نظرة في كتاب الوشيعة لموسى جار الله

المؤلف:

العلامة الأميني


المحقق: أحمد الكناني
الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ١١٩

لن تضلّوا بعدي وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».

فحصر الهداية بالتمسك بهما اقتصاص آثارهما إلى غاية الأمد يُفيدنا أنّ عندهما من العلوم والمعارف ما تقصر عنها الأمة ، وانّه ليس في حيّز الإمكان أن تبلغ الأمة وهي غير معصومة من الخطأ ، ولم تكشف لها حجب الغيب مبلغاً يستغني به عمّن يرشدها في مواقف الحيرة.

فأئمّة العترة أعدال الكتاب في العلم والهداية بهذا النص الأغرّ ، وهم مفسروه والواقفون على مغازيه ورموزه ، ولو كانت الأمة أو أن فيها مَن يُضاهيهم في العلم والبصيرة فضلاً عن أن يكون أعلم بكثير منهم لكان هذا النصّ الصريح مجازفة في القول ، لا سيّما وأنّ الهتاف به كان له مشاهد ومواقف منها مشهد يوم الغدير وقد ألقى صاحب الرسالة على مائة ألف أو يزيدون ، وهو أكبر مجتمع للمسلمين على العهد النبوي ، هنالك نعى نفسه وهو يرى أمته ـ وحقاً ما يرى ـ قاصرةً ـ ولن تزل قاصرة ـ عن درك مغازي الشريعة فيجبره ذلك بتعيين الخليفة من بعده.

وهذا الحديث من الثابت المتواتر الذي لا يعترض صدور أيّ ريب ، وللعلّامة السمهودي كلامٌ حول هذا الحديث أسلفناه ص ٨٠ (١).

__________________

(١) وإليك عبارته كما حكاه عنهُ الإمام الزرقاني في شرح المواهب ٧ / ٨.

٢١

وكان يرى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسيس حاجة أمته إلى الخليفة من يوم بدء دعوته يوم أمر بانذار عشيرته كما مرّ حديثه ج ٢ ص ٢٧٨ (١).

__________________

«هذا الخبر يُفهم وجود من يكون أهلاً للتمسك به من عترته في زمن إلى قيام الساعة حتى يتوجه الحثُّ المذكور على التمسك به كما أن الكتاب كذلك ، فلذا كانوا أماناً لأهل الأرض فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض ..».

(١) في ط ٢ ، وص / ٢٥ من ط ١ (المؤلف)

أخرج الطبري في تاريخه ٢ / ٢١٦ عن ابن حميد قال : حدثنا سلمة قال : حدثني محمد بن اسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، «وانذر عشيرتك الأقربين» دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا علي ان الله يأمرني أن انذر عشيرتك الأقربين فقضت بذلك ذرعاً وعرفت اني متى أبادئهم بهذا الأمر أرى منهم ما اكره ، فصمتُ عليه حتى جاء جبرئيل فقال يا محمد إنك إلّا تفعل ما تؤمر به يُعذّبك ربك ، فاصنع لنا صاعاً من طعام واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسّاً من لبن ثمّ اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به. ففعلت ما أمرني به ثمّ دعوتهم له وهم يومئذٍ أربعون رجلاً يزيدون رجلاً أو ينقصونه وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به فلما وضعته تناول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جذبة من اللحم فشقها بأسنانه ثمّ ألقاها في نواحي الصحفة ثمّ قال : خذوا بسم الله. فأكل القوم حتى مالهم بشيء حاجة وما أرى إلّا موضع أيديهم ، وايم الله الذي نفس علي بيده وان كان الرجل والواحد منهم ليأكل ما قدّمت لجميعهم ، ثمّ قال اسق القوم ، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعاً ...

ثمّ تكلم رسول الله فقال : يا بني عبد المطلب ، اني والله ما اعلم شاباً في العرب

٢٢

وممّا يُماثل هذا النصّ حديث سفينة نوح حيث شبّه فيه نفسه وأهل بيته ـ ويريد الأئمة منهم ـ بسفينة نوح التي من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق (١) ، فحصر النجاة باتّباعهم المستعار له ركوب السفينة ، ولو أنّ لهم علوماً وافيةً بإرشاد الأمة وأنها لا تهتدي إليها إلّا بالأخذ منهم لما استقام هذا التشبيه ولا اتسق ذلك الكلام.

__________________

جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به ، أني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه فأيكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصي وخليفتي فيكم.

قال : فأحجم القوم عنها جميعاً ، وقلت واني لأحدثهم سناً ، وأرمصهم عيناً وأعظمهم بطناً ... أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي ثمّ قال : ان هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا.

قال : فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.

وبهذا اللفظ أخرجه ابو جعفر الاسكافي في كتابه نقض العثمانية ، والفقيه برهان الدين في أنباء نجباء الأبناء : ٤٦ ـ ٤٨ ، وابن الأثير في الكامل ٢ / ٢٤ ، وابو الفداء في تاريخه ١ / ١١٦ الخفاجي في شرح الشفا للقاضي عياض ٣ / ٣٧ ، والخازن في تفسيره : ٣٩٠ ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه ٦ / ٣٩٢ ، وجرجي زيدان في تاريخ التمدن الإسلامي ١ / ٣١ ، والاستاذ محمد حسين هيكل في حياة محمد : ١٠٤ (المؤلف)

وللحديث صور أخرى ذكرها المؤلف رحمه‌الله وأوصلها إلى سبعة صور مع مصادرها في غديره ٢ / ٢٨٠ ـ ٢٨٤.

(١)أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه ١٢ / ٩١ ، والحاكم في المستدرك ٣ / ١٥١ وصححهُ (المؤلف).

٢٣

ومثله حديث تشبيهه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهل بيته بالنجوم (١) ، فأهل بيته أعلامٌ وصوى للهداية يُهتدى بهم في ظلمات الغيّ والخلاف ، كما أن النجوم يُهتدى بها في غياهب الليل البهم ، ولو لا أنهم أركان العلم والهداية لما يتمّ التمثيل.

ولو كان علم الأمة اليوم بالقرآن والسنن أكثر وأكمل من علم عليّ ومن علوم كلّ أولاد عليّ ـ كما زعمه المسكين ـ فكيف خفي ذلك على رسول الله فقال وكأنّه لم يعرف أمته : أعلم أمّتي من بعدي عليُّ بن أبي طالب (٢).

وكيف اتخذه وعاء علمه وبابه الذي يؤتى منه؟ (٣).

وكيف رآه باب علمه ومبيّن أمته بما أرسل به من بعده؟ (٤)

وكيف أخبر أمته بأنه خازن علمه وعيبته؟ (٥)

وكيف خصه بين أمته بالوصية والوراثة لعلمه؟ (٦)

وكيف صحّ عن أمير المؤمنين قوله : والله إنّي لأخوه ووليّه وابن

__________________

(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ١٤٩ وصححهُ (المؤلف)

(٢) أخرجه الديلمي عن سلمان ، وذكره الخوارزمي في المناقب ٤٩ ، ومقتل الحسين ١ / ٤٣ المتقي في كنز العمال ٦ / ١٥٣.

(٣) شمس الأخبار : ٣٩ ، كفاية الكنجي : ٧٠ ، ٩٣.

(٤) أخرجه الديلمي عن أبي ذر كما في كنز العمال ٦ / ١٥٦ ، كشف الخفاء ١ / ٢٠٤.

(٥) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ٤٤٨.

(٦) كتاب صفين : ١٣٣ ، مروج الذهب ٢ / ٥٩.

٢٤

عمّه ووارث علمه ، فمن أحقّ به منّي؟ (١)

وكيف حكم الحافظ النيسابوري بإجماع الأمة على أنّ عليّاً ورث العلم من النبي دون الناس؟ (٢)

وعلى هذه كلّها فلازم كون الأمة أعلم من علي كونها أعلم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنه ورث علمه كلّه.

ثمّ كيف كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرى أن الله جعل الحكمة في أهل بيته وفي الأمة مَن هو أعلم منهم؟ وقد صحّ عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله : أنا دار الحكمة وعليّ بابها (٣).

وكيف يأمر أمته بالاقتداء بأهل بيته من بعده ويعرّفهم بأنهم خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي (٤)؟

وكيف يراهم أئمة امته ويقول : في كلّ خلوف من امّتي عدول من أهل بيتي ينفون من هذا الدين تحريف الغالين ، وانتحال

__________________

(١) خصائص النسائي : ١٨ ، مستدرك الحاكم ٣ / ١٢٦ وصححه هو والذهبي ، الرياض النضرة ٢ / ٢٢٦ ، ذخائر العقبى : ١٠٠ ، فرائد السمطين ب ٢٤ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٤ من طريق الطبراني.

(٢) مستدرك الحاكم ٣ / ٢٢٦.

(٣) أخرجه كثير من الحفاظ بعدة طرق وصححه الطبري وابن معين والحاكم والخطيب والسيوطي وغيرهم.

(٤) أخرجه أبو نعيم في الحلية ١ / ٦٨ ، والطبراني والرافعي كما في ترتيب جمع الجوامع ٦ / ٢١٧.

٢٥

المبطين ، وتأويل الجاهلين ، ألا إنّ أئمتكم وفدكم إلى الله فانظروا بمن توفدون (١).

والامة إن كانت غير قاصرة لا تحتاج إلى وصاية إمام معصوم إلى يوم القيامة كما زعمه المغفل ولا يتصوّر عقله احتياجها إلى إمام معصوم فلما ذا أخرت الامة تجهيز نبيّها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودفنه ثلاثة أيام ، وهذه كتب القوم تنص على أنّ ذلك إنّما كان لاشتغالهم بالواجب الأهمّ ألا وهو : أمر الخلافة وتعيين الخليفة.

قال ابن حجر في الصواعق ص ٥ : اعلم أنّ الصحابة رضوان الله عليهم أجمعوا على أنّ نصب الإمام بعد انقراض زمن النبوة واجب ، بل جعلوه أهم الواجبات حيث اشتغلوا به عن دفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واختلافهم في التعيين لا يقدح في الإجماع المذكور.

والباحث يجد نظير هذه الكلمة في غضون الكتب كثيراً ، فكيف يتصوّر عندئذ عقل الرجل مسيس حاجة الأمة يوم ذاك إلى إمام غير معصوم وهي لا تحتاج إلى إمام معصوم قطُّ إلى يوم القيامة.

__________________

(١) راجع في هذه الأحاديث المذكورة ص ٨٠ ، ٨١ ، ٩٥ ، ١٠١ ، ١٢٣ من هذا الجزء (المؤلف)

وهذا الحديث أخرجه الملا كما في ذخائر العقبى : ١٧ ، الصواعق : ١٤١. (المؤلف)

وبقية الأحاديث المذكورة استخرجت في مظانها.

٢٦

[القسم الثاني الزواج المؤقت «المتعة»]

٣ ـ بسط القول في المتعة ومُلخّصه : إنّها من بقايا الأنكحة الجاهلية ، ولم تكن حكماً شرعياً ، ولم تكن مباحةً في شرع الإسلام ، ونسخها لم يكن نسخ حكم شرعي وإنمّا كان نسخ أمر جاهلي ، ووقع الإجماع على تحريمها ، ولم ينزل في القرآن ، ولا يوجد في غير كتب الشيعة قول لأحد أنّ «فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ اجورهنّ» نزل فيها ، ولا يقول به لا جاهل يدعي ولا يعي ، وكتب الشيعة ترفع القول به إلى الباقر والصّادق ، وأحسن

٢٧

الاحتمالين ان السند موضوع وإلّا فالباقر والصّادق جاهلٌ ٣٢ ـ ١٦٦.

ج ـ هذه سلسلة جنايات على الإسلام وكتابه وحكمه ، وتكذيب على ما جاء به نبيّه وأقرّ به السلف من الصحابة والتابعين والعلماء من فرق المسلمين بأسرهم.

وقد فصّلنا القول فيها في رسالة تحت نواحي خمس (١) نأخذ منها فهرستها الا وهو :

١ ـ المتعة في القرآن :

(فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ؛ وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ، إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (النساء / ٢٤).

ذكر نزولها في المتعة في أوثق مصادر التفسير منها :

١ ـ صحيح البخاري (٢).

__________________

(١) والتي تحمل عنوان «رأي الخليفة في المتعتين» ألحقناها في خاتمة هذه الرسالة ، لتكون تفصيلاً لما اجمل هنا.

وعليه فمبحث المتعة يقع في مقامين ، الأول : فهرستاً وإجمالاً للمطالب وهو ما تكفلت به هذه الرسالة ، والثاني : تفصيل للمطالب وهو ما تكفلت به الخاتمة.

(٢) ك الحج ب التمتع ج ٢ / ١٧٦ ، وك التفسير ، سورة البقرة.

٢٨

٢ ـ صحيح مسلم (١).

٣ ـ مسند أحمد ٤ ص ٤٣٦.

بإسنادهم عن عمران بن حصين.

وتجده في تفسير الرازي ٣ ص ٢٠٠ ، ٢٠٢ ، وتفسير أبي حيان ٣ ص ٢١٨.

٤ ـ تفسير الطبري ٥ ص ٩ عن ابن عباس ، وابي بن كعب ، والحكم ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وقتادة ، وشعبة ، وأبي ثابت.

٥ ـ أحكام القرآن للجصاص ٢ ص ١٧٨ حكاه عن عدّة.

٦ ـ سنن البيهقي ٧ ص ٢٠٥ رواه عن ابن عباس.

__________________

وروي حديث المتعة من غير طريق عمران بن حصين في ك النكاح ب النهي عن نكاح المتعة ٩ / ١٤٩ ، وك المغازي ب غزوة خيبر ٧ / ٣٦٩ ، وك النكاح ب نهى رسول الله عن نكاح المتعة أخيراً ، وك الذبائح ب لحوم الحمر الانسية ، وك الحيل ب في الزكاة وان لا يفرق بين مجتمع ...

وروي نزول «لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم» في المتعة أيضاً ب تفسير الآية من سورة المائدة ٨ / ٢٠٧ ، وفي النكاح ب تزويج المعسر ، وب ما يكره من التبتل والخصاء.

(١) ك الحج ب جواز التمتع ج ٢ / ٨٩٨ ح ١٦٥ ، ١٦٧ ، ١٦٨ ، ١٦٩ ، ١٧٠ ، ١٧١ ، ١٧٢ ، ١٧٣ ، كل ذلك عن عمران بن حصين

وروي حديث المتعة من غير طريق عمران بن حصين في ك النكاح ب نكاح المتعة ح ١٤٠٥ ، ١٤٠٦ ، ١٤٠٧.

وروي نزول الآية ٨٧ من سورة المائدة في المتعة أيضاً في ك النكاح ب نكاح المتعة ح ١٤٠٤.

٢٩

٧ ـ تفسير البغوي ١ ص ٤٢٣ عن جمع ، وحكى عن عامة أهل العلم أنّها منسوخة.

٨ ـ تفسير الزمخشري ١ ص ٣٦٠.

٩ ـ أحكام القرآن للقاضي ١ ص ١٦٢ رواه عن جمع.

١٠ ـ تفسير القرطبي ٥ ص ١٣٠ ، قال : قال الجمهور : إنّها في المتعة.

١١ ـ تفسير الرازي ٣ ص ٢٠٠ ذكر عن الصحيحين حديث عمران أنّها في المتعة.

١٢ ـ شرح صحيح مسلم للنووي ٩ ص ١٨١ عن ابن مسعود.

١٣ ـ تفسير الخازن ١ ص ٣٥٧ عن قوم وقال : ذهب الجمهور انّها منسوخة.

١٤ ـ تفسير البيضاوي ١ ص ٢٦٩. يروم إثبات نسخها بالسنة.

١٥ ـ تفسير أبي حيّان ٣ ص ٢١٨ عن جمع من الصحابة والتابعين.

١٦ ـ تفسير ابن كثير ١ ص ٤٧٤ عن جمع من الصحابة والتابعين.

١٧ ـ تفسير السيوطي ٢ ص ١٤٠ رواه عن جمع من الصحابة

٣٠

والتابعين بطريق الطبراني ، وعبد الرزاق ، والبيهقي ، وابن جرير ، وعبد بن حميد ، وأبي داود ، وابن الأنباري.

١٨ ـ تفسير أبي السعود ٣ ص ٢٥١.

قال الأميني : أليست ـ أيها الباحث ـ هذه الكتب مراجع علم القرآن عند أهل السنة؟

أم ليسوا هؤلاء أعلامهم وأئمّتهم في التفسير؟ فأين مقيل قول الرجل : لم ينزل فيها قرآنٌ ولا يوجد في غير كتب الشيعة؟

وهل يسع الرجل أو يقول في هؤلاء الصحابة والتابعين والأئمة بما قاله في الباقر والصّادق عليهما‌السلام ويسلقهم بذلك اللسان البذيّ؟

٢ ـ حدود المتعة في الإسلام

أسلفنا أنّ للمتعة حدوداً جاء بها الإسلام (١) ، ولم يكن قطّ نكاح في الجاهلية معروفاً بتلك الحدود ، ولم ير أحدٌ من السلف والخلف حتى اليوم أن المتعة من أنكحة الجاهلية ، ولا يمكن القول بذلك مع تلك الحدود ، ولا قيمة لفتوى الرجل عندئذ ، وهي مفصّلةٌ في كتب كثيرة منها :

١ ـ سنن الدارمي ٢ ص ١٤٠.

__________________

(١)

سيأتي تفصيل الكلام في خاتمة الرسالة.

٣١

٢ ـ صحيح مسلم ج ١ في باب المتعة (١).

٣ ـ تفسير الطبري ٥ ص ٩ ذكر من حدودها : النكاح ، الأجل ، الفراق عبد انقضاء الأجل ، الاستبراء ، عدم الميراث.

٤ ـ أحكام القرآن للجصّاص ٢ ص ١٧٨ ذكر من حدودها :

العقد ، الاجرة ، الأجلّ ، العدّة ، عدم الميراث.

٥ ـ سنن البيهقي ٧ ص ٢٠٠ أخرج أحاديث فيها بعض الحدود.

٦ ـ تفسير البغوي ١ ص ٤١٣ ذكر عدة من الحدود.

٧ ـ تفسير القرطبي ٥ ص ١٣٢ ذكر عدة من الحدود.

٨ ـ تفسير الرازي ٣ ص ٢٠٠ ذكر عدة من الحدود.

٩ ـ شرح صحيح مسلم للنووي ٩ ص ١٨١ ، ادّعى اتفاق العلماء على الحدود.

١٠ ـ تفسير الخازن ١ ص ٢٥٧ ذكر الحدود الستّ.

١١ ـ تفسير ابن كثير ١ ص ٤٧٤ ذكر الحدود الست.

١٢ ـ تفسير السيوطي ٢ ص ١٤٠ ذكر من حدودها خمسة.

١٣ ـ الجامع الكبير للسيوطي ٨ ص ٢٩٥ ذكر من حدودها خمسة.

وفي غير واحد من كتب المذاهب الأربعة في الفقه.

__________________

(١) برقم ١٤٠٤ ، ١٤٠٥ ، ١٤٠٦ ، ١٤٠٧.

٣٢

أوّل من نهى عن المتعة :

وقفنا على خمسة وعشرين حديثاً في الصّحاح والمسانيد يدرسنا بأن المتعة كانت مباحةً في شرع الإسلام ، وكان الناس تعمل بها في عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابي بكر وردحاً من خلافة عمر ، فنهي عنها عمر في آخر أيّامه وعرف بأنّه أول من نهى عنها

فعلى الباحث أن يراجع :

صحيح البخاري باب التمتع ، صحيح مسلم ١ ص ٣٩٥ ، ٣٩٦. مسند أحمد ٤ ص ٤٣٦ ، ج ٣ ص ٣٥٦ ، الموطأ لمالك ٢ ص ٣٠ ، سنن البيهقي ٧ ص ٢٠٦ ، تفسير الطبري ٥ ص ٩ ، أحكام القرآن للجصّاص ٢ ص ١٧٨ ، النهاية لابن الأثير ٢ ص ٢٤٩ ، الغريبين للهروي ، الفائق للزمخشري ١ ص ٣٣١ ، تفسير القرطبي ٥ ص ١٣٠ ، تاريخ ابن خلكان ١ ص ٣٥٩ ، المحاضرات للراغب ٢ ص ٩٤ ، تفسير الرازي ٣ ص ٢٠١ ، ٢٠٢ ، فتح الباري لابن حجر ٩ ص ١٤١ ، تفسير السيوطي ٢ ص ١٤٠ ، الجامع الكبير للسيوطي ٨ ص ٢٩٣ ، تاريخ الخلفاء له ص ٩٣ ، شرح التجريد للقوشجي في مبحث الإمامة (١).

__________________

(١) في عداد مخالفة الخليفة لبعض الأحكام ومنها منع المتعتين ، ص ٣٧٤.

٣٣

الصحابة والتابعون :

ذهب جمعٌ من الصحابة والتابعين إلى إباحة المتعة وعدم نسخها مع وقوفهم على نهي عمر عنها ، ولهم ولرأيهم شأنٌ في الامة ، وفيهم مَن يجب عليها اتباعه.

١ ـ أمير المؤمنين علي عليه‌السلام.

٢ ابن عباس حبر الأمة.

٣ ـ عمران بن الحصين الخزاعي.

٤ ـ جابر بن عبد الله الأنصاري.

٥ ـ عبد الله بن مسعود الهذلي.

٦ ـ عبد الله بن عمر العدوي.

٧ ـ معاوية بن أبي سفيان.

٨ ـ ابو سعيد الخدري الأنصاري.

٩ ـ سلمة بن امية الجمحي.

١٠ ـ معبد بن امية الجمحي

١١ ـ الزبير بن العوام القرشي.

١٢ ـ الحكم

١٣ ـ خالد بن المهاجر المخزومي.

١٤ ـ عمرو بن حُريث القرشي.

١٥ ـ أبيّ بن كعب الأنصاري.

٣٤

١٦ ـ ربيعة بن أمية الثقفي.

١٧ ـ سعيد بن جبير.

١٨ ـ طاوس اليماني.

١٩ ـ عطاء أبو محمد اليمانيّ

٢٠ ـ السديّ

قال ابن حزم بعد عدّ جمع من الصحابة القائلين بالمتعة : ومن التابعين طاوس ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وسائر فقهاء مكّة.

قال أبو عمر : أصحاب ابن عبّاس من أهل مكّة واليمن كلّهم يرون المتعة حلالاً. قال القرطبي في تفسيره ٥ ص ١٣٢ : أهل مكّة كانوا يستمتعونها كثيراً.

قال الرازي في تفسيره ٣ ص ٢٠٠ في آية المتعة : اختلفوا في أنّها هل نسخت أم لا؟

فذهب السواد الأعظم من الأمة إلى أنها صارت منسوخة.

وقال السواد منهم : إنها بقيت مُباحة كما كانت

قال ابو حيّان بعد نقل حديث إباحة المتعة : وعلى هذا جماعةٌ من أهل البيت والتابعين.

قال الأميني : فأين دعوى إجماع الامة على حرمة ونسخ آيتها؟

وأين عزو القول بإباحتها إلى الباقر والصّادق عليهما‌السلام فحسب؟

٣٥

وهناك ناحيةٌ خامسةٌ فيها بيان أقوال أهل السنة في المتعة ونسخها وهي ٢٢ قولاً يُعرب هذا التضارب في الآراء عن فوائد جمّة نُحيل الوقوف عليها إلى دراية الباحث (١).

ونحن لا يسعنا بسط المقال في طامّات هذا الكتاب إذ كلُّ صحيفة منه أهلك من ترّهات البسابس ، تُعرب عن أنّ مؤلّفه بعيد عن أدب الإسلام ، بعيدٌ عن فقه القرآن والحديث ، قصيرُ الباع عن كلّ علم ، قصيرُ الخُطا عن كلّ ملكة فاضلة ، بذيُّ اللسان لسّابة ، وهو يعدُّ نفسه مع ذلك في كتابه من فقهاء الإسلام ، فإن كان الإسلام هذا فقه وهذا فقيه؟ وهذا علمه وهذا عالمه؟ وهذا كتابه وهذا كاتبه؟ فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

رأي الخليفة في المتعتين

متعة الحج

١ ـ عن أبي رجاء قال : قال عمران بن حصين : نزلت آية المتعة في كتاب الله وأمرنا بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثمّ لم تنزل آيةٌ تنسخ آية متعة

__________________

(١) ولنا القول الفصل في البحث عن المتعة في الجزء السادس من كتابنا هذا. (المؤلف)

وسيأتي تمام الكلام في خاتمة الرسالة.

٣٦

الحجّ ، ولم ينه عنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى مات ، قال رجلٌ برأيه بعدُ ما شاء (١).

صورة أخرى لمسلم :

تمتّعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم ينزل فيه القرآن قال رجلٌ برأيه ما شاء.

وفي لفظ آخر له : تمتّع نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وتمتّعنا معه.

وفي لفظ رابع له : أعلم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جمع بين حج وعمرة ثمّ لم ينزل فيها كتاب ولم ينهنا عنها قال رجلٌ برأيه ما شاء.

لفظ البخاري :

تمتعنا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونزل القرآن قال رجل برأيه ما شاء (٢).

وفي لفظ آخر له :

أنزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم ينزل

__________________

(١) صحيح مسلم ١ ص ٤٧٤ ، وأخرجه القرطبي بهذا اللفظ في تفسيره ٢ ص ٣٦٥. (المؤلف)

(٢) صحيح البخاري ٣ ص ١٥١ ط سنة ١٢٧٢. (المؤلف)

٣٧

قرآن يحرّمه ، ولم ينه عنها حتى مات ، قال رجلٌ برأيه ما شاء (١).

وفي بعض نسخ صحيح البخاري قال محمّد ـ أي البخاري ـ يقال : إنّه عمر

قال القسطلاني في الإرشاد : لأنّه كان ينهى عنها.

وذكره ابن كثير في تفسيره ١ ص ٢٣٣ نقلاً عن البخاري فقال :

هذا الذي قاله البخاري قد جاء مصرّحاً به : إنّ عمر كان ينهى الناس عن التمتّع.

وقال ابن حجر في فتح الباري ٤ ص ٣٣٩ : ونقله الإسماعيلي عن البخاري كذلك فهو عمدة الحميدي في ذلك ، ولهذا جزم القرطبي والنووي وغيرهما ، وكان البخاري أشار بذلك إلى رواية الحريري عن مطرف فقال في آخره : ارتأى الرجل برأيه ما شاء يعني عمر.

كذا في الأصل أخرجه مسلم.

وقال ابن التين : يحتمل أن يريد عمر أو عثمان.

وأغرب الكرماني فقال : إنّ المراد به عثمان.

والأولى أن يفسّر بعمر فإنه أوّل من نهى عنها ، وكان مَن بعده

__________________

(١) صحيح البخاري كتاب التفسير سورة البقرة ج ٧ ص ٢٤ (ط سنة ١٢٧٧). (المؤلف)

٣٨

تابعاً له في ذلك ، ففي مسلم : إنّ ابن الزبير كان ينهى عنها وابن عباس يأمر بها فسألوا جابراً فأشار إلى أنّ أوّل من نهى عنها عمر.

وقال القسطلاني في الإرشاد ٤ ص ١٦٩ : قال رجل برأيه ما شاء ، هو عمر بن الخطاب لا عثمان بن عفّان لأن عمر أوّل من نهى عنها فكان مَن بعده تابعاً له في ذلك ، ففي مسلم ـ إلى آخر كلمة ابن حجر المذكورة ـ

وقال النووي في شرح مسلم : هو عمر بن الخطّاب لأنّه أوّل من نهى عن المتعة فكان من بعده من عثمان وغيره تابعاً له في ذلك.

لفظ الشيخين :

تمتّعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونزل فيه القرآن ، فليقل رجلٌ برأيه ما شاء.

السنن الكبرى ٥ ص ٢٠.

لفظ النسائي :

إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد تمتع وتمتّعنا معه قال فيها قائل برأيه.

أخرجه في سننه ٥ ص ١٥٥ ، وأحمد في مسنده ٤ ص ٤٣٦ قريباً من لفظ مسلم مبتوراً.

٣٩

وفي لفظ الإسماعيلي : تمتّعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونزل فيه القرآن ولم ينهنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١).

٢ ـ عن أبي موسى : إنه كان يفتي بالمتعة فقال له رجلٌ : رويدك ببعض فتياك فإنّك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك ، حتّى لقيته فسألته فقال عمر : قد علمت أنّ النبيّ قد فعله وأصحابه ولكنّي كرهت أن يظلّوا معرّسين بهنّ في الأراك ثمّ يروحون في الحجّ تقطر رءوسهم.

أخرجه مسلم في صحيحه ١ ص ٤٧٢ ، وابن ماجة في سننه ٢ ص ٢٢٩ ، وأحمد في مسنده ١ ص ٥٠ ، والبيهقي في سننه ٥ ص ٢٠ ، والنسائي في سننه ٥ ص ١٥٣ ، ويوجد في تيسير الوصول ١ ص ٢٨٨ ، وشرح الموطأ للزرقاني ٢ ص ١٧٩.

٣ ـ عن مطرف عن عمران بن حصين : إنّي لُاحدّثك بالحديث اليوم ينفعك الله به بعد اليوم ، واعلم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أعمر طائفة من أهله في العشر فلم تنزل آية تنسخ ذلك ولم ينه عنه حتّى مضى لوجهه ، ارتأى كلّ امرئ بعد ما شاء أن يرتئي.

وفي لفظ مسلم الآخر : ارتأى رجلٌ برأيه ما شاء يعني عمر.

وفي لفظ ابن ماجة : ولم ينه عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم ينزل نسخه

__________________

(١) فتح الباري ٣ ص ٣٣٨. (المؤلف)

٤٠