في مذاهب اللّااسلاميّين البابيّة ـ البهائيّة ـ القاديانيّة

عامر النجّار

في مذاهب اللّااسلاميّين البابيّة ـ البهائيّة ـ القاديانيّة

المؤلف:

عامر النجّار


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-115-X
الصفحات: ٢٥٢

ومن الأحاديث الشريفة التى تبين أن محمدا رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هو الرسول الخاتم ، يقول رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : " فضّلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، وأحلّت لى الغنائم ، وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا ، وأرسلت إلى الخلق كافة ، وختم بى النبيون" [رواه مسلم والترمذي وابن ماجة].

وعن عبد الرحمن بن جبير قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : " خرج علينا رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يوما كالمودع ، فقال : أنا محمد النبي الأمى ـ ثلاثا ـ ولا نبى بعدى" [رواه أحمد].

وقال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : " إن الرسالة والنبوة انقطعت فلا رسول بعدى ولا نبى" [رواه الترمذي].

وقال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : " إن الله لم يبعث نبيّا إلا حذر أمته من الدجال ، وأنا آخر الأنبياء ، وأنتم آخر الأمم ، وهو خارج فيكم لا محالة" [رواه ابن ماجة].

وقال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : " لا نبى بعدى ولا أمة بعد أمتى" [رواه الطبرانى والبيهقى].

وعن ثوبان قال : قال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : " ... وإنه سيكون فى أمتى كذابون ثلاثون ، كلهم يزعم أنه نبى ، وأنا خاتم النبيين لا نبى بعدى؟ [رواه أبو داود].

إن هذه النصوص وغيرها تبين لكل ذى عينين وعقل صريح وقلب سليم ، أنه لا نبى بعد رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأن سلسلة الأنبياء قد انتهت به ، وأن كل من ادّعى النبوة فى حياته أو بعد مماته إنما هو

٢٢١

كذاب ضال مضل .. فهذه النصوص النبوية تجزم بما لا يدع مجالا للشك أن رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هو النبي الخاتم ، وقد انقطع الوحى بوفاته ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

يقول الإمام أبو حامد الغزالى رحمه‌الله : " إن الأمة فهمت بالإجماع من هذا اللفظ (أى لا نبى بعدى) ومن قرائن أحواله أنه أفهم عدم نبى بعده أبدا ، وعدم رسول بعده أبدا ، وإنه ليس فيه تأويل ولا تخصيص ، فمنكر هذا لا يكون إلا منكر الإجماع" (١).

وقال الزمخشرى : " فإن قلت كيف كان آخر الأنبياء وعيسى ينزل فى آخر الزمان؟ قلت : معنى كونه آخر الأنبياء أنه لا ينبأ أحد بعده ، وعيسى مما نبّئ قبله ، وحين ينزل ، ينزل عاملا على شريعة محمد مصليا إلى قبلته كأنه بعض أمته" (٢).

وقال البيضاوى فى تفسيره : " محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، آخر الأنبياء الّذي ختمهم أو ختموا به ، ولا يقدح فيه نزول عيسى بعده ؛ لأنه إذا نزل كان على دينه" (٣).

وإن المسلم يجب أن يكون معتقدا اعتقادا جازما بأن رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هو خاتم الأنبياء ، وإن عدم الإيمان بختم النبوة بمحمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فهذا جزم بأن صاحب هذا الاعتقاد كافر وليس بمسلم على الإطلاق ، فالإيمان بختم النبوة من المسلّمات ومن الأمور المعروفة فى الدين بالضرورة ، وقد ادّعى رجل فى عصر الإمام الأعظم أبى حنيفة

__________________

(١) الغزالى : الاقتصاد فى الاعتقاد ، ص ١١٣

(٢) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ٣ / ٤٩٣

(٣) البيضاوى : أنوار التنزيل ، ٤ / ١٦٤

٢٢٢

النبوة وقال أنه عنده دليل على صحة نبوته فقال الإمام الأعظم ، رضى الله عنه : من طلب منه الدليل فقد كفر ؛ لأن رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال فى الحديث الصحيح : " لا نبىّ بعدى".

خامسا : إجماع الصحابة :

ولقد أجمع الصحابة ، رضوان الله عليهم ، بعد وفاة رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، على أنه النبي الخاتم بدليل أنهم هم أنفسهم الذين نقلوا إلينا أحاديث ختم النبوة بمحمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهم الذين أجمعوا على قتال المتنبئين بعد وفاته ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وعن ابن أبى أوفى ، رضى الله عنه ، لما سئل عن إبراهيم ابن النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : " مات صغيرا ولو قضى أن يكون بعد محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، نبى عاش ابنه ، ولكن لا نبىّ بعده" [رواه البخارى وأحمد].

ويقول القاضى عياض : " أخبر ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه خاتم النبيين ، لا نبى بعده ، وأخبر عن الله تعالى أنه خاتم النبيين ، وأنه أرسل كافة للناس ، وأجمعت الأمة على حمل هذا الكلام على ظاهره ، وأن مفهومه المراد منه دون تأويل ولا تخصيص" (١).

ويقول الألوسى فى تفسيره روح المعانى : " وكونه ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، خاتم النبيين مما نطق به الكتاب ، وصدعت به السنة ، وأجمعت عليه الأمة ، فيكفر مدّعى خلافه ، ويقتل إن أصرّ" (٢).

__________________

(١) القاضى عياض : الشفاء ، ٢ / ٢٧١

(٢) الألوسى : روح المعانى ، ٢٢ / ٣٢ وما بعدها.

٢٢٣

ولقد أراد الله أن يفضح القاديانى ويكشف ستره وكذبه ، فبان ذلك جليّا فى نبوءاته الكاذبة ، وهذا طرف من أكاذيبه.

سادسا : كذب القاديانى فى نبوءاته :

زعم مرزا غلام أحمد بموت أحد مناظريه خلال خمسة عشر شهرا ، ولم يمت الرجل المناظر له ، بل عاش بعد هذه النبوءة الكاذبة سنوات وسنوات ، فقد كان المنصّر المسيحى عبد الله آتم مناظرا قويّا لميرزا غلام أحمد ، وقد أجرى معه ومع عدد من المنصرين المسيحيين عدة مناظرات من ٢٢ مايو ١٨٩٣ إلى ٥ يونيو ١٩٨٣ حول الإسلام وأنه دين الله الحق. وفى اليوم الأخير للمناظرة زعم مرزا غلام أحمد بموت عبد الله آتم المسيحى خلال خمسة عشر شهرا ، وكذب كعادته فى افتراءاته وكهاناته الكاذبة.

قال مرزا غلام أحمد : " إنى لما دعوت الله البارحة وتضرعت إليه أن اقض فى هذا الأمر ، نحن عبادك العاجزون ولا نقدر على شيء. فبشرنى بآية بأن الفريق المصرّ على الباطل ، والمعرض عن الإله الحق ، والّذي يتخذ الإنسان الضعيف آلهة ، سيذل وسيلقى فى الهاوية بحساب شهر عن كل يوم من أيام المناظرة ـ أى خلال خمسة عشر شهرا ما لم يعد إلى الحق. وأن الّذي هو على الحق ويؤمن بالإله الحق فسيكرم بذلك. وعند ما تتحقق هذه النبوءة سيبصر بعض العميان ، ويستقيم بعض العرجان ، ويستمع بعض الصم ، وإننى أقر بهذا أنه إذا لم تتحقق هذه النبوءة ، أى إذا لم يلق الفريق الّذي هو على الباطل عند الله ، فى الهاوية بعد موته خلال خمسة عشر شهرا من اليوم فسأكون مستعدّا لكل عقوبة ، من إذلالى وتسوية وجهى وتطويق

٢٢٤

عنقى وقتلى وشنقى ، أنا مستعد لكل هذا ، وأقسم بالله ليفعلن ذلك وليفعلن ويفعلن" (١).

ومضت المدة التى حددها مرزا غلام أحمد بخمسة عشر شهرا ولم يتحقق نبوءة نبى القاديانية المزعوم ، فكان وأتباعه فى همّ وغمّ عظيمين ، وكان من السهل على المناوئين له بوسمه بالكاذب الأفاك.

وكان الشيخ ثناء الله الآمر تسرى ، وهو من أبرز علماء الهند الذين واجهوا صاحب الدعوة القاديانية بقوة ، وكثيرا ما كان يسميه بالكذاب مما جعل غلام أحمد يزداد حنقا على العالم الجليل ثناء الله الآمر تسرى ؛ فزعم أن ثناء الله سيموت قبله. وقال غلام أحمد : " إن كنت كذابا ومفتريا كما تذكرنى كثيرا فى كل عدد من صحيفتك فسأهلك فى حياتك ؛ لأننى أعلم أن المفسد الكذاب لا يعمر طويلا ويموت نادما وذليلا فى حياة أعدائه وفى موته مصلحة لئلا يهلك خلق الله. وإن لم أكن كذلك مفتريا ، بل أتشرف بالمكالمات والمخاطبات الإلهية وأنا المسيح الموعود فأرجو من فضل الله أن لا تنجو من عاقبة المكذبين حسب سنة الله تعالى فإن لم يأخذك عقاب الله الّذي لا يكون من قبل الإنسان بل منه فقط من الأمراض المميتة مثل الطاعون والكوليرا ، فى حياتى فلست إذا من الله" (٢).

وقد فضح الله ستر هذا المدّعى الكذاب فمات قبل العلامة ثناء الله بمدة طويلة ، وعاش ثناء الله بعده ليكشف الله كذب غلام أحمد ويفضح أمره أمام الناس من أتباعه وغيرهم.

__________________

(١) جنك مقدس ، ص ١٨٣ ـ ١٨٤

(٢) حياة طيبة ، ص ٤٢٣ ـ ٤٢٥

٢٢٥

ويذكر الأستاد إلهى إحسان ظهير هذه النبوءة من نبوءاته الكاذبة : " من نبوءاته أنه ولد له ولد بتاريخ ١٤ يونيو سنة ١٨٩٩ م ، وسماه" مبارك أحمد" وبعد ولادته بأيام ، أعلن المتنبأ : " إن هذا الولد نور من نور الله ، ومصلح موعود ، وصاحب العظمة والدولة ، ومسيحى النفس ، ومشفى الأمراض ، وكلمة الله ، وسعيد الحظ ، وهذا يشتهر فى أنحاء العالم وأطرافها ، يفك الأسارى ، ويتبرك به الأقوام [الغلام القاديانى ، ترياق القلوب ، ص ٤٣] ، فمرض هذا الولد سنة ١٩٠٧ م ، أى بعد ولادته بثمانى سنوات ، فاضطرب غلام أحمد أيما اضطراب ؛ لأنه كان قد أعلن أن هذا الولد يكون كذا وكذا ، فعالجه بكل علاج ممكن ، وفى تاريخ ٢٧ أغسطس ١٩٠٧ م حينما خف مرضه أعلن المتنبأ : " ألهمنى الله بأنه قد قبل الدعاء ، وذهب المرض ، ومعنى هذا أن الله قبل الدعاء ، ويشفى مبارك أحمد" بدر" جريدة قاديانية ٢٩ أغسطس ١٩٠٧ م".

وما أن أعلن المتنبّئ القاديانى هذا الافتراء على الله حتى عاد المرض من جديد ، وفى ١٦ سبتمبر سنة ١٩٠٧ م ، مات هذا المصلح الموعود ، وصاحب العظمة والدولة ، مشفى الأمراض ، ومسيحى النفس ، والّذي كان الأقوام منتظرة له حتى يفك الأسارى ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم" (١).

__________________

(١) إحسان إلهى ظهير : القاديانية ، ص ١٧٨ ـ ١٧٩

٢٢٦

المبحث الخامس

أسس مبادي القاديانية

أولا الحلول والتناسخ :

نجد جذور فكرة الحلول لدى النصارى الذين يقولون بأن الله تعالى حل فى المسيح الإنسان ليتكون المسيح الإله من طبيعتين ، وهى فكرة اتحاد اللاهوت بالناسوت ، أو حلول اللاهوت فى الناسوت.

وقد تأثر بهذه الفكرة بعض غلاة الشيعة مثل الدروز الذين يقولون بحلول الله تعالى فى شخص الحاكم بأمر الله ، والنصيرية الذين يدّعون حلول الله تعالى فى على بن أبى طالب ، رضى الله عنه ، وغلاة الشيعة الذين يزعمون حلول الله تعالى فى جعفر الصادق ، رضى الله عنه ، ومن غلاة الصوفية الحلاج صاحب المقولة الشهيرة عنه : " أنا الحق".

ومفهوم الحلول عند هؤلاء أن الله سبحانه وتعالى حلّ فى بعض خلقه وامتزج به بحيث تلاشت الذات الإنسانية فى الذات الإلهية ، فصارتا متحدتين غير منفصلتين.

أما التناسخ : فهو انتقال الروح بعد الموت من جسد إلى آخر ، وقد يكون التناسخ من جسم إنسانى إلى جسم آخر إنسانى أو حيوانى أو نباتى من إنسان إلى جماد.

وقد يعرف التناسخ بأنه تجوال للروح أو تكرار للمولد. والهدف من تكرار المولد فى زعم القائلين بالتناسخ تطهير روح الإنسان من أرجاسها

٢٢٧

وأدرانها ، وقد ترتب على القول بالتناسخ القول بعدم انقطاع النبوة ؛ لأنه بموت الرسول لا تنقطع الرسالة ؛ لحلول روح الرسول فى بدن شخص آخر يحمل رسالة الرسول الّذي مات.

ولعلنا نستطيع أن نفهم الآن العلاقة القوية بين الحلول والتناسخ ، فالقول بالتناسخ يؤدى إلى القول بالحلول. والحقيقة إننا نجد فى كتابات المرزا غلام أحمد نصوص واضحة تؤكد القول بالحلول والتناسخ وزعم أن الله حلّ روح عيسى فى روحه ، ثم مضى مئات الأفراد تحققت فيهم الحقيقة المحمدية.

يقول مرزا غلام أحمد : " إن الله أرسل رجلا كان نموذجا لروح عيسى ، وقد ظهر فى مظهره وسمى المسيح الموعود ؛ لأن الحقيقة العيسوية قد حلت فيه ، ومعنى ذلك أن الحقيقة العيسوية قد اتحدت به ، وقد مضى مئات من الأفراد تحققت فيهم الحقيقة المحمدية ، وكانوا يسمون عند الله عن طريق الظل محمد وأحمد" (١).

وفى نفس الكتاب يزعم غلام أحمد أنه قد أعطى نصيبا من الصفات التى كانت للأنبياء ، وأن الله تعالى أراد أن يتمثل جميع الأنبياء فى شخصه فيقول : " لقد أعطيت نصيبا من جميع الحوادث والصفات التى كانت لجميع الأنبياء .... ولقد أراد الله أن يتمثل جميع الأنبياء والمرسلين فى شخص رجل واحد ، وإننى ذلك الرجل" (٢).

ويزعم أنه يوحى إليه من السماء ، وأن لسانه ينطلق بكلمات هى من صنع الله تعالى فيقول فى الخطبة الإلهامية : " أوحى الرب صباح عيد

__________________

(١) مرزا غلام أحمد : آلية كمالات إسلام ، ص ٣٤٤ ، ٣٤٦

(٢) مرزا غلام أحمد : آلية كمالات إسلام ، ص ٨٩ ، ٩٠

٢٢٨

الأضحى أبريل ١٩٠٠ م أن أخطب اليوم بالعربية ، وقد وهبتم القوة على ذلك ، وأيضا أوحى إلى بكلام عربى ، كلام أفصحت عن لدن رب كريم ، فعندئذ قمت صلاة العيد للخطاب بالعربية ، والله يعلم أننى أعطيت قوة من الغيب وكان لسانى ينطلق بخطاب عربى فصيح يفوق كل ما أملك من قوة .... وسبحان الله إن عينا نضاخة من الغيب كانت تتدفق عندئذ ولم أكن أشعر عندئذ أننى أنا أتكلم أم ملك من الملائك يصرن أعنة لسانى ؛ لأننى أعرف أن قوة غيبية تسيطر على مداركى ، ولم ينطلق لسانى إلا بكلمات هى من صنع الله عزوجل ، وكانت كل جملة آية بينة من بينات الله ، وهذه معجزة تجلى فيها الله تعالى وليس لأحد أن يأتى لها مثيل" (١).

وإذا كنا قد وجدنا فى مبادي القاديانية قولا بالحلول والتناسخ فإننا نستطيع أن نتلمس أيضا قولا بالحلول والاتحاد فيقول مرزا غلام أحمد : " إن الله أرسل رجلا كان أنموذجا لروحانية عيسى ، وقد ظهر فى مظهره وسمى المسيح الموعود ؛ لأن الحقيقة العيسوية قد اتحدت به" (٢).

ويقول مرزا غلام أحمد" فى كمالات إسلام" بالحقيقة المحمدية حيث يقول : " وتحل الحقيقة المحمدية وتتجلى فى منبع كامل .... وقد مضى مئات من الأفراد تحققت فيهم الحقيقة المحمدية ، وكانوا يسمون عند الله عن طريق الظل محمدا وأحمد" (٣).

__________________

(١) مرزا غلام أحمد : الخطبة الإلهامية ، ص ١ ، ٢

(٢) مرزا غلام أحمد : آلية كمالات إسلام ، ص ٣٤٤ نقلا عن القاديانى والقاديانية للندوى ، ص ٧٧

(٣) مرزا غلام أحمد : السابق ص ٣٤٦ نقلا عن القاديانى والقاديانية لأبى الحسن الندوى ، ص ٧٧

٢٢٩

ثانيا : التأويل :

يعرف الجرجانى التأويل بأنه : صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله إذا كان المحتمل الّذي يراه موافقا بالكتاب والسنة ، مثل قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) (١) ، إن أراد به إخراج الطير من البيضة كان تفسيرا ، وإن أراد إخراج المؤمن من الكافر أو العالم من الجاهل كان تأويلا (٢).

وهذا يعنى أن التأويل يقصد به صرف الكلام عن ظاهره إلى معنى يحتمله.

وأصل التأويل فى اللغة بمعنى التفسير ، وقد دعا رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لابن عباس ، رضى الله عنه ، فقال : " اللهم فقه فى الدين وعلّمه التأويل" (٣).

ولا خلاف بين علماء أهل السنة والجماعة فى قبول التأويل الصحيح وهو تأويل الأمر بعمل المأمور به ، وتأويل النهى بترك المنهى عنه ، أما التأويل الّذي يخالف الكتاب والسنة ويؤدى إلى تحريف الكلم عن مواضعه فهذا هو التأويل المذموم المنهى عنه.

وأيضا من التأويلات الفاسدة المرفوضة عند علماء أهل السنة والجماعة ما يسمى بالتأويل الرمزى وفيه يؤول الباطنية والفلاسفة وغلاة الصوفية وغلاة الشيعة النصوص تأويلات باطنية غير صحيحة على الإطلاق.

__________________

(١) الأنعام : من ٩٥ ، يونس : من ٣١ ، الروم : من ١٩

(٢) الجرجانى : التعريفات ، ص ٤٣

(٣) أخرجه الإمام أحمد فى مسنده.

٢٣٠

من نماذج تأويل زعماء القاديانية للقرآن الكريم :

يعد محمد على صاحب ترجمة القرآن للغة الإنجليزية من أبرز زعماء القاديانية وهو زعيم الفرع اللاهورى الّذي يقول بأن المرزا غلام أحمد لم يدع النبوة ، وإنما هو فى زعمه مجدد القرن الرابع عشر الهجرى ، وهو مسيح هذه الأمة ، وفى كتابه بيان القرآن يقدم تفسيرا وتأويلا منحرفا لمعانى القرآن الكريم.

يقول الأستاذ أبو الحسن الندوى : " يغلب على محمد على اتجاه تفسير المعجزات والأمور الغيبية التى تتعلق بقدرة الله الواسعة بالأمور الطبيعية والحوادث العادية التى تتفق مع النواميس الطبيعية والتجارب اليومية وهو يبالغ فى ذلك ويغرق فى التأويل ، ولو أبى ذلك اللغة الصريحة ، واللفظ الصريح ، وهو أسلوب لبق من أساليب إنكار المعجزات والأمور الغيبية والفرار من الإيمان بالغيب والاعتماد على قدرة الله وصفاته وأفعاله ، والخضوع الزائد للمقررات الطبيعية التى لا تزال فى دور التحول والتطور ، وهذا تفكير خطير على الإسلام ، ومعارضته للدين الّذي يطلب الإيمان بالغيب" (١).

ويقدم الأستاذ أبو الحسن الندوى نماذج لتأويلات محمد على زعيم الفرع اللاهورى من الطائفة القاديانية من خلال كتاب محمد على بيان القرآن فينقل عنه تفسيره لبعض الآيات الّذي يظهر من خلالها تأويلاته المنحرفة لآيات الله تعالى ، فمثلا إنه يفسر قوله تعالى فى مسألة طائفة من بنى

__________________

(١) أبو الحسن الندوى : القادياني والقاديانية ، ص ١٤٧

٢٣١

إسرائيل عبدت العجل وعاقبها الله بأن يقتل بعضها بعضا ، يقول الله تعالى : (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) (١) ، يقول : " إن المراد بالقتل هنا إماتة الشهوات وهذا الّذي أرجحه بناء على السياق السابق" (٢).

ومن هذا يتضح لنا مدى التعسف فى تأويل آيات كتاب الله تعالى تأويلا يخرجه عن معناه الحقيقى وهذا منهج باطنى واضح فى تأويل القرآن الكريم ، وصدق الأستاذ أبو الحسن الندوى حين قال عن تفسير محمد على : " ما هذه التفسيرات المتطرفة إلا نسخة صادقة لتفسيرات الباطنية والإسماعيلية فى العصور الماضية" (٣).

ومن أبرز تأويلات مرزا غلام أحمد الفاسدة أنه لما اعترض عليه العلماء فى زعمه أنه المسيح الموعود وقالوا له : إن أحاديث نزول المسيح التى يرددها ويحتج بها تنص على أن المسيح ينزل وعليه رداءان أصفران.

فأوّل الحديث تأويلا باطلا عجيبا حين قال : " المراد بالرداء الأصفر : العلة ، وقد جاء فى الحديث أن المسيح ينزل وعليه رداءان أصفران وهذا شأنى ، فإننى أعانى من علتين : إحداهما : فى مقدم جسمى وهو الدوار الشديد ، الّذي قد أخرّ به إلى الأرض ، وأخاف به على نفسى. والعلة الثانية : فى أسفل الجسم وهى كثرة البول" (٤).

وبالطبع فهذا تأويل ظاهر البطلان والفساد ولا يقول بهذا التأويل إلا من انتابته الأمراض النفسية والقلبية والجسمية ، وهو يعترف بذلك فيقول

__________________

(١) سورة البقرة : ٥٤

(٢) أبو الحسن الندوى : القاديانى والقاديانية ، ص ١٤٧ ـ ١٥٥

(٣) المرجع السابق ، ص ١٥٦

(٤) مرزا غلام أحمد : براهين أحمدية ، ص ٢٠١

٢٣٢

عن نفسه : " إننى أعانى علتين من مدة طويلة ، إحداهما الصداع الشديد الّذي أعالج منه الشدة والكرب والأهوال الشديدة ، وقد زال وبقى الدوار الّذي ينتابنى بعض الأحيان ، والعلة الثانية مرض السكر الّذي أعانيه منذ عشرين سنة" (١).

ومن التأويلات الباطلة التى يحاول من خلالها لى النص القرآنى لصالح دعواه النبوة ، تأويله لقول الله تعالى : (" وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ"). فقال : " إن الآية مبشرا برسول ومصداقها السيد المسيح الموعود المرزا ، وهو المقصود باسم أحمد فى هذه الآية" (٢).

وقال فى تأويله لقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٣).

" وردت هذه الآية فى شأن المسيح الموعود ، وقد نص بها منذ الأزل إعلاء حجة الإسلام الأرفع التى تنخفض لديها سائر الأصوات ، وقدّر منذ قديم الأيام أن يكون قدم المسيح الموعود على المنارة العليا التى لا تعلوها بناية أخرى" (٤).

ومن أعجب التأويلات تأويل القاديانية لمكة والمدينة بأنهما قاديان!!.

يقول محمود أحمد بن غلام أحمد وخليفته الثانى فى جريدة الفضل فى ٥ يناير ، سنة ١٩٣٣ م : " .... أما إلهام حضرة المسيح الموعود عليه

__________________

(١) المرجع السابق : ٢ / ص ١٥٣

(٢) مرزا غلام أحمد : قاديانى مذهب : ص ٦٢٠

(٣) سورة التوبة : من ٣٣ ، الفتح : من ٣٨ ، الصف : من ٩

(٤) مرزا غلام أحمد : الخطبة الإلهامية ، ص ٥

٢٣٣

الصلاة والسلام بأننا نموت فى مكة أو فى المدينة فنقول : إن هذين الاسمين لقاديان" (١).

ويقول فى تأويل قوله تعالى : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) ، إن هذه الآية تنعت المسجد الّذي أسس فى قاديان. ويقول : " إن المراد بالمسجد الأقصى فى قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) هو مسجد قاديان" (٢).

ثالثا : الغاؤه الجهاد :

لعل أبرز مبادي القاديانية الدعوة إلى الغاء الجهاد ، بل إن المرزا غلام أحمد كان يفتخر بدعوته إلى عدم الجهاد فيقول : " إن الفرقة الإسلامية التى قلدنى الله إمامتها وسيادتها تمتاز بأنها لا ترى الجهاد بالسيف ولا تنتظره بل إن الفرقة المباركة لا تستحل سرّا كان أو علانية وتحرمه تحريما باتّا" (٣).

ويعتقد القاديانيون بنسخ الجهاد اتباعا لأوامر نبيهم المزعوم مرزا غلام القاديانى الّذي يقول : " إن مبادي وعقائدى وتعليماتى لا تحل أى طابع من المحاربة والعدوان ، وأنا متأكد من أن أتباعى كلما زاد عددهم قل عدد القائلين بالجهاد المزعوم ؛ لأن الإيمان بى كمسيح ومهدى معناه رفض ذلك الجهاد" (٤).

__________________

(١) أبو الأعلى المودودى : ما هى القاديانية ، ص ٥٢٠

(٢) المرجع السابق ، ص ٥٢٠ ، والآية من أول سورة الإسراء.

(٣) المرزا غلام أحمد : ترياق القلوب ، ص ٣٢٢

(٤) المبشر القاديانى منير الحصنى : المودودى فى الميزان ، ص ٢٠

٢٣٤

رابعا : المسلمون فى نظر القاديانيين كافرون :

يرى القاديانيون أن المسلمين كافرون لأنهم لم يؤمنوا بنبوة غلام أحمد يقول غلام أحمد فيما نقله عنه مظاهرى : " أطلعنى الله على أن كل من وصلته رسالتى ، ولم يؤمن بى فهو ليس بمسلم" (١).

ويقول : " كل من لا يتبعك ولا يبايعك ويظل يخالفك فهو يعصى الله ورسوله وهو من أهل النار" (٢).

ويقول : " إن كل من لا يؤمن بى فإنه لا يؤمن بالله ولا برسوله ؛ لأن الله ورسوله بشّرا بى ، فكل من لا يؤمن بأحكام الله ورسوله ويكذب القرآن ويرفض آيات الله ، ويقول : إنى مفتر وكذاب على الرغم من وجود مئات الآيات المؤيدة لى لا يكون مؤمنا ، وإذا كان مؤمنا يكفر بالافتراء عليّ" (٣).

ونشرت جريدة الفضل القاديانية فى عدد ٢١ حزيران [يونيو] ١٩٢٣ م مقالا لطالب فى جامعة ملية اسمه عبد القادر جاء فيه : " سألت ذات يوم بعد صلاة العصر حضرة الخليفة لما ذا يكفّر غير الأحمديين ، فكانت خلاصة الحديث ما يلى :

السائل : أصحيح أنكم تكفرون غير الأحمديين.

الخليفة : نعم هذا صحيح.

السائل : على ما تعتمدون فى هذا التكفير أفلا يلفظون كلمة الشهادة؟

الخليفة : إنهم ولا شك يلفظون كلمة الشهادة ، ولكن الاختلاف بيننا

__________________

(١) المرزا غلام أحمد : رسالة الذكر الحكيم ص ٤٤

(٢) إلهام بيان ميعاد الأخبار المذكور فى تبليغ رسالته ، ص ٢٧

(٣) المرزا غلام أحمد : حقيقة الوحى ، ص ١٦٣

٢٣٥

وبينهم ليس فرعيّا ، بل اختلاف رئيسى ، فالمسلمون يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وإن من ينكر نبيّا من أنبياء الله فهو كافر ، ومثال ذلك المسيحيون ، فهم يؤمنون بكل الأنبياء الذين جاءوا قبل عيسى عليه‌السلام ، ولكنهم بكفرهم بمحمد فقد كفروا ، وهكذا فإن من ينكر نبوة غلام أحمد فهو كافر بنص القرآن ، فالله قد بعث رسولا آمنا به ولم يؤمنوا به" (١).

ولم يكتف القاديانيون بتكفير المسلمين ، بل سلكوا فى ذلك مسلكا عمليّا ، فلأن أهل الإسلام فى معتقدهم الكاذب كفارا ، فلا يجوز عندهم الصلاة وراء المسلمين ، وكذلك لا يجوز الزواج منهم.

وقد جاء فى جريدة الحكم القاديانية بتاريخ ١٠ أغسطس ١٩٠١ قول غلام أحمد : " اصبروا ولا تصلوا خلف أحد من غير جماعتكم ، ففى ذلك الخير والصلاح وفيه نصركم العظيم". وقال فى العدد ٣ من أربعين ، صفحة ٣٤ : " اذكروا بأن الله قد أطلعنى بأنه حرام عليكم وحرام بات أن تصلوا خلف مكفر أو مكذب أو متردد".

والقاديانيون لا يصلون صلاة الجنازة على المسلمين ؛ لأنهم يعتقدون عدم جواز الصلاة على من لم يؤمن بغلام أحمد ، وقالت جريدة الفضل المؤرخة فى ١٥ كانون الأول ١٩٣١ م : إن غلام أحمد لم يصل على ابنه فضل أحمد ؛ لأنه لم يكن مؤمنا به" (٢).

__________________

(١) مظاهرى : القاديانية ، ص ٣٧ ـ ٣٩.

(٢) مرجع سابق ، ص ٤١ ، ٤٣

٢٣٦

ويقول فى صفحة ٧ من فتاوى أحمدية : " لا تزوجوا بناتكم ممن لم يؤمن بى" (١).

وينقل العلامة إحسان إلهى ظهير عن محمود أحمد ابن الغلام فى كتابه بركات خلافات ص ٧٥ حكم القاديانية بأنه لا يجوز لأى قاديانى أن ينكح ابنته من غير القاديانى ؛ لأن هذا أمر من المسيح الموعود (يقصد والده غلام أحمد) أمر مؤكد ، وقال : " عن من ينكح ابنته من غير القاديانى فهو خارج من جماعتنا مهما يدّعى القاديانية ، وأيضا لا ينبغى لأحد من أتباعنا أن يشترك فى مثل هذه الحفلات الزواجية (الفضل ٢٣ مايو ١٩٣١ م). وأكثر من ذلك فقد نشرت جريدة الحكم القاديانية بأنه ينبغى أن يراعى فى الزواج من المسلمين أن لا تعطى لهم البنات ، ويجوز الزواج ببناتهم لأنهم كأهل كتاب ، فنحن لا نعطى بناتنا ونأخذ بناتهم كما يعامل أهل الكتاب كما بينه إمامنا بأن غير القاديانيين من المسلمين هم أهل الكتاب ، فلو أعطيناهم بناتنا لا يجوز ، ولو أخذنا منهم بناتهم يجوز ، وفيه فائدة بأننا قد زدنا واحدا فى صفنا" (٢).

__________________

(١) مرجع سابق ، ص ١٠٥

(٢) نقلا عن إحسان إلهى ظهير : القاديانية ، ص ٤٣

٢٣٧

المبحث السادس

القاديانيون بعد هلاك المرزا

نشاطهم وأخطارهم وحكم الإسلام فيهم

أولا : الحكيم نور الدين البهيردى [١٨٤١ ـ ١٩١٤ م] :

هو الخليفة الأول بعد هلاك مرزا غلام القاديانى فى عام ١٩٠٨ م وقد ادعى نور الدين أنه خليفة الغلام وأقسم للقاديانيين بأن الغلام هو الّذي جعله خليفته من بعده وأقسم بالله على ذلك ، يقول نور الدرين : " أنا أقسم بالله العظيم أنه هو الّذي جعلنى خليفته ، فمن يستطيع أن يسلب منى رداء هذه الخلافة ، فالله مصالحه ومشيئته ، أراد أن يجعلنى إمامكم وخليفتكم ، فقولوا ما تشاءون ، ولكن كل ما تتهمونى به لا يصل إلى ، بل يرجع إلى الله ؛ لأنه هو الّذي جعلنى الخليفة" (١).

وكان الإنجليز قد قاموا بوضع تاج الخلافة على رأسه ، وبهذا تم تأكيد خلافته للغلام ، وكان نور الدين طبيبا ، وأخلص أصدقاء المرزا إليه ، ومن شدة إخلاصه له أنه لما أخبر بأن المرزا ادّعى النبوة قال : " لو ادّعى هذا الرجل أنه نبى صاحب شريعة ونسخ شريعة القرآن لما أنكرت عليه" (٢).

__________________

(١) إحسان إلهى نظير : القاديانية ، دراسات وتحليل : ص ٢٣٩

(٢) بشير الدين أحمد بن المرزا غلام أحمد : سيرة المهدى ، ص ٣٢

٢٣٨

ولما كتب المرزا غلام أحمد كتابه" براهين أحمدية" كتب الحكيم نور الدين كتابه" تصديق براهين أحمدية".

وقد استخلف الحكيم نور الدين قبل وفاته ابن المرزا الأكبر بشير الدين محمود.

ثانيا الخليفة الثانى : بشير الدين محمود :

وهو بشير الدين محمود بن مرزا غلام أحمد [١٨٨٩ ـ ١٩٦٥ م] ، وله تفسير مطول للقرآن الكريم سماه التفسير الكبير ، وهو فى عشرة أجزاء وقد اختصر بعد ذلك هذا التفسير وسمى بالتفسير الصغير" ، ومن مؤلفاته أيضا : سيرة المهدى ، وكلمة الفصل.

ومن المعروف أنه بمجرد تولى بشير الدين الخلافة انقسمت القاديانية إلى فرقتين ، أحدهما : تدعى أن مرزا غلام أحمد هو المهدى المعهود والمسيح الموعود ، كما يعتقدون بنبوته ، بينما تقول الفرقة الأخرى ، وهى فرقة لاهور بأنه كان مجددا ، وأنه المهدى والمسيح الموعود وليس نبيّا.

وقد زعم بشير الدين محمود الخليفة الثانى أنه ليس خليفة القاديانية فقط ، بل خليفة العالم أجمع فقال : " أنا لست فقط خليفة القاديانية ولا خليفة الهند ، بل أنا خليفة المسيح الموعود ، فلذا أنا خليفة لأفغانستان والعالم العربى وإيران والصين واليابان وأوربا وأمريكا وإفريقيا وسومطرة وجاوا ، وحتى أنا خليفة لبريطانيا أيضا ، وسلطانى محيط قارات العالم" (١).

__________________

(١) خطبة محمود أحمد المندرجة فى" الفضل" أول نوفمبر ١٩٣١ م ، نقلا عن القاديانية لإحسان إلهى ظهير : ص ٢٥٣.

٢٣٩

وقد عرف محمود بن الغلام بسوء أخلاقه وارتكابه العديد من الآثام والفواحش ، فيذكر إحسان إلهى ظهير" أنه اتهم باغتيال العديد من مخالفيه فى القاديانية بما فيه زوجه ابنة نور الدين الخليفة الأول ، ورحيمه أخو زوجه (جريدة قاديانية" الفضل" ١٤ أغسطس ١٩٣٧ م) بسبب أنهم عرفوا سيرته الأصلية المملوءة من الغدر والخيانة العائلية والزوجية ، وإتيانه المحرمات والفواحش ، وها هو واحد من القاديانية يتهمه بالزنا جبرا مع كنته" أنا أحمد دين أعلن على الملأ أنى قاديانى وأعتقد أن المسيح الموعود عليه‌السلام كان نبى الله ورسوله ، وأنا بايعت الخليفة الثانى لحضرة المسيح محمود أحمد ابن الغلام ، فكان زوجى وأهلى يذهبن إلى بيت الخليفة الثانى محمود أحمد ليخدمن أهله وأهل حضرة المسيح الموعود ، وقبل أيام ذهبت كنّتي : (زوج الابن) إلى بيته حسب العادة لتقوم ببعض الخدمة فلما رآها محمود أحمد وحدها ذهب بها إلى غرفته بالحيلة وثم فجر بها جبرا ، وقال : لا تخبرى لأحد لأنك لو أخبرت لا يصدقك أحد وتسقطى أنت عن الأعين ، فجاءت إلى البيت باكية وأخبرت عما حدث ، فذهبت إلى الخليفة وسألته فأنكر ثم استحلفته فأبى أن يحلف وأيضا هددنى بالموت أو الطرد من القاديان إن فتحت فمى وتكلمت مع أحد ، وأنا أرسل هذه الرسالة إلى الجرائد لكى يعرف الناس حقيقة هذا الخليفة الّذي هو يلوث سلسلة القاديانية بجرائمه ، وإن هو لم يزن بكنتى فليباهل معى ويجعل لعنة الله على الكاذبين" (مكتوب أحمد دين القاديانى المنشور فى جريدة يومية" زميندار" لاهور وما إن نشر هذا المكتوب إلا أعطى لهذا الرجل المبلغ الضخم حتى أعلن فى جريدة قاديانية" الفضل" أنا أتأسف على أنى نشرت المكتوب فى جريدة" زميندار"

٢٤٠