معجزات النبي

أبي الفداء اسماعيل بن عمر ابن كثير الدمشقي

معجزات النبي

المؤلف:

أبي الفداء اسماعيل بن عمر ابن كثير الدمشقي


المحقق: إبراهيم أمين محمّد
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المكتبة التوفيقيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨

الأسلمي ، عن ربيعة بن أوس ، عن أنس بن عمرو عن أهبان بن أوس قال : كنت فى غنم لى فكلمه الذئب وأسلم ، قال البخارى : إسناده ليس بالقوى.

ثم روى البيهقى عن أبى عبد الرحمن السلمى ، سمعت الحسين بن أحمد الرازى ، سمعت أبا سليمان المقرى يقول : خرجت فى بعض البلدان على حمار فجعل الحمار يحيد بى عن الطريق فضربت رأسه ضربات فرفع رأسه إلى وقال لى : اضرب يا أبا سليمان فإنما على دماغك هو ذا يضرب ، قال : قلت له : كلمك كلاما يفهم! قال : كما تكلمنى وأكلمك.

حديث آخر عن أبي هريرة في الذئب

وقد قال سعيد بن مسعود : حدثنا حبان بن على ، حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن أبى الأوس الحارثى عن أبى هريرة قال : جاء الذئب فأقعى بين يدى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجعل يبصبص بذنبه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هذا وافد الذئاب ، جاء ليسألكم أن تجعلوا له من أموالكم شيئا ، قالوا : والله لا نفعل ، وأخذ رجل من القوم حجرا فرماه فأدبر الذئب وله عواء. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الذئب ، وما الذئب؟.

وقد رواه البيهقى عن الحاكم عن أبى عبد الله الأصبهانى عن محمد بن مسلمة عن يزيد بن هارون عن شعبة عن عبد الملك ابن عمير عن رجل به ، ورواه الحافظ أبو بكر البزار عن محمد بن المثنى عن غندر عن شعبة عن عبد الملك بن عمير عن رجل عن مكحول عن أبى هريرة فذكره ، وعن يوسف بن موسى عن جرير بن عبد الحميد عن عبد الملك بن عمير ، عن أبى الأوبر ، عن أبى هريرة قال : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوما صلاة الغداة ثم قال : هذا الذئب وما الذئب؟ جاءكم يسألكم أن تعطوه أو تشركوه فى أموالكم ، فرماه رجل بحجر فمر أو ولى وله عواء ، وقال محمد بن إسحاق عن الزهرى عن حمزة بن أبى أسيد قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى جنازة رجل من الأنصار بالبقيع فإذا الذئب مفترشا ذراعيه على الطريق ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هذا

١٦١

جاء يستفرض فافرضوا له ، قالوا : ترى رأيك يا رسول الله ، قال : من كل سائمة شاة فى كل عام ، قالوا : كثير ، قال : فأشار إلى الذئب أن خالسهم ، فانطلق الذئب ، رواه البيهقى ، وروى الواقدى عن رجل سماه عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى المدينة إذ أقبل ذئب فوقف بين يديه ، فقال : هذا وافد السباع إليكم فإن أحببتم أن تفرضوا له شيئا لا يعدوه إلى غيره ، وإن أحببتم تركتموه واحترزتم منه فما أخذ فهو رزقه ، فقالوا : يا رسول الله ما تطيب أنفسنا له بشيء ، فأومأ إليه بأصابعه الثلاث أن خالسهم ، قال : فولى وله عواء ، وقال أبو نعيم : حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا معاذ بن المثنى ، حدثنا محمد بن كثير ، حدثنا سفيان ، حدثنا الأعمش ، عن شمر ابن عطية عن رجل من مزينة أن جهينة قال : أتت وفود الذئاب قريب من مائة ذئب حين صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأقعين ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هذه وفود الذئاب ، جئنكم يسألنكم لنفرضوا لهن من قوت طعامكم وتأمنوا على ما سواه ، فشكوا إليه الحاجة ، قال : فأدبروهم قال : فخرجن ولهن عواء.

(وقد تكلم القاضى عياض على حديث الذئب فذكر عن أبى هريرة وأبى سعيد وعن أهبان ابن أوس وأنه كان يقال له : مكلم الذئب ، قال : وقد روى ابن وهب أنه جرى مثل هذا لأبى سفيان ابن حرب ، وصفوان بن أمية ، مع ذئب وجداه أخذ صبيا فدخل الصبى الحرم فانصرف الذئب فعجبا من ذلك ، فقال الذئب : أعجب من ذلك محمد بن عبد الله بالمدينة يدعوكم إلى الجنة وتدعونه إلى النار ، فقال أبو سفيان : واللات والعزى لأن ذكرت هذا بمكة ليتركنها أهلوها).

قصة الوحش الذي كان في بيت النبي وكان يحترمه عليه‌السلام

ويوقره ويجله

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا يونس عن مجاهد قال : قالت

١٦٢

عائشة رضى الله عنها : كان لآل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحش ، فإذا خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعب واشتد ، وأقبل وأدبر ، فإذا أحس برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد دخل ربض فلم يترموم (١) ما دام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى البيت كراهية أن يؤذيه (٢) ، ورواه أحمد أيضا عن وكيع وعن قطن كلاهما عن يونس ـ وهو ابن أبى إسحاق السبيعى ـ وهذا الإسناد على شرط الصحيح ، ولم يخرجوه وهو حديث مشهور والله أعلم.

قصة الأسد

وقد ذكرنا فى ترجمة سفينة مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثه حين انكسرت بهم السفينة فركب لوحا منها حتى دخل جزيرة فى البحر فوجد فيها الأسد ، فقال له : يا أبا الحارث إنى سفينة مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : فضرب منكبى وجعل يحاذينى حتى أقامنى على الطريق ، ثم همهم ساعة فرأيت أنه يودعنى ، وقال عبد الرزاق : حدثنا معمر عن الحجبى عن محمد بن المنكدر أن سفينة مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخطأ الجيش بأرض الروم. أو أسر فى أرض الروم ، فانطلق هاربا يلتمس الجيش ، فإذا هو بالأسد ، فقال : يا أبا الحارث إنى مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كان من أمرى كيت وكيت ، فأقبل الأسد يبصبصه حتى قام إلى جنبه ، كلما سمع صوته أهوى إليه ، ثم أقبل يمشى إلى جنبه ، فلم يزل كذلك حتى أبلغه الجيش ، ثم رجع الأسد عنه ، رواه البيهقى.

__________________

(١) يترموم : لم يتحرك.

(٢) أحمد في مسنده (٦ / ١٣ ، ١٥٠).

١٦٣
١٦٤

حديث الغزالة

قال الحافظ أبو نعيم الأصبهانى رحمه‌الله فى كتابه دلائل النبوة : حدثنا سليمان بن أحمد ـ إملاء ـ حدثنا محمد بن عثمان بن أبى شيبة ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون ، حدثنا عبد الكريم ابن هلال الجعفى عن صالح المرى ، عن ثابت البنانى ، عن أنس بن مالك قال : مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على قوم قد اصطادوا ظبية فشدوها على عمود فسطاط ، فقالت : يا رسول الله ، إنى أخذت ولى خشفان (١) ، فاستأذن لى أرضعهما وأعود إليهم ، فقال : أين صاحب هذه؟ فقال القوم : نحن يا رسول الله. ، قال : خلوا عنها حتى تأتى خشفيها ترضعهما وترجع إليكم. فقالوا : من لنا بذلك؟ قال أنا ، فأطلقوها فذهبت فأرضعت ثم رجعت إليهم فأوثقوها ، فمر بهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : أين أصحاب هذه؟ فقالوا : هو ذا نحن يا رسول الله ، فقال : تبيعونيها؟ فقالوا : هى لك يا رسول الله ، فقال : خلوا عنها ، فأطلقوها فذهبت.

وقال أبو نعيم : حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفى ـ من أصله ـ ، حدثنا أحمد ابن موسى بن أنس بن نصر بن عبيد الله بن محمد بن سيرين البصرة ، حدثنا زكريا بن يحيى بن خلاد ، حدثنا حبان بن أغلب بن تميم ، حدثنا أبى ، عن هشام ابن حبان عن الحسن ، عن ضبة بن محصن ، عن أم سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالت : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى حجر من الأرض إذا هاتف يهتف : يا رسول الله. يا رسول الله ، قال فالتفت فلم أر أحدا ، قال : فمشيت غير بعيد فإذا الهاتف : يا رسول الله ، يا رسول الله ، قال : فالتفت فلم أر أحدا ، وإذا الهاتف يهتف بى ، فاتبعت الصوت وهجمت على ظبية

__________________

(١) خشفان : الخشف : ولد الغزالة.

١٦٥

مشدودة فى وثاق ، وإذا أعرابى منجدل فى شملة نائم فى الشمس ، فقالت الظبية : يا رسول الله. إن هذا الأعرابى صادنى قبل ، ولى خشفان فى هذا الجبل ، فإن رأيت أن تطلقنى حتى أرضعهما ثم أعود إلى وثاقى؟ قال : وتفعلين؟ قالت : عذبنى الله عذاب العشار إن لم أفعل، فأطلقها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فمضت فأرضعت الخشفين وجاءت ، قال : فبينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوثقها إذا انتبه الأعرابى وفقال : بأبى أنت وأمى يا رسول الله ، إنى أصبتها قبيلا ، فلك فيها من حاجة؟ قال : قلت : نعم ، قال : هى لك ، فأطلقها فخرجت تعدو فى الصحراء فرحا وهى تضرب برجليها فى الأرض وتقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، قال أبو نعيم : وقد رواه آدم بن أبى إياس فقال : حدثنى حبى الصدوق ، نوح بن الهيثم ، عن حبان بن أغلب ، عن أبيه ، عن هشام بن حبان ولم يجاوزه به.

(وقد رواه أبو محمد عبد الله بن حامد الفقيه فى كتابه دلائل النبوة من حديث إبراهيم بن مهدى عن ابن أغلب ابن تميم عن أبيه عن هشام بن حبان عن الحسن بن ضبة بن أبى سلمة به).

وقال الحافظ أبو بكر البيهقى : أنبأنى أبو عبد الله الحافظ ـ إجازة ـ أنا أبو جعفر محمد بن على بن دحيم الشيبانى : حدثنا أحمد بن حازم ابن أبى عروة الغفارى ، حدثنا على بن قادم ، حدثنا أبو العلاء خالد بن طهمان ، عن عطية عن أبى سعيد قال : مر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بظبية مربوطة إلى خباء فقالت : يا رسول الله خلنى حتى أذهب فأرضع خشفى ثم أرجع فتربطنى ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : صيد قوم وربيطة قوم ، قال : فأخذ عليها فحلفت له ، قال : فحلها ، فما مكثت إلا قليلا حتى جاءت وقد نفضت ما فى ضرعها ، فربطها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم أتى خباء أصحابها ، فاستوهبها منهم فوهبوها له فحلها ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لو تعلم البهائم من الموت ما تعلمون ، ما أكلتم منها سمينا أبدا.

١٦٦

قال البيهقى : وروى من وجه آخر ضعيف : أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضى، أنا أبو على حامد بن محمد الهروى ، حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا أبو حفص عمر ابن على ، حدثنا يعلى بن إبراهيم الغزالى ، حدثنا الهيثم ابن حماد عن أبى كثير عن يزيد بن أرقم قال : كنت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى بعض سكك المدينة ، قال : فمررنا بخباء أعرابى فإذا ظبية مشدودة إلى الخباء فقالت : يا رسول الله ، إن هذا الأعرابى اصطادنى ، وإن لى خشفين فى البرية ، وقد تعقد اللبن فى أخلافى ، فلا هو يذبحنى فأستريح ، ولا هو يدعنى فأرجع إلى خشفى فى البرية. فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن تركتك ترجعين؟ قالت : نعم وإلا عذبنى الله عذاب العشار ، قال : فأطلقه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم تلبث أن جاءت تلمظ ، فشدها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الخباء ، وأقبل الأعرابى ومعه قربة فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أتبيعنيها؟ قال : هى لك يا رسول الله ، فأطلقها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال زيد بن أرقم : فأنا والله رأيتها تسبح فى البرية. وهى تقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ورواه أبو نعيم : حدثنا أبو على محمد بن أحمد بن الحسن بن مطر ، حدثنا بشر بن موسى فذكره ، قلت : وفى بعضه نكارة والله أعلم ، وقد ذكرنا فى باب تكثيره عليه‌السلام اللبن حديث تلك الشاة التى جاءت وهى فى البرية ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الحسن ابن سعيد مولى أبى بكر أن يحلبها فحلبها ، وأمره أن يحفظها فذهبت وهو لا يشعر ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ذهب بها الّذي جاء بها ، وهو مروى من طريقين عن صحابيين كما تقدم والله أعلم.

١٦٧
١٦٨

حديث الضب على ما فيه من النكارة والغرابة (١)

قال البيهقى : أنا أبو منصور أحمد بن على الدامغانى من ساكنى قرية نامين من ناحية بيهق ـ قراءة عليه من أصل كتابه ـ حدثنا أبو أحمد عبد الله بن عدى الحافظ ـ فى شعبان سنة اثنتين وثلاثمائة ـ حدثنا محمد بن الوليد السلمى ، حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا معمر بن سليمان ، حدثنا كهمس ، عن داود بن أبى هند ، عن عامر بن عمر ، عن عمر بن الخطاب ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان فى محفل من أصحابه إذ جاء أعرابى من بنى سليم قد صاد ضبا وجعله فى كمه ليذهب به إلى رحله فيشويه ويأكله ، فلما رأى الجماعة قال : ما هذا؟ قالوا : هذا الّذي يذكر أنه نبى ، فجاء فشق الناس فقال : واللات والعزى ما شملت السماء على ذى لهجة أبغض إلى منك ، ولا أمقت منك ، ولو لا أن يسمينى قومى عجولا لعجلت عليك فقتلتك فسررت بقتلك الأسود والأحمر والأبيض وغيرهم ، فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ، دعنى فأقوم فأقتله ،. قال : يا عمر أما علمت أن الحليم كاد أن يكون نبيا؟ ثم أقبل على الأعرابى وقال : ما حملك على أن قلت ما قلت وقلت غير الحق ولم تكرمنى فى مجلسى؟ فقال : وتكلمنى أيضا؟ ـ استخفافا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ واللات والعزى لا آمنت بك أو يؤمن بك هذا الضب ـ وأخرج الضب من كمه وطرحه بين يدى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا ضب ، فأجابه الضب بلسان عربى مبين يسمعه القوم جميعا : لبيك وسعدي يا زين من وافى القيامة قال : من تعبد يا ضب؟ قال : الّذي فى السماء عرشه ، وفى الأرض سلطانه ، وفى البحر سبيله ، وفى الجنة رحمته ، وفى النار عقابه ، قال : فمن أنا يا ضب؟ فقال : رسول رب العالمين وخاتم النبيين ، وقد أفلح من صدقك ، وقد خاب من كذبك ، فقال الأعرابى والله لا أتبع أثرا بعد عين ،

__________________

(١) السيرة الحلبية (٣ / ٣٤٢).

١٦٩

والله لقد جئتك وما على ظهر الأرض أبغض إلى منك ، وإنك اليوم أحب إلى من والدى ومن عينى ومنى ، وإنى لأحبك بداخلى وخارجى ، وسرى وعلانيتى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فقال رسول الله : الحمد لله الّذي هداك بى ، إن هذا الدين يعلو ولا يعلى ولا يقبل إلا بصلاة ، ولا تقبل الصلاة إلا بقرآن ، قال : فعلمنى ، فعلمه (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١)) (١) ، قال : زدنى فما سمعت فى البسيط ولا فى الوجيز أحسن من هذا ، قال : يا أعرابى إن هذا كلام الله ، ليس بشعر ، إنك إن قرأت (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١)) مرة كان لك كأجر من قرأ ثلث القرآن ، وإن قرأتها مرتين كان لك كأجر من قرأ ثلثي القرآن ، وإذا قرأتها ثلاث مرات كان لك كأجر من قرأ القرآن كله ، قال الأعرابى : نعم الإله إلهنا. يقبل اليسير ويعطى الجزيل. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ألك مال؟ فقال : ما فى بنى سليم قاطبة رجل هو أفقر منى ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأصحابه. اعطوه ، فأعطوه حتى أبطروه (٢) ، قال: فقام عبد الرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله ، إن له عندى ناقة عشراء (٣) ، دون البختية(٤) وفوق الأعرى (٥) ، تلحق ولا تلحق أهديت إلى يوم تبوك ، أتقرب بها إلى الله عزوجل فأدفعها إلى الأعرابى؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وصفت ناقتك ، فأصف ما لك عند الله يوم القيامة؟ قال : نعم ، قال : لك ناقة من درة جوفاء قوائمها من زبرجد أخضر وعنقها من زبرجد أصفر عليها هودج ، وعلى الهودج السندس والاستبرق ، وتمرّ بك على الصراط كالبرق الخاطف. يغبطك بها كل من رآك يوم القيامة» فقال عبد الرحمن : قد رضيت. فخرج الأعرابى فلقيه ألف أعرابى من بنى سليم

__________________

(١) سورة الإخلاص ، الآية : ١.

(٢) أبطروه : أشبعوه بالنعم.

(٣) العشراء : التي مضى على حملها عشرة أشهر.

(٤) البختية : الإبل الخراسانية وهي جمال طوال الأعناق.

(٥) الأعرى : الجمل الذي يرسل سدى ولا يحمل عليه.

١٧٠

على ألف دابة ، معهم ألف سيف وألف رمح ، فقال لهم : أين تريدون؟ قالوا نذهب إلى هذا الّذي سفه آلهتنا فنقتله. قال : لا تفعلوا ، أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وحدثهم الحديث ، فقالوا بأجمعهم : نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ثم دخلوا ، فقيل لرسول الله ، فتلقاهم بلا رداء ، ونزلوا عن ركبهم يقبلون حيث ولوا عنه وهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ثم قالوا : يا رسول الله : مرنا بأمرك ، قال : كونوا تحت راية خالد بن الوليد ، فلم يؤمن من العرب ولا من غيرهم ألف غيرهم.

قال البيهقى : قد أخرجه شيخنا أبو عبد الله الحافظ فى المعجزات بالإجازة عن أبى أحمد بن عدى الحافظ ، قلت ، ورواه الحافظ أبو نعيم فى الدلائل عن أبى القاسم بن أحمد الطبرانى ـ إملاء وقراءة ـ : حدثنا محمد ابن على بن الوليد السلمى البصرى أبو بكر بن كنانة. فذكر مثله. ورواه أبو بكر الإسماعيلي عن محمد ابن على بن الوليد السلمى ، قال البيهقى : روى فى ذلك عن عائشة وأبى هريرة ، وما ذكرناه هو أمثل الأسانيد فيه وهو أيضا ضعيف ، والحمل فيه على هذا السلمى ، والله أعلم.

١٧١
١٧٢

حديث الحمار

وقد أنكره غير واحد من الحفاظ الكبار فقال أبو محمد بن عبد الله بن حامد : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن حمدان السحركى ، حدثنا عمر بن محمد ابن بجير ، حدثنا أبو جعفر محمد ابن يزيد ـ إملاء ـ ، أنا أبو عبد الله محمد بن عقبة بن أبى بالصهباء ، حدثنا أبو حذيفة عن عبد الله ابن حبيب الهذلى عن أبى عبد الرحمن السلمى عن أبى منظور قال : لما فتح الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم خيبر أصابه من سهمه أربعة أزواج بغال وأربعة أزواج خفاف ، وعشر أواق ذهب وفضة ، وحمار أسود ، ومكتل ، قال : فكلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الحمار فكلمه الحمار ، فقال له : ما اسمك ، قال : يزيد ابن شهاب ، أخرج الله من نسل جدى ستين حمارا كلهم لم يركبهم إلا نبى ، لم يبق من نسل جدى غيرى ، ولا من الأنبياء غيرك ، وقد كنت أتوقعك أن تركبنى ، قد كنت قبلك لرجل يهودى ، وكنت أعثر به عمدا ، وكان يجيع بطنى ويضرب ظهرى ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : سميتك يعفور ، يا يعفور ، قال : لبيك ، قال تشتهى الإناث؟ قال : لا ، فكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يركبه لحاجته ، فإذا نزل عنه بعث به إلى باب الرجل فيأتى الباب فيقرعه برأسه فإذا خرج إليه صاحب الدار أومأ إليه أن أجب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جاء إلى بئر كان لأبى الهيثم بن النبهان فتردى فيها فصارت قبره جزعا منه على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم).

١٧٣
١٧٤

حديث الحمرة وهو طائر مشهور

قال أبو داود الطيالسى : حدثنا المسعودى عن الحسن بن سعد ، عن عبد الرحمن بن عبد الله ابن مسعود ، قال : كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى سفر فدخل رجل غيطة فأخرج بيضة حمرة فجاءت الحمرة ترف على رسول الله وأصحابه ، فقال : أيكم فجع هذه؟ فقال رجل من القوم : أنا أخذت بيضتها ، فقال : رده رده رحمة بها ، وروى البيهقى عن الحاكم وغيره عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار : حدثنا أبو معاوية عن أبى إسحاق الشيبانى عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال : كنا مع رسول الله فى سفر فمررنا بشجرة فيها فرخا حمرة فأخذناهما ، قال : فجاءت الحمرة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهى تفرش ، فقال : من فجع هذه بفرخيها؟ قال : فقلنا : نحن ، قال ردوهما ، فرددناهما إلى موضعهما فلم ترجع.

حديث آخر في ذلك وفيه غرابة

قال البيهقى : أنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن الحسين بن داود العلوى قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأموى ، حدثنا محمد بن عبيد ابن عتبة الكندى. حدثنا محمد بن الصلت ، حدثنا حبان ، حدثنا أبو سعيد البقال. عن عكرمة ، عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا أراد الحاجة أبعد ، قال : فذهب يوما فقعد تحت سمرة ونزع خفيه ، قال : ولبس أحدهما ، فجاء طير فأخذ الخف الآخر فحلق به فى السماء ، فانسلت منه أسود سالح ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هذه كرامة أكرمنى الله بها ، اللهم إنى أعوذ بك من شر ما مشى على رجليه ، ومن شر ما يمشى على بطنه.

١٧٥
١٧٦

حديث آخر

[قصة الرجلين اللذين أضاءت لهما العصا الطريق]

قال البخارى : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا معاذ ، حدثنى أبى عن قتادة قال : حدثنا أنس ابن مالك أن رجلين من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرجا من عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعهما مثل المصباحين بين أيديهما ، فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله (١) ، وقال عبد الرزاق : أنا معمر ، عن ثابت ، عن أنس أن أسيد بن حضير الأنصارى ورجلا آخر من الأنصار تحدثا عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى حاجة لهما حتى ذهب من الليل ساعة ، وهى ليلة شديدة الظلمة حتى خرجا من عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينقلبان ، وبيد كل واحد منهما عصية فأضاءت عصى أحدهما لهما حتى مشيا فى ضوئها ، حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت للآخر عصاه حتى مشى فى ضوئها حتى أتى كل واحد منهما فى ضوء عصاه حتى بلغ أهله.

وقد علقه البخارى. فقال : وقال معمر فذكره ، وعلقه البخارى أيضا عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس : أن عباد ابن بشر وأسيد ابن حضير خرجا من عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فذكر مثله (٢) ، وقد رواه النسائى عن أبى بكر بن نافع عن بشر بن أسيد ، وأسنده البيهقى من طريق يزيد بن هارون كلاهما عن حماد ابن سلمة به.

__________________

(١) أخرجه البخاري في كتاب المناقب (٣٦٣٩) (١٠ / ٥٠٦).

(٢) أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار (٣٨٠٥) (١١ / ١١٢).

١٧٧
١٧٨

حديث آخر

[الضوء الذي أضاء للحسن والحسين رضي الله عنهما]

قال البيهقى : أنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهانى ، حدثنا أحمد بن مهران ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أنا كامل بن العلاء ، عن أبى صالح ، عن أبى هريرة. قال : كنا نصلى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم العشاء وكان يصلى فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره ، فإذا رفع رأسه أخذهما فوضعهما وضعا رفيقا ، فإذا عاد عادا ، فلما صلى جعل واحدا هاهنا وواحدا هاهنا ، فجئته فقلت يا رسول الله ألا أذهب بهما إلى أمهما؟ فبرقت برقة فقال : الحقا بأمكما ، فما زالا يمشيان فى ضوئها حتى دخلا (١).

حديث آخر

قال البخارى فى التاريخ : حدثنى أحمد بن الحجاج ، حدثنا سفيان بن حمزة ، عن كثير بن يزيد ، عن محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي عن أبيه قال : كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فتفرقنا فى ليلة ظلماء دحسة ، فأضاءت أصابعى حتى جمعوا عليها ظهرهم وما هلك منهم ، وإن أصابعى لتنير ، ورواه البيهقى من حديث إبراهيم بن المنذر الحزامى. عن سفيان بن حمزة ، ورواه الطبرانى من حديث إبراهيم بن حمزة الزهرى عن سفيان بن حمزة به.

حديث آخر

قال البيهقى : حدثنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو محمد بن أحمد بن عبد الله المدنى ، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمى ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا زيد ابن الحباب ، حدثنا عبد الحميد بن أبى عبس الأنصارى من بنى حارثة ، أخبرنى

__________________

(١) أحمد في مسنده (٢ / ٥١٣).

١٧٩

ميمون بن زيد بن أبى عبس ، أخبرنى أبى أن أبا عبس ، كان يصلى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الصلوات ثم يرجع إلى بنى حارثة ، فخرج فى ليلة مظلمة مطيرة ، فنور له فى عصاه حتى دخل دار بنى حارثة ، قال البيهقى : أبو عبس ممن شهد بدرا ، قلت : وروينا عن يزيد بن الأسود وهو من التابعين أنه كان يشهد الصلاة بجامع دمشق من جسرين فربما أضاءت له إبهام قدمه فى الليلة المظلمة ، وقد قدمنا فى قصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسى بمكة قبل الهجرة ، وأنه سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم آية يدعو قومه بها ، فلما ذهب إليهم وانهبط من الثنية أضاء له نور بين عينيه. فقال : اللهم (لا) يقولوا : هو مثلة. فحوله الله إلى طرف سوطه حتى جعلوا يرونه مثل القنديل.

حديث آخر فيه كرامة لتميم الدارى

روى الحافظ البيهقى من حديث عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة عن الجريرى عن معاوية ابن حرمل قال : خرجت نار بالحرة فجاء عمر إلى تميم الدارى فقال : قم إلى هذه النار ، قال : يا أمير المؤمنين ومن أنا وما أنا؟ قال : فلم يزل به حتى قام معه ، قال : وتبعتهما ، فانطلقا إلى النار ، فجعل تميم يحوشها بيديه حتى دخلت الشعب ودخل تميم خلفها ، قال : فجعل عمر يقول : ليس من رأى كمن لم ير ، قالها ثلاثا.

١٨٠