فصل الخطاب

الشيخ سليمان بن عبدالوهاب النجدي الحنبلي

فصل الخطاب

المؤلف:

الشيخ سليمان بن عبدالوهاب النجدي الحنبلي


المحقق: لجنة من العلماء
الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ٤
الصفحات: ١٧٦

وعن أبي عثمان النهديّ ، قال : ، كُنّا في الجاهلية نعبد حجراً ، فسمعنا منادياً ينادي : يا أهل الرحال ؛ إنّ ربّكم هلك فالتمسوا ربّاً ، فخرجنا على كل صعبٍ وذلولٍ ، فبينما نحن كذلك نطلب إذا نحن بمنادٍ ينادي : إنّا قد وجدنا ربّكم ـ أو شبهه ـ فإذا حَجَرٌ ، فنحرنا عليه الجُزُر.

ولمّا فتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكّة وجد حول البيت ثلاثمائة وستّين صنماً ، فجعل يطعن بقوسه في وجوهها وعيونها ، ويقول : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ) (١) وهي تتساقط على وجوهها ، ثمّ أمر بها فأُخرجت من المسجد وحرّقت.

قال : تلاعُب الشيطان بالمشركين له أسبابٌ عديدة :

فطائفة دعاهم إلى عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوّروا تلك الأصنام على صورهم ـ كما تقدّم عن قوم نوحٍ ـ.

وبعضهم اتّخذوها بزعمهم على صور الكواكب المؤثّرة في العالم عندهم ، وجعلوا لها بيوتاً وسَدَنَةً ، وحُجّاباً ، وحَجّاً ، وقُرباناً.

ومن عبادة الأصنام : عبادة الشمس ، زعموا أنّها مَلَكٌ من الملائكة ، لها نَفْس وعقل ، وهي أصل نور القمر والكواكب ، وتكون الموجودات السفليّة كلّها عندهم منها ، وهي عندهم مَلَك الفَلَك ، فتستحقّ التعظيم والسجود.

ومن شريعتهم في عبادتها أنّهم اتخذوا لها صنماً ، وله بيتٌ خاصّ يأتون ذلك البيت ، ويصلّون فيه لها ثلاث مرّاتٍ في اليوم ، ويأتيه أصحاب العاهات فيصلّون له ، ويصومون له ، ويرعونه ، وهم إذا طلعت الشمس سجدوا كلّهم لها ، وإذا غربت ، وإذا توسّطت الفلك.

وطائفة أخرى اتّخذوا للقمر صنماً ، وزعموا أنّه يستحق التعظيم والعبادة ،

__________________

(١) الإسراء : ٨١.

١٢١

وإليه تدبير هذا العالم السفليّ ، ويعبدونه ويصلّون له ويسجدون ، ويصومون له أيّاماً معلومة من كلّ شهر ، ثمّ يأتون إليه بالطعام والشراب والفرح.

ومنهم من يعبد أصناماً اتُّخذوا على صور الكواكب ، وبَنَوا لها هياكل ومتعبّداتٍ ، لكلّ كوكبٍ منها هيكلٌ يخصّه ، وصنمٌ يخصّه ، وعبادةٌ تخصّه.

وكلّ هؤلاء مرجعهم إلى عبادة الأصنام ، لأنّهم لا تستمرّ لهم طريقة إلى شخصٍ خاصٍّ على كلّ شكلٍ ينظرون إليه ، ويعكفون عليه.

إلى أن قال : ومنهم من يعبد النار حتّى اتّخذوها إلهاً معبودة ، وبَنَوا لها بيوتاً كثيرةً ، وجعلوا لها الحُجّاب والخَزَنة حتّى لا يَدَعوها تخمد لحظةً.

ومن عبادتهم أنّهم يطوفون بها ، ومنهم من يلقي بنفسه فيها تقرّباً إليها ، ومنهم من يلقي ولده فيها متقرّباً إليها ، ومنهم عُبّاد زُهّاد عاكفين صائمين لها ، ولهم في عبادتها أوضاعٌ لا يخلّون بها.

ومن الناس طائفة تعبد الماء ، وتزعم أنّه أصل كلّ شيءٍ ولهم في عبادته أمور ذَكَرَها ، منها تسبيحه ، وتحميده ، والسجود له.

ومن الناس طائفة عبدت الحيوان ، منهم مَن عَبَد البقر ، ومنهم من عَبَد الخيل ، ومنهم من عَبَد البشر ، ومنهم من عَبَد الشجر ، ومنهم من عَبَد الشيطان ، قال تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ...) الآيتين (١).

قال : ومنهم مَن يُقرّ أنّ للعالَم صانعاً ، فاضلاً ، حكيماً ، مقدَّساً عن العيوب والنقائص ، قالوا : ولا سبيل لنا إلى الوصول إليه إلّا بالوسائط ، فالواجب علينا أن نتقرّب بهم إليه ، فهم أربابنا ، وآلهتنا ، وشفعاؤنا عند ربّ الأرباب ، وإله الآلهة ، فما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى الله زلفى ، فحينئذٍ نسأل حاجاتنا منهم ، ونعرض أحوالنا

__________________

(١) يس : ٦٠ ـ ٦١.

١٢٢

عليهم ، ونَصْبو في جميع أمورنا [إليهم] ، فيشفعون إلى إلهنا وإلههم ، وذلك لا يحصل إلّا باستمدادٍ من جهة الروحانيّات ، وذلك بالتضرّع والابتهال من الصلوات لهم ، والزكاة ، وذبح القرابين ، والبخورات.

وهؤلاء كفروا بالأَصْلَيْن اللذَين جاءت بهما جميع الرسل :

أحدهما : عبادة الله تصديقاً وإقراراً وانقياداً ، وهذا مذهب المشركين من سائر الأمم.

قال : والقرآن والكتب الإلهيّة مصرّحة ببطلان هذا الدين وكفر أهله.

قال : فإن الله سبحانه ينهى أن يُجعل غيرُه مثلاً له ، ونِدّاً له وشِبْهاً ، فإنّ أهل الشرك شبّهوا ـ من يعظّمونه ويعبدونه ـ بالخالق ، وأعطوه خصائص الإلهيّة ، وصرّحوا أنّه إلهٌ ، وأنكروا جَعْل الآلهة إلهاً واحداً ، وقالوا : اصبروا على آلهتكم ، وصرّحوا بأنّه : إلهٌ معبود ، يُرجى ويُخاف ويعظّم ، ويُسجَد له ، وتُقرَّب له القرابين ، إلى غير ذلك من خصائص العبادة التي لا تنبغي إلّا لله تعالى.

قال الله تعالى : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) (١) وقال : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً) (٢) ... الآية.

فهؤلاء جعلوا المخلوقين مِثْلاً للخالق. و (الندّ) الشبه ، يقال فلانٌ نِدّ فلانٍ ، وند نده : أي مثله وشبهه. قال أبو زيد : الآلهة التي جعلوها معه.

وقال الزجّاج : أي لا تجعلوا لله أمثالاً ونُظَراء.

ومنه قوله عزوجل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ

__________________

(١) البقرة : ٢٢.

(٢) البقرة : ٢٢.

١٢٣

وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (١) أي : يعدلون به غيره ، فيجعلون له من خلقه عدْلاً وشبهاً.

قال ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما : يريد يعدلوا بي مِن خلقي الأصنام والحجارة بعد أن أقرّوا بنعمتي وربوبيّتي.

قال الزجّاج : اعلم أنّه خالق ما ذكره في هذه الآية ، وأنّ خالقها لا شيء مثله ، واعلم أنّ الكفّار يجعلون له عدلاً ، والعَدْل : التسوية ، يقال عَدَل الشيء بالشيء إذا ساواه.

قال تعالى : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (٢).

قال ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما : شبهاً ومِثْلاً هو ومن يساميه ، وذلك نفيٌ للمخلوق أن يكون مشابهاً للخالق ، ومماثلاً له بحيث يستحقّ العبادة والتعظيم.

ومن هذا قوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (٣).

وقوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٤) ... الآية.

إنّما قصد به نفي أن يكون له شريكٌ أو معبودٌ يستحقّ العبادة والتعظيم ، وهذا الشبيه ـ هو الذي أُبطل نفياً ونهياً ـ هو أصل شِرك العالم ، انتهى كلام ابن القيّم ملخّصاً.

وإنّما نقلنا هذا لتعلموا صفة شرك المشركين.

ولتعلموا أنّ هذه الأمور التي تكفّرون بها ، وتخرجون المسلم بها من الإسلام ليست ـ كما زعمتم ـ أنّه الشرك الأكبر ـ شرك المشركين الذين كذّبوا جميع الرسل

__________________

(١) الأنعام : ١.

(٢) مريم : ٦٥.

(٣) التوحيد : ٤.

(٤) الشورى : ١١.

١٢٤

في الأصلَيْن ـ.

وإنّما هذه الأفعال التي تكفّرون بها ـ من فروع الشرك الأصغر.

ومنهم مَن لم يسمّها شركاً ، وذكرها في المحرّمات.

ومنهم مَن عدّ بعضها في المكروهات ـ.

كما هو مذكورٌ في مواضعه من كتب أهل العلم ، مَن طَلَبه وجدَه ـ.

والله سبحانه يجنّبنا وجميع المسلمين جميع ما يغضبه ، آمين ، والحمد لله ربّ العالمين.

فصل

[حقيقة الإسلام وصفة المسلم]

ولنختم هذه الرسالة بشيءٍ ممّا ذكره النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، صفة المسلم :

الحديث الأوّل : حديث عمر ، أنّ جبريل عليه‌السلام سأل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الإسلام؟

قال : أن تشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلا ، قال : صدقت.

قال : فأخبرني عن الإيمان؟

قال : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكُتُبه ، ورُسُله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشرّه ، قال : صدقت.

قال : فأخبرني عن الإحسان؟

قال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ، قال : صدقت ـ إلى آخر الحديث.

١٢٥

وفيه : هذا جبريل جاءكم يعلّمكم دينكم ، رواه مسلم (١) ورواه البخاريّ بمعناه (٢).

الحديث الثاني : عن ابن عمر رضى الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : بُني الإسلام على خمسٍ : شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحجّ البيت ، وصوم رمضان ، رواه البخاري (٣) ومسلم (٤).

الحديث الثالث : في الصحيحين (٥) عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما ، قال : قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قالوا : يا رسول الله ، إنّا لا نستطيع أن نأتيك إلّا في شهرٍ حرامٍ ، وبيننا وبينك هذا الحيّ من كفّار مُضَر ، فمُرنا بأمرٍ فصلٍ نُخبر به مَن ورائنا ، وندخل به الجنّة.

فأمرهم بالإيمان بالله وحده ، قال : أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا : الله ورسوله أعلم.

قال : شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان ، وأن تعطوا من المغنم الخمس.

وقال : احْفظوهنّ ، وأخبروا بهنّ مَن ورائكم.

الحديث الرابع : عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا بعث مُعاذاً إلى اليمن قال : إنّك تأتي أقواماً من أهل كتابٍ ، فليكن أوّل ما تدعوهم إليه : شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً عبده ورسوله ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أنّ الله

__________________

(١) صحيح مسلم : ١ / ٦٤ كتاب الإيمان.

(٢) صحيح البخاري : ١ / ٢٧ ح ٥٠ كتاب الإيمان.

(٣) صحيح البخاري : ١ / ١٢ ح ٨ كتاب الإيمان.

(٤) صحيح مسلم : ١ / ٧٣ ح ٢١ كتاب الإيمان.

(٥) صحيح البخاري : ١ / ٢٩ ح ٥٢ ، صحيح مسلم : ١ / ٧٥ ح ٢٤.

١٢٦

أفترض عليهم خمس صلواتٍ في كلّ يومٍ وليلةٍ ، فإنْ هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أنّ الله افترض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم ، فتردّ إلى فقرائهم ، رواه البخاريّ (١).

الحديث الخامس : عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أُمرت أن أقاتل الناس حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءَهم وأموالهم إلّا بحقّ الإسلام ، وحسابهم على الله ، رواه البخاريّ ومسلم (٢).

الحديث السادس : وعن أبي هريرة رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أُمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا : لا إله إلّا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءَهم وأموالهم إلّا بحقّها ، وحسابهم على الله ، رواه (٣) البخاري ومسلم.

ورواه أحمد ، وابن ماجة ، وابن خُزيمة ، بزيادة : وأنّ محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، ثمَّ قد حرّم عليّ أموالهم ودمائهم.

الحديث السابع : عن أبي هريرة رضى الله عنه ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أُمرت أن أقاتل النّاس حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا الله ، ويؤمنوا بي ، وبما جئتُ به ، فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءَهم وأموالهم إلّا بحقّها ، رواه مسلم (٤).

الحديث الثامن : حديث بُريدة ابن الحُصَيْب : كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا بعث

__________________

(١) صحيح البخاريّ : ٤ / ١٥٨٠ ح ٤٠٩٠ كتاب المغازي.

(٢) صحيح البخاريّ : ١ / ١٧ ح ٢٥ ، صحيح مسلم : ١ / ٨١ ح ٣٦.

(٣) صحيح البخاريّ : ٣ / ١٠٧٧ ح ٢٧٨٦ كتاب الجهاد ، صحيح مسلم : ١ / ٨٠ ح ٣٣ كتاب الإيمان ، مسند أحمد : ٢ / ٣٤٥ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٧ ح ٧١ / المقدمة ، صحيح ابن خزيمة : ٤ / ٨ ح ٢٢٤٨ كتاب الزكاة.

(٤) صحيح مسلم : ١ / ٨١ ح ٣٤ كتاب الإيمان.

١٢٧

جيشاً ـ وذكر الحديث ، وفيه ـ : إذا حاصرتم أهل مدينةٍ ، أو أهل حصنٍ ، فإن شهدوا أن لا إله إلّا الله فلهم مالكم ، وعليهم ما عليكم ـ الحديث ، رواه مسلم.

الحديث التاسع : عن المقداد بن الأسود ، أنّه قال : يا رسول الله ، أرأيت إن لقيت رجلاً من المشركين فقاتلني فضرب إحدى يَدَيّ بالسيف فقطعها ، ثمّ لاذ منّي بشجرٍ ، فقال : أسلمتُ لله ، أفأقتله يا رسول الله ـ بعد أن قالها ـ؟

قال : لا تقتله.

فقلتُ : يا رسول الله ، إنّه قطع إحدى يَدَيّ ، ثمّ قال ذلك ، بعد أن قطعها ، أفأقتله؟

قال : لا تقتله ، فإنّه بمنزلتك قبل أن تقتله ، وإنّك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال ، رواه البخاريّ ومسلم (١).

الحديث العاشر : حديث أسامة ، وقتله الرجل ـ بعد ما قال : لا إله إلّا الله : [قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم] : فكيف تصنع بلا إله إلّا الله يوم القيامة؟

فقال : يا رسول الله ، إنّما قالها تعوّذاً.

قال : هلّا شققت عن قلبه.

وجعل يكرّر عليه : مَن لك بلا إله إلّا الله يوم القيامة؟

قال أسامة : حتّى تمنيّتُ أن لم أكن أسلمتُ إلّا يومئذٍ ، والحديث في الصحيح.

حديث أسامة في الصحيحين (٢) لفظه : عن أسامة قال : بَعَثَنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الحرقة من جهينة ، فصبّحنا القوم على مياههم ، ولحقت أنا ورجلٌ من الأنصار

__________________

(١) صحيح البخاريّ : ٥ / ٢٥١٨ ح ٦٤٧٢ كتاب الديات ، صحيح مسلم : ١ / ١٣٤ ح ١٥٩ كتاب الإيمان.

(٢) صحيح البخاريّ : ١ / ١٣٥ ح ١٥٩ كتاب الإيمان ، صحيح مسلم : ١ / ١٣٤ ح ١٥٩ كتاب الإيمان.

١٢٨

رجلاً منهم ، فلما غشيناه ، قال : «لا إله إلّا الله» ، فكفّ عنه الأنصاريّ فطعنته برمحي حتّى قتلته.

فلمّا قدمنا بلغ ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال لي : يا أسامة ، أقتلته بعد أن قال «لا إله إلّا الله»؟؟؟

فما زال يكرّرها حتّى تمنّيت أنّي لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.

وفي رواية أنّه قال : أفلا شققت عن قلبه (١).

وروى ابن مردويه ، عن إبراهيم التيميّ ، عن أبيه ، عن أسامة ، قال : لا أقتل رجلاً يقول : «لا إله إلّا الله» ، أبداً.

الحديث الحادي عشر : عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه ، قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خالد بن الوليد رضى الله عنه إلى بني جُذيمة فدعاهم إلى الإسلام ، فلم يُحسنوا أن يقولوا : أسلمنا ، فجعلوا يقولون : صبأنا صبأنا ، فجعل خالد يأسر ويقتل ـ إلى أن قال ـ فقدمنا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكرنا له ، فرفع يَدَيه فقال : اللهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا فعل خالد ـ مرّتين ـ رواه أحمد ، والبخاريّ (٢).

الحديث الثاني عشر : عن أنسٍ ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا غزا قوماً لم يُغِرْ حتّى يُصبح ، فإذا سمع أذاناً أمسك ، وإن لم يسمع أذاناً أغار بعد ما يُصبح ، رواه أحمد والبخاريّ (٣).

وعنه : كان يغير إذا طلع الفجر ، وكان يستمع الأذان ، فإذا سمع أذاناً أمسك وإلّا أغار ، فسمع رجلاً يقول : الله أكبر ، الله أكبر.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : على الفطرة.

__________________

(١) صحيح البخاري : ١ / ١٣٤ ح ١٥٨.

(٢) مسند أحمد : ٢ / ١٥٠ ، صحيح البخاري : ٤ / ١٥٧٧ ح ٤٠٨٤ كتاب المغازي.

(٣) مسند أحمد : ٣ / ١٥٩ ، صحيح البخاري : ١ / ٢٢١ ح ٥٨٥ كتاب الأذان.

١٢٩

ثمّ قال : «أشهد أن لا إله إلّا الله».

فقال : خرجتَ من النار ، فنظروا إليه فإذا هو راعي معز ، رواه مسلم (١).

الحديث الثالث عشر : عن عصامٍ المُزَنيّ ، قال : كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا بعث السريّة يقول : إذا رأيتم مسجداً ، أو سمعتم منادياً فلا تقتلوا أحداً ، رواه أحمد ، وأبو داود والترمذي وابن ماجة (٢).

الحديث الرابع عشر : عن أمّ سَلَمة ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يُستعمل عليكم أُمراء ، فتعرفون وتنكرون ، فمن أنكر فقد برئ ، ومن كره فقد سلم ، ولكن من رضي وتابع.

فقالوا : يا رسول الله ، أفلا نقاتلهم ، قال : لا ، ما صلّوا ، رواه مسلم (٣).

الحديث الخامس عشر : عن أنسٍ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن صلّى صلاتنا وأسلم ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمّة الله ورسوله ، فلا تخفروا الله في ذمّته ، رواه البخاريّ (٤).

الحديث السادس عشر : عن أبي سعيدٍ ـ في حديث الخوارج ـ فقال ذو الخويصرة للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اتّق الله.

فقال : ويلك ألست أحقّ أهل الأرض أن يتّقي الله؟

ثمّ قال : ثمّ ولّى الرجل ، فقال خالد : يا رسول الله ، ألا أضرب عنقه.

قال : لا ، لعلّه أن يكون يصلّي.

__________________

(١) صحيح مسلم : ١ / ٣٦٦ ح ٩ كتاب الصلاة.

(٢) مسند أحمد : ٣ / ٤٤٨ ، سنن أبي داود : ٣ / ٤٣ ح ٢٦٣٥ كتاب الجهاد ، سنن الترمذي : ٤ / ١٠٢ ح ١٥٤٩ كتاب السيرة ، مجمع الزوائد : ٦ / ٢١٠.

(٣) صحيح مسلم : ٤ / ١٢٨ ح ٦٣ كتاب الإمارة.

(٤) صحيح البخاريّ : ١ / ١٥٣ ح ٣٨٥ كتاب الإيمان.

١٣٠

قال خالد : وكم من مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لم أؤمر أن انقّب عن قلوب الناس ، ولا أشقّ بطونهم ، رواه مسلم (١).

الحديث السابع عشر : عن عبيد الله بن عديّ بن الخيار ، أنّ رجلاً من الأنصار حدّثه أنّه أتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مجلسٍ فسارّه يستأذنه في قتل رجلٍ من المنافقين ، فجهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : ، أليس يشهد أن لا إله إلّا الله؟ فقال الأنصاريّ : بلى يا رسول الله ، ولا شهادة له ، فقال : أليس يشهد أنّ محمداً رسول الله؟ قال : بلى ولا شهادة له ، قال : أليس يصلّي؟ قال : بلى ، ولا صلاة له ، قال : أولئك الذين نهى الله عن قتلهم ، رواه الشافعيّ وأحمد (٢).

الحديث الثامن عشر : في الصحيحين (٣) عن أبي هريرة رضى الله عنه ، قال : أتى أعرابيٌّ إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : دُلّني على عملٍ إذا عملته دخلتُ الجنّة ، قال : تعبد الله ، ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة المكتوبة ، وتؤتي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان ، قال : والذي نفسي بيده ، لا أزيد على هذا ولا أنقص منه ، فلما ولّى قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سرّه أن ينظر إلى رجلٍ من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا.

الحديث التاسع عشر : عن عمرو بن مرّة الجُهَنيّ ، قال : جاء رجلٌ إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله ، أرأيتَ إن شهدتْ أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله ، وصلّيت الصلوات الخمس ، وصمت رمضان وقمته ، فممّن أنا؟

قال : من الصدّيقين والشهداء ، رواه ابن حبّان ، وابن خزيمة في صحيحيهما (٤).

__________________

(١) صحيح مسلم : ٢ / ٤٣٨ ح ١٤٤ كتاب الزكاة.

(٢) مسند أحمد : ٢ / ٤٣٢ ، السنن الكبرى للبيهقي : ١ / ٧١ ح ١٥ كتاب الإيمان.

(٣) صحيح البخاري : ٢ / ٥٠٦ ح ١٣٣٣ كتاب الزكاة ، صحيح مسلم : ١ / ٧١ ح ١٥ كتاب الإيمان.

(٤) الاحسان بتقريب صحيح ابن حبّان : ٥ / ١٨٤ ح ٣٤٢٩ ، صحيح ابن خزيمة :

١٣١

الحديث العشرون : عن العبّاس بن عبد المطّلب ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربّاً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمّدٍ نبيّاً ، رواه مسلم (١).

الحديث الحادي والعشرون : عن سعدٍ ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن قال ـ حين يسمع المؤذن يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمداً عبده ورسوله ـ : رضيتُ بالله ربّاً ، وبالإسلام ديناً ، غُفر له ذنبه ، رواه مسلم (٢).

الحديث الثاني والعشرون : في الصحيحين (٣) عن أبي هريرة رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الإيمان بِضْع وسبعون شعبةً ، أفضلها قول لا إله إلّا الله ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان.

الحديث الثالث والعشرون : حديث ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما : مرض أبو طالبٍ وجاءَته قريش وجاءه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وذكر الحديث وفيه ـ : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أريد منهم كلمةً واحدةً يقولونها ، تدين لهم بها العرب ، وتؤدّي إليهم بها العجم الجزية.

قالوا : كلمةً واحدةً؟!!

قال : كلمةً ، قولوا : لا إله إلّا الله.

فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم ، وهم يقولون : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) ... الآية ، رواه أحمد ، والنسائي ، والترمذيّ ـ وحسّنه ـ (٤).

__________________

(١) صحيح مسلم : ١ / ٩٢ ح ٥٦ كتاب الإيمان.

(٢) صحيح مسلم : ١ / ٣٦٨ ح ١٣ كتاب الصلاة.

(٣) صحيح مسلم : ١ / ٩٣ ح ٥٧ كتاب الإيمان ، صحيح البخاري : ١ / ١٢ ح ٩ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٣ ح ٥٧ / المقدمة.

(٤) مسند أحمد : ١ / ٢٢٧ ، سنن الترمذي : ٥ / ٣٤١ ح ٣٢٣٢ كتاب التفسير ، السنن الكبرى للنسائي : ٦ / ٤٤٢ ح ١١٤٣٦ كتاب التفسير.

١٣٢

الحديث الرابع والعشرون : في الصحيحين (١) عن سعيد بن المسيّب عن أبيه ، لمّا حضرت أبا طالبٍ الوفاة جاءَه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فوجد عنده أبا جهلٍ ، وعبد الله ابن أميّة ، فقال : أيْ عمّ ، قل : لا إله إلّا الله ، كلمة أحاجّ لك بها عند الله.

فقال أبو جهلٍ وعبد الله بن أميّة : أنَرْغب عن ملّة عبد المطّلب؟

فقال أبو طالبٍ ـ آخر كلامه ـ : بل على ملّة عبد المطلب (٢) ، وأبى أن يقول : لا إله إلّا الله.

الحديث الخامس والعشرون : حديث أبي بكرٍ الصدّيق ، قلت : يا رسول الله ، ما نجاة هذا الأمر؟

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن قَبِل منّي الكلمة التي عرضتُ على عمّي فردّها فهي له نجاة ، رواه أحمد (٣).

الحديث السادس والعشرون : عن عبادة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن شهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأنّ محمداً عبده ورسوله ، وأنّ عيسى عبدُ الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروحٌ منه ، وأنّ الجنّةَ حقٌّ ، والنارَ حقٌّ ، أدخله الله الجنّة على ما كان من العمل ، رواه البخاريّ ومسلم (٤).

الحديث السابع والعشرون : عن أنسٍ ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لمعاذ : ما من أحدٍ يشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلّا حرّمه الله على النار.

قال : يا رسول الله ، أفلا أُخبر به فيستبشروا.

__________________

(١) صحيح مسلم : ١ / ٨٣ ح ٣٩ ، صحيح البخاري : ١ / ٤٥٧ ، ح ١٢٩٤ كتاب الجنائز.

(٢) يلاحظ حياة عبد المطلب أنه كان على ملّة إبراهيم ، وهي الحنفيّة.

(٣) مسند أحمد : مسند أحمد بن حنبل : ١ / ٦.

(٤) صحيح البخاريّ : ٣ / ١٢٦٧ ح ٣٢٥٢ ، صحيح مسلم : ١ / ٨٦ ح ٤٦ كتاب الإيمان.

١٣٣

قال : إذاً يتّكلوا ، فأخبر بها معاذ عند موته ، رواه البخاريّ ومسلم (١).

الحديث الثامن والعشرون : عن عبادة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن شهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، حرّم الله عليه النار ، رواه مسلم (٢).

الحديث التاسع والعشرون : عن أبي ذرٍّ ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما من عبدٍ قال : لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، ثمّ مات على ذلك إلّا دخل الجنة ، رواه البخاريّ ومسلم (٣).

الحديث الثلاثون : في الصحيحين (٤) عن عتبان ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إنّ الله حرّم على النار من قال : لا إله إلّا الله ، يبتغي بها وجه الله.

الحديث الحادي والثلاثون : عن أبي هريرة رضى الله عنه ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطاه نعليه ، فقال : اذهب بنعلَيَّ هاتين ، فمن لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلّا الله فبشّره بالجنّة ، رواه مسلم (٥).

الحديث الثاني والثلاثون : عن أبي هريرة رضى الله عنه ، قلت : يا رسول الله ، مَن أسعد الناس بشفاعتك؟ قال : أسعد الناس بشفاعتي من قال : لا إله إلّا الله خالصاً من قلبه ، رواه البخاريّ (٦).

الحديث الثالث والثلاثون : حديث أمّ سلمة ـ وذكر الحديث وفيه ـ : فقال

__________________

(١) صحيح البخاريّ : ١ / ٦٠ ح ١٢٨ كتاب العلم ، وصحيح مسلم : ١ / ٩١ ح ٥٣ كتاب الإيمان.

(٢) صحيح مسلم : ١ / ٨٧ ح ٤٧ كتاب الإيمان.

(٣) صحيح البخاريّ : ٥ / ٢١٩٣ ح ٥٤٨٩ كتاب اللباس ، صحيح مسلم : ١ / ١٣٢ ح ١٥٤ كتاب الإيمان.

(٤) صحيح البخاريّ : ١ / ١٦٤ ح ٤١٥ كتاب المساجد ، صحيح مسلم : ٢ / ١٠٨ ح ٢٦٣ كتاب المساجد.

(٥) صحيح مسلم : ١ / ٩٠ ح ٥٢ كتاب الإيمان.

(٦) صحيح البخاريّ : ١ / ٤٩ ح ٩٩ كتاب العلم.

١٣٤

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّي رسول الله ، لا يلقى اللهَ عبدٌ بهما غير شاكّ فيحجب عن الجنّة ، رواه البخاري ومسلم (١).

الحديث الرابع والثلاثون : عن عثمان بن عفّان رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من مات وهو يعلم أنْ لا إله إلّا الله دخل الجنّة ، رواه مسلم (٢).

الحديث الخامس والثلاثون : حديث أنسٍ ـ في الشفاعة ، وفيه ـ : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فيخرج من النار مَن قال لا إله إلّا الله وفي قلبه من الخير ما يزن بُرّة ، ثمّ يخرج مَن قال لا إله إلّا الله وفي قلبه من الخير ما يزن ذَرّة ، رواه البخاريّ ومسلم (٣).

وفي الصحيح قريباً منه من حديث أبي سعيدٍ ، ومن حديث الصدّيق عند أحمد (٤).

الحديث السادس والثلاثون : حديث مُعاذٍ ، قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن كان آخر كلامه لا إله إلّا الله دخل الجنة (٥).

الحديث السابع والثلاثون : عن معاذ ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مفاتيح الجنّة لا إله إلّا الله ، رواه (٦) الإمام أحمد ، والبزّار.

الحديث الثامن والثلاثون : عن أبي هريرة رضى الله عنه ، قام لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقام بلالٌ فنادى بالأذان ، فلمّا سكت قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن قال مثل هذا يقيناً دخل الجنّة ، رواه النسائي وابن حبّان في صحيحه (٧).

__________________

(١) صحيح مسلم : ١ / ٨٦ ح ٤٥ كتاب الإيمان.

(٢) صحيح مسلم : ١ / ٨٤ ح ٤٣ كتاب الإيمان.

(٣) صحيح البخاريّ : ١ / ٢٤ ح ٤٤ كتاب الإيمان ، صحيح مسلم : ١ / ٣٢٢ ح ٣٢٥ كتاب الإيمان.

(٤) مسند أحمد : ٣ / ١١٦.

(٥) مسند أحمد : ٥ / ٢٣٣ ، مجمع الزوائد : ٢ / ٣٢٣.

(٦) مسند أحمد : ٥ / ٢٤٢ ، مجمع الزوائد : ١ / ١٦.

(٧) سنن النسائي : ١ / ٥١ ح ١٦٤١ كتاب الأذان ، صحيح ابن حبّان : ٤ / ٥٥٣ ح ١٦٦٧ كتاب الأذان.

١٣٥

الحديث التاسع والثلاثون : عن رفاعة الجُهَنيّ ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أشهد عند الله لا يموت عبدٌ يشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّي رسول الله صادقاً من قلبه ، ثمّ يسدّد ، إلّا سلك الجنة ، رواه أحمد (١).

الحديث الأربعون : عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال سمعتُ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إنّي لأعلم كلمةً لا يقولها عبدٌ حقّاً من قلبه فيموت على ذلك إلّا حرّم الله عليه النار ، لا إله إلّا الله ، رواه الحاكم (٢).

الحديث الحادي والأربعون : عن أبي هريرة رضى الله عنه ، سمعتُ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : حضر مَلَك الموت رجلاً يموت ، فشقّ أعضاءَه فلم يجده عَمِلَ خيراً ، ثمّ شقّ قلبه فلم يجد فيه خيراً ، ثمّ فكّ لِحْيَيْه فوجد طَرَف لسانه لاصقاً بحنكه ، يقول : لا إله إلّا الله ، فغفر له بكلمة الإخلاص ـ رواه (٣) الطبرانيّ ، والبيهقيّ ، وابن أبي الدنيا.

الحديث الثاني والأربعون : حديث أبي سعيدٍ ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال موسى : أيا ربّ ، علّمني شيئاً أذكرك وأدعوك به.

قال : قل : لا إله إلّا الله.

قال : يا ربّ ، كلّ عبادك يقولون هذا؟

قال : قل : لا إله إلّا الله.

قال : إنّما أريد شيئاً تخصّني به.

قال : يا موسى ، لو أنّ السماوات السبع ، والأرضين السبع في كفّةٍ مالت بهن لا إله إلّا الله ، رواه ابن السنّي ، الحاكم ، وابن حبّان في صحيحيهما (٤).

__________________

(١) مسند أحمد : ٤ / ١٦.

(٢) المستدرك على الصحيحين : ١ / ٧٢.

(٣) شعب الإيمان : ٢ / ٩ ح ١٠١٥ باب في الرجاء ، تاريخ بغداد : ٩ / ١٢٥ ، إتحاف السادة المتقين للزبيدي : ١٠ / ٢٧٥.

(٤) مستدرك الحاكم : ١ / ٥٢٨ ، صحيح ابن حبان : ١٤ / ١٠٢ ح ٦٢١٨.

١٣٦

الحديث الثالث والأربعون : عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن قال لا إله إلّا الله نفعته يوماً من دهره ، يصيبه قبل ذلك ما أصابه ، رواه ابن حبّان ، والطبرانيّ ، والبزّار ، ورواته رواة الصحيح (١).

الحديث الرابع والأربعون : عن عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا أخبركم بوصيةِ نوحٍ ابنه ، فقال : يا بُنيّ ، إنّي أوصيك باثنتين : أوصيك بقول لا إله إلّا الله ، فإنّها لو وضعت في كفّةٍ ، ووضعت السماوات والأرض في كفّةٍ لرجحت بهنّ ، ولو كانت حلقة لفصمتهنّ حتّى تَخْلُص إلى الله ـ الحديث ، رواه البزّار ، والنسائيّ ، والحاكم (٢).

الحديث الخامس والأربعون : عن عبد الله بن عمرو ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خيرُ ما قلتُ أنا والنبيّون من قبلي : لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كلّ شيء قدير ، رواه الترمذي (٣).

الحديث السادس والأربعون : عن أبي هريرة رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : جدّدوا إيمانكم ، قالوا : يا رسول الله ، وكيف نجدّد إيماننا؟ قال : أكثروا من قول لا إله إلّا الله ، رواه أحمد والطبرانيّ (٤).

الحديث السابع والأربعون : عن عبد الله بن عمرٍو ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سيخلص رجلٌ من أمّتي على رءوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر عليه تسعة وتسعون سجلاً ، كلّ سجلٍّ منها مدّ البصر ، ثمّ يقول : أتنكر من هذا شيئاً؟ أَظَلَمَكَ

__________________

(١) المعجم الأوسط للطبراني : ٧ / ٢٠٤ ح ٦٢١٨ ، مجمع الزوائد : ١ / ١٧ ، كنز العمال : ١ / ٤١٨ ح ١٧٧٨.

(٢) إتحاف السادة المتقين : ٨ / ٣٤٢.

(٣) سنن الترمذيّ : ٥ / ٥٣٤ ح ٣٥٨٥ كتاب الدعوات.

(٤) مسند أحمد : ٢ / ٣٥٩.

١٣٧

كَتَبَتي الحافظون؟ فيقول : لا ، يا ربّ ، فيقول : ألك عُذرٌ؟ فيقول : لا ، يا ربّ.

فيقول الله تبارك وتعالى : إن لك عندنا حَسَنة ، فإنّه لا ظلم عليك اليوم ، فيخرج له بطاقةً فيها أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً عبده ورسوله.

فيقول : أحضروه ، فيقول : يا ربّ ، ما هذه البطاقة مع هذه السجلّات؟

قال : فإنّك لا تظلم ، فتوضع السجلّات في كفّةٍ والبطاقات في كفّةٍ ، فطاشت السجلّات وثقلت البطاقة.

فلا يثقل مع اسم الله شيءٌ ، رواه (١) الترمذيّ ـ وحسّنه ـ وابن ماجة ، والبيهقي ، وابن حبّان في صحيحه ، والحاكم ، وقال : على شرط مسلم.

الحديث الثامن والأربعون : عن عبد الله بن عمرٍ ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ حديثٌ وفيه ـ : لا إله إلّا الله ليس بينها وبين الله حجابٌ حتّى تخلُص إليه ، رواه الترمذي (٢).

الحديث التاسع والأربعون : عن حُذيفة ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب ، حتّى لا يُدرى ما صيامٌ ، ولا صدقةٌ ، ولا صلاةٌ ، ولا نُسُكٌ ، ويُسرى على كتاب الله في ليلةٍ ، فلا يبقى في الأرض من آية ، ويبقى طوائفُ من الناس ـ الشيخ الكبير ، والعجوز الكبيرة ـ يقولون : أدركنا آباءَنا على هذه الكلمة : لا إله إلّا الله ، فنحن نقولها.

فقال صلة بن زفر لحذيفة : فما تغني عنهم لا إله إلّا الله ـ وهم لا يدرون ما صيامٌ ، ولا صلاةٌ ، ولا صدقةٌ ، ولا نُسكٌ ـ.

فأعرض عنه حذيفة ، فردّها عليه ثلاثاً ، كلّ ذلك يُعرض عنه حذيفة.

__________________

(١) سنن الترمذي : ٥ / ٢٥ ح ٢٦٣٩ كتاب الإيمان ، مسند أحمد : ٢ / ٢١٣ ، سنن ابن ماجة : ٢ / ١٤٣٧ ح ٤٣٠٠ كتاب الزهد ، مستدر الحاكم : ١ / ٦ ، ٥٢٩ ، صحيح ابن حبان : ١ / ٤٦١ ح ٢٢٥ كتاب الإيمان.

(٢) سنن الترمذي : ٥ / ٥٠١ ح ٣٥١٨ كتاب الدعوات ، مسند أحمد : ٣ / ١٥٣.

١٣٨

ثمّ أقبل عليه في الثالثة فقال : يا صلة ، تنجّيهم من النار ، يا صلة تنجّيهم من النار ، يا صلة تنجّيهم من النار ، رواه ابن ماجة ، والحاكم في صحيحه ، وقال : هذا حديث على شرط مسلم (١).

الحديث الخمسون : عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثٌ من أصل الإيمان ، الكفّ عمّن قال لا إله إلّا الله ، لا تكفّره بذنبٍ ، ولا تخرجه من الإسلام بعملٍ ـ الحديث ، رواه أبو داود (٢).

الحديث الحادي والخمسون : عن عبد الله بن عمرٍو ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : كفّوا عن أهل لا إله إلّا الله ، لا تكفّروهم بذنب ، فمن كفّر أهل لا إله إلّا الله فهو إلى الكفر أقرب ، رواه الطبرانيّ (٣).

الحديث الثاني والخمسون : في الصحيحين (٤) ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر.

وفي الصحيحين (٥) أيضاً من حديث أبي ذرّ ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يرمي رجلٌ رجلاً بالفسوق ، ولا يرميه بالكفر إلّا ارتدّت عليه ، إن لم يكن صاحبها كذلك.

وفي الصحيحين (٦) : عن ثابت بن الضحاك ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قذف مؤمناً بالكفر فهو كقتله.

__________________

(١) مستدرك الحاكم : ٤ / ٤٧٣ ، ٥٤٥ ، سنن ابن ماجة : ٢ / ١٣٤٤ ح ٤٠٤٩ كتاب الفتن.

(٢) سنن أبي داود : ٣ / ١٨ ح ٢٥٣٢ ، كنز العمال : ١٥ / ٨١١ ح ٤٣٢٢٦.

(٣) كنز العمال : ٣ / ٦٣٥ ح ٨٢٧٠.

(٤) صحيح البخاري : ٥ / ٢٢٤٧ ح ٥٦٩٧ كتاب الأدب ، صحيح مسلم : ١ / ١١٤ ح ١١٦ كتاب الايمان.

(٥) صحيح البخاريّ : ٥ / ٢٢٤٧ ح ٥٦٩٨ كتاب الأدب.

(٦) صحيح البخاريّ : ٥ / ٢٢٤٧ ح ٥٧٠٠ كتاب الأدب ، سنن الترمذي : ٥ / ٢٣ ح ٢٦٣٦ كتاب الإيمان.

١٣٩

وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضى الله عنه ، ومن حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أيّما رجلٍ قال لأخيه : يا كافر ، فقد باء به أحدهما (١).

والله سبحانه وتعالى أعلم.

[الخاتمة]

ونسأله من فضله أن يختم لنا بالإسلام والإيمان ، وأن يجنّبَنا ممّا يُغضب وجْهَه الكريم ، وأن يهديَنا وجميع المسلمين الصراط المستقيم ، إنّه رحيمٌ كريمٌ.

والحمد لله ربّ العالمين أوّلاً وآخراً ، وظاهراً وباطناً ، وصلّى الله على سيّدنا محمّدٍ وآله وصحبه أجمعين.

__________________

(١) صحيح مسلم : ١ / ١١٢ ح ١١١ كتاب الايمان ، سنن الترمذي : ٥ / ٢٣ ح ٢٦٣٧ كتاب الإيمان.

١٤٠