شرح أسماء الله الحسنى

زين الدين أبي القاسم عبدالكريم ابن هوازن بن عبدالملك ابن طلحة بن محمد النيسابوري القشيري

شرح أسماء الله الحسنى

المؤلف:

زين الدين أبي القاسم عبدالكريم ابن هوازن بن عبدالملك ابن طلحة بن محمد النيسابوري القشيري


المحقق: طه عبدالرؤوف سعد و سعد حسن محمد علي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الحرم للتراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٢

سورة الرحمن : ذو الجلال والإكرام (٢٧).

سورة الحديد : الأول ، الآخر ، الظاهر (٣).

سورة الحشر : القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، الجبار ، المتكبر ، المصور(٢٣).

سورة الأعلى : الأعلى (١).

سورة العلق : الأكرم (٣).

سورة الإخلاص : الأحد (١) الصمد (٢).

(ب) ما ورد منها فى السنة مما لم يرد فى القرآن :

١ ـ (مقلب القلوب) : من حديث عبد الله بن عمر : كانت يمين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا ، ومقلب القلوب» (البخارى).

٢ ـ (الجميل) من حديث ابن مسعود عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر» قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا ، قال : «إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس» (مسلم).

٣ ـ (سبوح قدوس) : من حديث عائشة رضى الله عنها قالت : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول فى ركوعه : «سبوح قدوس ، رب الملائكة والروح» (النسائى).

٤ ـ (مصرف القلوب) فى مسند الإمام أحمد ، فكان يكثر أن يقول : «يا مصرف القلوب».

٥ ـ (المقدم والمؤخر) من حديث طويل عن على رضى الله عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «... أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت» (البخارى ـ مسلم).

٦ ـ (الوتر) من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال : «لله تسعة وتسعون اسما ، مائة إلا واحدا ، وهو وتر يحب الوتر» (البخارى).

٢١

وعقب على ذلك كله بقوله : (إن ما تقدم من أسماء الله تعالى ، وصفاته دليل على أنها لا يمكن حصرها بالعدد «مائة إلا واحدا» وإن ابن حجر استوفى هذا الموضوع فى فتح البارى بما فيه الكفاية ، والله تعالى أعلم بأسمائه وصفاته ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت السميع العليم.

فاعلم يا أخى المسلم أن أسماء الله الحسنى هى التى أثبتها الله تعالى لنفسه وأثبتها له عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وآمن بها جميع المؤمنين.

من أسماء الله الحسنى ما لا يطلق إلا مقترنا بمقابله :

ـ يقول الشيخ الحكمى رحمه‌الله : «واعلم أن من أسماء الله عزوجل ما لا يطلق عليه إلا مقترنا بمقابله ، فإذا أطلق وحده أوهم نقصا ، تعالى الله عن ذلك ، فمنها المعطى المانع ، والضار النافع ، والقابض الباسط ، والمعز المذل ، والخافض الرافع ، فلا يطلق على الله عزوجل المانع الضار القابض المذل الخافض كلا على انفراده ، بل لا بد من ازدواجها بمقابلاتها ، إذ لم تطلق فى الوحى إلا كذلك ، ومن ذلك (المنتقم) لم يأت فى القرآن إلا مضافا إلى «ذو» كقوله تعالى (عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) أو مقيدا بالمجرمين كقوله تعالى : (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) وأخيرا ذكر أن الإحصاء المذكور فى الحديث السابق له معان متعددة اختلف فيها العلماء ، فقيل : إن معناه الحفظ ، وقيل : عدها ، وقيل : القيام بحقها والعمل بمقتضاها ، وقيل : الإحاطة بجميع معانيها ، ويجوز أن تشمل كل المعانى السابقة ، والله أعلم.

٢٢

* شرح أسماء الله الحسنى فى إيجاز :

ونقدم ما كتبه الإمام ابن الديبع الشيبانى شرح بعض أسماء الله الحسنى فى إيجاز على النحو التالى لمن أراد العلم بها باختصار :

(القدوس) : الطاهر من العيوب.

(السلام) : ذو السلام ، أى الّذي سلم من كل عيب وبرئ من كل آفة.

(المؤمن) : الّذي يصدق عباده وعده ، فهو من الإيمان بمعنى التصديق ، أو يؤمنهم يوم القيامة من عذابه فهو من الإيمان.

(المهيمن) : الشهيد ، وقيل : الأمين ، وأصله مؤيمن ، فقلبت الهمزة هاء ، وقيل : الرقيب والحافظ.

(العزيز) : القاهر الغالب ، والعزة : الغلبة.

(الجبار) : هو الّذي أجبر الخلق ، وقهرهم على ما أراد من أمر ونهى ، وقيل : هو العالى فوق خلقه.

(المتكبر) : المتعالى عن صفات الخلق ، وقيل : الّذي يتكبر على عتاة خلقه إذا نازعوه العظمة فيقصمهم ، والتاء فى المتكبر تاء المنفرد ، والمتخصص ، لا تاء المتعاطى المتكلف ، وقيل : إن المتكبر من الكبرياء الّذي هو عظمة الله تعالى لا من الكبر الّذي هو مذموم.

(البارئ) هو الّذي خلق الخلق لا عن مثال ، إلا أن لهذه اللفظة من الاختصاص بالحيوان ما ليس لغيره من المخلوقات ، وقلما تستعمل فى غير الحيوان ، فيقال برأ الله تعالى النسمة ، وخلق السماوات والأرض.

(المصور) : هو الّذي أنشأ خلقه على صور مختلفة ، ومعنى التصوير التخطيط والتشكيل.

٢٣

(الغفار) : هو الّذي يغفر ذنوب عباده مرة بعد مرة ، وأصل الغفر : الستر والتغطية، والله تعالى غافر لذنوب عباده ساتر لها بترك العقوبة عليها.

(الفتاح) : هو الحاكم بين عباده ، يقال فتح الحاكم بين الخصمين إذا فصل بينهما ، ويقال للحاكم الفاتح ، وقيل : هو الّذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده ، والمنغلق عليهم من أرزاقهم.

(القابض) : الّذي يمسك الرزق عن عباده بلطفه وحكمته.

(الباسط) : الّذي يبسط الرزق لعباده ويوسعه عليهم بجوده ورحمته ، فهو الجامع بين العطاء والمنع.

(الخافض) : الّذي يخفض الجبارين والفراعنة : أى يضعهم ويهينهم.

(الرافع) : الّذي يرفع أولياءه ويعزهم ، فهو الجامع بين الإعزاز والإذلال.

(الحكم) : الحاكم ، وحقيقته الّذي سلم له الحكم ورد إليه.

(العدل) : هو الّذي لا تميل به الأهواء فيجور فى الحكم ، وهو من المصادر التى يسمى بها كرجل ضيف وزور.

(اللطيف) : الّذي يوصل إليك أربك فى رفق ، وقيل : هو الّذي لطف عن أن يدرك بالكيفية.

(الخبير) : العالم العارف بما كان وما يكون.

(الغفور) : من أبنية المبالغة فى القرآن (١).

(الشكور) : الّذي يجازى عباده ويثيبهم على أفعالهم الصالحة ، فشكر الله تعالى لعباده إنما هو مغفرته لهم وقبوله لعبادتهم.

(الكبير) : هو الموصوف بالجلال وكبر الشأن.

__________________

(١) يقصد كثير الغفران.

٢٤

(المقيت) : هو المقتدر ، وقيل : هو الّذي يعطى أقوات الخلائق.

(الحسيب) : هو الكافى ، وهو فعيل بمعنى مفعل ، كأليم بمعنى مؤلم ، وقيل : هو المحاسب.

(الرقيب) : هو الحافظ الّذي لا يغيب عنه شيء.

(المجيب) : هو الّذي يقبل دعاء عباده ويستجيب لهم.

(الواسع) : الّذي وسع غناه كل فقير ورحمته كل شيء.

(الودود) : فعول بمعنى مفعول من الود ، فالله تعالى هو مودود : أى محبوب فى قلوب أوليائه ، أو هو بمعنى فاعل أى أن الله يود عباده الصالحين بمعنى يرضى عنهم.

(المجيد) : هو الواسع الكريم ، وقيل : هو الشريف.

(الباعث) : هو الّذي يبعث الخلق بعد الموت يوم القيامة.

(الشهيد) : هو الّذي لا يغيب عنه شيء ، يقال : شاهد وشهيد كعالم وعليم : أى أنه حاضر يشاهد الأشياء ويراها.

(الحق) : هو المتحقق كونه ووجوده.

(الوكيل) : هو الكفيل بأرزاق عباده ، وحقيقته أنه الّذي يستقل بأمر الموكول إليه ، ومنه قوله تعالى : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).

(القوى) : القادر ، وقيل : هو التام القدرة والقوى الّذي لا يعجزه شيء.

(المتين) : هو الشديد القوى الّذي لا تلحقه فى أفعاله مشقة.

(الولى) : الناصر ، وقيل : المتولى للأمور القائم بها كولى اليتيم.

(الحميد) : المحمود الذي استحق الحمد بفعله وهو فعيل بمعنى مفعول.

(المحصى) : هو الّذي أحصى كل شيء بعلمه فلا يفوته شيء من الأشياء دق أو جل.

٢٥

(المبدئ) : الّذي أنشأ الأشياء واخترعها ابتداء.

(المعيد) : هو الّذي يعيد الخلق بعد الحياة إلى الممات ، وبعد الممات إلى الحياة.

(الواجد) : هو الغنى الّذي لا يفتقر ، وهو من الجدة والغنى.

(الواحد) : هو الفرد الّذي لم يزل وحده ، ولم يكن معه آخر ، وقيل : هو المنقطع القرين والشريك.

(الأحد) : الفرد ، والفرق بين الواحد والأحد أن أحدا بنى لنفى ما يذكر معه من العدد ، فهو يقع على المذكر والمؤنث ، يقال : ما جاءنى أحد ، أى لا ذكر ولا أنثى ، وأما الواحد فإنه وضع لمفتتح العدد ، تقول : جاءنى واحد من الناس ، ولا تقول فيه جاءنى أحد من الناس ، فالواحد بنى على انقطاع النظير والمثل ، والأحد بنى على الانفراد ، والوحدة عن الأصحاب ، فالواحد منفرد بالذات ، والأحد منفرد بالمعنى.

(الصمد) : هو السيد الّذي يصمد إليه الخلق فى حوائجهم أى يقصدونه.

(المقتدر) : مفتعل من القدرة ، وهو أبلغ من قادر.

(المقدم) : الّذي يقدم الأشياء فيضعها فى مواضعها.

(المؤخر) : الّذي يؤخرها إلى أماكنها ، فمن استحق التقديم قدمه ، ومن استحق التأخير أخره.

(الأول) : هو السابق للأشياء كلها.

(الآخر) : الباقى بعد الأشياء كلها.

(الظاهر) : هو الّذي ظهر فوق كل شيء وعلاه.

(الباطن) : هو المحتجب عن أبصار الخلائق.

٢٦

(الوالى) : مالك الأشياء المتصرف فيها.

(المتعالى) : هو المنزه عن صفات المخلوقين ، تعالى أن يوصف بها عزوجل.

(البر) : هو العطوف على عباده ببره ولطفه.

(المنتقم) : هو المبالغ فى العقوبة لمن يشاء ، وهو مفتعل من نقم ينقم إذا بلغت به الكراهية حد السخط.

(العفو) : فعول من العفو بناء مبالغة ، وهو الصفوح عن الذنوب.

(الرءوف) : هو الرحيم العاطف برأفته على عباده ، والفرق بين الرأفة والرحمة أن الرحمة قد تقع فى الكراهية للمصلحة ، والرأفة لا تكاد تقع فى الكراهية.

(ذو الجلال والإكرام) : مصدر جليل ، يقال : جليل بيّن الجلالة والجلال.

(المقسط) : العادل فى حكمه ، أقسط الرجل إذا عدل فهو مقسط ، وقسط : إذا جار فهو قاسط.

(الجامع) : الّذي يجمع الخلائق ليوم الحساب.

(المانع) : هو الناصر الّذي يمنع أولياءه أن يؤذيهم.

(النور) : هو الّذي يبصر بنوره ذوو العماية ، ويرشد بهداه ذوو الغواية.

(الوارث) : هو الباقى بعد فناء الخلائق.

(الرشيد) : هو الّذي يرشد الخلق إلى مصالحهم ، فعيل بمعنى مفعل.

(الصبور) : هو الّذي لا يعاجل العصاة بالانتقام منهم بل يؤخر ذلك إلى أجل مسمى ، فمعنى الصبور فى صفة الله تعالى قريب من معنى الحليم إلا أن الفرق بين الأمرين أنهم لا يأمنون العقوبة فى صفة الصبور كما يأمنون منها فى صفة الحليم ، سبحانه وتعالى عما يقول الجاحدون علوا كبيرا.

* * *

٢٧

* جزء من قصيدة الأمير أحمد شرف الدين أمير كوكبان :

وللأمير أحمد بن محمد شرف الدين أمير كوكبان (١٢٤٤ ـ ١٣١٨ ه‍) قصيدة من واحد وخمسين بيتا فى نظم أسماء الله الحسنى نأتى ببعض أبياتها ، وقد وضع فى آخر كل بيت الرقم الّذي يبين عدد الأسماء الحسنى التى وردت فيه ، يقول فيها :

بدأت بمن لا رب يعبد إلا هو

مليك أمرنا أن نقول (هو الله) (١)

تعالى هو (الرحمن) جل جلاله

تبارك من رب (رحيم) وجدناه (٢)

هو (الملك القدوس) وهو (السلام) إن

دعوناه كم كرب جلاه وأمحاه (٣)

هو (المؤمن) الرب (المهيمن) جل من

(عزيز) فما أعلاه قدرا وأسماه (٣)

ألا وهو (الجبار المتكبر) الّذي

خلق الخلق العظيم وسواه (٢)

مليك تسمى (الخالق البارئ المصور)

الخلق و (الغفار) مهما عصيناه (٤)

ألا وهو (القهار) بالموت والفنا

ولا غالب فيما قضاه وأمضاه (١)

دعوناه (يا وهاب) إذ شأنه العطا

وقلنا هو (الرزاق) جلت عطاياه (٢)

٢٨

مفاتيح أرزاق الخلائق عنده

فمن قال (يا فتاح) أعطاه مولاه (١)

(عليم) بأسرار العباد وعلمه

خفى على كل الخلائق أخفاه (١)

هو (القابض) الأرزاق (والباسط) الّذي

له الأمر لا يعطى ويقبض إله (٢)

إلى آخر تلك القصيدة الفاضلة.

* جزء من القصيدة النونية المختص ببعض أسماء الله الحسنى :

وينبه الإمام ابن قيم الجوزية فى قصيدته النونية المعروفة (بالكافية الشافية فى الانتصار للفرقة الناجية) إلى أن من أسماء الله الحسنى ما لا يفرد ، وهى المعروفة بمزدوجاتها ، فيذكر منها المقدم المؤخر ، المعطى المانع ، الضار النافع ، القابض الباسط ، المعز المذل الخافض الرافع فيقول :

هذا ومن أسمائه ما ليس يفرد

بل يقال إذا أتى بقران

وهى التى تدعى بمزدوجاتها

إفرادها خطر على الإنسان

إذ ذاك موهم نوع نقص جل رب

العرش عن عيب وعن نقصان

يعطى برحمته ويمنع من يشا

بحكمة والله ذو سلطان

٢٩

ويقول فيها :

هو المقدم والمؤخر ذانك

الصفتان للأفعال تابعتان

كالمانع المعطى وكالضار الّذي

هو نافع وكما له الأمران

ونظير هذا القابض المقرون

باسم الباسط اللفظان مقترنان

وكذا المعز مع المذل وخافض

مع رافع لفظان مزدوجان

وحديث إفراد اسم منتقم فمو

قوف كما قال ذو العرفان

ما جاء فى القرآن غير مقيد

بالمجرمين وجا بذو نوعان

* * *

وعن علم الأسماء الحسنى وأسراره وخواص تأثيراتها قال البونى :

ينال بها كل مطلوب ، ويتوصل بها إلى كل مرغوب ، وبملازمتها تظهر الثمرات ، وصرائح الكشف والاطلاع على أسرار المغيبات ، وأما إفادة الدنيا فالقبول عند أهلها والهيبة والتعظيم والبركات فى الأرزاق ، والرجوع إلى كلمته وامتثال الأمر منه ، وخرس الألسنة عن جوابه إلا بخير ، إلى غير ذلك من الآثار الظاهرة ، بإذن الله تعالى فى المعانى والصور ، وهذا سر عظيم من العلوم لا ينكر شرعا ولا عقلا.

٣٠

مبحث فى الاسم المفرد

(الله)

فى الحديث الشريف القدسى أو ما يقال عنه الحديث الإلهي : قال تبارك وتعالى : كنت كنزا مخفيا فأردت أن أعرف فخلقت خلقا فعرّفتهم بى فعرفونى».

قال الله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (البقرة : ٢٥٥) فبهذه الآية وأمثالها ينبهنا الله تعالى كيف ابتدأ فيها بذكر اسم الله ونفى ما سواه وإثباته إياه ، فكل اسم من أسمائه إن أظهره فهو صفة اسم (الله) ونعته وإن أظهر (بالهاء) فهو عائد عليه ، وهو منه وإليه.

توحيد الله أولا :

يقول تعالى : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) (الأنعام : ٣٠) (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) (الزخرف : ٨٤) أراد فيهما معرفته بالألوهية وعبادته وذكره وفعله وحكمه وأمره.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله».

فقد اشترط الله تعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : العلم فى التوحيد والعبادة فى المعرفة.

فلا إله إلا الله هى لاستنقاذنا من العذاب القريب فى الدنيا ومن العذاب الأكبر يوم اللقاء الأعظم ، وعلى النطق بلا إله إلا الله بنى الإسلام ، وعلى قواعدها والعلم بمقتضاها بنى الإيمان ، وعلى فهم عقائدها والجمع بينهما بنى الإحسان ، ومن شهود شرفها يترقى إلى مبادى الإيقان.

٣١

فقولها إسلام وعلمها إيمان وفهمها إحسان وتحقيقها إيقان وظاهرها عنوان الإسعاد.

فمن قال : (لا إله إلا الله محمد رسول الله) عصم ماله ودمه إلا بحقهما (١).

ومن مات وهو يعلم أن (لا إله إلا الله محمد رسول الله) دخل الجنة.

إن هذا الاسم المفرد المعظم المقدم المجرد (الله) عز ذكره ، هو اسم الذات العلية الموصوفة بصفة الألوهية المعروفة بنعوت الربوبية ، المتصف بصفة الأحدية ، المنفرد بوحدة الوحدانية ، المنعوت بصمدانية الصمدية ، المنزه عن جنس الكيفية وأنواعه المثلية ، المقدس عن أن يحيط بمعرفة كنه إدراكه العقول البشرية.

اسم الإله ، الواحد ، القديم الحى القيوم العلى العظيم الباقى السرمد الكبير المتعال الموجود المطلق الوجود ، الأزلى الّذي لم يزل أولا وآخرا وظاهرا وباطنا ، ولا يزال ، المستحق بالوجود الحقيقى ، الواجب الوجود ، وكل موجود سواه مستمد منه الوجود.

(والله) هو أعظم الأسماء لأنه دال على الذات العلية الجامعة لكل كمالات صفات الألوهية.

باق جل جلاله أزلا وأبدا وسرمدا فاستحال عليه العدم كما وجب له الوجود والقدم.

فاسمه تعالى (الله) على أحسن الأقوال غير مشتق من شيء كما تشتق الأسماء عادة.

__________________

(١) فلا يحل دمه وماله إلا بثلاث : زنى بعد إحصان ، أو قتل النفس المحرم قتلها بغير حق ، أو التارك لدينه المفارق للجماعة.

٣٢

وإنما هو دال على ذات الإله الّذي قامت له الصفات بمثابة العلم الدال على المسمى من غير اشتقاق له من شيء.

وهو اسم تفرد به الله سبحانه وتعالى واختصه لنفسه وأطلقه تعالى على ذاته وقدمه على جميع أسمائه وأضاف أسماءه كلها إليه ، فيقال : الله الرحمن ، والله الرحيم ... إلى آخر باقى أسمائه تعالى.

من خواص الاسم (الله):

يختص بأسرار ليست فى غيره من الأسماء وفضله وعظمه ـ وأسماؤه وصفاته كلها فاضلة عظيمة ـ إلا أن هذا الاسم له تخصيص زائد تام كامل على سائرها.

فمن خواصه أنه فى ذاته اسم كامل فى حروفه ، تام فى معناه ، خاص بأسراره مفرد بصفته.

فكان أولا (الله) فحذفت منه الألف فبقى (الله) ثم حذفت اللام الأولى فبقى (له) ثم حذفت اللام الثانية فبقى (هو).

فكان كل حرف منه تام المعنى كامل الخصوصية ، لم يتغير منه معنى ولا اختلف بتفريق حروفه منه فائدة ولا نقصت منه حكمة.

ولكل لفظ منه معان عجيبة مستقلة بذاتها غريبة.

ثم إنه أول الأسماء الحسنى (الله) وجعل افتتاح كل سورة من القرآن بسم الله الرّحمن الرّحيم وفى ذلك معنى لطيف لكونه أول الأسماء ، والرحمة أول الأشياء.

يقول تعالى فى الحديث الصحيح :

«إن الله قال : أنا الله لا إله إلا أنا الرحمن الرحيم سبقت رحمتى غضبى».

٣٣

معانى أحرف اسم (الله):

هذا الاسم المفرد المتصف بالألوهية أربعة أحرف ، كما قال بعضهم :

أحرف أربع بها هام قلبى

وتلاشت بها همومى وفكرى

ألف قد تألف الخلق بالصن

ع ولام على العلامة تجرى

ثم لام زيادة فى المعانى

ثم هاء بها أهيم وأدرى

(فالألف) مشتق من الألفة والتأليف ، ألف به جميع خلقه على توحيده ومعرفته ، بأنه إلههم وموجدهم وخالقهم ورازقهم.

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) (الزخرف : ٨٧).

واللام الأول : إشارة إلى لام الملك وهو بعد حذف الألف كمال الاسم المفرد صار (لله) قال تعالى : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (البقرة : ٢٨٤) واللام الثانى هى إشارة إلى لام الملك أيضا بعد حذف اللام الأول صار (له) قال تعالى : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (الزمر : ٦) والهاء هى هاء الإشارة إلى مطلق الوجود الحق ، وإثبات وحدانيته وإحاطته بجميع الأشياء كلها علما وإرادة وقدرة وملكا وملكا.

وهى من هاء هيبة البهاء وعظمة الألوهية (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) (١).

(الأنعام : ١٩)

__________________

(١) (بتصرف من كتاب : «القصد المجرد فى معرفة الاسم المفرد») لابن عطاء الله السكندرى.

٣٤

الاسم الأعظم

للإمام الغزالى

العلم بأسماء الله العظام ، من أشرف العلوم ، وقد اختلف العلماء فى معنى الاسم الأعظم ، على ثلاثة أوجه :

الأول : أن الاسم الأعظم كل اسم يجاب به عند الاضطراب والاضطرار.

الثانى : أن اسم الله فيه أقاويل ، فمنهم من قال : إنه الجلالة (الله) وهو الأصح ، ومنهم من قال : إنه (ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) ومنهم من قال إنه : (اللطيف) ومنهم من قال إنه : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) ومنهم من قال : إنه (الودود) ومنهم من قال إنه أول سورة (الحديد) ومنهم من قال : إنه فى آخر سورة (الحشر) ومنهم من قال : إنه (الحنان المنان ذو الجلال والإكرام) ومنهم من قال : إنه فى سورة (الحج) فى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ) الآية ، ومنهم من قال : إنه فى أوائل السور وهى أحرف نورانية ، ومنهم من قال إنه : (الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) ومنهم من قال: إنه (شهادة أن لا إله إلا الله) وكلها روايات بأخبار صحيحة والحديث المروى عنهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ألظوا (١) بيا ذا الجلال والإكرام» وهو دليل قطعى ، وقد ذكر هذا الاسم فى اللغة السريانية بأخبار صحيحة والعبرية (أهيا شراهيا أو دناى أصباؤت آل شداى) وفى اللغة العربية فى القرآن العظيم فى ثلاثة مواضع : فى البقرة وآل عمران وطه ، وقد قيل إن اسم الله الأعظم هو (هو) وقيل هو (الرب) ...

__________________

(١) أى : الزموا ولا تفارقوا.

٣٥

والثالث من الأقوال : أن الاسم قطب الأسماء ، ومنه تستمد جميع الأسماء ، منه تحصل الإجابة ، وهو زجر لجميع الأرواح العلوية ، وعلى أهل البسائط السفلية ، كما أنه ذخر لهما فى الإجابة والتوفيق ...

فالاسم الأعظم مبهم فى أسماء الله تعالى التى من جملتها التسعة والتسعون ، والأسماء الواردة فى الكتاب والسنة والأسماء التى استأثر الله تعالى بها فى علم الغيب عنده ، وأن هذا الاسم الشريف مع إبهامه فى جميع الأسماء يطلع الله عليه من شاء من خواص خلقه ، وأعظمهم فى الخصوصية الأنبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام ، ثم تتفاوت رتب الأولياء فى الخصوصية والاطلاع عليه لما أعلم به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فهو اسم مبهم فى الأسماء كغيره من المبهمات التى تلتمس فيما أبهمت فيه.

وله علامات وله إشارات يهتدى إليه بعلاماته وإشاراته من وفقه الله لها ، كما يلهم الله سبحانه ذلك من شاء من أهل الإلهام.

ثم المبهمات منها ما يمكن الاطلاع عليه كليلة القدر والاسم الأعظم ، ومنه من استأثر الله نفسه بعلمه كوقت الساعة.

فالاسم الأعظم هو أعظم الأسماء دلالة على كمال الألوهية ، وجلال الصمدية ، وفردانية الربوبية ، وتقدس الذات والصفات العلية وما يتعلق بالأحكام الآحادية ، فكل اسم زادت دلالته فى ذلك على دلالة غيره من الأسماء كان أعظم.

ثم فى أسماء الله تعالى ما ينفرد عن غيره بكمال الدلالة التى يعلم الله سبحانه فيها المطابقة الكاملة فهو الاسم الأعظم الأعظم والأكبر الأكبر ، وربما جاء الأعظم الأعظم الأعظم ثلاثا ، والأكبر الأكبر الأكبر كذلك ، والطيب والأجل والأعز والأحب إلى الله تعالى ، كما ستقف عليه ، ثم هذه الدلالة قد

٣٦

توجد فى اسم واحد من أسمائه سبحانه كاسمه الله والصمد وقد يكون فى اسمين فصاعدا من أسمائه سبحانه ، كالحى القيوم وكالله الأحد الصمد الّذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، وقد تكون أعلى الدلالة فى ذكر بعض الأسماء مع الثناء الخالص ، كما سيظهر لك هذا كله فى ذكره إن شاء الله فيما يأتى من الأحاديث ...

ولما كانت دلالة الأسماء الحسنى متفاوتة فى الظهور للخلق والخفاء عنهم وقع الإبهام عليهم بذلك فالله سبحانه يعلمهم اسمه الأعظم الأعظم الأكبر الأكبر ، من حيث إنه أدل الأسماء ظاهرا وباطنا بمنطوقه ومفهومه على كمال الذات والصفات والأحكام ، وكمال انفراده سبحانه بالأفعال والنقض والإبرام ، وجعل سبحانه بقية الأسماء الحسنى كالدوائر التى تدور على القطب وتشير إليه وتدل عليه ، فأعظمها فى الدلالة أعظمها فى الرتبة ، واعتبر هذا المعنى تجده فى كل اسم ورد فيه أنه الاسم الأعظم ، ونجده أيضا فى كل ثناء ورد فى السنة المطهرة أنه ثناء مقبول أو مرفوع أو ثناء يترتب عليه إجابة الدعاء وقد يراد بالاسم الأعظم الاسم الّذي هو أوقع لنفع الداعى وأسرع فى الإجابة فهو أعظم فى حق الداعى ...

ولهذا الاعتبار كان بعض الأشياخ يقول لبعض المريدين : الاسم الأعظم فى حقك كذا ، ويقول لآخر : الاسم الأعظم فى حقك كذا ، ويذكر اسما آخر غير ذلك الاسم.

وسيأتى لهذا المعنى مزيد تقرير وبيان إن شاء الله تعالى.

وقد يكون الاسم الأعظم فى ثلاث آيات من سورة البقرة وآل عمران وطه ، وكما فى الحديث الآخر أن اسم الله الأعظم فى ثلاث آيات من آخر سورة الحشر ،

٣٧

وكما فى حديث آخر من أنه فى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) (آل عمران : ٢٦) وذلك إما لاشتمال الآية على بعض أسمائه سبحانه ، وإما لاشتمالها على الدلالة التى يدل عليها الاسم الأعظم ...

تنبيه : اختلف العلماء فى الأحرف المقطعة فى أوائل السور من الم ، المص ، المر ، كهيعص ، طه وبقيتها فأحد الأقوال أنها أسماء الله تعالى ، فإن قلنا بهذا كان الاسم الأعظم مبهما فيها وفى بقية أسماء الله تعالى مما علمه الخلق ومما لم يعلموه ، وإذا أمكن أن تكون الأحرف أسماء لله تعالى لدلالتها عليه وتضمنها لأسرار الاسم الأعظم من معانى التوحيد والتفريد والتمجيد فى الألوهية والصمدية والقيومية أمكن أن يتسع المجال فى معانى الأحرف المذكورة ، فكلما كان الحرف أدل على هذا المقصود كان أعظم ، ومن هنا ذهب من ذهب من أشياخ المعرفة إلى أن الاسم الله الأعظم قد يوجد فى بعض هذه الحروف ، وسيأتيك فى الحديث ما يمكن أن يشير إلى هذا ، والله أعلم.

وقد يستشهد لمثل هذا بقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من نسى أن يسمى الله عند أكله فليقرأ سورة الإخلاص» أى إن المقصود التبرك بتوحيد الله ...

وقد يتجوز أيضا فى تسمية الله سبحانه بتحقيق التوحيد فإن الحالة : التوحيد الصحى قد يقوم مقام التلفظ الأثرى إلى ما ذهب إليه إمامنا الشافعى رضى الله عنه وغيره من أن التسمية على الأكل لا تجب ، وإنما يستحب ، وإن الاكل من الّذي لم يذبح على اسم غير الله جائز (١) ، هذا مع صريح قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) (الأنعام : ١٢١) فحمل تسمية الله على التوحيد ورأى أنه ما لم يخرجه مخرج عن التوحيد يدخل فيها ذكر اسم عليه

__________________

(١) يقصد إن ذبح ولم يذكر اسم الله سهوا فإن التسمية فى قلب كل مؤمن.

٣٨

فأرجع التسمية إلى الاعتقاد بل إلى حالة الاعتقاد المستمرة ما لم يقطعها قاطع ، وجعل التلفظ بالاسم مستحبا لأنه أكمل إذ فيه الجمع بين القلب واللسان ...

فإن قلت : مقتضى ما قررته تعدد الاسم الأعظم فى صور عديدة فكيف يسمى اسما وهو أشياء متعددة ...

قلت : الاسم قد يطلق ويراد به جنس الأسماء كما فى قوله تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وقوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) وقوله تعالى (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أى سبح أسماءه كلها بالتقديس والتنزيه عن أن يكون كأسماء غيره ، والمعنى فى بسم الله الرّحمن الرّحيم ابدأ ، أو استعن ، أو تبرك ، أو تعلق وما أشبه هذا بأسماء الله الرحمن الرحيم كلها.

فإن قيل : المراد من سبح اسم ربك سبح ربك ...

قلت : فلا بد فى تسبيحه سبحانه من ذكر اسم من أسمائه حتى لو قال سبحان ربى كان فيه ذكر اسم الربوبية ولا يتعين اسم واحد من الأسماء الحسنى فدل على أن المراد بالاسم الأسماء ، وقد يسمى كل اسم من أسمائه سبحانه الخاصة به الاسم الأعظم فى حق كل داع تحقق بالاضطرار ، قال تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) والإجابة من ثمرات الاسم الأعظم ...

وملخص القول : أنه كلما كان أوثق لعروة التوحيد وأسبق فى معارج التمجيد ، كان أعظم فى التقريب إلى المجيد ، وأنفع لصاحبه من العبيد ، سواء أكان هذا بالاقتصار على بعض الأسماء أو بعض الآيات أو بعض الأحرف ، أو بالاقتصار على شيء من محاسن الثناء ، أو يعقد القلب السليم الصحيح من طوارق الأهواء حتى ربما كانت الحالة المرضية المصاحبة للأدوات الشرعية

٣٩

الناشئة عن صحيح العقيدة الإيمانية كافية فى باب التوجه والاستعداد داعية وإن لم يحصل معها دعاء إلى تنزل الإمداد ...

وبهذا التقرير يظهر لك أنه قد يراد بالاسم الأعظم الأمر الّذي ترتب عليه الإجابة وإن لم يكن معه ذكر شيء من أسماء الله تعالى ، وهذا من باب التجوّز بعلامة ترتب الاستجابة على كل منها.

وعلى هذا فقد يطلق الاسم الأعظم على الحالة القلبية المؤثرة فى سرعة الاستجابة وإن لم يكن معها تلفظ حتى أن من يتوجه إلى الأولياء من يتوجه بقلبه إلى ربه مع سكوت لسانه فيعطى مناه.

وقد يصير الولى ذاكرا الله بكله موحدا له مثنيا عليه سبحانه فيتجوز من يتجوز بإطلاق الاسم الأعظم عليه ، كما نقل عن بعضهم أنه قال فى حق ولى من الأولياء : فلان كان يدعو بالاسم الأعظم وهو الآن عين الاسم الأعظم.

وهذا الإطلاق لا أقول به فإنى لم أجد فى الشرع الشريف ما يقتضي الإذن فيه ، وإنما يجوز التوسل بالصالحين كما سأذكره ، وليس مراد هذا القائل أن هذا الشخص صار اسما من أسماء الله تعالى ، ولكنه يريد أنه فى معنى الاسم الأعظم ، كما يقال : فلان أسد ، بمعنى أنه فى معنى الأسد من الشجاعة ، ثم إن جوزنا هذا التجوز مع بعده ورد الخلافة له معنيان :

أحدهما : أن هذا الولى صار كله آلة من آلات التوحيد وكلمة من كلماته وآية من آياته ودلالة من دلالاته ، فكأنه توحيد وذكر منطوق به.

والثانى : أنه يتوسل به إلى الله كما يتوسل إليه باسم من أسمائه سبحانه ، ولا التفات إلى من ينكر التوسل إلى الله بالصالحين من عباده ، فإن هذا أمر جائز تقوم له الحجة ، وليس هذا محل ذكره ومن العجب موافقة المنكر على

٤٠