في مذاهب اللّااسلاميّين البابيّة ـ البهائيّة ـ القاديانيّة

عامر النجّار

في مذاهب اللّااسلاميّين البابيّة ـ البهائيّة ـ القاديانيّة

المؤلف:

عامر النجّار


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-115-X
الصفحات: ٢٥٢

١٩٢٢ وضعت لجنة المبادي العامة للدستور هذا النص بناء على اقتراح من فضيلة الشيخ بخيت : " أريد أن أعرض بعض قواعد تضاف إلى أحكام الدستور فأطلب أن ينص على أن الدين الرسمى للدولة المصرية هو الإسلام" فاقترح دولة حسين رشدى أخذ الآراء على هذا الاقتراح فوافق عليه بالإجماع دون أى اعتراض أو تعليق ثم كررت تلاوته وتكررت الموافقة الإجماعية فى أربع جلسات متتالية. وهذا النص من الإطلاق والشمول والعموم بحيث لا يسمح بأى مدخل لريبة المستريب أو لظن من المتظننين الصرف. ولا مقنع فيما ساقه المدعى تعليقا على هذه المادة من أنه لا يقصد منها التدخل فى ديانات ومعتقدات الأفراد الشخصية بعد ما سلف إيراده. ولا ما يقوله المدعى من أن ما قصد إليه واضع الدستور وعناه هو الرسميات التى تتعلق بالدولة كشخص معنوى إذ أن ذلك أقرب إلى الهزل منه إلى الجد الّذي يعنى به فى مقام الرد.

ومن حيث أنه متى تقرر ذلك كانت أحكام الردة فى شأن البهائيين واجبة التطبيق جملة وتفصيلا بأصولها وفروعها (أى أن الحكم يعتبر دمهم مهدرا!!) ولا يغير من هذا النظر كون قانون العقوبات الحالى لا ينص على إعدام المرتد (!!) وليتحمل المرتد (البهائى) على الأقل بطلان زواجه إطلاقا ما دامت للبلاد جهات قضائية لها ولاية القضاء بهذا البطلان بصفة أصلية أو بصفة تبعية. كما لا يغير من هذا النظر أيضا نص المادة ١٣ من الدستور وهو : " تحمى الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقا للعادات المرعية فى الديار المصرية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافى الآداب". وواضح أن هذا النص وضع بدلا من الفقرة الثانية للمادة

١٦١

السابقة فى المشروع الأصلي وفى مشروع كرزون ، وهو" ولجميع سكان مصر الحق فى أن يقوموا بحرية تامة علانية أو غير علانية بشعائر أى ملة أو دين أو عقيدة أو مذهب" وذلك بعد المناقشات التى أشرنا إليها. كل ذلك واضح الدلالة على الأخذ بفكرة المعارضة من رجال الأديان فحذفت شعائر الملة وأصبح مقصورا على شعائر الأديان المعترف بها إذ ذاك وعلى شعائر العقائد على أنها فروع وفرق لتلك الأديان المعترف بها من قبل وقيد كل ذلك بالعادات المرعية فى الديار المصرية وبشرط عدم الإخلال بالنظام والآداب.

وحيث أنه متى تقرر أن الدستور لا يحمى المذاهب المبتدعة التى تحاول أن ترقى بنفسها إلى مصاف الأديان السماوية والتى لا تعدو أن تكون زندقة وإلحادا ، فالمحكمة تهيب بالحكومة أن تأخذ للأمر أهبته بما يستأهله من حزم وعزم لتقضى على الفتنة فى مهدها ؛ أن تلك المذاهب المخربة مهما تسللت فى رفق وهوادة وفى غفلة من الجميع متخذة من التشدق بالحرية والسلام ومن تمجيدها لبعض الأديان سترا لما تخفيه من زيغ وضلال فإنها لا تلبث أن يعرف أمرها وينكشف سترها وقد تكون استمالت إليها الكثيرين من الجهلة والسذج وهنالك قد تثور نفوس المؤمنين حفاظا لدينهم واستجابة للفطرة السليمة التى فطر الله الناس عليها وتكون هى الفتنة بعينها التى قصد الدستور وقاية النظام العام من شرورها.

ومن حيث أن المدعى اختتم دفاعه فى مذكرته الأخيرة بطرح مسألة أخيرة لبحث الدعوى منها تلك ما سماه ارتباطات مصر الدولية وحجته فى ذلك أن مصر قد وقّعت ميثاق الأمم المتحدة فهى مرتبطة بأنظمتها وقد أقرت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة عام ١٩٤٨ حقوق الإنسان وجاء

١٦٢

بالمادة ١٨ منه : " ولكل إنسان الحق فى حرية الفكر والضمير والدين وهذا الحق يوليه الحرية فى تغير دينه أو معتقده ويوليه كذلك الحرية فى الإعراب عنهما بالتكلم والممارسة والعبادة وإقامة الشعائر الدينية".

وخلص من ذلك إلى القول بإلزام مصر باتباع ذلك كله ، وقدم المدعى نسخة مما أقرته الجمعية العمومية للهيئة فى هذا الشأن يبين منها أنها إعلان للعالم ودعوة إلى جميع الدول سواء المشتركة فى الهيئة وغير المشتركة وقد أذيع هذا الإعلان بموافقة الجمعية العمومية بغية العمل على بثه وعرضه وقراءته وشرحه وعلى الأخص بالمدارس حتى يمكن التسليم بصلاحيتها والعمل تدريجيّا على الإيمان بها فلم تدع الهيئة التى أصدرته أنه ملزم للدول الأعضاء وما كانت لتستطيع أن تدعى ذلك وليس له بمصر أية قوة ملزمة ما لم يصدر بأحكامه ومباديه قانون من السلطة التشريعية المحلية على أن بعض مبادي هذا الإعلان غير مطبقة فى الولايات المتحدة وبها المقر الدائم لتلك الهيئة العالمية. مثال ذلك أن المادة الثانية من الإعلان تنص على أن لكل إنسان جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه دون أى تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين ، والتمييز بسبب اللون فى أمريكا أمر معروف بلغ التشدد فيه حدّا أهدرت من أجله حقوق الملونين أو المساواة الحقة وخير ما كرم به بنى الإنسان من نصفة وحرية فقد أتى به الإسلام منذ نيف وثلاثة عشر قرنا من غير ما نظر إلى جنس أو عصبية ، (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) [الحجرات : ١٣]. (صدق الله العظيم)

١٦٣

" لا فضل لعربى على عجمى إلا بالتقوى"" استمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشى رأسه كالزبيبة" (صدق رسول الله).

ومن حيث أنه لكل ما سلف تكون دعوى المدعى بجميع أسسها ومن جميع نواحيها ساقطة منهارة لا سند لها من قانون أو واقع حقيقة بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى وإلزام المدعى بمصر وفاتها وبمبلغ ٣٠٠ قرشا ثلاثمائة قرشا أتعاب محاماة.

صدر هذا الحكم وتلى علنا بجلسة يوم الاثنين ٢٦ من مايو سنة ١٩٥٢ الموافق ٢ من رمضان ١٣٧١.

رئيس المحكمة

١٦٤

أهم المراجع

ملحوظة : المراجع التى لها تاريخ طبع ذكرته ، والتى لم يذكر لها تاريخ الطبع تركته.

ـ أضواء وحقائق على البابية ، البهائية ، القاديانية ، الدكتورة آمنة نصير ، دار الشروق ، مصر ، ١٤٠٤ ه‍ ١٩٨٤ م.

ـ الأقدس ، البهاء ، طبعة بومباى ، الهند.

ـ الإيقان ، البهاء ، عرّبه عن الفارسية : محمد حسين بيجارة ، المطبعة العربية بمصر.

ـ البابية : عرض ونقد ، إحسان إلهى ظهير ، طبعة إدارة ترجمان السنة ، باكستان ، ١٤٠١ ه‍ ١٩٨١ م.

ـ البابيون والبهائيون ، ماضيهم وحاضرهم ، عبد الرزاق الحسنى ، طبعة العرفان ، لبنان ، ١٩٥٧ م.

ـ البابية والبهائية ، تاريخ ووثائق ، الدكتور عبد المنعم النمر ، طبعة مكتبة التراث الإسلامى ، القاهرة ، ١٩٨٩ م.

ـ بهاء الله والعصر الجديد ، أسلمنت البهائى ، النص العربى ، طبعة لجنة النشر والترجمة البهائية بمصر.

ـ البهائية : السيد محب الدين الخطيب ، الطبعة السلفية بمصر ، ١٣٩٧ ه‍.

ـ البهائية ، تاريخها وعقائدها ، عبد الرحمن الوكيل ، طبعة دار المدنى ، جدة ١٤٠٧ ه‍ ١٩٨٦ م.

ـ البهائية نقد وتحليل ، إحسان إلهى ظهير ، طبعة لاهور ، باكستان ،

١٦٥

١٤٠١ ه‍.

ـ البيان : محمد على الشيرازى (الباب) النص العربى ، ط بغداد.

ـ تاريخ الأستاذ محمد عبده ، محمد رشيد رضا ، طبعة مطبعة المنار بالقاهرة ١٣٥٠ ه‍ ١٩٣١ م.

ـ تاريخ الشعوب الإسلامية : كارل بروكلمان ، طبعة لبنان ، ١٩٧٨ م.

ـ تجديد الفكر الدينى : محمد إقبال ، ترجمة : عباس محمود ، طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة ، ١٩٦٣ م.

ـ التراث اليونانى فى الحضارة الإسلامية : د / عبد الرحمن بدوى ، نشر وكالة المطبوعات بالكويت ، دار القلم لبنان ، ١٩٨٠ م.

ـ التعريفات : السيد الشريف على الجرجانى ، طبعة مصطفى البابى الحلبى ، مصر ١٣٥٧ ه‍ ١٩٣٨ م.

ـ تنوير الألباب لإبطال دعوة البهاء والباب : جلال الدين شمس أحمدى ، طبعة المطبعة الهندية بمصر ، ١٩٣٥ م.

ـ حاضر العالم الإسلامى : شكيب أرسلان ، ط دار الفكر العربى ، مصر ١٩٢٥ م.

ـ الحراب فى صدر البهاء والباب : محمد فاضل ، طبع دار المدنى ، جدة ، ١٤٠٧ ه‍ ١٩٨٦ م.

ـ حقيقة البابية والبهائية : دكتور محسن عبد الحميد ، دار الصحوة ، القاهرة ، ١٤٠٥ ه‍ ١٩٨٥ م.

ـ الحجج البهية : أبى الفضائل الجلبائيانى ، مطبعة السعادة بمصر ، ١٣٤٣ ه‍ ١٩٢٥ م.

١٦٦

ـ الدرر البهية فى جواب الأسئلة الهندية : أبو الفضل محمد الجرفادقانى ، مطبعة الموسوعات بمصر ، ١٣١٨ ه‍ ١٩٠٠ م.

ـ رسائل الإصلاح : الإمام الشيخ محمد الخضر حسين ، مكتبة القدس ، مصر ١٣٥٨ ه‍.

ـ رسالة التوحيد : الشيخ محمد عبده ، طبعة دار المنار بمصر.

ـ سورة الأمين : البهاء ، طبع باكستان.

ـ العقائد : عنائت عمر ، طبعة مصر ، ١٩٢٨ م.

ـ العقيدة والشريعة فى الإسلام : جولد تسهير ، ترجمة : دكتور محمد يوسف موسى مع آخرين ، نشر دار الكتاب المصرى ، القاهرة ، ١٩٤٦ م.

ـ الفرائد : أبو الفضل الجلبائيجانى ، طبعة باكستان.

ـ قراءة فى وثائق البهائية : الدكتورة عائشة عبد الرحمن ، نشر مؤسسة الأهرام ، القاهرة ، ١٤٠٦ ه‍ ١٩٨٦ م.

ـ الكشف عن المدنية الإلهية : شوقى أفندى ربانى (حفيد البهاء) ، طبع لجنة الترجمة والطبع للمحفل الروحانى المركزى للبهائيين بمصر والسودان طبعة رمسيس بالإسكندرية ، ١٩٤٧ م.

ـ الكواكب الدرية فى تاريخ ظهور البابية والبهائية : ميرزا عبد الحسين أواره ، طبع بالقاهرة ، ١٣٤٣ ه‍ ١٩٢٤ م.

ـ مختصر التحفة الاثنى عشرية : تأليف شاه عبد العزيز الدهلوى ، المطبعة السلفية ومكتبتها بمصر ١٣٧٣ م.

١٦٧

ـ مكاتيب عبد البهاء العباسى (ابن البهاء) الترجمة العربية ، ترجمها وأشرف على طبعها فرج الله زكى الكردى ، طبعة مصر المحروسة ١٣٤٩ ه‍ ١٩٢١ م.

ـ مفتاح باب الأبواب : محمد مهدى خان ، طبعة المنار القاهرة ، ١٣٢١ ه‍ ١٩٠٣ م.

ـ المواقف فى علم الكلام : عضد الدين الإيجى ، مكتبة المتنبى ، القاهرة ، نقطة الكاف ، الميرزا جانى الكائانى ، المقدمة لبراون ، طبعة ليدن.

١٦٨

القسم الثالث

القاديانية

١٦٩
١٧٠

مقدمة

تناولت فى هذه الدراسة فكر ومبادي القاديانية تلك الفرقة التى مرقت عن الإسلام بادعاء صاحب الفرقة النبوة ، وقد ختم الله تعالى الرسالات بنبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يقول تعالى : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب : ٤٠].

وفى هذه الدراسة ألقيت ضوءا حول صلة القاديانية بالاستعمار الإنجليزى ، وبينت مراحل القاديانى الفكرية من بداية ادعائه الإلهام والكشف ، ثم مرحلة ادعائه أنه المهدى المنتظر ، والمسيح الموعود ، ثم ادعائه الوحى والنبوة. وفى مبحث آخر قمت بالرد على أفكار ومبادي القاديانية ، ثم خصصت مبحثا للحديث عن أسس مبادي القاديانية وهى : الحلول والتناسخ ، والتأويل الفاسد ، وإلغاء فريضة الجهاد فى الإسلام خدمة للمستعمر الإنجليزى. وفى الختام بينت نشاط وأخطار أتباع القاديانى بعد هلاكه ، كما أوضحت حكم الإسلام فى القاديانيين.

وكل ما أرجوه من الله تعالى أن يجعل هذا العمل قربة من القرب إليه ، وأن يكون من العلم الّذي ينتفع به ، والعمل الباقى بعد أن تنقطع الأعمار بالموت ، فعن أبى هريرة ، رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : علم ينتفع به ، أو صدقة جارية ، أو ولد صالح يدعو له" [أخرجه مسلم].

اللهم اجعل هذا العمل خالصا لوجهك الكريم .. اللهم آمين.

أ. د / عامر النجار

١٧١

المبحث الأول

القاديانى

وحياته الاجتماعية وحياته الصحية والنفسية

والخلقية

أولا : من هو القاديانى :

يقول غلام أحمد عن نفسه : " إنى أنا المسمى بغلام أحمد بن مرزا غلام مرتضى بن مرزا عطا محمد ، بن مرزا كل محمد بن مرزا فيض محمد بن مرزا محمد قائم بن مرزا محمد أسلم بن مرزا دلاور بك بن مرزا الله دين بن مرزا جعفر بك بن مرزا محمد بك بن مرزا محمد عبد الباقى بن مرزا محمد سلطان بن مرزا هادى بك" (١).

وقد زعم أنه من سلالة أسرة مغولية الأصل ، ثم زعم بعد ذلك أنه من نسل فارسى ، يقول مرزا غلام أحمد فى" كتاب البرية" : " قرأت فى بعض الكتب وبها ذكر آبائى أنهم كانوا من سمرقند ، وكانوا من بيت السلطنة والإمارة ، ثم اضطروا إلى الهجرة من جراء التنافرات القومية ، ودخل أرض البنجاب مرزا عبد الهادى بك كرئيس مكرم مع مائتى نفر من الأقرباء ، والأحباب ، والأعوان ، وانضموا فى سلك الملك الكريم بابركان" (٢).

__________________

(١) مرزا غلام أحمد ، استفتاء ، ص ٧٥.

(٢) مرزا غلام أحمد ، كتاب البرية ، ص ١٣٤.

١٧٢

ولم يكتف غلام أحمد بزعمه نسبا مغوليّا ، بل ادعى بعد ذلك نسبا فارسيّا ، بل ربط هذا الزعم بنسب إلى بنت رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاطمة الزهراء ، حيث يقول : " كتبت مرارا عن عائلتى أنها من أسرة حاكمة أتت الهند من سمرقند ، وكانت الأسرة خليطا مركبا من بنى فارس وبنى فاطمة أو بعبارة أخرى من الأسرة المغولية والأسرة الشريفة من بنى فاطمة بنت سيد الرسل" (١).

لقد زعم أنه من نسل فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقال فى جرأة شديدة : " أخبرنى ربى بأن بعض أمهاتى كن من بنى فاطمة ، ومن أهل بيت النبوة ، والله جمع فيهم نسل إسحاق وإسماعيل من كمال الحكمة والمصلحة" (٢).

ثانيا : نشأته وحياته الاجتماعية :

ولد غلام أحمد عام ١٨٣٩ م ، وقيل : ١٨٤٠ م ، فى آخر عهد السكة فى إقليم بنجاب ، ودرس غلام أحمد على بعض المعلمين فى منزل أبيه ، فتعلم الفارسية والعربية ، والمنطق ، والفلسفة ، كما درس على أبيه بعض كتب الطب القديمة ، كما اهتم بدراسة بعض كتب التفسير ، والحديث.

وكانت نشأته فى أسرة فقيرة ، وفى عام ١٨٦٤ م عمل بإحدى الوظائف الحكومية البسيطة فى محكمة حاكم مديرية مدينة سيالكوت بمرتب

__________________

(١) المرجع السابق ، ص ١٣٤

(٢) مرزا غلام أحمد ، استفتاء ، ص ٧٥

١٧٣

قدره خمس عشر روبية ، واستمر فى عمله هذا مدة أربع سنوات ، ثم استقال من عمله ، وشارك والده فى عمله بالقضايا والمحاكمات.

زواجه :

كان زواجه الأول حوالى عام ١٨٥٣ م لامرأة من عائلته ، واستمر الزواج طويلا قرابة أربعين عاما ، لكنه فى عام ١٨٩١ م ، طلق زوجته هذه ، وتزوج بامرأة ثانية سماها القاديانيون أم المؤمنين.

ورزق من زوجته الأولى ولدين أولهما : المرزا سلطان أحمد ، والثانى : المرزا فضل أحمد.

أما زوجته الثانية فقد أتت له بسائر أولاده الباقين ، وكان أبرزهم خليفته المرزا بشير الدين محمود ، والمرزا بشير أحمد ، والمرزا شريف أحمد.

وفاته :

هلك غلام أحمد صباح السادس والعشرين من مايو عام ١٩٠٨ م ، بعد اصابته بالهيضة الوبائية ، وكان بمدينة لاهور ، ثم نقلت جثته إلى مقبرته بقاديان ، وهى المقبرة التى يسميها القاديانيون بمقبرة الجنة" بهثتى مقبرة".

ثالثا : حياته الصحية والنفسية والخلقية :

كان مصابا بالهستيريا والصداع ، يقول الأستاذ جلرزار أحمد مظاهرى فى كتاب القاديانية ، تاريخها وغاياتها : " ذكر ابن غلام أحمد وهو بشير أحمد فى صفحة ١٣ من الجزء الأول من كتابه (سيرة المهدى) قوله :

١٧٤

لقد ذكرت لى الوالدة بأن حضرة المسيح الموعود [أى والده غلام أحمد] أصيب بالصداع والهيستريا بعد بضعة أيام من وفاة ابنه بشير الأول ، ولكن العارض كان خفيفا.

وكان مصابا بالسرسام ، وجاء فى الصفحة ١٠ من مجلة قاديان الإنجليزية ، عدد أغسطس ١٩٤٦ م" إن السرسام لم يكن مرضا وراثيّا يعانيه حضرة المرزا ، بل كان ناتجا عن أسباب خارجية مثل تعب الفكر والتفكير والهم وسوء الهضم ، مما نتج عنه ضعف عقلى تمثل فى السرسام وغيره من علامات الضعف مثل الدوخة" (١).

ومما يدل على اختلال عقله ما حوته مؤلفاته من كلمات عجيبة وآراء غريبة ، يذكر بعضها الأستاذ جلرزار مظاهرى ، منها قوله :

ـ " أنا أبو الله (حقيقة الوحى صفحة ٨٦).

ـ " وقال فى كتابه (أربعين) المجلد ٤ ، صفحة ١٩ : " لقد ألهمت بشأن إلهى بخشى [كان عالما كبيرا قاوم افتراءات غلام أحمد] ما يلى : " إن إلهى بخش يريد أن يرى حيضك ، أو أن يعثر على قذارة ونجاسة فيك ، ولكن الله سيريك نعمه ، وستتوالى عليك هذه النعم ، ولن يكون لك حيض بل ولد سيكون بمنزلة أولاد الله".

ـ قال فى كتابه تتمة حقيقة الوحى صفحة ١٤٣ ، ما يلى : " إن الله نفخ روح عيسى كما فعل بمريم ، وعلى سبيل الاستعارة حملت ، ثم إنى بعد شهور لا تزيد على عشرة ألهمنى الله أنه قلبنى من مريم إلى عيسى".

ـ وقال فى الجزء الثانى من كتابه أربعين صفحة ٣٦ : " قال الله : أنا أيضا

__________________

(١) جلرزار أحمد مظاهرى ، القاديانية : تاريخها وغاياتها ، ص ١٩

١٧٥

سوف أصوم وسوف أفطر".

وقال فى صفحة ٣١ من كتابه (تذكرة) وفيه مجموعة الإيحاءات والإلهامات والمكاشفات ، خاطبنى الله قائلا : " إن (بلاش) هو اسم الله. وأضاف غلام أحمد قائلا : " إن هذا لفظ إلهامى جديد ، وإنى حتى الآن لم أره لا فى القرآن ولا فى الحديث ، ولم أجده فى أى معجم".

ـ وقد جاء فى بيان رقم ٣٤ بعنوان" إسلامى قربانى" تأليف قاضى يار محمد قاديانى نقلا عن غلام أحمد قوله : " أنا أنثى وأحيض" (١).

إن أى عاقل يستطيع أن يكتشف بسهولة حين قراءة هذه الآراء العجيبة أن قائلها غير سليم العقل على الإطلاق ، وأنه صاحب فكر مشوش مضطرب ، ومن الغريب أن هناك آلاف مؤلفة آمنت بمعتقدات هذا الرجل ، وصدقت أنه المسيح الموعود ، وأنه نبى يوحى إليه.

سلاطة لسانه وسوء أدبه مع مخالفية :

عرف عن غلام أحمد بذاءة لسانه وسوء أدبه مع مخالفيه ، ويذكر مظاهرى نماذج من ألفاظه وكلماته السيئة مع مخالفيه منها قوله :

ـ " إن الّذي لا يؤمن بنصرنا فلسوف يعلم أنه كان يرغب فى أن يكون ابن حرام لا ابن حلال" [أنوار الإسلام : ص ٣٠].

ـ " إنهم كذابون ويأكلون الجيف كالكلاب" [ضميمة أنجام أشهم ، صفحة ٢٥].

ـ " لقد أصبح أعداؤنا خنازير الفلوات ، ونساؤهم أذل من الكلاب". [نجم الهدى ، صفحة ١٠].

__________________

(١) مرجع سابق : ص ٢١ ، ٢٢.

١٧٦

ـ " إن كل المسلمين ينظرون إلى هذه الكتب (كتب غلام أحمد) بكل شوق ويفيدون من معارفها ، ولكن أولاد العواهر لا يؤمنون" [أئينة كمالات إسلام ، ص ٥٤٧] (١).

هذا هو حال لسان نبى القاديانية ، والأمر لا يحتاج إلى أدنى تعليق ، فالوعاء ينضح بما فيه من كلمات أولاد الحرام ، وأولاد العواهر ، فأى نبى هذا الّذي يخرج من فيه هذه العبارات؟!!.

غروره واعتقاده أنه أفضل من الأنبياء :

يعتقد القاديانية أن غلام أحمد نبيهم المزعوم أفضل من سائر الأنبياء ، وينقل لنا العلامة إحسان إلهى نظير عن ابنه محمود أحمد قوله فى مجلة" الفضل القاديانية" ، فى ١٨ يوليو ١٩٣١ : " قال أبى إنه أفضل من آدم ونوح وعيسى ؛ لأن آدم أخرجه الشيطان من الجنة ، وإنه يدخل بنى آدم فى الجنة ، وعيسى صلبه اليهود ، وهو يكسر الصليب ، وهو أفضل من نوح ؛ لأن ابنه الكبير حرم من الهداية ، وأما ابنه فدخل فى الهداية" (٢).

ونرى أن الطين يزداد بلة حين يتطاول غلام أحمد على سيد الأنبياء والمرسلين محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيزعم أن معجزاته أكثر من معجزات رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيفترى الغلام أحمد على الله كذبا حين يقول : " إن النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، له ثلاثة آلاف معجزة ، ولكن معجزاتى زادت على مليون معجزة" (٣).

__________________

(١) مظاهرى ، القاديانية ، ص ٢٨.

(٢) نقلا عن إحسان إلهى نظير ، القاديانية ، ص ٦٦

(٣) مرجع سابق ، ص ٦٩

١٧٧

المبحث الثانى

صلة القاديانية بالاستعمار الإنجليزى

تمهيد :

كان المسلمون فى الهند أشد الناس مقاومة للإنجليز ، فقاموا بثورات كثيرة ضد المحتل ، وكانوا يعتبرون أن جهاد المستعمر من أعظم القربات إلى الله تعالى ؛ ولذا كانوا حجر عثرة فى وجه المستعمر الإنجليزى.

وعرف الإنجليز أن عقيدة الجهاد من أعظم العقائد عند المسلمين ؛ فظلوا يبحثون عن كاتب مسلم يستطيع أن يقف مع الإنجليز ويعلن إلغاء فريضة الجهاد ، بل يمكنه أن يقول بتحريم جهاد المستعمر الإنجليزى ، ولقد وجدوا بعد بحثهم الدءوب ضالتهم فى ميرزا غلام أحمد الّذي نشأ فى أسرة معروفة بخدمة المستعمر الإنجليزى ، فساعدوه على بث أفكاره المنحرفة مثل ادعاء أنه المهدى ، ثم ادعاء النبوة فى مقابل دعوته إلغاء فريضة الجهاد فى الإسلام ؛ ولذا فإن الصلة قوية بين الاستعمار الإنجليزى وبين ظهور القاديانية والعمل على انتشارها فى شبه القارة الهندية.

أولا : أسرته فى خدمة الاستعمار الإنجليزى :

كان والده المرزا غلام مرتضى مؤيدا ومساندا للمستعمر الإنجليزى لبلاده لدرجة أنه" قدم فرقة مؤلفة من خمسين فارسا لمساعدة الحكومة الإنجليزية فى ثورة عام ١٨٥٧ م ، وتلقى على ذلك رسائل شكر وتقدير من رجال الحكومة وكان بجوار الإنجليز على جبهة من جبهات حرب الثورة" (١).

__________________

(١) مرزا غلام أحمد ، كتاب البرية ، ص ٣ ـ ٤

١٧٨

يقول آغا شورش كشميرى فى كتابه" خونة الإسلام" : " إن أسرة المرزا غلام أحمد القاديانى هى أكثر أسر مدينة القاديان وفاء للإنجليز ، كما أن المرزا غلام أحمد نفسه أقرّ بولائه الصادق للإنجليز فى عدد لا يحصى من كتبه ورسائله ، بل أبدى اعتزازه بهذا الولاء" (١).

لقد كانت أسرة غلام أحمد معروفة بشدة ولائها للمستعمر الإنجليزى ؛ لدرجة أنه يؤكد على هذه الحقيقة دون أدنى خجل فيقول : " لم نقصّر فى إراقة دمائنا والتضحية بأنفسنا فى سبيل الحكم الإنجليزى" (٢).

ويقول فى كتاب البرية : " لقد أقرت الحكومة بأن أسرتى فى مقدمة الأسر التى عرفت فى الهند بالنصح والإخلاص للحكومة الإنجليزية ، ودلت الوثائق التاريخية على أن والدى وأسرتى كانوا من كبار المخلصين لهذه الحكومة من أول عهدها" (٣).

ويعتز غلام أحمد بخدمته وتعاونه مع الإنجليز فيقول : " لقد ظللت منذ حداثتى وقد ناهزت اليوم الستين أجاهد بلسانى وقلمى ؛ لأصرف قلوب المسلمين إلى الإخلاص للحكومة الإنجليزية والنصح لها والعطف عليها" (٤).

ويفتخر القاديانيون بأنهم قدموا للاستعمار الإنجليزى أفضل الجواسيس الذين بذلوا دماءهم وأرواحهم رخيصة فى سبيل خدمة الاستعمار الإنجليزى ، ويؤكدون هذه الحقيقة التاريخية فى مجلتهم" الفضل" ويذكرون ذلك بتبجح تام كأنهم ليسوا عملاء ولا خونة ، بل صناديد أبطالا وشهداء

__________________

(١) آغا شورش كشميرى ، خونة الإسلام ، ص ٣

(٢) مرزا غلام أحمد ، تبليغ الرسالة ، ج ٧ ، ص ٢٤.

(٣) مرزا غلام أحمد ، كتاب البرية ، ص ٣

(٤) مرزا غلام أحمد ، شهادة القرآن بتبليغ الرسالة ، المجلد السابع ، ص ١٠

١٧٩

عظاما ، فقد جاء فى مجلة القاديانيين" الفضل" ما نصه : " ولقد أمدت الحركة [القاديانية] وهذه الفئة الحكومة الإنجليزية بخير جواسيس لمصالحها ، وأصدقاء أوفياء ومتطوعين متحمسين كانوا موضع ثقة الحكومة الإنجليزية ، ومن خيار رجالها ، خدموا الحكومة الإنجليزية فى الهند وخارج الهند ، وبذلوا نفوسهم ودماءهم فى سبيلها بسخاء" (١).

ويشرح المرزا غلام أحمد عقيدته بوضوح تام فيقول : " إن عقيدتى التى أذكرها أن للإسلام جزءين ، الجزء الأول إطاعة الله ، والجزء الثانى إطاعة الحكومة التى بسطت الأمن وآوتنا فى ظلها من الظالمين ، وهى الحكومة البريطانية" (٢).

ويعلن المرزا خدمته للمستعمر الإنجليزى بلا مواربة ، بل يقول أنه أحد خدام الإنجليز كما كان والده كذلك فيقول : " ولا يخفى على هذه الدولة المباركة أنّا من خدامها ونصّاحها ودواعى خيرها من قديم ، وجئناها فى كل وقت بقلب حميم ، وكان لأبى عندها زلفى وخطاب التحسين ، ولنا لدى هذه الدولة أيدى الخدمة ، ولا تظن أن ننساها" (٣).

ويوصى المرزا غلام الحكومة الإنجليزية بأن تعامل أسرته معاملة خاصة ؛ لأن هذه الأسرة من غرس الإنجليز ، وصنيعة من صنائعهم على حد قوله ؛ لذا فهى تستحق فى رأيه كل رعاية وعطف واهتمام من الحكومة ، يقول بالحرف الواحد : " والمأمول من الحكومة أن تعامل هذه الاسرة التى هى من غرس الإنجليز أنفسهم ومن صنائعهم بكل حزم واحتياط وتحقيق

__________________

(١) مجلة الفضل ، مارس ، ١٩٣٥ م.

(٢) مرزا غلام أحمد ، شهادة القرآن بتبليغ الرسالة ، المجلد السابع ، ص ١٠.

(٣) مرزا غلام أحمد ، نور الحق ، ص ١٧

١٨٠