شرح أسماء الله الحسنى

زين الدين أبي القاسم عبدالكريم ابن هوازن بن عبدالملك ابن طلحة بن محمد النيسابوري القشيري

شرح أسماء الله الحسنى

المؤلف:

زين الدين أبي القاسم عبدالكريم ابن هوازن بن عبدالملك ابن طلحة بن محمد النيسابوري القشيري


المحقق: طه عبدالرؤوف سعد و سعد حسن محمد علي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الحرم للتراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٢

ويكون الحق فى وصفه سبحانه بمعنى يحق الحق ، والحق المفيد فى وصف غيره يكون بمعنى ما يحسن فعله ويصح اعتقاده ويجوز النطق به ، يقال : هذا فعل حق ، وهذا القول حق وهذا الاعتقاد حق ، وعكسه الباطل المطلق ، يكون بمعنى المعدوم ، ويقال فى اللغة : حققت الشيء وأحققته فهو حق ، ويقال : حق لك أن تقول كذا ، وحق عليك أن يفعل لك الحق ، وحقيق لك ، فيكون حقيقا فعيلا بمعنى الفاعل ويكون بمعنى المفعول.

وأما الحق والحقيقة فى صفات الخلق فى اصطلاح هذه الطائفة فيعنون بالحق ما يعود إلى الحقائق وأوصاف القلوب من المعارف ، ويعنون بالحقيقة المعاملات والمنازلات ، وإنما أخذوا هذا الاصطلاح من خبر حارثة حيث قال له صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك؟» قال : أسهرت ليلى وأظمأت نهارى ... فأشار بالحقيقة إلى المعاملات فى سهر الليل وظمأ النهار.

سمعت الدقاق ، رحمه‌الله تعالى ، يقول : سمعت العباس الزوزنى الزاهد يقول : كنت فى ابتداء أمرى أسافر وعليّ مسح وفى عنقى غل ، فدخلت ديرا للنصارى بالشام ، فوصف لى فيه امرأة مجتهدة ، فأردت أن ألقاها فرأيتها كالخلال دقة ونحافة لكثرة الاجتهاد فى طول الجوع والخلوة ، فقلت لها : ما أحسن هذا الجهد لو كان فى حق ، فقالت : إن لم يكن هذا فى حق فإنه حقيقة ، فأنت تدعى الحق فأين الحقيقة؟ تعنى الجهد والمعاملة ، قال : ولم تكن لى تلك المعاملة فخجلت.

فصل : اسمه الحق أكثر ما يجرى على لسان السادة الصوفية :

وأكثر ما يجرى على لسان هذه الطائفة من أسمائه تعالى : الحق ، وذلك لما ذكرنا أن الحق هو الموجود ، لأن القوم ارتقوا من شهود الأفعال إلى شهود الصفات ، ثم من شهود الصفات إلى شهود الذات ، وكما أن العلماء

٣٠١

الذين هم أهل الاستدلال بالفعل على الفاعل أكثر ما يجرى على لسانهم البارى ، والبارى هو الخالق ، فكذلك الغالب على لسان هؤلاء من أسمائه تعالى الحق.

سمعت الدقاق يقول : إن الله تعالى تعرّف إلى العامة بأفعاله فقال عز ذكره : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١) وتعرف إلى الخواص بصفاته فقال عز من قائل : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ) (٢) وتعرف إلى خاصة الخاصة بحقيقة حقه وذاته فقال تعالى : (قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ) (٣).

فصل : حق الحق أحق :

ومن عرف أنه ذو الحق أثر حقه على حظه وحق الحق أحق ، وعلامة من أثر على حظه حقه أن يسخر له خلقه ويحقق له ظنه.

يحكى عن بعض الصالحين أنه قال : كان ابتداء توبتى أنه كان تاجرا بزازا ، فدخل السوق خادم من دار الخليفة يطلب ثيابا لهم ، فعرض هذا الرجل الثياب على الخادم ، فبينما هو فى ذلك إذ أذن المؤذن ، فترك هذا الرجل الخادم واشتغل بالصلاة ، فحرد الخادم وقال : احمل ثيابك ، وحمل الثياب من حانوت آخر إلى دار الخليفة فلم ترتض ، ورجع الخادم إلى حانوت هذا الرجل شاء أم أبى ، وحمل ثيابه وارتضوها واشتروا منه بربح كثير وافر ، فلما أمسى الرجل رأى فى المنام كأن قائلا يقول له : آثرت الصلاة على تجارتك ، فلا جرم قدمنا

__________________

(١) الأعراف : ١٨٥.

(٢) يونس : ١٦.

(٣) الأنعام : ٩١.

٣٠٢

ثيابك على ثياب غيرك ، فلما أصبح الرجل سر بتلك الرؤيا وتصدّق بجميع ماله وصار شيخ وقته.

وأما المبين فى وصفه سبحانه فهو الّذي يوضح الحق ويعليه ، ويقيم البرهان ويوضحه ، ويظهر الحق من الباطل بالعلامات التى ينصبها ، ويبين من مكنونات العبد ما لم يخطر ببال أحد من دقائق آثار الحكمة وعجائب متعلقات القدرة ، ويبين لقلوب الموحدين على الخصوم فى شواهد الربوبية ما يزيل الشبهة ويعلى الحجة.

* * *

٣٠٣

باب

فى معنى اسميه تعالى

٥٣ ، ٥٤ ـ الوكيل (١) القوى (٢)

جل جلاله

الوكيل والقوى اسمان من أسمائه تعالى ، قال الله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (٣) ومعنى الوكيل : الّذي وكل إليه الأمور ، فهو فعيل بمعنى مفعول ، ومن عرفه وكل إليه أموره ، بل هو المتولى لأحوال عباده يصرفهم على ما يريد ويتولى أسبابهم على ما يختاره وهو وكيل قوى يقدر على ما يريد إمضاءه ، ويقوى على ما يشاء إنشاءه ، وإذا تولى أمر عبد بجميل الكفاية كفاه كل شغل وأغناه عن كل غير ومثل ، ولا يستكثر العبد حوائجه لأنه يعلم أن كافيه مولاه ، ولهذا قيل : من علامات التوحيد كثرة العيال على بساط التوكل.

ويحكى عن ممشاد الدينورى أنه قال : كان عليّ دين فهممت ليلة من الليالى وضاق صدرى ، فرأيت فيما يرى النائم كأن قائلا يقول لى : يا بخيل ،

__________________

(١) الوكيل : هو الموكل إليه جميع الأمور ، وقيل هو : من ابتداك بكفايته ثم والاك بحسن رعايته ، ثم ختم لك بجميل ولايته ، وقيل : هو الّذي يثنى جميلا ، ويعطى جزيلا ، لمن رضى به وكيلا.

(٢) القوى : القوة تدل على القدرة التامة دون نقص ، والقوى هو الّذي لا غالب له ، والّذي لا أحد ينصره ، وأمد يحصره.

(٣) النساء : ٨١.

٣٠٤

أخذت على هذا المقدار ، خذ فعليك الأخذ وعليّ القضاء ، قال : فانتبهت ففتح لى بما قضيت الدّين ، وما حاسبت بعد ذلك قصابا ولا بقالا.

وحكى أن أحمد بن خضرويه لما حضرته الوفاة كان عليه سبعون ألف درهم فحضره غرماؤه ، فقال : يا إلهى ، روحى رهن فى أيديهم ، فإن أردت قبضها فاقض حقوقهم ، فدق إنسان الباب وقال : ليخرج غرماء أحمد بن خضرويه ، فقضى دينه ثم مات ، رحمه‌الله تعالى.

فصل : حسبى الله ونعم الوكيل :

وأن من له وكيل يتولى أشغاله فيسأله الأجرة على أعماله ، وربما يخون فى ماله ثم يخطئ فى كثير من أحواله ، وربما لا يهتدى كما ينبغى لوجوه أشغاله.

والحق سبحانه يأخذ لمن يرضى به وكيلا ، ثم يحقق له تأميلا ويثنى عليه جميلا ويعطيه جزيلا ولا يسأله على ما يتولاه من أموره عوضا ، بل يضاعف له فضلا ونعمة ، وبلطف به فى دقائق أموره وأشغاله ما لا يرتقى إليه آماله ، ولا يأتى على تفضيله سؤاله سنة منه سبحانه جميلة أمضاها وعادة كريمة بين عباده أجراها.

فصل : من عرف أن الله وكيله :

ومن عرف أنه وكيله وصدق عليه تعويله فبالحرى أن يكون وكيله سبحانه على نفسه فى استيفاء حقوقه ولوازمه واقتضاء أوامره وفرائضه ، فيكون خصمه سبحانه على نفسه ليلا ونهارا ، لا يغتر لحظة ولا يجوز التقصير بتة.

وأنشدوا :

عليّ رقيب منك خال بمهجتى

إذا رمت تسهيلا عليّ تصعّبا

٣٠٥

ويحكى عن بعضهم أنه قال : رأيت ببلاد الهند شيخا كبيرا يسمى الصبور ، فسألت عن حاله فقيل : إنه كان له حبيب فى عنفوان شبابه ، فسافر يوما فخرج هذا الرجل إلى وداعه ، فبكت إحدى عينيه ولم تبك الأخرى ، فقال لعينه : لأحرمنك النظر إلى محبوب الدنيا عقوبة لك إذ لم تساعدينى على البكاء لفراق محبوبى ، فمنذ ثلاثين سنة غمض عينه ولم ينظر بها إلى شيء.

وفى القصة أن يوسف عليه‌السلام كان له زوج حمام ، فلما فارق يوسف يعقوب عليهما‌السلام ، فكلما أراد يعقوب أن يبتسم أو يخاطب أحدا أو يتكلم جاء الحمام ووقف بحذائه يذكره عهد يوسف عليه‌السلام ، فكان يتنغص بعيشه.

فإذا كان مثل هذا موجود فى وصف المخلوقين إذ كانت محبتهم لأشكالهم فأولى وأحرى أن يكون مثل هذه المطالبات محفوظة على الأحباب ، فإن عهد الأحباب لا يخلق عند الأحباب ، ولا يزدادون على ممر الأيام إلا وفاء على وفاء ، وصفاء على صفاء ، يخلق الدهر ويبلى وهم بعد طول الزمان أحبة.

وفى معناه أنشدوا :

لم ينسينك سرور لا ولا حزن

وكيف لا كيف ينسى وجهك الحسن

ولا خلا منك قلبى لا ولا بدنى

كلى بكلك مشغوف ومرتهن

وأنشدوا :

ولا أنس بالأشيا لم أنس قولها

وأجفانها من شدة الوجد تذرف

٣٠٦

ألست على العهد الّذي كان بيننا

فلسنا وحق الله عن ذاك نصرف

وأنشدوا :

يا عزّ (١) ما طلعت شمس ولا غربت

إلا وأنت منا قلبى ووسواسى

وما جلست إلى قوم أحدثهم

إلا وأنت حديثى بين جلاسى

وما هممت بشرب الماء من ظمأ

إلا رأيت خيالا منك فى الكاس

وأما القوى فى وصفه تعالى فهو بمعنى القادر ، واشتقاقه فى اللغة من قوى الحبل ، وهى طاقاته ، وقد مضى معناه فى معنى القادر فيما تقدم فأغنى عن إعادته.

__________________

(١) منادى مرخم حذف منه الحرف الأخير ، والأصل : يا عزة.

٣٠٧

باب

فى معنى اسمه تعالى

٥٥ ـ المتين (١)

جل جلاله

المتين : اسم من أسمائه تعالى ورد به الخبر ، وهو بمعنى القوى ، واشتقاقه من المتانة ، وهى الصلابة ، مأخوذة من المتن الّذي هو الظهر ، لأن استمساك أكثر الحيوان يكون بالظهر ، فتسمى القوة متانة.

ولا يصح فى وصفه تعالى المتن ولا الصلابة ولكنه يكون بمعنى القدرة ، وفى هذا دلالة على صحة مذهب أهل الحق ، لأن الله تعالى لا يسمى بما لم يرد به التوقيف والإذن من قبله ، لأنه لا يوصف بالجلادة والشجاعة ، ويوصف بالقوة والقدرة ، لأن التوقيف ورد بذلك دون غيره ، ويجوز أن يسمى المتين ولا يسمى بالمتانة ولا بالصلابة ، فالمعتبر فى هذا الباب إطلاق ما ورد به التوقيف على الوجه الّذي قد ورد ، صح معناه فى وصفه أو لم يصح ، والامتناع مما لم يرد به الإذن ، صح معناه فى وصفه أو لم يصح.

وهو سبحانه على ما يشاء قدير ، لا يخرج عنه قدرته مقدور ، كما لا ينفك عن حكمته مفطور ، وهو سبحانه فى إمضائه بحكمه غير مستظهر بجند ومدد ،

__________________

(١) المتانة تدل على شدة القوة ، فالله تعالى من حيث أنه بالغ القدرة تامها قوى ، ومن حيث أنه شديد القوة متين ، فهو الّذي إذا فعل شيئا لم تلحقه فى أفعاله مشقة ، فأمره أن يقول كن فيكون ، وهذا مثال ولكن تكفى الإرادة فى التكوين بدون لفظ كن.

٣٠٨

ولا مستعين بجيش وعدد ، إن أراد إهلاك أحد أهلكه بيده حتى يخرج على نفسه فيتلف نفسه ، إما خنقا وإما غرقا وإما تعاطيا لما فيه هلاكه بوجه من الوجوه.

سمعت الشيخ الدقاق يقول : لما أراد الله إهلاك قوم نوح نصح نوح ابنه وأمره أن يركب معه فى السفينة ، فآوى إلى الجبل واتخذ بيتا من زجاج ودخل فيه ، لئلا يؤثر فيه الماء ، فأبلاه الله بكثرة البول حتى امتلأ ذلك البيت من بوله وغرق فيه ، فغرق الله سبحانه جميع العالم فى الماء ، وغرق ابن نوح فى بوله.

سئل الجنيد عن الخوف فقال : توقع العقوبات مع مجارى الأنفاس.

وقال سرى السقطى : إنى لأنظر إلى أنفى كل يوم كذا كذا مرة مخافة أن يكون قد اسودّ وجهى من عقوبته.

وفى بعض الحكايات أن رجلا سمع فى الطواف يقول : اللهم إنى أعوذ بك من سهم الغضب ، فسئل عن معناه فقال : إنى مجاور منذ خمسين سنة فرأيت يوما شخصا فاستحسنته ، فوقعت على وجهى لطمة ، فسالت عينى على خدى ، فإذا أنا بصوت : لطمة بلحظة ، ولو زدت لزدنا.

وقد يمتحن الحق تعالى أولياءه ويختبرهم بما يقدر أن يتولاه بنفسه فيكله إليهم امتحانا لهم واختبارا ، ثم يفعل ما يريد ، وربما يحوج بعض أوليائه فى الظاهر إلى خلقه ، وهو قادر على كفاية أسبابهم من غير أن يكلهم إلى أمثالهم.

يحكى عن الكتانى أنه قال : كان لأبى حفص الدينورى أخ ، وكان لا يبيت فى المسجد أكثر من ليلة ، وكان حسن الطريقة ، فاعتل فى قرية وقتا فبقى فيها سبعة أيام عليلا لم يكلم أحدا ولم يتعاهده أحد ، فمات فأخذوا فى جهازه ، فاجتمع الخلائق من القرى وقالوا : سمعنا صوتا : من أراد أن يحضر جنازة ولى من أولياء الله فليحضر قرية بنى فلان ، فلما دفنوه أصبحوا وجدوا الكفن ملفوفا

٣٠٩

فى المحراب وفيه رقعة مكتوب فيها : لا حاجة لنا فى كفنكم ، هذا ولى من أوليائنا مات ، فلا أطعمتموه ولا سقيتموه ولا عللتموه ولا كلمتموه ، قال : فاتخذوا فى تلك القرية دارا للضيافة ، فلم يمر بهم غريب إلا أضافوه وأحسنوا إليه ، وتلك القرية بالشام.

وأن من علم أن مولاه قدير على ما يريد قطع رجاءه عن الأغيار وتفرد سره بمن لم يزل ولا يزال ، كما أخبر سبحانه عن إبراهيم أنه قال : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) (١) قال أهل الإشارة : معناه : سهلت طريقهم إليك وقطعت رجاءهم عمن سواك ، ثم قال : (رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) أى شغلتهم بخدمتك فأنت أولى بهم منى ومنهم ، ثم قال : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) أى إذا احتاجوا إلى شيء فذلل عبادك لهم وأوصل رعايتك إليهم ، فإنك على ما تشاء قدير.

وأن من لزم بابه أوصل إليه محابه وكفاه أسبابه وذلل له كل صعب وأورده كل منهل عذب من غير قطع شقة ولا تحمل مشقة.

يحكى عن الجنيد أنه قال : سمعت السرى يقول : إن فى قرى بغداد أولياء لله لا يعرفهم الخلق ، فكنت أمشى وأدور فى القرى لعلّى أجد منهم أحدا.

__________________

(١) إبراهيم : ٣٧.

٣١٠

باب

فى معنى اسمه تعالى

٥٦ ـ الولى (١)

جل جلاله

الولى اسم من أسمائه ، قال الله تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (٢) فالولى فى وصفه تعالى هو المتولى لأعمال عباده ، وقيل هو فعيل من الوالى يقال ولى فلان الأمر ولاية فهو وال ، وولى على المبالغة ، والولى فى اللغة : يكون بمعنى الناصر وأولياء فلان أنصاره ، والولى القريب ، وقوله تعالى : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣) قيل معناه : قاربك ودنا منك ما خوفت به فانتبه له ، والولى فى اللغة فى غير هذا الموضع : المطر الّذي يأتى بعد الوسمى (٤) فأولياء الله تعالى أنصار دينه وأشياع طاعته ، وقد مضى طرف من هذا ، وقال تعالى : (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) (٥) قيل : معناه نحن أنصاركم ، وتكون الولاية بمعنى المحبة (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (٦)

__________________

(١) الولى : الّذي نصر أولياءه ، وقهر أعداءه ، فالولى بحسن رعايته منصور ، والعدو بحكم شقاقه مقهور ، وقيل: الولى الّذي أحب أولياءه بلا علة ، ولا يردهم بارتكاب ذلة ، وقيل : الولى الّذي تولى سياسة النفوس فأدبها ، وحراسة القلوب فهذبها.

(٢) البقرة : ٢٥٧.

(٣) القيامة : ٣٤.

(٤) الوسمى : بداية المطر فى فصل الربيع.

(٥) فصلت : ٣١.

(٦) آل عمران : ٦٨.

٣١١

أى يحبهم ، وأخبر الله تعالى عن نبيه يوسف أنه قال : (أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ)(١).

وقال بعض أهل الإشارة : لما علم الله تعالى تقاصر ألسنة المذنبين وعلم أن فى هذه الأمة من ارتكب الذنوب وليس لهم جسارة الدعوى بدأهم بجميل فعله فقال عز من قائل : (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ) فشتان بين عبد يقول : أنت وليى ، وبين عبد يقول له الحق : (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ) لا نقدم الواحد منا على رتبة نبى ولكن الرفق بالضعفاء أكثر والفضل منهم أقرب ، ولو لم تكن فى القرآن آية فى هذا الباب غير قوله : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) (٢) لكفى بذلك شرفا لهم وذخرا.

واعلم أن العبودية بالعبد لسبب وولاية الله سبحانه له ابتداء ، فالسبب لم يكن ، وما من الحق لك لم يزل ، فلأن يكون إذلالك ـ بمعنى لم يزل ـ خير لك من أن يكون حما لك ـ بمعنى لم يكن.

فصل : ومن علامات من يكون الحق سبحانه وليه أن يصونه ويكفيه فى جميع أحواله وشئونه ، فيغار على قلبه أن يتعلق بمخلوق فى دفع ضر أو جلب نفع ، بل يكون القائم على قلبه فى كل نفس ، فيحقق آماله عند إشاراته ، ويعجل له مآربه عند خطراته.

يحكى عن يوسف الرازى أنه قال : دخلت على ذى النون المصرى يوما فقال : إيش يقول الناس فىّ؟ فقلت : يقولون : إنه زنديق ، فقال : الأمر سهل حيث لم يقولوا : إنه يهودى ، فإن الناس تنفر قلوبهم عن اليهود أكثر مما تنفر

__________________

(١) يوسف : ١٠١.

(٢) محمد : ١١.

٣١٢

عن غيرهم ، فخرجت فلم ألبث أن سمعت أنهم يقولون : إنه يهودى ، فدخلت عليه وأخبرته فتبسم ، ثم إنهم قصدوا السلطان ليسعوا به فركبوا الزورق ، فنظر إليهم ذو النون وحرك شفتيه فكادوا يغرقون ، ثم إنهم تابوا إليه وتضرعوا فقبل عذرهم.

وإن من لم ينتقم لنفسه انتقم الله له ، ومن لم ينتصر لنفسه انتصر الله له.

فصل : من أمارات ولايته لعبده :

ومن أمارات ولايته لعبده يديم توفيقه حتى لو أراد سوءا أو قصد محظورا عصمه عن ارتكابه ، أو لو جنح إلى تقصير فى طاعته أبى إلا توفيقا له وتأييدا ، وهذا من أمارات السعادة ، وعكس هذا من أمارات الشقاوة ، ومن أمارات ولايته أيضا أن يرزقه مودة فى قلوب أوليائه ، فإن الله سبحانه ينظر إلى قلوب أوليائه فى كل وقت ، فإذا رأى لعبد فى قلوبهم محلا نظر إليه باللطف ، وإذا رأى همة ولى من أوليائه فى شأن عبد ، أو سمع دعاء ولى فى شأن شخص يأبى إلا الفضل والإحسان إليه ، بذلك أجرى السنة الكريمة.

يحكى عن بعضهم أنه قال : رأيت منصور بن عمار فى المنام ، فقلت له : ما فعل الله بك؟ قال : أقامنى بين يديه وقال : يا مشغب ، أنت المشغب لو لا أنك كنت تثنى عليّ فى بعض مجالسك فمر بك ولىّ من أوليائى فاستحسن ثناءك عليّ فاستوهبك منى فوهبتك له وإلا لعذبتك.

وسمعت الدقاق يقول : لو أن وليا من أولياء الله مر ببلدة للحق بركات مروره أهل تلك البلدة حتى تعمهم كلهم ، قال الله سبحانه : (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) (١) فأولياؤه يكونون فى العز فى دنياهم وعقباهم ، جعلنا الله منهم بمنه ورحمته.

__________________

(١) الشورى : ٤٦.

٣١٣

باب

فى معنى اسمه تعالى

٥٧ ـ الحميد (١)

جل جلاله

الحميد : اسم من أسمائه تعالى ، وهو فعيل بمعنى مفعول ، محمود بحمده لنفسه وحمد خلقه له ، ويكون فعيلا بمعنى فاعل ، حامد لنفسه وحامد لعباده المؤمنين.

فالحمد يتصرف فى اللغة على وجوه : يكون فعلا بمعنى المدح والثناء ، ويكون بمعنى الشكر ، ويكون الفرق بينهما أن الشكر فى مقابلة إحسان ، والحمد يكون من مقابلة إحسان ، ويكون بمعنى المدح بذكر صفات العلو ، وإن لم يكن ذكر إحسان يقال : حمدته على رفعته وشكرته على نعمته ، قال الشاعر :

بحمد من ثنائك لا يذم

أنافر أن تجود على مثالى

__________________

(١) الحميد : هو المحمود المثنى عليه ، والله تعالى هو الحميد بحمده لنفسه أزلا ، وبحمد عباده له أبدا ، ويرجع هذا إلى صفات الجلال والعلو والكمال ، منسوب إلى ذكر الذاكرين له ، فإن الحمد هو ذكر أوصاف الكمال من حيث هو كمال ، والحميد هو الّذي يوفق للخيرات ، ويحمد عليها ويمحو السيئات عن العبد ولا يخجله بذكرها ، فالعامة يحمدونه على إيصال اللذات الجسمانية ، والخواص يحمدونه على إيصال اللذات الروحانية ، والمقربون يحمدونه لأنه هو لا شيء غيره.

٣١٤

أى بمدح واستحقاق ثناء ، ويكون الحمد فى اللغة بمعنى الرضا ، يقال : بلوته فحمدته أى اختبرته فارتضيته ، ويكون الحمد بمعنى العاقبة ، يقال : حمادى أمرك أى عاقبة أمرك ، فقول القائل : الحمد لله يكون بمعنى المدح لله والشكر لله والرضا لله ، وأن من حمد الله تعالى جل جلاله وكما حمد نفسه بخطابه الأزلى حمد خلقه الذين أثنى عليهم بذكر خصالهم الحميدة ، وحمد العبيد لله سبحانه إذا كان بمعنى مدحهم وثنائهم ، فيكون بتوفيق من الله سبحانه وتعالى ولا يقبل ذلك إلا أن يكون عن تحقيق.

والتحقيق عرفان القلب ما يثنى به على الرب ، لأن الله تعالى أبى أن يقول العبد ما لا يعلم فى وصفه ، وإن كان صادقا فى قوله ، قال الله سبحانه : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (١) وأما حمده الّذي هو شكره فينبغى أن يكون على شهود المنعم لأن حقيقة الشكر الغيبة بشهود المنعم عن شهود النعمة.

وقيل : إن داود عليه‌السلام قال فى مناجاته : إلهى كيف أشكرك وشكرى لك نعمة منك عليّ ، فأوحى الله إليه : الآن قد شكرتنى.

وكم من عبد يتوهم أنه فى نعمة يجب عليه شكرها وهو فى الحقيقة فى محنة يجب عليه الصبر عنها ، فإن حقيقة النعمة ما يوصلك إلى المنعم ، لا ما يشغلك عنه ، فإذا النعم ما كان دينيا ، فإن كان مع النعم الدينية إرب معجل فهو الكمال ، فإن وجد التوفيق للشكر وإلا انقلبت النعمة محنة.

ويقال : إن الله تعالى أوحى إلى موسى ، عليه‌السلام : ارحم جميع الخلق ، المبتلى منهم والمعافى ، فقال : هذا المبتلى فما بال المعافى؟ قال : لقلة شكرهم ، وبالله التوفيق الموسع الأشياء بعد الضيق.

__________________

(١) البقرة : ١٦٩.

٣١٥

باب

فى معنى اسمه تعالى

٥٨ ـ المحصى (١)

جل جلاله

ورد الخبر بهذا الاسم وقال تعالى : (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) (٢) ومعناه العالم بجميع المعلومات ، فقوله تعالى : (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) أى أحاط بكل شيء علما ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة» قيل : من علمها ، ويحتمل أن يكون معنى المحصى فى وصفه بمعنى عده الأشياء ، وهو إخباره عن الأعداد ، والله تعالى يخبر عن تفصيل المعدودات ، والعدد لفظ اللافظ وخبر المخبر عن المعدود فيما بيننا ، وكذلك عدة الأشياء إخباره عن تفصيل أعدادها ، ومن آداب من علم أنه يحصى أنفاسه أن يحفظ معه أنفاسه ويراعى له حواسه لأنه إذا علم أنه منه قريب وعليه رقيب فحقيق بأن يهاب أماكن اطلاعه.

__________________

(١) المحصى : هو العالم ، ولكن إذا أضيف العلم إلى المعلومات من حيث يحصى المعلومات ويعدها ويحيط بها سمى إحصاء ، والمحصى المطلق هو الّذي ينكشف فى علمه حد كل معلوم وعدده ومبلغه ، والمحصى هو الّذي بالظاهر راقب أنفاسك ، وبالباطن راعى حواسك ، وقيل : هو الحافظ لأعداد طاعتك ، والعالم بجميع حالاتك.

(٢) الجن : ٢٨.

٣١٦

فصل : من آداب من علم أنه تعالى المحصى :

ومن آداب من علم أنه المحصى أن يتكلف عد آلائه لديه ، وإن علم أنه لا يحصيها ، قال الله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) (١) ويرعى وقته بذكر إنعامه وشكر أقسامه ، فيستوجب المزيد من عوائد إحسانه حسبما وعد من فضله وإنعامه.

رئى بعضهم يعد تسبيحاته فقيل له : يا فلان ، أتعد عليه؟ فقال : لا ، ولكن أعد له.

ويجب أن يراعى أيامه ويعد آثامه ، فيشكر جميل ما يوليه ربه ويعتذر من قبيح ما تأتيه نفسه.

يحكى عن أبى حفص أنه قال : منذ ثلاثين سنة ما أمليت على مثلى ما أستحي منه، ومنذ ثلاثين سنة ما واليت أحدا للدنيا.

ويحكى عن أبى عثمان الحيرى أنه قال : منذ أربعين سنة ما أقامنى الله فى شيء فكرهته ، وقيل العاقل الفاضل من عدت سقطاته.

فصل : ما الّذي يجب أن تحصيه على نفسك :

ومنهم من يعدد آثامه ، ومنهم من يعد أيامه فيقول ويفكر : منذ كم يوم فقد قلبه؟ أو منذ كم يوم يؤمل منه شيئا؟ فلا يجد بعد إربه ، أو منذ كم يوم بلى بحجابه أو منى ببعاده؟ وأنشد بعضهم :

الإلف لا يصبر عن إلفه

أكثر مما تطرف العين

وقد صبرنا عنكم ساعة

ما هكذا بى يفعل البين

__________________

(١) إبراهيم : ٣٤.

٣١٧

فإن تذكرت الأيام الماضية والتأسف على ما سلف من الأوقات الصافية صفة الأكثرين من هذه الطائفة ، إذ قل كثير منهم إلا وله من هذه القصة حصة ، وهذا سيد هذه الطائفة أبو القاسم الجنيد يقول : لا أزال أحن إلى بدء إرادتى وحدة سعيى وركوبى للأهوال طمعا فى الوصال ، وها أنا فى أوقاتى أبكى على أيامى الماضية ، ثم أنشد يقول :

منازل كنت تهواها وتألفها

أيام كنت على الأيام منصورا

قال الله تعالى : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) (١) واعجبا للقلوب التى منيت بالبعاد بعد الوصلة ، وأضلتها سحائب الغيبة بعد أنس القربة ، كيف لا تنقطع أسفا ولا تتبدد حسرة ولهفا ، إن هذا لعظيم من المحنة وشديد من الوقعة.

فصل : ما يحصيه تعالى على العبد :

وقد يحصى الحق سبحانه على العبد أوقات غيبته ، حتى إنه لو قصر فى الحضور أو جنح إلى الفترة عاتبه بدقائق الإشارة بما لو لم يسرع فى الأوبة لأدار على رأسه رحى المحنة وأقام عليه قيامة المعاتبة ، فإن الأحباب يسامحون فى كل شيء إلا الغيبة.

يحكى أن شيخا نظيفا حسن الشارة رئى معه حدث يضرب حر وجهه بنعله ، فقيل: ألا تستحى من ضربك هذا الشيخ؟ فقال الحدث : هذا الشيخ يدعى أنه يهوانى ، ومنذ ثلاث ما رآنى.

__________________

(١) إبراهيم : ٥.

٣١٨

فصل : من علم أنه تعالى رقيب عليه :

ومن علم أنه سبحانه رقيب عليه لم يخاطب أحدا إلا وقلبه مع الله تعالى ، فأوقاته كلها جد وأحواله كلها صدق ، انتفى المزح والهزل عن أحواله أجمع.

سمعت الدقاق يقول : يحكى عن ممشاد الدينورى أنه قال : جرت لى مع فقير حكاية فما مازحت بعدها فقيرا لأنى علمت أن أوقات الفقراء كلها جد وذلك أنه ورد عليّ فقير يوما فقال لى : يا أستاذ أريد العصيدة ، فقلت : إرادة وعصيدة! فمر الفقير وهو يقول : إرادة وعصيدة ، إرادة وعصيدة ، قال : فظننت أنه يمزح فتغافلت عنه ، ثم تذكرت أمره فقلت لبعض أصحابنا : أصلحوا له عصيدة ، قال : فطلب الرجل فلم يوجد ، فسألت عن حاله فقالوا : إنه هام على وجهه فلم يزل يقول : إرادة وعصيدة حتى مات.

ويحكى أنه كان بين أحمد بن أبى الحوارى وبين أبى سليمان الدارانى عقد أن لا يخالفه فى شيء يأمره به ، فسجر أحمد التنور يوما وقال لأبى سليمان سجرت التنور ، فلم يجبه ، فقالها مرتين أو ثلاثا ، وكان أبو سليمان ضاق صدره من شيء فقال : إيش أفعل؟ قال له : مر واقعد فيه ، واشتغل بشيء ثم تذكر أمره بعد ساعة فقال : أدركوا أحمد لأنه فى التنور ، لأن بينى وبينه عقدا أن لا يخالفنى ، قال : فنظروا فإذا أحمد فى التنور لم تتغير منه شعرة.

* * *

٣١٩

باب

فى معنى اسميه تعالى

٥٩ ، ٦٠ ـ المبدئ المعيد (١)

جل جلاله

هما اسمان ورد بهما نص القرآن ، والمبدئ المظهر وهو بمعنى الخالق المنشئ ، يقال : بدأ الله الخلق وأبداهم بمعنى واحد ، قال الله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (٢) فهذا من بداء وقال تعالى (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) (٣) وهذا من إبداء ، ويقال : ابتدأ الله الخلق بمعنى بداء ، وهو إظهار الشيء من العدم إلى الوجود ، فأما الإعادة فهو خلق الشيء بعد ما عدم ، والله تعالى قادر على إعادة الحوادث إذا عدمت جواهرها وأعراضها خلافا لمن قال : إن الإعادة للشىء بمعنى خلق مثله لا إعادة عينه ، وذلك أنه إذا كان مقدورا قبل أن خلقه ، فإذا عدم بعد وجوده أعاده إلى ما كان عليه ، فكما قدر على أن يخلقه ابتداء وجب أن يكون قادرا على أن يخلقه ثانيا ، والإعادة ابتداء ثان ، وكما لا فرق بين الخلق والمخلوق فكذلك لا فرق بين الإعادة والمعاد ، وقد يسمى رد

__________________

(١) المبدئ المعيد : هو الموجد ، لكن الإيجاد إذا لم يكن مسبوقا بمثله سمى إبداء ، وإذا كان مسبوقا بمثله سمى إعادة ، والله تعالى بدأ خلق الناس ، ثم هو الّذي يعيدهم ، أى يحشرهم ، والأشياء كلها منه بدت ، وإليه تعود ، وبه بدئت ، وبه تعود.

(٢) الروم : ٢٧.

(٣) البروج : ١٣.

٣٢٠