مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي ( 169 ـ 246 هـ ) - ج ١

القاسم بن ابراهيم بن اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام

مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي ( 169 ـ 246 هـ ) - ج ١

المؤلف:

القاسم بن ابراهيم بن اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام


المحقق: عبدالكريم أحمد جدبان
الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار الحكمة اليمانية للتجارة والتوكيلات العامة
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٩٧
الجزء ١ الجزء ٢

ربه سبحانه بعاد (١) ، ولم ير ذلك بعيان جهرة. وقال : قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) [الفرقان : ٤٥]. وقال إبراهيم الخليل صلى الله عليه : قال تعالى : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) [البقرة : ٢٦٠]. وقد رأى كيف أحياه الله من نطفة ، ولكنه أراد أن يريه الله كيف يحيي الموتى من وجه من الوجوه ، الذي عاين من إحياء الله سبحانه الأجسام الميتة من النطف وغير النطف.

وكذلك سأل موسى صلى الله عليه ربه فقال : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) [الأعراف : ١٤٣]. ومعناه ومعنى الخليل صلى الله عليهما في نفس النظر سواء ، لأنهما أرادا أن يعاينا بأبصارهما من معالم الله وآياته ما لم يزل الله يملك من العالم والآيات ، إلا أن موسى صلى الله عليه عاص فيما سأل من قبل أنه (٢) سأل الله آية ليست من آيات الدنيا ، ولم يكن له أن يسأل تلك الآية. وسأل إبراهيم ربه آية من آيات الدنيا ، فلذلك لم يكن في سؤال الله عاصيا ، وإبراهيم وموسى في سؤالهما وقولهما لم (٣) يسألا ربهما أن يرياه جهرة لمعنى ما يرى البشر البشر ، لأن ذلك شرك ، ولم يكن إبراهيم وموسى صلى الله عليهما بمشركين ، والله لا تدركه الأبصار ، وقد علما (٤) ذلك ، وكان موسى أعلم بالله من أن يسأل ربه أن يعاينه جهرة ، بل أراد : أن ينظر إليه بآية يحدثها له فيراه ، ليست من آيات الدنيا ، ثم يكون له آية مرتجحة لا يحتملها الناس لو شاهدوها في الدنيا ، إلا أن يزاد في قوى حواسهم.

فقيل لموسى : إن بنيتك لا تحتمل ما سألت ، واعرف ذلك بهذا الجبل فإنه أعظم منك خلقا ، وأشد منك قوة ، وأشمخ منك طولا وعرضا ، انظر إليه كيف يعجز عن إدراك ما سألت مثله (٥) ، ولم يكن الجبل بذي عقل ، والله تبارك وتعالى لا يتجلى إلا

__________________

(١) سقط من (أ) و (ج) : فرأى كيف فعل ربه سبحانه بعاد.

(٢) في (ب) : أن يسأل.

(٣) سقط من (ب) : لم.

(٤) في (ب) و (د) : علمنا. مصحفة.

(٥) أخرج عبد بن حميد عن مجاهد ، قال : لن تراني ولكن انظر إلى الجبل ، فإنه أكبر منه وأشد خلقا ، قال : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) فنظر إلى الجبل لا يتمالك ، وأقبل الجبل يندك على أوله ، فلما رأى موسى ما ـ

٤٨١

بالتجلي الذي به يدرك ، ولن يدرك من ربنا إلا جلالته وآياته وتدبيره وصرفه ، فبذلك يتجلى الله ، وذلك بأنه (١) سبحانه ليس بشخص. أحدث في الجبل عقلا يدرك به ما يتجلى له ، فإن (٢) الله تبارك وتعالى أحدث آية فتجلى الله للجبل وجعلها آية سماوية ولم تكن أرضية. وقال بعض العلماء (٣) أبرز بعض العرش للجبل ، رواه يوسف بن الأسباط (٤) ، عن الثوري ، وذلك قوله : قال تعالى : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) [الأعراف : ١٤٣]. فعرف الجبل ربه بتجلي الرب له بما أظهر له ، فعظّم الجبل الله فبلغ من تعظيم الجبل لله أن تقطع وساخ وذهب. (٥) وإن الله جعل ذلك موعظة للقلوب القاسية لتلين ، والقلوب الناكرة لتسترشد ، ولئن (٦) ترجع القلوب إلى ربها بشدة الفكر والتعظيم لله العظيم(٧).

فقال لموسى : قال تعالى : (لَنْ تَرانِي) [الأعراف : ١٤٣] من وجه ما سألت ، لأن التجلي إنما يكون من وجه يدرك من المتجلّي. فتجلّى (٨) الأشخاص للأبصار ، ولا تجلى لغير الأدوات من الأسماع والآذان والملامس ، وقد تجلّى الأصوات للأسماع ، وإنما يتجلى المتجلّي من وجه ما يدرك به ، فقد يقول السامع للكلام ، قد تجلّى لي هذا الكلام ، ولا

__________________

ـ يصنع الجبل خر موسى صعقا. الدر المنثور ٣ : ٥٤٤.

(١) في (أ) و (ج) : بأن الله.

(٢) في (ب) : وإن.

(٣) في (أ) و (ج) : الحكماء.

(٤) في جميع المخطوطات : يوسف بن الأسيابا. وهو تصحيف. والصحيح ما أثبته. قال ابن حجر : يوسف بن أسباط بن واصل الشيباني الكوفي نزل قرية حلب وأنطاكية حدث عن عامر بن شريح ، وسفيان الثوري ... الخ. تهذيب التهذيب ١١ / ٣٥٨. والثوري هو : سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفي ، من كبار المحدثين الثقات الأثبات معدود من ثقات محدثي الشيعة ، ويسمى أمير المؤمنين في الحديث. ولد سنة (٩٧ ه‍). وتوفي بالبصرة سنة (١٦١ ه‍).

(٥) أخرج ابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن سفيان في قوله : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) ، قال : ساخ الجبل إلى الأرض حتى وقع في البحر ، فهو يذهب بعد. الدر المنثور ٣ / ٥٤٦.

(٦) في (ب) : ولا ترجع (مصفحة).

(٧) في (د) : العليم.

(٨) فتجلى أي : فتتجلى بحذف التاء للتخفيف ، كما في قوله تعالى : ولا تفرقوا.

٤٨٢

يراد به عيان البصر.

والله تعالى ليس بشخص فتجاهره الأبصار ، ولا هو صوت فتوعيه الأسماع ، ولا رائحة فتشمه المشام ، ولا حار ولا باد ، ولا خشن ولا لين ، فتذوقه اللهوات ، ولا تلمسه الأيدي ، لأنه سبحانه خلق الأسماع وما أدركت ، والأبصار وما جاهرت ، والمشام وما شمّت ، واللهوات وما ذاقت ، والأيدي وما لمست ، فهذه الخمس المدركات ، والخمس المدركات (١) كلها محدثات مخلوقات ، والله سبحانه لا يشبه شيئا منها ولا فيها شيء يشبه الله ، وكذلك لا يتجلى الله من وجه ما تتجلى هي ، لأنها مخلوقات ، وإنما يتجلى من وجه ما يجوز من صفته ، يتجلى بآياته وتدبيره على خلاف تجلي ما سواه ، وقد تجلّى الله سبحانه في كتابه بكلامه لنا في وحيه وآياته ، فهذا معنى من معاني تجليه عزوجل.

وقد يقول القائل : أرى عقلك صحيحا ، ويقول : إني أحبّ أن أرى عقلك وأمتحنه بتدبيرك ، فإن أحسن التدبير قال له صاحبه : قد رأيت عقلك حسنا.

وأما قول الله عزوجل : قال تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٢٣) [القيامة : ٢٢ ـ ٢٣] ، فقد روى الناس عن سلفنا أنهم قالوا : هو النظر إلى ما يأتيهم من أمر الله (٢). وقال بعضهم : هو الانتظار لثواب الله (٣). ولا يرى الله أحد ، (٤) وكلا

__________________

(١) في (أ) : المحدثات.

(٢) قال الإمام زيد بن علي عليهما‌السلام : إنما قوله : (ناظِرَةٌ) إلى أمر ربها ناظرة من النعيم والثواب. تفسير الغريب / ٣٥٩.

وقد رواه عن علي وابن عباس الربيع بن حبيب في مسنده ، وعزاه إلى مجاهد ومكحول وإبراهيم والزهري ، وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب ص ٢٢٦ ، ٢٢٨ ، ورواه في مجمع البيان والاحتجاج للطبرسي عن عليعليه‌السلام.

(٣) أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير ، عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) ، قال : حسنة : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) ، قال : تنتظر الثواب من ربها.

وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) قال : تنتظر منه الثواب. الدر المنثور ٨ / ٣٦٠. وهو في تفسير الإمام زيد في سورة القيامة.

(٤) أخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) ، قال : أول ـ

٤٨٣

القولين جائز.

ولسنا ننكر أن يكون أولياء الله في الجنة يرون ربهم لا بتحديد ولا إدراك إحاطة ، وكذلك كان معنى قول مجاهد في أن لا يرى الله أحد ، أي : لا يراه أحد بتحديد ولا إحاطة ، ولكن يراه أولياؤه وينظرون إليه ، نظر مخلوقين إلى خالق ، ينتظرون ثوابه ، ويرون تدبيره ، لا كنظر مخلوقين إلى مخلوق ، لأنه ليس كالمخلوقين. ويجوز أن يقال : نظر إلى من ليس كالمخلوق كما ينظر إلى المخلوق ، وفي الخلق ما لا يرى وهو الروح والعقل ، وما أشبههما ، فلا يقال : إن شيئا من ذلك يرى كما ترى الأشخاص ، فكيف يقال : إنه يرى الله كما يرى الشخص.

وإذا ابتعث الله أولياءه من الأجداث أرسل إليهم ملائكته ليبشرهم بالجنة وينادونهم : قال تعالى : (أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الأعراف : ٤٣]. وذلك قبل أن يدخلوها وهم ينظرون إلى أن ينيلهم ما وعدهم وما به بشرهم ، فوجوههم يومئذ ناضرة بهجة مشرقة حسنة ناعمة ، تنظر إلى ربها بالحب له والرضى عنه والرغبة إليه ، ينظرون ما يأتيهم منه ما بشرهم به الملائكة ، وإن الله عزوجل ينظر إليهم نظر الخالق إلى المخلوق المطيع الحبيب ، وينظرون إليه بالرغبة فيما لديه نظر مخلوقين محبين إلى خالقهم المحبوب عندهم المنعم عليهم ، نظر معرفة ، لا نظر تحديد وإحاطة ، والله ينظر إليهم ، وقد كان يراهم في الدنيا ، إلا أن نظره هذا نظر ثواب ورحمة ووفاء بما وعدهم ، والمزيد لهم من كل كرامة إذ أدخلهم الجنة ، فلا يزالون ينظرون إليه في جنته بالرضى عنه ، والاستزادة مما عنده من فوائد النعم ، وتحف الكرامات ، مع ما قال لهم عزوجل : قال تعالى : (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) (١) [ق : ٣٥] ، أي

__________________

ـ المصدقين أنه لا يراك أحد.

وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عباس أيضا قال في الآية : أنا أول من يؤمن أنه لا يراك شيء من خلقك. الدر المنثور ٣ / ٥٤٧. وأما عن مجاهد فقد سبقت الرواية عنه في تفسير قوله تعالى : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ).

(١) وقد نقل عن أنس في تفسيرها قال : يتجلى لهم الرب عزوجل. الدر المنثور ٨ / ٦٠٥. وهو قول باطل ، ومعناها ما أشار إليه الإمام. قال الإمام زيد بن علي عليه‌السلام في قوله تعالى (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) : ـ

٤٨٤

مزيد (١) من ربهم ، لا تنقطع التحف والخيرات الحسان من ربهم أبدا عنهم ، وينظرون إلى ربهم في الجنة بمقعدهم ، وما هم فيه من الازدياد من نعيمهم والإحسان إليهم ، وإنما يوصف الله سبحانه بنظر أوليائه إليه ، بهذه المعاني التي ذكرنا ولا ينظر إلى الله أحد من أعدائه يوم القيامة بمعنى ما ينظر أولياؤه.

ويقال في اللغة : إنما ينظر العبد إلى سيده ، وإنما ينظر إلى الله ثم إليك ، يريدون بذلك ما يأتي من المنظور ، وعلى هذا المعنى قول الناس.

وقال الله تبارك وتعالى يخبر عن أعدائه ، إنه لا ينظر إليهم ولا يكلمهم (٢) فيها وفي الحالة التي لا ينظر إليهم الله يراهم ، وقوله : قال تعالى : (لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ) [البقرة : ١٧٤ آل عمران : ٧٧] ، أي لا يسألهم ، وقد كلمهم بما فيه حزنهم ، وإن العالمين بالرب علم اليقين عاينوا بيقينهم (٣) القيامة ، وأبصروا وجوها مسودة ، وقد علاها القتر والعبوس ، جزاء بما كانوا يصنعون ، فراعهم ما أبصروا بيقينهم من تلك المفضعات ، فحذروا أن

__________________

ـ إن الرجل يسكن في الجنة سعين سنة قبل أن يتحول ، ثم تأتيه امرأة فتضربه على منكبه ، وتنظر في وجهه ، فخذها أضاء من المرآة! وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب فتسلم عليه ، فيرد عليها‌السلام. ويسألها من أنت ، فتقول أنا من المزيد ... إلخ. تفسير الغريب / ٣٠١. وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك باختلاف يسير. الدر المنثور ٨ / ٦٠٧.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فسرها بغرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب. وهو مروي عن عليعليه‌السلام.

وعن ابن عباس ، والحسين ، وعلقمة : أن الزيادة مضاعفة الحسنة إلى عشر أمثالها.

وعن الحسن ومجاهد أنها مغفرة من الله ورضوان.

وعن محمد بن كعب ما يزيدهم الله من الكرامة والثواب.

انظر الجامع الصحيح للإمام الربيع بن حبيب ٣ / ٢٣٢ ط مكتبة الاستقامة ، وتفسير ابن جرير ١١ / ٧٥ ، ٧٦ ط. دار الباز. وتفسير الغريب للإمام زيد بن علي عليهما‌السلام.

وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن علقمة بن قيس قال : الزيادة العشر (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها). وهو مروي عن الحسن أيضا. الدر المنثور ٤ / ٣٦٠.

(١) سقط من (ب) : أي مزيد.

(٢) والآية : (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [آل عمران ٧٧].

(٣) في (ب) : يقينهم.

٤٨٥

يكونوا : من الذين قال الله : قال تعالى : (وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [الزمر : ٦٠] و : قال تعالى : (تَرْهَقُها قَتَرَةٌ (٤١)) [عبس : ٤١] (١) فلم يكذبوا على ربهم إذ سمعوه عزوجل يقول : قال تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) [الأنعام : ١٠٣] ، وهذه مدحة لله وحسن ثناء عليه وتعظيم له ، فاستيقنوا أن الثناء والمدح عن الله غير حائل في الدنيا ولا في الآخرة ، وأبصروا بيقينهم في القيامة إلى وجوه ابيضّت ، فهي ناضرة مستبشرة ضاحكة مسفرة ، إلى ربها ناظرة في روح وجنات عالية ، يخبرون فيها بصدقهم عن الله في القول والعمل له ، والموافقة له في الأيام الخالية ، فلذلك وضع القوم كلامهم من ربهم حيث وضع الرب ، ولم يقولوا بغير ما قال الله لهم ، وقالوا : كما قال لهم ربهم إلى ثواب ربها ناظرة ، ولم يقولوا لربها مجاهرة.

وإنما الشيء إذا جوهر نظر إليه بالعيان لا بالوجه ، لأن الوجه غير العين ، ولو كان ما قالوا على ما ادعوا لقال الله في كتابه أعين إلى ربها ناظرة ، لأن الوجه لا يرى ولا يبصر ، وإنما البصر للرؤية والعينين اللتين في الوجه ، فهذه معان لطيفة مفصلات في النظر.

وقد قال إبراهيم الخليل ، لابنه إسماعيل ، صلى الله عليهما : (إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى) [الصافات : ١٠٢]. وليس ذلك رؤية حسّ ، ثم قال : انظر ما ذا ترى ، ولم يرد إدراك العين ولا إحاطة البصر ، في قوله : ما ذا ترى في الذبيح أن يسلم لربه نفسه ، ويجود له بها ، فرأى موافقة أبيه في طاعة ربه بما أمره ، فأمكنه من ذبحه واستسلم لربه ، وليس ذلك النظر بالعين ورؤيتها.

وكان مما احتج به القوم أن قالوا : إن موسى صلى الله عليه سأل ربه فقال : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) ، وقد بينا ما أراد موسى بقوله : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) ، ولم يكن ذلك سؤالا للنظر الذي هو رأي العين ، بالإحاطة والتحديد جهرة ، وقد رأينا الله عزوجل : ذكر في كتابه حدث موسى في قتله القبطي ، وما أخبرنا سبحانه عن آدم صلى الله عليه في معصيته بأكل الشجرة ، وسمعناه عزوجل يذكر في كتابه أحداث

__________________

(١) في جميع المخطوطات : عليها قترة.

٤٨٦

أنبيائه معيبا لأحداثهم ، ولم يكن ما عاب من أحداثهم عند الله موبقا ولا كبيرا ، بل كانت أحداث أنبيائه صغائر ، ولم تكن بكبائر ، وكان الله عزوجل يأخذهم في عاجل الدنيا من أجل أحداثهم التي لم تكن بكبائر ، حبس بعضهم في الظلمات في جوف الحوت (١) ، وبمعان ذكر الله عزوجل في كتابه وكيف صنع ببني إسرائيل ، ولم ينجهم من الله إلا النقلة عن صغائرهم والاستغفار بالإنابة والندم ، وقد سأل قوم موسى فقالوا : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) [النساء : ١٥٣] ، ليكون في ذلك مزدجر للآخرين ، وليحذروا مصارع الذين سألوا رؤية الله جهرة فأخذتهم الصاعقة ، فزجر الله العباد عن السؤال عما يضاهي ما سأل القوم نبيهم صلى الله عليه من رؤية الله جهرة (٢).

فكيف يتوهم أن يكون موسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، سأل ربه مسألة القوم الذين أخذوا بالنقم ، لأجل تلك المسألة التي سألوا موسى أن يريهم الله جهرة ، وقد علم موسى أن سؤالهم عن ذلك شرك ، وقد نهى موسى قومه عن معاني الشرك كلها ، ولم يكن صلى الله عليه ليخالفهم إلى ما نهاهم عنه ، لأن مسألة القوم له كفر ، ولا يجوز أن يتوّهم على موسى أن يسأل الله مسألة هي كفر ، ولو كانت مسألة موسى على ما يتوهم المشبهون لنزلت به من العقوبة مثل ما نزل بغيره ، ولغلظ الله عليهم تغليظا يعلم العباد أنه أكبر من الصغائر ، وفي تكفير الله عزوجل الذين قالوا : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) إخراج مسألة موسى من معنى رؤية الجهرة ، وإخراجه من جهل القوم بالله.

ويقال لهم : هل يدرك البصر إلا شخصا أو لونا؟

فإن قالوا : لا.

قيل لهم : أخبرونا عن ربكم ، أتقولون إنه لون؟! فإن قالوا : نعم.

__________________

(١) يونس عليه‌السلام.

(٢) قال تعالى : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) [البقرة / ١٠٨]. وقال تعالى (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) [النساء : ١٥٣].

٤٨٧

قيل لهم : فمن أين قلتم ذلك وما بينتكم عليه؟! ولن تجدوا سبيلا إلى إثبات اللون إلا من وجه الرواية ، فيعارضون بأضداد رواياتهم فإن جعلوا الرواية حجة لم يصح لهم دعوى ولا لنا ، لأنهم رووا خلاف ما روينا وروينا خلاف ما رووا ، ولا بد أن يكون أحدنا محقا والآخر مبطلا ، وفي إبطال قول أحدنا إبطال أحد الأثرين ، وفي إبطال أحد الأثرين إخراج الأثر الشاذ من الحجة ، لأن الشاذ من الأثر لا يكون مثل كتاب الله ولا سنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مع ما يدخل عليهم من التناقض في إثبات اللون لمعبودهم ، من وجه ما ذكرنا من (١) إيجاد العجز عليه وإلزام النّصب ، لأن لون الحدقة غير لون اللسان ، ولون اللسان غير لون الوجه ، وفي الغير وجوب الاثنين فصاعدا ، لأن اللسان غير العين ، والعين مخالفا للسان ، وكذلك كل جزء غير ما يليه ، وهو مقصر عن صفة غيره.

فإن قالوا : ليس لونا.

قيل لهم : كيف ترى العيون ما ليس يكون لونا ، والعيون لا ترى في العقول إلا ملونا؟!

وإن لجئوا إلى أن يقولوا : إن الله يعطيهم حاسة سادسة في القيامة (٢) بها يدركون ربهم إدراك (٣) الجهر ، يسألون عن الذي يدركون ربهم به ، أليس قد نال ثوابا لم ينل الجزء الذي كان في الدنيا له ناصبا عاملا؟! فيكون الثواب لمن لم يطع ، ولا ثواب إلا لمن أطاع (٤).

__________________

(١) سقط من (ب) و (ج) و (د) : من.

(٢) هو قول ضرار بن عمرو المعتزلي والمعتزلة لا تورده في طبقاتها ، فله أقوال توافق المعتزلة وأخرى توافق الأشاعرة ، منها نسبة الأفعال إلى الله. ولنا في إبطال دعواهم أن قوى وحواس الناس تتغير وتقوى يوم القيامة عما هي عليه في الدنيا قول الله سبحانه : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ). يعني أن الله سيعيدنا مثل ما كنا وكما بدأنا سبحانه وتعالى.

(٣) في (ب) : إذا زال (مصحفة).

(٤) يعني : إذا أعطينا حاسة سادسة على حد زعمهم ، فإنها هي التي سترى الله على زعمهم فتنال الثواب الذي هو الرؤية مع أنها لا تستحق ثوابا ، لأنها لم تطع في الدنيا لأنها لم تخلق إلا في الآخرة مع أنه لا ـ

٤٨٨

ويقال لهم : كيف يسمى المطيع مدركا وليس هو المعاين؟! وإنما المعاين هو السادس المحدث لهم في الآخرة.

ويسألون هل يجوز أن يعطوا سابعا يدركون به لمسه أو ذوقه أو شمه ، كما جوزتم السادسة التي بها تكون الرؤية ، ليكون ذلك أتم لنعيمهم إذا لمسوا ما عاينوا وصافحوه وذاقوه وشموه؟! فإن جوزوا ذلك جعلوه منفصلا بائنا بعيدا مبعضا ، وفي الانفصال والبينونة والبعض والبعد وجود العجز والنقص ، والعاجز الناقص ليس بالكامل التام القوي القادر ، وليس العاجز الناقص بإله ، فتعالى الله عن العجز والنقص.

وقد أجمع المصلون معنا أن إلهنا عزوجل لا تدركه الأبصار إلا فرقة من الروافض ووافقتهم الحشوية فقالوا : إن النبي صلى الله عليه رأى ربه أبيض مجمم الشعر.

ورووا من وجه آخر أنه رؤي في صورة الشاب المراهق مقصصا (١).

فعزم بعضهم أن هذه الرواية كانت بالقلب (٢) ، وزعم آخرون أنها كانت بعيان النظر(٣). وقد رووا بخلاف ذلك : أن ثلاثا من قال واحدة منهن فقد أعظم الفرية على

__________________

ـ ثواب إلا لمن أطاع.

(١) في (ب) : مفضضا. روى الطبراني في الكبير (٢٥ / ١٤٣) ، والبيهقي في الأسماء والصفات (٤٤٦ / ٤٤٧) ، وابن الجوزي في الموضوعات (١ / ١٢٥) : (رأى ربه عزوجل في المنام في أحسن صورة ، شابا موفّرا) ، وبلفظ (رأيت ربي أجعد أمرد عليه حلة خضراء). ورووا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه ـ وحاشاه ـ قال : (ولما أسري بي رأيت الرحمن تعالى في صورة شاب أمرد له نور يتلألأ ، وقد نهيت عن وصفه لكم ، فسألت ربي أن يكرمني برؤيته ، وإذا هو كأنه عروس حين كشف عن حجابه مستو على عرشه). اللآلئ المصنوعة للسيوطي وإن كان قد وضعه السيوطي في الموضوعات لكن له أصل عندهم. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وقد طعن في الحديث البخاري في تاريخه (٦ / ٥٠٠). وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، والنسائي (تاريخ بغداد ٣ / ٣١١). وابن حبان في الثقات (٥ / ٢٤٥).

وابن حجر في تهذيب التهذيب (١٠ / ٩٥).

(٢) أخرج النسائي ، عن أبي ذر ، قال : رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ربه بقلبه ولم يره ببصره. الدر المنثور ٧ / ٦٤٩.

(٣) أخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأى ربه بعينه ، الدر المنثور ٧ / ٦٤٧.

وعن ابن عباس : رآه بقلبه. مسلم ١ / ١٥٨ (٢٨٤) و (٢٨٥).

٤٨٩

الله (١) ، ومن زعم أن محمدا رأى ربه ، وفي هذا انتقاض الخبر ، وإذا تناقض الشيء لم يكن بحجة ، وأولاهما بحجة العقل أشبههما بكتاب الله.

ويقال لهم جميعا : أخبرونا إذ زعمتم أن النبي صلى الله عليه حين رأى ربه ، هل كان يقدر عقل النبي على (٢) صفة ما رأى؟!

فإن قالوا : نعم.

قيل : فكان يقدر أن يخيل ما عاين؟!

فإن قالوا : نعم جوزوا القدرة على صفة الله وإحاطته والتفكير فيه ، والله عزوجل يقول: (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) [طه : ١١٠].

وإن قالوا : لا يقدر على تخييله بقلبه.

قيل لهم : فكيف يدرك ما لا يتخيل ولا يحيط به العقل؟! ، وهذا محال بيّن ؛ لأن الإدراك أكثر من التخيل ، وإذا بطل التخيل لم يصح الإدراك.

ويقال لهم : أخبرونا إذا جوّزتم أن يكون النبي صلى الله عليه رآه ، فما يشعركم لعله أسرّ إلى بعض أصحابه صفة تحديد ، فورّث ذلك الصاحب علم التحديد من بعده

__________________

(١) أخرج البخاري عن مسروق ، قال : قلت لعائشة رضي الله عنها يا أمتاه هل رأى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ربه؟ فقال : لقد قف شعري مما قلت : أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب ، الحديث بطوله ٨ / ٤٩٢ مع شرح الفتح.

وأخرج مسلم عن مسروق قال : كنت متكئا عند عائشة فقالت : يا أبا عائشة ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية ، قلت ما هن؟ قالت : من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ، وقال : وكنت متكئا فجلست فقلت : يا أم المؤمنين ، أنظريني ولا تعجلي ، ألم يقل الله عزوجل : (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) ، (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى). فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إنما هو جبريل ، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين ، رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض ، فقالت : أولم تسمع أن الله يقول : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ...). صحيح مسلم ٣ / ٨ بشرح النووي.

(٢) سقط من (ب) : على.

٤٩٠

إلى يوم القيامة فيكونوا لم يدركوه كما أدركه.

فإن قالوا : فقد يمكن أن يكون ذلك فقد عبدتم ما لا تعرفون.

ويقال لهم : أليس قد يمكن أن يكون وارث ذلك يصفه بصفة تحديد ، ويخيله بقلبه على غير ما تخيله ذلك العالم بصفته ، فقد عبدتم خلاف ما عبد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟!

فإن احتج القوم بقول الله تبارك وتعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) [البقرة: ٤٦]. كان جوابنا أن الذين يظنون ، أي : يوقنون أنهم مبعوثون بعد الموت للثواب والعقاب.

وكذلك تأويل قوله : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) [الكهف : ١١٠]. وقوله : (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) [القصص : ٨٥ ، العنكبوت : ٥]. أي من كان يؤمن بالبعث فإن وعد الله ووعيده اللذين هما الجنة والنار لآت ، وليس ذلك اللقاء رؤية ، ولو كان لقاء رؤية لقال : من كان يرجو لقاء ربه فإن الله يلاقى.

ويسألون عن الذين كفروا بلقاء ربهم [هل يلقونه] (١) فإن قالوا : نعم ، لم يفرقوا بين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم في الآخرة ، وبين الذين كفروا بلقاء ربهم ، لأن هؤلاء لاقوه.

وإذا زعموا أن اللقاء عندهم الرؤية ، فما الفرق بين الولي والعدو ، إذا كانا يلقيان ربهما واللقاء رؤية ، والرؤية عندهم أفضل الثواب.

وإن زعموا أنهم لا مؤمنون ولا مصدقون بتكذيب الكافرين من لقاء ربهم ، جحدوا قول الله سبحانه : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (٦) [الانشقاق : ٦]. وقوله : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ)

__________________

(١) أشار في (أ) و (ب) و (د) إلى بياض ، ولعله ما أثبتّ بين المعكوفين. وفي (ب) و (د) : من لقاء. وفي (ج) : عن لقاء.

٤٩١

[التوبة : ٧٧]. فقد أخبر أنهم منافقون وأنهم يلقونه ، وإذا زعموا أن اللقاء رؤية ، فالمنافق والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريانه بزعمهم ، إذ كان اللقاء عندهم رؤية ، فما فضل ثواب النبي صلى الله عليه على عقاب المنافق؟!

بل لا فضل بينهما إذا اشتركا في أفضل الثواب وهو الرؤية ، وفساد هذا المعنى بيّن ، وذلك لأنهم تأولوا لقاء الله تحديدا بالإحاطة ، وزعموا أيضا أن النبيين عليهم‌السلام يشتبهون في لقاء الله الذي هو رؤيته ، إلا أن يزعموا أن اللقاء غير الرؤية فيصيروا إلى قولنا.

وإن هم سألوا عن التأويل للقاء الله؟

قلنا لهم : إن الأعداء والأولياء كلهم ملاقوا ربهم ، ولقاؤهم انبعاثهم (١) من أجداثهم ، ومصيرهم إلى معادهم يوم محشرهم ، (٢) ويوم إلى الله مرجعهم.

وتأويل ما سألوا عنه من قول الله سبحانه : (إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) [المطففين : ١٥] ، وذلك أن الله عزوجل لا ينالهم برحمته وهم عن ربهم محجوبون ، وترجمت (٣) هذه الآية آية أخرى قوله : (لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [آل عمران: ٧٧]. أي : نظره إلى أوليائه برحمته ، ولا يسمعهم كلاما لهم فيه سرور ولا فرح ، ولا ينظر إليهم أي : لا ينيلهم رحمة ولا يأتيهم بفرح.

وقد أجمع أهل الصلاة أن الله لا ينظر إلى أعدائه ، وهو يراهم في الحالة التي لا ينظر إليهم فيها ، وفي ذلك دليل أن أولياءه ينظر إليهم أي : يرحمهم ، وهو يراهم وينظر إليهم برحمته ، ونظره إلى أوليائه رحمته ، وذلك نظره الذي كان لأوليائه ولم يكن لأعدائه ، وكذلك ينظر أولياؤه إليه لا بمعنى جهرة وإحاطة منهم به ، ولكن ينظرون إليه على خلاف التحديد والإحاطة ، وقد قالت العرب : ما ننظر إلا إلى سيدنا.

__________________

(١) في (ب) و (ج) : ابتعاثهم.

(٢) في (ب) و (د) : حشرهم.

(٣) ترجمت : أي : فسّرت.

٤٩٢

وأجمع المسلمون على الدعاء إلى الله أن قالوا : اللهم انظر إلينا ، والدعاء على عدوهم أن قالوا : لا ينظر الله إليهم ، وليس ذلك سؤالا منهم له أن لا يراهم ، وذلك أنهم يعلمون أن الله عزوجل يراهم ، ولم يعلموا أن الله ينظر إليهم نظر رحمة ورضى ، وقد علموا أن الله عزوجل يراهم ويرى كل شيء ، وأن الأشياء كلها له جهرة ، وإنما أراد المسلمون بدعائهم الله أن ينظر إليهم : أن يكرمهم ويجود برحمته عليهم.

واعلم أن الله عزوجل إذا مدح نفسه بمدحة لم يزلها عن نفسه في آخرة ولا دنيا ، كذلك قال الله سبحانه : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) [الأنعام : ١٠٣]. فالله لا يزيل مدائحه.

وزعم العماة أن محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى (١) ربه حين أسري به تكذيبا للقرآن ، وردا على الرحمن ، واحتجوا بقول الله عزوجل : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤)) [النجم : ١٣ ـ ١٤]. فظنوا أنه رأى ربه ، وإنما ذلك جبريل (٢) صلى الله عليه ، رآه نبي الله على خلقته التي عليها جبل ، ولم يره النبي صلى الله عليهما على تلك الخلقة قط إلا مرتين ، جعل الله ذلك آية بينه وكرامة شريفة عالية ، وذلك قوله عزوجل : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (١٨)) [النجم :

__________________

(١) روى الخطيب البغدادي في تاريخه (٨ / ١٥١ ١٥٢). وابن الجوزي في العلل المتناهية (١ / ٣٠). عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : (لما كنت ليلة أسري بي رأيت ربي في أحسن صورة). وأخرج الترمذي وحسنه والطبراني ، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ابن عباس في قول الله (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى). قال ابن عباس : قد رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ربه عزوجل. الدر المنثور ٧ / ٦٤٧.

(٢) أخرج أحمد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وأبو الشيخ ، في العظمة عن ابن مسعود أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم ير جبريل في صورته إلا مرتين أما واحدة فإنه سأله أن يراه في صورته فسد الأفق ، وأما الثانية فإنه كان معه حيث صعد ، فذلك قوله : (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى ، لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى). قال : خلق جبريل. الدر المنثور ٧ / ٦٤٣. وأخرج مسلم ، والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة في قوله (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى). قال : رأى جبريل عليه‌السلام. الدر المنثور ٧ / ٦٤٩.

٤٩٣

١٨]. فأين الله عزوجل من آياته؟! فكيف يتوهم أن النبي صلى الله عليه رأى الله ، والله يقول : (رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) ، وليس الله سبحانه بالحواس مدركا.

وتوهموا أن تجلي الرب سبحانه للجبل هو أن بدا (١) للجبل وبرز له بذاته ، من غير أن يكون للجبل من المقام في طاعته ، والمنزلة الرفيعة ، ما لموسى صلى الله عليه ، مع ما اختص الله به موسى بكلامه تكليما ، واستخلاصه إياه بالرسالة ، ثم سأل موسى ومسألته لله أن يراه بزعمهم ذلك ، وكان ذلك منه دليلا ، ثم اختص الجبل الذي لم يكن الله كلمه تكليما ، ولا اصطفاه برسالته فبدا له بذاته وبرز له متجليا ، وخصه بكرامة لم يجعلها لجبريل ولا لميكائيل ولا للملائكة المقربين ، ولا للمرسلين (٢) ، وقد قال الله عزوجل : إن أولياءه غدا ينظرون إليه في جواره ، ليس ذلك النظر إحاطة ولا تحديدا ، بل ينظرون إليه من غير (٣) تحديد ، وذلك النظر أفضل من دركهم.

والدرك دركان ، فدرك هو المشاهدة والملاقاة جهرة.

والدرك الثاني ما يرد على القلب ، وقد أدرك المؤمنون في الدنيا ربهم وعرفوه بقلوبهم ، فلذلك أطاعوه ، وذلك لما أحبوه (٤). ولهم في هذا الدرك سرور ولا نعيب (٥)

__________________

(١) أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في الرؤية عن ابن عباس (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ). قال : ما تجلى منه إلا قدر الخنصر. الدر المنثور ٧ / ٥٤٥. تعالى الله عن هذا علوا كبيرا!!

(٢) أخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن ابن عباس (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً). قال : غشي عليه إلا أن روحه في جسده (فَلَمَّا أَفاقَ قالَ). لعظم ما رأى (سُبْحانَكَ). تنزيها لله من أن يراه (تُبْتُ إِلَيْكَ). رجعت عن الأمر الذي كنت عليه (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ). يقول : أول المصدقين الآن أنه لا يراك أحد. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عباس (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ). يقول : أنا أول من يؤمن أنه لا يراك شيء من خلقك. الدر المنثور ٧ / ٥٤٧.

(٣) سقط من (ب) : غير.

(٤) سقط من (ج) : لما. وفي (أ) : وذلك ما أحبوه.

(٥) في (أ) : ولا يعيب ، وفي (ب) : لا بعيب ، الباء مهملة إلا أن الكمبيوتر لا يكتب الباء إلا معجمة ، وكذلك بقية الحروف المعجمة. وفي (ج) : ولا يغيب. وفي (د) : لا يغيب ، وما أثبتّ اجتهاد والله أعلم.

٤٩٤

عليهم في السرور الذي نالوه من معرفة الدرك لله ، والمؤمنون يتفاضلون في الدرك لله ، وذلك بيّن فيما يرى منهم في اتصال السرور بالمعرفة ، على حسب اتصال المعرفة بالقلب ، وكلما ترقى العارف في معارج المعرفة ترقى في معارج السرور.

وقد ترى جمهور أمتنا (١) يعلمون أن الله عالم بعلمهم ، أن الله عالم ، دركا به عرفوا الله ، فهذا الدرك هو درك العلماء بالله ، فإذا نزل بهم تفصيل معاني دقائق مسائل تدخل في الكلام في العلم ، كان (٢) ذلك دركا هو عند العالمين بالله ، الذين هم في معاني درجات العارفين بالله ، (٣) فإذا أخذوا في ذلك العلم وجدوا في ذلك سرورا.

فالناس لا يستوون في درك الله في الدنيا في تفاضلهم ، وكذلك يتفاضلون غدا في إدراك الله ، للمعنى الذي ليس هو تحديد الله ، (٤) فيكون الله يعطيهم من ذلك العلم ما لا يخطر على قلب بشر في الدنيا ، مما فيه السرور والتنعم للعالمين بالله في الدنيا ، ما لا يعطي كثيرا من سواهم من العلماء الذي هم دونهم ، وقد عرفنا درك المؤمنين في الدنيا كيف هو. وأما درك المؤمنين في المعاد ، فإنا لا نعلم كيف هو ، لأنا لم نره وهو في الآخرة ثواب ، والثواب مؤجل ، وكلما كان من ثواب الله في الجنة فلا يعلم كيف هو إلا الله ، إلا أنا نعلم أن معنى الدرك له في الجنة ليس بتحديد ولا إحاطة ، فاعرف معاني الدرك واعرف (٥) فضل الدرك الذي يكون في الآخرة ، على فضل الدرك الذي يكون في الدنيا.

ولو أمدّ الله عزوجل الأبصار بالمعونة ، حتى تدرك أقل قليل نقطة من القطر في مدلهم ليل عاتم (٦) تحت الأرض السفلى ، من أبعد غايات السماوات العلى ، ما أدركت

__________________

(١) في (أ) و (ج) : أئمتنا.

(٢) في (ب) و (د) : كان في ذلك دركا (زيادة).

(٣) في (أ) و (ج) : في المعاني درجات والعارفين بالله.

(٤) في جميع المخطوطات : تحديد لله. ولعل العبارة كما أثبت ، أو : ليس هو تحديد لله. أو بتحديد الله. والله أعلم.

(٥) سقط من (ب) : إحاطة فاعرف معاني الدر واعرف.

(٦) في (أ) و (ج) : غائم.

٤٩٥

الأبصار الله ، وكذلك لو أمدّت الحواس كلها بالمعونات حتى تدرك كل محسوس ما هجم (١) منها شيء على الله سبحانه ، تبارك وتعالى عن ذلك علوا كبيرا.

تم كتاب المسترشد والحمد لله كثيرا وصلى الله على سيدنا محمد النبي وأهله الطاهرين وسلم تسليما.

* * *

__________________

(١) في (ب) و (ج) : ما هجم عليه منها شيء على الله سبحانه.

٤٩٦

الرد على المجبرة

٤٩٧
٤٩٨

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله المحسن إلى جميع خلقه ، بما عمّهم من فضله وإحسانه ، الذي : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (٤٠)) [النساء : ٤٠]. الذي خلق خلقه لعبادته ، وقوّاهم على طاعته ، وجعل لهم السبيل إلى ما أمرهم به ، كما قال سبحانه : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)) [الذاريات : ٥٦]. وقال : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (٥) [البينة : ٥]. وقال : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ) [النساء : ٦٤]. وقال لموسى وهارون صلى الله عليهما : (اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٤٣) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى (٤٤)) [طه : ٤٣ ـ ٤٤].

فزعمت القدرية الكاذبة على ربها ، أن الله عزوجل عن قولهم : خلق أكثر خلقه ليعبدوا غيره ، ويتخذوا الشركاء والأنداد ، مع قوله : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) [البقرة : ٢٢]. ومع قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) [النساء : ١ ، الحج : ١ ، لقمان : ٢٣]. وقوله : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) [النساء : ٥٩ ، المائدة : ٩٢ ، النور : ٥٤ ، محمد : ٣٣ ، التغابن : ١٢]. وقوله : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) [يونس : ١٠٨]. (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت : ٣٩].

فزعموا أنه لم يرد منهم أن يطيعوا رسله ، وأن الله أمر بما لا يريد ، ونهى عما يريد. وخلقهم كفارا ، وقال الله : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ) [آل عمران : ١٠١]. ومنعهم من الإيمان ، وقال : (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ) [النساء : ٣٩]. وقال : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) [الإسراء : ٩٤ ، الكهف : ٥٥]. ومنعهم من الهدى ، وأفّكهم ، وقال : (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المائدة / ٧٥ ، والتوبة / ٣٠ ، والمنافقون / ٤]. وصرفهم عن دينه ، وقال : (أَنَّى يُصْرَفُونَ) [غافر : ٦٩].

فافهموا ـ وفقكم الله ـ ما يتلى عليكم من كتاب الله ، فإن الله يقول : (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) [يونس : ٥٧]. ويقول : (لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ

٤٩٩

يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)) [فصلت : ٤١ ـ ٤٢]. ويقول : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ) [الجاثية : ٦]. ويقول : (اتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) [الزمر : ٥٥].

وقد بيّن الله للخلق ، واحتج عليهم بما بيّن لهم في كتابه ، وأمرهم بالتمسك بما في الكتاب ، والاقتداء بما عن نبيه (١) جاءهم ، فإنما هلك من كان قبلهم ، بإعراضهم عن كتاب ربهم ، والترك لمن مضى من أنبيائهم ، من أهل الكتاب وغيرهم.

فاتقوا الله (٢) ، وانظروا لأنفسكم قبل نزول الموت ، واعلموا أنه لا حجة لمن لم يحتج بقول (٣) الله ، فإن الله سبحانه يقول : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) [العنكبوت : ٤٦]. فاسمعوا قول المفترية على الله. فمن قولهم : إنه لم يعمل أحد خيرا ولا شرا .. فرد الله عليهم مكذبا لهم : فقال : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (١)) [محمد : ١]. وقال : (كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) [البقرة : ١٠٩]. وقال : (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢)) [النجم : ٥٢]. وقال: (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) [الذاريات : ٥٢]. وقال : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) [غافر : ١٧]. وقال : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)) [الزلزلة : ٧ ـ ٨]. مع الآيات الكثيرة المحكمة الواضحة ، من كتاب الله ، تصديقا لما قلنا ، وتكذيبا لما قالوا.

وإنما أنزل الله الكتاب ليتمسّك به ، قال لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (اتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [الأحزاب : ٢]. وقال : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (١٢٤)) [طه : ١٢٣ ـ ١٢٤]. وقال : (اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [الأنعام : ١٠٦]. ثم قال لجميع الأمة : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٣)) [الأعراف : ٣]. فاتقوا الله ولا تقولوا على

__________________

(١) في (أ) : نبيهم. وفي (ج) : بينة. (مصحفة).

(٢) سقط من (ج) : الله.

(٣) في (أ) : بكتاب. وكتب فوقها قول. وفي (ج) : بقول كتاب الله.

٥٠٠