فرق الشّيعة

الحسن بن موسى النوبختي

فرق الشّيعة

المؤلف:

الحسن بن موسى النوبختي


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار الأضواء
الطبعة: ٢
الصفحات: ١٣٥

فقال ما حضر مجلسه في واحدة من المسألتين غيري لا ولكن جوابيه جميعا خرجا على وجه التبخيت ولم يحفظ ما أجاب به فى العام الماضي فيجيب بمثله ، فرجع عن إمامته وقال لا يكون إماما من يفتي بالباطل على شيء بوجه من الوجوه ولا في حال من الأحوال ولا يكون إماما من يفتي تقية بغير ما يجب عند الله ولا من يرخي ستره ويغلق بابه ولا يسع الامام إلا الخروج (١) والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فمال بسببه إلى قول «البترية» ومال معه نفر يسير

وبقي سائر أصحاب أبي جعفر عليه‌السلام على القول بامامته حتى توفي وذلك في ذي الحجة سنة اربع عشرة ومائة وهو ابن خمس وخمسين سنة وأشهر ودفن بالمدينة فى القبر الذي دفن فيه ابوه علي بن الحسين عليه‌السلام وكان مولد سنة تسع وخمسين ، وقال بعضهم أنه توفي في سنة تسع عشرة ومائة وهو ابن ثلاث وستين سنة وأمه أم عبد الله بنت الحسن ابن علي بن أبي طالب وأمها أم ولد يقال لها صافية ، وكانت إمامته احدى وعشرين سنة وقال بعضهم بل كانت اربعا وعشرين سنة

__________________

(١) لا يخفى أنه إنما يجب على الامام عليه‌السلام الخروج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اذا تمكن وأما اذا انكفأت عنه الناس ولم ير له ناصرا فليس عليه بل ولا له إلا أن يرخي ستره ويغلق بابه وقد دلت التجاريب في الناهضين من آل البيت عليهم‌السلام بعد ان إبادتهم الحروب الطاحنة على أن الحق لا تقوم له القائمة إلا عند أوانه ووقته :

٦١

فلما توفي ابو جعفر عليه‌السلام افترقت اصحابه فرقتين «فرقة» منهما قالت بامامة «محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب» الخارج بالمدينة المقتول بها وزعموا أنه القائم وأنه الامام المهدي وأنه قتل (١) وقالوا أنه حي لم يمت مقيم بجبل يقال له العلمية وهو الجبل الذي في طريق مكة ونجد الحاجز عن يسار الطريق وأنت ذاهب إلى مكة وهو الجبل الكبير وهو عنده مقيم فيه حتى يخرج لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال القائم المهدي اسمه اسمي واسم ابيه اسم أبي ، وكان اخوه «ابراهيم (٢) بن عبد الله بن الحسن» خرج بالبصرة ودعا إلى إمامة اخيه «محمد بن عبد الله» واشتدت شوكته فبعث إليه المنصور بالخيل فقتل بعد حروب كانت بينهم ، وكان «المغيرة بن سعيد» قال بهذا القول لما توفي «ابو جعفر محمد بن علي» وأظهر المقالة بذلك

__________________

(١) كذا في النسخ المخطوطة ولعل الصحيح ـ لم يقتل ـ

(٢) ابراهيم بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني عده الشيخ الطوسي من رجال الصادق عليه‌السلام وقال قتل سنة ١٤٥ لخمس بقين من ذي القعدة وقال في تاج العروس في مادة خ م ر ـ وباخمرى كسكرى قرية بالبادية قرب الكوفة بها قبر الامام الشهيد ابي الحسن ابراهيم بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط الشهيد ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم خرج بالبصرة في سنة ١٤٥ وبايعه وجوه الناس وتلقب بأمير المؤمنين فقلق لذلك ابو جعفر المنصور فأرسل إليه عيسى بن موسى لقتاله فاستشهد السيد ابراهيم وحمل برأسه إلى مصر وكان ذلك لخمس بقين من ذي القعدة سنة ١٤٥ وهو ابن ثمان واربعين كما حكاه البخاري النسابة انتهى

٦٢

فبرئت منه الشيعة أصحاب «ابي عبد الله جعفر بن محمد» عليهما‌السلام ورفضوه فزعم أنهم رافضة وأنه هو الذي سماهم بهذا الاسم ، ونصب بعض اصحاب المغيرة المغيرة إماما وزعم أن الحسين بن علي أوصى إليه ثم أوصى إليه علي بن الحسين ثم زعم ان أبا جعفر محمد بن علي عليه‌السلام وعلى آبائه السلام أوصى إليه فهو الامام إلى أن يخرج المهدي وأنكروا إمامة ابي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام وقالوا لا إمامة في بني علي ابن ابي طالب بعد أبي جعفر محمد بن علي وأن الامامة في «المغيرة ابن سعيد» إلى خروج المهدي وهو عندهم (محمد بن عبد الله بن الحسن ابن الحسن) وهو حي لم يمت ولم يقتل فسموا هؤلاء (المغيرية) باسم المغيرة بن سعيد مولى خالد بن عبد الله القسري ثم تراقى الأمر بالمغيرة إلى أن زعم أنه رسول نبي وأن جبرئيل يأتيه بالوحي من عند الله ، فأخذه خالد بن عبد الله القسري فسأله عن ذلك فأقر به ودعا خالدا إليه فاستتابه خالد فأبى أن يرجع عن قوله فقتله وصلبه وكان يدعي أنه يحي الموتى وقال بالتناسخ وكذلك قول أصحابه إلى اليوم

وأما الفرقة الأخرى من أصحاب أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام فنزلت إلى القول بامامة (ابي عبد الله جعفر بن محمد) عليه‌السلام فلم تزل ثابتة على إمامته أيام حياته غير نفر منهم يسير فانهم لما

٦٣

أشار (١) جعفر بن محمد إلى إمامة ابنه إسماعيل ثم مات إسماعيل في حياة ابيه رجعوا عن إمامة جعفر وقالوا كذبنا ولم يكن إماما لأن الامام لا يكذب ولا يقول ما لا يكون وحكموا على جعفر (٢) أنه قال أن الله عزوجل بدا له في إمامة إسماعيل فأنكروا البداء والمشيئة من الله وقالوا هذا باطل لا يجوز ومالوا إلى مقالة (البترية) ومقالة (سليمان بن جرير (٣)) وهو الذي قال لأصحابه بهذا السبب أن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذب ابدا وهما القول بالبداء (٤) واجازة

__________________

(١) لم يشر الامام إلى إمامة اسماعيل قط وانما الناس كانوا يزعمون ذلك لكبره وما تسالموا عليه من أن الأمر في الاكبر ما لم يكن به عاهة وفي الأحاديث الكثيرة أن الامام عليه‌السلام سئل عن إمامة اسماعيل في حياته ومماته فنفاها غير مرة

(٢) كذا في النسخ المخطوطة ولعل الظاهر ـ وحكوا عن جعفر ـ

(٣) هو سليمان بن جرير الرقي الذي قال أن الامامة شورى وأنها تنعقد برجلين من خيار الأمة وأجاز إمامة المفضول وأهل السنة يكفرونه من أجل انه كفر عثمان رضي الله عنه انظر بقية مقالته ص ٩ من الكتاب وإليه تنسب «السليمانية» راجع الملل والنحل والفرق بين الفرق. والوافي للصفدي وغيرها

(٤) البداء من الله هو اظهار ما كان اخفاه على عباده لحكمة بالغة عنده في الحالين لا بمعناه المتراءى المستلزم للجهل ـ تعالى الله عن ذلك ـ والبداء الذي في اسماعيل لم يكن في أمر الامامة كما جاء في النقل المعتبر الذي رواه الشيخ المفيد رحمه‌الله عن الامام الصادق عليه‌السلام بل بدا لله في دفع القتل عنه إذ كتب عليه مرتين فسأل الله أبوه سلام الله عليه دفعه عنه فدفعه الله

٦٤

التقية (١) فأما البداء فان أئمتهم لما احلوا انفسهم من شيعتهم محل الأنبياء من رعيتها في العلم فيما كان ويكون والاخبار بما يكون في غد وقالوا لشيعتهم أنه سيكون في غد وفي غابر الأيام كذا وكذا فان جاء ذلك الشيء على ما قالوه قالوا لهم : ألم نعلمكم أن هذا يكون فنحن نعلم (٢) من قبل الله عزوجل ما علمته الأنبياء وبيننا وبين الله عزوجل مثل تلك الأسباب التي علمت بها الأنبياء عن الله ما علمت ، وإن لم يكن ذلك الشيء الذي قالوا انه يكون على ما قالوا قالوا لشيعتهم بدا لله في ذلك بكونه ، وأما التقية فانه لما كثرت على أئمتهم مسائل شيعتهم فى الحلال والحرام وغير ذلك من صنوف ابواب الدين فأجابوا فيها وحفظ عنهم شيعتهم جواب ما سألوهم وكتبوه ودونوه ولم يحفظ أئمتهم تلك الأجوبة لتقادم العهد وتفاوت الأوقات لأن مسائلهم لم

__________________

(١) التقية مما دل على وجوبه العقل إذا كانت لدفع الضرر الواجب وقد دل عليه أيضا القرآن العظيم. روى الطبرسي في الاحتجاج بسنده عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في بعض احتجاجاته على بعض وفيه (وآمرك أن تستعمل التقية في دينك فان الله عزوجل يقول لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة) ومثله قصة عمار التي نزل فيها قوله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان

(٢) هذه نسبة اختلقها القائل لتشويه سمعة الامام عليه‌السلام بعد أن شط به الهوى عن القصد بشيء يختلف الناس في تفسيره حسب مزاعمهم ومغازيهم كمثل البداء الذي ذهبت الأهواء والنزعات فيه كل مذهب كيفما ذهبت بالقالة اغراضهم وبواعثهم لكن علماء الامامية حققوه أحسن تحقيق وكتبوا فيه الرسائل والمقالات المتعة

٦٥

ترد في يوم واحد ولا في شهر واحد بل في سنين متباعدة وأشهر متباينة وأوقات متفرقة فوقع في أيديهم فى المسألة الواحدة عدة أجوبة مختلفة متضادة وفي مسائل مختلفة اجوبة متفقة فلما وقفوا على ذلك منهم ردوا إليهم هذا الاختلاف والتخليط في جواباتهم وسألوهم عنه وانكروه عليهم فقالوا من اين هذا الاختلاف وكيف جاز ذلك قالت لهم أئمتهم إنما أجبنا بهذا للتقية ولنا أن نجيب بما احببنا وكيف شئنا لأن ذلك إلينا ونحن نعلم بما يصلحكم وما فيه بقاؤنا وبقاؤكم وكف عدوكم عنا وعنكم (١) فمتى يظهر من هؤلاء على كذب ومتى يعرف لهم حق من باطل ، فمال إلى «سليمان بن جرير» هذا لهذا القول جماعة من أصحاب أبي جعفر وتركوا القول بامامة جعفر عليه‌السلام

فلما توفي ابو عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام افترقت شيعته بعده ست فرق وتوفي صلوات الله عليه بالمدينة في شوال سنة ثمان واربعين ومائة وهو ابن خمس وستين سنة وكان مولده في سنة ثلاث وثمانين ودفن في القبر الذي دفن فيه ابوه وجده فى البقيع وكانت إمامته اربعا وثلاثين سنة غير شهرين وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر

__________________

(١) لم يكن اختلاف الأقوال منهم للتقية منحصرا بين سنين متطاولة كما حسبه القائل بل كثيرا ما كانوا يفتون في يوم واحد او في مجلس واحد بانحاء مختلفة رعاية لحال الحضور او السائل او لمحض القاء الخلاف بين اتباعهم لئلا يعرفوا برأي واحد وللامام كلاءة شيعته كيفما رأى المصلحة فيه

٦٦

«ففرقة» منها قالت أن جعفر بن محمد حي لم يمت ولا يموت حتى يظهر ويلي أمر الناس وأنه هو المهدي ، وزعموا أنهم رووا عنه أنه قال إن رأيتم رأسي قد اهوى عليكم من جبل فلا تصدقوه فاني أنا صاحبكم وانه قال لهم إن جاءكم من يخبركم عني انه مرضني وغسلني وكفنني فلا تصدقوه فاني صاحبكم صاحب السيف ، وهذه الفرقة تسمى (الناووسية) وسميت بذلك لرئيس لهم من اهل البصرة يقال له فلان (١) بن فلان الناووس

(وفرقة) زعمت ان الامام بعد جعفر بن محمد ابنه (اسماعيل بن جعفر (٢)) وانكرت موت إسماعيل في حياة ابيه وقالوا كان ذلك على جهة التلبيس من ابيه على الناس لأنه خاف فغيبه عنهم ، وزعموا أن اسماعيل لا يموت حتى يملك الأرض يقوم بأمر الناس وأنه هو القائم

__________________

(١) قيل أن اسمه عجلان بن ناووس ونسبهم الشهرستاني في الملل والنحل إلى رجل يقال له ناوس وقيل نسبوا إلى قرية ناوسا ويسمون الصارمية أيضا

(٢) عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الصادق عليه‌السلام وكان رجلا صالحا وكان اكبر اخوته وكان ابوه الصادق عليه‌السلام شديد المحبة له والبر به وكان يظن قوم من الشيعة في حياة ابيه أنه القائم بعده والخليفة له اذ كان اكبر اخوته سنا ولميل ابيه إليه واكرامه له فمات في حياة ابيه بالعريض وحمل على رقاب الرجال إلى المدينة حتى دفن بالبقيع سنة ١٣٣ فحزن عليه ابوه حزنا شديدا وتقدم إلى سريره بغير حذاء ولا رداء فأمر بوضع سريره على الأرض قبل دفنه مرارا كثيرة وكان يكشف عن وجهه وينظر إليه يريد بذلك تحقيق أمر وفاته عند الظانين خلافته له من بعده وازالة الشبهة عنهم في حياته وفي سنة ٥٤٦ وصل المدينة الحسين بن أبي الهيجاء وزير العبيد لي فبنى على مشهده قبة

٦٧

لأن اباه أشار إليه بالامامة بعده وقلدهم ذلك له وأخبرهم أنه صاحبه والامام لا يقول إلا الحق فلما ظهر موته علمنا أنه قد صدق وأنه القائم وأنه لم يمت ، وهذه الفرقة هي «الاسماعيلية» الخالصة وأم اسماعيل وعبد الله ابني جعفر بن محمد عليه‌السلام فاطمة بنت الحسين بن الحسن ابن علي بن أبي طالب عليه‌السلام وأمها أم حبيب بنت عمر بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام وأمها اسماء بنت عقيل ابن ابى طالب عليهم‌السلام

«وفرقة» ثالثة زعمت أن الامام بعد جعفر بن محمد «محمد بن (١) اسماعيل بن جعفر» وأمه أم ولد وقالوا أن الأمر كان لاسماعيل في حياة ابيه فلما توفي قبل ابيه جعل جعفر بن محمد الأمر لمحمد بن إسماعيل وكان الحق له ولا يجوز غير ذلك لأنها لا تنتقل من أخ إلى أخ بعد الحسن والحسين عليهما‌السلام ولا تكون إلا في الأعقاب ولم يكن لأخوي إسماعيل عبد الله وموسى فى الامامة حق كما لم يكن لمحمد بن

__________________

(١) محمد بن اسماعيل هذا هو الذي سأل الامام أبا الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام أن يأذن له في الخروج إلى العراق وأن يرضى عنه ويوصيه بوصية فأذن له الامام وكان مما أوصاه أن قال له اوصيك أن تتقى الله في دمي اوصاه بذلك مرتين ودفع له ثلاث صرر كل صرة فيها مائة وخمسون دينارا ثم اعطاه الفا وخمسمائة درهم فلما وصل إلى العراق دخل على هارون الرشيد فقال له يا أمير المؤمنين خليفتان في الأرض موسى بن جعفر بالمدينة يجبى له الخراج وأنت بالعراق يجبى لك الخراج فقال والله فقال والله فأمر الخليفة له بمائة الف درهم فلما قبضها وحملت إلى منزله اخذته الريح في جوف ليلته فمات وحول من الغد المال الذي حمل إليه انظر الكشي وغيره

٦٨

الحنفية حق مع علي بن الحسين ، وأصحاب هذا القول يسمون «المباركية» برئيس لهم كان يسمى «المبارك» مولى (١) إسماعيل بن جعفر

فأما «الاسماعيلية» فهم «الخطابية» أصحاب «ابي الخطاب محمد ابن ابي زينب الأسدي الأجدع» وقد دخلت منهم فرقة في فرقة محمد بن اسماعيل وأقروا بموت اسماعيل بن جعفر في حياة ابيه وهم الذين خرجوا في حياة ابي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام فحاربوا عيسى بن موسى (٢) بن محمد بن عبد الله بن العباس وكان عاملا على الكوفة فبلغه عنهم أنهم اظهروا الاباحات ودعوا إلى نبوة «ابي الخطاب» وأنهم مجتمعون في مسجد الكوفة فبعث إليه فحاربوه وامتنعوا عليه وكانوا سبعين رجلا فقتلهم جميعا فلم يفلت منهم إلا رجل واحد اصابته جراحات فعد فى القتلى فتخلص وهو (ابو سلمة سالم بن مكرم الجمال) الملقب

__________________

(١) في بعض المعاجم أن مبارك هذا هو مولى اسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس وأنه كوفي وهو الذي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه‌السلام ويحتمل التعدد فراجع

(٢) هو عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي وفي بعض نسخ الكتاب اسقاط محمد كما أن في بعض المعاجم اسقاط علي وعيسى هذا ابن اخ السفاح ولاه عمه الكوفة وسوادها سنة ١٣٢ وجعله ولي عهد المنصور فاستنزله المنصور عن ولاية عهده سنة ١٤٧ وعزله عن الكوفة وارضاه بمال وفير وجعل له ولاية عهد ابنه المهدي فلما ولي المهدي خلعه سنة ١٦٠ بعد تهديد ووعيد وكان ولي العهد لا يخلع ما لم يخلع نفسه ويشهد الناس عليه فاقام بالكوفة إلى أن توفي سنة ١٦٧ وكانت ولادته سنة ١٠٢

٦٩

بأبي خديجة (١) وكان يزعم أنه مات فرجع ، فحاربوا عيسى محاربة شديدة بالحجارة والقصب والسكاكين لأنهم جعلوا القصب مكان الرماح وقد كان ابو الخطاب قال لهم : قاتلوهم فان قصبكم يعمل فيهم عمل الرماح والسيوف ورماحهم وسيوفهم وسلاحهم لا تضركم ولا تخل فيكم فقدمهم عشرة عشرة للمحاربة فلما قتل منهم نحو ثلاثين رجلا قالوا له ما ترى ما يحل بنا من القوم وما نرى قصبنا يعمل فيهم ولا يؤثر وقد عمل سلاحهم فينا وقتل من ترى منا فذكر لهم ما رواه العامة أنه قال لهم ان كان قد بدا لله فيكم فما ذنبي وقال لهم ما رواه الشيعة يا قوم قد بليتم وامتحنتم وأذن في قتلكم فقاتلوا على دينكم واحسابكم ولا تعطوا بلدتكم فتذلوا مع أنكم لا تتخلصون من القتل فموتوا كراما ، فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم وأسر ابو الخطاب فأتي به عيسى بن موسى فقتله في دار الرزق على شاطئ الفرات وصلبه مع جماعة منهم ثم أمر باحراقه فاحرقوا وبعث برءوسهم إلى المنصور فصلبها على باب مدينة بغداد ثلاثة أيام ثم أحرقت ، وقال بعض أصحابه أن أبا الخطاب لم يقتل ولا قتل احد من أصحابه وإنما لبس على القوم وشبه عليهم وإنما حاربوا بامر ابي عبد الله

__________________

(١) انظر القصة في رجال الكشي ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦ في ترجمة سالم بن مكرم وسالم هذا عده الشيخ الطوسي رحمه‌الله في رجاله من أصحاب الامام الصادق عليه‌السلام وذكره أيضا في فهرسته ووثقه النجاشي في رجاله وقال ان كنيته كانت أبا خديجة وأن أبا عبد الله «ع» كناه أبا سلمة روى عن ابي عبد الله وابي الحسن عليهما‌السلام

٧٠

جعفر بن محمد وخرجوا من المسجد لم يرهم احد ولم يجرح منهم احد واقبل القوم يقتل بعضهم بعضا على أنهم يقتلون أصحاب ابي الخطاب وإنما يقتلون انفسهم حتى جن عليهم الليل فلما اصبحوا نظروا فى القتلى فوجدوا القتلى كلهم منهم ولم يجدوا من اصحاب ابى الخطاب قتيلا ولا جريحا ، وهؤلاء هم الذين قالوا أن أبا الخطاب كان نبيا مرسلا ارسله جعفر بن محمد ثم أنه صيره بعد ذلك حين حدث هذا الأمر من الملائكة لعن الله من يقول هذا ، ثم خرج من قال بمقالته من اهل الكوفة وغيرهم إلى «محمد بن اسماعيل بن جعفر (١)» بعد قتل ابي الخطاب فقالوا بامامته وأقاموا عليها

وصنوف الغالية افترقوا بعده على مقالات كثيرة واختلفوا ما في يد سلف (٢) أصحابهم ومذاهبهم فقالت «فرقة» منهم أن روح (جعفر بن محمد) جعلت في ابي الخطاب ثم تحولت بعد غيبة ابي الخطاب في (محمد بن اسماعيل بن جعفر) ثم ساقوا الامامة في ولد محمد بن إسماعيل وتشعبت منهم فرقة من (المباركية) ممن قال بهذه

__________________

(١) إلى محمد بن اسماعيل هذا تنسب الفرقة (السبعية) سميت بذلك لأن اهلها ينهون الامامة إليه وهو الامام السابع عندهم وكانت وفاته في بغداد في حدود سنة ١٩٨ وقبره فيها

(٢) كذا في النسخ المخطوطة

٧١

المقالة تسمى «القرامطة (١)» وإنما سميت بهذا برئيس لهم من اهل السواد من الأنباط كان يلقب «قرمطويه» كانوا فى الأصل على مقالة المباركية ثم خالفوهم فقالوا : لا يكون بعد محمد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا سبعة أئمة «علي بن أبي طالب» وهو إمام رسول و (الحسن) و (الحسين) و (علي بن الحسين) و (محمد بن علي) و (جعفر بن محمد) و (محمد بن اسماعيل بن جعفر) وهو الامام القائم المهدي وهو رسول ، وزعموا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انقطعت عنه الرسالة في حياته في اليوم الذي أمر فيه بنصب علي بن ابي طالب عليه‌السلام للناس بغدير خم فصارت الرسالة في ذلك اليوم في علي بن

__________________

(١) قال ابن الجوزي في كتابه (تلبيس ابليس) ص ١١٠ [للمؤرخين في سبب تسميتهم بهذا قولان احدهما أن رجلا من ناحية خوزستان قدم سواد الكوفة فأظهر الزهد. ودعا إلى امام من اهل بيت الرسول (ص) ونزل على رجل يقال له (كرميتة) لقب بهذا لحمرة عينيه وهو بالنبطية حاد العين فأخذه امير تلك الناحية فحبسه وترك مفتاح البيت تحت رأسه ونام فرقت له جارية فأخذت المفتاح ففتحت البيت وأخرجه وردت المفتاح إلى مكانه فلما طلب فلم يوجد فزاد افتتان الناس به فخرج إلى الشام فسمي (كرميتة) باسم الذي كان نازلا عليه ثم خفف فقيل قرمط ثم توارث مكانه اهله وأولاده. والثاني أن القوم قد لقبوا بهذا نسبة إلى رجل يقال له حمدان قرمط كان احد دعاتهم في الابتداء فاستجاب له جماعة فسموا القرامطة وقرمطية وكان هذا الرجل من اهل الكوفة وكان يميل إلى الزهد] انتهى. قيل انما عرف حمدان هذا بقرمط من اجل قصر قامته وقصر رجليه وتقارب خطوه وكان يقال له صاحب الخال والمدثر والمطوق وكان ابتداء أمره في سنة ٢٦٤ وحيث كان ظهوره بسواد الكوفة اشتهر مذهبه بالعراق ثم قام بالبحرين منهم ابو سعيد الحسن بن بهرام الجنابي من اهل جنابة وذلك في سنة ٢٨٨ قتله خادمه في الحمام بهجر سنة ٣٠١ وولي الأمر بعده ابنه ابو طاهر سليمان فقوي امره إلى أن مات بالجدري في هجر سنة ٣٣٢

٧٢

ابي طالب واعتلوا في ذلك بقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (من كنت مولاه فعلي مولاه) وأن هذا القول منه خروج من الرسالة والنبوة وتسليم منه في ذلك لعلي بن ابي طالب بأمر الله عزوجل وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذلك كان مأموما لعلي محجوجا به فلما مضى علي عليه‌السلام صارت الامامة في (الحسن) ثم صارت من الحسن في (الحسين) ثم في (علي بن الحسين) ثم في (محمد بن علي) ثم كانت في (جعفر بن محمد) ثم انقطعت عن جعفر في حياته فصارت في (اسماعيل بن جعفر) كما انقطعت الرسالة عن محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في حياته ثم ان الله عزوجل بدا له في إمامة جعفر واسماعيل فصيرها في (محمد بن اسماعيل) واعتلوا في ذلك بخبر رووه عن جعفر ابن محمد عليهما‌السلام أنه قال ما رأيت (١) بدا لله عزوجل في اسماعيل وزعموا أن محمد بن اسماعيل حي لم يمت وأنه في بلاد الروم وأنه القائم المهدي ومعنى القائم عندهم أنه يبعث بالرسالة وبشريعة جديدة ينسخ بها شريعة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأن محمد بن اسماعيل من اولي العزم وأولو العزم عندهم سبعة نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليهم وعلي عليه‌السلام ومحمد بن اسماعيل على معنى

__________________

(١) كذا في النسخ المخطوطة واستظهر بعضهم أن العبارة ـ ما رأيت بداء لله عزوجل إلا في اسماعيل الخ ـ

٧٣

أن السموات سبع وأن الأرضين سبع وأن الانسان بدنه سبع يداه ورجلاه وظهره وبطنه وقلبه وأن رأسه سبع عيناه واذناه ومنخراه وفمه وفيه لسانه كصدره الذي فيه قلبه وأن الأئمة كذلك وقلبهم محمد بن اسماعيل ، واعتلوا في نسخ شريعة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وتبديلها بأخبار رووها عن ابي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال لو قام قائمنا علمتم القرآن جديدا ، وأنه قال أن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء ونحو ذلك من اخبار القائم وأن الله تبارك وتعالى جعل لمحمد بن اسماعيل جنة آدم صلى الله عليه ومعناها عندهم الاباحة للمحارم وجميع ما خلق فى الدنيا وهو قول الله عزوجل (وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) (٢ : ٣٤) اي «موسى بن جعفر بن محمد» وولده من بعده من ادعى منهم الامامة وزعموا أن «محمد بن اسماعيل» هو خاتم النبيين الذي حكاه الله عزوجل في كتابه وأن الدنيا اثنتا عشرة جزيرة في كل جزيرة حجة وأن الحجج اثنا عشر ولكل حجة داعية ولكل داعية يد يعنون بذلك أن اليد رجل له دلائل وبراهين يقيمها ويسمون الحجة الأب والداعية الأم واليد الابن يضاهئون قول النصارى في ثالث ثلاثة أن الله الأب جل الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا والمسيح عليه‌السلام الابن وأمه

٧٤

مريم عليها‌السلام والحجة الأكبر هو الرب وهو الأب والداعية هي الأم واليد هو الابن ـ كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا وخسروا خسرانا مبينا ، وزعموا أن جميع الأشياء التي فرضها الله تعالى على عباده وسنها نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمر بها لها ظاهر وباطن وأن جميع ما استعبد الله به العباد فى الظاهر من الكتاب والسنة أمثال مضروبة وتحتها معان هي بطونها وعليها العمل وفيها النجاة وأن ما ظهر منها ففي استعماله الهلاك والشقاء وهي جزء من العقاب الأدنى عذب الله به قوما إذ لم يعرفوا الحق ولم يقولوا به ، وهذا أيضا مذهب عامة أصحاب ابى الخطاب ، واستحلوا استعراض الناس بالسيف وقتلهم على مذهب البيهسية (١) والأزارقة (٢) من الخوارج في قتل أهل القبلة وأخذ أموالهم والشهادة عليهم بالكفر واعتلوا في ذلك بقول الله عزوجل : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (٩ : ٥)

__________________

(١) هم اصحاب ابي بيهس الهيصم بن جابر وهي من فرق «الصفرية» اتباع زياد بن الأصفر راجع الفرق بين الفرق للبغدادي والفصل لابن حزم

(٢) هم اتباع نافع بن الأزرق الحنفي من بني حنيفة المكنى بأبي راشد ولم يكن في الخوارج فرقة أشد منهم وكانوا يقولون بأن مخالفيهم من هذه الأمة مشركون وزعموا أن الأطفال كلهم مخلدون في النار راجع تفصيل مذهبهم في الفرق بين الفرق للبغدادي وكان اولهم نافع بن الأزرق وآخرهم عبدة بن هلال اليشكري اتصل أمر الازارقة بضعا وعشرين سنة حتى أبادهم سفيان بن الأبرد الكلبى في ولاية الحجاج على العراق وقتل نافع بن الأزرق في معركة دولاب الأهواز سنة ٦٥ على يد المهلب ابن ابي صفرة في خلافة عبد الله بن الزبير

٧٥

ورأوا سبي النساء وقتل الأطفال واعتلوا في ذلك بقول الله تبارك وتعالى (لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٧١ : ٢٦) ، وزعموا أنه يجب عليهم أن يبدءوا بقتل من قال بالامامة ممن ليس على قولهم وخاصة من قال بامامة «موسى بن جعفر» وولده من بعده وتأولوا في ذلك قول الله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) (٩ : ١٢٣) ، فالواجب ان نبدأ بهؤلاء ثم بسائر الناس ، وعددهم كثير إلا أنه لا شوكة لهم ولا قوة وهم بسواد الكوفة واليمن أكثر ولعلهم أن يكونوا زهاء مائة الف

وقالت الفرقة الرابعة من أصحاب ابي عبد الله جعفر بن محمد أن الامام بعد جعفر بن محمد ابنه «محمد بن جعفر (١)» وأمه أم ولد يقال لها حميدة وهو وموسى واسحاق بنو جعفر بن محمد لأم واحدة ، وذلك أن بعضهم روى لهم أن محمد بن جعفر دخل على ابيه جعفر يوما وهو صبي صغير فعدا إليه فكبا في قميصه ووقع لحر وجهه فقام إليه جعفر وقبله

__________________

(١) محمد بن جعفر يلقب بالديباج او ديباجة لحسن وجهه ويلقب أيضا بالمأمون ، عده الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الصادق عليه‌السلام وقال الشيخ المفيد في الارشاد كان محمد بن جعفر شيخا شجاعا وكان يصوم يوما ويفطر يوما ويرى رأي الزيدية في الخروج بالسيف وخرج على المأمون في سنة ١٩٩ بمكة واتبعته الزيدية الجارودية فخرج لقتاله عيسى الجلودي ففرق جمعه وأخذه وأنفذه إلى المأمون فلما وصل إليه اكرمه وادنى مجلسه منه ووصله وأحسن جائزته فكان مقيما معه بخراسان (انتهى) توفي بجرجان سنة ٢٠٣ وقبره بها وصلى عليه المأمون

٧٦

ومسح التراب عن وجهه ووضعه على صدره وقال سمعت ابي يقول إذا ولد لك ولد يشبهني فسمه باسمي فهو شبيهي وشبيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى (١) سنته ، فجعل هؤلاء الامامة في محمد بن جعفر وولده من بعده وهذه الفرقة تسمى «السمطية (٢)» تنسب إلى رئيس لهم يقال له «يحي بن ابي السميط» (٣)

والفرقة الخامسة منهم قالت : الامامة بعد جعفر في ابنه عبد الله بن جعفر الأفطح (٤) وذلك أنه كان عند مضي جعفر أكبر ولده سنا وجلس مجلس ابيه وادعى الامامة ووصية ابيه ، واعتلوا بحديث يروونه عن ابي عبد الله جعفر بن محمد أنه قال الامامة في الأكبر من ولد الامام فمال إلى عبد الله والقول بامامته جل من قال بامامة ابيه جعفر بن محمد غير نفر يسير عرفوا الحق فامتحنوا عبد الله بمسائل في

__________________

(١) وعلى بثلاثة ـ خ ل ـ

(٢) الشمطية ـ الشميطية ـ السميطية ـ خ ل ـ

(٣) في بعض كتب الفرق يحي بن ابي شميط وفي بعضها ابي سميط وفي بعضها يحي بن شميط وفي بعضها يحيى بن ابي السمط وفي المقريزي ج ٢ ص ٣٥١ (يحي بن شميط الأحمسي) ويذكر أنه كان قائدا من قواد المختار

(٤) قال الشيخ المفيد في الارشاد كان عبد الله بن جعفر اكبر اخوته بعد اسماعيل ولم يكن منزلته عند ابيه منزلة غيره من ولده في الاكرام وكان متهما بالخلاف على ابيه في الاعتقاد ويقال أنه كان يخالط الحشوية ويميل إلى مذهب المرجئة وادعى بعد ابيه الامامة واحتج بأنه اكبر اخوته الباقين فاتبعه على قوله جماعة الخ توفي سنة ١٤٨ ولم يعقب وقبره في بلدة بسطام معروف بإزاء قبر على بن عيسى بن آدم البسطامي انظر رجال الكشي ص ١٦٤ ـ ١٦٥

٧٧

الحلال والحرام من الصلاة والزكاة وغير ذلك فلم يجدوا عنده علما ، وهذه الفرقة القائلة بامامة عبد الله بن جعفر هي «الفطحية» وسموا بذلك لأن عبد الله كان أفطح الرأس وقال بعضهم كان أفطح الرجلين وقال بعض الرواة نسبوا إلى رئيس لهم من أهل الكوفة يقال له عبد الله بن فطيح (١) ومال إلى هذه الفرقة جل مشايخ الشيعة وفقهائها ولم يشكوا في أن الامامة في «عبد الله بن جعفر» وفي ولده من بعده فمات عبد الله ولم يخلف ذكرا فرجع عامة الفطحية عن القول بامامته سوى قليل منهم إلى القول بامامة «موسى بن جعفر» وقد كان رجع جماعة منهم في حياة عبد الله إلى موسى بن جعفر عليهما‌السلام ثم رجع

عامتهم بعد وفاته عن القول به وبقي بعضهم على القول بامامته ثم إمامة موسى بن جعفر من بعده وعاش عبد الله بن جعفر بعد ابيه سبعين يوما او نحوها (٢)

وقالت الفرقة السادسة منهم أن الامام «موسى بن جعفر» بعد ابيه وأنكروا إمامة عبد الله وخطئوه في فعله وجلوسه مجلس ابيه وادعائه الامامة وكان فيهم من وجوه اصحاب ابي عبد الله عليه‌السلام مثل «هشام بن سالم» و «عبد الله بن ابي يعفور» و «عمر بن يزيد بياع السابري» و (محمد بن النعمان ابي جعفر الأحول مؤمن

__________________

(١) عبد الله بن افطح ـ خ ل ـ

(٢) في بعض النسخ لفظة ـ او نحوها ـ محذوفة

٧٨

الطاق) و (عبيد (١) بن زرارة) و (جميل بن دراج) و (ابان ابن تغلب) و (هشام بن الحكم) وغيرهم (٢) من وجوه الشيعة واهل العلوم منهم والنظر والفقه وثبتوا على إمامة موسى بن جعفر حتى رجع إلى مقالتهم عامة من كان قال بامامة عبد الله بن جعفر فاجتمعوا جميعا على إمامة (موسى بن جعفر) سوى نفر منهم فانهم ثبتوا على إمامة عبد الله ثم إمامة موسى بعده فأجازوها في اخوين بعد أن لم يجز ذلك عندهم منهم (عبد الله بن بكير بن اعين) و (عمار بن موسى الساباطي (٣)) وجماعة معهما ، ثم ان جماعة المؤتمين بموسى بن جعفر لم يختلفوا في أمره فثبتوا على إمامته إلى حبسه فى المرة الثانية ثم اختلفوا في أمره فشكوا في إمامته عند حبسه في المرة الثانية التي مات فيها في حبس الرشيد فصاروا خمس فرق

(فرقة) منهم زعمت أنه مات في حبس السندي بن شاهك وأن يحي ابن خالد البرمكي سمه في رطب وعنب بعثهما إليه فقتله وأن الامام بعد موسى (علي بن موسى الرضا) فسميت هذه الفرقة (القطعية) لأنها

__________________

(١) عبد الله بن زرارة ـ خ ل ـ

(٢) انظر ترجمة هؤلاء الأعلام في رجال الشيخ الطوسي وفهرسته وفي منهج المقال ومنتهى المقال ورجال ابن داود وخلاصة العلامة الحلي وغيرها

(٣) انظر ترجمة عبد الله بن بكير وعمار الساباطي في رجال الكشي وفهرست الشيخ الطوسي ومنهج المقال ومنتهى المقال وميزان الاعتدال للذهبي وغيرها

٧٩

قطعت على وفاة موسى بن جعفر وعلى إمامة علي ابنه بعده ولم تشك في امرها ولا ارتابت ومضت على المنهاج الأول

وقالت «الفرقة الثانية» أن «موسى بن جعفر» لم يمت وأنه حي ولا يموت حتى يملك شرق الأرض وغربها ويملأها كلها عدلا كما ملئت جورا وأنه القائم المهدي ، وزعموا أنه خرج من الحبس ولم يره احد نهارا ولم يعلم (١) به وأن السلطان واصحابه ادعوا موته وموهوا على الناس وكذبوا وأنه غاب عن الناس واختفى ورووا في ذلك روايات عن ابيه جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال هو القائم المهدي فان يدهده رأسه عليكم من جبل فلا تصدقوا فانه القائم

وقال بعضهم أنه القائم وقد مات ولا تكون الامامة لغيره حتى يرجع فيقوم ويظهر ، وزعموا أنه قد رجع بعد موته إلا أنه مختف في موضع من المواضع حي (٢) يأمر وينهى وأن اصحابه يلقونه ويرونه ، واعتلوا في ذلك بروايات عن ابيه أنه قال سمي القائم قائما لأنه يقوم بعد ما يموت

وقال بعضهم أنه قد مات وأنه القائم وأن فيه شبها من عيسى بن مريم صلى الله عليه وأنه لم يرجع ولكنه يرجع في وقت قيامه فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وأن اباه قال أن فيه شبها من عيسى بن

__________________

(١) ولم يعلموا به ـ خ ل ـ

(٢) حتى ـ خ ل ـ

٨٠