فرق الشّيعة

الحسن بن موسى النوبختي

فرق الشّيعة

المؤلف:

الحسن بن موسى النوبختي


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار الأضواء
الطبعة: ٢
الصفحات: ١٣٥

ذلك من الصناعات المذمومة القذرة على قدر معاصيهم فيمتحنون في هذه الأجسام بالايمان بالأئمة والرسل والأنبياء ومعرفتهم فلا يؤمنون ويكذبون ولا يعرفون فلا يزالون منتقلين في هذه الابدان الانسية على هذه الحال من حال إلى حال الف سنة ثم يردون بعد ذلك العذاب إلى الأمر الأول عشرة آلاف سنة فهذه حالهم أبد الآبدين ودهر الداهرين ، هذه قيامتهم وبعثهم وهذه جنتهم ونارهم وهذه الرجعة عندهم لا رجوع بعد الموت والقوالب تفنى وتتلاشى ولا تعود ولا ترد أبدا

وقالت «الزيدية (١)» و «المغيرية» أصحاب «المغيرة بن سعيد» (٢) لا ننكر لله قدرة ولا نؤمن بالرجعة ولا نكذب بها وان شاء الله تعالى أن يفعل فعل

وقالت «الكيسانية» يرجع الناس في أجسامهم التي كانوا فيها ويرجع محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وجميع النبيين فيؤمنون به ويرجع «علي بن

__________________

(١) كذا في النسخ المخطوطة ولعل الصحيح (الروندية)

(٢) هو المغيرة بن سعيد العجلي مولى بجيلة خرج بظاهر الكوفة في إمارة خالد بن عبد الله القسري فظفر به وأحرقه وأحرق أصحابه سنة ١١٩ راجع خبر خروجه تاريخ الطبري وغيره وسيأتي تفصيل مقالته في المذهب وقد تظافرت الروايات بكونه كذابا كان يكذب على الامام أبي جعفر الباقر عليه‌السلام وذكر الكشي روايات كثيرة صريحة في ذمه وفيها أن الامام الصادق عليه‌السلام لعنه انظر الطبري وابن الأثير وعيون الأخبار وتلبيس ابليس وغيرها :

٤١

أبي طالب «فيقتل معاوية بن أبي سفيان وآل أبي سفيان ويهدم دمشق ويغرق البصرة

وأما أصحاب «أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع الأسدي (١) «ومن قال بقولهم فانهم افترقوا لما بلغهم أن أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام لعنه وبرئ منه ومن أصحابه فصاروا اربع فرق وكان (ابو الخطاب) يدعي أن أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام جعله قيمه ووصيه من بعده وعلمه اسم الله الأعظم ثم ترقى إلى أن ادعى النبوة ثم ادعى الرسالة ثم ادعى أنه من الملائكة وأنه رسول الله إلى أهل الأرض والحجة عليهم

(ففرقة) منهم قالت أن أبا عبد الله جعفر بن محمد هو الله جل وعز وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ـ وأن (أبا الخطاب) نبي مرسل ارسله جعفر وأمر بطاعته واحلوا المحارم من الزنا والسرقة وشرب الخمر وتركوا الزكاة والصلاة والصيام والحج واباحوا الشهوات بعضهم لبعض وقالوا من سأله اخوه ليشهد له على مخالفيه فليصدقه ويشهد له فان ذلك فرض عليه واجب ، وجعلوا الفرائض رجالا سموهم والفواحش

__________________

(١) هو محمد بن مقلاص أبي زينب الأسدي الكوفي الأجدع الزراد البزاز ويكنى تارة ابو الخطاب واخرى ابو الظبيان وثالثة ابو اسماعيل وقد اورد الكشي في رجاله روايات كثيرة صريحة في ذمه قتله عيسى بن موسى صاحب المنصور بسبخة الكوفة انظر تاريخ ابن الأثير والمقريزي ومنهج المقال ومنتهى المقال وغيرها :

٤٢

والمعاصي رجالا وتأولوا على ما استحلوا قول الله عزوجل : (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) (٤ : ٢٨) وقالوا خفف عنا بابي الخطاب ووضع عنا الأغلال والآصار يعنون الصلاة والزكاة والصيام والحج فمن عرف الرسول النبي الامام فليصنع ما أحب

«وفرقة» قالت «بزيع (١)» نبي رسول مثل «أبي الخطاب» أرسله جعفر بن محمد وشهد «بزيع» لأبي الخطاب بالرسالة وبرئ «ابو الخطاب» وأصحابه من (بزيع)

(وفرقة) قالت (السري (٢)) رسول مثل (أبي الخطاب) أرسله جعفر وقال أنه قوي أمين وهو موسى القوي الأمين وفيه تلك الروح وجعفر هو الاسلام والاسلام هو السلام وهو الله عزوجل ونحن بنو الاسلام كما قالت اليهود : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) (٥ : ١٨) وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سلمان ابن الاسلام ، فدعوا

__________________

(١) بزيع بن موسى الحائك لعنه الامام الصادق عليه‌السلام ولعن جماعة معه وهم المغيرة ابن سعيد ـ والسري ـ وأبا الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع ـ ومعمرا وبشار الشعيري وحمزة البريري وصائد النهدي فقال (ع) ـ كما ذكره الكشي ـ لعنهم الله فانا لا نخلو من كذاب يكذب علينا او عاجز الرأي كفانا الله مئونة كل كذاب وأذاقهم حر الحديد ـ وبعضهم ضبطه (بزيع) بالغين المعجمة والصحيح بالمهملة

(٢) السري تقدم لعن الامام الصادق (ع) له في ترجمة بزيع الحائك وروى الكشي عن ابي عبد الله الصادق (ع) قال أن بنانا والسري وبزيعا لعنهم الله تراءى لهم الشيطان في أحسن ما يكون صورة آدمي من قرنه إلى سرته الخ ـ أنظر منهج المقال ومنتهى المقال وغيرهما :

٤٣

إلى نبوة (السري) ورسالته وصلوا وصاموا وحجوا لجعفر بن محمد ولبوا له فقالوا لبيك يا جعفر لبيك

(وفرقة) قالت (جعفر بن محمد) هو الله عزوجل ـ وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ـ وإنما هو نور يدخل في أبدان الأوصياء فيحل فيها فكان ذلك النور في جعفر ثم خرج منه فدخل في (ابي الخطاب) فصار (جعفر) من الملائكة ثم خرج من (ابي الخطاب) فدخل في (معمر) وصار (ابو الخطاب) من الملائكة فمعمر هو الله عزوجل ، فخرج (ابن اللبان) يدعو إلى (معمر) وقال انه الله عزوجل وصلى له وصام وأحل الشهوات كلها ما حل منها وما حرم وليس عنده شيء محرم ، وقال : لم يخلق الله هذا إلا لخلقه فكيف يكون محرما وأحل الزنا والسرقة وشرب الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير ونكاح الأمهات والبنات والأخوات ونكاح الرجال ووضع عن أصحابه غسل الجنابة وقال كيف اغتسل من نطفة خلقت منها ، وزعم أن كل شيء أحله الله في القرآن وحرمه فانما هو أسماء رجال ، فخاصمه قوم من الشيعة وقالوا لهم أن اللذين زعمتم أنهما صارا من الملائكة قد برئا من (معمر) و (نريع) وشهدا عليهما أنهما كافران شيطانان وقد لعناهما فقالوا أن اللذين ترونهما جعفرا وأبا الخطاب شيطانان تمثلا في صورة جعفر

٤٤

وأبي الخطاب يصدان الناس عن الحق وجعفر وابو الخطاب ملكان عظيمان عند الا له الأعظم إله السماء و «معمر» إله الأرض وهو مطيع لا له السماء يعرف فضائله (١) وقدره ، فقالوا لهم كيف يكون هذا ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يزل مقرا بانه عبد الله وأن إلهه وإله الخلق أجمعين إله واحد وهو الله وهو رب السماء والأرض وآلهما لا إله غيره (٢) ، فقالوا أن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يوم قال هذا عبدا رسولا ارسله (ابو طالب) وكان النور الذي هو الله في «عبد المطلب» ثم صار في «ابي طالب» ثم صار في «محمد» ثم صار في (علي بن ابي طالب) عليه‌السلام فهم آلهة كلهم ، قالوا لهم : كيف هذا وقد دعا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا طالب إلى الاسلام والايمان فامتنع ابو طالب من ذلك وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أني مستوهبه من ربي وأنه واهبه لي ، قالوا أن محمدا وأبا طالب كانا يسخران بالناس قال الله عزوجل : (إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ) (١٠ : ٣٨) وقال تعالى : (فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ) (٩ : ٧٩) وابو طالب هو الله عزوجل ـ وتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ـ فلما مضى ابو طالب خرجت الروح وسكنت في محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان هو الله عزوجل فى الحق وكان علي بن

__________________

(١) معالمه ـ خ ل

(٢) لا إله إلا هو ـ خ ل ـ

٤٥

ابي طالب هو الرسول فلما مضى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله خرجت منه الروح وصارت في علي فلم تزل تتناسخ في واحد بعد واحد حتى صارت في (معمر)

فهذه فرق أهل الغلو ممن انتحل التشيع والى (الخرمدينية) و «المزدكية (١)» و (الزنديقية (٢)) و «الدهرية (٣)» مرجعهم جميعا لعنهم الله ، وكلهم متفقون على نفي الربوبية عن الجليل الخالق تبارك وتعالى عن ذلك علوا كبيرا واثباتها في بدن مخلوق مئوف على أن البدن مسكن لله وأن الله تعالى نور وروح ينتقل في هذه الأبدان ـ تعالى الله عن ذلك ـ إلا أنهم مختلفون في رؤسائهم الذين يتولونهم يبرأ البعض من بعض ويلعن بعضهم بعضا

ثم أن الشيعة العباسية «الروندية» افترقت ثلاث فرق «ففرقة» منهم يسمون «الأبامسلمية» أصحاب

__________________

(١) المزدكية اتباع مزدك الذي ظهر في أيام قباد والد انوشروان واسم كتابه الذي ادعى نزوله عليه (ديستاو) وقولهم كقول المانوية في الاصلين النور والظلمة. انظر الملل والنحل للشهرستاني وفهرست ابن النديم. والمزدكية هم الذين استباحوا المحرمات وزعموا أن الناس شركاء في الأموال والنساء وإليه يمت المذهب الاشتراكى وقد اجتاح معرة عيثه انوشروان العادل فقتله وقتل أصحابه

(٢) الزنديقية هم الذين رفضوا تعاليم الأديان الالهية بحجة تحرير الفكر :

(٣) الدهريون هم القائلون أن العالم موجود أزلا وأبدا لا صانع له وهم فرقة من الكفار ملحدون

٤٦

«أبي مسلم (١)» قالوا بامامته وادعوا أنه حي لم يمت وقالوا بالاباحات وترك جميع الفرائض وجعلوا الايمان المعرفة لامامهم فقط فسموا (الخرمدينية) وإلى أصلهم رجعت فرقة (الخرمية (٢))

(وفرقة) أقامت على ولاية أسلافها وولاية أبي مسلم سرا وهم (الرزامية (٣)) أصحاب «رزام» وأصلهم مذهب الكيسانية

(وفرقة) منهم يقال لها (الهريرية) أصحاب ابي هريرة الروندية (٤) وهم العباسية الخلص الذين قالوا الامامة لعم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله العباس بن عبد المطلب رحمة الله عليه وتثبت على ولاية

__________________

(١) هو عبد الرحمن بن مسلم الخراساني مؤسس الدولة العباسية ، ارسله ابراهيم ابن الامام محمد من بني العباس إلى خراسان داعية فأقام بها واستمال اهلها قتله المنصور الدوانيقي سنة ١٣٧

(٢) الخرمية هم أتباع بابك الخرمي الذي ظهر في الجبال بناحية آذربيجان سنة ٢٠١ وكثروا واستباحوا المحرمات وقتلوا الكثير من المسلمين وجهز إليهم خلفاء بني العباس جيوشا كثيرة مع افشين الحاجب ومحمد بن يوسف التغري وأبي دلف العجلي وبقيت العساكر تغزوهم نحوا من عشرين سنة إلى أن أخذ بابك وأخوه اسحاق بن ابراهيم وصلبا بسر من رأى سنة ٢٢٣ في أيام المعتصم ، قال الحموي في ـ مراصد الاطلاع ـ خرم بضم أوله وتشديد ثانيه رستاق اردبيل كان الخرمية أصحاب بابك إليه ينسبون

(٣) هذه الفرقة ظهرت بخراسان في أيام أبي مسلم الخراساني فادعوا حلول الإله فيه فقتلهم عن بكرة أبيهم ومن فروعها المقنعية ، المبيضة اتباع هاشم بن حكيم المروزي الملقب بالمقنع الذي ادعى احياء الموتى وعلم الغيب وكان خروجه في أيام المهدي فحوصر بامره ولما اشتد عليه الحضار القى نفسه في النار انظر تاريخ ابن العبري والمقريزي وغيرهما

(٤) الروندي ـ خ ل ـ

٤٧

أسلافها الأولى سرا وكرهوا أن يشهدوا على أسلافهم بالكفر وهم مع ذلك يتولون أبا مسلم ويعظمونه وهم الذين غلوا فى القول فى العباس وولده

(وفرقة) منهم قالت أن (محمد بن الحنفية) كان الامام بعد أبيه (علي بن أبي طالب) فلما مات أوصى إلى ابنه (أبي هاشم عبد الله بن محمد) فأوصى (ابو هاشم) إلى (محمد بن علي بن العباس بن عبد المطلب) لأنه مات عنده بالشام بأرض الشراة فأوصى (محمد بن علي) إلى ابنه (ابراهيم بن محمد) المسمى بالامام وهو أول من عقدت له الامامة من ولد العباس وإليه دعا ابو مسلم ، ثم أوصى (ابراهيم ابن محمد) إلى اخيه (أبي العباس عبد الله بن محمد) وهو أول من تخلف من ولد العباس بن عبد المطلب ثم أوصى (ابو العباس) إلى اخيه (أبي جعفر عبد الله بن محمد) فسمي المنصور فلما مضى المنصور أوصى إلى ابنه (المهدي محمد بن عبد الله) استخلفه بعده فردهم المهدي عن اثبات الامامة لمحمد بن الحنفية وابنه أبي هاشم وأثبت الامامة بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله للعباس بن عبد المطلب ودعاهم إليها وقال كان العباس عمه ووارثه وأولى الناس به وأن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا عليه‌السلام وكل من دخل في الخلافة بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غاصبون متوثبون فأجابوه فعقد الامامة للعباس بعد رسول الله صلى الله

٤٨

عليه وآله ، وأم العباس نتيلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو ابن عامر بن زيد بن مناة بن الضحيان وهو عامر بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط ، ثم عقدها بعد العباس «لعبد الله بن العباس» وأمه أم الفضل وقثم وعبيد الله وعبد الرحمن واسمها لبابة بنت الحارث ابن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة ، ثم عقدها بعد عبد الله «لعلي بن عبد الله المعروف بالسجاد» وكان متعبدا وأمه زرعة بنت مشرح (١) بن معديكرب بن وليعة بن شرحبيل بن معاوية بن عمرو بن حجر بن الولادة (٢) الحارث بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن كندة ، ثم عقدها بعده «لابراهيم بن محمد الامام» وأمه أم ولد يقال لها فاطمة : فعقدها بعد ابراهيم لأخيه «عبد الله أبي العباس» وأمه ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان بن الديان بن قطن بن زياد بن الحرث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحرث بن كعب ، ثم عقدها لأخيه «عبد الله ابي جعفر المنصور» وأمه أم ولد بربرية يقال لها سلامة وكان ابو العباس جعل ولاية العهد لأخيه ابي جعفر ولابن أخيه عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن العباس فخالفه عبد الله بن علي بن عبد الله فادعى الامامة ووصية أبي العباس فقاتله ابو مسلم فهزمه فهرب وتوارى بالبصرة فأخذه بعد ذلك

__________________

(١) شريح ـ خ ل ـ

(٢) المدار بن الحارث الخ ـ خ ل ـ

٤٩

بأمان وهو صاحب عبد الله بن المقفع الزنديق فقتل قتله المنصور فلما اطمأنت الخلافة للمنصور واستوى أمره وقوي وقتل أبا مسلم وكبر ابنه محمد بن عبد الله سماه (١) المهدي وبايع له وقدمه على عيسى بن موسى وجعل عيسى بعده وأعطى عيسى على ذلك عشرين الف درهم

فافترقت حينئذ شيعته واضطربت وأنكرت ما كان منه وأبوا قبول بيعة المهدي وقالوا لأصحابهم : من أين جاز لكم متابعة (٢) المهدي وتأخير عيسى بن موسى وقد عقد له أبو العباس العهد بعد المنصور فقالوا : من قبل أمر أمير المؤمنين المنصور لنا بذلك وهو الامام الذي قد افترض الله طاعته ، قالوا : فان أبا العباس كان مفترض الطاعة من الله قبله وهو أمر ببيعة أبي جعفر العباس وبيعة عيسى بن موسى بعده فكيف جاز لكم تأخيره وتقديم المهدي بين يديه قالوا : إنما الطاعة للامام ما دام حيا فاذا مات وقام غيره كان الأمر أمر القائم ما دام حيا ، قالوا : أفرأيتم إن مات أمير المؤمنين المنصور والمهدي حي وعيسى بن موسى حي فأنكر الناس أمر أمير المؤمنين في بيعة المهدي كما أنكرتم أنتم أمر أبي العباس في بيعة عيسى بن موسى هل يجوز ذلك قالوا لا يجوز ذلك وقد بويع له قالوا : فكيف جاز لكم أن تؤخروا عيسى وتقدموا

__________________

(١) في بعض النسخ المخطوطة (آخاه) ولعل الصحيح (سماه)

(٢) في بعض النسخ (مبايعة المهدي) ولعله الصحيح

٥٠

المهدي ولم تكونوا بايعتم له فثبتوا على إمامة عيسى بن موسى وأنكروا إمامة المهدي وأجروها في ولد عيسى إلى اليوم ، وأم عيسى بن موسى أم ولد ، فلما حضرت المهدي الوفاة عقد الامامة لابنه موسى وسماه الهادي وجعل ابنه هارون بعده وسماه الرشيد واسقط عيسى ، وأم المهدي أم موسى بنت منصور بن عبد الله بن شمر بن يزيد بن وارد بن معديكرب بن الوازع بن ذي عيش بن وتج بن وصاه بن عبد الله بن سميع بن الحرث بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة بن سبأ الأصغر بن كعب بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن العرنجج وهو حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن زيادة بن اليسع بن الهميسع بن يثمن بن نبت بن سلامان بن حمل بن قيدار بن اسماعيل بن ابراهيم بن آزر بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن ارغو بن فالغ بن عابر ـ إلى زيادة ليس من الأصل ـ وأم الهادي والرشيد أم ولد يقال لها الخيزران

ومن العباسية فرقتان قالتا بالغلو في ولد العباس رحمة الله عليه «فرقة» منها تسمى «الهاشمية «وهم اصحاب

٥١

(أبي هاشم (١) عبد الله بن محمد بن الحنفية) قالت أن الامام عالم يعلم كل شيء وهو بمنزلة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع اموره ومن لم يعرفه لم يعرف الله وليس بمؤمن بل هو كافر مشرك وقادوا الامامة عن (أبي هاشم) إلى ولد العباس

(وفرقة) قالت الامام عالم بكل شيء وهو الله عزوجل ـ وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ـ ويحي ويميت و (ابو مسلم) نبي مرسل يعلم الغيب أرسله أبو جعفر المنصور وهم من (الروندية (٢)) أصحاب (عبد الله الروندي) وشهدوا أن المنصور هو الله ـ جل الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ـ فانه يعلم سرهم ونجواهم ، وأعلنوا القول بذلك ودعوا إليه فبلغ قولهم المنصور فأخذ منهم جماعة فأقروا بذلك

__________________

(١) هو أحد زعماء العلويين في العصر المرواني وكان يبث الدعاية سرا في الناس وينفرهم من بني أمية ويستميلهم إلى بني هاشم فشعر بأمره سليمان بن عبد الملك فدس له من سقاه السم في الشام فتوفي بالحميمة (قرب معان) سنة ٩٩ انظر تاريخ ابن الأثير في حوادث سنة ٩٩

(٢) ذكرنا في هامش ص ٣٣ أن الروندية اتباع أبي الحسين أحمد بن يحي الروندي والصحيح أنهم اتباع (عبد الله بن الخرب الكندي الكوفي الروندي) فليعلم ذلك ـ قال ابن الأثير في حوادث سنة ١٤١ ـ الراوندية هم قوم من أهل خراسان على رأي أبي مسلم يقولون بتناسخ الأرواح يزعمون أن روح آدم في عثمان بن نهيك وأن ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم هو المنصور وأن جبرئيل هو الهيثم بن معاوية الخ راجع خبر خروجهم على المنصور وقتلهم على يد معن بن زائدة الشيباني تاريخ ابن الأثير والطبري وأبي الفداء ومرآة الجنان لليافعي في حوادث سنة ١٤١

٥٢

فاستتابهم وأمرهم بالرجوع عن قولهم ذلك فقالوا : المنصور ربنا وهو يقتلنا شهداء كما قتل أنبياءه ورسله على يدي من شاء من خلقه وأمات بعضهم بالهدم والغرق وسلط على بعضهم السباع وقبض أرواح بعضهم فجأة وبالعلل وكيف شاء وذلك له يفعل ما شاء بخلقه لا يسأل عما يفعل ، فثبتوا على ذلك إلى اليوم وادعوا أن أسلافهم مضوا على هذا القول ولكنهم كتموه عن الناس وكان ذلك ذنبا منهم يتوب الله منه عليهم وليس هو بمخرجهم من الايمان ولا من طاعة إمامهم ،

وأما «الشيعة العلوية» الذين قالوا بفرض الامامة لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام من الله ومن رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فانهم ثبتوا على إمامته ثم إمامة «الحسن» من بعده ثم إمامة «الحسين» بعد الحسن ثم افترقوا بعد قتل الحسين عليه‌السلام فرقا فنزلت «فرقة» إلى القول بامامة (علي بن الحسين) وكان يكنى بأبي محمد ويكنى بأبي بكر وهي كنيته الغالبة عليه فلم تزل مقيمة على إمامته حتى توفي بالمدينة في المحرم في أول سنة اربع وتسعين وهو ابن خمس وخمسين سنة ، وكان مولده في سنة ثمان وثلاثين وأمه أم ولد يقال لها سلافة وكانت تسمى قبل ان تسبى جهانشاه وهي ابنة يزدجرد بن شهريار بن كسرى ابرويز بن هرمز وكان يزدجرد آخر ملوك فارس

٥٣

(وفرقة) قالت انقطعت الامامة بعد الحسين إنما كانوا ثلاثة أئمة مسمين بأسمائهم استخلفهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأوصى إليهم وجعلهم حججا على الناس وقواما بعده واحدا بعد واحد فلم يثبتوا إمامة لأحد بعدهم

(وفرقة) قالت أن الامامة صارت بعد مضي الحسين في ولد الحسن والحسين فهي فيهم خاصة دون سائر ولد علي بن أبي طالب وهم كلهم فيها شرع سواء من قام منهم ودعا لنفسه فهو الامام المفروض الطاعة بمنزلة علي بن أبي طالب واجبة إمامته من الله عزوجل على أهل بيته وسائر الناس كلهم فمن تخلف عنه في قيامه ودعائه إلى نفسه من جميع الخلق فهو هالك كافر ومن ادعى منهم الامامة وهو قاعد في بيته مرخى عليه ستره فهو كافر مشرك وكل من اتبعه على ذلك وكل من قال بامامته ، وهم الذين سموا (السرحوبية) وأصحاب (أبي خالد الواسطى) واسمه (يزيد (١)) وأصحاب

__________________

(١) الصحيح أن اسمه (عمرو) لا (يزيد) ولعل السهو صدر من الناسخ وعمر وهو ابن خالد القرشي مولاهم الكوفي نزيل واسط عده الشيخ الطوسي من أصحاب الامام الباقر عليه‌السلام وقال أنه بتري وقال ابن حجر في تقريب التهذيب عمرو بن خالد القرشي مولاهم من الثامنة مات بعد سنة ١٢٠ وقد ذكره أيضا الذهبى في ميزان الاعتدال في ترجمة عمرو بن خالد القرشي وكل من ذكره سماه [عمرو] لا [يزيد] انظر فهرست ابن النديم ومنهج المقال ومنتهى المقال والكشي والنجاشي وغيرها :

٥٤

(فضيل (١) بن الزبير الرسان) و (زياد بن المنذر) وهو الذي يسمى أبا الجارود ولقبه سرحوبا (محمد بن علي بن الحسين بن علي) وذكر أن سرحوبا شيطان أعمى يسكن البحر وكان (ابو الجارود) أعمى البصر أعمى القلب فالتقوا هؤلاء مع الفرقتين اللتين قالتا أن عليا أفضل الناس بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فصاروا مع (زيد بن علي بن الحسين) عند خروجه بالكوفة فقالوا بامامته فسموا كلهم في الجملة (الزيدية) إلا أنهم مختلفون فيما بينهم في القرآن والسنن والشرائع والفرائض والأحكام

وذلك أن (السرحوبية) قالت : الحلال حلال آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله والحرام حرامهم والأحكام احكامهم وعندهم جميع ما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كله كامل عند صغيرهم وكبيرهم والصغير منهم والكبير فى العلم سواء لا يفضل الكبير الصغير من كان منهم فى الخرق والمهد إلى اكبرهم سنا

(وقال بعضهم) من ادعى ان من كان منهم فى المهد والخرق ليس علمه مثل علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فهو كافر بالله مشرك وليس يحتاج

__________________

(١) الفضيل بن الزبير عده الشيخ الطوسي في رجاله تارة من أصحاب الباقر عليه‌السلام بقوله فضيل بن الزبير الرسان وأخرى من أصحاب الصادق عليه‌السلام بقوله الفضيل بن الزبير الأسدي مولاهم كوفي الرسان ـ انظر رجال الكشي ومنهج المقال ومنتهى المقال وغيرها :

٥٥

احد منهم ان يتعلم من احد منهم ولا من غيرهم ، العلم ينبت في صدورهم كما ينبت الزرع المطر فالله عزوجل قد علمهم بلطفه كيف شاء ، وإنما قالوا بهذه المقالة كراهة أن يلزموا الامامة بعضهم دون بعض فينتقض قولهم أن الامامة صارت فيهم جميعا فهم فيها شرع سواء وهم مع ذلك لا يروون عن أحد منهم علما ينتفعون به إلا ما يروون عن «أبي جعفر محمد بن علي» و «أبي عبد الله جعفر بن محمد» وأحاديث قليلة عن «زيد بن علي» واشياء يسيرة عن «عبد الله بن الحسن (١) المحض» ليس مما قالوا وادعوه في ايديهم شيء أكثر من دعوى كاذبة لأنهم وصفوهم بأنهم يعلمون كل شيء تحتاج إليه الأمة من أمر دينهم ودنياهم ومنافعها ومضارها بغير تعليم

وأما سائر فرقهم فانهم وسعوا الأمر فقالوا العلم مبثوث مشترك فيهم وفي عوام الناس هم والعوام من الناس فيه سواء ، فمن أخذ منهم علما لدين او دنيا مما يحتاج إليه او اخذه من غيرهم من العوام فموسع له ذلك فان لم يوجد عندهم ولا عند غيرهم مما يحتاجون إليه من علم دينهم فجائز للناس الاجتهاد

__________________

(١) عبد الله بن الحسن المثنى بن الامام الحسن المجتبى بن الامام علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ابو محمد هاشمي مدني تابعي من أصحاب الامام الباقر والصادق عليهما‌السلام وإنما سمي بالمحض لأن أباه الحسن بن الحسن (ع) وأمه فاطمة بنت الحسين «ع» وكان شيخ بني هاشم في زمانه وكان يتولى صدقات أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد أبيه الحسن مات في حبس المنصور العباسي سنة ١٤٥

٥٦

والاختيار والقول بآرائهم ، وهذا قول «الزيدية» الأقوياء منهم والضعفاء

فأما الضعفاء منهم فسموا «العجلية» وهم أصحاب هارون بن (١) سعيد العجلي وفرقة منهم يسمون (البترية (٢)) وهم أصحاب (كثير النواء) و (الحسن بن صالح بن حي) و (سالم بن أبي حفصة) (والحكم بن عتيبة) و (سلمة بن كهيل) و (أبي المقدام ثابت الحداد) وهم الذين دعوا الناس إلى ولاية علي عليه‌السلام ثم خلطوها بولاية أبي بكر وعمر فهم عند العامة أفضل هذه الأصناف وذلك أنهم يفضلون عليا ويثبتون إمامة أبي بكر وينتقصون عثمان وطلحة والزبير ويرون الخروج مع كل من ولد علي عليه‌السلام يذهبون في ذلك إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويثبتون لمن خرج من ولد علي الامامة عند خروجه ولا يقصدون في الامامة قصد رجل بعينه حتى يخرج ، كل ولد علي عندهم على السواء من أي بطن كان

__________________

(١) هارون بن سعيد او سعد العجلي الكوفي الأعور عده الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الصادق عليه‌السلام مات بالبصرة بعد سنة ١٠٠ انظر تقريب التهذيب لابن حجر ورجال الشيخ والكشي والخلاصة ورجال ابن داود وغيرها

(٢) البترية بضم الباء الموحدة وقيل بكسرها ثم سكون التاء المثناة من فوق قيل سموا بذلك نسبة إلى المغيرة بن سعد الملقب بالأبتر أو لأنهم لما تبرءوا من أعداء الشيخين التفت إليهم زيد بن علي عليه‌السلام وقال أتبرءون من فاطمه «ع» بترتم أمرنا بتركم الله انظر رجال الكشي وغيره :

٥٧

وأما الأقوياء فمنهم أصحاب (أبي الجارود) وأصحاب (ابي خالد الواسطي) وأصحاب (فضيل الرسان) و (منصور بن (١) ابى الأسود)

وأما (الزيدية) الذين يدعون (الحسينية) فانهم يقولون من دعا إلى الله عزوجل من آل محمد فهو مفترض الطاعة ، وكان (علي بن أبى طالب) إماما في وقت ما دعا الناس وأظهر أمره ثم كان بعده (الحسين) إماما عند خروجه وقبل ذلك إذ كان مجانبا لمعاوية ويزيد ابن معاوية حتى قتل ، ثم (زيد بن علي بن الحسين) المقتول بالكوفة أمه أم ولد ثم (يحيى (٢) بن زيد بن علي) المقتول بخراسان وأمه ريطة بنت أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية ثم ابنه الآخر

__________________

(١) منصور بن أبي الأسود الليثي مولاهم الكوفي الخياط عده الشيخ الطوسي بهذا العنوان من أصحاب الامام الصادق عليه‌السلام وكذا النجاشي وابن داود وغيرهم وذكره أيضا ابن سعد في الطبقات ج ٦ ص ٢٦٦ والذهبي في ميزان الاعتدال وابن حجر في تقريب التهذيب توفي بعد سنة ١٠٠

(٢) هو أحد الأبطال الأشداء من بني هاشم ثار مع أبيه على بني مروان فلما قتل أبوه زيد انصرف إلى بلخ فأقام بها مطمئنا فطلبه أمير العراق يوسف بن عمرو فقبض عليه نصر بن سيار ثم خلى عنه بأمر الوليد ثم ثار فبعث نصر بن سيار سالم بن احوز في طلبه فلحقه في الجوزجان فقاتله فرمي يحي بسهم اصاب جبهته فسقط قتيلا سنة ١٢٥ فصلب بالجوزجان ولم يزل مصلوبا حتى ظهر ابو مسلم الخراساني واستولى على خراسان فأنزله وصلى عليه ودفنه

٥٨

(عيسى (١) بن زيد بن علي) وأمه أم ولد ثم (محمد (٢) بن عبد الله بن الحسن) وأمه هند بنت ابي عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن اسد بن عبد العزى بن قصي ثم من دعا إلى طاعة الله من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فهو إمام

وأما (المغيرية) اصحاب (المغيرة بن سعيد) فانهم نزلوا معهم إلى القول بامامة (محمد بن عبد الله بن الحسن) وتولوه وأثبتوا إمامته فلما قتل صاروا لا امام لهم ولا وصي ولا يثبتون لأحد إمامة بعده

وأما الذين اثبتوا الامامة لعلي بن ابي طالب ثم للحسن ثم للحسين ثم لعلي بن الحسين عليه‌السلام ثم نزلوا إلى القول بامامة ابي جعفر محمد بن علي بن الحسين باقر العلم عليه‌السلام فأقاموا على إمامته إلى أن توفي غير نفر يسير منهم فانهم سمعوا رجلا منهم يقال له

__________________

(١) عده الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الامام الصادق عليه‌السلام وروى ثقة الاسلام الكليني في اصول الكافي في باب ما يفصل بين دعوى الحق والباطل حديثا طويلا يعرف به حال جماعة من بنى الحسن ويتضمن ذكر عيسى وتحامله الشديد على الامام الصادق (ع) مات عيسى في الكوفة في دار علي بن صالح بن حي أخ الحسن بن صالح في خلافة المهدي

(٢) هو الملقب بالنفس الزكية خرج بالمدينة على المنصور العباسي في ٢٥٠ رجلا فقبض على أمير المدينة وبايعه أهلها بالخلافة ثم استولى على مكه واليمن فأرسل المنصور لقتاله ولي عهده عيسى بن موسى بأربعة آلاف فارس فقتله في تلك الوقعة في المدينة سنة ١٤٥ وقد عده الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الامام الصادق عليه‌السلام وكذا غيره

٥٩

(عمر بن رياح) (١) زعم أنه سأل أبا جعفر عليه‌السلام عن مسألة فأجابه فيها بجواب ثم عاد إليه في عام آخر فسأله عن تلك المسألة بعينها فأجابه فيها بخلاف الجواب الأول فقال لأبي جعفر هذا خلاف ما أجبتني في هذه المسألة العام الماضي فقال له ان جوابنا ربما خرج على وجه التقية فشكك في أمره وإمامته فلقي رجلا من أصحاب أبي جعفر يقال له (محمد بن قيس) فقال له اني سألت أبا جعفر عن مسألة فأجابني فيها بجواب ثم سألته عنها في عام آخر فأجابني فيها بخلاف جوابه الأول فقلت له لم فعلت ذلك فقال فعلته للتقية وقد علم الله أني ما سألته عنها إلا وأنا صحيح العزم على التدين بما يفتيني به وقبوله والعمل به فلا وجه لاتقائه إياي وهذه حالي فقال له محمد بن قيس فلعله حضرك من اتقاه (٢)

__________________

(١) عمر بن رياح من أصحاب أبي جعفر الباقر عليه‌السلام وقد عده العلامة في الخلاصة في الضعفاء وكذا ابن داود وغيرهما وقصة سؤاله أبا جعفر عن المسألة ذكرها الكشي في رجاله ص ١٥٤ ـ ١٥٥

(٢) لا يخفى على من راجع موارد التقية انها لا تنحصر في الخوف من السائل او ثالث حاضر حتى يقول عمر بن رياح في دفع احتمال التقية ـ وقد علم الله أني ما سألته عنها إلا وأنا صحيح العزم الخ ويوافقه محمد بن قيس فيقول له فلعله حضرك من اتقاه الخ إذا التقية كما تكون من السائل او من ثالث فكذا تكون ممن يحضر العامل بالحكم حين عمله فيخاف عليه‌السلام منه عليه كما أجاب (ع) علي بن يقطين بالوضوء منكوسا لعلمه بان هارون الرشيد يترصده وينظر من حيث يخفي إلى كيفية وضوئه ، وقد تكون التقية لنفس القاء الخلاف بين الشيعة لكيلا يعرفوا فيصيبهم الضرر من اعدائهم كما صدر ذلك عن الأئمة (ع) في مواقيت الصلاة فراجع مظانه من فقه الامامية ولعل الخلاف في جواب الامام عليه‌السلام من احد الوجهين الأخيرين فلا مورد حينئذ لكلام عمر بن رياح ومحمد بن قيس

٦٠