الفرقة الناجية

الشيخ ابراهيم القطيفي

الفرقة الناجية

المؤلف:

الشيخ ابراهيم القطيفي


المحقق: حبيب آل جميع
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الملاك
الطبعة: ١
الصفحات: ١٩٣

عند غيرهم فلصريح الأحاديث من السنة التي لا معارض لها ، وإنما لم يذكر الكتاب وإن كانت الدلائل فيه على ذلك لا تحصى كثرة لأن الحديث من طرفهم لا احتمال فيه. فمن ذلك ما رواه رزين إمام الحرمين في كتاب الجمع بين الصحاح الستة ، ومنه الجزء الثالث من مناقب علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، من صحيح البخاري بإسناده ، قال : عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث ما دار الحق (١). قلت : لا يخفي أنه عليه‌السلام ، إنما طلب أنه لا يفارق الحق إذ لو دار عن الحق لم يدر الحق معه ، فهو بدعوته عليه‌السلام ، ملازم للحق والحق ملازم له لا ينفكان ولا يفترقان .. وسيأتي في الفصل الأول ما يؤكد ذلك ويوضحه إن شاء الله.

ومن مناقب الفقيه ابن المغازلي الشافعي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الحسن بن عبد الرحمن العلوي ، فيما كتب به إلي قال : حدثني أبو الطيب محمد بن الحسن السلمي البزار ، قال : حدثني علي بن الحسين السلوني ، قال : حدثني صالح بن أبي الأسود عن أبي المطهر الرازي عن سلام الجعفي عن أبي جعفر عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إن الله تعالى عهد إلي في علي عهدا ، فقلت : يا رب سمّه لي ، فقال الله عزوجل : اسمع ، قلت : سمعت فقال : إن عليا راية الهدى وإمام أوليائي ونور من أطاعني وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين. من أحبه أحبني ، ومن أطاعه أطاعني ، فبشره بذلك ، قال : فبشرته. قال : فقال : علي عليه‌السلام ، يا نبي الله أنا عبد الله وفي قبضته ، فإن يعذبني يهديني ولم يظلمني ، وإن يتم الذي بشرتني به فالله أولى به قال : فقال اللهم اجعل قلبه واجعل ربيعه الإيمان بك. فقال : الله عزوجل ،

__________________

(١) الجمع بين الصحاح ج ٣ مخطوط ، صحيح الترمذي ٥ / ٢٩٧ ح ٣٧٩٨ ، المستدرك على الصحيحين للنيسابوري ٣ / ١٢٤ ، تاريخ دمشق لابن عساكر ٣ / ١١٧ ح ١١١٥٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ٥٧٢ أوفست بيروت على ط مصر ، الفتح الكبير للنبهاني ٢ / ١٣١ ، جامع الأصول لابن الأثير ٩ / ٤٢٠ ، صحيح البخاري ٣ ، مناقب الامام علي ، كتاب فضائل الصحابة.

٦١

قد فعلت ذلك. ثم إن الله تعالى عهد إلي أن استخصه من البلاء ما لا أخص به أحدا من أصحابك ، فقلت : يا ربي أخي وصاحبي ، فقال الله تعالى : إن هذا أمر قد سبق أنه مبتلى ومبتلى به (١).

ومن الكتاب المذكور بإسناده ، قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد ابن سهل النحوي إذنا ، أن أبا طاهر إبراهيم بن محمد بن عمر بن يحيى العلوي ، حدثهم قال : أخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني ، قال : حدثنا محمد بن محمود ابن بنت الأشج الكندي الكوفي نزيل أسوان سنة ثماني عشرة وثلاثمائة ، قال : حدثنا إسحاق بن يزيد ، قال : حدثنا محمد بن عنبس ابن هشام الناشري (٢). قال : حدثني عبد المؤمن بن القاسم عن صالح بن ميثم ابن يريم بن العلاء عن أبي ذر ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مثل علي فيكم ، أو قال في هذه الأمة ، كمثل الكعبة المسورة ، أو قال : المشهورة ، النظر إليها عبادة والحج إليها فريضة (٣) ، ومنه قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني ، قال : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد الحفار ، قال : حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن زرين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن يزيد ابن ورقاء الخزاعي ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعدي ، قال : حدثنا إسماعيل ابن موسى السدي ، قال : حدثنا أبو فضيل ، قال : حدثنا يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس ، قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي يوم القيامة على الحوض لا يدخل الجنة يوم القيامة إلا من جاء بجوار من علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٤).

أقول : ولا يخفي دلالة هذه الأحاديث على المطلوب ، بل لا يخفي على المتأمل ما

__________________

(١) المناقب للمغازلي ص ٤٦ ـ ٤٧ ، حلية الأولياء ١ / ٦٦.

(٢) في تحرير المشتبه ١٢١ : محمد بن عبيس (مصغرا) ، وفي ذيل الصفحة نقلا عن المشتبه والتاج للزبيدي كما في الصلب قال : وفي الاكمال عبيس ..

(٣) المناقب للمغازلي ص ١٠٦ ـ ١٠٧.

(٤) المصدر السابق ، ص ١١٩.

٦٢

فيها من النكت الغريبة والإشارات العجيبة ، ولو لا خوف الإطالة لأوردنا أحاديث كثير من طرقهم في هذا المعنى (١) ، وفيما ذكرناه كفاية وافية وسيأتي في الفصول ما يؤكده إن شاء الله.

البحث الثاني :

في معنى الحديث ولا اشتباه في قوله عليه‌السلام (ستفترق) ، لأن السين يجوز حملها على معناها الحقيقي ، لأن الاختلاف تراخ عن حيويته (ع) ، ويجوز حملها على التأكيد ، فإن ما هو متحقق الوقوع قريب ، كقوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (٢) ، ولا في العدد لإخباره عليه‌السلام به ، وما يتوهم من أنه إن حمل على أصول المذاهب ، فهي أقل من هذا العدد ، وإن حمل على ما يشمل الفروع ، فهي أكثر منه ، توهم لا سند له. يجوز كون الأصول التي بينها مخالفة مفيدة لهذا العدد. وقد يقال : لعلهم في وقت من الأوقات بلغوا هذا العدد ، وإن زادوا أو نقصوا في أكثر الأوقات كذا ذكره الفاضل الدواني (٣) ، فذكرنا بلفظه وهو حسن ، إلا أنه يمكن تفصيل ذلك لك على وجه لا يزيد ولا ينقص ، لكنه لا يليق هنا.

نعم الاشتباه في قوله كلها في النار إلا واحدة ، قال الفاضل المذكور : من حيث

__________________

(١) حول الأحاديث التي من طرقهم في هذا المعنى راجع : الصواعق المحرقة ٧٥ ، ينابيع المودة ٢ / ١٥٣ ، ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، باب فضائل أهل البيت ص ١٨ ، مستدرك الحاكم على الصحيحين ٣ / ١٣٥ ، وراجع أيضا مخطوط كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب للشيخ أبي عبد الله البلخي الشافعي ص ٥ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص ٤ ، وكتاب المناقب للخوارزمي الحنفي.

(٢) سورة الضحى ، آية ٥.

(٣) هو محمد بن أسعد الصديقي الدواني ، قاض ، باحث ، يعد من الفلاسفة ، ولد في دوان (من بلاد كازرون) وسكن شيراز وولي قضاء فارس وتوفي فيها. له انموذج العلوم ، وتعريف العلم ، وشرح القصائد ، حاشية على شرح القوشجي لتجريد الكلام ولد سنة ٨٣٠ ه‍ وتوفي سنة ٩١٨ ه‍. [الأعلام للزركلي ٦ / ٢٥٧].

٦٣

الاعتقاد فلا يرد أنه لو أريد الخلود فيها فهو خلاف الإجماع ، فإن المؤمنين لا يخلدون فيها ، وإن أريد مجرد الدخول فهو مشترك بين الفرق ، إذ ما من فرقة إلا وبعضها عصاة ، والقول بأن معصية الفرقة الناجية مطلقا مغفورة بعيد جدا ، ولا يبعد أن يكون المراد استقلال مكثهم في النار بالنسبة إلى سائر الفرق ترغيبا في تصحيح الاعتقاد ، أقول : كلامه هنا بأجمعه ليس شيء منه بصحيح ولا تام ، وذلك لأنه فسره بكونهم في النار من حيث الاعتقاد ، وغرضه من ذلك أن المراد العذاب عليه بها في الجملة لا الخلود ، معللا بأنه خلاف الإجماع ، لأن المؤمنين لا يخلدون ، وفيه نظر ، لأن كون ذلك من حيث الاعتقاد وغير مسلم بجواز أن يكون منه ، ومن العمل مما قال تعالى : (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١). سلمنا لكن نفيه الخلود غير مسلم والإجماع الذي نقل ممنوع ، فان جماعة من العلماء ذهبوا إلى أن غير الطائفة المحققة كفار وأنهم مخلدون في النار ، وقوله : لأن المؤمنين لا يخلدون مسلم لكن الحذف في المؤمنين ، فالشيعة تزعم أن الإيمان إنما يصدق على معتقد الحق من الأصول الخمسة ، ومنها عندهم إمامة الاثني عشر (٢) ، وقوله ان يجري الدخول مشترك .. إذ ما من فرقة إلا وبعضها عصاة مسلم ، إلا أن قوله والقول بأن معصية الفرقة الناجية مطلقا مغفورة بعيد ممتنع أشد المنع ، بل الظاهر ذلك استبعاده ، بل بعيد فان ظاهر الخبر ينقضه ، وقوله لا يبعد أن يكون المراد إلى كفره أشد بعدا ، لأنه خلاف ما يتبادر إليه الفهم من الحديث.

والحق أن معنى الحديث إن الفرقة الناجية لا تمسها النار أبدا ، وغيرها في النار إما

__________________

(١) سورة البقرة ، آية ٨٠ ـ ٨١.

(٢) أنظر : المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين ، والنص والاجتهاد للسيد عبد الحسين شرف الدين ، وحق اليقين في معرفة أصول الدين للسيد عبد الله شبر ، وكشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد للعلامة الحلي.

٦٤

خلودا أو مكثا من غير خلود في الجميع ، أو في بعض بالخلود وفي بعض بالمكث من غير خلود وهو ظاهر الخبر من غير تكلف ، ولقولنا إن الفرقة الناجية لا تمسها النار أبدا شاهد من الحديث. روى أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني في كتاب التمحيص (١) ، قال : وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : ما من شيعتنا أحد

__________________

(١) ان العلماء المحققين الكبار اختلفوا في نسبة الكتاب على قسمين ، فمن جعله لابن شعبة : الكاتب الاسكافي ، شيخ اصحابنا ومتقدمهم ، له منزلة عظيمة ، كثير الحديث ، من مؤلفاته كتاب الأنوار في تاريخ الأئمة ، وكان مولده يوم الاثنين لست خلون من ذي الحجة ، سنة ثمان وخمسون ومائتين ، وتوفي في يوم الخميس لإحدى عشر ليلة بقيت من جمادى الآخر سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ، نقلا عن كتاب التمحيص ، تحقيق ونشر مدرسة الإمام المهدي (عج) بالحوزة العلمية ـ قم ط ١ / ١٤٠٤ ه‍ ، ص ١٠ ـ ١٤.

١ ـ الشيخ القطيفي (المعاصر للمحقق الكركي) وأرسله ارسال المسلمات بلا ذكر دليل ، واعتمد الآخرون عليه.

٢ ـ القاضي نور الله التستري ، أخذ منه.

٣ ـ الشيخ الحر العاملي ، نقل عن المجالس للقاضي التستري.

٤ ـ الشيخ المولى عبد الله صاحب الرياض يؤكد النسبة اعتمادا على القطيفي أيضا.

٥ ـ السيد حسن الصدر ، يتبع سابقيه في النسبة لابن شعبة اعتمادا على القطيفي ويمنعه لغيره.

٦ ـ السيد محسن الأمين ، يجزم بلا ريب أنه لابن شعبة كما صرح به القطيفي وغيره.

وأما من شكك في هذه النسب ، ورجع القول لابن همام :

١ ـ الشيخ المجلسي.

٢ ـ السيد الخونساري ، بل عنده من دون شك أنه من مصنفات ابن همام دون غيره.

٣ ـ الميرزا النوري ، وقد مرت ملاحظته على الشيخ الحر العاملي في أمل الآمل.

ولو راجعنا أقوال الطائفة الأولى الذين نسبوا التمحيص لابن شعبة نرى أدلة بعضهم باختصار كما يلي :

أ ـ قدم زمان القطيفي على زمان المجلسي.

ب ـ أعلميته بهذا الفن من المجلس وانه أعرف.

ج ـ عدم ذكر الكتاب ضمن ترجمة ابن همام في كتب الرجال مع قربهم منه.

د ـ شهادة مجموعة من العلماء بذلك. ولكن لو راجعنا هذه الأدلة ودققنا النظر فيها

٦٥

__________________

لرأيناها لا ترفع شكا ، ولا تورث يقينا بموجب ما يلي :

أ ـ اما الأول : ففراغ الشيخ ابراهيم القطيفي من تأليف كتابه الوافية في الفرقة الناجية كان سنة ٩٤٥ ه‍ [الذريعة ١٦ / ١١٧] ، وكانت وفاة العلامة المجلسي في سنة ١١١١ ه‍ كما في مقدمة البحار ، بينما كانت وفاة ابن همام سنة ٣٣٦ ه‍ [رجال النجاشي ص ٢٩٤] ، وابن شعبة من طبقته كما هو مشهور ، فهذا المقدار من القدم بين القطيفي والمجلسي مع بعدهما كثيرا عن ابن همام وابن شعبة لا ينفع في هذا المقام ولا يورث اطمئنانا ، ان لم يكن هناك دليل آخر.

ب ـ وأما الثاني ، فمع تبحّر الشيخ ابراهيم القطيفي وتعمقه ، لم يثبت أنه أعلم وأعرف من المجلسي في هذا المضمار كما ذكره الميرزا النوري.

ج ـ وأما عدم ذكر الكتاب ضمن ترجمته في كتاب الرجال ، فمردود بأن أرباب التراجم نفسهم لم يذكروه كذلك من مؤلفات ابن شعبة ، ثم إن عدم ذكر كتاب لشخص ما في كتب التراجم لا يدل على نفيه عنه ، وفي كتب التراجم أمثلة كثيرة على ذلك ، منها ما أحصاه الشيخ فضل الله الزنجاني [الاختصاص ، ص ١٩] لأربعة عشر كتابا ورسالة للشيخ المفيد فات عن الشيخين النجاشي والطوسي وحتى ابن شهرآشوب ومن تبعهم أن يذكروها في فهارسهم.

د ـ وأما شهادة العلماء فالمقصود بهم رجال الطائفة الأولى ، فلو راجعناها لوجدناها تنتهي الى الشيخ القطيفي ، ولم يسبقه غيره حسب ما اطلعنا عليه من المصادر والمراجع التي بين أيدينا ، ولم يذكر الشيخ القطيفي الدليل الذي تفرد به ، وأما التابعون له : فإما قد نقلوا عنه دون تعليق بسلب أو ايجاب ، ولما اعتمدوا عليه وساروا على خطاه مؤكدين هذه النسبة. وربما اعتمد القطيفي في هذه النسبة على ما ذكر ـ كما هو رأي المتأخرين ـ في مقدمة كتاب تحف العقول لابن شعبة انه رواه عن ابن همام بعد ما وجد في كتاب التمحيص أنه قال : حدثني ابو علي محمد بن همام ، فاعتبر الكتاب أيضا لابن شعبة.

اما الطائفة الثانية التي رجحت الكتاب لابن همام ، أو أكدته له ، كالمجلسي والخوانساري والنوري فقد اعتمدوا في أدلتهم على ما يلي :

١ ـ ان طريقة التأليف عند المشايخ في تلك العصور كانت تنسب الكتاب لنفس المؤلف فيجعل المؤلف نفسه بمنزلة المحدّث ، فربما يقع اللبس حينئذ في نسبة الكتاب للمحدث أو لمن أملى عليه من تلامذته الذين ينقلون عنه كما وقع في كتاب «التمحيص». وهذه الطريقة تجدها في كثير من كتب الكليني والصدوق والشيخ المفيد وغيرهم ، ولو راجعت كتاب كامل الزيارات لابن قولويه لوجدت نفس هذا النسق ، فيقول : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي الفقيه [كامل الزيارات ص ١٠] علما بأن ابن قولويه ومحمد

٦٦

يقاذف أمرا نهيناه عنه فيموت حتى يبتلي بلية يمحص بها ذنوبه ، إما في مال أو في ولده ، وإما في نفسه حتى يلقى الله وما له ذنب ، وإنه ليبقى عليه شيء من ذنوبه فيشدد عليه عند موته فتمحص ذنوبه (١). ومنه أيضا عن عمر السابري ، قال : قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام ، إني لأرى من أصحابنا من يرتكب الذنوب الموبقة ، فقال لي : يا عمر لا تشنع على أولياء الله ، إن ولينا ليرتكب ذنوبا يستحق بها من الله العذاب فيبتليه الله في بدنه بالسقم حتى يمحص عنه الذنوب ، فإن عافاه في بدنه ابتلاه في ماله ، فإن عافاه في ماله ابتلاه في أهله ، فإن عافاه في أهله ابتلاه بجار سوء يؤذيه ، فإن عافاه من بوائق الدهر شدد عليه خروج نفسه حتى يلقى الله حين يلقاه ، وهو عنه راض ، قد أوجب له الجنة (٢).

__________________

بن همام من عصر واحد ، بل إن ابن همام من مشايخ ابن قولويه [المصدر نفسه].

٢ ـ عدم تحقق طبقة صاحب (تحف العقول) لديهم حتى يستظهروا ملاءمتها الرواية عن أبي علي محمد بن همام أو عدمها [راجع ملاحظة الميرزا النوري في المستدرك ٣ / ٣٢٦] وحقا فقد راجعنا كتب الرجال في تحقيق ما قالوا ، ولم يتحقق لنا ما نعتمد عليه. نعم ، ان الشيخ علي بن الحسين بن صادق البحراني ذكر في مسألة في الاخلاق أن الشيخ المفيد نقل عنه ، إلا أنه لم يحدد الكتاب الذي كان فيه النقل ، ومن هذه العبارة استفادة الشيخ الطهراني فعدّه من مشايخ الشيخ المفيد اعتمادا على رسالة الأخلاق ، وقد راجعنا مشايخ الشيخ المفيد في كتب الرجال فلم نجد لابن شعبة ذكرا ولا خبرا ، في الوقت الحاضر.

٣ ـ ومن أدلة الطائفة الثانية في ترجيح كتاب التمحيص لابن همام دون ابن شعبة ، انتهاء أقوال العلماء الى الشيخ القطيفي ، وقد مرت هذه الملاحظة في جوابنا لشهادة العلماء وان عهد القطيفي متأخر بقرون كثيرة عن عصر ابن همام او ابن شعبة ، فلا ينفع قوله في المقام.

ثم ان حقيقة البحث ليس في أن روايات الكتاب لابن شعبة أو لابن همام حتى يقال بأن كليهما ثقتان كما صرح بعضهم ، بل في ان الكتاب ـ تأليفا واملاء ـ لأبي علي محمد بن همام أو كان تأليفا لغيره مثل ابن شعبة بروايته عن ابن همام. وعلى أي حال فالاصل في كتاب التمحيص انه لأبي علي محمد بن همام بن سهيل .. الكاتب الإسكافي.

(١) كتاب التمحيص ، ص ٣٨ ، بحار الأنوار ٧٣ / ٣٥٠ ، الخصال ٢ / ٤٣٥.

(٢) البحار ١٧ / ٩ ، ٦٨ / ٢٠٠ ح ٦ ، وعن رياض الجنان باسناده عن عمر السابري مثله ، وكتاب التمحيص ص ٣٩.

٦٧

وعن فرات ابن أحنف ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام ، إذ دخل عليه من هؤلاء (....) شخص فقال : والله لأسوأنه في شيعته ، فقال : يا أبا عبد الله أقبل إلي فلم يقبل إليه ، فأعاد ثانية فلم يقبل إليه ، ثم أعاد الثالثة ، فقال : ها أنا ذا مقبل ، فقل ولن تقول خيرا ، فقال : له إن شيعتك يشربون النبيذ ، فقال وما بأس بالنبيذ ، أخبرني أبي عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، أن أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا يشربون النبيذ ، فقال : ليس أعنيك النبيذ ، إنما أعنيك المسكر ، فقال : شيعتنا أزكى وأطهر من أن يجري للشيطان في أمعائهم رسيس (١) ، وإن فعل ذلك المخذول منهم فيجد ربا رءوفا ونبيا بالاستغفار له عطوفا ، ووليا له عند الحوض ولوفا وتكون وأصحابك ببرهوت (٢) ملهوفا ، فأفحم الرجل وسكت. ثم قال : ليس أعنيك المسكر ، إنما أعنيك الخمر ، فقال : أبو عبد الله عليه‌السلام : سلبك الله لسانك ، ما لك تؤذينا في شيعتنا (منذ اليوم؟) (٣) ثم قال : له أيضا أخبرني أبي عن علي بن الحسين عليه‌السلام ، عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله ، عن رسول الله ، عن جبرئيل ، عن الله تعالى ، أنه قال : تعلم يا محمد ، أني حظرت الفردوس على جميع النبيين ، حتى تدخلها أنت وعلي وشيعتكما ، إلا من اقترف منهم كبيرة ، فإني أبلوه في ماله ، أو بخوف من سلطانه ، حتى يلقاه الملائكة بالروح والريحان ، وأنا عليه غير غضبان ، فيكون ذلك جزاء لما كان منه ، فهل عند أصحابك هؤلاء شيء من هذا ، فلم (٤) أو دع (٥). وعن أبي الصباح الكناني قال : كنت أنا وزرارة عند أبي عبد الله عليه

__________________

(١) الرسيس : من الرس ، أول مس الحمى.

(٢) اسم واد باليمن ، قيل : هو بقرب حضرموت ، جاء أن فيه أرواح الكفار ، وقيل بئر بحضرموت ، وقيل : هو اسم البلدة التي فيها البئر ، رائحتها منتنة فظيعة جدا ، المراصد : ١ / ١٩٠.

(٣) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.

(٤) ف (لم) : فعل أمر من لام يلوم.

(٥) كتاب التمحيص ٣٩ ـ ٤٠ ، البحار : ٦٨ / ١٤٤ ح ٩٢ ، عن رياض الجنان ، وفي البحار : ٤٧ / ٣٨١ ح ١٠٢ و ٧٩ / ١٥٣ ح ٦٦ عنه وعن مشارق الأنوار : ص ١٨٢ عن أبي الحسن الثاني (ع) مثله.

٦٨

السلام ، فقال : لا تطعم النار أحدا وصف هذا الأمر ، فقال : زرارة إن ممن يصف هذا الأمر يعمل بالكبائر؟! فقال : عليه‌السلام ، أو ما تدري ما كان يقول (١) أبي في ذلك ، إنه كان يقول إذا ما أصاب المؤمن من تلك الموبقات شيئا ابتلاه الله ببلية في جسد أو بخوف يدخله الله عليه حتى يخرج من الدنيا ، وقد خرج من ذنوبه (٢). وروى ابن عباس زيادة على الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله علي وآله منها ، قال ابن عباس ، فقلت : يا رسول الله أوصني ، فقال : عليك بمودة علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، والذي بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله من عنده حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وهو تعالى أعلم ، فإن جاء بولايته قبل عمله على ما كان منه ، وإن لم يأت بولايته لم يسأله عن شيء ، ثم أمر به إلى النار (٣).

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وفيما ذكرناه كفاية في تأييد المعنى الذي ذكرناه في الخبر المشهور عنه عليه‌السلام ، بقي هنا شيء ، هو أن الله تعالى خاطب في كتابه وأمر بصيغة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) وليس الإيمان الا الإقرار بالشهادتين مع التصديق والإذعان بالقلب (٤). فكيف قال من قال : إن الإيمان مركب من ذلك ومن غيره ، مع أن غيره متأخر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، هذا وأمير المؤمنين عليه‌السلام قد صرح إنه يخف ميزان وضع فيه الشهادتان ، ولا يثقل ميزان لم يوضعا فيه (٥) ، نقول في إيضاح هذا إن من المعلوم أن الشهادتين بمجردها غير كافيتين ، إلا مع الالتزام بحكم الكتاب والسنة واعتقاد ما يبين فيهما ، ولم يقل عليه‌السلام ، من مشرك الشهادتين. الا مع ذلك ، ولا شك أن المنكر لما علم فيهما ، أو في أحدهما

__________________

(١) في نسخة الأصل : قبول ولعله تصحيف.

(٢) كتاب التمحيص ، ٤٠ ـ ٤١ ، عنه في البحار : ٦٨ / ١٤٦ ح ٩٣.

(٣) البخاري ، مناقب علي (ع) ٢ / ٢٩٩ ، ينابيع المودة ١ / الباب الأول ص ١٠.

(٤) أنظر : كتاب معرفة اليقين في اصول الدين للسيد عبد الله شبر ص ٢٢٤ (البحث السادس بيان معنى الايمان والاسلام).

(٥) سفينة البحار ، ج ٢ (مادة) وزن.

٦٩

ليس بمؤمن بل ولا مسلم ، فإن الغلاة والخوارج (١) ، وإن كانا من فرق المسلمين نظرا إلى الإقرار بالشهادتين ، فهما من قبل الكافرين نظرا إلى جحودهما ما علم من الدين ، وكيف لا ومن شرائط الإسلام والإيمان القرار بالمعاد فإن منكره كافر (٢) ، وإن أقر بالشهادتين وكون الميزان الذي يوضعان فيه لا يخف مسلم ، لكن المراد إذا كانتا مقبولتين أي مخلصا بهما بشرائطهما وذلك ظاهر ويؤيده من الحديث.

أما من طرقنا فالخبر المشهور عن علي الرضا عليه‌السلام ، حيث روى عن أبيه عن جده معنعنا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ، ثم سكت قليلا ، وقال : بشروطها ، وأنا من شروطها (٣). ومن طريق الجمهور ما سبق من حديث القهقري وردت بعض الصحابة (٤) ، ومن المعلوم إنهم لم ينكروا الشهادتين ولا إحداهما ، ويزيد ذلك بيانا لما رواه الشافعي ابن المغازلي ، رفعه عن ابن عباس

__________________

(١) الغلو : التشدد في الشيء ومجاوزة الحد فيه ، ومنه حديث رسول الله (ص) : إياكم والغلوّ في الدين [النهاية ٣ / ٣٨٢] ، وقد غلا جماعة في أمير المؤمنين (ع) وألّهوه.

قال ابن أبي الحديد : وبمقتضى ما شاهد الناس من معجزاته وأحواله المنافية لقوى البشر غلا فيه من غلا بحلول الجوهر الالهي فيه ، وقد أخبره النبي بذلك ، فقال : يهلك فيك رجلان محب غال ومبغض قال. والخوارج : فئة خرجت على إرادة أمير المؤمنين (ع) يوم صفين (صفر عام ٣٧ ه‍ / يوليه عام ٦٥٧ م) عند رفع المصاحف وألجأته الى التحكيم ثم كفرته فحاربها أمير المؤمنين يوم النهروان (٩ صفر ٣٨ ه‍ / ١٧ يوليه ٦٥ م) وكان استشهاده على يد واحد منهم وهو عبد الرحمن بن ملجم المرادي.

(٢) أجمع المسلمون قاطبة على ضرورة المعاد من دينهم ، وهو يوم الحساب ، ولهذا يجب التصديق والاعتقاد به على الوجه الذي ذكره الأنبياء (ع) ، وهو أمر معلوم الثبوت بالضرورة من دين رسول الله (ص) وصريح القرآن دل عليه في كثير من آياته ، وضرورة العقل القاطع يقضي بلزومه لذا فإن منكره كافر بإجماع المسلمين قاطبة.

(٣) التوحيد ، ص ٢٥ ، ح ٢٣ ، ميزان الحكمة ٢ / ٩٤ ، ح ٢٥٤١.

(٤) حول ارتداد الصحابة انظر : صحيح البخاري ٢ / ١٢٢ ، صحيح مسلم في باب صلح الحديبية ج ٢ ، السيرة الحلبية ٢ / ٧٠٦ ، مسند الامام أحمد ١ / ٣٥٥ و ٥ / ١١٦ ، تاريخ الطبري ٣ / ١٩٣ ، تاريخ ابن الأثير ٢ / ٣٢٠ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١٩٠ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٠٦ ، فتوح البلدان ٤٣٧ ، شرح ابن أبي الحديد ٨ / ١١١.

٧٠

رضى الله عنه قال : كنت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه‌السلام غضبان ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أغضبك؟ فقال : آذوني (١) فيك بنو عمك ، فقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مغضبا ، فقال : أيها الناس من آذى عليا فقد آذاني ، ان عليا أولكم ايمانا وأوفاكم بعهد الله ، أيها الناس من آذى عليا بعثه يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا ، فقال جابر بن عبد الله الأنصاري : يا رسول الله وإن شهد لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله؟ فقال يا جابر : كلمة يحتجزون بها عن أن لا تسفك دماؤهم (٢) وأن لا تستباح أموالهم وأن لا يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (٣). قلت : وفي هذا الحديث نكتة لطيفة ، هي أن إخلاص الشهادتين تقتضي عدم الإيذاء لأنه من لوازمها فليتأمل. وما رواه الفقيه الشافعي أيضا بحذف الإسناد ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو لاك يا علي ما عرف المؤمنون بعدي (٤). والأحاديث في ذلك كثيرة والنظر السليم والعقل المستقيم يساعدها والله الموفق.

* * *

__________________

(١) في نسخة الأصل : آذاني.

(٢) في نسخة الأصل وردت العبارة هكذا : عن سفك دمائهم وأموالهم وأن تعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.

(٣) مناقب الامام علي للمغازلي ص ٥٢ ، أخرجه بهذا اللفظ والسند ابن حسنويه جمال الدين في در بحر المناقب ص ٤٦ (مخطوط) ، وأما قوله (ص) من آذى عليا فقد آذاني فهو متواتر أخرجه الحفاظ الأثبات ، راجع : مسند الإمام أحمد ٣ / ٤٨٣ ، المستدرك للحاكم ٣ / ١٢٢ ، تاريخ الإسلام ٢ / ١٩٦ ، الإصابة لابن حجر ٢ / ٥٣٤ ، الجامع الصغير للسيوطي ٢ / ٤٧٣.

(٤) مناقب الإمام للمغازلي ، ص ٧٠.

٧١
٧٢

الفصل الأول

فيما يتعلق بأمير المؤمنين عليه‌السلام خاصة ، وفيه ثلاثة مطالب

المطلب الأول :

في أنه وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخليفته ، وهو من المشاهير ، بل من المتواتر ، وقد رواه المؤالف والمخالف ، وذكره الوفاد والشعراء في نثرهم وقصائدهم ، والأثر من الحديث به كثير (١) ، فأما من طريقنا فأشهر من أن يذكر ، فمن ذلك ما رواه محمد بن الحسن الصفار رحمه‌الله في كتاب بصائر الدرجات ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حماد ابن عمرو بن يزيد بياع السابري ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالس إذ أتاه رجل طويل كأنه نخلة فسلم فرد عليه‌السلام ، وقال : يشبه الجن في كلامهم ، فمن أنت يا عبد الله؟ فقال : أنا إلهام بن الهيم بن لاميسن بن إبليس ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بينك وبين إبليس إلا أبوين ، فقال : نعم يا رسول الله ، قال : فكم أتى لك ، فقال : أكلت عمر الدنيا إلا أقله ، أنا أيام قتل قابيل هابيل ، غلام أفهم الكلام ، وأنهى عن الاعتصام ، وأطوف الآجام ، وآمر بقطيعة الأرحام ، وأفسد الطعام ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بئس سيرة الشيخ

__________________

(١) ينابيع المودة ، ص ١٢٥ ، أرجح المطالب ٥٤٤ ، من ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ٢ / ٤٨٨ ، المناقب للخوارزمي ١ / ٦٨ ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ٥ / ٣٣.

٧٣

المتأمل والغلام المقبل ، فقال : يا رسول الله إني تائب. قال له عليه‌السلام : على يد من جرت توبتك من الأنبياء ، فقال : على يد نوح عليه‌السلام ، وكنت معه في سفينته ، وعاتبته على دعائه على قومه حتى بكى وأبكاني ، وقال : لا جرم إني على ذلك من النادمين ، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ، «ثم كنت مع هود في مسجده ، مع الذين آمنوا معه فعاتبته على دعائه على قومه حتى بكى وأبكاني ، وقال : لا جرم إني على ذلك من النادمين وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) (١) ، ثم كنت مع إبراهيم عليه‌السلام ، حين كاده قومه ، فألقوه في النار فجعلها الله بردا وسلاما ، ثم كنت مع يوسف عليه‌السلام حين حسده أخوته (٢) ، فالقوه في قعر الجب فوضعته وضعا رفيقا ، ثم كنت معه في السجن أؤنسه فيه حتى أخرجه الله منه ، ثم كنت مع موسى عليه‌السلام ، وعلمني سفرا من التوراة وقال : إذا أدركت عيسى فاقرأه مني السلام ، فلقيته وأقرأته من موسى السلام ، وعلمني من الإنجيل سفرا ، وقال : إن أدركت محمدا فاقرأه مني السلام ، فعيسى يا رسول الله يقرأ عليك السلام ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : وعلى عيسى روح الله وكلمته (وجميع أنبياء الله ورسله) (٣) ما دامت السموات والأرض السلام عليك يا هام بما بلغت السلام ، فارفع إلينا حوائجك قال : حاجتي أن يبقيك الله لأمتك ، ويصلحهم لك ويرزقهم الاستقامة لوصيك من بعدك ، فإن الأمم السالفة إنما هلكت بعصيان الأوصياء ، وحاجتي يا رسول الله أن تعلمني سورا من القرآن أصلي بها ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : يا علي علّم هام وارفق به ، فقال إلهام : يا رسول الله من هذا الذي ضمنتني إليه ، فإنا معاشر الجن قد أمرنا أن لا نكلم إلا نبيا أو وصي نبي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا هام من وجدتم في الكتاب وصي آدم ، قال : شيث بن آدم ، قال : فمن كان وصي نوح ، قال : سام بن نوح ، قال : فمن كان وصي هود ، قال : يوحنا بن حنان ابن عم هود ،

__________________

(١) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.

(٢) في نسخة الأصل : أخذه أخوه.

(٣) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.

٧٤

قال : فمن كان وصي إبراهيم عليه‌السلام ، قال : إسحاق بن إبراهيم ، قال : فمن كان وصي موسى عليه‌السلام ، قال : يوشع بن نون ، قال : فمن كان وصي عيسى عليه‌السلام ، قال : شمعون بن حمون الصفا ابن عم مريم ، قال : فمن وجدتم في الكتاب وصي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : في التوراة إليا ، قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إليا هذا علي وصيي ، قال : إلهام يا رسول الله فله اسم غيرها قال : نعم هو حيدرة ، فلم تسألني عن ذلك؟ قال : إنا وجدنا في كتاب الأنبياء إنه في الإنجيل هيدار ، قال : هو حيدرة ، قال : فعلمه علي عليه‌السلام سورا من القرآن ، فقال هام : يا علي يا وصي محمد اكتفي بما علمتني من القرآن ، قال : نعم يا هام قليل القرآن كثير ، ثم قام هام إلى النبي عليه‌السلام فودعه فلم يعد إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى قبض صلى‌الله‌عليه‌وآله (١). وإنما اخترنا إيراد هذا الخبر مع طوله لاشتماله على لطائف ونكت لا تخفى ، وعليه اقتصرنا عن باقي الأحاديث في هذا الباب من طرقنا (٢).

ومن طريق أهل السنة ، من مسند أحمد بن حنبل قال : حدثنا هيثم بن خلف ، قال : حدثنا محمد بن أبي عمر الدودي ، قال : حدثنا شاذان ، قال : حدثنا جعفر بن زياد عن مطر عن أنس يعني بن مالك ، قال : قلنا لسلمان اسأل النبي عليه‌السلام من وصيه ، فقال له سلمان : يا رسول الله من وصيك؟ فقال : يا سلمان من كان وصي موسى؟ فقال : يوشع بن نون ، قال : فقال وصيي ووارثي يقضى ديني وينجز موعدي

__________________

(١) بصائر الدرجات للصفار ج ٢ / ص ١١٨ ـ ١١٩ ، ح ٨ ، ط مؤسسة الأعلمي بطهران سنة ١٤٠٤ ه‍.

(٢) حول الأحاديث التي من طرقنا في هذا الباب انظر : الكافي ١ / ٢٣٤ ، بحار الأنوار ٢٢ / ٤٥٦ ح ٣ وح ٣١ ، أمالي الشيخ الصدوق ص ١٣ و ٣٤ و ١١٠ ، وأما التي من طرق السنة فراجع : تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ١ / ٥ ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص ٤٢ ، الميزان للذهبي ٢ / ٢٧٣ ، الرياض النضرة للطبري الشافعي ٢ / ٢٣٤ ط ٢ ، كنوز الحقائق للمناوي الشافعي ص ١٣٠ ، ذخائر العقبى للطبري الشافعي ص ٧١.

٧٥

علي بن أبي طالب عليه‌السلام (١). ومن ذلك ما رواه الفقيه الشافعي ابن المغازلي في كتاب المناقب والثعلبي في تفسيره عن أنس بن مالك ، قال : أهدي لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بساط من بهدف (٢). فقال : إلي يا أنس أبسطه ، فبسطه فقال : ادع العشرة ، فدعوتهم فلما دخلوا أمرهم بالجلوس على البساط ، ثم دعا عليا فناجاه طويلا ، ثم رجع علي فجلس على البساط ، ثم قال : يا ريح احملينا فحملنا الريح فاذا البساط يذف ذفا ، ثم قال : يا ريح ضعينا ، ثم قال : أتدرون في أي مكان أنتم ، قلنا لا ، قال : هذا موضع الكهف الرقيم ، قوموا فسلموا على اخوانكم ، قال فقمنا رجلا رجلا فسلمنا عليهم ، فلم يردوا علينا ، فقام علي عليه‌السلام فقال : السلام عليكم يا معشر الصديقين والشهداء ، قال : فقالوا وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، فقال : فقلت ما بالهم ردوا عليك ولم يردوا علينا ، فقال : لهم ما بالكم لم تردوا على إخواني ، فقالوا : إنا معشر الصديقين والشهداء لا نكلم بعد الموت إلا نبيا أو وصيا (٣).

ومن ذلك ما ذكره الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٤) ، قال فيه أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين قال : حدثنا موسى بن محمد ، قال : حدثنا الحر بن علي بن شعيب المغربي ، قال : حدثنا عباد بن يعقوب ، قال : حدثنا علي بن هاشم عن صباح بن يحيى المزني عن زكريا بن ميسرة عن أبي إسحاق عن البراء ، قال : لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) ، جمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا ، الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس ، فأمر

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ج ٥ / ٣٢ ، كنز العمال ج ٦ / ١٥٤ ح ٢٥٧٠ ط ١.

(٢) كذا ضبطه في المراصد وقال : بلد في آخر النهروان بين درايا وواسط من أعمال كسكر. وفي أصل النسخة خندق وهو تصحيف ، فان السيد ابن طاوس نقل الحديث في (سعد السعود ١١٥) بلفظه ، وفيه أهدي لرسول الله بساط من قرية يقال : لها بهدف.

(٣) المناقب للمغازلي ص ٢٣١ ، تفسير الثعلبي (خبر البساط) ويسمى ب «تفسير الكشف والبيان في تفسير القرآن» لأبي اسحاق أحمد بن محمد بن ابراهيم النيشابوري الثعلبي توجد نسخته في مكتبة آية الله المرعشي بقم المقدسة خطيّة قديمة ورقمها (٩٠٨).

(٤) سورة الشعراء ، آية ٢١٤.

٧٦

عليا أن يدخل شاة فأدمها ، ثم قال : ادنوا بسم الله ، فدعا القوم عشرة عشرة ، فاكلوا حتى صدوا ، ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة ، ثم قال : اشربوا بسم الله ، فشربوا حتى رووا فبدرهم (١) أبو لهب ، فقال : هذا سحركم به الرجل ، فسكت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ ولم يتكلم. ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام والشراب ، ثم أنذرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا بني عبد المطلب أنا النذير إليكم من الله عزوجل والمبشر بما لم يجئ به أحد منكم بالدنيا والآخرة ، فأسلموا وأطيعوني تهتدوا ، فمن هو أخي ويؤازرني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي ويقضي ديني؟ فسكت القوم ، وقال علي : أنا ، فقال : أنت. فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أمر عليك (٢).

قلت : ولهذا الحديث شأن عجيب يعرفه من عرف حكم أبي بكر لعلي عليه‌السلام على العباس يوم اختصامهما إليه ، حيث أتيا إلى أبي بكر فقال : أبو بكر كفاكم القصير والطويل ، وقال للعباس : لا تنازع عليا فان الحق معه وقد نهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن منازعته ، وقال : للعباس ألم تحضر يوم الدار إذ أوصى النبي به يوم كنا فيها ونهى عن منازعته ، فقال له العباس : ألم تك أنت حاضرا أيضا فلم نازعته الخلافة ، فأفحم وخرجا عنه (٣).

__________________

(١) فبدرهم ، من بادر ، المبادرة.

(٢) تفسير الثعلبي (مخطوط) ، ولقد سجل المؤرخون والمفسرون هذه القضية التاريخية الخالدة في كتبهم وتفاسيرهم وصحاحهم وأليك اسماء بعضها : تفسير المنير لمعالم التنزيل للجاوي ٢ / ١١٨ ط ٣ مصطفى الحلبي ، وتفسير الخازن لعلاء الدين الشافعي ٣ / ٣٧١ و ٣٩٠ ط مصر ، تفسير الطبري (ط بولاق) ١٩ / ٧٤ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢١٦ ، الكامل لابن الأثير ٢ / ٢٢ ، مسند أحمد بن حنبل ١ / ١١ / ١٥٩ و ٣٣١ في ضمن حديث ابن عباس ، مستدرك الصحيحين للحاكم ٣ / ١٣٢ ، ولشهرة هذا الحديث ذكره عدة من الافرنج في كتبهم الفرنسية والانكليزية والألمانية واختصره توماس كاوليل في كتابه : الأبطال كما في المراجعات للعلامة السيد عبد الحسين شرف الدين.

(٣) الإمامة والسياسة لابن قتيبة ١ / ٧٣.

٧٧

ومن ذلك ما رواه الفقيه المغازلي الشافعي الواسطي في تفسير قوله تعالى (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) (١). قال : فيه أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان ، قال : أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيوية الحراز إذنا ، قال : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي ادهان المعروف بأخي حماد (٢) ، قال : حدثنا علي بن محمد بن خليل بن هارون البصري ، قال : حدثنا محمد بن الخليل الجهني ، قال : حدثنا هيثم عن أبي بشير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : كنت جالسا مع فتية من بني هاشم عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذ نقض كوكب ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من انقض هذا النجم في منزله فهو الوصي من بعدي ، فقام فتية من بني هاشم فنظروا واذا الكوكب قد انقض في منزل علي عليه‌السلام ، فقالوا : يا رسول الله قد غويت في حب علي فأنزل الله تعالى (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) (٣).

ومن ذلك ما ذكره ابن عباس رضى الله عنه في حديث طويل من مسند أحمد بن حنبل رواه عن عمر بن ميمون إلى أن قال : وخرج بالناس في غزوة تبوك ، فقال : علي عليه‌السلام اخرج معك ، قال : فقال له نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ، فبكى علي عليه‌السلام ، فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك ليس بنبي ، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي ، قال : وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة (٤).

__________________

(١) سورة النجم ، آية ١ ـ ٤.

(٢) في نسخة الاصل : حماده ولعله تصحيف.

(٣) مناقب المغازلي ص ٣١٠ ـ ح ٣٥٣.

(٤) هذا الحديث من الأحاديث المتواترة ، ويوجد في : مسند أحمد بن حنبل ج ٣ / ٥٠ ح ١٤٩٠ بسند صحيح ، وص ٨٨ ح ١٥٨٣ بسند صحيح وص ٩٤ ح ١٦٠٠ بسند حسن ، وص ٩٧ ح ١٦٠٨ بسند صحيح ، وج ٥ / ٢٥ ح ٣٠٦٣ بسند صحيح ، ط دار المعارف بمصر.

٧٨

ومن ذلك ما رواه الحافظ أحمد بن موسى بن مردويه ، وهو حجة عند المذاهب الأربعة ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد السري عن يحيى التميمي (١) ، حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر قال : حدثنا أبي عن عمي الحسين بن (يوسف بن) (٢) سعيد بن أبي الجهم قال : حدثنا أبي عن إبان بن تغلب عن علي بن محمد المنكدر (٣) ، عن أم سلمة زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانت ألطف نسائه به وأشدهن له حبا ، قال : وكان لها مولى خصها (٤) ورباها وكان لا يصلي صلاة إلا سب عليا وشتمه ، فقالت له أم سلمة : يا أبة ما حملك على سب علي عليه‌السلام؟ قال : لأنه قتل عثمان ، وشرك في دمه. قالت له : لو لا أنك مولاي وربيتني وأنك عندي بمنزلة والدي ما حدثتك بسر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن اجلس حتى أحدثك عن علي وما رأيته ، قد أقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان يومي وإنما كان يصيبني في تسعة أيام يوم واحد ، فدخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو متخلل أصابعه في أصابع علي واضعا يده عليه ، فقال : يا أم سلمة أخرجي من البيت وأخليه لنا ، فخرجت وأقبلا يتناجيان وأسمع الكلام وما أدري ما يقولان حتى إذا قلت : قد انتصف النهار ، أقبلت فقلت : السلام عليكم أألج؟. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تلجي وارجعي مكانك ، ثم تناجيا طويلا ، فقام عمود الظهر ، فقلت : ذهب يومي وشغل عني علي عليه‌السلام ، فاقبلت أمشي حتى وقفت على الباب فقلت : السلام عليكم أألج؟. فقال : صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تلجي. فرجعت وجلست ، حتى إذا قلت : قد زالت الشمس الآن يخرج إلى الصلاة فيذهب يومي ولم أر قط أطول منه ، فأقبلت أمشي حتى وقفت على الباب ، فقلت : السلام عليكم ، أألج؟. (فقال :) (٥) النبي صلى

__________________

(١) في نسخة الأصل : أحمد التميمي.

(٢) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.

(٣) في نسخة الأصل : المنذر.

(٤) في نسخة الأصل : يخصها.

(٥) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.

٧٩

الله عليه وآله : نعم ، فالجي فدخلت وعلي واضع يده على ركبتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على إذن علي يتشاوران ، وعلي يقول : أفأمضي وأفعل ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : نعم. فدخلت وعلي معرض وجهة (١) عني ، حتى دخلت وخرج ، فأخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فاقعدني في حجره فأصاب مني ما يصيب الرجل من أهله من اللطف والاعتذار ، ثم قال : يا أم سلمة لا تلوميني ، فإن جبرئيل عليه‌السلام أتاني من الله بما هو كائن بعدي وأمرني أن أوصي به عليا عليه‌السلام من بعدي ، وكنت بين جبرئيل وبين علي ، وجبرئيل عن يميني وعلي عن شمالي فأمرني جبرئيل أن آمر عليا بما هو كائن بعدي ، إلى يوم القيامة فاعذريني ولا تلوميني يا أم سلمة ، إن الله اختار من كل أمة نبيا ، واختار لكل نبي وصيا ، فأنا نبي هذه الأمة ، وعلي وصيي في عترتي وأهل بيتي وأمتي من بعدي ، فهذا ما شهدت من علي عليه‌السلام. فالآن يا أبتاه فسبه أو دعه. فأقبل مولاها يناجي الليل والنهار ويقول اللهم اغفر لي ما جهلت من أمر علي ، فان ولي علي وليي وعدو علي عدوي ، وتاب توبة نصوحا ، وأقبل فيما بقى من دهره يدعو الله أن يغفر له (٢).

ومن ذلك ما رواه الفقيه الشافعي (أبو الحسن المغازلي) في كتاب (المناقب) له قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن منصور الحلبي الأخباري ، قال : حدثنا علي بن محمد العدوي الشمالي (٣) ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن زكريا ، قال : حدثنا أحمد بن المقدام العجلي ، قال : حدثنا الفضيل بن عياض عن نور بن يزيد عن خالد بن معدان عن زاذان عن سليمان (٤) قال : سمعت حبيبي محمدا (٥) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

__________________

(١) وردت وجهة ، ولعلها وجهه.

(٢) المناقب للحافظ ابن مردويه (مخطوط) ، المناقب للخوارزمي ص ٨٨ ـ ٩٠.

(٣) في نسخة الأصل : الشمشاني ولعله تصحيف.

(٤) في نسخة الأصل : عن شاذان عن سليمان.

(٥) في نسخة الأصل : محمد.

٨٠