اللوامع الإلهيّة في المباحث الكلاميّة

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي

اللوامع الإلهيّة في المباحث الكلاميّة

المؤلف:

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي


المحقق: السيد محمد علي القاضي الطباطبائي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٢
ISBN: 964-424-883-X
الصفحات: ٦٨٧

قدّس الله روحه حواش كثيرة عليه كلّها بخطّه قدس‌سره ، كتبها حين تدريسه الكلام خارجا على طلاب مجلسه الشريف ، وكان عنوان الدرس كتاب النافع يوم الحشر ، ونسأل الله تعالى أن يوفّقنا لجمعها وتدوينها في مجلّد واحد ليعمّ نفعها.

وهذا كتابه كنز العرفان في فقه القرآن رزق من الشهرة والرغبة بين الشيعة والسنة بالبحث والتطلع عليه ما لم يرزق غيره من الكتب المؤلّفة في آيات الأحكام.

قال سيدنا الأستاذ العلّامة المرجع الشهير السيّد شهاب الدين النجفي المرعشي أدام الله تعالى ظلّه في مقدّمة مسالك الأفهام : «للفاضل الجواد الكاظمي قدس‌سره عند كلامه عن المصنّفين في آيات الأحكام من علمائنا الإمامية رضوان الله عليهم ومنهم : العلّامة الشيخ أبو عبد الله المقداد ... له كنز العرفان ... وعندي أنّه مع وجازته من أحسن ما دوّن بين كتب الفريقين في هذا الشأن ، وقد طبع مرارا ، ورأيت ترجمته بالفارسية والاردوئية» (١) انتهى.

وليس هذا الاعتناء من العلماء على هذا الكتاب إلّا لفضل مصنّفه الباهر وعلمه المتدفّق وبيانه القاهر وقلمه السيّال وتحقيقاته الفائقة وتدقيقاته العميقة وكثرة فوائده العامّة وعوائده الكاملة.

فطلّاب العلم وروّاد الفضل اغترفوا في بحر فضله العميق ، واعترفوا بتقدّمه في العلوم واستفادوا من تصانيفه الممتعة منذ عصره إلى اليوم طيلة هذه القرون ، فهو في غنى عن إطراء الواصفين وثناء المادحين. كيف وقد عرفت أنّ في تصانيفه من الدلالة على غزارة علمه وجلالة قدره ونبالة أصله وسطوع فضله في مقام الفقاهة والاجتهاد والاستنباط ما لا يمكن إنكارها.

وقد وصفه كلّ من تعرّض لترجمته أو اكتفى بذكر اسمه الشريف ـ كما مرّت عباراتهم ـ بأوصاف التحقيق والتدقيق وصرّحوا بكونه من العلماء المحقّقين ومن المتكلّمين المدقّقين. وفي تعبيراتهم عنه في كتبهم ب «الفاضل المقداد» وفي الكتب الفقهية غالبا ب «الفاضل السيوري» وفي اعتنائهم بآرائه ونظرياته في المسائل الفقهية والمباحث العلمية الكلامية دلالة واضحة على

__________________

(١) مسالك الأفهام ، ج ١ ، ص ٩.

٤١

إذعانهم بمقامه العلمي الشامخ ، وقد نقلنا تصريح بعضهم بكونه من الفقهاء الذين يعتمد على فتاويهم وأقوالهم.

هذا المحقّق الكبير الفقيه المتضلّع المدقّق الشيخ أسد الله التستري قدس‌سره أذعن بكون الفاضل المصنّف (ره) من العلماء المحقّقين والفقهاء المدقّقين كما مرّ تصريحه بذلك ، واعتنائه في كتابه المقابس بآرائه.

وليس ذلك كلّه إلّا من شدّة اهتمام الأكابر وأهل التحقيق بمصنّفات الشيخ الفاضل المصنف (ره) ، فإنّها مشحونة بالتحقيقات العلمية والفوائد الكثيرة ، ومؤلّفة على ضوء التحقيق والتحبير والتهذيب والتنقيح وتحرير المطالب وتجريدها عن الحشو والزوائد ، كما يشهد بما ادّعيناه كتابنا هذا اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية من نفائس مصنّفات هذا العلّامة المحقّق قدس‌سره الشريف ، وحشره الله مع العترة الطاهرة عليهم‌السلام ولا سيما مع من هو راقد في جوار مرقده المقدّس وتربته الزاكية ، صلوات الله وسلامه عليهم ما اختلف الملوان وتعاقب الجديدان.

تأليفاته الممتعة

فإليك أيّها القارئ فهرس تصانيف الفاضل المصنّف (ره) ، وهي من تراثنا القيّم ومن نتائج الجهود الجبّارة والمشقّات الكادحة التي بذلها في هذا السبيل. ولو لا تلك المثابرة وذلك الجهد المتواصل لما وصلت إلينا هذه الثروات العلمية ، ولم نتمكّن من هذه الأثمار اليانعة ومن هذه الكنوز والذخائر القيمة ، فإليك فهرسها فيما يلي :

١) آداب الحج : قال في رياض العلماء : رأيته في أردبيل بخطّ تلميذ المصنّف (ره) الشيخ زين الدين علي بن الحسن بن علالا (غلالة خ ل) وعلى ظهره إجازة المصنّف (ره) لتلميذه الكاتب المذكور ، وتاريخ الإجازة ثاني جمادى الثانية سنة ٨٢٢ ه‍ ـ ق» (١).

٢) الأدعية الثلاثون : من أدعية النبي والأئمّة عليهم‌السلام ، قال شيخنا في الذريعة : «قال فيه :

__________________

(١) الذريعة ، ج ١ ، ص ١٧. وما نقله المعاصر في مقدّمة كنز العرفان عن الرياض بواسطة الذريعة لا توافق مع ما في الذريعة من كلّ الجهات ، فلاحظ ، نعم توافق في الجملة مع ما يأتي في الذريعة ، ج ١ ، ص ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ، فراجع.

٤٢

«وقبل الشروع في الغرض المعهود نذكر مقدّمات نافعة في المقصود» ثمّ بعد ذكره للمقدّمات ذكر الأدعية ، وهي ثلاثون دعاء عن النبي والأئمة عليهم‌السلام مرتّبا إلى آخرهم ، رأيت نسخة منه بخطّ جعفر بن محمد بن بكة الحسيني سنة ٩٤٠ في كتب السيّد محمد علي السبزواري بالكاظمية (١)».

٣) الأربعون حديثا : ألّفه لولده الشيخ عبد الله (ره) كما صرّح به في الرياض.

قال شيخنا في الذريعة : قال صاحب الرياض : رأيته في أردبيل في مجموعة بخطّ تلميذ المصنّف (ره) ، وعليه إجازته له ، صورتها : «أنهى قراءة هذه الأحاديث الشيخ الصالح العالم الفاضل زين الدين علي بن حسن بن علالة ، وأجزت له روايتها عنّي ، عن مشايخي قدّس أرواحهم ، وكتب المقداد بن عبد الله (٢) السيوري في الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة ٨٢٢» (٣).

٤) إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين. هو شرح لنهج المسترشدين في أصول الدين تأليف العلّامة الحلّي قدس‌سره ، شرحه الفاضل المصنّف (ره) بعنوان «قال : أقول» فرغ منه آخر نهار الخميس الحادي والعشرين من شعبان سنة ٧٩٢ ، وطبع ببمبئي سنة ١٣٠٣ ، ولكن في هذه الطبعة أغلاط كثيرة ، وتوجد نسخة بخطّ السيّد المحدّث الجزائري تاريخ كتابتها سنة ١٠٦٨. عند بعض أحفاده ، راجع الذريعة ، ج ١ ، ص ٥١٥ طبعة النجف.

٥) شرح ألفية الشهيد قدس‌سره. قال البحراني (ره) في اللؤلؤة : نسبه إليه بعض مشايخنا المعاصرين نوّر الله مراقدهم. وكذا نسبه إليه السيّد الجابلقي (ره) في الروضة البهية ، فراجع.

__________________

(١) الذريعة ، ج ١ ، ص ٣٩٦ طبعة النجف.

(٢) القارئ العزيز جدّ خيبر أنّ المنقول من خطّ تلميذ الفاضل المقداد (ره) أو من خطّ نفسه في اسم والده هو «عبد الله» لا «عبيد الله» كما قد توهّم من غلط النسخة ، ويظهر من شيخنا في الذريعة ، ج ١٨ ، ص ١٥٩ ـ أنّ لقب والده «جلال الدين».

(٣) الذريعة ، ج ١ ، ص ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ولا يخفى أنّ ما ذكره شيخنا هنا لا يتّفق مع ما ذكره في ج ١ ، ص ١٧ بالنسبة إلى تاريخ الشهر ، فلاحظ ، فلا بد من وقوع اشتباه في البين.

٤٣

٦) الأنوار الجلالية في شرح الفصول النصيرية (١) للمحقق الطوسي (ره) ، وكتاب الفصول أصله فارسي طبع بإيران وعرّبه جدّ الفاضل المصنف (ره) ركن الدين محمّد بن علي الجرجاني رحمه‌الله تلميذ آية الله العلّامة (ره) ، والمصنّف (ره) شرح النسخة المعرّبة بعنوان : «قال : أقول» وصدّره اسم الملك جلال الدين علي بن شرف الدين المرتضى العلوي الحسيني الآوي ، وسمّاه باسمه ، ونسخه كثيرة ذكرها شيخنا في الذريعة (٢) وقال : رأيت منه نسخا نسخة منها بخطّ عليّ بن هلال ، والظاهر أنّه الكركي المجاز من المحقّق الكركي ، تاريخ كتابتها سنة ٩٨٠ في مكتبة الشيخ ميرزا محمد الطهراني العسكري ....

قال المعاصر (ره) في مقدمة كنز العرفان في ذيل صفحة ١١ بعد نقل ما ذكره شيخنا في الذريعة في المتن ما هذا نصّه : بل هو عليّ بن هلال الجزائري المجاز من المحقق الكركي كما مرّ في تلامذته ، وكأنّه من سهو الكاتب أو الطابع. راجع الذريعة ، ج ٢ ، ص ٤٢٣.

قلت : رجعنا إلى الذريعة وتأمّلنا كلام شيخنا فيها ، وغير بعيد أن يكون عليّ بن هلال كاتب النسخة هو الجزائري (ره) شيخ الإمامية في زمانه كما ذكره ، ولكنه ليس بمجاز عن المحقّق الكركي (ره) بل الأمر بالعكس ، فإنّ المحقّق الكركي (ره) هو المجاز عن عليّ بن هلال الجزائري (ره) الذي كتب الإجازة للمحقّق سنة ٩٠٩ (٣) كما ذكرناه فيما مرّ ، صفحة ٣١ ـ ٣٢ ، فعليّ بن هلال (ره) هو المجيز للمحقّق (ره) ، والظاهر من تعبير شيخنا أنّه مجاز عنه ، ووصفه بالكركي ولعلّه عليّ بن هلال العاملي الكركي المتوفّى بأصبهان سنة ٩٨٤ ، ويساعد عليه تاريخ كتابة النسخة ٩٨٠ ه‍ كما ذكره شيخنا قدس‌سره ، فلا بدّ من التحقيق ، وبعيد أن يذهل شيخنا عن ذلك ، وما المعصوم إلّا من عصمه الله تعالى.

وأمّا ما ذكره المعاصر (ره) أنّه هو عليّ بن هلال الجزائري المجاز من المحقّق الكركي ، فهو

__________________

(١) من شروح كتاب الفصول الذي عرّبه ركن الدين الجرجاني ، هو شرح المولى عليّ بن يوسف بن عبد الجليل (ره) ، شرحه بعنوان «قال : أقول» واسمه منتهى السئول في شرح الفصول وأوله : الحمد لله مبدع نظام الأصول ومخترع ترتيب الفصول بحكمة تبهر العقول ساطع الانوار الباهرة وخالق النفوس الطاهرة ... إلى آخره ، في مكتبتنا نسخة منه ، تاريخ كتابتها سنة ١٢٦٠ في كربلاء المقدسة.

(٢) الذريعة ، ج ٢ ، ص ٤٢٣.

(٣) الإسناد المصفّى ، ص ٥٦ ، روضات الجنات ، ص ٤٠١ ، الطبعة الأولى.

٤٤

ذهول وغفلة منه كذهوله الذي ذكرناه وأوضحناه سابقا صفحة ٣٢ ـ ٣٢ ، فإنّ الجزائري (ره) هو مجيز للمحقّق الكركي (ره) كما عرفت لا أنّه مجاز منه ، ويروي المحقّق الكركي (ره) عن الجزائري (ره) عن ابن فهد الحلّي (ره) عن الفاضل المصنّف قدّس الله أسرارهم.

ونسخة من الأنوار الجلالية موجودة عندي تاريخ كتابتها سنة ٨٥١ والنسخة عارية عن بعض الأصدقاء الأفاضل دام بقاؤه واستنسخ كاتب منها نسخة لمكتبتنا وقابلناها معها ، وفي آخر النسخة : «وافق الفراغ من نسخة نهار الأربعاء يوم السادس عشر من شهر صفر سنة إحدى وخمسين وثمانمائة بقلم العبد الفقير إلى الله الغني الراجي عفو ربّه وغفرانه محمد بن محمد بن حسين بن موسى البعلبكي لقبا الكركي منشأ غفر الله له ولوالديه ولمن نظر في هذا الكتاب أو قرأ ودعا لهم بالرحمة والغفران ولجميع المؤمنين والمؤمنات آمين ربّ العالمين».

٧) تجويد البراعة في شرح تجريد البلاغة. في علمي : المعاني والبيان. والتجريد ، من تصانيف العالم الرباني كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني (ره) المتوفّى ٦٧٩ ، ويقال له : أصول البلاغة ، وبلحاظ الجناس سمّى الفاضل المقداد شرحه له بتجويد البراعة في شرح تجريد البلاغة (١).

٨) التنقيح الرائع في شرح مختصر الشرائع ، هو أمتن كتاب في الفقه الاستدلالي ، وأرزن خطاب ينتفع به الداني والعالي. قال شيخنا في الذريعة : «التنقيح الرائع من المختصر النافع الذي هو اختصار الشرائع ، والتنقيح شرح وبيان لوجه تردّداته في المختصر الذي هو كأصله للمحقّق الحلّي المتوفّى ٦٧٦ والشرح للفاضل المقداد ، وهو شرح تام من الطهارة إلى الديات في مجلّدين بعنوان «قوله : قوله» فرغ منه في تاسع ربيع الأول سنة ٨١٨ ونسخة عصر المؤلّف توجد في الخزانة الرضوية كما في فهرسها كتبت في ٨٢١» (٢).

٩) جامع الفوائد في تلخيص القواعد كما نسب إليه قدس‌سره. قال المعاصر في مقدّمة كنز العرفان : «وكأنّه بعد ما نضد كتاب شيخه الشهيد القواعد الفقهية ، وسمّاه نضد القواعد

__________________

(١) مقدمة كنز العرفان ، ص ١٢ ، الذريعة ، ج ٣ ، ص ٣٥٢.

(٢) الذريعة ، ج ٤ ، ص ٤٦٣.

٤٥

ـ على ما يأتي ـ لخّصه ثانيا وسمّاه جامع الفوائد في تلخيص القواعد» (١).

١٠) شرح سى فصل للمحقّق الطوسي قدس‌سره في النجوم والتقويم الرقمي (٢).

١١) كنز العرفان في فقه القرآن ، كتاب قيّم في شرح آيات الأحكام ، وهذا الكتاب في الشهرة بين المسلمين قديما وحديثا وكونه مطرحا لأنظار العلماء ومصدرا لبحوثهم حول آيات الأحكام لا يحتاج إلى البيان ، فما من مكتبة خاصّة أو عامّة إلّا وتوجد فيها نسخة أو نسخ منه وفي مكتبتنا نسخة تاريخ كتابتها سنة ١٠٥١ بخطّ محمد باقر بن محمد أمين الحسيني الطالقاني. والنسخة موروثة لنا عن الآباء والأجداد من قبل زمن الجدّ الأعلى العالم الربّاني الحاج ميرزا مهدي القاضي الطباطبائي قدس‌سره المتوفّى سنة ١٢٤١. وعلى أوائلها تعليقات بخطّ سيدي الوالد الماجد قدس‌سره كتبها بخطّه الجيّد ، وعلى ظهرها أيضا خطّه ونقش خاتمه الشريف وتصريحه بأنّ النسخة موروثة وعليها تصحيحات بخطّه أيضا.

وطبع هذا الكتاب باهتمام الشيخ المؤيّد الحاج شيخ عبد الكريم التبريزي صاحب المكتبة المرتضوية بطهران سنة ١٣٨٥ ، مع التصحيح بالنسخ الصحيحة المخطوطة جزاه الله تعالى خيرا.

وباحثنا آيات الاحكام وكان مصدر البحث هو هذا الكتاب النفيس ، وكتبنا عليه تعاليق نفيسة من أوّله إلى آخره ، قال شيخنا في الذريعة : «كنز العرفان في فقه القرآن تفسير لآيات الأحكام للشيخ الإمام شرف الملّة والحقّ والدين أبي عبد الله مقداد بن جلال الدين عبد الله السيوري الحلّي تلميذ الشهيد الأوّل ، وشارح الباب الحادي عشر المتوفّى ٢٦ جمادى الثانية سنة ٨٢٦ رتّبه على مقدّمة وكتب بترتيب كتب الفقه وخاتمة. أوّله : «الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب لكلّ شيء تبيانا وجعله لتصديق نبوته وتأييد رسالته حججا وبرهانا ...» (٣).

ثمّ ذكر أنّه طبع بإيران سنة ١٣١٥ وسنة ١٣١٣ وكلام شيخنا رحمه‌الله صريح بأنّ لقب والده هو «جلال الدين».

__________________

(١) ريحانة الأدب ، ج ٤ ، ص ٢٨٣ ، طبعة تبريز. الأعلام للزركلي ، ج ٨ ، ص ٢٠٨.

(٢) ريحانة الأدب ، ج ٤ ، ص ٢٨٣ ، طبعة تبريز. الأعلام للزركلي ، ج ٨ ، ص ٢٠٨.

(٣) الذريعة ، ج ١٨ ، ص ١٥٩ ، طبعة طهران.

٤٦

١٢) اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية ، هو هذا الكتاب النفيس الذي بين يدي القارئ الكريم ، وسيأتي البحث حول هذا الكتاب الشريف عند الكلام على النسختين المخطوطتين منه الموجودتين عندنا.

١٣) النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر ، للعلّامة قدّس الله روحه. هو الكتاب الصغير الحجم الكثير المعنى ، المشهور المتداول عند الطلاب بالبحث والتدريس منذ تأليفه إلى اليوم ، في مدّة أكثر من خمسمائة عام (١) وقد شرحه الفاضل المصنّف (ره) في غاية الجودة والمتانة وسلاسة العبارة والإيجاز والاختصار ، ولذلك صار مطرحا لأنظار العلماء والطلّاب من بين الشروح الكثيرة التي كتبها العلماء للباب الحادي عشر قديما وحديثا ، ومنها : شرح العلّامة المتكلّم الكبير ابن أبي جمهور الأحسائي قدس‌سره ، وسمّاه معين الفكر ثم شرح هذا الشرح مبسوطا بعنوان «الأصل : ـ الشرح :» وسمّاه معين المعين في أصول أصول الدين وفي مكتبتنا نسخة منه فرغ من كتابتها محمّد صالح بن الشيخ محمد علي الجوازري في يوم الجمعة ١١ شهر جمادى الأولى سنة ١٠٩٢. في بلدة «حويزة». وعلى ظهر النسخة خطوط جمع من العلماء مثل الشيخ محمد علي بن شيخ حسين الحسيني الكربلائي في سنة ١١٣٥ وابنه الشيخ عبد الله الحسيني الكربلائي في سنة ١١٦٧ والسيّد صالح بن سيد مهدي بن سيد رضي القزويني الحسيني سنة ١٢٤٣

١٤) نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية. قال في الروضات : «وهو كتاب بديع رتّب فيه قواعد شيخه الشهيد (ره) على ترتيب أبواب الفقه والأصول من غير زيادة شيء على أصل ذلك غير ما رسمه في مسألة القسمة منه». ثمّ نقل بعض خصوصيات الكتاب كما نقله المعاصر (ره) في مقدّمة كنز العرفان ، فراجع.

١٥) نهج السداد في شرح واجب الاعتقاد ، بل الصحيح الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد ، للعلّامة قدس‌سره يشتمل واجب الاعتقاد على أصول الدين وفروعه وشرحه الفاضل المصنّف (ره) أصولا وفروعا في أيام حياة أستاذه فخر المحقّقين (ره) قال قدس‌سره عند

__________________

(١) إن لاحظنا التاريخ من زمان وفاة الفاضل المصنّف رحمه‌الله تكون المدّة إحدى وسبعين وخمسمائة سنة ، فإن فرضنا تأليف شرح الباب الحادي عشر قبل وفاته بثلاثين سنة تقريبا فتكون مدّة تداول الشرح المذكور بين العلماء ستّمائة سنة.

٤٧

الكلام على الصلاة ما هذا نصه : «الثامن التسليم ، فقيل : إنّه واجب ، وهو قول السيّد المرتضى (ره) وجماعة من الأصحاب. وقيل : إنّه مندوب ، وهو قول الشيخ أبي جعفر الطوسي (ره). واختاره المصنّف (ره) في أكثر كتبه ، ثمّ رجع عن القول بالندب وأفتى بالوجوب على ما نقله عن شيخه العلّامة ولده مولانا فخر الدين محمد أدام الله أيامه. وللتسليم عبارتان : الأولى : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، والثانية : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، والواجب أحدهما من غير تغيير ...».

وفخر المحقّقين (ره) توفّي سنة ٧٧٠ وهذا الشرح طبع ضمن مجلّد مشتمل على عشرين رسالة من تأليفات جمع من الأكابر في سنة ١٣١٥ بطهران ، وسمّي المجلّد بكلمات المحقّقين.

وأيضا طبع ضمن مجلّد سمّي بكلمات المحقّقين مشتمل على ثلاثين رسالة كما ذكرها شيخنا في الذريعة (١).

ومن العجب أنّ المعاصر في مقدّمة كنز العرفان قال تبعا للروضات : «ومنها نهج السداد في شرح واجب الاعتقاد للعلّامة» (٢). وقال شيخنا الأستاذ في الريحانة : «مهج السداد في شرح واجب الاعتقاد» (٣). وهو أيضا تبع لصاحب الروضات حيث ذكر في متن الكتاب هذا الشرح بعنوان : «مهج السداد» (٤) وقال : «وكتاب نهج السداد في شرح واجب الاعتقاد للعلامة ره» (٥).

وكلا الاسمين ممّا لا وجه له. وأجاد الأستاذ الدجيلي في أعلام العرب وقال : «الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد للعلّامة الحلّي» (٦).

قال شيخنا المحقّق الطهراني (ره) في الذريعة : «الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد في الأصول والفروع من تصانيف العلّامة الحلّي كما يأتي ، والشارح هو الشيخ ـ الشهير

__________________

(١) الذريعة ، ج ١٨ ، ص ١١٨.

(٢) روضات الجنّات ، ص ١٤.

(٣) ريحانة الأدب ، ج ٤ ، ص ٢٨٣ ، الطبعة الثانية تبريز.

(٤) روضات الجنات ، ص ٦٦٧ ، الطبعة الأولى.

(٥) روضات الجنات ، هامش ص ٦٦٦.

(٦) أعلام العرب ، ج ٣ ، ص ٦٢ ، طبعة النجف.

٤٨

بالفاضل ـ جمال الدين أبو عبد الله المقداد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد السيوري الحلّي الأسدي المتوفّى ضاحي نهار الأحد السادس والعشرين من جمادى الآخرة سنة ٨٢٦ كما أرّخه تلميذه الشيخ حسن بن راشد فيما رأيته بخطّه ، وهو من تلاميذ الشهيد وفخر المحقّقين ، ويظهر من بحث التسليم من هذا الشرح أنّه ألّفه في حياة أستاذه فخر المحقّقين الذي توفي سنة ٧٧١ أوله «الحمد لله الذي فضّلنا بدين الإسلام» طبع ضمن مجموعة كلمات المحقّقين سنة ١٣١٥ وتسميته بمهج السداد كما عن بعض من سهو القلم»(١).

والسيّدين الجليلين العلمين دام بقاؤهما ذكرا في تعاليقهما على الفوائد الرجالية للعلّامة الإمام السيّد بحر العلوم الطباطبائي مفخرة آل طباطبا قدّس الله روحه ، عند ترجمة العلّامةقدس‌سره وذكر تصانيفه ما نصّهما : واجب الاعتقاد هو في الأصول والفروع ذكره في الخلاصة وله شرح للمقداد السيوري ، وله شرح أيضا لعبد الواحد بن الصفي النعماني اسمه : نهج السداد إلى شرح واجب الاعتقاد. (٢)

أقول : شرح النعماني نهج السداد موجود في مكتبة سيدنا الأستاذ المرجع الأكبر السيّد النجفي المرعشي أدام الله ظله بقم ولعل من قال : إنّ اسم شرح الفاضل المقداد (ره) هو نهج السداد اشتبه عليه الأمر بشرح النعماني الموسوم ب نهج السداد ، وذلك غير بعيد ، لعدم ذكر الشارح اسم نفسه في أول الكتاب.

وقد استدعينا من سماحة سيّدي وأستاذي العلّامة المرجع الأكبر أدام الله ظلّه العالي أن يتحفنا بصورة مصوّرة من نهج السداد للنعماني وأن يتفضّل علينا بإرسالها إلينا حين قمنا مع صديقي الفاضل الشيخ الآصفي بتصحيح كتاب اللوامع الالهية للفاضل السيوري (ره) فتفضّل سماحة سيدي الإمام الأستاذ دام ظلّه وأمر بإرسال نسخة مصوّرة من الشرح المذكور نهج السداد وظهر علينا من بركاته أنّ نهج السداد الموجود في مكتبته العامرة بالنفائس إنّما هو للنعماني لا للفاضل السيوري (ره) ثمّ عرفنا أنّ اسم شرح الفاضل هو الاعتماد كما عرفت مشروحا. نسأل الله تعالى أن يديم ظلّ سيدنا المرجع الأكبر على رءوس الأنام ، فإنّ كلّ هذه

__________________

(١) الذريعة ، ج ٢ ، ص ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، طبعة النجف.

(٢) الفوائد ، ج ٢ ، ص ٢٧٣ ، طبعة النجف.

٤٩

الفوائد من بركات وجوده المقدّس ، وبركات وجوده في العالم الإسلامي والمجتمع المذهبي ممّا لا يحصى.

والجدير بالذكر : أنّ في ظهر نسخة نهج السداد مكتوب بقلم كاتب النسخة ما هذا نصه : «كتاب فيه شرح واجب الاعتقاد تصنيف الإمام العلم العامل الفاضل الكامل قدوة العارفين عبد الواحد بن الصفي النعماني قدّس الله روحه الزكية وحشره مع العترة النبوية بمحمد وآله الطيبين الطاهرين». والنسخة مكتوبة في نهار السبت أوّل شهر جمادى الآخرة سنة ٩٠٢.

وهذا الكتاب شرح على الأصول من رسالة واجب الاعتقاد فقط وذكر الشارح اسم الكتاب في مقدّمته ، وقال : «وقد سمّيته بنهج السداد إلى شرح واجب الاعتقاد». وفي سائر خصوصيات النسخة وفي فتوغرافية آخر صفحتها لا بدّ من الرجوع إلى فهرس مخطوطات المكتبة ـ انظر إلى المجلد الثالث ص ٢٩٨ ـ ٢٩٩ ـ و (ش ١١٢٦).

١٦) شرح مبادي الأصول للعلّامة قدس‌سره. وقد طبع مبادي الوصول إلى علم الأصول في النجف الأشرف سنة ١٣٩٠ ـ الطبعة المحقّقة الأولى. بإخراج وتعليق وتحقيق الأستاذ عبد الحسين محمد علي البقّال ، بتصدير الشيخ الحجّة الشيخ مرتضى آل ياسين دام بقاؤه ، وقد أخرج الكتاب إخراجا أنيقا إلى الوجود بحلّة قشيبة وتصدير يشتمل على التحقيق الرشيق وتعاليق على الكتاب اعتمد فيها على كتاب غاية البادئ في شرح المبادي للعلّامة ركن الدين الجرجاني (ره) تلميذ العلّامة قدس‌سره وجدّ الفاضل المقداد المصنّف رحمه‌الله تعالى كما مرّ تحقيق ذلك.

قال شيخنا البحاثة في الذريعة : «مبادي الوصول إلى علم الأصول. ويقال له : مبادي الأصول هو متن مختصر في أصول الفقه ، تصنيف آية الله العلّامة جمال الدين الحسن بن يوسف الحلّي المتوفّى ٧٢٦ وقد شرحه وعلّق عليه الأصحاب من لدن حياته حتّى اليوم ، وسنذكر بعض ما اطّلعنا عليه» (١).

ثم ذكر رحمه‌الله تعالى عدة من الشروح وقال : شرح مبادي الوصول الموسوم

__________________

(١) الذريعة ، ج ١٤ ، ص ٥٢ ـ ٥٤ ، طبعة النجف.

٥٠

ب نهاية المأمول يأتي أنّه للشيخ الجليل الفاضل أبي عبد الله المقداد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد السيوري الحلّي الأسدي أوله : «الحمد لله ذي العزّة ...» رأيته في خزانة كتب سيّدنا الحسن صدر الدين الكاظمي.

وقال قدس‌سره قبل ذلك : شرح مبادي الوصول للسيد الأجلّ المرتضى عميد الدين عبد المطلب بن السيّد مجد الدين أبي الفوارس محمد بن علي بن الأعرج الحسيني شارح تهذيب الأصول وهو ابن أخت العلّامة الحلّي وأخو السيّد ضياء الدين ، وسمّى شرحه ب غاية البادئ في شرح المبادي أو نهاية البادئ توفّي يوم الاثنين عاشر شعبان سنة ٧٥٤ انتهى.

قال الكاتب الألمعي الأستاذ البقّال في مقدّمة «مبادي الوصول» ص ٣٦ : «إنّ هذا الكتاب المسمّى ب «غاية البادئ في شرح المبادي» من أهمّ الشروح المعروفة لمبادئ العلّامة ، والذي ألّفه تلميذه ركن الدين الجرجاني ، خدمة لمعاصره الجليل السيّد عميد الدين ابن أخت العلّامة.

وهو الشرح الذي اعتمد عليه ورجع إليه في المهمّ من بحوثه الشيخ الأنصاري في رسائله.

توجد له نسخ خطّية متعدّدة ، منها : تلك التي اعتمدنا عليها ، والتي هي موجودة فعلا في مكتبة السيّد الحكيم العامة. وهي منسوخة بقلم زين العابدين القشقائي ، عام ٨٣٤ في ١٧٩ ورقة حسب ترقيم المكتبة لها ، بقياس ١٠ سم* ١٧ سم تقريبا ، ومعدّل ١٧ سطرا للصفحة الواحدة ، والمسجّلة لديها برقم ١٠٩٤.

على أنّ هذا المصنّف كثيرا ما اشتبه بمصنّف آخر أطلق عليه «نهاية البادئ في شرح المبادي» وعرف بأنّه من مصنّفات السيّد عميد الدين ابن أخت العلّامة.

أمّا الاشتباه في بدايته ، فقد وقع فيما يبدو للحجّة الراحل المغفور له الشيخ «آقا بزرك الطهراني» في ذريعته (١).

__________________

(١) انظر الذريعة ، ج ١٤ ، ص ٥٢.

٥١

ثمّ استمر بعد ذلك لمن نقل عنه كما في سجلّي ـ قبل التصحيح ـ مكتبة الحكيم العامة ومكتبة الحسينية الشوشترية.

ولكن لدى التحقيق ، بمقابلة ما يسمّى بنهاية البادئ ، الموصوفة «بقال دام ظلّه وأقول» لما يسمّى بغاية البادئ خاصة تلك المحفوظة في مكتبة السيّد الحكيم ومكتبة الحسينية الشوشترية ، ثبت أنّ مدونات التسميتين كلمات متّفقة واحدة.

كما وأنّ مراجعة المصادر التي ترجمت للسيد عميد الدين ، لم نجد فيها أيّ ذكر لمثل هذا المصنّف ـ سواء في اسمه الصحيح أو المشتبه به ـ يحمل مثل هذا الاسم من بين مصنّفاته.

كذلك!! فإنّ مراجعة أمّهات الفهارس للكتب الخطيّة والمطبوعة تؤكّد عدم وجود مثل هذا الكتاب بمثل هذا الاسم كشرح للمبادىء سواء للجرجاني أو عميد الدين ، عدا ما ذكر في الذريعة وما نقل عنه.

وأخيرا!! فالذي يبدو أنّ الشرح واحد ، وأنّ التعدّد في عنوانه اشتباه ، وأنّ منشأه خلط في القراءة ، بفعل عدم وضوح الخط أولا فعدم التثبّت منه ثانيا ، ذلك لأنّ النسخة الموجودة في مكتبة الحسينية الشوشترية ـ المكتبة التي اطّلع عليها الحجة الطهراني في حياته ونقل عنها كثيرا ـ نسخة سقيمة الخطّ ، الأمر الذي جعله ـ والجواد يكبو ـ يشتبه في قراءة الجملة «وسمّيته بغاية البادئ» الواردة في مقدّمة الكتاب فيقرأها «وسمّيته بنهاية البادي» (١) حيث إنّ الغين حسب ما رأيته توحي بقراءته هاء وسطية ـ انتهى.

١٧) تفسير مغمضات القرآن ، ذكره المعاصر في مقدّمة كنز العرفان نقلا عن شيخنا الأستاذ في الريحانة (٢).

وفاته ومدفنه

ظهر ممّا ذكرنا ونقلنا إلى هنا من كلمات الأعلام أنّ الفاضل المصنّف (ره) توفّي بالمشهد المقدّس الغروي «النجف الأشرف» على مشرّفه أفضل الصلوات وأكمل التحيات ضاحي نهار

__________________

(١) الذريعة ، ج ١٤ ، ص ٣٨.

(٢) ريحانة الأدب ، ج ٤ ، ص ٢٨٢ ، طبعة تبريز.

٥٢

الأحد السادس والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة ٨٢٦ ودفن بمقابر المشهد المذكور ، كما صرّح بتاريخ وفاته ودفنه في النجف تلميذه الفاضل الشيخ حسن بن راشد الحلّي (ره) كما كتبه بخطّه ، وقد نقلنا عين عباراته فيما تقدّم. ويبعد بعد دفنه في النجف نقله إلى محلّ آخر.

فما ذكره واحتمله قويّا في روضات الجنات بالنسبة إلى مدفنه فهو من الاحتمالات التي لا ينبغي الاعتماد عليها والركون إليها.

قال في الروضات : «ومن جملة ما يحتمل عندي قويّا هو أن يكون البقعة الواقعة في برية شهروان بغداد ، والمعروفة عند أهل تلك الناحية بمقبرة مقداد مدفن هذا الرجل الجليل الشأن ، بناء على وقوع وفاته رحمه‌الله تعالى في ذلك المكان أو إيصائه بأن يدفن هناك ، لكونه على طريق القافلة الراحلة إلى العتبات العاليات وإلّا فالمقداد بن الأسود الكندي الذي هو من كبار أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مرقده المنيف في أرض بقيع الغرقد الشريف ، لما ذكر المؤرّخون المعتبرون من أنّه رضي الله عنه توفّي في أرضه بالخوف ، وهو على ثلاثة أميال من المدينة فحمل على الرقاب حتّى دفن بالبقيع» (١) انتهى.

ونقل هذا الاحتمال المحدث القمّي (ره) عن الروضات في كتابه الكنى والألقاب (٢). وفي الفوائد الرضوية (٣) ، وكذا شيخنا الأستاذ (ره) في الريحانة (٤).

وقال الفاضل المعاصر رحمه‌الله تعالى ـ وأجاد فيما قال ـ في مقدّمة كنز العرفان بعد نقل هذا الاحتمال ما هذا لفظه : «لكنّه من عجيب الاحتمال حيث إنّ المسمّين بالمقداد كثيرون ، وليس لنا أن نقول بأنّ المقبرة المشهورة عندهم لما لم تكن للمقداد بن أسود الكندي فليكن للمقداد بن عبد الله السيوري ، بل الشيخ المترجم له قد توفّي بالمشهد الغروي على ساكنه آلاف التحية والثناء ضحى نهار الأحد السادس والعشرين من جمادى الآخرة سنة ٨٢٦ الهجرية ، ودفن بمقابر المشهد المذكور على ما صرّح به تلميذه الشيخ حسن بن راشد الحلّي».

__________________

(١) الروضات ، ج ٧ ، ص ١٧٥ ـ ١٧٦ ، طبعة قم.

(٢) الكنى والألقاب ، ج ٣ ، ص ٧ ، طبعة صيدا.

(٣) الفوائد الرضويّة ، ج ٢ ، ص ٦٦٧ ، طبعة طهران.

(٤) ريحانة الأدب ، ج ٤ ، ص ٢٨٣ ، طبعة تبريز.

٥٣

ثمّ قال المعاصر رحمه‌الله تعالى : «بل هو نفسه ينقل عن بعض الأصحاب التصريح بذلك حيث يقول فيه : وهو الذي يعبّر عنه في فقهيات متأخّري أصحابنا بالفاضل السيوري ، وينقل عن كتابه في آيات الاحكام كثيرا ، وكنيته أبو عبد الله ، وفي بعض المواضع صفته أيضا بالغروي «نزلا» وكأنّه كان من جملة متوطّني ذلك المشهد المقدّس حيّا وميتا (١)».

قلت : لا شكّ أنّ الفاضل المقداد (ره) كان من متوطّني النجف الأشرف وساكنا في أرض الغري المقدّسة ، ومن فقهائنا الذين سكنوا فيها طيلة حياتهم الشريفة ، وكان بلد «الحلّة» يومئذ يعدّ مركزا للعلم والأدب ، لقرب توطّن أبطال الفقه أمثال المحقّق صاحب الشرائع وابن أخته آية الله العلّامة وقبلهما سيّد الأمة رضي الملّة والدين السيّد ابن طاوس (ره) وأمثالهم من الأكابر في تلك البلدة الشريفة مركز الشيعة ومحطّ رحالهم.

وكانت الحلّة مسقط رأس الفاضل المصنّف (ره) ، ولذلك كان يرحل إليها أيضا ، ولكن عمدة توطّنه كان في النجف الأشرف بلد العلم والأدب ومركز دائرة الفقاهة والاجتهاد والمرجعية العامة للشيعة الإمامية في العالم الإسلامي. والعلماء لم يتركوا التوطّن فيها طيلة القرون والأدوار السالفة حتّى أنّ السيّد ابن طاوس وتلميذه العلّامة قدس‌سرهما كانا في الأغلب من الملتجئين لأعتاب باب مدينة علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفخر المحقّقين قدس‌سره كان متوطّنا فيها وتتلمذ الفاضل المصنّف (ره) عنده في تلك الأرض المقدّسة.

وقد ذكرنا فيما سبق أنّه حضر عند الشيخ الشهيد الأول قدس‌سره في أرض الغري ، ويظهر من ذلك أنّ الشهيد (ره) سكن فيها واستفادت الطلّاب من نمير علمه المتدفّق وفقهه الفيّاض في تلك الجامعة العلمية.

وكان وفاة الفاضل المصنّف (ره) في ذلك المشهد المقدّس ، وصرّح تلميذه الفاضل الحسن بن راشد الحلّي (ره) أنّه دفن في مقابر المشهد المذكور كما عرفت تعبيره بما عبّرنا به فيما سبق ، ولا يبعد أن يكون مراده من «مقابر المشهد المذكور» هو المقبرة الكبرى «وادي السلام» وبعد الدفن فيها أو في غيرها من مقاربي الحرم العلوي والمشهد المرتضوي بعيد في الغاية أن

__________________

(١) الروضات ، ج ٧ ، ص ١٧١ ، طبعة قم.

٥٤

ينقل جثمانه إلى محلّ آخر في العراق بقرب «بغداد» ، فما احتمله السيّد المحقّق الخوانساري (ره) في الروضات مجرّد احتمال لا دليل يدل عليه.

«مدرسة السيوري»

يظهر من بعض القرائن والأمارات أنّ الفاضل المقداد (ره) أسّس في النجف الأشرف مدرسة دينية للطلّاب ، وكانت في سنة ٨٣٢ عامرة ، ولكن لم يبق منها اليوم عين ولا أثر ، ولم ندر لم أبادها الدهر؟ أو غيّر اسمها في أثر التغييرات الطارئة عليها حتّى صار اسمها الأصلي نسيا منسيا بمرور السنين؟ كما يتّفق ذلك في حقّ بعض الأماكن من المدارس والمساجد وغيرها.

قال الشيخ المؤرّخ المتتبّع الفاضل الجليل الشيخ جعفر بن الشيخ باقر آل محبوبة النجفي (١) رحمه‌الله تعالى ما هذا لفظه الشريف :

«مدرسة المقداد السيوري»

هي إحدى مدارس النجف الضائعة ، ومن حسن الصدف أنّي وقفت على كتاب مصباح المتهجّد للشيخ الطوسي (ره) مخطوط عند الشيخ الإمام العلّامة الميرزا محمد حسين النائيني دام علاه ، وفي آخره ما نصه :

«كان الفراغ من نسخه يوم السبت ثاني عشر من جمادى الأولى سنة ٨٣٢ على يد الفقير إلى رحمة ربّه وشفاعته عبد الوهاب بن محمد بن جعفر بن محمد بن عليّ بن السيوري الأسدي عفي عنه بالمشهد الشريف الغروي على ساكنه السلام ، وذلك في مدرسة المقداد السيوري. انتهى ولم نقف لها اليوم على عين ولا أثر».

وقال رحمه‌الله تعالى في ذيل الصفحة في ترجمة الفاضل المقداد (ره) : «هو الشيخ جمال الدين أبو عبد الله المقداد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمّد السيوري الأسدي

__________________

(١) رأيته في النجف الأشرف ، وكان من أخيار العلماء ، وقد خدم النجف بتأليف كتابه : ماضي النجف وحاضرها في عدّة مجلّدات جزاه الله خير الجزاء وحشره مع النبي وآله الطاهرين عليهم‌السلام ورأيته رضوان الله عليه في أواخر سني عمره الشريف خارجا من باب الصحن العلوي ، وبيده عصا بسبب وجع في رجليه وقد أظهر المحبة لي من باب الحبّ في الله وحيّاني وأكرمني لقدومي وتشرّفي للنجف الأشرف رحمة الله تعالى عليه رحمة واسعة.

٥٥

الحلّي النجفي صاحب كتاب كنز العرفان في فقه القرآن مطبوع. كان من أفاضل العلماء وأكابر الفضلاء ، وهو أجلّ تلامذة الشهيد الأول محمّد بن مكّي (ره) وفخر المحقّقين ابن العلّامة (ره) والسيّد ضياء الدين عبد الله الأعرجي ، ألّف في أكثر الفنون وخاصة الفقه وعلم الكلام ، وهو يروي بالإجازة عمّن ذكرناه ، ويروي عنه ابنه الشيخ عبد الله والشيخ زين الدين علي بن الحسن ابن العلاء والشيخ محمد بن شجاع القطّان والسيّد رضي الدين بن عبد الملك الواعظ القمي» (١).

حول كتابنا اللوامع الالهية

كنت رأيت في سالف الزمان تعريف السيّد العلّامة المحقّق صاحب روضات الجنات (ره) هذا الكتاب بقوله : «وكتابه اللوامع من أحسن ما كتب في فنّ الكلام على أجمل الوضع وأسدّ النظام ، وهو في نحو من أربعة آلاف بيت ليس فيه موضع ليته كان كذا وليت. والعجب أنّ المترجمين لأحوال الرجل وأرقامه لم يذكروه ولا نضده القواعد في جملة مطرزات أقلامه» (٢).

وكنت في صدد الوقوف على هذا الكتاب الممتع النفيس ، ولكن لم نعثر عليه ولم أقف على نسخته حتّى وفّق الله تعالى الشيخ الصديق العلّامة الحاج ميرزا عباسقلي الواعظ «الچرندابى» قدس‌سره بأن أوصى : أنّ عدّة من كتب مكتبته العامرة بالنفائس مهداة بعد وفاته إلى المكتبة الرضوية في المشهد المقدّس الرضوي عليه‌السلام. بخراسان إيران بعد أن كان أولا أوصى بإهدائها إلى مكتبة الجوادين عليهما‌السلام في الكاظمية ـ بغداد ـ العراق ، ولكن رجع عن هذا القصد من زمن بعيد قبل وفاته وأوصى بالإهداء إلى المكتبة الرضوية.

فكتبنا إلى المسئولين من أولياء الأمور في «الآستانة» بخبر وصيته وإهدائه عدّة من الكتب

__________________

(١) ماضي النجف وحاضرها ، ج ١ ، ص ٨٥ ، طبعة صيدا ، سنة ١٣٥٣.

(٢) الروضات ، ج ٧ ، ص ١٧٢ ، طبعة قم. قوله : «والعجب أنّ المترجمين» الخ موضع عجب ، فإنّك عرفت ممّا تقدّم من نقل أقوال المترجمين لأحواله أنّ جمعا منهم ذكروه من رشحات أقلامه وذكره تلميذه الفاضل الفقيه الحسن بن راشد الحلّي رحمه‌الله تعالى من جملة مؤلّفاته ، فراجع ص ٣٩ ـ ٤٠.

٥٦

إليها ، فصدر الأمر منهم إلى المتصدّي لأمور بعض الموقوفات المتعلقة ب «الآستانة» في آذربيجان «تبريز» بمراجعتنا في حقّ تلك الكتب المهداة إلى المكتبة الرضوية ، فانعقدت جلسة رسمية وحضر جمع من الفضلاء فيها وأهديت الكتب إلى المكتبة الرضوية في أواخر سنة ١٣٤٦ ه‍ ش ، وأغلبها كانت مخطوطات وعندي فهرسها ، وكان منها نسخة مخطوطة من هذا الكتاب اللوامع الالهيّة تاريخ كتابتها سنة ٨٥٢ أي بعد وفاة الفاضل المصنّف (ره) ٢٦ سنة. عدد اوراقها : ١٢٧ صفحة بالخطّ النسخي ، مختلفة السطور ، طول الورق : ٥ / ١٨ ، وعرضه : ١٤.

والنسخة موجودة الآن في المكتبة الرضوية ، ومكتوب في ظهر النسخة بخطّ كاتبها أحمد بن حسين بن جمال المغيراني ما هذا لفظه : «بسم الله الرحمن الرحيم كتاب اللوامع الإلهيّة في المباحث الكلاميّة تصنيف المولى الأعظم والعلّامة المعظّم العالم الفاضل الكامل الزاهد المحقق المدقّق ، جامع مكارم الأخلاق ومحاسن السلم والأعراق ، المتحلّي بالكمالات النفسانية شرف الدين أبي عبد الله المقداد ابن المرحوم عبد الله قدس الله نفسه بمحمّد وآله الطاهرين وسلّم تسليما».

وكان يختلج في خلدي طبع هذا الكتاب ونشره ، ليعمّ نفعه ، فإنّه من تراثنا الخالد بثّا للعلم وحبا لنشر المعارف الدينية ، فكتبت إلى السيّد الجليل والعالم النبيل السيّد فخر الدين الموسوي الأردبيلي دام بقاؤه صاحب كتاب تاريخ أردبيل ودانشمندان المطبوع ، القاطن اليوم في المشهد المقدّس الرضوي بأخذ نسخة مصوّرة من النسخة الموجودة في المكتبة الرضوية المهداة إليها بوصية من الشيخ الواعظ الجرندابي رحمه‌الله تعالى ، ولم يكن في المكتبة الرضوية نسخة من هذا الكتاب غير هذه النسخة المهداة فأخذها دامت تأييداته وأرسلها إلينا ، ونشكر للسيد الجليل هذا المجهود والعمل الصادق ، ونسأل الله تعالى له خير الجزاء.

ثمّ وقفنا أنّ نسخة من الكتاب موجودة في مكتبة «دانشگاه» بطهران فأرسلنا بعض الأصدقاء إلى طهران لأخذ نسخة مصوّرة منها فوعدوا بإرسالها ووفوا بما وعدوا وأرسلوا نسخة مصورة ، ونقدم الشكر والتقدير لهذا العمل الجليل والوفاء بالوعد.

وهذه النسخة بالخط الفارسي «نستعليق» طول الورق : ٢١ ، وعرضه : ١٣. عدد

٥٧

أوراقها : ١٦٢ ، وأغلب سطور الصفحات : ١٧ سطرا.

ولم يعلم كاتب النسخة ومحلّ استنساخها وتاريخ الكتابة.

وقرأنا في الذريعة : أنّ نسخة من الكتاب موجودة في مكتبة السيّد الإمام العلّامة السيّد حسن صدر الدين العاملي الكاظمي قدس‌سره في الكاظمية ، فكتبنا إلى سماحة الأخ الإمام العلّامة السيّد محمد باقر الصدر دام ظلّه في النجف الأشرف بإصدار الأمر إلى بعض السادة الكرام بأخذ نسخة مصورة منها وإرسالها إلينا لتكون من مصادرنا في التصحيح والمقابلة ، فإنّا استكتبنا نسخة للتصحيح والتعليق والمقابلة مع النسختين ، ورمزنا لنسخة المكتبة الرضوية (آ) إشارة إلى «الآستانة» ورمزنا لنسخة «دانشگاه» طهران (د) إشارة إليها.

فجاء الجواب عن سيدنا الصدر دام ظلّه بعدم وجدان نسخة من الكتاب في مكتبة سيدنا الحسن صدر الدين قدس‌سره ، وقال دام ظلّه في مكتوبه إلينا ، وهو بخطّه الشريف : «وبعد فقد تسلّمت بكلّ اعتزاز وتقدير رسالتكم الشريفة ونفحاتكم العلوية وعواطفكم القدسية ، ووجدتكم في هذه الرسالة الكريمة ـ كما هي حالتكم دائما ـ ذلك العالم الواعي الرشيد الذي يحمل هموم أمّته ، ويشعر بعمق مسئوليته ، ويفيض عليها من روحه الكبيرة علما وحكمة وتدبيرا ، وكنت قد بلغني اهتمامكم الجليل بمواساة المنكوبين وإعانة المشرّدين ، وما وافق ذلك من اهتماماتكم الأخوية الدينية بإبراز النجف والتنويه عنها ، فأسأل المولى سبحانه وتعالى أن يتقبّل منكم ذلك بأفضل ما يتقبّل من العلماء الصالحين وأوليائه المرضيين ويحفظكم للأمة منارا وللنجف سندا ويعزّ بكم الدين وينفع بوجودكم الشريف عموم المؤمنين.

وامّا كتاب اللوامع فقد كتبت فور تسلّمي لرسالتكم الكريمة رسالة إلى جناب السيّد حسين الصدر وكلّفته بالاهتمام بهذا الموضوع ، وإبلاغ السيّد عمّه اهتمامي البالغ بذلك ، مع علمي بأنّ مكتبة المرحوم الإمام السيّد حسن الصدر قدّس الله سرّه الشريف موضوعة على شكل ركام ومبعثرة في صناديق منذ عشرات السنين ، ولم تر طيلة هذه المدة نور الشمس ولا وجه مطالع ، ومكتبة من هذا القبيل ، من الصعب التفتيش فيها عن كتاب ، ولكنّي مع هذا أكّدت عليهم الموضوع ، وتسلّمت بالأمس رسالة من السيّد حسين تجدونها في جوف هذا المكتوب يبدو منها أنّه هو وعمّه وابن عمّه جميعا قد بذلوا جهودا شديدة في الحصول على

٥٨

الكتاب المذكور ولم يجدوه ، ومع هذا فقد وعدني السيّد حسين بمواصلة البحث وتكرار التفتيش ، والله الموفق. ـ ٢٧ من ذي القعدة ١٣٩٦ ـ محمد باقر الصدر».

وبعد تسلّمي لهذا المكتوب الشريف كتبت إلى سماحة سيدنا الإمام الصدر دام ظلّه : بأنّ شيخنا البحّاثة المحقّق الطهراني قدس‌سره قد شاهد نسخة مكتبة الإمام السيّد حسن الصدر قدّس الله سرّه الشريف ونقل خصوصياتها في أثره الخالد الذريعة. وقال قدس‌سره : اللوامع الإلهيّة في المسائل الكلامية للشيخ المتكلّم الفقيه أبي عبد الله مقداد بن عبد الله بن محمد السيوري الحلّي ، تلميذ الشيخ الشهيد في ٧٨٦ وهو من أحسن ما كتب في الكلام نظير تجريد المحقّق الطوسي في أربعة آلاف بيت ، لكنه زاد في مباحثه. أوله : تسبيحات أو السبحات لجلال مبدع نطق بآيات وجوب وجوده هويات الاشياء .... ذكره كشف الحجب ويظهر من «الروضات» وجوده عنده ووصفه بما مرّ. ويوجد نسخة منه عند السيّد هبة الدين الشهرستاني ، وفي خزانة سيّدنا الحسن صدر الدين نسخة جليلة مذهّبة حسن الخطّ ...»(١).

ثمّ ذكر رحمه‌الله تعالى أنّ منه نسخة في مكتبة راجه فيض آبادي ومدرسة الفاضلية ، فرغ منها في الأربعاء ١٩ / ج ١ / ٨٠٤. ونسخة السيّد محمد المشكاة قريبة لعصر التأليف.

قلت : وذكر الأستاذ الدجيلي في أعلام العرب : «أنّ منه نسخة بخطّ الشيخ محمد السماوي سنة ١٣٣٤ وتوجد في خزانة كتبه» (٢).

وأمّا نسخة الشيخ السماوي (ره) فلم ندر أنّها هل انتقلت إلى المكتبة العامة لسيّدنا الأستاذ المرجع الأعلى السيّد الطباطبائي الحكيم قدس‌سره في النجف الأشرف أو لا؟ فإنّ مكتبة الشيخ السماوي (ره) فيها النفائس والذخائر ، وقد كنت شاهدتها في أيّام حياته رحمه‌الله تعالى ، قد تفرّقت بعد وفاته وذهبت بها أيدي سبأ ، ولكنّ سيّدنا الإمام الحكيم قدس‌سره أمر بشراء أكثر المخطوطات الموجودة في مكتبة الشيخ السماوي وجمعها وحفظها في المكتبة العامة التي أسّسها في الجامع الهندي ، ولم يساعدنا التوفيق لسؤال ذلك من أمين المكتبة كتبا بواسطة البريد ، والله الموفق.

__________________

(١) الذريعة ، ج ١٨ ، ص ٣٦١ ، طبعة طهران.

(٢) أعلام العرب ، ج ٣ ، ص ٦٢ ، طبعة النجف الأشرف.

٥٩

وأمّا النسخة الموجودة عند السيّد المحقّق صاحب الروضات قدس‌سره ، فلم يصل إلينا منها خبر وقد كتبت إلى سيدنا الأخ الأمجد العلّامة السيّد أحمد الروضاتي أدام الله بقاءه وسألته عن وجود نسخة من الكتاب عنده أو عند سائر بني أعمامه وأقاربه من أفراد الأسرة الجليلة ، فجاء الجواب بعدم وجدان نسخة عندهم.

وأما نسخة السيّد المشكاة وهو اليوم مقيم في «لندن» فقد أهداها إلى مكتبة «دانشگاه» بطهران ، والنسخة المصورة التي أتحفتنا بها «دانشگاه» هي من نسخة السيّد المشكاة. وما قاله شيخنا في الذريعة : إنّ نسخته قريبة لعصر التأليف ، وهي مكتوبة بالخط الفارسي «نستعليق» فشيخنا هو أعرف بما جاد به يراعه من هذا الادّعاء ، والنسخة ليس فيها تاريخ الكتابة حتّى يعلم مدى قرب النسخة من عصر التأليف.

وأمّا نسخة المكتبة الرضوية التي أهداها إليها صديقنا الواعظ الجرندابي (ره) فتاريخ كتابتها سنة ٨٥٢ أي بعد وفاة الفاضل المصنّف (ره) ب ـ ٢٦ سنة كما ذكرنا فيما تقدّم.

ويشهد بقدم النسخة خطّها ، فإنّه من خطوط المائة التاسعة أو الثامنة للهجرة ، انظر إلى المصوّرة من الصفحة الأولى والأخيرة من تلك النسخة في آخر هذه المقدّمة ، كما تشاهد الصفحة الأولى المصوّرة والأخيرة من نسخة «دانشگاه».

وبعد ما كتبت إلى سماحة سيّدنا المجتهد الصدر دام ظلّه : أنّ شيخنا صاحب الذريعة شاهد نسخة مكتبة الإمام السيّد حسن الصدر قدس‌سره ـ كما ذكرناه ونقلنا كلماته الثمينة ـ جاء الجواب بخطّه الشريف كما يلي :

«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد فقد تسلّمت رسالتكم الكريمة بيد الزائر المؤمن الكريم حفظه الله تعالى ، وسرّني تجديد العهد بتلك الأنفاس العلوية والنفحات الهاشمية ، كما سرّني وصول الكتب إليكم من الفتاوى والمنهاج بقدر ما تأسّفت بعدم وجدان ذوي مكتبة المرحوم السيّد الخال قدس‌سره الشريف للكتاب المطلوب لسماحتكم ، وأنّ هذه المكتبة الثمينة نتيجة إهمال عاشته حوالي عشرين سنة قد تعرّضت لألوان من التلف ، ولعلّ الكتاب المذكور كان من جملة ما تلف قبل أن يتدارك أمرها في هذه المدة الأخيرة. إن سألتم عن أحوال هذا الجانب فصحّتي بخير وإنّي

٦٠