رسالة قواعد العقائد

الخواجة نصير الدين الطوسي

رسالة قواعد العقائد

المؤلف:

الخواجة نصير الدين الطوسي


المحقق: الشيخ علي حسن خازم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الغربة
الطبعة: ١
الصفحات: ١٢٧

إذ (١) كان فعله تبعا لداعيه ، وليس للاختيار معنى غير ذلك.

وبعض القدماء (٢) أنكروه مخافة التزام الإيجاب ، وقال بعضهم عند الداعي يصير وجود الفعل أولى من لا وجوده.

وقيل لهم مع هذه الأولوية ، هل يمكن لا وقوع الفعل أم لا؟ فإن أمكن فلا يكون للأولوية أثر ، وإن لم يمكن كانت الأولوية هي الوجوب ، ولا يتغير الحكم بتغير الألفاظ.

وقال آخرون (٣) : للقادر أن يختار أحد طرفي الفعل والترك من غير رجحان لذلك (٤) الطرف ، ويتمثلون بالهارب الواصل إلى طريقين متساويين يضطر إلى المشي في أحدهما ، والعطشان إذا حضره وعاءان متساويان ، فإنهما يختاران أحد الطريقين (٥) والوعائين من غير ترجيح لأحدهما على الآخر ، ومع التزام هذا يلزم (٦) محالات ، ويتعذر إثبات الإرادة له (٧) تعالى.

ومنها أنه تعالى عالم ، والعالم لا يحتاج إلى تفسير ، والدليل عليه أن أفعاله محكمة متقنة ، يتبيّن (٨) ذلك لمن عرف حكمة (٩)

__________________

(١) في (م) إذا.

(٢) المنكرون على مذهبين بعضهم محمود الخوارزمي ومن اتبعه قالوا عند الداعي يصير وجود الفعل أولى من لا وجوده.

(٣) في (د) الآخرون : المذهب الثاني للمنكرين يمثله أكثر الأشاعرة والمعتزلة كشف ٤١.

(٤) في (م) ذلك.

(٥) في (د) الطرفين.

(٦) في م : ان بالمحالات.

(٧) في (م) لله.

(٨) في م : تتبين.

(٩) في د يعرف حكمته.

٤١

الله تعالى في خلق السماوات والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، وخلق الحيوانات ومنافع أعضائها ، وسائر الموجودات. وكون كل من (١) صدر عنه أفعال متقنة (٢) محكمة عالما ضروري (٣).

ولكونه تعالى (٤) واجبا لذاته ، وغيره ممكنا لذاته ، كان ما سواه متساوي النسبة إليه ، ولم يكن بعضه أولى من بعض بأن يكون مقدورا له (٥) دون بعض ، أو معلوما له دون بعض فهو قادر على جميع ما يصح أن يكون مقدورا (٦) عليه ، عالم بجميع ما يصح أن يعلم كليا [كان] أو جزئيا (٧) ، فتكون (٨) المعلومات أكثر من المقدورات. [وعالم بكل المعلومات] ، لأن الواجب والممتنع (٩) يعلمان ولا يقدر عليهما.

ويكون مقدوره عند الحكماء بلا توسط شيئا واحدا والباقي بتوسطه (١٠) ، ومعلومه كل ما لا يتغير (١١) ، وأما المتغيرات فلا

__________________

(١) في (د) فيكون كل من يصدر عنه.

(٢) ناقصة في (م).

(٣) فضروري (م).

(٤) في (م) ناقصة.

(٥) في (م) ناقصة.

(٦) في (م) يقدر عليه.

(٧) خلافا لقدماء الفلاسفة فإنهم ينكرون علمه بالجزئيات راجع محصّل ٢٣٩.

(٨) في دوم فيكون.

(٩) في (م) الممكن.

(١٠) في (م) بتوسط ، هو قول أوائل الفلاسفة خلافا للمتكلمين فإنهم يقولون مفهوم الصدور اعتباري كشف ص ٤٤. الإشارات ج ٣ ص ٢٦ وص ١٢٢ فما بعد.

(١١) وهذا القول للفلاسفة أيضا ، مخالف للمتكلمين ، فإنّ المسلمين اتفقوا على أنّه تعالى ـ

٤٢

تكون (١) من حيث التغير معلومة له لوجوب تغير العلم بتغير المعلوم ، وامتناع تغير علمه تعالى ، وسيجيء القول في هذا البحث.

وأيضا عند بعض المعتزلة (٢) أنه تعالى لا يقدر على القبائح لامتناع وقوعها عن العالم [بها] الغني عنها.

منها أنه تعالى حي (٣) لامتناع كون من يمكن أن يوصف بأنه قادر عالم غير حي ، ويفسرون الحياة بما من شأنه أن يوصف الموصوف به بالقدرة والعلم.

ومنها أنه تعالى مريد (٤) ، وذلك لأن صدور (٥) بعض

__________________

ـ عالم بكل معلوم ولكنهم اختلفوا في تفصيل ذلك فقال أبو هاشم وجماعة من المعتزلة بأنه العلم بأن الشيء سيكون. وذهب آخرون إلى أنه لا يعلم الموجود الزماني إلّا عند وجوده ، وجوزوا التغير في علمه تعالى ونسبه الأشعري إلى الشيعة في المقالات ج ٢ ص ١٦٠ ـ ١٦٣. وذهب المحققون إلى أن العلم من الصفات الحقيقية التي يلزمها الإضافة مقالات ج ٢ ص ١٦٣ وراجع محصّل ص ٢٥٤.

(١) في (د) و (م) يكون.

(٢) هو النظام وأصحابه وعلى الأسواري والجاحظ مقالات ج ٢ ص ٢٠٩ خلافا لبعض المتكلمين في مقدوره تعالى.

قال الجويني أنه قادر على جميع المقدورات لمع ص ٩٤. الاقتصاد ص ٥٤. الفرق ص ٣٣٤. محصّل ص ٢٥٧.

(٣) اختلف المتكلمون في هذه الصفة ، فإنّ الأشاعرة يثبتوها ليتمكنوا من اجراء وصف القدرة والعلم وإلّا استحال ، ووافقهم المصنف ، أمّا أبو الحسين البصري فقال انّ ذاته تعالى بنفسها تستلزم انتفاء الاستحالة ، لأن ذاته مخالفة لغيره من الذوات فتتميز باتصافها بهذه الصفة لذاتها ، راجع محصّل ص ٢٤٢. المختصر ص ٢١١. الملل والنحل ج ١ ص ٩٤. لمع الأدلة ص ٩٤ و ٩٧. كشف الفوائد ص ٤٦.

(٤) اختلف المتكلمون أيضا في تفسيرها بعد الاتفاق عليها ، فذهب أبو الحسين البصري وجماعة. من المتكلمين إلى أنه عبارة عن الداعي ، وذهب آخرون إلى أمر زائد ، فعند

٤٣

الممكنات عنه دون بعض ، وصدور ما يصدر عنه في وقت دون وقت يحتاج إلى مخصص والمخصص هو الإرادة وهو الداعي الذي مرّ ذكره. وبعض المعتزلة يقولون إنها عرض لا في محلّ (١) ، وبذلك ينتقض حدّ الجوهر والعرض اللذين مرّ ذكرهما. والإرادة المتعلقة ببعض الممكنات دون بعض (٢) تقتضي (٣) وجوب كون المريد عالما مميزا (٤).

ولكونه تعالى واجب الوجود لذاته يجب أن يكون دائم الوجود (٥) باقيا في ما لم يزل ولا يزال. والأشعرية يقولون بأن البقاء صفة مغايرة لغيرها من الصفات (٦).

ومنها أنه تعالى سميع بصير ، ويدل (٧) عليه احاطته بما

__________________

ـ الأشاعرة أنّه تعالى مريد بإرادة قديمة ، وعند أبي هاشم وغيره من مثبتي الأحوال أنّه تعالى مريد بإرادة حادثة لا في محل كالقاضي عبد الجبار في المختصر ج ١ ص ٢٢٧ وراجع كشف الفوائد ص ٤٨ ولمع الأدلة ص ٩٦.

(٥) في (د) لأنه صدر.

(١) في (د) لا محل لها.

(٢) في (د) بعضها.

(٣) في (د) و (م) يقتضي.

(٤) ناقصة في (م).

(٥) وافقه القاضي عبد الجبار في المختصر ص ٢١١. والغزالي في الاقتصاد ص ٢٦.

(٦) اختلف المتكلمون ، فقال المحققون أنه باق لذاته لاستحالة احتياجه إلى غيره ، ثم اختلفوا فقال بعضهم أن ذلك البقاء باق لذاته وقال آخرون أنه باق ببقاء قائم بذلك البقاء. الملل والنحل ج ١ ص ٩٥. لمع الأدلة ص ٩٧. الاقتصاد في الاعتقاد ص ٢٦. محصّل ص ٢٥٢.

(٧) ذهب الفلاسفة وأبو القاسم الكعبي وأبو الحسين البصري ، إلى أنه عبارة عن كونه تعالى عالما بالمسموعات والمبصرات وقد ثبت أنه تعالى عالم بكل معلوم ووافقهم الجويني في لمع الأدلة ص ٩٤ وأثبت البغداديون من المعتزلة وبعض الأشاعرة معنى كليا زائدا على ـ

٤٤

يصح أن يسمع ويبصر ، فلهذا المعنى وللإذن الشرعي بإطلاق هاتين الصفتين عليه تعالى يوصف بهما.

وكذلك يطلق عليه أنّه تعالى (١) متكلم (٢) ، والكلام عند أهل السنة (٣) معنى في ذات المتكلم ، به يخبر بإيجاد الحروف والأصوات التي يتألف منها الكلام عما يريد الإخبار عنه ، ومن لا يكون له ذلك المعنى ، ويسمع منه الحروف والأصوات المؤلفة تأليف الكلام لا يكون متكلما كالببغاء. والمعتزلة (٤) يقولون : كل من يوجد حروفا وأصواتا منتظمة دالة على معنى ، يريد الإخبار بها عنها (٥) ، فهو متكلم ، [ولا يعتبرون المعنى الذي في نفس المتكلم] (٦).

وبعض المعتزلة يقولون انه تعالى مدرك (٧) ، ويقولون إن الإدراك صفة له غير العلم ، [بها يدرك الموجودات خاصة من جملة المعلومات] وهي غير السمع والبصر والحياة.

__________________

ـ العلم هو الإدراك فلجئوا إلى اثبات السمع والبصر لأن نفيهما عنه تعالى نقص لا يصح بحقه ، راجع الكشف ص ٤٩. لمع الأدلة ص ٩٧ ، مقالات الإسلاميين ج ٢ ص ١٧٠ ، مختصر أصول الدين ص ٢١١ ، محصّل ص ٢٤٨.

(١) في (م) ناقصة.

(٢) دليل المتكلمين عليه سمعي ، ولأنه مقدور لله.

(٣) إشارة إلى الاختلاف فيه ، وعن رأي السنّة راجع الملل والنحل ج ١ ص ٩٦ ، لمع الأدلة ص ١٠٢. محصّل ص ٢٥٠.

(٤) المختصر ص ٢٢٣. ومقالات الإسلاميين ج ٢ ص ١٧٩.

(٥) في (د) عنه.

(٦) [] هذه الزيادة ضرورية لأنها تعبر عن اعتقادهم بأن المتكلم ان كان جسما فيوجد الحرف بنفسه وان كان الباري تعالى أوجده حتى في الجماد.

(٧) راجع الحاشية رقم ٧.

٤٥

ومنها [أنه] تعالى واحد ، أما دليل المتكلمين عليه (١) : إن الإله عبارة عن ذات موصوفة بهذه الصفات ، وذلك لا يمكن أن يكون إلّا واحدا ، فإنّ على تقدير أن يكون الآلهة كثيرين واختلاف (٢) دواعيهم في إيجاد مقدور واحد بعينه في وقت واحد على صفة واحدة ، وعدم إيجاده أو إيجاده في غير ذلك الوقت أو على غير تلك الصفة ممكن ، وعند وقوع ذلك الاختلاف يستحيل أن يحصل مرادهم جميعا لاستحالة حصول الأمور المتقابلة (٣) [المتناقضة] معا. ويلزم من ذلك أن لا يكون جميعهم آلهة. فإذن يستحيل كونهم كثيرين.

[وهذه (٤) الحجة تعرف بالتمانع ، وإنما أخّرنا ذكر] هذه (٥) الحجة عن ذكر سائر الصفات ، لكون حجة الوحدة. مرتبة (٦) على إثبات الصفات الإلهية.

وأمّا الحكماء (٧) ، فقالوا إن الواجب لذاته يمتنع أن يكون أكثر من واحد لأن الاتصاف بهذا المعنى ليس بمختلف ، ولو كان المتصف به أكثر من واحد وجب أن يكون امتياز كل واحد منهم عن

__________________

(١) محصّل ص ٢٧٩ الفرق ص ٣٣٣. المختصر ص ٢٢٩. لمع الأدلة ص ٩٨.

ولم يجعلها الغزالي صفة ثبوتية بل بحثها في الدعاوي المتعلقة بذاته تعالى الاقتصاد ص ٤٨.

(٢) في (د) جاز اختلاف.

(٣) في (د) المتقابلة فقط وفي م المقابلة المتناقضة.

(٤) في (د) نقص نقلناه من م.

(٥) في د فهذه.

(٦) في (م) مبنيّة.

(٧) الإشارات ج ٣ ص ١٣١.

٤٦

غيره بغير هذا المعنى المشترك فيه. والمجتمع من هذا المعنى وغيره لا يكون واجبا لذاته مطلقا ، فيلزم من ذلك أن يكون كل واحد من المتصفين به غير متصف به وذلك محال. وهذه الحجة غير محتاجة إلى اعتبار شيء خارج عن (١) مفهوم الواجب لذاته.

والصفات عندهم (٢) ليست بزائدة على ذات واجب الوجود (٣) لذاته بهذه الحجة بعينها ، بل حقيقته. هو الوجود وحده ، لا الوجود المشترك بينه وبين غيره ، وقدرته وعلمه وإرادته ليس غير اعتبار ذلك الوجود بالنسبة إلى مقدوراته ومعلوماته ومراداته.

فقدرته (٤) هي عين صدور الكل عنه ، وعلمه هو حصول الكل له ، وإرادته [عين] (٥) عنايته بالكل ، فقط من غير أن يتوهم تكثر (٦) في ذاته أصلا.

وبعض مشايخ المعتزلة (٧) يقيمون الحجة بعد إثبات هذه الصفات على [أنّه] (٨) تعالى موجود ، وذلك لأنّ المعدومات عندهم ثابتة ، ولا يستحيل اتصاف ذواتها بصفات لا يعتبر فيها الوجود.

__________________

(١) في (م) من.

(٢) الفلاسفة ووافقهم المعتزلة والشيعة الإمامية تلخيص ص ٣٢٢ ، ٣٢٣ ، قواعد المرام ص ١٠٠.

(٣) في (د) الواجب.

(٤) في (م) وقدرته.

(٥) في (م) ارادته وعلمه.

(٦) في (م) تكثرا.

(٧) كشف ص ٥٣.

(٨) في (د) على الله تعالى.

٤٧

وأبو هاشم من المعتزلة يقول بصفة زائدة على هذه الصفات بها (١) يمتاز الصانع عمّا يشاركه (٢) في مفهوم الذات وهذه الصفات ، ويسميها صفة (٣) الإلهية.

ويقول هو وأصحابه أن هذه الصفات جميعا أحوال (٤) ، لا موجودة (٥) ولا معدومة ، بل وسائط بين الوجود والعدم ، إلّا الإرادة (٦) فإنها موجودة ومحدثة ، وهي عرض لا في محل ، يحدثها الله تعالى (٧) وبحدوثها تحدث الموجودات.

ومتأخروهم كأبي الحسين (٨) البصري. ومن تبعه (٩) يقولون أن صفاته تعالى ليست بزائدة (١٠) على ذاته (١١) ، فهو قادر بالذات عالم بالذات (١٢) ، حي بالذات ، وباقي الصفات راجعة إليها (١٣). فإنّ الإدراك هو علمه بالمدركات ، والسمع والبصر هو (١٤) علمه تعالى بالمسموعات وبالمبصرات ، والإرادة علمه بالمصالح

__________________

(١) في (د) بما.

(٢) في (م) شاركه.

(٣) في (د) بالصفة ، راجع : كشف ص ٦٥٣.

(٤) في (د) أحوال لأمور لا.

(٥) في (م) لا موجودة ولا معلومة ولا معدومة.

(٦) عن حدوث الإرادة راجع مقالات الاسلاميين ج ٢ ص ١٧٤.

(٧) في (م) ناقصة.

(٨) في (د) الحسن.

(٩) في (م) يتبعهم.

(١٠) في (م) زائدة.

(١١) مقالات الإسلاميين ج ٢ ص ١٥٩.

(١٢) في (م) ناقصة.

(١٣) مقالات الاسلاميين ج ٢ ص ١٥٩.

(١٤) في (د) و (م) هو والأصح هما.

٤٨

المقتضية لايجاد الموجودات ، والكلام راجع إلى القدرة ، والوجود غير زائد على الذات ، وليس وجوده بمشترك (١) بينه وبين غيره ، وإنما يكون للعلم (٢) إضافة إلى المعلومات تتغير تلك الإضافة [بتغير المعلومات] ولا تتغير الذات [بتغيرها] (٣).

وأهل السنة يقولون أنه (٤) تعالى قادر بقدرة قديمة ، وكذلك عالم بعلم قديم ، ومريد بإرادة وحي بحياة وسميع (٥) بسمع وبصير (٦) ببصر ومتكلم بكلام وباق ببقاء وكل ذلك [قديم] (٧).

ويقول [أبو الحسن الأشعري بغير ذلك] من الصفات (٨) ، ويقول أو الصفات ليست (٩) هي ذاته ولا غير ذاته ، فإنّ الغيرين هما ذاتان ليست إحداهما هي الأخرى (١٠). والصفات وإن كانت زائدة على الذات فلا تكون مغايرة لها بهذا المعنى (١١).

وفقهاء ما وراء النهر (١٢) يقولون التكوين أو (١٣) الخالقية صفة

__________________

(١) في (م) وجود مشترك وفي المطبوعة الموجود.

(٢) في (م) العلم بإضافة وكذلك المطبوعة فإن «وإنما يكون» ـ متعلق بقوله ليست بزائدة على ذاته.

(٣) في (د) يتغير.

(٤) في (م) كونه.

(٥) في (د) يسمع ويبصر والأصح ما ذكرناه إلحاقا بصيغة اسم الفاعل في قادر وعالم.

(٦) في (د) يسمع ويبصر والأصح ما ذكرناه إلحاقا بصيغة اسم الفاعل في قادر وعالم.

(٧) في (د) نقص وراجع : لمع الأدلة ص ٩٩. الملل والنحل ج ١ ، ص ٩٥.

(٨) أثبت أبو الحسن الأشعري اليد صفة وراء القدرة والوجه صفة وراء الوجود الخ ... الملل والنحل ج ١ ص ١٠١. محصّل ص ٢٧٠.

(٩) في (د) و (م) والمطبوعة ليس.

(١٠) في (د) الآخر.

(١١) راجع الملل والنحل ص ٩٥.

(١٢) من الحنفية ، محصّل ص ٢٦٩.

(١٣) في (م) و.

٤٩

غير القدرة ، فإن القدرة متساوية (١) بالنسبة إلى جميع الممكنات ، والتكوين مختص بالمخلوقات.

وعند أهل السنة أن (٢) الله تعالى يصح أن يرى مع امتناع كونه في جهة من الجهات (٣) ، واحتجوا بالقياس على الموجودات المرئية ، وبنصوص القرآن والحديث.

والمشبهة قالوا : أنّه تعالى في جهة الفوق ، ويمكن أن يرى كما ترى الأجسام ، وبعضهم قالوا أنه جسم لا كالأجسام (٤) ، وقالوا أنه خلق آدم على صورته (٥).

والمعتزلة قالوا : إنه تعالى ليس في جهة ولذلك لا يمكن أن يرى (٦).

والحكماء قالوا : إنه تعالى وغيره من المفارقات كالعقول والنفوس لا يمكن أن يرى ، لكون جميع ذلك مفارق (٧) للأجسام ، والأجسام المشفة لا ترى مع كونها في جهة ، وأكثر الأعراض لا يرى (٨). والمرئي عندهم ليس غير اللون

__________________

(١) في (د) متساوي النسبة.

(٢) في (م) أنه.

(٣) خالفت الأشاعرة سائر العقلاء فيه راجع مقالات الإسلاميين ج ١ ص ٣٢١ ، الملل والنحل ص ١٠٠. لمع الأدلة ص ١١٥. محصّل ص ٢٧٢.

(٤) في (د) لا يكون كالأجسام الأخر.

(٥) راجع : المحصّل ص ٢٧٢. الملل والنحل ج ١ ص ١٠٩.

(٦) المختصر ص ٢٢٠ فما بعد.

(٧) في (د) و (م) مفارقة.

(٨) في (د) ترى.

٥٠

والوضوء (١) ، وإنّما ترى (٢) محالها بتوسطها ، وغير ذلك لا يمكن أن يرى. فهذا هو الكلام في الصفات الثبوتية.

وأمّا غير الثبوتية من (٣) الصفات :

فمنها أنّه تعالى لا يمكن أن يكون فيه تركيب أو اثنينية أو احتمال قسمة لوجه (٤) من الوجوه (٥) ، وذلك لاحتياج ما يكون كذلك إلى كل واحد من أجزائه وأقسامه ، وذلك يناقض كونه واجبا لذاته ، وكونه مبدأ (٦) أول لكل ما عداه (٧).

ومنها أنّه تعالى لا يمكن أن يكون في حيّز أو في جهة أو محل (٨) لاحتياج ما يكون كذلك إلى الحيّز والمحل في وجوده (٩) ، وكذلك لا يمكن أن يشار إليه إشارة حسية (١٠). وخالفت المشبهة والمجسمة (١١) في ذلك إذ قالوا أنه تعالى في جهة [فوق] أو جسم لا كغيره من الأجسام ، وذهب بعض الصوفية (١٢) إلى جواز حلوله

__________________

(١) في (د) الأولون والأضواء.

(٢) في د وم يرى. وفي م زيادة منقطعة [لكون جميع].

(٣) في (د) في.

(٤) في (د) بوجه.

(٥) راجع كشف الفوائد : ص ٥٨ ومحصّل ٢٢٤.

(٦) في م مبدأ.

(٧) في (م) عدا.

(٨) في (م) في جهة أو حيز ومحل ، انظر الاقتصاد ص ٢٩. ومحصّل ص ٢٢٤ وص ٢٢٧.

(٩) في (م) ناقصة.

(١٠) راجع الاقتصاد للغزالي ص ٣١ فإنه أجاز ذلك خشوعا.

(١١) راجع الملل والنحل ج ١ ص ١٠٩.

(١٢) راجع كشف الفوائد ص ٥٨. ومحصّل ص ٢٢٥. ومقالات ج ١ ص ٨٠.

٥١

في قلوب أوليائه ، ولعلّ مرادهم غير ما نعني به من حلول الأعراض في محالّها.

ولا يجوز أن تكون (١) فاعليته زائدة على ذاته ، لأنّه تعالى فاعل لكل ما سواه ، فلو (٢) كانت فاعليته زائدة على ذاته ، لكانت مغايرة [لذاته] ، وحينئذ تكون الذات فاعلة لتلك الفاعلية فتكون (٣) فاعليته [تعالى] قبل فاعليته وهو (٤) محال ، وذلك مخالف لما ذهب إليه القائلون (٥) بالتكوين والفاعلية.

ولا يجوز أن يكون قابلا لشيء من الأعراض والصور ، أو لتأثير غيره فيه لأن اجتماع الفاعلية والقابلية فيه يقتضي التركيب (٦).

ولا يجوز أن يكون له ألم (٧) لأن الألم (٨) إنما يحدث من إدراك المنافي ولا مناف (٩) له تعالى فإن ما عداه إنما يصدر عنه.

__________________

(١) في د وم يكون.

(٢) في (د) ولو.

(٣) في (م) فيكون.

(٤) في (د) هذا.

(٥) القائلون بالتكوين هم فقهاء ما وراء النهر من الحنفية كما مرّ والفاعلية هي النسبة بين الفاعل وأثره وهي زائدة في المعقولية وليست ثابتة في الخارج كشف ص ٥٩.

(٦) كشف الفوائد ص ٥٩.

(٧) اتفق المتكلمون والفلاسفة عليه أما المتكلمون فلأنهم قالوا أن الألم تابع للمزاج وهو منفي في حقه تعالى ، وأما الفلاسفة فلأنهم قالوا أن الألم إدراك المنافي بعد ردّ حجة المتكلمين : محصّل ص ٢٣٠. كشف الفوائد ص ٥٩.

(٨) في (د) هو زائدة.

(٩) في (د) و (م) منافي.

٥٢

وعند المتكلمين أيضا لا يجوز أن يكون له لذة (١) لأنّ اللذة إدراك انفعال (٢) وتأثير (٣) من الغير ملائم للمزاج أو للطبيعة.

والحكماء قالوا اللذة هي (٤) إدراك الملائم وهو تعالى عالم لذاته بذاته [و] أشدّ الملائمات بالقياس إليه هو ذاته ، فلذته أعظم (٥) اللذات (٦).

ولا يجوز [عليه] الاتحاد [و] هو صيرورة شيئين (٧) شيئا واحدا لا بأن ينتفي (٨) أحدهما ويبقى الآخر أو ينتفيان (٩) معا ويحدث شيء ثالث ، فإن ذلك محال عقلا (١٠).

وقوم من القدماء (١١) قالوا كل من تعقّل شيئا تعقلا تاما اتحد بمعقوله ذلك ، وإليه ذهب جمع من الصوفية (١٢) ، وذلك بالمعنى الذي ذكرناه غير معقول.

فهذا ما ذكره مثبتو الصفات ونفاتها.

__________________

(١) محصّل ص ٢٣٠. وخالف الفلاسفة فيها فقالوا بجوازها كما يأتي.

(٢) في (م) إدراك وانفعال.

(٣) في (د) وتأثر.

(٤) في (د) و (م) والمطبوعة هو.

(٥) في (د) هو زائدة.

(٦) وهذا ما أثبته الفلاسفة له تعالى من اللذة فقط وما عدا ذلك فإنهم متفقون مع المتكلمين في نفيه.

(٧) في (د) الشيئين.

(٨) في (د) ينفى.

(٩) في (د) و (م) ينتفيا.

(١٠) في (م) مثلا وراجع كشف الفوائد ص ٦٠. ومحصّل ص ٢٢٥.

(١١) راجع أرسطو وفرفوريوس وتابعيهم وابن سينا في المبدأ والمعاد كشف ص ٦٠. ومحصّل ص ٢٢٥.

(١٢) راجع الكشف ص ٦٠.

٥٣
٥٤

الباب الثالث

في

ذكر ما ينسب إليه تعالى من الأفعال

٥٥
٥٦

في

ذكر ما ينسب إليه تعالى من الأفعال

قال بعض أهل السنّة (١) : لا يمكن اجتماع قادرين على مقدور واحد لأن ذلك المقدور إن حصل ، فإن كان المؤثر فيه واحد منهما لم يكن كلّ واحد منهما مؤثرا ، وإن كان مجموعهما (٢) لم يكن [كل] واحد قادرا وقد فرض قادرا ، وهذا خلف ، وإن لم يكن أحدهما أو كل واحد منهما ثبت المطلوب.

وقال أبو الحسن الأشعري (٣) هذا إنما يلزم عند تقدير كونهما (٤) مؤثرين ، ولذلك جوّز أن يكون للعبد قدرة ولله قدرة ، ولكن قدرة الله (٥) قديمة وقدرة العبد تكون مع الفعل ولا تكون قبل

__________________

(١) الظاهر أنه الفخر الرازي محصّل ص ٢١٠ و ٢٨٢ ، وانظر إمام الحرمين لمع الأدلة ص ١٢٠.

(٢) في (م) مجموعها.

(٣) محصّل ص ٢٨٠ الملل ج ١ ص ٩٧.

(٤) في (م) كونها.

(٥) في (م) قدرته تعالى.

٥٧

الفعل ، ولا تأثير له في الفعل إلّا أن العبد الذي يخلق فيه قدرة مع فعل ، لا يكون كمن يخلق فيه فعل من غير قدرة. والفعل يسمى كسبا (١) للأول ولا يسمى بذلك للثاني ومذهبه أن لا مؤثر في الوجود إلّا الله تعالى (٢).

وقال القاضي الباقلاني (٣) من أهل السنة أن ذات الفعل من (٤) الله تعالى ، إلّا أنه بالقياس إلى العبد يصير طاعة أو معصية ، وهذا قريب في المعنى من قول أبي (٥) الحسن (٦).

وذهب أبو إسحاق (٧) إلى أنّ القدرتين مؤثرتان فيه ، وهذا ليس بحق لما مرّ بيانه. وذهبت (٨) المعتزلة وأبو الحسين البصري (٩) ، وإمام الحرمين من أهل السنة (١٠) إلى أن العبد له

__________________

(١) الملل ج ١ ص ٩٧. محصّل ص ٢٨٧. مقالات الإسلاميين ج ١ ص ٣٢١.

(٢) مقالات ج ١ ص ٣٢١.

(٣) الملل والنحل ج ١ ص ٩٧.

(٤) في (م) عن.

(٥) في (د) أبو.

(٦) الأشعري.

(٧) الأسفرايني نقله عنه الرازي في محصل ص ٢٨٠.

(٨) في (م) ذهب.

(٩) في محصل الرازي أنه أبو الحسن البصري ونقل المذكور هنا عن المعتزلة وأمام الحرمين محصّل ص ٢٨٠. ونقله كذلك الشهرستاني في الملل والنحل ج ١ ص ٩٨ و ٩٩ وهذا قول المعتزلة فعلا كما في مختصر ص ٢٤٦.

(١٠) نقل هذا المعنى عن إمام الحرمين في الملل والنحل ج ١ ص ٩٨ وكلامه في لمع الأدلة يرده حيث قال :

«... وإن كانت الإرادة لا تؤثر في المراد» ص ١٢٠ ـ ١٢١. فهو يثبت القدرة للعبد لكنه لا يعتقد بتأثيرها في الفعل.

٥٨

قدرة قبل الفعل وإرادة بها تتم (١) مؤثريته فيصدر عنه الفعل (٢) ، ويكون العبد مختارا إذا كان فعله بقدرته الصالحة للفعل والترك وتبعا لداعيه الذي هو إرادته. والفعل يكون بالقياس إلى القدرة وحدها ممكنا ، وبالقياس إليها مع الإرادة [القديمة] يصير واجبا.

وقال محمود الملاحمي ، وغيره من المعتزلة أن الفعل عند (٣) وجود القدرة والإرادة يصير أولى بالوجود ، حذرا من أن يلزمهم القول بالجبر لو قالوا بالوجوب ، وليس ذلك بحق ، لأن مع حصول الأولوية ، إن جاز حصول الطرف الآخر لما كانت الأولوية أولوية ، وإن لم يجز فهو الوجوب ، وإنما غيروا اللفظ دون المعنى.

والحكماء أيضا (٤) قالوا بمثل ذلك أعني بوجوب (٥) حصول الفعل مع القدرة والإرادة. والذين قالوا بمؤثرية الله وحده صرّحوا بأنه تعالى مريد لكل الكائنات.

والمعتزلة قالوا أنه يريد ما يفعله ، وأما ما يفعله العبد ، فهو يريد طاعته ولا يريد معصيته (٦) ، وهذه الإرادة غير الإرادة الأولى في المعنى.

__________________

(١) في (م) ثم.

(٢) اتفقت العدلية على أن للعبد قدرة مؤثرة في افعاله ، واختلفوا في أن العلم باستناد أفعالنا إلينا ضروري كما ذهب إليه أبو الحسين البصري ومحمود الخوارزمي أو أنه استدلالي بوجوه خمسة كما اعتبره بعضهم كشف الفوائد ص ٦٣.

(٣) في (د) مع.

(٤) محصّل ص ٢٨٠.

(٥) في (د) لوجوب.

(٦) المختصر ص ٢٤٣.

٥٩

[والحكماء قالوا إن الله تعالى يريد الخير بالذات وإنما يدخل الشر فيما يريده بالعرض] (١).

__________________

(١) ناقصة في د والمطبوعة.

٦٠