الآية سمى الام والدا وفي آية ولا بويه لكل واحد منهما السدس سماها أبا وتسميته القرآن حقيقية فالاخوة والاخوات تحجب بالام كاحتجابها بالاب ومن يكون له أم لا يكون له كلالة وهذا حجة قوية قائمة للشيعة على مذاهب الامة.

(ونقول) كثر في كلامه مقابلة الشيعة بالامة ولا عذر له في ذلك بما أمه وبان ان نفسه غير خالية من الوصمة.

ولسنا ندري ما يريد بقوله ان رأي الشيعة اوفق بالكتاب «الخ» الذي جل اقواله الآتية تخالفه. والام لا تسمى والدا حقيقة بل تسمى والدة لان الوالد للمذكر بحسب وضع اللغة ولكن تسميته الوالد والوالدة والدين وتسميته الأب والام ابوين من باب التغليب الشائع في كلام العرب كالعمرين والقمرين وغير ذلك وحجة الشيعة القوية على حجب الاخوة والاخوات بالام هي غير هذه.

العول

ذكره في مواضع من وشيعته على عادته في التكرير والتطويل بغير طائل ونحن نجمعها في موضع واحد روما للاختصار وتسهيلا للتناول ونذكر أولا معنى العول

٢٠٩

والخلاف فيه ثم نتبعه بنقل كلماته وردها.

(العول) لغة اسم للزيادة والنقيصة فهو من اسماء الاضداد وفي اصطلاح الفقهاء هو الزيادة في الفريضة عند زيادة السهام عنها ليمكن خروج تلك السهام منها وذلك ان السهام المفروضة في الكتاب ستة. النصف. والثلث. والثلثان. والربع. والسدس. والثمن. فاذا اجتمع في الفريضة سهمان منها او اكثر بحيث لا تسعهما الفريضة فمن قال بالعول زاد على الفريضة بقدر ما عالت به ومن قال بعدم العول قال يقدم من فرض له في الكتاب فرضان اعلى وادنى فيأخذ نصيبه تاما ويدخل النقص على من فرض له فرض واحد مثلا امرأة توفيت عن زوج واختين لاب للزوج النصف (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ) وللاختين الثلثان (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ) والمال ليس له نصف وثلثان والفريضة هنا من ستة الزوج النصف ثلاثة وللاختين الثلثان أربعة عالت الفريضة بواحد فمن قال بالعول زاد على الفريضة واحدا فجعلها من سبعة واعطى الزوج ثلاثة من سبعة بعد ما كان له ثلاثة من ستة والاختين أربعة من سبعة بعد ما كان لهما أربعة من ستة ومن قال بعدم العول اعطى الزوج النصف والاختين الباقي. وهذه المسألة وقعت في خلافة الخليفة الثاني وهي اوّل مسألة وقعت في العول في الاسلام فقال ان اعطينا الزوج النصف لم يبق للاختين ثلثان وان اعطينا الاختين الثلثين لم يبق للزوج نصف ولا اجد اوسع من ادخال النقص على الجميع فجعل الفريضة من سبعة ، وقال بقوله الفقهاء الاربعة وباقي الفقهاء اكثرهم وخالفه ابن عباس ـ وبالغ في المخالفة ـ والائمة من اهل البيت وجميع فقهائهم ، وقال المرتضى في الانتصار : قال بنفيه أيضا عطاء بن ابي رباح وحكاه فقهاء اهل السنة عن الامام الباقر وهو مذهب داود بن علي الاصفهاني اه ـ وفي مفتاح الكرامة حكاه فقهاء العامة عن محمد بن الحنفية. والاخبار ببطلان العول ودخول النقص على بعض اصحاب الفروض دون بعض من طرق ائمة اهل البيت مستفيضة بل كادت تكون متواترة ففي صحيحة ابن مسلم والفضلاء عن الباقر عليه‌السلام : السهام لا تعول ، وفي صحيحة ابن مسلم انه اقرأه ابو جعفر الباقر ذلك في صحيفة الفرائض التي هي املاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخط علي بيده وفي بعضها : السهام لا تعول لا تكون اكثر من ستة. ان الفرائض لا تعول على اكثر من

٢١٠

ستة. ان السهام ليس تجوز ستة لا تعول على ستة. اصل الفرائض من ستة اسهم لا تزيد على ذلك ولا تعول عليها. السهام لا تعول من ستة. سهام المواريث من ستة اسهم لا تزيد عليها. ومعنى ان السهام لا تعول على ستة لا تزيد عليها فان من قال بالعول قد زادها على ستة حيث جعل الثمن تسعا والنصف اقل منه والثلثين اقل منهما وهكذا.

فالعول هنا بمعنى الزيادة اما رواية لا تعول من ستة فيمكن كون من بمعنى عن لان حروف الجر ينوب بعضها عن بعض وتعول محتمل للزيادة والنقيصة فان من اعال فقد نقص السهام فجعل الثمن تسعا «الخ» اما رواية لا تعول على اكثر من ستة فيمكن ان يكون معناه لا تزيد على ستة فاكثر بان تكون سبعة فما فوق نظير وان كن نساء فوق اثنتين اي اثنتين فما فوق والله اعلم.

وظاهر ان من قال بالعول انما قال به باجتهاد الرأي لما لم يجد مخرجا سواه وفقهاء اهل البيت انما قالوا به اخذا باقوال ائمة اهل البيت التي تلقوها عن جدهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابن عباس انما اخذ بطلان العول عن امير المؤمنين لانه تلميذه وخريجه عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم او عن الرسول بلا واسطة فسنوا لهم هذه القاعدة من تقديم ذوي السهام المؤكدة التي فهموها بالنص وعلموا انه تعالى اشار بتأكيدها الى تقديمها ومرجع ذلك الى ان اطلاق آيات الفروض قد قيد بعضه وبقي الباقي على اطلاقه فآية فرض الثلثين للاختين مثلا قد قيد اطلاقها بما اذا لم يكن معهما زوج فانهما في هذه الصورة ترثان بالقرابة لا بالفرض فيكون لهما الباقي والمقيد لاطلاق الكتاب اقوال الائمة الماخوذة عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

كلماته في العول

قال ص ٣٠ ما حاصله كتب الشيعة وان ردت القول بالعول وانكرت على الائمة اعالة الفرائض الا انها لم تنج من اشكال ابن العباس والامام الباقر ان الذي احصى رمل عالج لم يجعل في مال نصفا وثلثين فالاشكال باق والعول ضروري فان ادخال النقص في سهام من أخره الله من الورثة اخذ بحظ كبير جائر من العول ولا يدفع اصل الاشكال فان التسمية باقية بنص الكتاب والنقص في جميع السهام هو

٢١١

العول العادل والذي قسم المال وسمى السهام هو الذي احصى رمل عالج وجميع ذرات الكائنات وهو اصل الاشكال الذي انتحله الباقر وقد تبين بهذا ان لا عول عند الشيعة قول ظاهري قيل ببادئ الرأي عند بيان الاختلاف ردا لمذهب الامة وهربا من وفاق العامة والعول هو النقص فان كان في جميع السهام بقدر متناسب فهو العول العادل اخذت به الامة وحافظت على نصوص الكتاب وان كان في سهم بعض الورثة دون بعض فهو العول الجائر جارت به الشيعة خالفت به نصوص القرآن الكريم ولم تدفع به الاشكال والاشكال الذي تحير فيه ابن العباس ثم انتحله الامام الباقر ثابت راس ولا اريد اليوم كما اراد ابن العباس في يومه ان ابتهل او اباهل احدا وانما اريد ان تعلموني مما علمتم في ازالة الاشكال رشدا.

وقال ص ٢٠٤ يقول اهل العلم : اوّل من حكم بالعول الامام عمر اذ حدث في عهده مسألة ضاق مخرجها عن فروضها فشاور الصحابة فاشار العباس الى العول وقد كان انفذ العرب نظرا يرى الامور من وراء الستور وتحدس بقوله الصحابة وجه المسألة فتابعوه ولم ينكره احد الا ابنه بعد موت عمر فقيل له هلا انكرت في زمن عمر فقال هبته وكان مهيبا ـ هيبة اجلال واحترام ـ وكان ابن عباس في مجلس الاجماع ابن لبون اذا لز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس وفقهاء الصحابة عمر وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت كانوا اعلم من ابن عباس فانعقد الاجماع والامام علي حاضر ولا ارى الا ان صلة الحدس وسند الاجماع كان نظم القرآن في اوّل آيات المواريث.

وقال ص ٢٠٥ والشيعة في مسائل العول ذهبت مذهب ابن عباس فانه قال اوّل من اعال الفرائض عمر وايم الله لو قدم من قدم الله ما عالت فريضة فقيل له وايها التي قدم الله فقال كل فريضة لم تزل الا الى فريضة فهي التي قدم الله وكل فريضة اذا زالت من فرضها لم يكن لها الا ما بقي فهي التي اخرها الله فالزوجان والابوان يقدمون والبنات والاخوات يؤخرون فقيل له فهلا راجعت فيه عمر فقال انه كان مهيبا ورعا ولو كلمته لرجع ، وقال الزهري لو لا انه تقدم ابن عباس امام عدل اذا امضى امرا مضى وكان ورعا ما اختلف على ابن عباس اثنان من اهل العلم وكان يقول أترى الذي احصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا فاين موضع

٢١٢

الثلث وكان يقول تعالوا فلندع ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين. ما جعل الله في مال نصفا ونصفا وثلثا قال ونحن نقول النقل من فرض الى عصوبة لا يوجب ضعفا لان العصوبة في شرع التوريث اقوى اسباب الارث اما تقديم البعض وتأخير البعض فانما يكون في حال التعصيب اما حال تسمية سهام كل واحد فلا يمكن ان يكون واحد اولى واقدم من آخر فان القرآن سمى للزوج النصف «الخ» وادخال الضرر على فريق واحد اخذ بالعول الجائز وابطال لنص الآية وترك لتسميتها الصريحة وابطال تسمية الآية في فريق اشنع في المخالفة من اخذ نصف ونصف وثلث من مخرج.

وقال ص ٢٠٦ الورثة قد تساوت في سبب الاستحقاق فيأخذ كل نصيبه عند الاتساع واذا ازدحمت وتدافعت الحقوق الغير المستقرة التي لا تزال تتناقص من كل الى صفر فقد علمنا من اوّل آيات المواريث (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) ان كل سهم يؤخذ باسمه من مخرج فتجتمع الانصاف التي لا حصر لها او الاثلاث التي لا حد لها ومجموعها تعول إليه المسألة فكل مسائل الاولاد والاخوة والاخوات تخرج من اثنين او ثلاثة فعشرة ابناء وعشر بنات وعشرة اخوة وعشر اخوات المسألة في كلا الصورتين من اثنين او ثلاثة على حسب تسمية القرآن ثم تعول الى ثلاثين نصفا او ثلاثين ثلثا والقرآن الكريم في مسألة الاولاد والاخوات قد اكتفى بمخرجين فقط فكيف ولم يباهلنا ترجمان القرآن ابن عباس ثم يقسم ان الذي احصى كل شيء عددا لم يجعل في مال نصفا ونصفا وثلثا والنصف ابدا واحد من اثنين والثلث ابدا واحد من ثلاثة ولو بلغ عدد الانصاف وعدد الاثلاث مئات ، وبيان القرآن اوجز البيان واوضح البيان فكيف خفي على فهم مثل ابن عباس وباي عذر يترك الفرضي تعبير القرآن. وابن عباس اذا ادعى التأخر في ذي فرض هو يؤخره فباي عذر وباي دليل يترك تسمية القرآن لذي الفرض الذي يؤخره فابن عباس والشيعة بادخال الضرر في حظ فريق سماه له القرآن يخالفون القرآن اشنع مخالفة فيأخذون بعول جائر لا وجه له ويدعون الجهل على الله اذ سمى شيئا لا وجود له وامر بتنفيذ شيء لا امكان له ولو جاز دعوى التأخير في صورة الازالة عن فريضة الى غير فرض فدعوى التأخير في صورة التسمية ترك للقرآن ليس الا واسناد تقصير الى بلاغة القرآن في اكمل بياناته.

٢١٣

وقال ص ٢٠٧ والشيعة قد تتهور في اسناد التقصير والتناقض الى بيان القرآن تقول ان حظ البنتين في الفرائض وحال الشركة اذا زادت السهام او نقصت لم يبينها القرآن ولا ضرر في عدم البيان اكتفاء ببيان اهل البيت على احسن الوجوه واذا عالت الحقوق تقول الشيعة نعلم ان الكل غير مراد للتناقض ولم نعلم من القرآن من المراد بل نطلب البيان من غير القرآن من اخبار الائمة ، يتهمون القرآن الكريم بقصور البيان ولا يتهمون النفس بقصور الفهم ثم قال : وحقوق الورثة شائعة في كل ذرة من ذرات التركة والقسمة في المشاع عولية بطبيعة الحال لا نزاعية والعدل المطلق في القسمة عولية او نزاعية هو اخذ الحقوق والحظوظ من مخرج معين حتى يصيب كل احد حقه وحتى يسري التناقص الى كل احد بنسبة عادلة نافذة اما مذهب الشيعة في ادخال النقص على فريق دون آخر فهو عدل جائر والتزام ان الله في شئون الحساب والقسم جاهل جائر وترك لما سماه الله في كتابه بنص ظاهر.

وقال ص ٢٠٨ الاعالة نص القرآن الكريم اجمع عليها شورى الصحابة وهم اعلم وافقه من ابن عباس وقد سكت في مجلس الاستشارة ولو تكلم لفهم ان سند الاجماع هو بيان القرآن وبيان القرآن رياضي على وجه الاعالة وهي اخذ الحظوظ كلها من مخرج كسور سماها القرآن ومجموع الحظوظ يصح منه المسألة وقول الله في أول آيات المواريث (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) جملة جميلة جليلة موجزة تصح بها جميع مسائل الفرائض بعد قوله (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) مجموع انصاف غير محصورة او مجموع اثلاث غير معدودة هذا هو الوجه في ان الكتاب الكريم المبين قد حصر جميع مسائل الفرائض بين هاتين الآيتين من مخرجين مسميين لا حدّ لانصافهما ولا عد لأثلاثهما ولم يذكر مثل هذا الحساب الرياضي في غيرهما فان الاحالة الى غير حد لا توجد في غيرهما.

وقال ص ١٩٣ إرث النسب دل عليه الكتاب (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) ثم قال ص ١٩٥ تمهيدا للاستدلال على العول ففي ابن وبنت يلزم علينا ان نقول الابن حظه النصفان والبنت حظها النصف والمجموع ثلاثة انصاف من الاثنين ـ مخرج النصف ـ وفي ابن وبنتين يلزم ان نقول الابن حظه الثلثان من

٢١٤

الثلاثة ـ مخرج الثلثين ـ والبنتان لهما الثلثان من الثلاثة ـ مخرج الثلثين ـ فيكون القرآن بين حظ الذكر بعبارتين بيانا رياضيا بلسان عربي مبين وثلاثة انصاف من اثنين وأربعة اثلاث من ثلاثة هي العول الظاهر وبيان العول بمثالين في سهام الاولاد يهدي الى جواز العول في سائر الورثة دلالة بداهة واقتضاء ثم اطال في بيان ذلك بما لا فائدة في نقله ثم قال ص ١٩٦ فاعود واقول ان العول نزل في القرآن نص عليه نص عبارة في اوّل آياته باظهر شواهده فكيف تنكره الشيعة وكيف وقع فيه اختلاف المذاهب وكيف امكن ان يخفى على ابن عباس ولنا فيه زيادة بيان (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ).

(ونقول) كرر مقابلة الامة بالشيعة فيما مر ويأتي ولم يعلم ان الجماعة التي يخرج منها ائمة اهل البيت مقتدى الشيعة في ابطال العول ويخرج منها ابن عباس حبر الائمة وغيرهم مما مر لا يجوز ان يطلق عليها لفظ الامة.

وفرض نصف وثلثين مثلا في مال يستلزم نسبة الجهل إليه تعالى كما اشار إليه ابن عباس والامام الباقر بان الذي احصى رمل عالج يعلم ان المال ليس له نصف وثلثان فلا يمكن ان يكون اطلاق فرض النصف والثلثين الوارد في الكتاب العزيز شاملا لهذا المورد لئلا يلزم نسبة الجهل إليه تعالى فلا بد من تقييد الاطلاق وقد دل على هذا التقييد قول ابن عباس الذي اخذه عن امير المؤمنين عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، او عن النبي رأسا وقول ائمة اهل البيت شركاء القرآن واحد الثقلين وهم اعلم بدين جدهم من كل احد اما العول بادخال النقص على الجميع بنسبة سهامهم فلا دليل عليه مع انه مستلزم لاستعمال الفاظ السهام في غير معانيها بدون علاقة كاستعمال الثمن في التسع وغير ذلك ولو فرض وجود العلاقة للزم استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي في استعمال واحد وهو غير جائز كما تقرر في الاصول وليس هنا معنى جامع ليكون من عموم المجاز مع ان القرينة مفقودة ومجرد عدم امكان خروج السهام لا يصلح قرينة مع احتمال تقييد الاطلاق لو فرض عدم وجود الدليل عليه.

وقد ظهر بذلك بطلان جميع ما اطال به من كلامه الذي يشبه رحى تطحن قرونا تسمع جعجعة ولا ترى طحنا.

فالشيعة لم ترد القول بالعول من عند انفسها بل بما روته عن نبيها بواسطة

٢١٥

اهل بيته احد الثقلين الذي امر نبيها بالتمسك بهم ونجت من اشكال ابن عباس والامام الباقر بقولها ان الله فرض في مال نصفا وما بقي لا نصفا وثلثين ووقع فيه غيرها لقوله ان اطلاق السهام في الآيات شامل لمورد العول وهو مستلزم للمحال ونسبة الجهل إليه تعالى ان بقيت السهام على حقائقها ولاستعمال اللفظ في معناه الحقيقي وفيما لا علاقة بينه وبين المعنى الحقيقي ولا قرينة في استعمال واحد وهو غير جائز كما مر. وادخال النقص في سهام من أخره الله هو عين العدل وليس أخذا بحظ كبير ولا صغير جائر من العول بل غيره هو الجور فانا ادخلنا النقص على من دل الدليل على دخول النقص عليه وانه ليس بذي فرض في هذا الفرض لكونه وارثا بالقرابة وكون الحكم عادلا او جائرا مرجعه نص الشارع لا الرأي والاستحسان فما حكم به هو العدل وما لم يحكم به هو الجور وقد ظهر اندفاع اصل الاشكال والتسمية في الكتاب غير شاملة لمن ادخل عليه النقص بعد التقييد وكون النقص في جميع السهام عولا عادلا وفي سهم المؤخر فقط عولا جائرا انما يتم مع فرض الشمول وقد عرفت عدمه وانه غير ممكن لان الذي احصى رمل عالج وجميع ذرات جميع الكائنات يعلم ان المال ليس له نصف وثلثان فكيف يفرضهما فيه. وكون الامة اخذت بالعول العادل والشيعة بالسبيل الجائر كلام جائر فمن يسميهم الامة اخذوا بالعول الجائر الذي لم يفرضه الله وجاروا على اكثر ذوي الفروض فنقصوهم عن فروضهم التي فرضها الله لهم واعطوا المال الذي فرضه الله لشخص غيره بغير دليل. والشيعة بما حفظته عن ائمتها عن جدها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اخذت بالسبيل العادل فاعطت ذوي الفروض فروضهم واعطت من لم يجعل الله له فرضا في هذه الصورة الباقي لان ذلك هو الذي جعله الله له فهي لم تنقص احدا شيئا مما جعله الله له. والذي قسم المال وسمى السهام هو الذي احصى رمل عالج ولذلك قلنا انه لا يمكن ان يفرض في مال سهاما لا يسعها وليس ذلك اصل الاشكال فقد عرفت انه لا اشكال اصلا والامام الباقر لم يكن منتحلا مذهب احد ولا قوله في وقت من الاوقات لا ابن عباس ولا غيره بل كان وارثا للعلم عن آبائه الذين تعلم منهم ابن عباس عن جده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي سماه باقر العلم لتوسعه فيه. وقد تبين بهذا ان القول بان لا عول عند الشيعة ليس قولا ظاهريا بل قول واقعي فانه لا عول عند الشيعة بالمعنى المصطلح عند الفقهاء واما دخول

٢١٦

النقص على البعض فليس بعول اصطلاحا والشيعة لم تقل به الا لما قام عندها من الدليل لا ردا لمذهب الامة ولا هربا من وفاق العامة لانهم في اكثر الفروع قبلوا مذهب من يسميهم الامة ولم يردوه ووافقوا العامة ولم يهربوا من وفاقهم وانما تركوا مذهب شخص واحد قاله برأيه واجتهاده لما ظهر لهم ان الصواب في غيره بما بينه ابن عباس وبينه ائمة أهل البيت. وسيان عندهم مع موافقة الدليل وفاق العامة وخلافها. وسواء أكان العول هو النقص أم الزيادة فجعل النقص في جميع السهام بقدر متناسب وتسميته عولا عادلا انما يتم اذا فرض شمول آيات الفرائض للجميع وقد عرفت بطلانه كما ظهر لك أن القائلين بالعول لم يحافظوا على نصوص الكتاب وخالفوها كلها فمن فرض له النصف أعطوه أقل منه ومن فرض له الثلثان أعطوه أقل منهما بالاجتهاد وهو العول الجائر بكل معنى الجور وأن الشيعة حافظوا على نصوص القرآن الكريم فأبقوها بحالها في غير من دخل عليه النقص وقيدوا ظاهر الاطلاق فيمن دخل عليه النقص بما ثبت عندهم من السنة وهذا هو العول العادل الذي وافقت فيه الشيعة نصوص القرآن الكريم وقيدت مطلقاتها بالدليل ودفعت بذلك أشكال فرض سهام لا يسعها المال. وابن عباس لم يكن متحيرا بل كان على بصيرة من أمره ولذلك دعا مخالفه إلى المباهلة فالذي يدعو إلى المباهلة لا يمكن أن يكون متحيرا وإنما المتحير غيره وإنما أورد هذا الاشكال على غيره ممن قال بالعول ولا جواب لهم عنه والأشكال على نفي العول ليس بثابت ولا راس بل قد دك من الأساس ولم يبق له ذنب ولا رأس وإنما هو ثابت راس على من قال بالعول من الناس لا يهدمه معول ولا فاس ومن أراد المباهلة باهلناه.

والأحكام الشرعية لا تكون بالحدس ولا بالمشاورة والاشارة ولا بعقد المجالس كمجالس الوزراء والنواب لتدبير المملكة إنما هي بنص الشارع وبيانه ولا بعقول الرجال فلو صح ان العباس أشار بالعول كما حكاه ابن عابدين في حاشية الدر المختار بقوله فأشار العباس إلى العول فقال اعيلوا الفرائض فتابعوه على ذلك ولم ينكره أحد إلا ابن عباس بعد موت عمر ا ه. لم تكن اشارته حجة لأنه ليس بمعصوم وكونه كان انفذ العرب نظرا يرى الأمور من وراء الستور وتحدس بقوله الصحابة كلام مزخرف مزوق ليس تحته معنى فالنبي الذي هو أعظم من العباس وثبتت له

٢١٧

العصمة لم يكن يرى الأمور من وراء الستور وكان يتوقف عن الجواب إذا سئل حتى يأتيه الوحي ويجوز أن يكون العباس انفذ العرب نظرا في التجارة وأمور الدنيا أما الأحكام الشرعية فليس فيها نفوذ رأي لأحد حتى الأنبياء إلا بوحي من الله تعالى لا من وراء الستور ولا من قدامها وليس للصحابة أن يحدسوا وجه المسألة بقول العباس أو من هو أعلم منه بل ليس لهم أن يحدسوا وجهها بقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حدسا فإن الحدس والظن لا يؤمن معه الخطأ وقد نهى الشارع عن اتباعه وليس لهم الحكم إلا بالحس بالسماع من الشارع وظهور اللفظ على قاعدة التخاطب. وقوله لم ينكره أحد إلا ابنه يكذبه أن عليا كان ممن انكر كما يأتي في المسألة المنبرية والصواب أن المراد بالهيبة هيبة الخوف لا هيبة الاجلال والاحترام كما فسرها فإن الاجلال والاحترام لا يمنع مثل ابن عباس من بيان الحق إذ ليس فيه ما ينافي الاجلال والاحترام والاجلال والاحترام لا يزول بالموت فكما يجل الرجل ويحترم في حياته يجل ويحترم بعد موته فكيف سكت في حياته احتراما وبالغ في الانكار عليه بعد موته حتى دعا إلى المباهلة وكلامه المزوق بأن ابن عباس كان في مجلس الاجماع ابن لبون «الخ» يرده أن ابن عباس كان في خلافة الخليفة الثاني كامل العقل والرشد وافر العلم مشهور الفضل معروفا بالفقه وكان يسمى حبر الأمة وترجمان القرآن وكان يقال أن عنده ثلثي علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحديثه وما أثر عنه من الأحاديث في الفقه والتفسير وغيرها ومواقفه في الجدل والخصام معروفة وكان الخليفة الثاني يفاوضه ويناقشه ويحادثه ويقول له غص يا غواص ولو فرض أنه كان ابن لبون فلم تكن البزل القناعيس تستطيع صولته إذا لزت معه في قرن وليس العلم والفقه بكبر السن. وأما أن من عدهم كانوا أعلم منه فلعله كان أعلم من جملة منهم لما مر.

ولو سلم فجائز ان يخطئوا ويصيب بعد الاتفاق على عدم العصمة وافقه الصحابة علي بن أبي طالب فهو الذي كانوا يرجعون إليه ولم يكن يرجع إلى أحد وهو الذي قال فيه عمر لو لا علي. قضية ولا. لا عشت لمعضلة. فحشره مع من ذكر وتسويته بهم وتقديم احدهم عليه ليس باول ظلم وقع عليه وابن عباس إنما أخذ بطلان العول منه كما ذكرناه مرارا.

ولا أعجب من قوله : فانعقد الاجماع وعلي حاضر فحضوره لم يتحقق وهبه حضر فابن عباس مخالف وهو لا يقصر عن جملة منهم علما وفقها ان لم يزد وكيف

٢١٨

ينعقد الاجماع بأربعة والصحابة يعدون بالألوف وهب أن الأربعة أفقه الصحابة ففي غيرهم فقهاء أيضا ومن الذي فسر الاجماع باتفاق الأفقه ، وقوله أيضا ولا أرى إلا أن صلة الحدس في سند الاجماع كان نظم القرآن في أول آيات المواريث فستعرف أن فلسفته التي ذكرها في أول آيات المواريث ولم يوافقه عليها أحد في القديم ولا الحديث أولى وأوهن من بيت العنكبوت فكون هذا الحدس ـ الذي هو حدس في حدس ـ صلته تلك الفلسفة يجعله متقطعا بلا صلة ولا عائد. وكون هذا الاجماع المزعوم الموهوم سنده ذلك يجعله بلا سند زيادة على ما هو عليه.

والشيعة في العول ذهبت مذهب ائمة أهل البيت الذين أخذوه عن جدهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والذين اقتدى ابن عباس بسيدهم واخذ عنه القول بعدم العول.

والحديث الذي حكاه عن ابن عباس في أول من اعال الفرائض قد روي من طريق أهل السنة في كتب الحديث لأصحابنا وفي مستدرك الحاكم بما يخالف ما حكاه في عدة مواضع روى المحمدون الثلاثة الصدوق والكليني والشيخ الطوسي باسانيد عديدة ورواه صاحب المسالك ببعض تلك الأسانيد وصرح بأن رجاله من أهل السنة وكلها عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال جالست ابن عباس فعرض ذكر الفرائض في المواريث فقال ابن عباس سبحان الله العظيم أترون الذي احصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا فهذان النصفان ذهبا بالمال فاين موضع الثلث فقال له زفر بن اوس البصري فمن اوّل من اعال الفرائض فقال عمر ابن الخطاب لما التقت الفرائض عنده ودفع بعضها بعضا فقال والله ما ادري ايكم قدم الله وايكم اخر وما اجد شيئا هو اوسع من ان اقسم عليكم هذا المال بالحصص فادخل على كل ذي سهم ما ادخل عليه من عول الفرائض وايم الله لو قدم من قدم الله واخر من اخر الله ما عالت فريضة فقال له زفر وايها قدم وايها اخر فقال كل فريضة لم يهبطها عن فريضة الا الى فريضة فهذا ما قدم الله كالزوج له النصف فاذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع عنه الى الربع لا يزيله عنه شيء ، والزوجة لها الربع فاذا دخل عليها ما يزيلها عنه صارت الى الثمن لا يزيلها عنه شيء والام لها الثلث فاذا زالت عنه صارت الى السدس ولا يزيلها عنه شيء ، واما ما اخر فكل فريضة اذا زالت عن فرضها لم يبق لها الا ما بقي كالبنات والاخوات لها النصف والثلثان فاذا ازالتهن

٢١٩

الفرائض عن ذلك لم يكن لهن الا ما بقي فاذا اجتمع ما قدم الله وما اخر بدئ بما قدم الله فاعطي حقه كاملا فاذ بقي شيء كان لمن اخر وان لم يبق شيء فلا شيء له (١) فقال زفر فما منعك ان تشير بهذا الرأي على عمر فقال هبته والله وكان امرأ مهيبا فقال الزهري والله لو لا انه تقدمه امام عدل كان امره على الورع فامضى امرا فمضى ما اختلف على ابن عباس في العلم اثنان ا ه. ورواه الحاكم في المستدرك بسنده عن محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال اوّل من اعال الفرائض عمر وايم الله لو قدم من قدم الله الى قوله فلا شيء له.

والمذكور في هذه الرواية كما سمعت هبته والله وكان امرأ مهيبا وهو الذي نقله في ص ٢٠٤ ناقلا له عن أهل العلم كما مر. أما ما نقله في ص ٢٠٥ من قوله كان مهيبا ورعا فلم نجد أحدا ذكره ولا ذكر هو مأخذه فالظاهر أن الأول هو الصواب فيكون قد منعه من ذلك الهيبة منه أي الخوف فلم يظهر ذلك في حياته وأظهره بعد موته لا هيبة الاجلال فإنها لا تمنع من إظهار الحق وتزول بالموت لو كانت كما مر تفصيله ولو كان يعتقد أنه لو كلمه لرجع لما تأخر عن كلامه وهو يبالغ في الانكار بعد موته ويدعو إلى المباهلة والا لكان سفيها وكيف كان فهو يدل على أنه كان مخالفا من أول الأمر وأن المانع له من إظهار قوله هو الهيبة سواء أكانت هيبة إجلال أم هيبة خوف ومصدر ابن عباس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن أمير المؤمنين وعلم ابن عباس وجلالة قدره في العلم والفقه لا تنكر فلا وجه لترك قوله إلى غيره إلا العصبية. كما يظهر من قول الزهري أيضا أنه كان موافقا لابن عباس وأن جميع أهل العلم كانوا يوافقونه لو لا تقدم من تقدمه بالقول بالعول.

وقد استفيد من حديث ابن عباس فوائد (منها) محالية العول واستلزامه نسبة الجهل أو العبث إليه تعالى (ومنها) أن من يدخل عليه النقص ومن لا يدخل مستفاد من آيات الفرائض حيث جعل للأول فرضا واحدا وللثاني فرضين أعلى وأدنى عند وجود من يزيله عن فرضه الأعلى فأشار بتأكيد فرضه إلى تقديمه وأنه لا يزيله عنه شيء (ومنها) ضابطة من يدخل عليه النقص ومن لا يدخل فالأول من فرض له فرض

__________________

(١) الظاهر ان الاخير لا مصداق له ـ المؤلف ـ.

٢٢٠