في مذاهب اللّااسلاميّين البابيّة ـ البهائيّة ـ القاديانيّة

عامر النجّار

في مذاهب اللّااسلاميّين البابيّة ـ البهائيّة ـ القاديانيّة

المؤلف:

عامر النجّار


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-115-X
الصفحات: ٢٥٢

وسلم ، شهد له بالنبوة ، بل إن السماء والأرض وما من نبى إلا شهد له بالنبوة ، ويأمر المسلمين باتباعه فيقول : " إننى صادق كموسى وعيسى وداود ومحمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد أنزل الله لتصديقى آيات سماوية تربو على عشرة آلاف ، وقد شهد لى القرآن الكريم ، وشهد لى الرسول ، وقد عين الأنبياء زمن بعثتى وذلك هو عصرنا هذا ، والقرآن يعين عصرى ، ولقد شهدت لى السماء والأرض ، وما من نبى إلا وقد شهد لى" (١).

ولقد كان جريئا فى الكذب حين ادعى النبوة وقال : " يؤيد الله كونى مرسلا من قبله ، فقد أظهر على يدىّ من الآيات ما لو قسم على ألف نبى لكفت لإثبات نبوتهم ، ولكن شياطين الإنس لا يؤمنون" (٢). وقال : " أنا نبى بأمر الله ، وإذا أنكرت ذلك أرتكب إثما ، وكيف أستطيع أن أرفض ذلك ، والله سمانى نبيّا ، فأنا على ذلك ما دمت حيّا" (٣).

تأويل معنى خاتم النبيين لدى القاديانيين :

أوّل القاديانيون معنى قول الله تعالى (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) (٤). معنى خاتم النبيين عندهم أى طابعهم ، فيزعمون أن كل نبى يظهر الآن بعده ، فإن نبوته تكون مطبوعة بخاتمه ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) المرزا غلام أحمد : تحفة الندوة ، ص ٤.

(٢) المرزا غلام أحمد : تتمة حقيقة الوحى ص ١٤٨

(٣) رسالة من غلام أحمد إلى جريدة (أخبار عام) لاهور ، فى ٢٣ آيار ١٩٠٨ م.

(٤) الأحزاب : ٤٠.

٢٠١

يقول محمد منظور إلهى القاديانى فى كتابه ملفوظات أحمدية (ص ٢٩٠): " المراد بخاتم النبيين أنه لا يمكن أن تصدق الآن نبوة أى نبى من الأنبياء إلا بخاتمه صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكما أن كل قرطاس لا يكون مصدقا مؤكدا إلا حين يطبع عليه بالخاتم ، فكذلك كل نبوة لا تكون مطبوعا عليها بخاتمه وتصديقه ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، تكون غير صحيحة" (١).

وجاء فى جريدة الفضل القاديانية فى عددها الصادر فى ٢٢ مايو ١٩٢٢ م" الخاتم هو الطابع ، فإذا كان النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، طابعا ، فكيف يكون طابعا إذا لم يكن فى أمته نبى" (٢).

ويفسر القاضى القاديانى آية" وخاتم النبيين" بأنه أفضل الأنبياء وأكبرهم درجة ومرتبة ، والآية فى زعم القاديانية لا تدل أبدا على انقطاع النبوة ، يقول فى القول الصريح : " إن الآية المذكورة لا تدل مطلقا على انقطاع للنبوة ، بل تدل على بقائها لأن كمال النبي لا يتحقق إلا بكمال الأمة وفضيلة الأستاذ لا تظهر إلا بفضل التلميذ .. وإن أصر أحد على أنه بمعنى الآخر زمانا فيمكننا أن نجعله مطابقا للمعانى الأخرى بكل سهولة ونقول : إن المراد من النبيين هم المشرعون والمستقلون ، والنبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ختم النبوة التشريعية والمستقلة ؛ لأنها موجودة قبله ، وأما النبوة الغير مستقلة فما كانت موجودة قبله" (٣).

__________________

(١) أبو الأعلى المودودى : ما هى القاديانية ، ص ٧١.

(٢) المرجع السابق ، ص ٧١.

(٣) نذير السيالكوتى القاديانى : القول الصريح ، ص ١٧٥ ـ ١٧٧

٢٠٢

ويقول ميرزا غلام أحمد : " نعنى بختم النبوة ختم كمالاتها على نبينا الّذي هو أفضل رسل الله وأنبيائه ، ونعتقد أنه لا نبى بعده إلا الّذي من أمته ومن أكمل أتباعه الّذي وجد الفيض كله من روحانيته وأضاء بضيائه" (١).

ويقول أيضا فى تفسير" وخاتم النبيين" : " إن الله جعل رسول الله خاتم النبيين بمعنى أنه أعطاه خاتم إفاضة الكمال مما لم يعطه أحدا سواه ، فلأجل ذلك سمى بخاتم النبيين ، أى أن اتّباعه يورث كمالات النبوة ، وأن القوة القدسية التى تصنع الأنبياء لم يعطها نبى سواه" (٢).

ونقل الأستاذ أبو الأعلى المودودى فى كتابه" ما هى القاديانية" نصوصا عديدة ذكرها المرزا غلام أحمد وجماعته توضح تأويلاتهم المختلفة لختم النبوة منها (٣) :

التأويل الأول : " فإن كان الله كرّم أحدا من هذه الأمة وسماه بالنبى إذا نال درجة الوحى والإلهام والنبوة بمجرد اتّباع محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإن خاتم النبوة أى طابعها لا ينقض بذلك ؛ لأنه لا يزال من أفراد الأمة الإسلامية ، ولكن مما ينافى ختم النبوة أن يأتى نبى من غير الأمة الإسلامية".

ويقول المرزا غلام أحمد : " إن محمدا ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، خاتم الأنبياء بمفهوم أنه قد تمت عليه كمالات النبوة ، وأنه لا يأتى بعده رسول ذو شريعة جديدة ، ولا نبى من غير أمته".

__________________

(١) المرجع السابق ، ص ١٧٤

(٢) ميرزا غلام أحمد : حقيقة الوحى ، ص ٩٧

(٣) أبو الأعلى المودودى : ما هى القاديانية ، ص ٣٣ ، ٣٥

٢٠٣

التأويل الثانى : قال غلام أحمد فى حقيقة الوحى : " قد جعل الله جل شأنه محمدا ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، الخاتم أى أعطاه الخاتم لإفاضة الكمال ، وذلك لم يؤته أحد غيره ، ولذلك سمى بخاتم النبيين ، أى أن اطاعته تمنح كمالات النبوة ، وأن التقائه الروحى يصنع الأنبياء".

التأويل الثالث : قال غلام أحمد فى إرشاده المندرج فى عدد جريدة الحكم الصادر فى ١٧ أبريل من عام ١٩٠٣ م : " ومن حكمة الله ولطفه بالأمة المحمدية أن رفع عنها هذه الكلمة ـ النبوة ـ ثلاثة عشر قرنا بعد محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ وذلك لتتم عظمة نبوته ، ثم لما كانت عظمة الإسلام تقتضى أن يكون فى الأمة أفراد تطلق عليهم كلمة النبي بعده ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لتتم المشابهة بالسلسلة القديمة ـ أى سلسلة الأنبياء الموسويين ـ أجريت على لسانه ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كلمة" النبي" للمسيح الموعود فى آخر الزمان".

التأويل الرابع : يقول غلام أحمد فى إزالة الخطأ : " أنا محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بصفة ظلية ، فلأجل هذا ما انفض هذا الخاتم ـ خاتم النبيين ـ لأن نبوة محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بقيت على حالها منحصرة فى محمد وحده ، أى أن محمدا وحده هو النبي إلى الآن ، وإذا كنت أنا محمدا بصفة تجسدية فأى رجل غيره يكون قد ادعى النبوة بصفة مستقلة؟ ".

وهذه تأويلات باطلة فاسدة لختم النبوة ، وقد وضع القاديانيون أدلة من القرآن والسنة على أن الوحى والنبوة مستمران لا ينقطعان أبدا ، وأوّلوا النصوص حسب هواهم وهذا ما سنبينه الآن.

أدلة القاديانيون على أن الوحى والنبوة مستمران لا ينقطعان أبدا :

٢٠٤

ـ أدلتهم من القرآن الكريم :

يقول تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) [الشورى : ٥١].

يقول القاضى القاديانى فى كتابه القول الصريح : " إن الله سبحانه وتعالى يوحى إلى غير الأنبياء بالطرق التى يوحى بها إلى الأنبياء لأن الله لم يقل وما كان لنبى بل قال ما كان لبشر سواء كان نبيّا أو غير نبى" (١).

والحقيقة أنه ليس فى هذه الآية أى دليل على وحى أو نبوة بعد رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإنما قال ابن كثير فى تفسيره : " هذه الآية فى ذكر مقامات الوحى بالنسبة إلى جانب الله عزوجل" (٢) فلا وحى ولا نبوة بعد محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وهكذا يزعم القاضى القاديانى أن باب النبوة لا زال مفتوحا أمام البشر ويذكر أن الله تعالى يقول : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٣).

ويفسر الآية ـ كما أشرنا من قبل ـ بأن معناها" أن الّذي يطيع الله ومحمدا ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فعلى قدر إطاعته يكون من الصالحين أو

__________________

(١) نذير السيالكوتى القاديانى : القول الصريح فى ظهور المهدى والمسيح ، ص ١٦٦

(٢) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ٤ / ١٢١

(٣) سورة النساء : ٦٩

٢٠٥

الشهداء أو الصديقين أو النبيين ، فهى تصريح جليّ أن النبوة باقية فى الأمة المحمدية" (١).

وطبعى أنه ليس فى الآية دليل قط على استمرار النبوة بعد رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإنما مقصود الآية كما ذكر ابن كثير : " إن من عمل بما أمره الله به ورسوله ، وترك ما نهاه الله عنه ورسوله ، فإن الله عزوجل يسكنه دار كرامته ويجعله مرافقا لمن ذكر فى الآية" (٢).

فالآية لا تدل أبدا على أن النبوة مستمرة كما ادعى القاديانيون.

ويقول أيضا : " إن الله تعالى يقول فى كتابه العزيز : (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) (٣).

يقول المراد من الروح فى الآية الوحى أو روح القدس ، والآية تصرح بأن النبوة باقية ؛ لأن صيغة يلقى تدل على الاستمرار ، فكما أن الله تعالى أخبر بنزول الملائكة فى المستقبل كذلك أخبرنا بالإنذار ، والإنذار من صفة الرسل" (٤).

وهذا فهم خاطئ وتأويل باطل للآية ، فالآية تبين لنا بوضوح تام أن الله تعالى يختص من يشاء ليكونوا أنبياء ورسلا يبلغون رسالة الله فى الأرض ، وقد ختم الله تعالى الرسالات ، بمحمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) مرجع سابق ، ص ١٩٧

(٢) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ١ / ٥٢٢

(٣) سورة غافر : ١٥.

(٤) مرجع سابق ، ص ١٩٩

٢٠٦

وفى قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١).

يقول القاضى القاديانى فى كتابه القول الصريح : " إن قوله تعالى : (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ) يدل على أن البعثة الثانية للنبى ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الآخرين الذين يأتون بعد من الصحابة تكون منهم لا من غيرهم ، ومعلوم أن النبي لا يبعث بذاته مرة ثانية ، فليس المراد إذا إلا المسيح الموعود بكونه نبيّا فى الآخرين من الآخرين باسم النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم" (٢).

وهذا تفسير باطل للآية ؛ لأن ظاهر الآية واضح لكل ذى عينين ، فالآية تشير بجلاء تام إلى أن الله تعالى بعث محمدا ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إلى الناس كافة (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) ، فليس فى الآية دليل على بعثة المسيح الموعود كما يزعم القاديانيون.

ويقول فى قوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [المائدة : ٣].

يقول : " معلوم أن النبوة هى أعظم نعمة من نعم الله ، فلو كانت منقطعة لما كانت النعمة تامة ، بل كانت ناقصة" (٣).

__________________

(١) سورة الجمعة : ٢ ، ٣

(٢) مرجع سابق ، ص ٢٠١

(٣) مرجع سابق ، ص ٢٠٣

٢٠٧

والحقيقة إن هذه الآية أكبر دليل على ختم النبوة ، فالله سبحانه وتعالى أكمل برسالة الإسلام الدين ، فلا دين بعده ، ولا نبى بعده ، لاكتمال الرسالة وختمها برسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

الأدلة من السنة على استمرار النبوة فى زعم القاديانيين :

عن ابن عباس ، رضى الله عنه : " لما توفى إبراهيم ابن الرسول قال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لو عاش لكان صديقا نبيّا". [أخرجه ابن ماجة].

يقول القاديانيون : إن هذا الحديث فيه دلالة واضحة على أن الرسول ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ليس خاتم الأنبياء.

والمسألة أن القاديانيين ليسوا بعلماء فى الحديث النبوى ؛ ولذا فهم لا يعرفون المطلق والمقيد والعام والخاص ، فحديث : " لو عاش ـ أى إبراهيم ـ لكان صديقا نبيّا" روى بروايات متعددة وحديث أنس عند ابن منده يحل الإشكال تماما وهو : " ولو بقى أى إبراهيم ابن رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم لكان نبيّا ولكن لم يكن ليبقى ؛ لأن نبيكم آخر الأنبياء" (١).

ثم إن كل الأحاديث التى رويت بهذا المعنى علقت بصيغة شرطية ، ولم يتحقق الشرط وهو عدم وفاة إبراهيم ، فلم يتحقق الجواب ، وهو أن يكون نبيّا" (٢).

__________________

(١) فتح البارى ، ١٠ / ٥٧٩.

(٢) المرجع السابق ، نفس الجزء والصفحة.

٢٠٨

والأمر الآخر إن حديث ابن ماجة لا يصح لأن فى سلسلة رجاله من لا يحتج به وهو إبراهيم بن عثمان الواسطى ، قال البخارى : سكتوا عنه. وقال النسائى : متروك الحديث. وقال ابن معين : ليس بثقة. وضعفه أحمد.

إذن هذا الحديث لا يعتد به ، بالإضافة إلى أن المسألة مشروطة بشرط لو عاش إبراهيم ، ومن الجلى أنه مات فى حياة أبيه ، فهو شرط لم يتحقق.

وقال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : " أبو بكر أفضل هذه الأمة إلا أن يكون نبى" [رواه الطبرانى].

وهذا الحديث ضعيف ؛ لأن من رواته إسماعيل بن أبى زياد ، وهو لا يحتج به ؛ قال عنه ابن حجر : " متروك كذبوه". وقال الذهبى : قال يحيى : كذاب ، وقال أبو حاتم : مجهول.

إن مأساة القاديانيين أنهم أخذوا الأحاديث الضعيفة والموضوعات وأوّلوها حسب هواهم ورغبتهم.

٢٠٩

المبحث الرابع

الرد على القاديانية فى زعمهم عدم انقطاع النبوة

أولا : ختم النبوة فى القرآن الكريم :

لقد أكد القرآن الكريم على هذه الحقيقة وهذا الأصل قال تعالى :

(ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب : ٤٠].

وعلى قراءة : خاتم بكسر التاء فهذا وصف له ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بأنه ختم الأنبياء ، وأنه ليس بعده نبى ، وكذا بفتح التاء ، فإن كلا منهما يستعمل بمعنى الآخر.

ويؤكد هذا المعنى حديث رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فى صحيح البخارى ، فعن أبى هريرة ، رضى الله عنه ، أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية ، فجعل الناس يطوفون به ، ويعجبون له ، ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ، قال : فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين".

وهذا الأمر أجمع عليه أهل الإسلام ، قال الإمام ابن عطية فى تفسير قوله تعالى : (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) هذه الألفاظ عند جماعة علماء الأمة خلفا وسلفا متعلقة على العموم التام ، مقتضية نصّا : أن لا نبى بعده ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم".

٢١٠

إن القرآن الكريم والسنة المطهرة يبينان للخلق جميعا أن الرسول ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هو خاتم الأنبياء والمرسلين ، يقول ابن كثير : " أخبر الله تعالى فى كتابه ورسوله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فى السنة المتواترة عنه أن لا نبى بعده ؛ ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال مضل" (١).

لقد انقطع وحى السماء إلى الأرض بختم نبوة محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يقول تعالى : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) (٢). أى آخرهم ، فخاتم كل شيء أى عاقبته وآخره.

قال ابن حيان فى تفسيره البحر المحيط : " قرأ الجمهور وخاتم النبيين بكسر التاء بمعنى أنه ختمهم أى جاء آخرهم" (٣).

وقال القاسمى فى تفسيره محاسن التأويل : " تمت الرسالات برسالته إلى الناس أجمعين ، وظهر مصداق ذلك بخيبة من ادّعى النبوة بعده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها" (٤).

ويقول ابن الجوزى : " ومن قرأ" خاتم" بكسر التاء فمعناه وختم النبيين ، ومن فتحها فالمعنى آخر النبيين" (٥).

__________________

(١) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ٣ / ٤٩٣

(٢) سورة الأحزاب : ٤٠

(٣) أبو عبد الله محمد بن يوسف بن حيان : البحر المحيط ، ٧ / ٢٣٦

(٤) محمد جمال الدين القاسمى : محاسن التأويل ، ٦ / ٤٨٦

(٥) ابن الجوزى : زاد المسير ، ٦ / ٩٣

٢١١

ويقول العلامة ابن كثير : " فهذه الآية نص فى أنه لا نبى بعده ، وإذا كان لا نبى بعده فلا رسول بعده بالطريق الأولى والأحرى ؛ لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة ، فإن كل رسول نبى ولا ينعكس" (١).

ولأن الله سبحانه وتعالى جعل نبيه محمدا ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، خاتم الأنبياء والرسل أجمعين فقد جعل رسالته عامة للبشر جميعا يقول تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) (٢).

يقول الإمام الطبرى فى تفسيره : " قل يا محمد للناس كلهم إنى رسول الله إليكم جميعا لا إلى بعضكم دون بعض ، كما كان من قبلى من الرسل مرسلا إلى بعض الناس دون بعض" (٣).

وتأكيدا لهذا المعنى فقد امتلأ كتاب الله تعالى بآيات كثيرة تبين للناس أن صاحب الرسالة الخاتمة ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، رسالته عامة للبشر جميعا يقول تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) (٤). وقال تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (٥). وقال تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) (٦).

ولأن الله سبحانه وتعالى جعل الإسلام الدين الخاتم ، ورسوله الرسول

__________________

(١) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ٣ / ٤٩٣

(٢) سورة الأعراف : من ١٥٨

(٣) أبو جعفر الطبرى : التفسير ، ٩ / ٨٦

(٤) سورة سبأ : ٢٨

(٥) سورة الأعراف : من ١٥٨

(٦) سورة الأنبياء : ١٠٧

٢١٢

الخاتم ؛ لذا فقد كمل الدين بالنبوة الخاتمة التى لا نبوة بعدها ، يقول تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (١).

وأخرج الإمام الطبرى عن ابن عباس ، رضى الله عنه ، أنه قال : (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ، وهو الإسلام. قال : أخبر الله نبيه ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان ، فلا يحتاجون إلى زيادة أبدا ، وقد أتمه الله عزوجل فلا ينقصه أبدا ، وقد رضيه الله فلا يسخطه أبدا" (٢).

ولأن رسالة محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، الرسالة الخاتمة ؛ ولأن دينه خاتم الأديان ؛ لذا كانت معجزته عقلية خالدة ، باقية ما بقى الزمان ، فقد كانت الرسالات السابقة على الإسلام معجزاتها حسية لا تتجاوز فترة حياة النبي صاحب المعجزة. أما معجزة محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فهى باقية ؛ لأنها تخاطب العقل فى كل زمان ومكان.

ولقد تحدى القرآن الكريم أن يأتى العرب وغير العرب بمثل سورة منه فعجزوا عن ذلك منذ نزل القرآن الكريم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، يقول تعالى فى عظمة وقوة : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (٣).

__________________

(١) سورة المائدة : ٣

(٢) أبو جعفر الطبرى : التفسير ، ٩ / ٥١٨

(٣) سورة الأسراء : ٨٨

٢١٣

ويقول الشيخ محمد عبده فى رسالة التوحيد : " فهذا القضاء الحاتم منه ـ تعالى ـ بأنهم لن يستطيعوا أن يأتوا بشيء من مثل ما تحداهم به ، ليس قضاء بشريّا ، ومن الصعب بل ومن المتعذر أن يصدر عن عاقل التزام كالذى التزمه ، وشرط كالذى شرطه على نفسه ، لغلبة الظن عند من له شيء من العقل أن الأرض لا تخلو من صاحب قوة مثل قوته ، وإنما ذلك هو الله المتكلم ، والعليم الخبير ، هو الناطق على لسانه ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد أحاط علمه بقصور جميع القوى عن تناول ما استنهضهم له وبلوغ ما حثهم عليه" (١).

والحقيقة كما يقول عفيف طبارة : " إن معجزات الرسل السابقين الدالة على صدق نبوتهم هى وقائع تنقضى ، يراها الذين عاصروا الأنبياء فيؤمنون حق الإيمان بمن جاءت على يدهم ولا يراها الذين يأتون من بعدهم ، بل تصل إليهم أخبارها فيضعف تأثيرها على الأمم التابعة ... والآن بعد أن ترقى العقل وكثرت المعارف ودخلت الشبهات على الأديان ضعف تأثير هذه المعجزات على أتباع الأديان ، أو بالأحرى ضعف الإيمان وسرى الإلحاد ، فكان الدين بحاجة إلى دلائل وبراهين على صحته غير البراهين السالفة" (٢).

لقد كان القرآن الكريم معجزة محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومعجزة الدين الخاتم والرسالة الخاتمة : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب : ٤٠].

__________________

(١) محمد عبده ، رسالة التوحيد ، ص ١٧٠ نقلا عن روح الدين الإسلامى لطبارة ، ص ٢٧

(٢) عفيف طبارة : روح الدين الإسلامى ، ص ٢٩

٢١٤

ثانيا خصائص القرآن دليل على ختم نبوته :

يقول تعالى فى سورة المائدة : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) [المائدة : ٤٨].

هذه الآية الكريمة تبين لنا بوضوح أن القرآن الكريم هو المصدق للكتب السماوية السابقة على الإسلام ، وأنه الشاهد والمهيمن عليها والمبين لما فيها من خطأ أو صواب ، وهذا يؤكد لنا أن القرآن الكريم هو آخر الكتب السماوية ؛ لهذا جعله الله تعالى بيانا لما اختلفوا فيه فى كتبهم ، يقول تعالى : (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ) [النحل : ٦٤].

يقول الإمام محمد بن على الشوكانى فى فتح القدير : " إن القرآن صار شاهدا بصحة الكتب المنزلة ، ومقررا لما فيها مما لم ينسخ ، ناسخا لما خالفه منها ، ورقيبا عليها ، وحافظا لما فيها من أصول الشرائع ، وغالبا لها لكونه المرجع فى المحكم منها والمنسوخ" (١).

يقول تعالى : (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ). [البقرة : ٩٧]. ولقد أنزل الله سبحانه وتعالى على رسوله الكريم لينذر به الخلق جميعا ، قال تعالى : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) [ص : ٨٧].

وقال تعالى : (وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) [القلم : ٥٢].

__________________

(١) الشوكانى : فتح القدير ، ٢ / ٤٨

٢١٥

ولقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ هذا الكتاب من كل تحريف أو زيادة أو نقص : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحجر : ٩].

وهذا عكس الكتب السابقة حيث استحفظ الله الربانيون والأحبار على كتابه واستأمنهم عليه ، لكنهم لم يكونوا أمناء على ما استحفظوا عليه.

قال القرطبى فى تفسير قوله تعالى : (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) أى حفظه الله من أن تزيد فيه الشياطين باطلا أو تنقص منه حقّا ، فتولى سبحانه حفظه فلم يزل محفوظا ، وقال فى غيره : " بما استحفظوا" فوكل حفظه إليهم فبدلوا وغيروا" (١).

ثالثا : خصائص الرسول والرسالة :

إن خصائص الرسول والرسالة تدل على أن رسالته الخاتمة وأنه خاتم الأنبياء ، لقد بعث الله تعالى محمدا ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، برسالته للناس جميعا ، مما يبين لنا أنه النبي الخاتم ، يقول تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) (٢). وقال تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) (٣).

وهذا يقتضي عموم رسالته للناس كافة ؛ ولأن رسالته عامة للناس جميعا فلا نبى بعده ، فهو خاتم الأنبياء ؛ لذا جعله الله ـ تعالى ـ رحمة للعالمين مؤمنهم وكافرهم ، فقد كان المكذبون بالرسل قبل مبعثه يهلكهم الله

__________________

(١) القرطبى : التفسير ، ١٠ / ٥

(٢) سورة الأعراف : ١٥٨

(٣) سورة سبأ : ٢٨

٢١٦

ـ سبحانه وتعالى ـ أشد الهلاك ، لكن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أجّل عذاب من كذّب برسالة محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إلى موته أو إلى قيام الساعة ؛ لأن الله سبحانه وتعالى أرسله رحمة للعالمين ، (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (١). وقال تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) (٢).

ولقد نسخ الله تعالى برسالة محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، جميع الشرائع التى كانت قبل الإسلام وارتضى للناس دينه الخاتم شريعة وعقيدة يقول تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (٣).

وأخذ الله العهد على جميع أنبيائه ورسله أن يؤمنوا بمحمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إذا بعث محمد وهم أحياء ، فعليهم الإيمان به وبنصرته ، قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (٤).

__________________

(١) سورة الأنبياء : ١٠٧

(٢) سورة الأنفال : ٣٣

(٣) سورة المائدة : ٣

(٤) سورة آل عمران : ٨١

٢١٧

وقد ورد تفسير آخر للآية : " أن الله تعالى أخذ ميثاق الأنبياء أن يصدق بعضهم بعضا ، ويأمر بعضهم بالإيمان ببعض ذلك معنى النصرة بالتصديق" (١).

والحقيقة أنه لا تعارض بين التفسيرين ؛ لأن النتيجة واحدة ، فتصديق الأنبياء بعضهم بعضا يؤدى بالضرورة إلى التصديق ونصرة خاتمهم محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يقول تعالى : (بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) [الصافات : ٣٧]. وقرئت وصدّق المرسلون.

رابعا : ختم النبوة فى السنة المطهرة :

بين رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فى سنته المتواترة أنه لا نبى بعده ، ففى حديث طويل قال : " .. وإنه سيكون فى أمتى كذابون كلهم يزعم أنه نبى وأنا خاتم النبيين لا نبى بعدى" [رواه أبو داود والترمذي وأحمد].

وعن ابن عباس ، رضى الله عنه ، فى حديث الشفاعة يوم القيامة ، وهو حديث طويل ، وفيه أن رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ذكر طلب الناس الشفاعة من الأنبياء واحدا تلو الآخر ليشفعوا إلى الله ـ عزوجل ـ فى الحساب بين الناس لطول وقوفهم دون حساب" حتى يصل الناس إلى عيسى ـ عليه‌السلام ـ فيقول لهم : أرأيتم لو كان متاع فى وعاء قد ختم عليه ، أكان يقدر على ما فى الوعاء حتى يفض الخاتم؟ فيقولون : لا.

فيقول : إن محمدا ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، خاتم النبيين" [رواه أحمد].

__________________

(١) القرطبى : التفسير ، ٤ / ١٢٤

٢١٨

والأحاديث فى ختم النبوة صحيحة منها حديث أبى هريرة : " .... وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بى النبوة" [رواه مسلم]. ومنها حديث عبد الله بن عمر حيث قال : " خرج علينا رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يوما كالمودع فقال : " أنا محمد النبي الأمى ـ ثلاثا ـ ولا نبى بعدى. [رواه أحمد].

وقد بين رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أن النبوة انقطعت بنبوته الخاتمة ، وأنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤية الصالحة ، فعن ابن عباس ، رضى الله عنه ، قال : " كشف رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، الستار والناس صفوف خلف أبى بكر ، رضى الله عنه ، فقال : " أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة ، يراها المسلم أو ترى له" [رواه مسلم وأحمد والنسائى].

وعن جابر بن عبد الله ، رضى الله عنه ، أن النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : " أنا قائد المرسلين ولا فخر ، وأنا خاتم النبيين ولا فخر ، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر" [رواه أحمد].

وعن أبى سعيد الخدرى ، رضى الله عنه ، أنه أتى لأبى الوداك : هل يقر الخوارج بالدجال قال أبو الوداك : فقلت : لا. فقال أبو سعيد الخدرى : قال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : " إنى خاتم ألف نبى وأكثر ما بعث نبى يتبع إلا قد حذر أمته الدجال .." [رواه أحمد والحاكم فى مستدركه].

وعن أبى هريرة ، رضى الله عنه ، عن النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه قال : " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبى خلفه نبى ، وأنه لا نبى بعدى ، وسيكون خلفاء فيكثرون" ... [رواه البخارى ومسلم

٢١٩

وأحمد وابن ماجة].

وعن أبى هريرة ، رضى الله عنه ، أن رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : " إن مثلى ومثل الأنبياء من قبلى ، كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية ، فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون له ويقولون : هلا وضعت اللبنة. قال : فأنا اللبنة ، وأن خاتم النبيين" [رواه البخارى ومسلم وأحمد].

وقد حذرنا رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من أدعياء النبوة من بعده ، فعن جابر بن سمرة قال. سمعت رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يقول : " إن بين يدى الساعة كذابين فاحذروهم" [رواه مسلم وأحمد].

وعن أبى سعيد الخدرى ، رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : " لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا رجالا كلهم يكذب على الله عزوجل ورسوله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم" [رواه أحمد].

وعن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ، أن النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : " أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحى الّذي يمحى به الكفر ، وأنا الحاشر الّذي يحشر الناس على عقبى ، وأنا العاقب ـ والعاقب الّذي ليس بعده نبى" [رواه البخارى ومسلم ومالك وأحمد والدارمى والترمذي ، وغيرهم].

وجملة العاقب الّذي ليس بعده نبى" قيل : إنها من كلام النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقيل : إنها من كلام الصحابى الراوى. وقيل : إنها من كلام الزهرى.

٢٢٠