شرح أسماء الله الحسنى

زين الدين أبي القاسم عبدالكريم ابن هوازن بن عبدالملك ابن طلحة بن محمد النيسابوري القشيري

شرح أسماء الله الحسنى

المؤلف:

زين الدين أبي القاسم عبدالكريم ابن هوازن بن عبدالملك ابن طلحة بن محمد النيسابوري القشيري


المحقق: طه عبدالرؤوف سعد و سعد حسن محمد علي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الحرم للتراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٢

ولهذا قال المشايخ : التوحيد إسقاط الياءات ، يريدون الإضافة إلى نفسه (١).

وقيل لبعض المشايخ : ألك رب؟ فقال : أنا عبده وليس لى ملك ، فمن أنا حتى أقول لى.

فصل : فيمن تحقق بملك سيده جل جلاله :

ومن تحقق بملك سيده عاد جمال ذلك لنفسه ، بل شهد بذلك استقلال نفسه ، وفى معناه قيل :

وما ضرنا أنّا قليل وجارنا

عزيز وجار الأكثرين ذليل

وحكى عن شقيق البلخى أنه قال : كان ابتداء توبتى أنى رأيت غلاما فى سنة قحط يمرح زهوا ، والناس تعلوهم الكآبة لمقاساة الجدوبة ، فقلت له : يا هذا ، لم هذا المرح؟ أما ترى ما فيه الناس من المحن؟ فقال : ما يحق لى حزن ولسيدى قرية مملوكة يدخر منها ما أحتاج إليه ، فقلت فى نفسى : إن هذا العبد لمخلوق ولا يستوحش لأن لسيده قرية مملوكة ، فكيف يصح أن استوحش وسيدى مالك الملوك ، فانتبهت وتبت.

فصل : من عرف المالك أعتق من هواه :

وإذا ثبت أنه مالك مملك ، كما قال عز من قائل : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) (آل عمران : ٢٦) يملك من عباده من سبقت له عنايته وحقت له فى عموم الأحوال رعايته ، فيملكه هواه ويعتقه من أسر نفسه ومناه ، ويحرره عن رق البشرية ويخلصه من رعونة الإنسانية.

وفى معناه قيل : من ملك النفس فحر ما هو ، والعبد من يملكه هواه.

وحكى أن بعض الأمراء قال لبعض الصالحين : سلنى حاجتك ، قال : أولى

__________________

(١) أى ياءات الإضافة ، كما تقول : كتابى ، ابنى ، فكل شيء لله الملك.

١٤١

تقول ولى عبدان هما سيداك ، قال : ومن هما ، قال : الحرص والأمل ، فقد غلبتهما وغلباك، وملكتهما وملكاك.

وقال بعض أهل الإشارة فى معنى قوله تعالى : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ) (يوسف : ١٠١) أنه أراد بهذا الملك علو النفس حيث امتنع من مراودة امرأة العزيز.

وقد حكى عن بعضهم أنه قال : كنت أمر بعسفان فوقع بصرى على امرأة جميلة فمال إليها قلبى فاستعنت بالله واتقيت ومررت ، فلما نمت تلك الليلة رأيت يوسف ، عليه‌السلام ، فى المنام ، فقلت : أنت يوسف ، فقال : نعم ، فقلت : الحمد لله الّذي عصمك من امرأة العزيز ، فقال لى : والحمد لله الّذي عصمك من العسفانية.

فصل : معرفة المتوحد بالملك تنفى التذلل للمخلوق :

ومن عرف أنه المتوحد بالملك أنف أن يتذلل لمخلوق ، لأن المعرفة بمالكه توجب التجرد له فى التقرب إليه وقصده.

وفى معناه ما حكى عن الساجى فى فصل ما يقول : أيجمل بالحر المريد أن يتذلل للعبيد وهو يجد من مولاه ما يريد.

وقال بعضهم : من عرف الله لم يحتمل غنج (١) المخلوقين ولا فتنهم.

وحكى عن بشر الحافى أنه قال : رأيت أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه فى النوم فقلت له : عظنى يا أمير المؤمنين ، فقال لى : ما أحسن عطف الأغنياء على الفقراء طلبا للثواب ، وأحسن من ذلك تيه الفقراء على الأغنياء ثقة بالله ، فقلت : زدنى يا أمير المؤمنين ، فقال :

قد كنت ميتا فصرت حيا

وعن قريب تصير ميتا

عز بدار الفناء ليت

فابن بدار البقاء بيتا

__________________

(١) أصل الغنج الدلال من المرأة قد تبدى التمنع وهى راغبة.

١٤٢

فصل : من آداب من عرف أن الملك لله تعالى :

ومن آداب من عرف أن الملك لله ، أن يثق بما يرجوه من الله ويأمله فى جميع ما ينفق فيه ويفعله ويذره ويستعمله ويكون بما بيد الله أوثق مما فى يده.

قال سهل بن عبد الله : من لمن يدبر فمولاه يدبره ، وكان الدقاق ، رحمه‌الله ، يقول : من آمن بالخلف لم يحتشم من التلف.

وحكى عن بعضهم أنه قيل لبعض الفقراء حين دخل عليه ولم يجد شيئا من المتاع فى داره : ليس لكم شيء؟ فقال : بلى لنا داران : أحدهما دار أمن والأخرى دار خوف ، فما يكون لنا من الأموال ندخره فى دار الأمن ، يعنى بذلك إنفاقه فى سبيل الله.

وقيل فى بعض الكتب : بشّر من ادخر ماله بحادث أو وارث.

وحكى عن بعض أهل المعرفة أنه قال : كنت أسير فى البادية مع القافلة فتقدمت الرفقة يوما ، فرأيت امرأة تمشى بين يدى القافلة فقلت : إنها ضعيفة ، فسبقت القافلة لئلا تنقطع ، وكان معى دريهمات فأخرجتها من جيبى وقلت لها : خذيها ، فإذا نزلت القافلة فاطلبينى لأجمع لك شيئا لتكترى مركوبا يحملك ، قال : فمدت يدها وقبضت شيئا من الهواء ، وإذا فى يدها دراهم فناولتنى وقالت : أخذت من الجيب وأخذنا من الغيب.

وقال بعضهم : من أمارات التوحيد والثقة بالمعبود كثرة العيال على بساط التوكل ، ومن آداب من كان واثقا بالله تعالى أن لا يحتشم من الإنفاق والبذل فى سبيل الله تحققا بأن الخلف منه تعالى مسجل ، وجميل العقبى مؤجل.

وحكى عن حاتم الأصم أنه كان صائما يوما فلما أمسى قدم إليه فطوره ، فجاء سائل فدفع ذلك إليه فحمل إليه فى الوقت طبق عليه من كل لون من

١٤٣

الأطعمة والحلاوة ، فأتاه سائل آخر فدفعه إليه ، ففتح له بصرة فيها دنانير فى الوقت ، فلم يتمالك أن صاح : الغوث من الخلف ، الغوث من الخلف ، وكان فى جيرانه من يسمى خلفا ، فتسارع الناس إليه وقالوا : لم تؤذى الشيخ حتى يصيح منك وحملوه إليه ، فقال : إنى لم أعنه وإنما عجزت عن شكر الله تعالى على ما يعجل لى من الخلف ... وذكر القصة.

* * *

١٤٤

باب

فى معنى اسمه

٣ ـ القدوس (١)

جل جلاله

القدوس على وزن فعول ، وهو من القدس ، والقدس : الطهارة ، والتقديس التطهير ، والأرض المقدسة : المطهرة ، ومعناه فى وصفه تعالى يعود إلى استحالة النقائص فى وصفه ، وتنزهه من الآفات (٢) وذلك باستكماله نعوت الجلال ، فمن تحقق معنى ذلك فى وصفه علم أنه عزيز لا يرتقى إلى تصوره وهم ، ولا يطمع فى جواز تقديره فهم ، فلا تنبسط فى ملكه بغير تقديره يد حدثان ، ولا يقف مضى أحكامه على نصرة وأعوان ، تاهت العقول فى قفار

__________________

(١) هو : المنزه عن كل وصف يدركه حس أو يتصوره خيال أو يسبق إليه وهم أو يختلج به ضمير أو يقضى به تفكير ، وهو المنزه عن وصف من أوصاف الكمال الّذي يظنه أكثر الخلق.

قال بعض الشيوخ : القدوس من تقدست عن الحاجات ذاته ، وتنزهت عن الآفات صفاته ، وقيل : القدوس من قدس نفوس الأبرار عن المعاصى ، وأخذ الأشرار بالنواصى ، وقيل : القدوس من تقدس عن مكان يحويه وعن زمان يبليه ، وقيل : القدوس الّذي قدس قلوب أوليائه عن السكون إلى المألوفات ، وأنس أرواحهم بفنون المكاشفات.

(٢) اعلم أن القدوس مشتق فى اللغة من القدس ، وهو الطهارة ، ولهذا يقال : البيت المقدس ، أى : المكان الّذي يتطهر فيه من الذنوب ، وقيل للجنة : حظيرة القدس لطهارتها من آفات الدنيا ، وقيل لجبريل ، عليه‌السلام : روح القدس لأنه طاهر عن العيوب فى تبليغ الوحى إلى الرسل عليهم‌السلام.

١٤٥

الحيرة عن الإحاطة بصمديته ، كيف لا ، وهو مستحق لنعت سرمديته ، متوحد بتقدم أزليته، وكلّت الأبصار عند رؤيته عن إدراك حقيقته ، ولم لا والجبروت حقه باستحقاق الملكوت عينه وذاته.

ومن آداب من عرف هذا الاسم أن يطهر نفسه عن متابعة الشهوات ، وماله عن الحرام والشبهات ، ووقته عن دنس المخالفات ، وقلبه عن كدورة الغفلات ، وروحه عن المضاجعات والمساكنات ، وسره عن الملاحظات والالتفاتات ، فلا يتذلل لمخلوق بالنفس التى بها عبده ، ولا يعظم مخلوقا بالقلب الّذي به شهده ، ولا يبالى بما فقده بعد ما ووجده ، ولا يرجع قبل الوصول إليه بعد ما قصده ، فهو من الأعراض والأدناس متصاون ، وبما يفوته من الأغراض وصحبة الأجناس متهاون ، به يقول إذا قال ، وبه يصول إذا صال ، دلت نجوم عقله على ثبوت وجوده ، وأضاءت أقمار علومه بتحقق نعت شهوده ، وطلعت شموس معارفه فأذنت بفنائه وخموده ، تفرد عند أفعاله عن دعواه ، وتجرد فى عموم أحواله عن متابعة هواه ، وأثر فى جميع أوقاته متابعة رضاه.

فصل : آداب من عرف اسمه تعالى القدوس :

ومن آداب من عرف أنه القدوس أن تسمو همته إلى أن يطهره الحق سبحانه من عيوبه وآفاته ، ويقدسه عن دنس عاهاته فى جميع حالاته ، فيحتال فى تصفية قلبه عن كدوراته ، ويرجع إلى الله تعالى بحسن الاستجابة فى جميع أوقاته ، فإن من طهر لله لسانه عن الغيبة طهر الله قلبه عن الغيبة ، ومن طهر لله طرفه عن النظر بالريبة طهر الله سره عن الحجبة.

حكى عن إبراهيم بن أدهم ، رحمه‌الله : أنه مر بسكران مطروح على قارعة الطريق ، وقد تقايأ ، فنظر إليه وقال : بأى شيء أصابته هذه الآفة ، وقد ذكر الله بهذا الفم ، فغسل فه ، فلما أن أفاق السكران أخبر بما فعله إبراهيم بن أدهم

١٤٦

فخجل الرجل وتاب وحسنت توبته ، فرأى إبراهيم بن أدهم فيما يرى النائم كأن قائلا يقول: غسلت فمه لأجلنا ، فلا جرم طهرنا لأجلك قلبه.

وفى الأخبار عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نظفوا أفواهكم فإنها مجارى القرآن» وروى عنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قالك «بنى الإسلام على النظافة».

فصل : العابدون والزاهدون والعارفون :

واعلم أن الحق سبحانه يطهر نفوس العابدين بحسن تأييده عن دنس المخالفات ، واتباع الهوى ، ويطهر قلوب الزاهدين بيمن التسديد عن الرغبة فى الدنيا واستشعار المنى ، ويطهر أسرار العارفين بنور توحيده عما سوى المولى ، فالعابدون متصفون بطاعة الله مقبلون على عبادة الله ، محترقون باستشعار الخلوص فى تقوى الله ، والزاهدون مقيمون على الاكتفاء بوعد الله معرضون عما يوجب التهمة فى ضمان الله ، والعارفون إن قاموا قاموا بالله ، وإن نطقوا نطقوا بالله ، وإن سكتوا سكتوا بالله ، فكيفما دارت أوقاتهم وتصرفت أحوالهم ، الغالب على قلوبهم ذكر الله ، لاح لأسرارهم منه علم فطاح عن إحساسهم (١) كل وصم ، أذاقنا الله مما أذاقهم شمة ، إنه ولى كل نعمة.

__________________

(١) أى : ذهب فلم يحسوا.

١٤٧

باب

فى معنى اسمه تعالى

٤ ـ السلام (١)

جل جلاله

السلام : اسم من أسمائه تعالى ورد به نص القرآن الكريم ، واختلفوا فى معناه فمنهم من قال : إن معناه ذو السلام ، والسلام بمعنى السلامة كاللذاذ بمعنى اللذاذة ، والرضاع بمعنى الرضاعة ، ومعناه يعود إلى تنزه الرب سبحانه عن الآفات ، وتقدسه عن سمات المخلوقات ، وهو بمعنى القدوس ، وقيل : معناه : ذو السلامة أى منه السلامة لعباده ، ولهذا قيل : إن معنى السلام : أنه سلم المؤمنين من عذابه ، وقيل إنه السلام أى ذو السلام على أوليائه : قال الله تعالى : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) (٢) وإذا قلنا إنه ذو السلام أى ذو السلامة من الآفات كان من صفات ذاته ، وإذا قلنا إن المؤمنين يسلمون من عذابه كان من صفات فعله.

ومن آداب من عرف أنه السلام أن يسلم منه المؤمنون ، كما ورد فى الخبر

__________________

(١) هو الّذي تسلم ذاته عن العيب وصفاته عن النقص وأفعاله عن الشر حتى إذا كان كذلك لم يكن فى الوجود سلامة إلا وكانت معزوة إليه صادرة منه ، وقد فهمت أن أفعاله تعالى سالمة عن الشر ، أى الشر المطلق المراد لذاته لا لخير حاصل فى ضمنه أعظم منه ، وليس فى الوجود شر بهذه الصفة.

(٢) النمل : ٥٩.

١٤٨

عن سيد البشر صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، وقيل لبعضهم : من البر؟ قال : الّذي لا يضمر الشر ، ولا يؤذى الذر.

وحكى عن بعضهم أنه رأى إنسانا يغتاب رجلا فقال : هل غزوت العام الروم؟ فقال: لا ، فقال : وهل غزوت الترك والهند؟ قال : لا ، قال : وكيف تسلم منك الكفار ولم يسلم منك أخوك المسلم؟.

وقيل : إن أبا يزيد البسطامى حضر الجامع يوما فوقف بجنب شيخ ركز عصا له فى الأرض فركز أبو يزيد عصاه ، فوقف على عصا الرجل وأسقط عصاه ، فلما انصرف أبو يزيد من الجامع مضى إلى دار الرجل وقال : إنك احتجت أن تنحنى إلى الأرض لتأخذ عصاك فتعنيت من أجلى ، فاجعلنى فى حل.

وقيل : إن عثمان بن عفان رضى الله عنه عرك أذن (١) غلام له لترك أدب حصل منه ، فقال الغلام : آه ، قد أوجعتنى يا مولاى ، فقال عثمان : خذ أذنى واعركها ، فأبى الغلام ، فألح عليه وقال : لأن تقتص منى فى الدنيا أحب إلى أن تقتص منى فى الآخرة ، فعرك الغلام أذنه ، فقال عثمان : زد ، فقال الغلام : يا أمير المؤمنين ، إن كنت تخاف من القصاص يوم القيامة فأنا أخافه أيضا.

وحسبك فى هذا الباب ما روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه اقتص من نفسه».

وسئل بعضهم عن الورع فقال : هو أن تطالب نفسك بما يطالب به الشريك الشحيح شريكه ، فيناقشه فى النقير والقطمير.

__________________

(١) أى : دلكها.

١٤٩

فصل : آداب من تحقق باسمه تعالى السلام :

ومن آداب من تحقق بهذا الاسم أن يعود إلى مولاه بقلب سليم (١) ، والقلب السليم هو الخالص من الغل والغش والحسد والحقد ، ولا يضمر للمسلمين إلا كل خير وخلوص ، وكل صدق ونصح ، ويحسن الظن بكافتهم ويسىء الظن بنفسه ، فيلاحظ أحواله بعين الازدراء ، وأقواله بعين الافتراء ، يعتقد أنه شر الخلق ، كما قيل : إنه إذا رأى من هو أكبر منه سنا قال : هذا خير منى ، لأنه أكثر منى طاعة وعرف الله قبلى ، وإن رأى من هو دونه فى السن قال : هو خير منى لأنه أقل منى معصية.

وقد قال بعض المشايخ : إذا ظهر لك من أخيك عيب فاطلب له سبعين بابا من العذر ، فإن اتضح لك عذر ، وإلا فعد على نفسك باللوم وقل : بئس الرجل أنت حيث لم تقبل سبعين عذرا من أخيك.

وحكى عن معروف الكرخى أنه مر بإنسان يتصدق بماء وهو يقول : رحم الله من يشرب ، فأخذ معروف ذلك الماء وشرب ، فقيل له : أليس كنت صائما؟ قال : بلى ، كنت نويت أن أصوم ولكن قلت : دعوة مسلم لعلها تستجاب.

ومن أمارات من يكون سليم القلب أن ينصح المسلمين ولا ينطوى لهم على سوء وحيلة تخفى ، ويدعو لهم بظهر الغيب ، وبحسن إليهم ويظلم نفسه وينتصف لهم ولا ينتصف منهم.

__________________

(١) كل عبد سلم عن الغش والحقد والحسد واردة الشر قلبه وسلم عن الآثام والمحظورات جوارحه وسلم عن الانتكاس والانعكاس صفاته فهو الّذي يأتى الله بقلب سليم ، وهو السلام من العباد القريب فى وصفه من السلام المطلق الحق الّذي لا مثنوية فى صفته ، ومعنى الانتكاس فى صفاته أن يكون عقله أسير شهوته وغضبه ، إذ الحق عكسه ، وهو أن تكون الشهوة والغضب أسير العقل وطوعه فإذا انعكس فقد انتكس ولا سلامة ، حيث يصير الأمير مأمورا ، والملك عبدا ، ولن يوصف بالسلام والإسلام إلا من سلم المسلمون من لسانه ويده ، فكيف يوصف به من لم يسلم هو من نفسه.

١٥٠

وحكى أن بهلولا كان الصبيان يؤذونه ويرمونه بالحجارة وهو يقول : إن كان ولا بد فارمونى بالصغار من الأحجار لئلا أحتاج إلى غسل الدم ، فقيل له فى ذلك ، فأنشد :

حسبى الله وتكلانى عليه

من نواصى الخلق طرا فى يديه

رب راض لى بأحجار الأذى

لم أجد بدا من العطف عليه

فعسى يطلع الإله على فرح ال

قوم فيدنينى إليه

وقد قال بعض المشايخ : كن فى التصوف ذنبا (ذيلا) ولا تكن رأسا ، فإن علل الرأس كثيرة ، معناه سلم للناس التقدم عليك يطب لك العيش ، فمن رضى بدون قدره رفعه الله فوق غايته.

واعلم أن الناس يرضون منك باليسير ، ولهذا قالوا : كيلوا عن الناس من هذه الرخيصة ، يعنى ما استسر به أشكالك من تسليمك لهم تقدمهم عليك ، وقد روى فى الخبر عنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم» قالوا : يا رسول الله : ومن أبو ضمضم؟ قال : «رجل كان إذا خرج من منزله قال : اللهم إنى تصدقت بعرضى على عبادك» وسمعت منصورا المغربى يقول : كان شيخ من المشايخ بالشام أو بالمغرب له أصحاب فجاءه إنسان فقال : إنى أريد أن أخدم هؤلاء الفقراء ، فقال الشيخ : ما اسمك؟ فقال : عيى ، وكان يخدمهم وكل من له شغل كان يستعمله فيه ، فجرى يوما بين هذا الشيخ وبين شيخ آخر مسألة فتنازعا فيها ، فقال الشيخ للآخر تعال نتحاكم إلى أحد ، فقال :

١٥١

إلى من تريد؟ فقال : إلى عيى ـ على جهة الاستخفاف به والثقة بأن الصواب فيما يقوله ـ فتحاكما إليه ، فقال عيى : أى شيء قلتما فذكرا له ما قالا فقال : أخطأتما جميعا ، والصواب : كيت وكيت ، فقام الشيخ وقبل رأسه ، وقال : أنت أحق بأن تكون أستاذا ، وأكرموه ، فقام وفارقهم وقال : إنما طاب العيش معكم حيث كنت عييا (١) وكنت مستورا فيكم.

__________________

(١) العيى : العاجز عن التعبير اللفظى بما يفيد المعنى المقصود وعدم الاهتداء لوجه المراد والعجز عن أدائه.

١٥٢

باب

فى معنى اسمه تعالى

٥ ـ المؤمن (١)

جل جلاله

المؤمن : اسم من أسمائه تعالى ، ورد به نص القرآن الكريم ، ومعناه المصدق ، فإن حقيقة الإيمان فى اللغة هو التصديق ، ومعناه فى وصفه تعالى تصديقه لنفسه ، وهو علمه سبحانه وتعالى بأنه صادق ، ويكون تصديقه لعباده هو علمه بأنهم صادقون ، ويكون أيضا بمعنى تصديقه بوعده ووعيده ، وهو أن يفعل ما وعد به وأوعد ، فعلى هذا يكون من صفات فعله ، ويكون معنى المؤمن من الأمان الّذي هو الإجارة ، يقال : أمنه يؤمنه إذا أجاره ، وذلك إذا أعطى الأمان لمن استعاذ به ، فيكون هذا من صفات فعله ، فالعبد يؤمن بالله سبحانه ، والحق تعالى يؤمّن العبد.

ومن آداب من تحقق بهذا الاسم أن يخلص فيما يثبت من هذه التسمية فيصدق فى إيمانه ، وصدقه فى الإيمان تحققه بالدلائل والبرهان ، ثم ينظر فيما قال الناس فى معنى هذه الصفة التى هى إيمان العبد فيأتى بجميع ما قيل فى

__________________

(١) هو الّذي يعزى إليه الأمن والأمان بإفادته أسبابه وسده طرق المخلوق ولا يتصور أمن إلا فى محل الخوف ، ولا خوف إلا عند إمكان العدم والنقص والهلاك ، والمؤمن المطلق هو الّذي لا يتصور أمن وأمان إلا ويكون مستفادا من جهته ، وهو الله تعالى ، وليس يخفى أن الأعمى يخاف أن يناله هلاك من حيث لا يرى ، فالعين البصرية تفيده أمنا منه ، والأقطع يخاف آفة أنه لا تندفع إلا باليد ، فاليد السليمة أمان منها ، وهكذا جميع الحواس والأطراف.

١٥٣

ماهية الإيمان من الإقرار والمعرفة والخضوع وترك الاستكبار والمحبة واجتناب الكبائر ، فإذا استوفى جميع ذلك من نفسه وقف عند الدعوى ، فإذا قيل له : أمؤمن أنت؟ يقول : إن شاء الله ، فيكون قائما بحق المعنى قاعدا عن وصف الدعوى.

واعلم أن الموافقة فى الأسماء لا تقتضى المشابهة فى الذوات ، فيصح أن يكون الحق سبحانه مؤمنا والعبد يكون مؤمنا ، ولا يقتضي مشابهة العبد الرب ، ألا ترى أن الخلافين يشتركان فى الاسم ولا يشتبهان فى المعنى (١).

ومما يتعلق بهذا الباب من طريق التذكير أن يقال : إن الملوك يأبون أن يجسر أحد من رعيتهم أن يتسمى باسم الملك ، والله سبحانه سمى نفسه المؤمن وسمى العبد مؤمنا وسمى عباده المؤمنين ، وهذا لطف منه سبحانه بهم ، وقيل ينادى غدا فى القيامة مناد : إن كل من هو سمىّ نبى من الأنبياء من المؤمنين فليدخل الجنة ، فيبقى أقوام من المؤمنين فيقال لهم : من أنتم؟ فيقولون : نحن

__________________

(١) حظ العبد من هذا الوصف أن يأمن الخلق كلهم جانبه ، بل يرجو كل خائف الاعتضاد به فى دفع الهلاك عن نفسه فى دينه ودنياه كما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليأمن جاره بوائقه» وأحق العباد باسم المؤمن من كان سببا لأمن الخلق من عذاب الله بالهداية إلى طريق الله والإرشاد إلى سبيل النجاة ، وهذه حرفة الأنبياء والعلماء ، ولذلك قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنكم تتهافتون فى النار تهافت الفراش وأنا آخذ بحجزكم» ولعلك تقول على الحقيقة من الله فلا مخوف إلا إياه ، فهو الّذي خوف عباده ، وهو الّذي خلق أسباب الخوف ، فكيف ينسب إليه الأمن ، فالجواب : أن الخوف منه والأمن منه ، وهو خالق سبب الخوف والأمن جميعا ، وكونه مخوفا لا يمنع كونه مؤمنا ، كما أن كونه مذلا لا يمنع كونه معزا ، بل هو المعز والمذل ، وكونه خافضا لا يمنع كونه رافعا ، بل هو الخافض الرافع ، فكذلك هو المؤمن المخوف ، ولكن المؤمن ورد به التوقيف به خاصة دون المخوف ، وكما قلنا فإن أسماء الله تعالى توقيفية لا بد من ورود خبر بها.

١٥٤

من لم يوافق اسمه اسم نبى ، فيقول الله تعالى : أنا المؤمن ، وأنا سميتكم المؤمنين ، فيدخلهم الجنة.

ويحكى عن يحيى بن معاذ أنه قال فى مناجاته : إلهى سميتنى مسلما فتفاءلت به ، وقلت : سلمت من عذابك ، وسميتنى مؤمنا فتفاءلت به ، وقلت : أمنت من عذابك ، ورزقتنى شيبة وقلت : الشيب نورى ، فتفاءلت به ، وقلت : لا تحرق نورك بنارك.

فصل : إجارة الله لعبده وأمانه :

وإذا كان أحد معانى اسمه المؤمن أنه يؤمن عباده ويجيرهم فاعلم أن إجارته وأمانه للعبد على قسمين : مؤجل ومعجل ، فالمؤجل فى القيامة فى الجنة ، قال الله تعالى : (أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ) (١) ، والمعجل على أقسام ، لكل عبد على حسب ما يليق بوقته ، فمنهم من يؤمنه من خواطر الشيطان التى تقدح فى الإيمان بما يتيح لقلوبهم من واضح البرهان ويتيح لأسرارهم من لائح البيان ، حتى إذا عارضهم بوارح الشكوك ، وناظرهم من هو فى حكم المخالف فى عقد الفقه غيروا فى وجه الشبهة وردوا بالحجج على أصحاب البدعة ، قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) (٢) لا يتداخلهم شك ، ولا يتخالجهم ريب ، ولا تعارضهم مرية ، ولا تنازعهم شبهة الناس فى أسر التهمة وكرب الغمة وامتداد الظلمة ، وهم فى روح اليقين والنور المبين ، وفى معناه أنشدوا :

ليلى من وجهك شمس الضحى

وإنما الشرقة فى الجو

__________________

(١) الأنعام : ٨٢.

(٢) الأعراف : ٢٠١.

١٥٥

فالناس فى الظلمة من ليلهم

ونحن من وجهك فى الضوء

وكان الدقاق ، رحمه‌الله تعالى ، كثيرا ما ينشد :

إن شمس النهار تغرب بالليل

وشمس القلوب ليس يغيب

وأنشد بعضهم :

هى الشمس إلا أن للشمس غيبة

وهذا الّذي نعنيه ليس بغيب

ومما يؤمن أولياءه منه هواجس النفوس ودواعى الزلات ونوازع المخالفات ، حتى لا تدعوه نفسه إلى ارتكاب محظور ، ولا يكون له إلى اقتحام المخالفات ميل نفس ونوازع طبع.

ويحكى عن أبى يزيد أنه قال : كنت هممت أن أدعو الله سبحانه حتى يكفينى شهوات النساء ، ثم قلت : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يسأل عن ذلك ، فتركت هذا الدعاء ، فمن بركات اتباع السنة كفانى الله تعالى شهوة النساء حتى لا أميز بين امرأة تستقبلنى وجدار.

وحكى أن بعض الأكابر سئل : كيف تصير على العزوبة؟ فقال : قاسيت مشقة ذلك سنة ، ثم إن الله سبحانه سهّل ذلك حتى لم تبق لى مطالبة.

١٥٦

فصل : مما يؤمن الله تعالى منه :

ومما يؤمن أولياءه منه خوف الفقر ورعب لحوق الضر ، حتى يكون فارغ الكف طيب النفس ساكن السر ، يثق بموعود ربه كما يثق أرباب الغفلة بمعلوم النفس ومكاسبها.

وسأل أبا يزيد رجل عن سبب معيشته ، وكان قد صلى أبو يزيد خلفه فقال : اصبر حتى أعيد الصلاة التى صليت خلفك حيث شككت فى أرزاق المخلوقين.

وقيل لبعضهم : من أين يأكل فلان؟ فقال : من عرف خالقه لم يشك فى رازقه ، وإن خوف الفقر قرينة الكفر ، وإن حسن الثقة بالرب نتيجة الإيمان.

يحكى عن أبى بكر الكتانى أنه قال : منذ كذا سنة ما خطر ببالى ذكر الطعام حتى يقدم إلى.

وحكى عن بعضهم أنه قال : كنت أخدم الكتانى فى المدينة ، وكان يصوم ، فكنت أقدم إليه كل ليلة ما يفطر عليه وأمضى ، فكنت أرى فيه أثر الضعف والنحول ، فراقبته ليلة فجاء إنسان ووقف عليه فسأله ، فأومأ إلى الطعام ، فحمله الرجل ومضى ، فقفوت أثر الرجل وقلت له : أخبرنى عن القصة ، فقال : هذا الشيخ منذ ليال يعطينى كل ليلة رغيفين ، وكان ذلك ما أقدمه إليه ، فحملت إليه طعاما آخر وقلت : هلا قلت لى حتى أحمل إليك شيئا آخر؟ فقال : كنت أنسى كل ليلة أنى لم آكل شيئا.

* * *

١٥٧

باب

فى معنى اسمه تعالى

٦ ـ المهيمن (١)

جل جلاله

اعلم أن المهيمن اسم من أسمائه تعالى ، نزل به نص القرآن فى قوله : (الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ) واختلفوا فى معناه ، فقال بعضهم : إنه بمعنى الرقيب الحافظ ، وقيل هو الأمين ، وقال الكسائى : هو : الشهيد ، وقال المبرد : أصله المؤيمن ، ثم قلبت الهمزة هاء ، كما قالوا : أرقت الماء وهرقته ، وإياك وهياك ، وأرجت وهرجت ، وبابه ، وعلى هذا التأويل فهو بمعنى المؤمن فذكر على

__________________

(١) معناه فى حق الله تعالى أنه القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم ، وإنما قيامه عليهم باطلاعه واستيلائه وحفظه ، وكل مشرف على كنه الأمر مستول عليه حافظ له فهو مهيمن عليه ، والإشراف يرجع إلى العلم والاستيلاء إلى كمال القدرة والحفظ إلى العقل ، فالجامع بين هذه المعانى اسمه المهيمن ، ولن يجمع ذلك على الإطلاق والكمال إلا الله تعالى ، ولذلك قيل : إنه من أسماء الله تعالى فى الكتب القديمة.

وقال بعض المشايخ : المهيمن من كان على الأسرار رقيبا ، ومن الأرواح قريبا ، قال تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ) (التوبة : ٧٨) وقيل : المهيمن الّذي يشهد خواطرك ، ويعلم سرائرك ، وينصر ظاهرك ، وقيل : المهيمن الّذي يقبل من رجع إليه بصدق الطوية ، ويدفع عن نفسه الغضب والبلية ، وقيل : المهيمن الّذي يعلم السر والنجوى ويسمع الشكر والشكوى ويدفع الضر والبلوى.

١٥٨

الأصل ، لأن مؤمنا كان فى الأصل مويمنا ، وقد جاء بعض هذا البناء على الأصل كقول القائل :

وصاليات ككما يؤتفين

وكقول القائل : كساء مورنب ، وأراد به مرنب.

وقد مضى بعض معنى المؤمن فى وصفه ، وأما إذا كان بمعنى الرقيب والحفيظ والشهيد والأمين فمعناه ظاهر فى وصفه ، وسيجيء بيان هذه الأسماء فى موضعها إن شاء الله تعالى.

وقد قال العباس بن عبد المطلب فى مدح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

حتى احتوى بيتك المهيمن

من خندف علياء تحتها النطق

قيل : معناه حتى احتويت أنت أيها المهيمن من خندف علياء ، وبيته شرفه ، والعرب تقول : فلان كريم البيت أى كريم الشرف ، والمهيمن فى هذا البيت يراد به الأمين ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمينا ، وكان يسمى الأمين قبل النبوة ، وإذا قيل : إنه بمعنى الشاهد فيكون معناه أنه الرائى والمدرك والعالم بالخفيات والمطلع عليها. آداب من تحقق باسمه تعالى المهيمن :

ومن آداب من تحقق بهذا الاسم أن يكون مستحييا من محل اطلاعه عليه محتشما من رؤيته ، وهذا المعنى يسمى المراقبة فى لسان أهل المعاملة ، ومعناه علم القلب باطلاع الرب.

وقال أبو محمد الجريرى : من لم يحكم بينه وبين الله التقوى والمراقبة لم يصل إلى الكشف والمشاهدة (١).

__________________

(١) كل عبد راقب حتى أشرف على غواره وأسراره ، واستولى مع ذلك تقويم أحواله وأوصافه ، ـ

١٥٩

وكان الشيخ أبو على الدقاق يحكى أن بعض الأمراء كان له وزير ، وكان بين يديه يوما فسمع بعض الغلمان يحدث بعضا ، فنظر الوزير إلى من يحدث ، فاتفق أن الأمير نظر إلى الوزير فخاف الوزير أن الأمير توهم بأنه نظر إلى ذلك الغلام بالريبة فجعل ينظر إليه ليرى من نفسه أن ذلك حول فيه ، فكان يدخل على الأمير كل يوم على ذلك الوصف حتى توهم الأمير أن ذلك فيه خلقة.

فإذا كان المخلوق يراعى من مخلوق كل هذه المراعاة فأولى بالعبد أن يستحيى من ربه فيترك ما نهاه عنه لعلمه بأنه يراه.

وحكى أن إبراهيم بن أدهم كان يصلى قاعدا فجلس ومد رجله ، فهتف به هاتف : أهكذا تجالس الملوك؟

وكان الجريرى لا يمد رجله فى الخلوة ، فقيل : إنه ليس يراك أحد وقد خلوت بنفسك ، فهلا تمد رجلك؟ فقال : حفظ الأدب مع الله أحق ، وفى معناه أنشدوا :

كأن رقيبا منك يرعى خواطرى

وآخر يرعى ناظرى ولسانى

فما رمقت عيناى بعدك منظرا

يسوؤك إلا قلت قد رمقانى

وما خطرت فى السر منى خطرة

لغيرك إلا عرجا بعنانى

__________________

ـ وقام بحفظها على الدوام على مقتضى تقويمه ، فهو مهيمن بالإضافة إلى قلبه ، فإن اتسع إشراقه واستيلائه حتى قام بحفظ عباد الله على نهج السداد بعد اطلاعه على بواطنهم وأسرارهم بطريق التفرس والاستدلال بظواهرهم كان نصيبه من هذا المعنى أوفر حظا وأتمه.

١٦٠