نهاية الإقدام في علم الكلام

أبي الفتح محمد بن عبدالكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني

نهاية الإقدام في علم الكلام

المؤلف:

أبي الفتح محمد بن عبدالكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-4174-0
الصفحات: ٤٠٨

حاصل ومنقض.

إن كان حادثة فعل مختار ، فكذا المجموع فهو حادث.

قالوا : ممنوع وتأخرت لفوات شرط ، ولو سلم فقديمة لأنها وصحة التأثير ممكنان أزلا وإلا فالممتنع صار ممكنا ، قلنا : إبطال الثاني مر والأول سيجيء في باب إثبات الصانع.

أو ساكنة ويبطل بوجهين :

إن امتناع الحركة إمّا لازم فلا تتحرك ، قالوا : عدمي فلا.

يعلل ولو سلم فمعارض بامتناع أزلية العالم لأنه لو لزم ماهيته لم يوجد.

قلنا : نفي محض بخلاف السكون لأنه نقيض اللامماسة.

إنه ثبوتي ، فإن كان قديما واجبا فذاك وإلا فله مؤثر واجب وفقا للتسلسل وموجب لحدوث فعل المختار ، فإن لم يوقف على شرط فذاك ؛ وإلا فالشرط واجب مع أن الحركة عنده واجبة في الفلك ، وجائزة في العناصر ، ولا جسم غيرهما ومن أراد التعميم فليبين التماثل.

ولقائل أن يقول : لا حاجة إلى بيانه لأن موضوع الدليل مطلق الذات.

قالوا : عدمي ولو سلم فمستغن وإلا دار ، لأن العلة الحدوث ؛ ولو سلم فتعلق القدرة القديم عدم لأن إيجاد الموجود محال.

ولا يقال أوجده بواسطة أن يعدمه ويفيده لأن مرادنا التعليق المخصوص.

قلنا : العلة الإمكان ، والتعلق المعدوم تنجزي وهو حادث.

قالوا : الدعوى متناقضة لوجهين :

إمكانه أزلي وإلا فوجب اتصافه بالإمكان بعد أن امتنع فكذا بالوجود.

قلنا : لا بذاته لإمكانه إمكانه أزلي وأزليته ممتنعة كالحادث بشرط حدوثه ، وإلا فينتهي إلى حيث لو فرض قبل بلحظة صار أزليا.

إما أن تفسروا المحدث بسبق العدم ، أو وجود اللّه ـ تعالى ـ فإما بالطبع فمسلم فيهما ؛ أو بالعلية والشرف ففي الثاني فقط أو بالزمان والمكان فممنوع فيهما اتفاقا وإلا فالحركة قديمة أو بتفسير آخر فاذكروه.

قلنا : كتقدم بعض أجزاء الزمان على بعض ، وليس بزمان ولو سلمت ، فليس بمتحرك ولا ساكن ، لأنهما فرع الحصول في المكان ؛ وليس معدوما فإما مشار إليه متحيز أو حال فيه ، فله مكان فأجسام لا نهاية لها موجودة.

ولو سلم فمكانها خارج عنها فليس بجسم ، وإلا فليس بمكان لأنه الذي تصح الحركة منه وإليه وعليه.

٣٢١

قلنا : السكون بقاء جوهرين متماسين ، والحركة مماسة أحدهما لآخر.

لا يقال : كان واحدا ، لأنّا نقول ممتنع انقسامه لما مرّ.

قالوا : فاعله قديم ، فكذا هو ؛ وإلا فتخصيص وقته بمرجح محال ، لأنه لا امتياز في النفي ولا يترجح بنفسه.

ولقائل أن يقول : يمتنع ترجحه لا ترجيحه.

قلنا : كاختصاص الكوكب وثخنة والمتمم ورقته بمواضعها مع بساط الفلك وأيضا فالمرجح تعلق الإرادة الواجب المستغنى.

لا يقال : التخصيص يستدعي الامتياز ، فقبله أوقات ؛ لأنا نقول : كما يمتاز الوقت عن الوقت.

قالوا : مادته قديمة ، لأن إمكانه ثبوتي يستدعي محلا ، وإلا تسلسل ، ولا تفارقه.

قلنا : عدمي ، ولو سلم فيلزم التسلسل لإمكانها ؛ لا يقال : يقوم بها ، لأنه يصير مشروطا بوجودها العرض المفارق فهو كذلك ، هذا خلف.

قالوا : صورته قديمة ، لأن عدم الزمان قبل وجوده ، والقبلية وجودية ، وإلا فالقبل بعد ، ويعود البحث.

قلنا : وصفكم العدم بالقبلية يشعر أنه عدمي لأنه وصفه.

قالوا : لا غاية له وإلا فيستكمل بها ، فهو قديم وفاعله موجب.

قلنا : سنبين أنه مختار.

ولقائل أن يرد الاستكمال إلى الفعل.

مسألة : وهي متماثلة ، خلافا للنظّام.

لنا وجوه :

فلا تلبس عند الاستواء في الأعراض ، واعترض إنما يصح لو تصفحنا جميعها.

متساوية في القبول ، وكذا في الماهية ورد بمنع الأولى ، فإن الفلك لا يقبل المزاج ، وقصة إبراهيم عليه السلام جزئية ، أو لعل جعل في بدنه ما يقبل النار كالنعامة.

ولو سلم فاشتراك في لوازم.

ليس معناه إلا الحصول في الحيز وهي متساوية فيه ، ورد : لازم.

مسألة : وباقية ، خلافا للنظّام.

لنا : موجودة في أول زمان ، فكذا الثاني ، وإلا فالممكن ممتنع ؛ ونقض بالأعراض.

واستدل باستمرارها حسا ، ونقض باللون ؛ ولا يقال : اعلم بالضرورة إني أنا ، لأنه بناء على نفي النفس.

قال : هوية الحيوان المعين لها أعراض مخصوصة ، ولا تبقى فكذا المجموع.

٣٢٢

ولقائل أن يدعي الضرورة في بقائهما.

مسألة : ولا تتداخل ، خلافا للنظّام.

لنا : متماثلة فلا تتميز بذاتي ، ولا لازم ولا عرض فتتحد.

ولقائل : أن يدعي البديهة لعدم الاجتماع في الحيز.

مسألة : ويجوز خلوها عن اللون والطعم والرائحة ، خلافا لأصحابنا.

لنا : الهواء ؛ احتجوا بقياسها على الكون ، وما قيل الاتصاف على ما بعده ، والأول حال عن الجامع ، وهذا لامتناع زوال ما بعد إلا بضد ، فإن صح ظهر الفرق وإلا منع الأصل.

مسألة : ومرئية خلافا للفلاسفة.

لنا : نرى الطويل والعريض وليسا عرضا ، لأن محلهما يكون الجزء الواحد ، لاستحالة قيامه بأكثر فينقسم ، فهنا نفس الجوهر.

واعترض : فينقسم الجوهر بل المرئي التأليف وهو كونهما في سمت.

وأجيب بأن الطويل حاصل في الحيز بخلاف العرض ويشبه أن يكون دليلا.

مسألة : ويجوز افتراقهما حيث لا يكون بينهما ما يماسهما ، خلافا لأرسطو وأتباعه.

لنا : الصفيحة الملساء ترتفع دفعة ، وإلا تفككت ، وحصول الهواء في الوسط بعد مروره بالطرفين.

ولقائل أن يقول : يمنع الارتفاع.

وأيضا المكان المنتقل إليه إن كان فيه جسم ، فإن ان غيره يوجب تدافع العالم بحركة البقة ، وإلا تداخلا.

ولقائل أن يقول : يتخلخل ما وراءه ويتكاثف ما يليه.

قالوا : يحتمل التقدير فهو مقدر.

قلنا : تقديرا كقولنا لو ضوعف نصف قطر العالم وقعت الكرة خارجا وهو محال.

قالوا : فتقع الحركة فيه لا في زمان ، لأن نسبته إلى زمان.

الملأ كنسبة رقة آخر بالفرض إليه ، قلنا : لو لم تستحق الزمان لذاتها.

ولقائل أن يقول : يمتنع وجود حركة لا سريعة ولا بطيئة.

مسألة : وهي متناهية ، خلافا للهند. قلنا : فتمتنع الحركة المستديرة ، لأن القطر إذا مال عن موازاة بعد غير متناه إلى مسامته وجب حصول نقطة أولى عليه ولا تحصل ؛ بناء على نفي الجوهر.

قالوا : لا بدّ أن تتميز جوانب الخارج بالبديهة ، فيشار إليه فإما مقدار أو جسم ؛

٣٢٣

وأجيب : أحياز تقديرية.

ورد : إن لم تطابق ففرض كاذب ، وقالت الحكماء : ذلك التمييز وهمي.

مسألة : ولا تجب أبديتها ، خلافا للفلاسفة والكرامية. لنا : حادثة فقبول العدم من لوازمها.

قالت الحكماء : المؤثر موجب ؛ وأيضا فنحصل البعدية الزمانية حال عدمه ؛ وأيضا لا بدّ لإمكانه من محل ، وليس وجوده لأنه معدوم فلو عدمت الهيولى تسلسل ، ولا تخلو عن الجسم.

قلنا : مر إبطال جميعها.

قالت الكرامية : عدمه إما بإعدام معدم ، فإما وجودي وليس عين العدم ، بل يقتضيه وهو الإعدام بالضد ؛ أو عدمي ولا فرق بينه وبين عدم الفعل وإلا فيمتاز بثبوتي ، فلا يستند إلى فاعل (١).

قلنا : مردود لتوجهه في المعدوم الآن ؛ أو بطريان ضد ، ويتوقف على انتفائه ويدور.

قلنا : لا يتوقف لأنه معلوله. وأيضا ليس أولى من العكس ، لا يقال : الحادث أقوى لتعلقه بالمؤثر ، لأن الباقي مثله ، ولا لامتناع عدمه ، لأن الباقي يمنعه ولا لجواز تكثره لأنه بناء على اجتماع المثلين.

قلنا : أقوى ولا نعرف لميته ؛ أو بانتفاء شرط ، وهو العرض المفتقر إلى الجسم فيدور ، قلنا : لا يبقى ، والجوهر لا يخلو ، وتلازمهما كالمضافين والمعلولين.

وتنقسم إلى ما يشابه جزأه كله في الماهية وهو البسيط فإما فلكي.

قالت الحكماء : لا ثقيل ولا خفيف ، ولا حار ولا بارد ، ولا رطب ولا يابس ، ولا يقبل الحرق والالتئام والكون والفساد لأن الجهة موجودة فإنها مقصد المتحرك وجهة الإشارة ، ولا تنقسم وإلا فالمواصل إلى نصفها إن تحرك لم يصل بعد ، وإلا فهو هي ولا بدّ من محدد كري الفوق والتحت الطبيعيين بمحيطه ومركزه ولا يتحرك مستقيما ، وإلا فليس بمحدد فلزم ما ذكرناه لأنها بحركة مستقيمة فهو بسيط وإلا قبل الخرق ، فيمكن حصول وضع كل جزء للآخر ، ففيه ميل فيتحرك بالاستدارة وليست طبيعية ، وإلا انقضت ؛ ولا قسرية لأنها بخلافها ، وفساده مذكور في كتبنا الحكمية.

وإما عنصري وهي أرض وماء وهواء ونار كرات منطو بعضها على بعض إلا الماء.

__________________

(١) انظر : غاية المرام في علم الكلام (ص ١٨٠) ، والفرق بين الفرق للبغدادي (١ / ٢١ ، ٢٠٢) ، والملل والنحل للشهرستاني (١ / ١١٢) ، والفصل في الملل والنحل لابن حزم (٤ / ٢).

٣٢٤

قالوا : والحركة مسخنة فالنار لطيفة حارة جدا ، والأرض بالعكس ، والمتوسط يتلوهما.

وأورد : فالأرض أبرد من الماء ، والنار في غاية الرطوبة ، لأنها قبول الأشكال لا سهولة الالتصاق ، وإلا فالهواء يابس.

قالوا : وينقلب بعضها إلى بعض ، كالنار عند الانطفاء وهواء الكوز المبرد بالجمد والماء كفعل أصحاب الإكسير.

وإلى ما لا يشابه وهو المركب.

قالوا : إذا اختلطت العناصر كسرت سورة كيفية هذا تلك كيفية ذاك وبالعكس ، فيحصل المزاج.

قلنا : فالكاسر مكسور ، لوجوب مقارنة المعلول للعلة.

ولا يقال : الكاسر الصورة ، لأنه بواسطة الكيفية ويعود المحذور. وأما ما ليس بجسم ولا عرض ، فإما هيولى أو عقل أو نفس فلكية وقد مر ، أو بشرية وسيأتي ، وأما الشياطين فقال أصحابنا أجسام لطيفة قادرة على التشكل بأشكال مختلفة ، وأنكرتها الفلاسفة ، وأوائل المعتزلة لأنها إما لطيفة فلا تقوى ، أو كثيفة فنشاهدها.

قلنا : بمعنى عدم اللون وإبصار الكثيف لا يجب.

وقال بعض الفلسفية : ماهياتها مخالفة بالنوع للنفس ، وقال الآخرون النفس البشرية إن كانت شريرة فيشتد بعد المفارقة انجذابها لمشاكلها فتعاونها عليه فهي شيطان وبالعكس ملك.

خاتمة وفيها نظران

في الوحدة والكثرة :

مسألة : كل موجودين يتمايزان بالتعين ، وهو ثبوتي خلافا لأصحابنا قالوا :

فله تعين آخر ويتسلسل ، ولقائل أن يقول : يتميز التعين بنفسه.

وأيضا فتعينها بعد وجودها ويدور ؛ أو فلها تعينان ، ولقائل أن يقول : توجد به.

وأيضا : فيغاير الماهية ، ولا يتحد وجودهما ، فهي اثنان وكذا الكل.

ولقائل أن يقول : لا يتصف بالوجود إلا المجموع ، وقلنا : هذا موجود فجزؤه أولى.

مسألة : الغيران إما مثلان ، وهما المشتركان في صفات النفس ؛ أو اللذان يقوم أحدهما مقام الآخر ؛ والأول يرادف للتماثل والثاني مستعار منه ؛ أو مختلفان فإما ضدان

٣٢٥

وهما الوصفان الوجوديان اللذان يفترقان لذاتيهما كالسواد والحركة.

والغيران هم الشيئان عند المعتزلة وعند أصحابنا اللذان يجوز افتراقهما بزمان أو مكان أو وجود ؛ وتصورها بديهي لأنه جزء مخالفة السواد للبياض ومماثلته للسواد.

مسألة : لا يجتمع المثلان ، خلافا للمعتزلة ، لنا : لا تمتاز ولا لازم ولا عرض فتتحد.

قالوا : حكم الشيء حكم مثله ؛ قلنا : يوجب الاتحاد.

ولقائل أن يقول : عدم الامتياز لا يوجب الاتحاد.

مسألة : التغاير والتماثل والتخالف ليست زائدة ، خلافا لبعضهم.

قالوا : مغايرة السواد للبياض توجد دونهما ، ولا بدّ أن تماثل أو تخالف غيرها وكذا القول فيه ، والتزموا ما لا نهاية له ، قلنا مر بطلانه.

ولقائل أن يقول : اعتبارية تنقطع بانقطاعه.

في العلة والمعلول (١) :

تصور التأثير بديهي ، لأن الخاص كقطعة اللحم كذلك.

مسألة : العدم ليس بعلة ولا معلول ، خلافا للفلاسفة.

لنا : التأثير يستدعي أصل الحصول ، قالوا : كما يستدعي الوجود مرجحا.

قلنا : العدم نفي محض.

مسألة : المعلول الشخصي ليس له علتان مستقلتان ، وإلا فيستغني حال افتقاره.

مسألة : والنوعي يعلل بمختلفين ، خلافا لأكثر أصحابنا ، لنا : المخالفة والمضادة معلولا السواد والبياض ، قالوا : افتقار المعلول إلى علة إما لذاته ولوازمه ، فليس غيرها وإلا فليست علة.

قلنا : افتقاره إلى مطلق وتعينها من جهتها.

مسألة : يجوز صدور معلولين عن علة واحدة ، خلافا للفلاسفة والمعتزلة.

لنا : الجسمية علة المكان والقبول.

قالوا : المصدران متغايران فإما داخلان في مركبه أو خارجان ويعود البحث أو أحدهما فهي مركبة.

قلنا : اعتبار عقلي كمحاذاة المركز وسلب الباء والجيم عن الألف.

__________________

(١) انظر : تبيين كذب المفتري للعسكري (١ / ٣٥٨) ، والملل والنحل للشهرستاني (٢ / ٦٩ ، ١٧٣).

٣٢٦

مسألة : يجوز مشروطية تأثير العلة العقلية ، خلافا لأصحابنا.

لنا : شرط قبول الجوهر للعرض انتفاء ضده.

ولقائل أن يقول : ليس عقليا.

مسألة : ويجوز تركبها ، خلافا لأصحابنا.

لنا : لا نتيجة إلا عن مقدمتين ، ولا يوجب صفة العشرية إلا مجموع آحادها.

قالوا : فلا يوجب المجموع ، قلنا : ينتقض بما مر.

ولقائل أن يقول : ليست النتيجة معلولة.

إلهي إنني معترف بتقصيري ، عارف باحتياجي إليك ، وافتقاري إلى رحمتك ، فأفقر على ما يزيدني عجزا من معرفتك حتى تبتهج نفسي بذلك الحق ؛ إنك على ما تشاء قدير ، (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) [طه : ١١٤].

الركن الثالث في الإلهيات

وفيه أقسام :الأول في الذات ؛ والاستدلال إما بحدوث الأجسام كطريقة الخليل عليه السلام كل حادث له محدث لأنه ممكن لأنه وجد بعد العدم.

واعترض : المعدوم نفي فلا يقبل ؛ ورد : نعني بقاء الماهية أو بطلانها لا تقررها.

ولقائل أن يقول : الماهية من حيث هي ليست معدومة.

فاعترض بأنها وجب وجودهما بعد امتناعه لأن الشيء بشرط سبقه بالعدم ليس أزليا فلصحة الوجود أوّل.

ورد : بأن ذلك لحضور وقتيهما ، لا للماهية من حيث هي وأيضا : إن وجد قبل بلحظة فأزلي.

ولقائل أن يقول : معنى الأزل نفي الأولية ، وبداية الصحة من جهة الحدوث فقط ، وتعيين الوقت من خارج ، ومع توهم عدمها تتصور بداية أخرى وليس أزليا.

وإما بإمكانها لكثرتها وإما بحدوث الأعراض ، كانقلاب النطفة علقة ، ثم مضغة وليس المؤثر الإنسان ، ولا أبويه ولا القوة المولدة وإلا فإن شعرت فهي موصوفة بالحكمة وإلا فإن تساوت أجزاء النطفة صارت كرة لأن القوة البسيطة عندهم إنما تفعل في البسيط كرة ، وإلا فكرات فلا بد من مؤثر غيرها.

وإما بإمكانها لتساوي الأجسام في الجسمية فاختصاص عرض ما ببعضها ممكن.

مسألة : مدبر العالم واجب الوجود : وإلا فله مؤثر فإما أن يدور فيتقدم الشيء على نفسه ، أو يتسلسل فمجموع السلسلة ممكن لافتقاره إلى جزئه فالمؤثر إما المجموع أو بعضه

٣٢٧

فيتقدم الشيء على نفسه بمرتبة أو مرتبتين ؛ والخارج عنهما واجب فهو أزلي أبدي.

قيل : ممكن والوجود أولى ولو سلم فالعلة الحدوث وهو قديم. قلنا : بطلا.

قيل : إن عنيت بالتقدم الزماني ، فلا تأثير أو الذاتي فإما كونه مؤثرا فتلزم الشيء على نفسه ، وإلا فبين ما تعني ووجوده وعدم التقدم به.

قلنا : كونه ما لم يوجد لا يؤثر وهو ظاهر ، قيل : المجموع يشعر بالتناهي.

قلنا : نعني بحيث لا يبقى شيء خارج السلسلة.

قيل : التسلسل واجب لأن المؤثر في الحوادث المحسوسة إما محدث فذاك أو قديم فإن لم يتوقف تأثيره على شرط فهي قديمة وإلا فإن لم تفتقر وقت لا عن مرجح وينسد باب إثبات الصانع ؛ وإن افتقرت لم يكن بمؤثر تام وإن توقفت فإما قديم ونعود ؛ أو محدث فإن كان مقارنا فشرط حدوثه إما هذا ، ويلزم الدور أو آخر فذاك وإن كان سابقا وهذه المؤثرية حادثة فعلتها إما وقد عدم ؛ أو الحادث فيدور أو آخر فذاك.

قلنا : المختار يرجح بلا مرجح.

قيل : معارض بوجهين :

أن وجوده يماثل وجود الممكنات كما مر فإن عرض لماهية افتقر فعلته إما الماهية وهي معدومة أو غيرها فالواجب ممكن وإن لم يعرض فحدوثه جائز للتماثل.

قلنا : وجوده عينه.

وكان واجبا كان قديما ، بمعنى أنه موجود مع كل زمان يفرض وقبله ، وهي زمانية فالزمان قديم ، لا يقال تقديرا ، لأنا نقول : فلا يعقل التقدم.

قلنا : كتقدم بعض أجزائه على بعض.

مسألة : وموجود خلافا للملاحدة ، لنا : المعدوم لا يتميز.

قيل : واسطة ، قلنا : بطل بالضرورة والبرهان ، قيل : عدم السواد مميز عن عدم البياض ويصحح حلوله ، قلنا : فالمتحرك معدوم وهو سفسطة.

فعورض بأنه يساوي الممكن في الوجود ، فيمكن إما للماثلة أو التركيب إن خالف ، قلنا : وجوده عينه.

٣٢٨

القسم الثاني

في الصفات

وهي إما سلبية ، مسألة : ماهيته ـ تعالى ـ تخالف الكل لعينها ، خلافا لأبي هاشم في أنها تخالف بحالة توجب الموجودية والحيية والعالمية القادرية ؛ ولابن سينا في أنها الوجود غير العارض ، وهو مشترك.

لنا : لو لم تخالف بذاتها ماثلت ، فاختصاصها بصفة إما لأمر ويتسلسل وإلا فالجائز غني.

مسألة : وليس مركبة وإلا فتفتقر إلى جزئها.

مسألة : وليس بمتحيز ، خلافا للجسمية ، واستدل : الأجسام متماثلة فإما حادثة أو قديمة وأيضا متساوية في التحيز ، فإن خالفها تركب.

واعترض : قد تشترك المختلفات في لازم.

ولقائل أن يقول : تخالف بعارض.

والمعتمد : لو تحيز انقسم ، وإلا فهو أصغر الأشياء.

وأيضا فعلم أحد الجزءين غير علم الآخر فليس بواحد ، وعلى هذا الإنسان الواحد علما.

مسألة : ولا يتّحد بشيء ، وإلا فإن بقيا فاثنان وإلا فلا اتحاد لعدمهما أو أحدهما.

مسألة : ولا يحل في شيء واستدل ؛ حلوله إما واجب فيفتقر ؛ وأيضا فالمحل جسم أو عرض ، فإما حادث أو قديمان ؛ وإما جائز فيستغني عنه.

واعترض ورد : يوجب الحالية كالعلم ، وأيضا يوجب عقلا يصيره محلا.

ولو سلم فمشروط بحدوث المحل ؛ والاستغناء مجرد دعوى.

والمعتمد : أن المعقول من الحلول حصول العرض في الحيز تبعا ولا يصح عليه.

مسألة : وليس في جهة ، خلافا للكرامية.

٣٢٩

لنا : البديهية لأنه ليس بمتحيز ولا حال بالضرورة ؛ وأيضا فمكانه يخالف الأمكنة وإلا فالحلولية محدثة لاستدعائها مخصصا مختارا ، وموجود لأن النفي لا يتميز ، ومشار إليه وإلا فالحال مثله ، فإن كان بالذات فجسم وإلا فعرض.

تنبيه : ظواهر المجسمة لا تعارض العقل ، فإما أن نفوض علمها إلى اللّه ـ تعالى ـ كالسلف ومن وقف على (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ)[آل عمران : ٧] ؛ أو نأولها تفصيلا كأكثر المتكلمين.

مسألة : ولا يتصف بحادث ، خلافا للكرامية ، لنا : فصحته من لوازم الماهية فهي أزلية ، لأنها متوقفة على صحة وجودها أزلا وهو يناقض الحدوث كما مر.

قالوا : إمكانها فقط ، قلنا : وهو على تحققها وهو على وجودها.

قالوا : ممكنة ولم توجد كالعلم ، قلنا : نفي محض فلا حكم عليه.

قالوا : معارض بأن اللّه ـ تعالى ـ لم يكن في الأزل فاعلا للعالم ، ولا عالما بوجوده الآن ، ولا رائيا له مخبرا بأنا أرسلنا ولا ملزما أحدا إقامة الصلاة.

قلنا : المتغير الإضافات وهي عدمية.

ولقائل أن يستدل باستحالة الانفعال عليه.

مسألة : ويستحيل عليه اللذة والألم ، خلافا للفلاسفة في اللذة العقلية ، واستدل من توابع المزاج وليس بجسم.

ورد : انتفاء سبب واحد ؛ والمعتمد أنها لا تكون قديمة ، لأنه يتصف بالحوادث فكذا الملتذ به.

قالوا : ليس بالخلق ، بل علمه بكامله المطلق ، لأنه أكمل علم بأكمل معلوم.

قلنا : يبطلها الإجماع.

مسألة : ولا يتصف بلون ولا طعم إجماعا ؛ واستدل : ليس بعضها كمالا ولا شرط الفاعلية فليس أولى.

ورد : في نفس الأمر أو في عقلك ، الأول بلا دليل بل تستلزمه وإن جهلنا لميته ، والثاني لا تجب مطابقته.

٣٣٠

وإما ثبوتية :

مسألة : اللّه ـ سبحانه ـ قادر ، خلافا لجمهور الفلاسفة ، لنا : العالم إما واجب الصدور عنه بلا شرط ، فقديم أو بشرط ويتسلسل معا أولا إلى أول ؛ وإما جائز وهو المطلوب ، قيل : واجب والأزل ينافي الحدوث كالقدرة الأزلية ـ عندكم ـ لا تقارن صحة الوجود.

قلنا : لا يمنع التأثير ، ولو سلم فمعدوم قبل وقت الحدوث بلحظة ، لأنه لا يصير أزليا ، قيل : مشروط ، قلنا : بطل التسلسل ، قيل : الواسطة ، قلنا : باطل بالإجماع ، قيل: معارض بوجهين :

إن حقيقته على قولكم محال لوجوده.

إن المصدر إن كملت شروطه ، امتنع الترك وإلا فإن لم ينضف إليه قصد فترجيح بلا مرجح وإلا فليس بتام ؛ وإن لم يستجمع وجب.

ويؤكده أن المعتزلة قالوا : صدور الثواب والعقاب واجب ، لاستلزام تركهما الجهل أو الحاجة الممتنعين ؛ وأصحابنا قالوا : يتعلق القدرة والإرادة بالمعينات ولا تغير فهي واجبة ؛ والكل قالوا : ما علم وجوده وجب ، وإلا امتنع فلا مكنه.

إن حصولها إما مع أحدهما وهو واجب ؛ أو قبله فيستلزم حصول وقته لأنه شرطه وهو محال ، قلنا : لا يستلزم.

إن الترك عدمي لأنه لا فرق بينه وبين لم يفعل فليس بمقدور.

ولا يقال : فعل الضد ، لأنا نقول : فلم يخل عن ضد العالم.

إن ثبوته متعذر لوجوه :

أن القادرية إما أزلية فيستدعي صحة الأثر ، أو حادثة فلها مؤثر وليس مختارا وإلا عاد البحث ؛ ولا يقال : هي المكنة من الإيجاد فيما لا يزال لحضور المانع ، لأنا نقول : إن أمكن ارتفاعه فليفرض ، وإن امتنع فدائما ، وإلا صار الممتنع واجبا.

قلنا : أزلية ولا مكنة من الممتنع.

٣٣١

إن المقدور ثابت ، لأنه متميز لاختصاصه بالمقدورية ، وللتردد بينه وبين آخر ، فلا يتعلق به ، وإلا لزم الدور ، أو إثبات الثابت ، لا يقال : الشرط التحقق والمتعلق الوجود ، لأنا نقول : فالمتعلق ليس بثابت ، لكنه مقدور فما ليس بثابت ثابت.

قلنا : في الخارج ممنوع ، وفي الذهن لا ينتج دعواكم.

أنها قديمة ، وقد فنيت عند وجود العالم ، قلنا إضافة.

أنه يمكنه الإيجاد ، فالموجودية ليست نفس الأثر لأن لفظه ليسها ، لأنه ليس صفة للموجد لعوق عكس نقيضه ، ولا وجوده ، وإلا فقولنا لأن القادر أوجده بمثابة لأنه وجد ، فإما ممكنة تقع بالمختار ، أو واجبة فيجب.

مسألة : وعالم خلافا لقدماء الفلاسفة.

لنا : أفعاله محكمة حسا ، والكبرى بديهية ، قيل : الواسطة ، قلنا : بطلت.

قيل : تعنون بالمحكم إما المطابق للمنفعة أو المستحسن ، وليس من كل الوجوه للشرور المشاهدة ولإمكان وجود الأكمل ومن بعضها لا يدل لأحكام فعل الساهي وإلا فاذكروه.

قلنا : الترتيب العجيب والتأليف اللطيف ، قيل : لا يدل على العلم ، كالجاهل والنحلة ، قلنا : البديهية تفرق ؛ والنحلة تعلم بعلمها فقط ، قيل : معارض بوجهين :

أنه نسبة بينه وبين المعلوم وغير ذاته لا محالة ، فالواحد فاعل وقابل ونسبة القبول الإمكان والفعل الوجوب ، قلنا : الإمكان العام لا ينافي.

ولقائل أن يقول : هو هنا بمعنى لا يجب فينافي.

أنه ليس صفة نقص ولا كمال وإلا فيستكمل ، قلنا : خطابي وكونه كمالا بديهي.

ولقائل أن يجيب : بأن كمال العلم مستفاد منه فلا استكمل.

مسألة : وحي اتفاقا ، ومعناه انتفاء الامتناع عند الفلاسفة ، وأبي الحسين وصفة توجبه عندنا ، واستدل بأنه مصحح العلم والقدرة ، ورد : إلا في الواجب فإنه ذاته ،

٣٣٢

والمعتمد أن الامتناع عدمي فنفيه ثبوت.

مسألة : ومريد اتفاقا ، وهي غير العلم عندنا ، وعند أبي علي وابنه ، والعلم بمصلحة الفعل ومفسدته عند أبي الحسين ، وكونه غير مغلوب ولا مستكره عند النجار ، وكونه عالما بفعله وآمرا بغيره عند الكعبي.

لنا : وقوع الفعل في وقت مع إمكانه في غيره يستدعي مخصصا ، وليس القدرة لأن نسبتها على السوية ، ولا العلم وإلا لزم الدور ، لأنه تابع للمعلوم ، ولا سائر الصفات وهو ظاهر فهو هي.

ولقائل أن يقول : خاص بالأفعال الزمانية.

قيل : الوقت جزؤها فيمتنع دونه ، وليس سلبيا لأن نقيضه كذلك ، ولا نفسه وإلا بطل ببطلانه ، لا يقال : فيدوم هذا الإمكان مع الأثر ، لأنا نقول : بناء على ثبوت المعدوم ، قلنا : هذا المتحرك يمكن سكونه وليس معدوما.

قيل : شرطه الوقت ، قلنا : إن كان معدوما فلا يؤثر ، وإلا عاد البحث.

ولقائل أن يقوله : على الوقت ، قيل : تتولد الحوادث عن الحركات السماوية ولا يتقدم للمتأخر لاقتضائها ذلك ، لا يقال : فمن خصص الأفلاك ، ولأنا نقول : لا زمان عند الفلاسفة ، لأنه مقدار الحركة ، ولا عندكم لأنه محدث.

قلنا : سيبين أن لا مؤثر إلا اللّه ، قيل : المخصص القدرة واستواء نسبتها لا يمنع كالإرادة ، وإلا فلها إرادة أخرى ، لا يقال : كانت على صفة توجب تعلقها به ، لأنا نقول : فالمؤثر موجب ، وأيضا فنقوله في القدرة.

قلنا : مفهوم المصدرية غير المخصصية ، ويرد عليه : تغاير العلوم لتغاير معلوماتها والتزمه أبو سهل ، قيل : العلم لأن العلم باشتمال الفعل على المصلحة داع إلى الإيجاد بل أولى ، فإنه لو علم إنسان مضار جهنم ، وله إرادة دخولها لم يدخل ، وأيضا لا يوجد إلا ما علم وجوده.

قلنا : سنبين امتناع التعليل والعلم تابع لكونه بحيث سيوجد فيدور.

٣٣٣

قيل : معارض بأنها إما لفرض فيستكمل وإلا فعبث.

قلنا : لا غرض والتعلق واجب لذاتها.

مسألة : وسميع بصير اتفاقا ، ومعناه علمه بالمسموع والمبصر ، عند الفلاسفة وأبي الحسين.

لنا : حي فيصح اتصافه بهما ، فيتصف وإلا فبضدهما والنقص عليه محال.

قيل : لا يمتنع لمخالفتها حياتنا ، أو لأن ذاته غير قابلة أو لتوقفهما على شرط محال عليه ، كما عند الحكماء ولو سلم فيخلو عنهما كما مر ، ولو سلم فمورد استحالة النقص الإجماع وهو سمعي ، فتتمسك به أولا لأن صرفهما إلى العلم مجاز ، لا يجوز إلا لمعارض فيفتقر الخصم إلى صحة نقيضه.

ولقائل أن يقول : السمك لا يسمع العقرب لا يرى ، واستدل السميع البصير أكمل ، قالوا : حدهما كذلك وضدهما نقص ، فأخذنا أكمل.

وعورض بالمشي ، فإن خصص بالأجسام فكذا الآخران.

مسألة : ومتكلم اتفاقا ، ومعناه عند المعتزلة إيجاد أصوات دالة على معان مخصوصة في أجسام مخصوصة ، والنزاع هل هو موضوعه اللغوي.

وعند أصحابنا بكلام النفس القائم به القديم الواحد وأنكرته المعتزلة.

احتج أصحابنا بوجوه :

ما مر بأن النقص عرفا العجز عن التلفظ ، وثبوت أمر بلا مأمور.

قالت : المعتزلة التصور سابق ، وليس إلا الحروف والأصوات أو تخيلهما ، فإن قلتم الأمر طلب ، قلنا : بل إرادة وحيث فرقتم ، قلتم : يأمر بما لا يريد ، ويتوقف على كونه متكلما فيدور.

أفعاله ـ سبحانه ـ تفتقر إلى مخصص ، لجواز التقدم والتأخر عليها ، فكذا أفعال العباد المترددة بين الحظر والإباحة ، والوجوب والندب ، وليس المخصص الإرادة لوجودها دون الأمر فهي الكلام ، ورد : المعنى يريد عقاب تارك الفعل الفلاني أو ثوابه.

٣٣٤

ولقائل أن يقول : إنما دل التردد على صحة الاتصاف بواحد لا بعينه.

أن اللّه ـ تعالى ـ مطاع فهو آمر ناه ، ورد : إن عنيتم نفوذ قدرته فصحيح ، وإلا فيعود.

الإجماع : ورد : في الإطلاق فقط.

والمعتمد تكليم موسى ـ عليه السلام ـ لا يقال : موضوعه لغة الحروف والأصوات فليس صرفه لذلك المعنى أولى لأنا نقول أولى لقوله إن الكلام لفي الفؤاد.

ولا يقال إثباته بالسمع دور ، لأنا نقول : ليس مما يتوقف العلم بصدق الرسول عليه.

مسألة : وباق بنفسه ، خلافا لأبي الحسين.

لنا : البقاء صفة ترجح الوجود وهو واجب ، وأيضا فبقاؤها ، إما بنفسها فهي أقوى ، أو بالذات ويدور أو بآخر ويتسلسل ويدور.

ولقائل أن يقول : أمور اعتبارية تنقطع عند انقطاع الاعتبار.

وليس في الشاهد لأنه شرطه الحصول الثاني ، فيدور فإن قلت نفس الحصول قلت فنفس الذات.

قالوا : لم تكن باقية حال الحدوث ؛ قلنا : ولم تكن حادثة وقد مر أنه ليس بزائد ، فإن قلت الحدوث نفس حصوله ، قلت فكذا البقاء.

مسألة : وعالم بكل معلوم ، خلافا للفلاسفة وبعض المسلمين.

لنا : جائز في الكل ، فاختصاصه

بالبعض لمخصصقالوا : فيعلم كونه عالما ولا يتناهى مرارا لا تتناهى؟

لا يقال : هو نفس العلم به ، لأنا نقول : الإضافة إلى هذا غيرها إلى ذاك.

قلنا : اللا نهاية في الإضافات وهي عدمية.

وقيل : لا يعلم ذاته ، لأن إضافة الشيء إلى نفسه محال.

لا يقال من حيث إنه عالم يغايره معلوما وهو كاف ، لأنا نقول : حصوله

٣٣٥

متوقف على قيامه المتوقف على المغايرة ويدور.

قلنا : منقوض بعلمنا بأنفسنا.

وقيل : لا يعلم غيره ، لأنه انطباع أو إضافة فيتكثر.

قلنا : في اللوازم.

وقيل : لا يعلم الجزئيات لأن كون زيد في الدار إن بقي كان جهلا ، وإلا فتغير.

قلنا : في الأحوال والإضافات كما أنه قبل الحادث وبعده.

وقيل : لا يعلم بها قبل وقوعها.

أن المعلوم متميز ؛ وعورض بعلمنا بطلوع الشمس غدا.

لو علمها وجب وقوعها ، وإلا فهو جهل ويلزم الجبر.

قلنا : نلتزمه ، وقيل : لا يعلم غير المتناهي لوجوه :

أن المعلوم يزيد وينقص ، قلنا : لا يدل على التناهي.

أنه متميز فيتناهى ، قلنا : المتميز كل واحد.

أن العلم بهذا غيره بذاك ، لوجود أحدهما مع عدم الآخر ، فعلوم بلا نهاية موجودة.

وأجيب إضافات عدمية ، ورد بأن العلم متوقف عليها فهي موجودة وإلا فهو معدوم وقد مر أن أبا سهل التزمها.

مسألة : وقادر على كل شيء ، خلافا لجميع الفرق.

لنا : مصحح المقدورية الإمكان وهو مشترك ، فاختصاصها بالبعض بمخصص ، فلا مؤثر غيره ؛ وإلا فإن وقع بهما اجتمع مستقلان ، أو بأحدهما فترجيح بلا مرجح ، وإلا فيقع بهما حاله لا يقع.

الحكماء : لا يصدر عن الواحد إلا واحد وقد مر ؛ الثنوية : لا يفعل الشر وإلا فهو خير شرير معا.

قلنا : إن عنيتم موجدهما فمسلم وإلا فأبدوه.

٣٣٦

النظام : فعل القبيح محال لدلالته على الجهل أو الحاجة ، قلنا : بل يفعل ما شاء ؛ ولو سلم فالامتناع من جهة الداعي فقط ، فإن انجزام إرادة الترك داع إلى منع الفعل ، عباد : الأفعال إما واجبة ، أو ممتنعة للعلم ، قلنا : فلا مقدور إذا ؛ وأيضا فليسا ذاتيين ، وأيضا العلم بالوقوع تابع له ، فيتأخر عن القدرة ، فلا يبطلها.

البلخي : لا يقدر على مثل مقدورنا ، إما طاعة أو سفه أو عبث وهو محال.

قلنا : الفعل حركة أو سكون وتلك أحوال من حيث صدورها عنّا.

أبو علي وابنه وأتباعهما ؛ يقدر على مثل مقدورنا لا على نفسه وإلا فإذا أراده وكرهناه ، يوجد للداعي ويمتنع للصارف ، قلنا : العدم للصارف إن لم يخلفه سبب آخر.

مسألة : وله علم وقدرة وحياة ، خلافا للمعتزلة والفلاسفة ، ويوجب العالمية والقادرية والحيية ، عند مثبتي الحال منا ؛ وهي نفسها عند نفاتها لأن الثالث لا دليل عليه.

أبو علي الزائد ثابت معلوم ، وأبو هاشم حال لا نعلم ولا يسميانه إلا علمية.

ورد : الثاني بامتناع ثبوتها للغير ، الفلاسفة ؛ العلم انطباع والمعلومات مختلفة ولا يكثر إلا اللوازم ويقولون صفة خارجة متقومة بالذات ، وهو مرادف ؛ فظهر الاتفاق على ما يقوله نفاة الأحوال.

لنا : لوجود زائد للعلم بالذات دونه.

ولقائل أن يقول : فالوحدة إذن زائدة.

قالوا : فتفتقر وعلتها ليس إلا الذات فهي فاعلة وقابلة ، قلنا : تقدم.

قالوا : العالمية واجبة فتستغني ، قلنا : لا نثبتها ولو سلم فليس بالذات.

قالوا : فتشاركه في القدم فيتماثلان فليس أحدهما صفة أولى ، قلنا : القدم سلبي.

قالوا : يغاير الذات فهو قول بقدماء متغايرة ، قلنا : إن عنيتم التخالف فصحيح ، ولا نطلقه لعدم الإذن ؛ أو المفارقة فممنوع وإلا فأبدوه.

قالوا : يتعلق بمعلومنا ، فيماثل فهو حادث ، قلنا : اشتراك في بعض اللوازم ولو سلم فقديم كالوجود.

٣٣٧

ولقائل أن يقول : الوجود مشكك.

قالوا : فثم علوم بلا نهاية كالمعلومات ، قلنا : وارد في الكل.

مسألة : وليس مريدا لذاته ، خلافا للنجار.

لنا : ما مر.

واحتج الجبائيان : فيريد كل مراد قياسا على العلم ، ولأن تخصيصه بالبعض بلا مرجح ، ورد الأول : تمثيلي هكذا ؛ والثاني : تختص لذاتها.

مسألة : وإرادته واجبة القدم ، خلافا للمعتزلة في أنها محدثة لا في محل ، والكرامية في أنه يخلقها في ذاته.

لنا : فتفتقر إلى مخصص ويتسلسل ، ولقائل أن يقول : ترجح غيرها ، وهي بلا مرجح.

مسألة : وكلامه قديم ، خلافا للمعتزلة والكرامية.

والجمهور يعتقدون أن الخلاف في القدم فقط وقد مر. لنا : وجهان :

الإجماع لأن القائل بالحدوث لا يقول به.

لو حدث فإما في ذاته وقد بطل ، أو في غيره فليس صفة ، وإلا فالجسم محرك بحركة غيره.

قالوا : أمر بلا مأمور عبث.

أجاب : عبد اللّه بن سعيد بأن الأمر وسائرها من عوارضه عند حدوث المكلفين.

فلا دليل عليه ، لأنا لم نثبته إلا بها.

ولقائل أن يقول : يثبت المعروض بعارضه.

وجمهور أصحابنا بأن المعدوم مأمور إما على تقدير الوجود ، أو لما استمر المكلف مأمورا ، كإنسان أخبر بولد ما وصى من يقول له أبوك كان يأمرك بالخير.

ورد الأول : فالجماد مأمور.

٣٣٨

قالوا : لو كان إنا أرسلنا أزليا كان كذبا ، قلنا : الخبر واحد ويختلف بالإضافات والأوقات.

قالوا : ناسخ ومنسوخ إجماعا وهي صفة حادث ، قلنا : عائدة إلى الحروف ولا نزاع.

مسألة : وواحد خلافا لبعض أصحابنا في أنه أمر ونهي وخبر واستخبار ونداء.

لنا : الأمر والنهي إخبار عن ترتب الثواب أو العقاب على الفعل أو الترك وكذا سائرها.

ولقائل أن يقول : دلالة الأمر على الطلب ذاتية وعلى الخبر عرضية.

مسألة : وصدق وإلا فهو نقص ؛ وأيضا فقديم ، فكان يمتنع الصدق ، لكنه جائز بالضرورة للعلم ، لا يقال : اللفظ فقط ، لأنا نقول للمعتزلة : ويلزمكم لتجويزكم الحذف والإضمار لحكمة فيرتفع الوثوق بالنص.

ولقائل أن يقول : إنما جوزنا ما لا يرفع الوثوق.

مسألة : ولم يثبت عندي صحة سماعه وقياسه على الرؤية فاسد ، لأن هناك مشترك وهنا لم يتعلق إلا بالصوت فهو المصحح.

ولقائل أن يقول : الخفة والثقل والحد مغايرة للصوت المشترك.

مسألة : التكوين أزلي عند الحنفية.

لنا : إن أردتم المؤثرية فحادث ، لأنها نسبة أو الصفة المؤثرة فهي القدرة وإلا فأبدوه.

قالوا : القدرة في الصحة وهو في الوجود ، قلنا : الصحة من الذات فيبطل غير القدرة ، وإلا فتأثيره إما ممكن فيجتمع المستقلان والمثلان بالتأثير ، أو واجب فليس بمختار.

ولقائل أن يقول : المتعلقات مختلفة والوجوب لاحق.

مسألة : ولا صفة غير السبعة أو الثمانية عند ظاهريي المتكلمين وأثبت أبو الحسن اليد والوجه والاستواء ؛ وأبو إسحاق القيام بالنفس ؛ والقاضي إدراك الشم والذوق واللمس ؛ وعبد اللّه بن سعيد القدم والرحمة والكرم والرضى ؛ ومثبتو الحال العالمية والقدرية والحيية ؛ وأبو سهل بحسب كل معلوم ومقدور علما وقدرة ولا دليل

٣٣٩

على ذلك فيتوقف.

قالوا : كلفنا بكمال المعرفة ، وطرقها والاستدلال بالأفعال والتنزيه عن النقائص فقط، ولا يدلان إلا على هذه.

قلنا : بل بما يتوقف عليه الرسالة ، ولو سلم فلا دليل ، ومن مذهبنا تكليف ما لا يطاق ولو سلم يمتنع الحصر.

مسألة : وحقيقته غير معلومة عند الغزالي وضرار والحكماء ، خلافا لجمهور أصحابنا.

قالوا : نعلم وجوده وهو ذاته ، قلنا : المعلوم منه إما السلوب أو الإضافات المغايرة ولا يستلزمان العلم بها ؛ وأيضا فلا يكتسب التصور كما مر.

مسألة : وتصح رؤيته خلافا للكل لأن المشبهة والكرامية إنما جوزوه لاعتقاد المكان والجهة.

لا يقال : إن أردتم الكشف التام فمسلم ، أو الإبصار فممنوع اتفاقا ؛ وإلا فاذكروه.

قلنا : إذا رأينا شيئا معلوما أدركنا فرقا من الحالين وليس عائدا إلى الانطباع ولا إلى الشعاع.

واعتمد أصحابنا أن الجوهر والعرض مشتركان في صحة الرؤية فلها علة مشتركة وليست الحدوث لأن جزءه عدم ، فهي الوجود إذ لا غيرهما فكذا في الغائب.

واعترض : لا نسلم أن الجوهر مرئي ، ولو سلم فالصحتان مختلفتان لامتناع حصول إحداهما للآخر ، ولو سلم فعدمية فلا تعلل ؛ ولو سلم فيعلل المتماثلان بعلتين كما مر ؛ ولو سلم فالحدوث وجود مسبوق ولا يحصل إلا في الزمان الأول فليس فيه عدم ، وإلا اجتمعا ولو سلم فهو الإمكان ؛ فإن قلت عدمي قلت وكذا معلوله ولو سلم فوجوده ذاته وهي مخالفة ؛ ولو سلم فيعتبر زوال المانع كالحياة المصححة للجهل والشهوة ، أو حضور الشرط ممنع تحققه هناك.

والمعتمد السمع :

أن الرؤية معلقة على استقرار الجبل فهي ممكنة.

لا يقال : حال كونه متحركا ، وإلا لوجب حصولها الحصول المعلق عليه وهو

٣٤٠