الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ١

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ١

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: قلم
الطبعة: ١
الصفحات: ٧١٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وقتله ، وأنزل الله تعالىٰ : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) الآية.

٢ ـ أبو بكر النقّاش الموصليّ ، البغداديّ : المتوفّىٰ ( ٣٥١ ) ، المترجم ( ص ١٠٤ ).

روىٰ في تفسيره شفاء الصدور حديث أبي عبيد المذكور ، إلّا أنَّ فيه مكان جابرِ ابن النضر الحارثَ بنَ النعمان الفهري ، كما يأتي في رواية الثعلبي ، وأحسبه تصحيحاً منه.

٣ ـ أبو إسحاق الثعلبيّ ، النيسابوريّ : المتوفّىٰ ( ٤٢٧ ، ٤٣٧ ).

قال في تفسيره الكشف والبيان (١) : إنَّ سفيان بن عيينة سُئل عن قوله ـ عزوجل ـ : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) في منْ نزلت ؟

فقال للسائل (٢) : سألتني عن مسألة ما سألني أحد قبلك ، حدّثني أبي ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ـ صلوات الله عليهم ـ قال :

لمّا كان رسول الله بغدير خُمّ نادى الناس ، فاجتمعوا فأخذ بيد عليٍّ ، فقال : « من كنتُ مولاه فعليّ مولاه » ، فشاع ذلك وطار في البلاد ، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري ، فأتىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم علىٰ ناقة له حتىٰ أتى الأبطح (٣) ، فنزل عن ناقته فأناخها ، فقال :

يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إلٰه إلّا الله ، وأنَّك رسول الله فقبلناه ، وأمرتنا أن نصلّي خمساً فقبلناه منك ، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا ، وأمرتنا أن نصوم شهراً فقبلنا ، وأمرتنا بالحجّ فقبلنا ، ثمّ لم ترضَ بهذا حتىٰ رفعتَ بضَبعَيْ ابن عمِّك ففضّلته علينا ، وقلت : من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ، فهذا شيءٌ منك ، أم من الله ؟

___________________________________

(١) الكشف والبيان : الورقة ٢٣٤ سورة المعارج آية : ١ ـ ٢.

(٢) في رواية فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره [ ص ١٩٠ ] ، والكراجكي في كنز الفوائد : إنَّ السائل هو الحسين بن محمد الخارقي. ( المؤلف )

(٣) يأتي الكلام فيه بأبسط وجه إن شاء الله تعالىٰ. ( المؤلف )

٤٦١
 &

فقال : « والذي لا إلٰه إلّا هو إنَّ هذا من الله ». فولّى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول :

أللّهمّ إن كان ما يقول محمد حقّاً فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل إليها حتىٰ رماه الله تعالىٰ بحجر ، فسقط علىٰ هامته ، وخرج من دُبُره وقتله ، وأنزل الله ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) الآيات.

٤ ـ الحاكم أبو القاسم الحَسكانيّ : المترجم ( ص ١١٢ ).

روىٰ في كتاب دعاء الهداة إلىٰ أداء حقّ الموالاة (١) ، فقال :

قرأت علىٰ أبي بكر محمد بن محمد الصيدلاني فأقرَّ به ، حدّثكم أبو محمد عبد الله ابن أحمد بن جعفر الشيباني ، حدّثنا عبد الرحمن بن الحسين الأسدي ، حدّثنا إبراهيم ابن الحسين الكسائي ـ ابن ديزيل ـ حدّثنا الفضل بن دكين ، حدّثنا سفيان بن سعيد الثوري ، حدّثنا منصور (٢) ، عن ربعي (٣) ، عن حذيفة بن اليمان ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعليّ عليه‌السلام : « من كنتُ مولاه فهذا عليّ مولاه ».

قال النعمان بن المنذر ـ فيه تصحيفٌ ـ الفهري : هذا شيء قلتَه من عندك ، أو شيء أمرك به ربّك ؟

قال : « لا ، بل أمرني به ربّي ».

فقال : أللّهمّ أنزل ـ كذا في النسخ ـ علينا حِجارةً من السماء ! فما بلغ رَحْله حتىٰ

___________________________________

(١) ورواه في كتابه شواهد التنزيل أيضاً : ٢ / ٣٨٣ برقم ١٠٣٣ بطريقين عن ابن ديزيل. ( الطباطبائي )

(٢) منصور بن المعتمر بن ربيعة الكوفي ، يروي عن ربعي بن حراش ، مُجمَع علىٰ ثقته ، تُوفِّي ( ١٣٢ ) ، ذكره الذهبي في تذكرته : ١ / ١٢٧ [ ١ / ١٤٢ رقم ١٣٥ ] ، وأثنىٰ عليه بالإمام الحافظ الحجّة.

( المؤلف )

(٣) ربعي بن حراش أبو مريم الكوفي المتوفّىٰ ( ١٠٠ ، ١٠١ ، ١٠٤ ) من رجال الصحيحين ، قال الذهبي في تذكرته : ١ / ٦٠ [ ١ / ٦٩ رقم ٦٥ ] : متفق علىٰ ثقته وإمامته والاحتجاج به. ( المؤلف )

٤٦٢
 &

جاءه حجرٌ فأدماه ، فخرّ ميِّتاً ، فأنزل الله تعالىٰ : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) (١).

وقال : حدّثنا أبو عبد الله الشيرازي ، قال : حدّثنا أبو بكر الجرجرائي ، قال : حدّثنا أبو أحمد البصري ، قال : حدّثنا محمد بن سهل ، قال : حدّثنا زيد بن إسماعيل مولى الأنصار ، قال : حدّثنا محمد بن أيّوب الواسطي ، قال : حدّثنا سفيان بن عيينة ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام :

لمّا نصب رسول الله عليّاً يوم غدير خُمّ ، وقال : من كنتُ مولاه ، طار ذلك في البلاد ، فقدم على النبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم النعمان بن الحارث الفهري قال : أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إلٰه إلّا الله ، وأنَّك رسول الله ، وأمرتنا بالجهاد والحجّ والصوم والصلاة والزكاة ، فقبلناها ، ثمّ لم ترضَ حتىٰ نصبتَ هذا الغلام فقلت : من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه. فهذا شيء منك ، أو أَمرٌ من عند الله ؟

فقال : « والله الذي لا إلٰه إلّا هو إنَّ هذا من الله ».

فولّى النعمان بن الحارث وهو يقول : أللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطِرْ عَلَينا حجارَةً من السماء ! فرماه الله بحجر علىٰ رأسه ، فقتله ، وأنزل الله تعالىٰ : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) الآيات (٢).

٥ ـ أبو بكر يحيى القرطبيّ (٣) : المتوفّىٰ ( ٥٦٧ ) ، المترجم ( ص ١١٥ ) قال في

___________________________________

(١) إسناد هذا الحديث صحيح رجاله كلّهم ثقات. ( المؤلف )

(٢) وأخرجه في كتابه شواهد التنزيل : ٢ / ٣٨١ رقم ١٠٣٠ ، كما رواه بطرق أخرىٰ بالأرقام : ١٠٣١ و ١٠٣٢ و ١٠٣٤ أيضاً. ( الطباطبائي )

(٣) القرطبي صاحب التفسير هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح المتوفّىٰ سنة ٦٧١ ، له الجامع لأحكام القرآن ، المطبوع المشتهر بتفسير القرطبي ، والقصّة مذكورة فيه في سورة المعارج : ١٨ / ٢٧٨ وإليك نصّه :

قيل إنَّ السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري ، وذلك أنَّه لمّا بلغه قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في

=

٤٦٣
 &

تفسيره (١) في سورة المعارج :

لمّا قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه » قال النضر بن الحارث (٢) لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أمرتنا بالشهادتين عن الله فقبلنا منك ، وأمرتنا بالصلاة والزكاة ، ثمّ لم ترضَ حتىٰ فضّلتَ علينا ابن عمّك ، آلله أمرك ، أم من عندك ؟

فقال : « والذي لا إلٰه إلّا هو إنَّه من عند الله ».

فولّىٰ وهو يقول : أللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأَمطر علينا حجارةً من السماءِ ! فوقع عليه حجر من السماء فقتله.

٦ ـ شمس الدين أبو المظفّر سبط ابن الجوزيّ الحنفيّ : المتوفّىٰ ( ٦٥٤ ).

رواه في تذكرته (٣) ( ص ١٩ ) قال : ذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بإسناده : أنَّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا قال ذلك ـ يعني حديث الولاية ـ طار في الأقطار ، وشاع في البلاد

___________________________________

= عليّ رضي‌الله‌عنه « من كنت مولاه فعليٌّ مولاه » ركب ناقته ، فجاء حتىٰ أناخ راحلته بالأبطح ، ثم قال : يا محمد ، أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله ، فقبلناه منك ، وأن نصوم شهر رمضان في كلّ عام فقبلناه منك ، وأن نحجّ فقبلناه منك.

ثم لم ترضَ بهذا حتىٰ فضّلت ابن عمّك علينا ، أفهذا شيء منك أم من الله ؟! فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « والله الذي لا إله إلّا هو ما هو إلّا من الله ».

فولّى الحارث وهو يقول : اللّهمّ إنْ كان ما يقول محمد حقّاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم !

فوالله ما وصل إلىٰ ناقته حتىٰ رماه الله بحجر فوقع علىٰ دماغه فخرج من دبره فقتله ، فنزلت ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) الآية. ( الطباطبائي )

(١) الجامع لأحكام القرآن : ١٨ / ١٨١.

(٢) هو النضر بن الحارث بن كلدة بن عبدمناف بن كلدار ، وفي الحديث تصحيف ؛ إذ النضر أُخذ أسيراً يوم بدر الكبرىٰ ، وكان شديد العداوة لرسول الله ، فأمر بقتله ، فقتله أمير المؤمنين صبراً ، كما في سيرة ابن هشام : ٢ / ٢٨٦ [ ٢ / ٢٩٨ ] ، وتاريخ الطبري : ٢ / ٢٨٦ [ ٢ / ٤٥٩ ] ، وتاريخ اليعقوبي : ٢ / ٣٤ [ ٢ / ٤٦ ] ، وغيرها. ( المؤلف )

(٣) تذكرة الخواص : ص ٣٠.

٤٦٤
 &

والأمصار ، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري ، فأتاه علىٰ ناقة له ، فأناخها علىٰ باب المسجد (١) ، ثمّ عقلها وجاء فدخل في المسجد ، فجثا بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال :

يا محمد إنَّك أمرتنا أن نشهد أن لا إلٰه إلّا الله ، وأنَّك رسول الله ، فقبلنا منك ذلك ، وإنَّك أمرتنا أن نصلّي خمس صلوات في اليوم والليلة ، ونصوم رمضان ، ونحجّ البيت ، ونزكّي أموالنا ، فقبلنا منك ذلك ، ثمّ لم ترضَ بهذا حتىٰ رفعت بضَبْعي ابن عمِّك وفضّلته على الناس ، وقلت : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، فهذا شيء منك ، أو من الله ؟

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد احمرّت عيناه : « والله الذي لا إلٰه إلّا هو إنَّه من الله ، وليس منّي ». قالها ثلاثاً.

فقام الحارث وهو يقول : أللّهمّ إن كان ما يقول محمد حقّاً فأرسل من السماء علينا حجارةً أو ائتنا بعذاب أليم !

قال : فوالله ما بلغ ناقته حتىٰ رماه الله من السماء بحجر ، فوقع علىٰ هامته ، فخرج من دُبره ومات ، وأنزل الله تعالىٰ : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) الآيات.

٧ ـ الشيخ إبراهيم بن عبد الله اليمنيّ ، الوصّابيّ ، الشافعيّ :

روىٰ في كتابه الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء حديث الثعلبي المذكور ( ص ٢٤٠ ).

٨ ـ شيخ الإسلام الحمّوئي : المتوفّىٰ ( ٧٢٢ ).

___________________________________

(١) لعلّه مسجد رسول الله بغدير خُمّ بقرينة سائر الأحاديث. ( المؤلف )

بل الظاهر أنَّه مسجده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمدينة المنوّرة ؛ لأنّ الروايات تقول إنَّه أتىٰ بعدما طار النبأ في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار ، وذلك لا يكون إلَّا بعد عدّة أيام ، وبعد رجوع الحاجّ كلٌّ إلىٰ أرضه ووطنه ، وبعد انتشار نبأ هذا الحادث الجلل في الأحياء والقبائل. ( الطباطبائي )

٤٦٥
 &

روىٰ في فرائد السمطين في الباب الخامس عشر (١) قال : أخبرني الشيخ عماد الدين [ عبد ] الحافظ بن بدران بمدينة نابلس فيما أجاز لي أن أرويه عنه ، إجازةً عن القاضي جمال الدين عبد القاسم بن عبد الصمد الأنصاري ، إجازةً عن عبد الجبار بن محمد الخواري البيهقي ، إجازةً عن الإمام أبي الحسن عليّ بن أحمد الواحدي ، قال : قرأت علىٰ شيخنا الأستاذ أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره : أنَّ سفيان بن عيينة سُئل عن قوله عزوجل ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) في من نزلت ؟ فقال ... الحديث إلىٰ آخر لفظ الثعلبي المذكور ( ص ٢٤٠ ).

٩ ـ الشيخ محمد الزرَنديّ ، الحنفيّ : المترجم ( ص ١٢٥ ).

ذكره في كتابيه معراج الوصول ونظم درر السمطين (٢).

١٠ ـ شهاب الدين أحمد الدولت آباديّ : المتوفّىٰ ( ٨٤٩ ).

روىٰ في كتابه : هداية السعداء في الجلوة الثانية من الهداية الثامنة : أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال يوماً : « من كنتُ مولاه فعليّ مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصُر من نَصَره ، واخذُل من خذله ».

فسمع ذلك واحد من الكفرة من جملة الخوارج (٣) ، فجاء إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا محمد هذا من عندك أو من عند الله ؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « هذا من عند الله ».

فخرج الكافر من المسجد ، وقام علىٰ عتبة الباب وقال : إن كان ما يقوله محمد حقّاً فأنزِلْ عليَّ حجراً من السماء !

قال : فنزل حجر ، ورضخ رأسه فنزلت ( سَأَلَ سَائِلٌ ... ).

١١ ـ نور الدين ابن الصبّاغ المالكيّ ، المكيّ : المتوفّىٰ ( ٨٥٥ ).

___________________________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ٨٢ ح ٥٣.

(٢) نظم درر السمطين : ص ٩٣.

(٣) أراد من الخوارج المعنى الأعمّ من محاربٍ لحجّة وقته أو مجابهه بردّ ، نبيّاً كان أو خليفة. ( المؤلف )

٤٦٦
 &

رواه في كتابه الفصول المهمّة (١) ( ص ٢٦ ).

١٢ ـ السيِّد نور الدين الحسنيّ ، السمهوديّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ٩١١ ) ، المترجم ( ص ١٣٣ ).

رواه في جواهر العقدين (٢).

١٣ ـ أبو السعود العماديّ (٣) : المتوفّىٰ ( ٩٨٢ ).

قال في تفسيره (٤) ( ٨ / ٢٩٢ ) : قيل : هو ـ أي سائل العذاب ـ الحارث بن النعمان الفهري ، وذلك أنَّه لَمّا بلغه قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عليّ رضي‌الله‌عنه : « من كنتُ مولاه فعليّ مولاه » ، قال : أللّهمّ إن كان ما يقول محمد حقّاً فأَمطِرْ علينا حجارةً من ٱلسماء ! فما لبث حتىٰ رماه تعالىٰ بحجر ، فوقع علىٰ دماغه ، فخرج من أسفله ، فهلك من ساعته.

١٤ ـ شمس الدين الشربينيّ ، القاهريّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ٩٧٧ ) ، المترجم ( ص ١٣٥ ).

قال في تفسيره السراج المنير (٥) ( ٤ / ٣٦٤ ) : اختلف في هذا الداعي : فقال ابن عبّاس : هو النضر بن الحارث. وقيل : هو الحارث بن النعمان.

وذلك أنَّه لمّا بلغه قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه » ، ركب ناقته ، فجاء حتىٰ أناخ راحلته بالأبطح ، ثمّ قال : يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إلٰه إلّا الله وأنَّك رسول الله فقبلناه منك ، وأن نصلّي خمساً ونزكّي أموالنا فقبلناه منك ، وأن

___________________________________

(١) الفصول المهمّة : ص ٤١.

(٢) جواهر العقدين : الورقة ١٧٩.

(٣) المولىٰ محمد بن محمد بن مصطفى الحنفيّ ، ولد ( ٨٩٨ ) بقرية قريبة من قسطنطينية ، وأخذ العلم ، وقُلّد القضاء والفتيا ، وتُوفِّي بالقسطنطينية مُفتياً ( ٩٨٢ ). ترجمه أبو الفلاح في شذرات الذهب : ٨ / ٣٩٨ ـ ٤٠٠ [ ١٠ / ٥٨٤ حوادث سنة ٩٨٢ هـ ]. ( المؤلف )

(٤) إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم : ٩ / ٢٩.

(٥) السراج المنير : ٤ / ٣٨٠.

٤٦٧
 &

نصوم شهر رمضان في كلِّ عام فقبلناه منك ، وأن نحجّ فقبلناه منك ، ثمّ لم ترضَ حتىٰ فضّلتَ ابن عمك علينا ، أفهذا شيء منك أم من الله تعالىٰ ؟

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « والذي لا إلٰه إلّا هو ما هو إلّا من الله ». فولّى الحرث وهو يقول : أللّهمّ إن كان ما يقول محمد حقّاً فأَمطر علينا حجارةً من ٱلسماء أَو ائْتِنا بعذابٍ أَليمٍ !

فوالله ما وصل إلىٰ ناقته حتىٰ رماه الله تعالىٰ بحجر ، فوقع علىٰ دماغه ، فخرج من دُبره ، فقتله ، فنزلت : ( سَأَلَ سَائِلٌ ) الآيات.

١٥ ـ السيِّد جمال الدين الشيرازي : المتوفّىٰ ( ١٠٠٠ ).

قال في كتابه الأربعين في مناقب أمير المؤمنين : الحديث الثالث عشر(١) عن جعفر بن محمد ، عن آبائه الكرام :

أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا كان بغدير خُمّ نادى الناس ، فاجتمعوا فأخذ بيد عليٍّ ، وقال : من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذُل من خذله ، وأدر الحقَّ معه حيث كان ـ وفي رواية ـ أللّهمّ أَعِنْهُ وأعِنْ به ، وارحمه وارحم به ، وانصره وانصر به».

فشاع ذلك ، وطار في البلاد ، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري ، فأتىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم علىٰ ناقة له ... ، وذكر إلىٰ آخر حديث الثعلبي.

١٦ ـ الشيخ زين الدين المناويّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ١٠٣١ ) ، المترجم ( ص ١٣٨ ).

رواه في كتابه فيض القدير في شرح الجامع الصغير ( ٦ / ٢١٨ ) في شرح حديث الولاية.

___________________________________

(١) الأربعين في فضائل أمير المؤمنين : ص ٤٠.

٤٦٨
 &

١٧ ـ السيّد ابن العيدروس الحسينيّ ، اليمنيّ : المتوفّىٰ ( ١٠٤١ ) ، المترجم ( ص ١٣٨ ).

ذكره في كتابه العقد النبويّ والسرّ المصطفويّ.

١٨ ـ الشيخ أحمد بن باكثير المكيّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ١٠٤٧ ) ، المترجم ( ص ١٣٩ ).

نقله في تأليفه وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل (١).

١٩ ـ الشيخ عبد الرحمن الصفّوريّ :

روىٰ في نزهته (٢) ( ٢ / ٢٤٢ ) حديث القرطبي.

٢٠ ـ الشيخ برهان الدين عليّ الحلبيّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ١٠٤٤ ).

روىٰ في السيرة الحلبية (٣) ( ٣ / ٣٠٢ ) وقال : لمّا شاع قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « من كنت مولاه فعليٌّ مولاه » في سائر الأمصار ، وطار في جميع الأقطار ، بلغ الحارث بن النعمان الفهريّ ، فقدم المدينة ، فأناخ راحلته عند باب المسجد ، فدخل والنبيُّ جالسٌ وحوله أصحابه ، فجاء حتىٰ جثا بين يديه ، ثمّ قال : يا محمد ... إلىٰ آخر لفظ سبط ابن الجوزي المذكور ( ص ٢٤٢ ).

٢١ ـ السيّد محمود بن محمد القادري ، المدنيّ :

قال في تأليفه الصراط السويّ في مناقب آل النبيّ : قد مرّ مراراً قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ». الحديث.

قالوا : وكان الحارث بن النعمان مسلماً ، فلمّا سمع حديث « من كنتُ مولاه فعليٌّ

___________________________________

(١) وسيلة المآل : ص ١١٩ ـ ١٢٠.

(٢) نزهة المجالس : ٢ / ٢٠٩.

(٣) السيرة الحلبية : ٣ / ٢٧٤.

٤٦٩
 &

مولاه » شكّ في نبوّة النبيّ ، ثمّ قال : أللّهمّ إن كان ما يقوله محمد حقّاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذابٍ أليم ! ثمّ ذهب ليركب راحلته فما مشىٰ نحو ثلاث خطوات حتىٰ رماه الله عزوجل بحجر فسقط علىٰ هامته ، وخرج من دُبره فقتله ، فأنزل الله تعالىٰ : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ). الآيات.

٢٢ ـ شمس الدين الحفنيّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ١١٨١ ) ، المترجم ( ص ١٤٤ ).

قال في شرح الجامع الصغير للسيوطي ( ٢ / ٣٨٧ ) في شرح قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه » : لمّا سمِع ذلك بعض الصحابة ، قال : أما يكفي رسول الله أن نأتي بالشهادة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ... حتىٰ يرفع علينا ابن أبي طالب ، فهل هذا من عندك أم من عند الله ؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « والله الذي لا إلٰه إلّا هو إنَّه من عند الله » ، فهو دليل علىٰ عظم فضل عليٍّ عليه‌السلام.

٢٣ ـ الشيخ محمد صدر العالم سبط الشيخ أبي الرضا :

قال في كتابه معارج العُلى في مناقب المرتضىٰ : إنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال يوماً : « أللّهمّ من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ». فسمع ذلك واحد من الكفرة من جملة الخوارج ، فجاء إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا محمد هذا من عندك أو من عند الله ؟ فقال النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « هذا من عند الله ».

فخرج الكافر من المسجد ، وقام علىٰ عتبة الباب ، وقال : إن كان ما يقوله حقّاً فأنزِلْ عليَّ حجراً من السماء ! قال : فنزل حجر ، فرضخ رأسه.

٢٤ ـ الشيخ محمد محبوب العالم :

رواه في تفسيره الشهير بتفسير شاهي.

٢٥ ـ أبو عبد الله الزرقانيّ ، المالكيّ : المتوفّىٰ ( ١١٢٢ ).

حكاه في شرح المواهب اللدنيّة ( ٧ / ١٣ ).

٤٧٠
 &

٢٦ ـ الشيخ أحمد بن عبد القادر الحفظيّ ، الشافعيّ :

ذكره في كتابه ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللآل.

٢٧ ـ السيّد محمد بن إسماعيل اليمانيّ : المتوفّىٰ ( ١١٨٢ ).

ذكره في كتابه الروضة النديّة في شرح التحفة العلويّة (١).

٢٨ ـ السيّد مؤمن الشبلنجيّ ، الشافعيّ ، المدنيّ :

ذكره في كتابه نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار (٢) ( ص ٧٨ ).

٢٩ ـ الأستاذ الشيخ محمد عبده المصريّ : المتوفّىٰ ( ١٣٢٣ ).

ذكره في تفسير المنار ( ٦ / ٤٦٤ ) عن الثعلبيّ ، ثمّ استشكل عليه بمختصر ما أورد عليه ابن تيميّة ، وستقف علىٰ بطلانه وفساده.

( وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) (٣)

___________________________________

(١) الروضة الندية في شرح التحفة العلوية : ص ١٥٦.

(٢) نور الأبصار : ص ١٥٩.

(٣) العنكبوت : ١٨.

٤٧١
 &

نظرة في الحديث

قد عرفت مصافقة التفسير والخبر في سبب نزول الآية الكريمة ، ومطابقة النصوص والأسانيد في إثبات الحديث والإخبات إليه ، وقد أفرغته الشعراء في بوتقة النظم منذ عهد متقادم كأبي محمد العَوني الغسّاني ، المترجَم في شعراء القرن الرابع في قوله :

يقول رسول الله : هذا لأمّتي

هو اليومَ مولىً ربِّ ما قلتُ فاسمعِ

فقال جَحودٌ ذو شقاقٍ منافقٌ

يُنادي رسولَ الله من قلبِ مُوجَعِ

أَعَن ربِّنا هذا ، أَمَ ٱنتَ ٱخْتَرعتَهُ ؟

فقال : معاذَ الله لستُ بمُبدِعِ

فقال عدوُّ الله : لا هُمَّ إن يكنْ

كما قالَ حقّاً بي عذاباً فَأوقعِ

فعُوجلَ من أُفْق السماءِ بكفرِهِ

بجندلةٍ فانكبّ ثاوٍ بمصرعِ

وقال آخر في أُرجوزته :

وما جرىٰ لحارث النعمانِ

في أمره من أوضح البرهانِ

على اختيارِهِ لأمرِ الأُمّهْ

فمِن هناك ساءه وغَمَّهْ

حتىٰ أتى النبيَّ بالمدينه

مُحْبَنْطِئاً من شدّة الضغينهِ

وقال ما قال من المقالِ

فباءَ بالعذابِ والنكالِ

ولم نجد من قريبٍ أو مناوىءٍ غمزاً فيه أو وقيعةً في نقله ، مهما وجدوا رجال إسناده ثقات فأخبتوا إليه ، عدا ما يُؤثر عن ابن تيميّة (١) في منهاج السنّة ( ٤ / ١٣ ) فقد

___________________________________

(١) ابن تيمية الدائب علىٰ إنكار الضروريات ، والمتجرّئ على الوقيعة في المسلمين ، وعلىٰ تكفيرهم وتضليلهم ، ولذلك عاد غرضاً لنبال الجرح من فطاحل علماء أهل السنّة منذ ظهرت مخاريقه وإلىٰ هذا اليوم ، وحسبك قول الشوكاني في البدر الطالع : ٢ / ٢٦٠ [ رقم ٥١٥ ] : صرّح محمد البخاري

=

٤٧٢
 &

ذكر وجوهاً في إبطال الحديث كشف بها عن سوأته ، كما هو عادته في كلِّ مسألة تفرّد بالتحذلق فيها عند مناوأة فِرق المسلمين ، ونحن نذكرها مختصرةً ونجيب عنها :

الوجه الأوّل : أنَّ قصّة الغدير كانت في مرتجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من حجّة الوداع ، وقد أجمع الناس علىٰ هذا ، وفي الحديث : أنَّها لَمّا شاعت في البلاد جاءه الحارث وهو بالأبطح بمكّة ، وطبع الحال يقتضي أن يكون ذلك بالمدينة فالمفتعِل للرواية كان يجهل تاريخ قصّة الغدير.

الجواب :

أوّلاً : ما سلف ـ في رواية الحلبي في السيرة (١) ، وسبط ابن الجوزي في التذكرة (٢) ، والشيخ محمد صدر العالم في معارج العُلىٰ ـ من أنَّ مجيء السائل كان في المسجد ـ إن أُريد منه مسجد المدينة ـ ونصَّ الحلبي علىٰ أنَّه كان بالمدينة ، لكن ابن تيميّة عزب عنه ذلك كلّه ، فطفِق يُهملج في تفنيد الرواية بصورة جزميّة.

ثانياً : فإنّ مفاضاة الرجل عن الحقائق اللغويّة ، أو عصبيّته العمياء التي أسدلت بينه وبينها ستور العمىٰ ورّطته في هذه الغمرة ، فحسب اختصاص الأبطح بحوالي مكّة ، ولو كان يراجع كتب الحديث ومعاجم اللغة والبلدان ، والأدب لَوجد فيها نصوص أربابها بأنّ الأبطح : كلُّ مسيل فيه دِقاق الحصىٰ ، وقولهم في الإشارة إلىٰ بعض مصاديقه : ومنه بطحاء مكّة ، وعَرف أنَّه يطلق علىٰ كلِّ مسيل يكون بتلك الصفة ، وليس حِجْراً علىٰ أطراف البلاد وأكناف المفاوز أن تكون فيها أباطح.

روى البخاري في صحيحه (٣) ( ١ / ١٨١ ) ، ومسلم في صحيحه (٤) ( ١ / ٣٨٢ ) عن

___________________________________

= الحنفي ـ المتوفّىٰ ( ٨٤١ ) ـ بتبديعه ثمّ تكفيره ، ثمّ صار يصرّح في مجلسه : إنَّ من أطلق القول على ابن تيميّة أنَّه شيخ الإسلام ، فهو بهذا الإطلاق كافر. ( المؤلف )

(١) و (٢) السيرة الحلبية : ٣ / ٢٧٤ ، تذكرة الخواص : ص ٣٠.

(٣) صحيح البخاري : ٢ / ٥٥٦ ح ١٤٥٩.

(٤) صحيح مسلم : ٣ / ١٥٤ ح ٤٣٠ كتاب الحجّ.

٤٧٣
 &

عبد الله بن عمر : أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أناخ بالبطحاء بذي الحُلَيفة فصلّىٰ بها.

وفي الصحيحين (١) عن نافع : أنَّ ابن عمر كان إذا صدر عن الحجّ أو العمرة أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة التي كان النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يُنيخ بها.

وفي صحيح مسلم (٢) ( ١ / ٣٨٢ ) عن عبد الله بن عمر : أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتىٰ في مُعرَّسه (٣) بذي الحُليفة (٤) فقيل له : إنَّك ببطحاء مباركة.

وفي إمتاع المقريزي (٥) وغيره : أنَّ النبيّ إذا رجع من مكّة دخل المدينة من معرَّس الأبطح ، فكان في معرَّسه في بطن الوادي ، فقيل له : إنَّك ببطحاء مباركة.

وفي صحيح البخاري (٦) ( ١ / ١٧٥ ) عن ابن عمر : أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان ينزل بذي الحُليفة حين يعتمر ، وفي حجّته حين حجَّ تحت سَمُرةٍ في موضع المسجد الذي بذي الحُليفة ، وكان إذا رجع من غزوٍ ـ كان في تلك الطريق ـ أو حجٍّ أو عمرةٍ هبط ببطن وادٍ ، فإذا ظهر من بطنٍ أناخ بالبطحاء التي علىٰ شفير الوادي الشرقيّة ، فعرّس ثَمَّ حتىٰ يصبح. وكان ثَمَّ خليجٌ يصلّي عبد الله عنده ، وفي بطنه كُثُبٌ كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثَمَّ يُصلّي ، فدحا فيه السيل بالبطحاء. الحديث.

وفي رواية ابن زبالة : فإذا ظهر النبيُّ من بطن الوادي أناخ بالبطحاء التي علىٰ شفير الوادي الشرقيّة.

وفي مصابيح البغوي (٧) ( ١ / ٨٣ ) : قال القاسم بن محمد : دخلت علىٰ عائشة رضي‌الله‌عنها

___________________________________

(١) صحيح مسلم : ٣ / ١٥٤ ح ٤٣٢ كتاب الحجّ ، صحيح البخاري : ٢ / ٥٥٦ ح ١٤٥٩.

(٢) صحيح مسلم : ٣ / ١٥٥ ح ٤٣٣ كتاب الحجّ.

(٣) التعريس : نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة. ( المؤلف )

(٤) ذو الحُلَيْفة : قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة. معجم البلدان : ٢ / ٢٩٥.

(٥) إمتاع الأسماع : ص ٥٣٤.

(٦) صحيح البخاري : ١ / ١٨٣ ح ٤٧٠.

(٧) مصابيح السنّة : ١ / ٥٦٠ ح ١٢١٨.

٤٧٤
 &

فقلت : يا أُمّاه اكشفي لي عن قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة (١) ولا لاطئة ، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء.

وروى السمهودي في وفاء الوفا (٢) ( ٢ / ٢١٢ ) من طريق ابن شبّة والبزّار عن عائشة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنَّه قال : بطحان علىٰ ترعةٍ من ترع الجنّة.

وقبل هذه الأحاديث كلّها ما ورد في حديث الغدير من طريق حذيفة بن أُسَيد وعامر بن ليلىٰ قالا : لمّا صدر رسول الله من حجّة الوداع ولم يحجّ غيرها ، أقبل حتىٰ كان بالجُحْفة ، نهىٰ عن سَمُرات مُتقاربات بالبطحاء ؛ أن لا ينزل تحتهنّ أحدٌ ... الحديث. راجع ( ص ٢٦ ، ٤٦ ).

وأمّا معاجم اللغة والبلدان :

ففي معجم البلدان (٣) ( ٢ / ٢١٣ ) : البطحاء في اللغة مسيلٌ فيه دقاق الحصىٰ ، والجمع : الأباطح والبِطاح علىٰ غير قياس ، إلىٰ أن قال : قال أبو الحسن محمد بن عليّ ابن نصر الكاتب : سمعت عوّادة تغنّي في أبيات طريح بن إسماعيل الثقفي في الوليد بن يزيد بن عبد الملك وكان من أخواله :

أنت ابنُ مُسْلَنْطِحِ (٤) البطاحِ ولم

تطرقْ عليك الحنيُّ والولجُ(٥)

فقال بعض الحاضرين : ليس غير بطحاء مكّة ، فما معنى الجمع ؟

فثار البطحاوي العلويّ ، فقال : بطحاء المدينة ، وهو أجلُّ من بطحاء مكّة ،

___________________________________

(١) أصله من الشرف : العلوّ ، واللاطئة من لطئ بالأرض : لزق. ( المؤلف )

(٢) وفاء الوفا : ٣ / ١٠٧١.

(٣) معجم البلدان : ١ / ٤٤٤.

(٤) المسلنطح : الفضاء الواسع.

(٥) الحنيّ : ما انخفض من الأرض ، الولج جمع وِلاج بالكسر : النواحي ، الأزقة ، ما اتّسع من الأودية ؛ أي لم تكن بينهما فيخفىٰ حسبك. ( المؤلف )

٤٧٥
 &

وجدّي منه ، وأنشد له :

وبَطْحا المدينةِ لي منزلٌ

فيا حبَّذا ذاك من منزلِ

فقال : فهذان بطحاوان فما معنى الجمع ؟

قلنا : العرب تتوسّع في كلامها وشعرها فتجعل الاثنين جمعاً ، وقد قال بعض الناس : إنَّ أقلّ الجمع اثنان ، وممّا يؤكّد أنَّهما بطحاوان قول الفرزدق :

وأنت ابنُ بَطْحاوَيْ قريشٍ فإن تشأْ

تكن في ثقيفٍ سيلَ ذي أدبٍ عَفْرِ

ثمّ قال :

قلت أنا : وهذا كلّه تعسّفٌ. وإذا صحَّ بإجماع أهل اللغة أنَّ البطحاء : الأرض ذات الحصىٰ فكلُّ قطعة من تلك الأرض بطحاء ، وقد سُمِّيت قريش البطحاء ، وقريش الظواهر ، في صدر الجاهليّة ولم يكن بالمدينة منهم أحد.

وأمّا قول الفرزدق وابن نباتة ، فقد قالت العرب : الرقمتان ورامتان ، وأمثال ذلك كثيرٌ تمرُّ في هذا الكتاب ، قصدهم بها إقامة الوزن فلا اعتبار به.

البُطاح ـ بالضمّ ـ : منزل لبني يربوع ، وقد ذكره لبيد ، فقال :

تربّعتِ الأشرافُ ثمّ تصيّفتْ

حِساءَ البطاحِ وانْتجعْنَ السلائلا

وقيل : البُطاح ماءٌ في ديار بني أسد ، وهناك كانت الحرب بين المسلمين ـ وأميرُهم خالد بن الوليد ـ وأهل الردّة ، وكان ضرار بن الأزور الأسدي قد خرج طليعة لخالد بن الوليد ، وخرج مالك بن نويرة طليعة لأصحابه ، فالتقيا بالبُطاح فقتل ضرار مالكاً ، فقال أخوه متمِّم يرثيه :

سأبكي أخي ما دام صوتُ حمامةٍ

توَرّقُ في وادي البُطاح حماما

وقال وكيع بن مالك يذكر يوم البُطاح :

٤٧٦
 &

فلمّا أتانا خالدٌ بلوائِهِ

تخطّتْ إليه بالبطاحِ الودائعُ

وقال في (١) ( ص ٢١٥ ) :

البطحاء : أصله المسيل الواسع فيه دقاق الحصىٰ. وقال النضر : الأبطح والبطحاء بطن الميثاء والتلعة والوادي ، هو التراب السهل في بطونها ممّا قد جرّته السيول ، يقال : أتينا أبطح الوادي ، وبطحاؤه مثله ، وهو ترابه وحصاه السهل الليّن. والجمع الأباطح.

وقال بعضهم : البطحاء كلّ موضع متّسع. وقول عمر رضي‌الله‌عنه : بطِّحوا المسجد ؛ أي ألقوا فيه الحصى الصغار ، وهو موضع بعينه قريب من ذي قار. وبطحاء مكّة وأبطحها ممدودٌ ، وكذلك بطحاء ذي الحُليفة.

قال ابن إسحاق : خرج النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم غازياً فسلك نقب بني دينار ، فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر يقال لها ذات الساق ، فصلّىٰ تحتها فثَمَّ مسجده.

وبطحاء ـ أيضاً ـ مدينة بالمغرب قرب تلمسان.

بُطْحان ـ روي فيه الضمّ والفتح ـ وادٍ بالمدينة ، وهو أحد أوديتها الثلاثة ، وهي : العقيق ، وبطحان ، وقتاة ، قال الشاعر ـ وهو يقوّي رواية من سكّن الطاء ـ :

أبا سعيدٍ لم أزلْ بعدكُمْ

في كُرَبٍ للشوق تغشاني

كم مجلسٍ ولّىٰ بلذّاتِهِ

لم يهنني إذ غاب نُدْماني

سقياً لسَلْعٍ ولساحاتِها

والعيشِ في أكْنافِ بُطْحانِ

وقال ابن مقبل في قول من كسر الطاء :

عَفىٰ بَطِحانٌ من سُليمىٰ فيثربُ

فملقى الرمالِ من منى فالمحصَّب

___________________________________

(١) معجم البلدان : ١ / ٤٤٦.

٤٧٧
 &

وقال أبو زياد : بطحان من مياه الضباب.

وقال في (١) ( ص ٢٢٢ ) : البَطيحة ـ بالفتح ثمّ الكسر ـ وجمعها البطائح ، والبطيحة والبطحاء واحد. وتبطّح السيل إذا اتّسع في الأرض ، وبذلك سُمِّيت بطائح واسط ؛ لأنّ المياه تبطّحت فيها أي سالت ، واتّسعت في الأرض ، وهي أرضٌ واسعةٌ بين واسط والبصرة ، وكانت قديماً قرىً متّصلة وأرضاً عامرة ، فاتّفق في أيّام كسرىٰ ابرويز أن زادت دجلة زيادة مفرطة ، وزاد الفرات أيضاً بخلاف العادة ، فعجز عن سدّها فتبطّح الماء في تلك الديار والعمارات والمزارع فطرد أهلها عنها ... الخ.

وقال ابن منظور في لسان العرب (٢) ( ٣ / ٢٣٦ ) ، والزبيدي في تاج العروس ( ٢ / ١٢٤ ) ما ملخّصه : بطحاء الوادي تراب ليِّن ممّا جرّته السيول.

وقال ابن الأثير (٣) : بطحاء الوادي وأبطحه حصاه الليِّن في بطن المسيل ، ومنه الحديث : أنَّه صلّىٰ بالأبطح ؛ يعني أبطح مكّة. قال : هو مسيل واديها.

وعن أبي حنيفة : الأبطح لا يُنبت شيئاً ، إنَّما هو بطن المسيل.

وعن النضر : البطحاء بطن التلعة والوادي ، وهو التراب السهل في بطونها ممّا قد جرّته السيول ، يقال : أتينا أبطح الوادي فنمنا عليه. وبطحاؤه مثله وهو ترابه وحصاه السهل الليّن.

وقال أبو عمرو : سُمّي المكان أبطح ؛ لأنّ الماء ينبطح فيه ؛ أي يذهب يميناً وشمالاً ، الجمع أباطح وبطائح.

وفي الصحاح (٤) : تبطّح السيل : اتّسع في البطحاء. وقال ابن سيدة (٥) : سال سيلاً عريضاً ، قال ذو الرّمّة :

___________________________________

(١) معجم البلدان : ١ / ٤٥٠.

(٢) لسان العرب : ١ / ٤٢٨.

(٣) النهاية في غريب الحديث والأثر : ١ / ١٣٤.

(٤) الصحاح للجوهري : ١ / ٣٥٦.

(٥) المخصّص : ٢ / ١٢٩ السفر التاسع.

٤٧٨
 &

ولا زال من نَوْءِ السِّماكِ عليكما

ونَوْءِ الثريّا وابلٌ متبطِّحُ

وقال لبيد :

يزع الهيام عن الثرىٰ ويمدّه

بطحٌ يهايلُهُ عن الكُثْبانِ

وقال آخر :

إذا تبطَّحنَ على المحاملِ

تبطُّحَ البطِّ بجنب الساحلِ

وبطحاء مكّة وأبطحها معروفة لانبطاحها ، بُطْحان ـ بالضمّ وسكون الطاء ـ وهو الأكثر ، قال ابن الأثير في النهاية (١) : ولعلّه الأصحّ. وقال عياض في المشارق (٢) : هكذا يرويه المحدِّثون. وكذا سمعناه من المشايخ ، والصواب الفتح وكسر الطاء كقَطران كذا قيَّد القالي في البارع (٣) ، وأبو حاتم والبكري في المعجم ، وزاد الأخير : ولا يجوز غيره. هو أحد أودية المدينة الثلاثة : وهو العقيق وبَطحان وقتاة ، وروى ابن الأثير فيه الفتح أيضاً وغيره بالكسر ، وفي الحديث كان عمر أوّل من بطّح المسجد وقال : ابطحوه من الوادي المبارك. تبطيح المسجد إلقاء الحصىٰ فيه وتوثيره ، وفي حديث ابن الزبير : فأهاب بالناس إلىٰ بطحه ، أي تسويته. وانبطح الوادي في هذا المكان واستبطح ، أي استوسع فيه ، ويقال في النسبة إلىٰ بطحان المدينة : البطحانيون. انتهىٰ (٤).

وقال اليعقوبي في كتاب البلدان ( ص ٨٤ ) : ومن واسط إلى البصرة في البطائح ؛ لأنّه تجمع فيها عدّة مياه ، ثمّ يصير من البطائح في دجلة العوراء ، ثمّ يصير إلى البصرة

___________________________________

(١) النهاية في غريب الحديث والأثر : ١ / ١٣٥.

(٢) مشارق الأنوار إلىٰ صحيح الآثار : ١ / ٨٧.

(٣) البارع في اللغة : ص ٧١٢.

(٤) ولهذه المذكورات شواهد في الصحاح والقاموس والنهاية والصراح والطراز وغيرها من معاجم اللغة. ( المؤلف )

٤٧٩
 &

فيرسي في شط نهر ابن عمر. انتهىٰ.

ويوم البطحاء : من أيّام العرب المعروفة منسوب إلىٰ بطحاء ذي قار ، وقعت الحرب فيها بين كسرىٰ وبكر بن وائل.

وهناك شواهد كثيرة من الشعر لمن يُحتج بقوله في اللغة العربيّة ، منها ما يُعزىٰ إلىٰ مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام من قوله يخاطب به الوليد بن المغيرة :

يُهدِّدني بالعظيمِ الوليدُ

فقلتُ : أنا ابنُ أبي طالبِ

أنا ابنُ المُبجَّلِ بالأبطَحَيْنِ

وبالبيت من سَلَفي غالبِ

وذكر المَيْبُذي في شرحه (١) : أنَّه عليه‌السلام يريد أبطح مكّة والمدينة.

وقال نابغة بني شيبان (٢) ـ في ديوانه ( ص ١٠٤ ) من قصيدةٍ يمدح بها عبد الملك ابن مروان ـ :

والأرضُ جمُّ النباتِ منهُ بها

مثل الزرابيّ للونه صبحُ

وارتدّت الأكمُ من تهاويل ذي

نورٍ عميمٍ والأسهل البطحُ

وللسيّد الحميري يصف الكوثر الذي يسقي منه أمير المؤمنين عليه‌السلام شيعته يوم القيامة قوله من قصيدة تأتي في ترجمته في شعراء القرن الثاني :

بطحاؤه مسكٌ وحافاتُهُ

يهتزُّ منها مونِقٌ مربعُ

وقال أبو تمام المترجَم في شعراء القرن الثالث في المديح في ديوانه ( ص ٦٨ ) :

قومٌ همُ آمنوا قبل الحمام بها

من بين ساجعِها الباكي ونائحِها

كانوا الجبالَ لها قبل الجبالِ وهمْ

سالوا ولم يكُ سيلٌ في أَباطحِها

___________________________________

(١) شرح ديوان أمير المؤمنين عليه‌السلام : ص ١٩٧.

(٢) عبد الله بن المخارق بن سليم. ( المؤلف )

٤٨٠