معجزات النبي

أبي الفداء اسماعيل بن عمر ابن كثير الدمشقي

معجزات النبي

المؤلف:

أبي الفداء اسماعيل بن عمر ابن كثير الدمشقي


المحقق: إبراهيم أمين محمّد
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المكتبة التوفيقيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨

[عودة الحياة للموتى]

حديث فيه كرامة لولي من هذه الأمة

وهى معدودة من المعجزات لأن كل ما يثبت لولى فهو معجزة لنبيه.

قال الحسن بن عروة : حدثنا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل بن أبى خالد عن أبى سيرة النخعى ، قال : أقبل رجل من اليمن فلما كان ببعض الطريق ، نفق حماره فقام فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم قال : اللهم إنى جئت من الدفنية مجاهدا فى سبيلك وابتغاء مرضاتك ، وأنا أشهد أنك تحيى الموتى وتبعث من فى القبور ، لا تجعل لأحد على اليوم منة ، أطلب إليك اليوم أن تبعث حمارى ، فقام الحمار ينفض أذنيه ، قال البيهقى : هذا إسناد صحيح ، ومثل هذا يكون كرامة لصاحب الشريعة ، قال البيهقى : وكذلك رواه محمد ابن يحيى الذهلى وغيره من محمد بن عبيد عن إسماعيل بن أبى خالد عن الشعبى وكأنه عند إسماعيل عنهما والله أعلم.

حديث أخرى لتأييد هذه القصة

قال أبو بكر بن أبى الدنيا فى كتاب «من عاش بعد الموت» : حدثنا إسحاق ابن إسماعيل وأحمد بن بجير وغيرهما قالوا : حدثنا محمد بن عبيد عن إسماعيل ابن أبى خالد عن الشعبى أن قوما أقبلوا من اليمن متطوعين فى سبيل الله فنفق حمار رجل منهم فأرادوه أن ينطلق معهم فأبى ، فقام فتوضأ وصلى ثم قال : اللهم إنى جئت من الدفينة مجاهدا فى سبيلك وابتغاء مرضاتك ، وإنى أشهد أنك تحيى الموتى وتبعث من فى القبور ، لا تجعل لأحد على منة ، فإنى أطلب إليك أن تبعث لى حمارى ثم قام إلى الحمار فقام الحمار ينفض أذنيه فأسرجه وألجمه ، ثم ركبه وأجراه فلحق بأصحابه ، فقالوا له : ما شأنك؟ قال : شأنى أن الله بعث حمارى ، قال الشعبى : فأنا

١٨١

رأيت الحمار بيع أو يباع فى الكناسة ـ يعنى بالكوفة ـ.

قال ابن أبى الدنيا : وأخبرنى العباس بن هشام عن أبيه عن جده عن مسلم بن عبد الله بن شريك النخعى ، أن صاحب الحمار رجل من النخع ، يقال له نباتة بن يزيد ، خرج فى زمن عمر غازيا ، حتى إذا كان يلقى عميرة نفق حماره فذكر القصة ، غير أنه قال : فباعه بعد بالكناسة فقيل له : تبيع حمارك وقد أحياه الله لك؟ قال : فكيف أصنع؟ وقد قال رجل من رهطه ثلاثة أبيات فحفظت هذا البيت :

ومنا الّذي أحيا الإله حمار هو

قد مات منه كلّ عضو ومفصل

وقد ذكرنا فى باب رضاعه عليه‌السلام ، ما كان من حمارة حليمة السعدية وكيف كانت تسبق الركب فى رجوعها لما ركب معها عليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو رضيع ، وقد كانت أدمت بالركب فى مسيرهم إلى مكة. وكذلك ظهرت بركته عليهم فى شارفهم ـ وهى الناقة التى كانوا يحلبونها ـ وشياههم وسمنهم وكثرة ألبانها ، صلوات الله وسلامه عليه.

قصة أخرى مع قصة العلاء بن الحضرمي

قال أبو بكر بن أبى الدنيا : حدثنى خالد بن خداش بن عجلان المهلبى وإسماعيل بن بشار قالا : حدثنا صالح المري عن ثابت البنائى عن أنس بن مالك قال : عدنا شابا من الأنصار ، فما كان بأسرع من أن مات فأغمضناه ومددنا عليه الثوب ، وقال بعضنا لأمه : احتسبيه ، قالت : وقد مات؟ قلنا : نعم ، فمدت يديها إلى السماء وقال : اللهم إنى آمنت بك ، وهاجرت إلى رسولك ، فإذا نزلت بى شدة دعوتك ففرجتها ، فأسألك اللهم لا تحمل على هذه المصيبة. قال : فكشف الثوب عن وجهه فما برحنا حتى أكلنا وأكل معنا.

وقد رواه البيهقى عن أبى سعيد المالينى عن ابن عدى عن محمد بن طاهر بن أبى الدميل عن عبد الله ابن عائشة عن صالح بن بشير المزنى ـ أحد

١٨٢

زهاد البصرة وعبادها ـ مع لين فى حديثه عن أنس فذكر القصة وفيه أن أم السائب كانت عجوزا عمياء.

قال البيهقى : وقد روى من وجه آخر مرسل ـ يعنى فيه انقطاع ـ عن ابن عدى وأنس بن مالك ، ثم ساقه من طريق عيسى ابن يونس عن عبد الله ابن عون عن أنس قال : أدركت فى هذه الأمة ثلاثا لو كانت فى بنى إسرائيل لما تقاسمها الأمم ، قلنا : ما هى يا أبا حمزة؟ قال : كنا فى الصفة عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأتته امرأة مهاجرة ومعها ابن لها قد بلغ ، فأضاف المرأة إلى النساء وأضاف ابنها إلينا ، فلم يلبث أن أصابه وباء المدينة فمرض أياما ثم قبض ، فغمضه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأمر بجهازه ، فلما أردنا أن نغسله قال : يا أنس ائت أمه فأعلمها ، فأعلمتها ، قال : فجاءت حتى جلست عند قدميه فأخذت بهما ثم قالت : اللهم إنى أسلمت لك طوعا ، وخالفت الأوثان زهدا ، وهاجرت لك رغبة ، اللهم لا تشمت بى عبدة الأوثان ، ولا تحملنى من هذه المصيبة ما لا طاقة لى بحملها ، قال : فو الله ما انقضى كلامها حتى حرك قدميه وألقى الثوب عن وجهه وعاش حتى قبض الله رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وحتى هلكت أمه ، قال : ثم جهز عمر بن الخطاب جيشا واستعمل عليهم العلاء بن الحضرمى ، قال أنس : وكنت فى غزاته فأتينا مغازينا فوجدنا القوم قد بدروا بنا فعفوا آثار الماء ، والحر شديد ، فجهدنا العطش ودوابنا وذلك يوم الجمعة ، فلما مالت الشمس لغروبها صلى بنا ركعتين ثم مد يده إلى السماء ، وما نرى فى السماء شيئا. قال : فو الله ما حط يده حتى بعث الله ريحا وأنشأ سحابا وأفرغت حتى ملأت الغدر والشعاب ، فشربنا وسقينا ركابنا واستقينا ، ثم أتينا عدونا وقد جاوزوا خليجا فى البحر إلى جزيرة ، فوقف على الخليج وقال : يا على ، يا عظيم ، يا حليم ، يا كريم ، ثم قال : أجيزوا بسم الله ، قال : فأجزنا ما يبل الماء حوافر دوابنا ، فلم نلبث إلا يسيرا فأصبنا العدو عليه فقتلنا وأسرنا وسبينا ، ثم أتينا الخليج ، فقال مثل مقالته ، فأجزنا ما يبل الماء حوافر دوابنا ، قال : فلم نلبث إلا يسيرا حتى رمى فى جنازته ، قال : فحفرنا له وغسلناه

١٨٣

ودفناه ، فأتى رجل بعد فراغنا من دفنه فقال : من هذا؟ فقلنا : هذا خير البشر ، هذا ابن الحضرمى ، فقال : إن هذه الأرض تلفظ الموتى ، فلو نقلتموه إلى ميل أو ميلين ، إلى أرض تقبل الموتى ، فقلنا : ما جزاء صاحبنا أن نعرضه للسباع تأكله ، قال : فاجتمعنا على نبشه ، فلما وصلنا إلى اللحد إذا صاحبنا ليس فيه ، وإذا اللحد مد البصر نور يتلألأ ، قال : فأعدنا التراب إلى اللحد ثم ارتحلنا.

قال البيهقى رحمه‌الله : وقد روى عن أبى هريرة فى قصة العلاء بن الحضرمى فى استسقائه ومشيهم على الماء دون قصة الموت بنحو من هذا.

وذكر البخارى فى التاريخ لهذه القصة إسنادا آخر ، وقد أسنده ابن أبى الدنيا عن أبى كريب عن محمد بن فضيل عن الصلت بن مطر العجلى عن عبد الملك بن سهم عن سهم بن منجاب قال : غزونا مع العلاء بن الحضرمى ، فذكره. وقال فى الدعاء : يا عليم ، يا حليم يا على ، يا عظيم ، إنا عبيدك وفى سبيلك نقاتل عدوك ، اسقنا غيثا نشرب منه ونتوضأ ، فإذا تركناه فلا تجعل لأحد فيه نصيبا غيرنا ، وقال فى البحر : اجعل لنا سبيلا إلى عدوك ، وقال فى الموت : اخف جثتى ولا تطلع على عورتى أحدا فلم يقدر عليه ، والله أعلم.

١٨٤

قصة أخرى

قال البيهقى : أنا الحسين بن بشران ، أنا إسماعيل الصفار ، حدثنا الحسن ابن على بن عثمان ، حدثنا ابن نمير عن الأعمش عن بعض أصحابه قال : انتهينا إلى دجلة وهى مادة والأعاجم خلفها ، فقال رجل من المسلمين : بسم الله ، ثم اقتحم بفرسه فارتفع على الماء ، فقال الناس : بسم الله ثم اقتحموا فارتفعوا على الماء فنظر إليهم الأعاجم وقالوا : ديوان ديوان ، ثم ذهبوا على وجوههم ، قال : فما فقد الناس إلا قدحا كان معلقا بعذبة سرج ، فلما خرجوا أصابوا الغنائم فاقتسموها فجعل الرجل يقول : من يبادل صفراء ببيضاء؟.

قصة أخرى

قال البيهقى : أنا أبو عبد الرحمن السلمى ، أنا أبو عبد الله بن محمد السمرى ، حدثنا أبو العباس السراج ، حدثنا الفضل بن سهل وهارون بن عبد الله قالا : حدثنا أبو النضر ، حدثنا سليمان بن المغيرة أن أبا مسلم الخولانى جاء إلى دجلة وهى ترمى بالخشب من مدها ، فمشى على الماء والتفت إلى أصحابه وقال : هل تفقدون من متاعكم شيئا فندعو الله عزوجل؟.

قال البيهقى : هذا إسناد صحيح. قلت : وستأتى قصة مسلم الخولانى ـ واسمه عبد الله ابن ثوب ـ مع الأسود العنسى حين ألقاه فى النار فكانت عليه بردا وسلاما كما كانت على الخليل إبراهيم عليه‌السلام.

١٨٥
١٨٦

[باب في كلام الأموات وعجائبهم]

قصة زيد بن خارجة وكلامه بعد الموت

وشهادته بالرسالة لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبالخلافة لأبى بكر الصديق ثم لعمر ثم لعثمان رضى الله عنهم.

قال الحافظ أبو بكر البيهقى : أنا أبو صالح بن أبى طاهر العنبرى ، أنا جدى يحيى بن منصور القاضى ، حدثنا أبو على بن محمد بن عمرو بن كشمرد ، أنا القعنبى ، أنا سليمان بن بلال عن يحيى ابن سعيد عن سعيد بن المسيب أن زيد بن خارجة الأنصارى ثم من بنى الحارث ابن الخزرج توفى زمن عثمان بن عفان فسجى بثوبه ، ثم إنهم سمعوا جلجة فى صدره ثم تكلم ثم قال : أحمد أحمد فى الكتاب الأول ، صدق صدق أبو بكر الصديق الضعيف فى نفسه القوى فى أمر الله ، فى الكتاب الأول ، صدق صدق عمر بن الخطاب القوى الأمين فى الكتاب الأول ، صدق صدق عثمان بن عفان على منهاجهم مضت أربع وبقيت ثنتان أتت بالفتن ، وأكل الشديد الضعيف وقامت الساعة وسيأتيكم عن جيشكم خبر ، بئر أريس ، وما بئر أريس ، قال يحيى : قال سعيد : ثم هلك رجل من بنى خطمة فسجى بثوبه ، فسمع جلجلة فى صدره ، ثم تكلم فقال : إن أخا بنى الحارث بن الخزرج صدق صدق.

ثم رواه البيهقى عن الحاكم عن أبى بكر بن إسحاق عن موسى ابن الحسن عن القعنبى فذكره وقال : هذا إسناد صحيح وله شواهد ، ثم ساقه من طريق أبى بكر عبد الله بن أبى الدنيا فى كتاب «من عاش بعد الموت» : حدثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس ، حدثنا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل ابن أبى خالد. قال : جاء يزيد بن النعمان بن بشير إلى حلقة القاسم بن عبد الرحمن بكتاب أبيه النعمان بن بشير ـ يعنى إلى أمه ـ بسم الله الرحمن الرحيم من

١٨٧

النعمان بن بشير إلى أم عبد الله بنت أبى هاشم ، سلام عليك فإنى أحمد إليك الله الّذي لا إله إلا هو فانك كتبت إلى لأكتب إليك بشأن زيد بن خارجة ، وأنه كان من شأنه أنه أخذه وجع فى حلقه ـ وهو يومئذ من أصح الناس أو أهل المدينة ـ فتوفى بين صلاة الأولى وصلاة العصر فأضجعناه لظهره وغشيناه ببردين وكساء ، فأتانى آت فى مقامى ، وأنا أسبح بعد المغرب فقال : إن زيدا قد تكلم بعد وفاته ، فانصرفت إليه مسرعا ، وقد حضره قوم من الأنصار ، وهو يقول أو يقال على لسانه : الأوسط أجلد الثلاثة الّذي كان لا يبالى فى الله لومة لائم ، كان لا يأمر أن يأكل قويهم ضعيفهم ، عبد الله أمير المؤمنين صدق صدق كان ذلك فى الكتاب الأول. ثم قال : عثمان أمير المؤمنين وهو يعافى الناس من ذنوب كثيرة ، خلت اثنتان وبقى أربع ، ثم اختلف الناس وأكل بعضهم بعضا فلا نظام وأنتجت الأكما ، ثم ارعوى المؤمنين وقال : كتاب الله وقدره ، أيها الناس : أقبلوا على أميركم واسمعوا وأطيعوا ، فمن تولى فلا يعهدن دما وكان أمر الله قدرا مقدورا ، الله أكبر هذه الجنة وهذه النار ، ويقول النبيون والصديقون : سلام عليكم : يا عبد الله ابن رواحة هل أحسست لى خارجة لأبيه وسعدا اللذين قتلا يوم أحد؟ (كَلَّا إِنَّها لَظى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوى (١٦) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعى (١٨)) (١) ثم خفت صوته ، فسألت الرهط عما سبقنى من كلامه ، فقالوا : سمعناه يقول : أنصتوا أنصتوا ، فنظر بعضنا إلى بعض فإذا الصوت من تحت الثياب ، قال : فكشفنا عن وجهه فقال : هذا أحمد رسول الله ، سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، ثم قال : أبو بكر الصديق الأمين خليفة رسول الله كان ضعيفا فى جسمه ، قويا فى أمر الله صدق صدق وكان فى الكتاب الأول.

ثم رواه الحافظ البيهقى عن أبى نصر بن قتادة عن أبى عمرو بن بجير

__________________

(١) سورة المعارج ، الآية : ١٥ ـ ١٨.

١٨٨

عن على بن الحسين عن المعافى بن سليمان عن زهير بن معاوية عن إسماعيل ابن أبى خالد فذكره وقال : هذا إسناد صحيح.

(وقد روى هشام بن عمار فى كتاب البعث عن الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : حدثنى عمير بن هانئ ، حدثنى النعمان ابن بشير قال : توفى رجل منا يقال له : خارجة بن يزيد فسجينا عليه ثوبا ، فذكر نحو ما تقدم).

قال : البيهقى : وروى ذلك عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير وذكر بئر أريس ، كما ذكرنا فى رواية ابن المسيب. قال البيهقى : والأمر فيها أن النبي ص اتخذ خاتما فكان فى يده ، ثم كان فى يد أبى بكر من بعده ، ثم كان فى يد عمر ، ثم كان فى يد عثمان حتى وقع منه فى بئر أريس بعد ما مضى من خلافته ست سنين فعند ذلك تغيرت عمله ، وظهرت أسباب الفتن كما قيل على لسنا زيد بن خارجة. قلت : وهى المرادة من قوله مضت اثنتان وبقى أربع أو مضت أربع وبقى اثنتان ، على اختلاف الرواية والله أعلم.

وقد قال البخارى فى التاريخ : زيد بن خارجة الخزرجى الأنصارى شهد بدرا ، توفى زمن عثمان وهو الّذي تكلم بعد الموت ، قال البيهقى : وقد روى فى التكلم بعد الموت عن جماعة بأسانيد صحيحة والله أعلم.

قال ابن أبى الدنيا : حدثنا خلف بن هشام البزار ، حدثنا خالد الطحان عن حصين عن عبد الله بن عبيد الأنصارى أن رجلا من بنى سلمة تكلم فقال : محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق ، عثمان اللين الرحيم ، قال : ولا أدرى إيش قال فى عمر ، كذا رواه ابن أبى الدنيا فى كتابه.

وقد قال الحافظ البيهقى : أنا أبو سعيد بن أبى عمرو ، حدثنا أبو العباس

١٨٩

محمد بن يعقوب ، حدثنا يحيى بن أبى طالب ، أنا على بن عاصم ، أنا حصين ابن عبد الرحمن عن عبد الله بن عبيد بالأنصارى قال : بينما هم يثورون القتلى يوم صفين أو يوم الجمل ، إذ تكلم رجل من الأنصار من القتلى ، فقال : محمد رسول الله أبو بكر الصديق عمر الشهيد عثمان الرحيم ثم سكت.

قصة كلام الربيع بن حراش بعد موته

(وقال هشام بن عمار فى كتاب البعث).

حدثنا الحكم بن هشام الثقفى ، حدثنا عبد الحكم بن عمير عن ربعى بن خراش العبسى قال : مرض أخى الربيع بن خراش فمرضته ثم مات فذهبنا نجهزه ، فلما جئنا رفع الثوب عن وجهه ثم قال : السلام عليكم ، قلنا : وعليك السلام ، قدمت؟ قال : بلى ولكن لقيت بعدكم ربى ولقينى بروح وريحان ورب غير غضبان ،. ثم كسانى ثيابا من سندس أخضر ، وإنى سألته أن يأذن لى أن أبشركم فأذن لى ، وإن الأمر كما ترون ، فسددوا وقاربوا ، وبشروا ولا تنفروا ، فلما قالها كانت كحصاة وقعت فى ماء ، ثم أورد بأسانيد كثيرة فى هذا الباب وهى آخر كتابه).

حديث غريب جدا

قصة الصبي الذي تكلم في المهد

قال البيهقى : أنا على بن أحمد بن عبدان ، حدثنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا محمد بن يونس الكديمى ، حدثنا شاصونة بن عبيد أبو محمد اليمانى ـ وانصرفنا من عدن بقرية يقال لها الحردة ـ حدثنى معرض بن عبد الله بن معرض بن معيقيب اليمانى عن أبيه عن جده قال : حججت حجة الوداع فدخلت دارا بمكة فرأيت فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ووجهه مثل دارة القمر ، وسمعت منه عجبا ، جاءه رجل بغلام يوم ولد فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من أنا؟ قال : أنت رسول الله ، قال : صدقت ، بارك الله فيك ، ثم قال : إن

١٩٠

الغلام لم يتكلم بعد ذلك حتى شب ، قال أبى : فكنا نسميه مبارك اليمامة ، قال شاصونة : وقد كانت أمر على معمر فلا أسمع منه. قلت : هذا الحديث مما تكلم الناس فى محمد بن يونس الكديمى بسببه وأنكروه عليه واستغربوا شيخه هذا ، وليس هذا مما ينكر عقلا ولا شرعا ، فقد ثبت فى الصحيح فى قصة جريج العابد أنه استنطق ابن تلك البغى ، فقال له : يا أبا يونس ، ابن من أنت؟ قال : ابن الراعى ، فعلم بنو إسرائيل براءة عرض جريج مما كان نسب إليه.

وقد تقدم ذلك على أنه قد روى هذا الحديث من غير طريق الكديمى إلا أنه بإسناد غريب أيضا.

قال البيهقى ، أنا أبو سعد عبد الملك بن أبى عثمان الزهد ، أنا أبو الحسين محمد بن أحمد ابن جميع الغسانى ـ بثغر صيدا ـ ، حدثنا العباس بن محبوب بن عثمان بن عبيد أبو الفضل ، حدثنا أبى ، حدثنا جدى شاصونة بن عبيد ، حدثنى معرض بن عبد الله ابن معيقيب عن أبيه عن جده قال : حججت حجة الوداع فدخلت دارا بمكة فرأيت فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجهه كدارة القمر ؛ فسمعت منه عجبا أتاه رجل من أهل اليمامة بغلام يوم ولد وقد لفه فى خرقة ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا غلام من أنا؟ قال : أنت رسول الله ، فقال له : بارك الله فيك ، ثم إن الغلام لم يتكلم بعدها.

قال البيهقى : وقد ذكره شيخنا أبو عبد الله الحافظ عن أبى الحسن على بن العباس الوراق عن أبى الفضل أحمد بن خلف بن محمد المقرى القزوينى عن أبى الفضل العباس بن محمد بن شاصونة به.

قال الحاكم : وقد أخبرنى الثقة من أصحابنا عن أبى عمر الزهد قال : لما دخلت اليمن دخلت حردة ، فسألت عن هذا الحديث فوجدت فيها لشاصونة عقبا ، وحملت إلى قبره فزرته ، قال البيهقى : ولهذا الحديث أصل

١٩١

من حديث الكوفيين باسناد مرسل يخالفه فى وقت الكلام.

ثم أورد من حديث وكيع عن الأعمش عن شمر بن عطية ، عن بعض أشياخه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتى بصبى قد شب لم يتكلم قط ، قال : من أنا؟ قال : أنت رسول الله. ثم روى عن الحاكم عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير عن الأعمش عن شمر عن بعض أشياخه قال : جاءت امرأة بابن لها قد تحرك فقالت : يا رسول الله ، إن ابنى هذا لم يتكلم منذ ولد ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ادنيه منى ، فأدنته منه ، فقال : من أنا؟ فقال : أنت رسول الله.

١٩٢

[من معجزات الشفاء]

قصة الصبي الذي كان يصرع فدعا له عليه‌السلام فبرأ

قد تقدم ذلك من رواية أسامة بن زيد وجابر بن عبد الله ويعلى بن مرة الثقفى مع قصة الجمل الحديث بطوله. وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا حماد بن سلمة عن فرقد السنجى عن سعيد ابن جبير بن عباس أن امرأة جاءت بولدها إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : يا رسول الله إن به لمما وأنه يأخذه عند طعامنا فيفسد علينا طعامنا ، قال : فمسح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صدره ودعا له فثع ثعة فخرج منه مثل الجرو الأسود يسعى ، تفرد به أحمد. وفرقد السنجى رجل صالح ولكنه سيئ الحفظ.

وقد روى عنه شعبة وغير واحد واحتمل حديثه ولما رواه هاهنا شاهد مما تقدم والله أعلم ، وقد تكون هذه القصة هى كما سبق إيرادها ويحتمل أن تكون أخرى غيرها والله أعلم.

حديث آخر في ذلك

قال أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن مرزوق ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا صدقة ـ يعنى ابن موسى ـ حدثنا فرقد ـ يعنى السنجى ـ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة فجاءته امرأة من الأنصار فقالت : يا رسول الله إن هذا الخبيث قد غلبنى ، فقال لها : إن تصبرى على ما أنت عليه تجيئين يوم القيامة ليس عليك ذنوب ولا حساب ، قالت : والّذي بعثك بالحق لأصبرن حتى ألقى الله ، قالت : إنى أخلف الخبيث أن يجردنى ، فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتى أستار الكعبة فتعلق بها وتقول له : اخسأ ، فيذهب عنها. قال البزار : لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه ، وصدقة ليس به بأس ، وفرقد حدث عنه جماعة من أهل العلم ،

١٩٣

منهم شعبة وغيره واحتمل حديثه على سوء حفظه فيه.

طريق أخرى عن ابن عباس

قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن عمران أبى بكر ، حدثنا عطاء بن أبى رباح قال : قال لى ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت : بلى ، قال : هذه السوداء أتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : إنى أصرع وانكشف فادع الله لى ، قال : إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله لك أن يعافيك ، قالت : لا بل أصبر فادع الله ألا انكشف ولا ينكشف عنى ، قال : فدعا لها (١) ، وهكذا رواه البخارى عن مسدد عن يحيى ـ وهو ابن سعيد القطان ـ وأخرجه مسلم عن القواريرى عن يحيى القطان وبشر بن الفضل كلاهما عن عمران بن مسلم أبى بكر الفقيه البصرى عن عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس فذكر مثله ، ثم قال البخارى : حدثنا محمد (٢) ، حدثنا مخلد عن ابن جريح قال : أخبرنى عطاء أنه رأى أم زفر تلك امرأة طويلة سوداء على ستر الكعبة ، وقد ذكر الحافظ ابن الأثير فى الغاية أن أم زفر هذه كانت مشاطة خديجة بنت خويلد قديما ، وأنها عمرت حتى أدركها عطاء بن أبى رباح فالله أعلم.

حديث آخر

قال البيهقى : أنا على بن أحمد بن عبدان ، أنا أحمد بن عبيد ، حدثنا محمد ابن يونس ، حدثنا قرة بن حبيب القنوي ، حدثنا إياس بن أبى تميمة عن عطاء عن أبى هريرة قال : جاءت الحمى إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : يا رسول الله ابعثنى إلى أحب قومك إليك أو أحب أصحابك إليك ، شك قرة ، فقال : اذهبى إلى الأنصار ، فذهبت إليهم فصرعتهم ، فجاءوا إلى رسول الله

__________________

(١) أحمد في مسنده (١ / ٣٤٧).

(٢) هو محمد بن سلام.

١٩٤

صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : يا رسول الله قد أتت الحمى علينا فادع الله لنا بالشفاء فدعا لهم ، فكشفت عنهم ، قال : فاتبعته امرأة فقالت : يا رسول الله ادع الله لى ، فإنى لمن الأنصار فادع الله لى كما دعوت لهم ، فقال : أيهما أحب إليك أن أدعو لك فيكشف عنك ، أو تصبرين وتجب لك الجنة؟ فقالت : لا والله يا رسول الله بل أصبر ثلاثا ولا أجعل والله لجنته خطرا ، محمد بن يونس الكديمى ضعيف.

وقد قال البيهقى : أنا على بن أحمد بن عبدان ، أنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنيل ، حدثنا أبى ، حدثنا هشام ابن لاحق ـ سنة خمس وثمانين ومائة ـ حدثنا عاصم الأحول عن أبى عثمان النهدى عن سلمان الفارسى قال : استأذنت الحمى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : من أنت؟ قالت : أنا الحمى. أبرى اللحم ، وأمص الدم ، قال : اذهبى إلى أهل قباء ، فأتتهم فجاءوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد اصفرت وجوههم ، فشكوا إليه الحمى فقال لهم : ما شئتم؟ إن شئتم دعوت الله فيكشف عنكم ، إن شئتم تركتموها فأسقطت ذنوبكم ، قالوا : بل ندعها يا رسول الله.

وهذا الحديث ليس هو فى مسند الإمام أحمد ولم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة. وقد ذكرنا فى أول الهجرة دعاءه عليه‌السلام لأهل المدينة أن يذهب حماها إلى الجحفة ، فاستجاب الله له ذلك فإن المدينة كانت من أوبأ أرض الله فصححها الله ببركة حلوله بها ، ودعائه لأهلها صلوات الله وسلامه عليه.

حديث آخر في ذلك

رد بصر الأعمى بدعاء علمه إياه

قال الإمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا شعبة عن أبى جعفر المدينى سمعت عمارة ابن خزيمة بن ثابت يحدث عن عثمان بن حنيف : أن رجلا ضريرا أتى

١٩٥

النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله ادع الله أن يعافيني ، فقال : إن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك ، وإن شئت دعوت لك قال : لا ، بل ادع الله لى ، قال : فأمره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يتوضأ ويصلى ركعتين ، وأن يدعو بهذا الدعاء : اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبى الرحمة. يا محمد إنى أتوجه بك فى حاجتى هذه فتقضى وتشفعنى فيه وتشفعه فىّ. قال : فكان يقول هذا مرارا. ، ثم قال بعد : أحسب أن فيها أن تشفعنى فيه ، قال : ففعل الرجل فبرأ. ، وقد رواه أحمد أيضا عن عثمان بن عمرو عن شعبة به. وقال : اللهم شفعه فىّ ، ولم يقل الأخرى ، وكأنها غلط من الراوى والله أعلم.

وهكذا رواه الترمذي والنسائى عن محمود بن غيلان ، وابن ماجه عن أحمد ابن منصور بن سيار ، كلاهما عن عثمان بن عمرو ، وقال الترمذي : حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن جعفر الخطمى ، ثم رواه أحمد أيضا عن مؤمل بن حماد بن سلمة بن أبى جعفر الخطمى عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف فذكر الحديث ، وهكذا رواه النسائى عن محمد ابن معمر عن حبان عن حماد بن سلمة به ، ثم رواه النسائى عن زكريا ابن يحيى عن محمد بن المثنى عن معاذ بن هشام عن أبيه عن أبى جعفر عن أبى أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف ، وهذه الرواية تخالف ما تقدم ، ولعله عند أبى جعفر الخطمى من الوجهين والله أعلم (١).

وقد روى البيهقى والحاكم من حديث يعقوب بن سفيان عن أحمد بن شبيب عن سعيد الحنطبى عن أبيه عن روح بن القاسم عن أبى جعفر المدينى عن أبى أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجاءه رجل ضرير ، فشكا إليه ذهاب بصره ، فقال : يا رسول الله ليس لى قائد وقد شق على ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ائت الميضأة فتوضأ ثم

__________________

(١) أحمد في مسنده (٤ / ١٣٨).

١٩٦

صلّ ركعتين ثم قل : اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبى الرحمة ، يا محمد إنى أتوجه بك إلى ربى فينجلى بصرى ، اللهم فشفعه فى وشفعنى فى نفسى ، قال عثمان : فو الله ما تفرقنا ، ولا طال الحديث بنا حتى دخل الرجل كأنه لم يكن به ضر قط ، قال البيهقى: ورواه أيضا هشام الدستوائى عن أبى جعفر عن أبى أمامة ابن سهل عن عمه عثمان بن حنيف.

حديث آخر

نفث في عينى أعمى فأبصر ومسح بيده على جرحى فبرءوا

قال أبو بكر بن أبى شيبة : حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا عبد العزيز بن عمر.

حدثنى رجل من بنى سلامان وبنى سعد عن أبيه عن خاله أو أن خاله أو خالها حبيب بن مريط حدثها أن أباه خرج إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعيناه مبيضتان لا يبصر بهما شيئا أصلا ، فسأله : ما أصابك؟ فقال كنت أرعى جملا لى فوقعت رجلى على بطن حية فأصبت ببصرى ، قال : فنفث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى عينيه فأبصر ، فرأيته وإنه ليدخل الخيط فى الإبرة وأنه لابن ثمانين سنة ، وإن عينيه لمبيضتان.

قال البيهقى : كذا فى كتابه : وغيره يقول ، حبيب بن مدرك ، قال : وقد مضى فى هذا المعنى حديث قتادة بن النعمان أنه أصيبت عينه فسالت حدقته فردها رسول الله إلى موضعها ، فكان لا يدرى أيهما أصيبت ، قلت : وقد تقدم ذلك فى غزوة أحد ، وقد ذكرنا فى مقتل أبى رافع مسحه بيده الكريمة على رجل جابر بن عتيك ـ وقد انكسر ساقه ـ فبرأ من ساعته ، وذكر البيهقى بإسناده : أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم مسح يد محمد بن حاطب ـ وقد احترقت يده بالنار ـ فبرأ من ساعته ، وأنه عليه‌السلام نفث فى كف شرحبيل الجعفى فذهبت من كفه سلعة كانت به ، قلت : وتقدم فى غزوة خيبر تفله فى عينى على وهو أرمد فبرأ ، وروى الترمذي عن على حديثه فى تعليمه عليه‌السلام

١٩٧

ذلك الدعاء لحفظ القرآن فحفظه.

وفى الصحيح أنه قال لأبى هريرة وجماعة : من يبسط رداءه اليوم فإنه لا ينسى شيئا من مقالتى ، قال : فبسطته فلم أنس شيئا من مقالته تلك ، فقيل : كان ذلك حفظا من أبى هريرة لكل ما سمعه منه فى ذلك اليوم ، وقيل : وفى غيره فالله أعلم ، ودعا لسعد بن أبى وقاص فبرأ ، وروى البيهقى أنه دعا لعمه أبى طالب فى مرضة مرضها وطلب من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يدعو له ربه فدعا له فبرأ من ساعته ، والأحاديث فى هذا كثيرة جدا يطول استقصاؤها.

وقد أورد البيهقى من هذا النوع كثيرا طيبا أشرنا إلى أطراف منه وتركنا أحاديث ضعيفة الإسناد واكتفينا بما أوردنا عما تركنا وبالله المستعان.

١٩٨

حديث آخر

[قصة جمل جابر بن عبد الله]

ثبت فى الصحيحين من حديث زكريا بن أبى زائدة ، زاد مسلم والمغيرة كلاهما عن شراحيل الشعبى عن جابر بن عبد الله أنه كان يسير على جمل قد أعيا. فأراد أن يسيبه ، قال : فلحقنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فضربه ودعا لى ؛ فسار سيرا لم يسر مثله ، وفى رواية فما زال بين يدى الإبل قدامها حتى كنت أحبس خطامه فلا أقدر عليه ، فقال : كيف ترى جملك؟ فقلت : قد أصابته بركتك يا رسول الله ، ثم ذكر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اشتراه منه (١) ، واختلف الرواة فى مقدار ثمنه على روايات كثيرة ، وأنه استثنى حملانه إلى المدينة ، ثم لما قدم المدينة جاءه بالجمل فنقده ثمنه وزاده ثم أطلق له الجمل أيضا ، الحديث بطوله.

حديث آخر

ركوبه فرس أبي طلحة وكان بطيئا فأصبح سريعا

روى البيهقى واللفظ له ، وهو فى صحيح البخارى من حديث حسن ابن محمد المروزى عن جرير بن حازم عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك ، قال : فزع الناس فركب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرسا لأبى طلحة بطيئا ثم خرج يركض وحده ، فركب الناس يركضون خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : لن تراعوا إنه لبحر ، قال فو الله ما سبق بعد ذلك اليوم.

__________________

(١) أخرجه البخاري في كتاب الشروط (٢٧١٨) (٨ / ٣٠٠).

١٩٩

حديث آخر

[ضربه فرس جعيل بمخفقته فأصبح من أسرع الخيول]

قال البيهقى : أنا أبو بكر القاضى ، أنا حامد بن محمد الهروى ، حدثنا على ابن عبد العزيز ، حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشى ، حدثنا رافع بن سلمة بن زياد ، حدثنى عبد الله بن أبى الجعد عن جعيل الأشجعى ، قال : غزوت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى بعض غزواته وأنا على فرس لى عجفاء ضعيفة ، قال : فكنت فى أخريات الناس ، فلحقنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقال : سر يا صحاب الفرس ، فقلت : يا رسول الله عجفاء ضعيفة ، قال : فرفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مخفقة معه فضربها بها وقال : اللهم بارك له ، قال : فلقد رأيتنى أمسك برأسها أن تقدم الناس ، ولقد بعت من بطنها باثنى عشر ألف ، ورواه النسائى عن محمد بن رافع عن محمد بن عبد الله الرقاشى فذكره ، وهكذا رواه أبو بكر بن أبى خيثمة عن عبيد بن يعيش عن زيد بن الخباب عن رافع بن سلمة الأشجعى فذكره.

وقال البخارى فى التاريخ : وقال رافع بن زياد ابن الجعد ابن أبى الجعد : حدثنى أبى عبد الله بن أبى الجعد أخى سالم عن جعيل فذكره.

حديث آخر

قال البيهقى : أنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد ، أنا أبو سهل بن زياد القطان ، حدثنا محمد بن شاذان الجوهرى ،. حدثنا زكريا بن عدى ، حدثنا مروان بن معاوية عن يزيد بن كيسان عن أبى حازم عن أبى هريرة قال : جاء رجل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إنى تزوجت امرأة ، فقال : هلا نظرت إليها فإن فى أعين الأنصار شيئا؟ قال : قد نظرت إليها ، قال : على كم تزوجتها؟ فذكر شيئا ، قال كأنهم ينحتون الذهب والفضة من عرض هذه الجبال ،

٢٠٠