نقض الوشيعة

السيّد محسن الأمين العاملي

نقض الوشيعة

المؤلف:

السيّد محسن الأمين العاملي


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤١٦

لا يليق به لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها واما النقصان فالظاهر أيضا من مذهب المسلمين خلافه وهو الاليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نصره المرتضى وهو الظاهر في الروايات غير انه رويت روايات من جهة الشيعة والعامة (أهل السنة) بنقصان آي من آي القرآن ونقل شيء منه من موضع الى موضع طريقها الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا والأولى الأعراض عنها ا ه. فهذا شيخ الطائفة يقول ان الكلام في ذلك مما لا يليق وان اخبار التحريف رويت من جهة الشيعة وأهل السنة وانها اخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا وصاحب الوشيعة بفتري ويقول انها متواترة عند الشيعة فهل يبقى لنقله قيمة بعد هذا؟

كلام الشريف المرتضى

وقال الشريف المرتضى في جواب المسائل الطرابلسيات فيما حكاه عنه صاحب مجمع البيان ان العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث العظام والكتب المشهورة واشعار العرب فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته وبلغت الى حد لم تبلغه فيما ذكرناه لأن القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والاحكام الدينية وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من اعرابه وقراءته وحروفه وآياته فكيف يجوز ان يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد.

(وقال أيضا) ان العلم بتفصيل القرآن وابعاضه في صحة نقله كالعلم بجملته وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنفة ككتاب سيبويه والمزني فإن أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمون من جملتها حتى لو ان مدخلا ادخل بابا من النحو في كتاب سيبويه او من غيره في كتاب المزني لعرف وميز وعلم انه ملحق ومعلوم ان العناية بنقل القرآن وضبطه اكثر من العناية بكتاب سيبويه ودواوين الشعراء. وذكر أيضا ان القرآن كان على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مجموعا مؤلفا على ما هو عليه الآن لأنه كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان حتى عين على جماعة من الصحابة في حفظهم له وانه كان يعرض على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويتلى عليه وان جماعة

١٦١

من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عدة ختمات كل ذلك يدل على انه كان مجموعا مرتبا وذكر ان من خالف في ذلك من الامامية وحشوية العامة (أهل السنة) لا يعتد بخلافهم فانه مضاف الى قوم من اصحاب الحديث نقلوا اخبارا ضعيفة ظنوا صحتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم ا ه. فهو قد احتج لذلك وبينه البيان الشافي الذي ما بعده بيان والذي لا يمكن لأحد الزيادة عليه بل ولا الاتيان بمثله ومكانته بين علماء الشيعة لا يصل إليها احد ومع ذلك يزعم صاحب الوشيعة اجماع كتب الشيعة على تحريف القرآن أفيكون بهتان فوق هذا؟

كلام صاحب مجمع البيان

وقال الشيخ ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي من اكابر العلماء والمفسرين في مقدمة كتابه مجمع البيان لعلوم القرآن : اما الزيادة في القرآن فمجمع على بطلانها. واما النقصان فروى جماعة من اصحابنا وقوم من حشوية العامة (أهل السنة) ان في القرآن نقصانا والصحيح من مذهب اصحابنا خلافه وهو الذي نصره المرتضى.

ثم نقل كلام المرتضى السابق ا ه.

هذا كلام من تعرض للمسألة من عظماء علمائنا المتقدمين.

كلام الشيخ البهائي

وقال الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي الذي شهرته تغني عن التنويه به : الصحيح ان القرآن محفوظ عن ذلك ـ أي التحريف ـ زيادة كان أو نقصانا. ويدل عليه قوله تعالى : (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) ا ه.

كلام المحقق الثاني الشيخ علي الكركي

وصنف الشيخ علي بن عبد العالي الكركي المعروف بالمحقق الثاني إمام عصره رسالة في نفي النقيصة بعد الاجماع على عدم الزيادة.

١٦٢

كلام الفقيه الشيخ جعفر النجفي

وقال الشيخ جعفر الفقيه النجفي فقيه عصره واحد ائمته في مقدمة كتابه كشف الغطاء : لا ريب ان القرآن محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديان كما دل عليه صريح القرآن واجماع العلماء في كل زمان ولا عبرة بالنادر ا ه. وصاحب الوشيعة قد رأى كشف الغطاء وقرأه ورد على جملة من محتوياته كما مر ومع ذلك فهو يقول اجمعت كتب الشيعة على تحريف القرآن هذه أمانته وصدقه في النقل.

كلام السيد محسن المحقق البغدادي

وقال السيد محسن الحسيني الأعرجي المعروف بالمحقق البغدادي من ائمة عصره في شرح الوافية في اصول الفقه : الاجماع على عدم الزيادة والمعروف بين علمائنا حتى حكي عليه الاجماع عدم النقيصة ا ه. وهؤلاء من المتأخرين فها هم محققوا علماء الشيعة وائمه مذهبهم وقادتهم ومن يعول على قوله منهم من المتقدمين والمتأخرين متفقون في كل عصر وزمان على عدم الزيادة وعدم النقصان ولا شك ان غيرهم من لم يتعرضوا للمسألة على مثل هذا الرأي وهو مع ذلك يقول اجمعت كتب الشيعة على تحريف القرآن بالنقصان وان اخبار التحريف مثل اخبار الامامة متواترة عندهم أفيبقى بعد هذا وثوق بشيء من انقاله ودعاواه أو يبقى لكلامه أقل قيمة؟.

ومما يدل دلالة قطعية على اجماع الشيعة على ان القرآن الكريم لا نقصان فيه بعد اجماعهم القطعي على نفي الزيادة اتفاق فقهائهم ورواياتهم على كفاية قراءة أي سورة كانت من القرآن في الصلاة عدا سورتي الضحى وأ لم نشرح فهما سورة واحدة والفيل ولايلاف فهما أيضا سورة واحدة اما سوى هذه فيجزي قراءة أي سورة كانت مع اتفاقهم على لزوم قراءة سورة كاملة بعد الحمد في الركعتين الأولتين من الفريضة وعدم جواز التبعيض بناء على وجوب القراءة في الفريضة بعد الحمد وهذا ينادي باجماعهم على عدم النقصان أفيسوغ بعد هذا كله ان تلصق بهم هذه التهمة الباطلة لو لا العصبية وقلة الانصاف.

١٦٣

(الروايات المتضمنة تحريف القرآن بالنقصان

من طريق أهل السنة) في مسند الامام احمد

وصحيح البخاري وتاريخ ابن عساكر وغيرها

(١) في مسند الامام احمد بن حنبل ج ٥ ص ١١٧ باسناده عن ابن عباس : جاء رجل الى عمر فقال اكلتنا الضبع ـ يعني السنة ـ فقال عمر لو ان لامرئ واديا أو واديين لابتغى إليهما ثالثا.

فقال ابن عباس ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ثم يتوب الله على من تاب فقال عمر لابن عباس ممن سمعت هذا قال من أبي قال فاذا كان بالغداة فاغد علي فرجع الى أمّ الفضل فذكر ذلك لها فقالت ما لك وللكلام عند عمر وخشي ابن عباس ان يكون ابي نسي فقالت أمه عسى ان يكون ابي نسي فغدا الى عمر ومعه الدرة فانطلقا الى ابي فخرج أبي عليهما وسأله عمر عما قال ابن عباس فصدقه ا ه. والظاهر ان عمر فهم من ابن عباس ان ما قاله قرآن أو كان في الكلام ما يدل على ذلك وتركه الراوي وإلا فلا داعي لهذا الاهتمام ولا لخوف ابن عباس وأمه ان يكون نسي ابي ولا لقولها ما لك وللكلام عند عمر مع دلالة الروايات الأخر على ذلك أيضا فهي تفسر المراد من هذه الرواية كما انه يظهر انه سقط بعد قوله وواديين من مال بقرينة الروايات الآتية.

(٢) في مسند الامام احمد أيضا ج ٥ ص ١٣١ حدثنا عبد الله (١) حدثني ابي حدثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا حدثنا شعبة عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن ابي ابن كعب قال ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ان الله تبارك وتعالى امرني ان اقرأ عليك القرآن فقال فقرأ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب قال فقرأ فيها ولو ان ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيه لسأل ثانيا فلو سأل ثانيا فأعطيه لسأل ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب وان ذلك الدين القيم عند الله الحنيفية غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل خيرا فلن يكفره.

__________________

(١) هو ابن الامام احمد بن حنبل المؤلف ـ.

١٦٤

(٣) في مسند الإمام احمد أيضا ج ٥ ص ١٣٢ س ١ حدثنا عبد الله حدثني عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا مسلم بن قتيبة حدثنا شعبة عن عاصم بن بهدلة عن زرّ عن ابي بن كعب قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان الله تبارك وتعالى امرني ان اقرأ عليك فقرأ علي : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ان الدين عند الله الحنيفية غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل خيرا فلن يكفره قال شعبة ثم قرأ آيات بعدها ثم قرأ : لو ان لابن آدم واديين من مال لسأل واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب قال ثم ختمها بما بقي منها.

(٤) في صحيح مسلم بهامش صحيح البخاري ج ٤ ص ٤٣٧ في باب كراهة الحرص على الدنيا : حدثني سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن داود عن ابي حرب بن ابي الاسود عن ابيه قال بعث ابو موسى الاشعري الى قراء اهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرءوا القرآن فقال انتم خيار اهل البصرة وقراؤهم فاتلوه ولا يطولن عليكم الامد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم وانا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فانسيتها غير اني قد حفظت منها لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها باحدى المسبحات فانسيتها غير اني حفظت منها يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في اعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة

آية الرجم

(٥) في مسند الإمام احمد ج ٥ ص ١٣٢ س ١٢ حدثنا عبد الله حدثني وهب ابن بقية عن خالد بن عبد الله الطحان عن يزيد بن ابي زياد عن زر بن حبيش عن أبي ابن كعب قال كم تقرءون سورة الاحزاب قال بضعا وسبعين آية قال لقد قرأتها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل البقرة او اكثر منها وان فيها آية الرجم.

(٦) حدثنا عبد الله حدثنا خلف بن هشام حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن

١٦٥

بهدلة عن زر قال قال لي أبي بن كعب كائن تقرأ سورة الاحزاب وكائن تعدها قلت له ثلاثا وسبعين آية فقال قط لقد رأيتها وانها لتعادل سورة البقرة ولقد قرأنا فيها الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عليم حكيم.

(٧) في صحيح البخاري في باب رجم الحبلى من الزنا اذا احصنت من كتاب المحاربين من اهل الكفر والردة ج ٤ ص ١٢٥ طبع عام ١٣٠٤ ـ ١٣٠٥ بمصر بسنده عن عمر بن الخطاب في حديث انه قال ان الله بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالحق وانزل عليه الكتاب فكان مما انزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها فلهذا رجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورجمنا بعده فاخشى ان طال بالناس زمان ان يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة انزلها الله (الى ان قال) ثم انا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله ان لا ترغبوا عن آبائكم فانه كفر بكم ان ترغبوا عن آبائكم (الحديث) قال شيخ الاسلام في حاشية صحيح البخاري : آية الرجم هي (الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة) لكن نسخت تلاوتها دون حكمها ا ه. (اقول) نسخ التلاوة ممكن في كل ما روي نقصه من القرآن فهو مشترك بين الفريقين على ان نسخ التلاوة يصعب تصوره فاذا كان الحكم باقيا فما الفائدة من نسخ التلاوة ويشبه ان يكون انزال الآية ثم نسخ تلاوتها مع بقاء حكمها عبثا مع ان الآيات المنسوخ حكمها تلاوتها باقية.

(٨) في تاريخ دمشق للحافظ ابن عساكر ج ٢ ص ٢٢٨ في ترجمة ابي بن كعب عن ابي ادريس الخولاني ان أبا الدرداء ركب الى المدينة في نفر من اهل دمشق فقرأ فيها على عمر بن الخطاب هذه الآية إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام فقال عمر بن الخطاب من اقرأكم هذه القراءة فقالوا ابي بن كعب فدعاه فقال لهم عمر اقرءوا فقرءوا ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام فقال أبي لعمر نعم انا اقرأتهم فقال عمر لزيد بن ثابت اقرأ يا زيد فقرأ زيد قراءة العامة فقال عمر اللهم لا اعرف الا هذا فقال ابي والله يا عمر انك لنعلم اني كنت احضر ويغيبون وادنو ويحجبون ويصنع بي ويصنع وو الله لئن احببت لا لزمن بيتي فلا احدث احدا ولا أقرئ احدا حتى اموت فقال عمر اللهم غفرا انك لتعلم ان الله قد جعل عندك علما فعلم الناس ما علمت. قال ومر عمر

١٦٦

بغلام وهو يقرأ في المصحف : النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم وهو اب لهم فقال يا غلام حكها فقال هذا مصحف ابي بن كعب فذهب إليه فسأله فقال له انه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالاسواق ا ه وروى نحوه ابن الاثير الجزري في جامع الاصول. وفي كنز العمال : روى هذه الروايات ابو داود الطيالسي في سننه والحاكم في مستدركه.

سورتا القنوت

(٩) قال السيوطي في الاتقان والدر المنثور اخرج الطبراني والبيهقي وابن الضريس ان من القرآن سورتين ـ وقد سماهما الراغب في المحاضرات سورتي القنوت ـ ونسبوهما الى تعليم علي وقنوت عمر ومصحف ابن عباس وزيد بن ثابت وقراءة ابي موسى (احداهما) بسم الله الرحمن الرحيم انا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفك ونخلع ونترك من يفجرك (والثانية) بسم الله الرحمن الرحيم اللهم اياك نعبد ولك نصلي ونسجد وأليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد ان عذابك بالكافرين ملحق.

(١٠) في كتاب الاحكام في اصول الاحكام للآمدي الشافعي ج ١ ص ٢٢٩ طبع مصر ان في مصحف ابن مسعود (فصيام ثلاثة ايام متتابعات) وان أبا حنيفة بني عليه وجوب التتابع في صوم اليمين.

(١١) روى الطبري في تفسيره ان ابن مسعود كان يقرأ : فما استمتعتم به منهن الى اجل مسمى.

فاذا كان شذاذ منكم ومنا سبقهم الاجماع ولحقهم رووا ما اتفق المحققون والجمهور منا ومنكم على بطلانه ودلت عباراته بانحطاطها عن درجة القرآن الكريم على انها ليست بقرآن فكيف تلصقون بنا عيبه وتبرءون انفسكم ما هذا بانصاف.

١٦٧

ما روى من طريق غيرنا في وقوع الزيادة في القرآن

مع الاجماع منا ومنهم على عدم الزيادة

(١) في صحيح البخاري في باب والنهار اذا تجلى من كتاب تفسير القرآن ج ٣ ص ١٥٢ طبع عام ١٣٠٤ بمصر حدثنا قبيصة بن عقبة حدثنا سفيان عن الاعمش عن ابراهيم عن علقمة قال دخلت في نفر من اصحاب عبد الله الشام فسمع بنا ابو الدرداء فاتانا فقال أفيكم من يقرأ فقلنا نعم فقال فايكم اقرأ فاشاروا الي فقال اقرأ فقرأت والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى والذكر والانثى قال انت سمعتها من في صاحبك قلت نعم قال وانا سمعتها من في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهؤلاء يأبون علينا.

(٢) في صحيح البخاري أيضا : باب وما خلق الذكر والانثى حدثنا عمر بن حفص حدثنا ابي حدثنا الاعمش عن ابراهيم قال قدم اصحاب عبد الله على ابي الدرداء فطلبهم فوجدهم فقال ايكم يقرأ على قراءة عبد الله قالوا كلنا قال فايكم يحفظ فاشاروا الى علقمة قال كيف سمعته يقرأ والليل اذا يغشى قال علقمة والذكر والانثى قال اشهد اني سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ هكذا وهؤلاء يريدوني على ان اقرأ وما خلق الذكر والانثى والله لا اتابعهم ا ه. فهاتان الروايتان صريحتان في الزيادة وصرح الآمدي الشافعي في كتاب الاحكام في اصول الاحكام ج ١ ص ٢٣٠ بان مصاحف الصحابة مختلفة وان ابن مسعود انكر كون الفاتحة والمعوذتين من القرآن وصرح أيضا في ج ١ ص ٢٣٣ بانهم اختلفوا في البسملة هل هي جزء من القرآن أو لا أهو الامام ابو حنيفة يرى ان البسملة ليست جزءا من القرآن. فهذا نوع آخر من التحريف انفردت به رواياتكم. وليس لنا ان نعيبه عليكم.

القراءات السبع

(قال) ص ٢٢ والاحرف السبعة والوجوه العديدة قد اتت في القرآن متواترة من الامة كافة في القرون كافة. ويقول فيها الصادق كذبوا لكن القرآن نزل على حرف واحد.

١٦٨

(ونقول) قال كثير من علمائنا وعلماء من تسموا باهل السنة بتواتر القراءات السبع بل ادعى جماعة من مشاهير علمائنا الاجماع على تواترها بل في مفتاح الكرامة حكاية القول بتواترها عن اكثر علمائنا منهم المحقق الشيخ علي الكركي في جامع المقاصد والشهيد الثاني في روض الجنان ، قال ونفى الاردبيلي في مجمع البرهان الخلاف عن تواترها وقد نعيت بالتواتر في الكتب الفقهية والاصولية وعد جملة منها قال وقد نقل جماعة حكاية الاجماع على تواترها عن جماعة. وفي رسم المصاحف بها وتدوين الكتب لها حتى انها معدودة حرفا فحرفا وحركة فحركة ما يدل على ان تواترها مقطوع به والعادة تقضي بالتواتر في تفاصيل القرآن من اجزائه والفاظه وحركاته وسكناته لتوفر الدواعي على نقله لكونه اصلا لجميع الاحكام ، بل قال الشهيد في الذكرى بتواتر الشعر ا ه. ويحكى عن السيد ابن طاوس من علمائنا انه قال في كتابه المسمى (سعد السعود) بعدم تواتر القراءات السبع وحكي مثله عن الشيخ الرضي شارح الكافية. وقال شمس الدين محمد بن محمد الجزري الشافعي في كتابه النشر للقراءات العشر المطبوع بمصر : كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ووجب على الناس قبولها سواء أكانت عن السبعة أم العشرة أم غيرهم ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة اطلق عليها انها ضعيفة او شاذة او باطلة سواء أكانت عن السبعة أم عمن هو اكبر منهم هذا هو الصحيح عند التحقيق من السلف والخلف ونحوه ، قال ابو شامة فيما حكي عنه في كتاب المرشد الوجيز : ثم انه على القول بتواترها هل المراد تواترها الى اربابها او الى الشارع ، في مفتاح الكرامة الظاهر من كلام اكثر علمائنا واجماعاتهم الثاني وبه صرح الشهيد في المقاصد العلية ، ونقل الامام الرازي اتفاق اكثر اصحابه على ذلك. وقال الشيخ الطوسي في التبيان : المعروف من مذهب الامامية والتطلع في اخبارهم ورواياتهم ان القرآن نزل بحرف واحد على نبي واحد غير انهم اجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء وان الانسان مخير باي قراءة شاء قرأ وكرهوا تجريد قراءة بعينها. ونحوه في مجمع البيان. وهو قد يعطي ان تواترها الى اربابها. وعن الزركشي من علماء السنة في البرهان انه قال التحقيق انها متواترة عن الائمة السبعة اما تواترها عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ففيه نظر فان اسنادهم لهذه القراءات السبع موجود في

١٦٩

الكتب وهو نقل الواحد عن الواحد اه ـ وقال الزمخشري : ان القراءة الصحيحة التي قرأ بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انما هي الواحدة في صفتها والمصلي لا تبرأ ذمته من الصلاة الا اذا قرأ فيما وقع فيه الاختلاف على كل الوجوه كملك وصراط وسراط وغير ذلك ا ه. وهو صريح في انكار تواترها الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد حكم الزمخشري بسماجة قراءة ابن عامر قتل اولادهم شركائهم بنصب اولادهم وخفض شركائهم ، وانكر الشيخ الرضي قراءة حمزة تساءلون به والارحام بخفض الارحام. وبذلك تعلم انه لا اتفاق على تواترها الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا عندنا ولا عند غيرنا ولا على لزوم القراءة باحداها عند غيرنا ولكن ادعي الاتفاق على ذلك من اصحابنا ولم يثبت فليخفف موسى جار الله من غلوائه وليعلم ان دعواه تواترها جزما ناشئ عن قصور في اطلاعه واسراع الى النقد والتشنيع قبل التفحص وان قول صادق اهل البيت عليه وعليهم‌السلام كما في صحيح الفضيل وخبر زرارة لما قال له ان الناس يقولون ان القرآن نزل على سبعة احرف كذبوا ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد هو الصواب وليس محلا للاستغراب وانه قد قال به الزركشي والزمخشري ويفهم ذلك من كلام الجزري وابي شامة وكلهم من علماء غيرنا كما يعلم من كلام هؤلاء ان دعوى تواترها الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ظاهرة الوهن.

التحاكم الى قضاة الجور

ذكر في ص ٢٤ ما يتلخص في ان في كتب الشيعة عدم جواز التحاكم الى قضاة الجور وان حكومات الدول الاسلامية كلها كذلك.

(ونقول) الدول الاسلامية وقضاتها منها ما هو على العدل واتباع الكتاب والسنة والحكم بهما وهو قليل. ومنها ما هو على الجور والحكم بغير ما انزل الله وبالرشى والوساطات فهل ينكر موسى جار الله ذلك وقد ملأ الخافقين وشحنت به كتب التواريخ والاخبار وان انكره فما يصنع بحديث الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا عضوضا اما ان كلها على الجور كما ادعاه فلا ولو اتسع لنا المجال لشرحنا له شيئا من احوال من كان يحمل لقب الخلافة وإمارة المؤمنين وافعاله مما لا يجهله هو ولا غيره ليعلم ان حكومات الدول الاسلامية كان اكثرها كذلك ولبينا له كيف كانت

١٧٠

حالة القضاة المنصوبين من بعض المتغلبين لكنا نذكر بعض الوقائع نموذجا. كان شريح القاضي قاضي الكوفة سببا في تفريق جمع مذحج الذين جاءوا لتخليص هانئ ابن عروة المرادي من حبس الدعي ابن الدعي عبيد الله بن زياد بالحيلة والخديعة حتى قتل.

وافتى القاضي ابو البختري الرشيد ببطلان الامان الذي كتبه ليحيى بن عبد الله ابن حسن بن حسن العلوي حين خرج ببلاد الديلم سنة ١٧٦ بعد ما عرضه يحيى على القضاة والعلماء فاخبروه بانه لا اعتراض عليه فقدم يحيى بغداد على الرشيد ثم اراد الرشيد الغدر به وقتله فاحضر يحيى واحضر نسخة الامان واحضر القاضي أبا البختري ومحمد بن الحسن الشيباني الفقيه فقال الرشيد لمحمد بن الحسن ما تقول في هذا الامان أصحيح هو فقال صحيح فحاجه الرشيد في ذلك فقال له محمد ما تصنع بالامان لو كان محاربا ثم اعطيته الامان هل كان آمنا فاحتملها الرشيد على محمد ثم سأل أبا البختري فقال هذا منتقض من وجه كذا وكذا وتفل فيه ، فقال له الرشيد انت قاضي القضاة فمزق الامان ابو البختري وحبس الرشيد يحيى فمات في الحبس والى ذلك يشير الامير ابو فراس الحمداني بقوله في قصيدته الشافية :

يا جاهدا في مساويهم يكتمها

غدر الرشيد بيحيى كيف يكتتم

وكان يحيى بن اكثم قاضي قضاة المأمون في مجلس المأمون فافرط به السكر فامر المأمون ان يعمل له شبه القبر من الرياحين ويدفن فيه وامر من يغني عنده :

نبهته وهو ميت لا حراك به

مكفن في ثياب من رياحين

فقلت قم قال رجلي لا تطاوعني

فقلت خذ قال كفي لا تواتيني

فلما افاق يحيى قال :

يا سيدي وامير الناس كلهم

قد جار في حكمه من كان يسقيني

اني غفلت عن الساقي فصيرني

كما تراني سليب العقل والدين

فاختر لنفسك قاض انني رجل

الراح تقتلني والعود يحييني

وقال له المأمون يوما من الذي يقول :

قاض يرى الحد في الزناء ولا

يرى على من يلوط من بأس

١٧١

قال هو الذي يقول يا امير المؤمنين :

لست ارى الجور ينقضي وعلى الأم

ة وال من آل عباس

قال من هو قال فلان قال ينفى الى السند.

وقال البديعي في هبة الايام وغيره ان الحسن بن وهب لما كان غلاما مازحه يحيى بن اكثم ثم جمشه فغضب الحسن فانشد يحيى بن اكثم :

أيا قرا جمشته فتغضبا

واصبح لي من تيهه متجنبا

اذا كنت للتجميش والعض كارها

فكن ابدا يا سيدي متنقبا

ولا تظهر الاصداغ للناس فتنة

وتجعل منها فوق خديك عقربا

فتقتل مشتاقا وتفتن ناسكا

وتترك قاضي المسلمين معذبا

وذكر الثعالبي في اليتيمة في ترجمة القاضي التنوخي ان قضاة البصرة كانوا اذا جاء الليل خلعوا ثوب الوقار للعقار واجتمعوا على الشراب وعليهم المصبغات والمخانق وما منهم الا طويل اللحية ابيضها وفي يد كل منهم كأس من ذهب فيرقصون ويغمسون لحاهم في تلك الكئوس ويرشون بعضهم على بعض وفيهم يقول الشاعر :

مجالس ترقص القضاة بها

اذا انتشوا في مخانق البرم

تخال كلا كأن لحيته

لحية فعلان ضرجت بدم

وسأل بعض القضاة المعروفين رجلا عما يقوله الناس فيه فقال يقولون انك تنتسب الى البرامكة ولست منهم وانك تستعمل الحشيشة وتعشق الغلمان.

فقال اما الانتساب الى البرامكة فمن يريد الانتساب الى غير آبائه ينتسب الى قوم اشراف كبني هاشم لا الى قوم اصلهم مجوس واما الحشيشة فهي والخمر كلاهما محرم فمن اراد المعصية شرب الخمر وسكت عن الثالثة وخبره مع الغلام الذي كان يتعشقه فحجبه اهله ونظم في ذلك الاشعار معروف.

وفي اواخر الدولة العباسية كان يضمن القضاء ضمانا بمال يؤديه القاضي. وفي اواخر الدولة الاسلامية التي كانت في عصرنا كان يؤخذ من كل قاض ثلاثمائة ليرة ذهبية ليعين قاضيا مدة ثلاث سنين.

١٧٢

هذه حال اكثر حكومات الدول الاسلامية التي لا يخفى عليه ولا على احد ما وقع فيها من الجور والعسف وحال قضاتها الذي لسنا بحاجة الى بيانه لظهوره والذي كان هو السبب في وصول المسلمين الى الحالة التي هم فيها اليوم مما هو غني عن البيان فهل يرى موسى جار الله عيبا في عدم جواز التحاكم الى قضاة الجور الحاكمين بغير ما انزل الله وهل يمكنه ادعاء ان حكومات الدول الاسلامية كلها او جلها كانت على العدل والانصاف واننا نسأله هل يعتقد ان غيرنا من فرق المسلمين يرى نفوذ احكام قضاتنا من اي مذهب كانوا ليكون له حق بهذا الاعتراض.

قال ص ٢٤ ما ملخصه ان كتب الشيعة صرحت ان كل الفرق الاسلامية كافرة واهلها نواصب.

(ونقول) سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم لا يعتقد احد من الشيعة بذلك بل هي متفقة على ان الاسلام هو ما عليه جميع فرق المسلمين من الاقرار بالشهادتين الا من انكر ضروريا من ضروريات الدين كوجوب الصلاة وحرمة الخمر وغير ذلك وعمدة الخلاف بين المسلمين هو في امر الخلافة وهي ليست من ضروريات الدين بالبديهة لان ضروري الدين ما يكون ضروريا عند جميع المسلمين وهي ليست كذلك وقد صرحت كتب الشيعة كلها بخلاف ما قاله فقالت ان الاسلام ، هو ما عليه جميع فرق المسلمين وبه يتوارثون ويتناكحون وتجري عليهم جميع احكام الاسلام قال الشيخ جعفر بن سعيد الحلي المعروف بالمحقق فقيه الشيعة في كتاب شرائع الاسلام : المسلمون يتوارثون وان اختلفوا في المذاهب وصرحت بمثل ذلك جميع كتب الشيعة الفقهية مع اتفاقهم على ان الكافر لا يرث المسلم وفيما رواه الشيعة عن ائمة اهل البيت عليهم‌السلام : الاسلام هو ما عليه جماعة الناس من الفرق كلها وبه حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث والعجب منه كيف يتشبث بالشواذ ويسندها الى العقيدة. كأنه قد اخذ على نفسه ان لا يودع كتابه كلمة فيها انصاف ويفضي عما في بعض كتب قومه مما يماثل ما نسبه هنا الى كتب الشيعة وليس لهم مسوغ لذلك ولا مبرر.

ما بال عينك لا ترى اقذاءها

وترى الخفي من القذى بجفوني

١٧٣

جهاد الامم الاسلامية

قال ص (٢٥) جهاد الامم الاسلامية لم يكن مشروعا وهو اليوم غير مشروع حتى لو اوصى احد في سبيل الله وسبيل الله في عقيدته هو الجهاد جاز العدول الى فقراء الشيعة والجهاد مع غير الامام المفترض طاعته حرام.

(ونقول) الجهاد واجب مع وجود السلطان العادل بجميع انواعه ومع عدم وجود السلطان العادل لا يجب الا جهاد الدفاع فنسبته إلينا ان جهاد الامم الاسلامية غير مشروع والجهاد مع غير الامام المفترض طاعته حرام ليس بصواب فجهاد الدفاع مشروع في كل وقت وزمان وواجب ولو مع غير الامام المفترض طاعته لا حرام كما في جميع الكتب الفقهيّة. وقد افتى مجتهدوا الشيعة في العراق ـ وهم قدوة الشيعة في جميع الاقطار ـ بوجوب الجهاد في الحرب العالمية الاولى وباشره جماعة منهم فخرج السيد محمد سعيد الحبوبي النجفي والشيخ فتح الله المعروف بشيخ الشريعة الاصفهاني والسيد مهدي آل السيد حيدر الكاظمي وكلهم من كبار العلماء الى ساحة القتال في ناحية البصرة وبقيادتهم الالوف المؤلفة من شيعة العراق حتى توفي الاول منهم في ساحة الحرب متأثرا. وتطوع في الجيش العثماني عدد كثير من شيعة ايران فكانوا في جهات حلب مع عدم دخول دولتهم في الحرب في حين ان علماء غير الشيعة لم نسمع لواحد منهم شيئا من هذا القبيل فلينظر في ذلك المنصفون وبذلك يظهر فساد ما فرعه عليه من الوصية فلو اوصى في سبيل الله لكان ارجح مصاريفه وافضلها الجهاد. وقوله وسبيل الله في عقيدته الجهاد لا يظهر له معنى فسبيل الله يعم الجهاد وغيره.

تنزيل آيات في كتب الشيعة

قال ص (٢٧) في كتب الشيعة ابواب في آيات وسور نزلت في الائمة والشيعة وآيات نزلت في غيرهم تزيد على مائة آية قد ضبطتها. ما رأيكم اليوم في تنزيل هذه الآيات وفي تأويلاتها وكيف يذكر ذلك في اقدس كتبها في الحديث.

(ونقول) ليس كل ما في كتب الحديث صحيحا سواء أكان من اقدسها أم ابخسها وكتب الحديث مشتملة على الصحيح والضعيف والمقبول والمردود بل

١٧٤

صاحب الكتاب لا يعتقد بكل ما رواه فيه لان غرضه مجرد جمع الروايات كما رويت ويكل امر تصحيحها وتضعيفها الى انظار العلماء كل بحسب مبلغ نظره وان كان كل ما في كتب الحديث صحيحا فلما ذا وضع علم الدراية وعلم الرجال وقسم الحديث الى اقسامه المعروفة ولا نعرف ما المراد بهذه الآيات ولا يعترف علماء الشيعة بما خرج عن تفاسيرهم المعروفة المشهورة المطبوعة التي عليها الاعتماد كالتبيان ومجمع البيان وجامع الجوامع وليس كل كتاب نسب الى الشيعة هو صحيح عندهم ولا كل خبر ذكر في كتاب منسوب الى الشيعة يمكننا القول بصحته عندهم.

وقد ورد في اقدس الكتب عند غير الشيعة ما لا يمكن تصحيحه فهل يسوغ لنا ان نقول انهم كلهم يعتقدون بصحته.

اخرج الائمة البخاري ومسلم في صحيحيهما واحمد بن حنبل في مسنده والطبري في تاريخه عن ابي هريرة ان ملك الموت جاء الى موسى عليهما‌السلام فقال له اجب ربك فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها فرجع الملك الى الله تعالى فقال انك ارسلتني الى عبد لك لا يريد الموت ففقأ عيني فرد الله إليه عينه (الحديث) وفي بعضها ان ملك الموت كان يأتي الناس عيانا حتى اتى موسى فلطمه ففقأ عينه وانه جاء الى الناس خفيا بعد موت موسى ا ه. واصاب عزرائيل في ذلك فالمثل يقول (الملسوع يخاف من جرة الحبل) فاذا كان موسى وهو نبي مرسل من اولى العزم لطمه على عينه ففقأها فلعله يجيء الى رجل مثل عنتر عبس لا يعرف الله كما يعرفه موسى فيلطمه لطمة يفقأ بها عينيه معا ولعل الله يغضب منه ويقول له ما تعلمت من اوّل مرة فلا يرد إليه عينيه فيعيش اعمى فيرسله الله لقبض روح زيد فيقبض روح عمر ولانه اعمى فيقع اختلال في نظام الكون او لعله يجيء الى بعض العناترة فيضربه ضربة يكسر بها رأسه فيموت فيحتاج الله تعالى الى ان يحييه ثانيا ليتم قبض ارواح ما بقي من الناس أو ينصب غيره من الملائكة لهذه المهمة ولعله يكون اقسى من عزرائيل ويريد الاخذ بثاره فيلاقي بنو آدم منه الامرين فجزى الله عزرائيل عن تخفيه خيرا!!!.

١٧٥

ما وافق الامة وخالفها

قال ص (٢٦) ادعت كتب الشيعة ان الائمة ـ اولاد علي ـ كانت تنكر كل حديث يرويه امام من ائمة الامة وان الاخذ بنقيض ما اخذته الامة اسهل طريق في الاصابة وكل خبر وافق الامة باطل وما خالف الامة ففيه الرشاد وكان الامام يقول : دعوا ما وافق القوم فان الرشد في خلافهم وتقول الشيعة ان وافق الكل يجب الوقوف وكان الصادق يأمر بما فيه خلاف العامة ويقول ان عليا لم يكن يدين بدين الا خالفته الامة ابطالا لامر علي وهذا اصل من اصول الفقه عند الشيعة والامة قد علمت ان افضل القرون قرن الرسالة والخلافة فما روي عن سنتهما ارشد واقرب من الحق فكون الوفاق سمة البطلان والخلاف دليل الاصابة غريب بديع ونقل في ص ٦٢ عن الوافي ما اختص بروايته الامة فلا نلتفت إليه ثم قال ولم كل هذه هل هذا الا لأن الامة لا تعادي ولا تلعن العصر الاول ولا ميزة للشيعة في هذا الباب الا هذا.

(ونقول) (أولا) كون كتب الشيعة ادعت ذلك كذب وباطل فجل اقوال فقهاء الشيعة وائمة اهل البيت وفتاواهم موافق لما رواه وافتى به. من يسميهم الامة وهم يرون فيه الرشاد لا فيما خالفه وكيف يقول الامام دعوا ما وافق القوم ويأمر الصادق بما فيه خلافهم وجل فتاوى الائمة ومنهم الصادق وفتاوى فقهائهم موافق لهم فهذه دعاوى يكذبها فتاوى اهل البيت واقوال فقهائهم التي كلها موافق للمذاهب الاربعة الا ما ندر. غاية ما في الباب ان علماء الشيعة تقول في كتب الاصول في باب علاج تعارض الاخبار : اذا تعارض خبران اخذ بالاظهر منهما دلالة او الاصح سندا او الموافق للكتاب والسنة فاذا تعذر كل ذلك اخذ بالموافق لفتاوى اهل البيت المخالف لفتاوى غيرهم كما امرهم به ائمتهم لان ذلك اقرب الى الصواب فان ائمة اهل البيت كانوا اعرف بروايات جدهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كل احد وكل منهم يروي عن ابيه عن جده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيل عن الله تعالى وقد جعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اهل البيت بمنزلة باب حطة وسفينة نوح وامر بالتمسك بهم كما امر بالتمسك بالقرآن وقال ان المتمسك بهما لا يمكن ان يضل بعده ابدا فلذلك رجح الخبر الموافق لأقوالهم على الخبر الموافق لا قوال غيرهم وعليه يحمل ما حكاه عن الوافي ان صح.

١٧٦

وهذا بعيد عما يدعيه بعد السماء عن الارض وستأتي الاشارة الى ذلك قريبا عند الكلام على التقية.

(ثانيا) قوله ان وافق الكل يجب الوقوف لا يظهر له معنى وهو يناقض بظاهره قوله وكل خبر وافق الامة باطل.

(ثالثا) كون الامام كان يقول ان عليا لم يكن يدين بدين الا خالفته الامة الى غيره ابطالا لامر علي ـ ان صح ـ لم يكن فيه بعد من امة كان في رؤسائها من يقتل من لا يبرأ من علي ومن دينه الذي يدين به ويأمر بدفن بعضهم حيا ومن امة كانت في بعض ادوارها لا يجسر احد ان يروي خبرا واحدا عن علي ويخاف من خادمه وزوجته وكان اذا اضطر الى الرواية عنه قال حدثني ابو زينب او رجل من اصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ومن امة كانت في بعض القرون لا يجسر احد ان يسمى بينها مولودا باسم علي وكان علي يسب فيها على المنابر في الاعياد والجمعات السنين المتطاولة وخبر ان امي عقتني فسمتني عليا مع الحجاج مشهور معروف كما روى ذلك كله ابن ابي الحديد وغيره. وخبر علي بن عبد الله بن العباس مع عبد الملك بن مروان حين علم ان اسمه علي وكنيته ابو الحسن فقال لا احتملهما لك فغير كنيته وتكنى بابي العباس رواه ابو نعيم الاصفهاني في حلية الاولياء في ترجمة علي المذكور.

(رابعا) بينا مرارا انه ليس بيننا وبينك معاداة العصور ولا لعنها ولا خلاف فيما به يتحقق الاسلام ولم نختلف الا في مسائل معدودة بيناها فيما مر مرارا فان اثبت ان الحق معك فيها فانت الرجل كل الرجل واما ميزة الشيعة فهي انها اتبعت اهل بيت نبيها الذين امر الرسول باتباعهم وجعلهم ثاني القرآن في انه لا يضل المتمسك بهما وانهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض فلم كل هذا الا لأن الشيعة متمسكة باهل بيت نبيها كل التمسك.

التقية

ذكرها في وشيعته في عدة مواضع على عادته في التكرير والتطويل بلا طائل ونحن نجمعها في موضع واحد.

١٧٧

معنى التقية ومحلها

قال في ص ٢٧ التقية في سبيل حفظ حياته وشرفه وحفظ ماله وفي حماية حق من حقوقه واجبة على كل احد إماما كان او غيره وقال ص ٨٢ والتقية هي وقاية النفس من اللائمة والعقوبة وهي بهذا المعنى من الدين جائزة في كل شيء ، وقال ص ٨٥ عند نقل كلام الصادق والتقية واجبة ان كان في تركها ضرر لنفسه او غيره حرام عند أمن الضرر مكروهة حيث يخاف الالتباس على العوام ، وقال ص ٨١ روى الامام السرخسي في المبسوط عن الحسن البصري : التقية جائزة الى يوم القيامة. والتقية ان يقي الانسان نفسه او غيره بما يظهره وقد كان بعض اهل العلم يأبى ذلك ويقول انه من النفاق والحق جوازه الا ان تتقوا منهم تقاة وقد اذن الشارع لعمار وهذا النوع من التقية تجوز لغير الأنبياء اما التقية في الدعوة والنقل فلا تجوز اصلا ابدا لاحد والا لدخلت الشبهة في الادلة.

ترجيح احد الخبرين بمخالفة التقية

قال ص ٢٧ للشيعة ولكتبها في حيلة التقية غرام قد شغفها حبا حيلة التقية فاذا روى امام حديثا يوافق ما عليه الامة او عمل عملا يشبه عمل الامة فان الشيعة تردها على انها حيلة على انها تقية نحن نجل الائمة ونحترم اهل البيت ومن عزة الامام وأعظم شرفه ان يكون من الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا الا الله. ومن الذين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم.

وقال ص ٨٢ : واسوأ التقية في رواية الاخبار فقيه الشيعة يقول ولا يتقي : ما اختلف من اخبار اهل البيت فهو التقية والتقية رحمة للشيعة والامام ان قال قولا على سبيل التقية فللشيعي ان يأخذ به ان لم ينتبه الى ان قول الامام كان على سبيل التقية. فقيه الشيعة يحمل الرواية على التقية اذا كان رجال السند من اهل السنة او الزيدية وهذه حيلة الشيعة في رد السنن الثابتة من الائمة الوجه في هذه الرواية التقية لانها موافقة لما تراه الامة.

١٧٨

التقية بالعبادة والرواية

وقال ص ٢٧ اما التقية بالعبادة بان يعمل عملا لم يقصد به وجه الله وانما تاه وهما وخوفا من سلطان جائر والتقية بالتبليغ بان يسند الامام الى الشارع حكما لم يكن من الشارع فان مثل هذه التقية لا تقع ابدا من احد له دين ويمتنع صدورها من امام له عصمة وحمل رواية الامام وعبادة الامام على التقية طعن على عصمته وطعن على دينه والتقية في العبادة عمل لم يقصد به وجه الله وكل عبادة لم يقصد بها وجه الله باطلة وهي شرك ان قصد بها النفاق وكل رواية يرويها عدل فهي اداء امانة وهي تبليغ وحملها على التقية قول بان العدل قد افتراها على الله وكاد بها الامة وكل سامع وقال ص ٨٥ وليس يوجد بين الكلمات ما يثبت ان إماما كان يأتي تقية في عبادته بعمل لا يعتقده قربة او كان قد يضع حديثا يراه باطلا يرفعه الى الشارع تقية يتظاهر بالوفاق عند العامة نفاقا ولا كلام لنا الا في هاتين الصورتين من التقية ا ه.

وقال ص ٢٨ وكل يعلم ان خلاف الرواية السكوت والساكت آمن من كل شر ولم يقع ان جائرا عاقب الساكت.

تشديد الصادقين في امر التقية

حكى في ص ٨٠ عن اصول الكافي عن الباقر والصادق من ترك التقية في دولة الباطل يكون (كذا) لم يرض بقضاء الله وخالف امر الله وضيع مصلحة الله التي اختارها لعباده يقولان التقية ديني ودين آبائي ولا دين لمن لا تقية له ، وقال ص ٨٥ كان الصادق يقول : التقية من دين الله في كل ملة في الاقوال والافعال والسكوت عن الحق حفظا للنفس والمال وابقاء للدين ولو لا التقية لبطل دين الله وانقرض اهله وامثال ذلك سمعت ابي يقول ما بلغت تقية احد تقية اصحاب الكهف ان كانوا ليشهدون الاعياد ويشدون الزنانير فاعطاهم الله اجرهم مرتين مرة للايمان ومرة للعمل بالتقية وقال الصادق كانت طائفة آمنت بمحمد واخفت ايمانها تقية فنزلت أولئك الذين

١٧٩

يؤتون اجرهم مرتين بما صبروا ـ على مصائب التقية ـ ويدرءون بالحسنة ـ بالتقية ـ السيئة ـ الاذاعة.

امور عاب بها التقية

قال ص ٨٢ والتقية على ما عليه الشيعة غش في الدين وبيانه نصيحة ونصح والامام لا يسلك الا طريق النصح ولم يكن احد من الائمة يسلك طريق الغش وكل يعلم ان من اظهر بلسانه ما لم يعتقده بقلبه فهو كذب ونفاق تجيزها الشيعة لغرض عدائي.

وقال ص (٨٤) ولا اظن ان الائمة كانوا يعلمون الشيعة التقية تقية الخداع في الاخبار والنفاق في الاحكام. والشيعة تتقي في طفائف الامور تعمل اعمالا نفاقية وتضع اخبارا على وجه التقية ثم تجاهر بأسوإ الكبائر وتزعم انها تتقي تقية بها تخادع العامة.

وقال ص (٨٥) تقية الشيعة روحها النفاق وثمرتها كفر التهود قالوا سمعنا وعصينا اذا تقررت ادبا دينيا فقلت كل شيعي في غلاف التشيع يكون مستورا وراء التقية لا يبقى لقوله قيمة ولا يبقى لعمله صدق ولا لوعده وعهده وفاء ويحلفون بالله انهم لمنكم وما هو منكم ولكنهم قوم يفرقون.

واستشهد ص ٨٦ على بطلان التقية ـ وظن انه قد فتح بذلك كنزا ـ بقول الامام : العبادة خوفا من العذاب عبادة العبيد وطمعا في الاجر عبادة الاجراء واطاعة للامر وحبا لله عبادة الاحرار. قال فكيف يكون حال امام معصوم يأتي تقية بعبادة عند سلطان جائر وهما في خوفه او طمعا في رضاه او سعيا لا رضاء هوى باطل او كيف يكون ادب امام له دين يفتري على الله حكما او على نبيه حديثا يتعمد الكذب ويزعم فيه التقية وهو واهم في خوفه وضال ينافق في تظاهره بالوفاق للعامة ثم كيف تنسب التقية الى الباقر وفي طوماره ولا تخش الا الله يعصمك من الناس. نحن اهل السنة والجماعة نبرئ كل مؤمن له ادب من ان يتدرك الى مثل هذا الدرك الاسفل من الادب.

١٨٠