مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي ( 169 ـ 246 هـ ) - ج ١

القاسم بن ابراهيم بن اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام

مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي ( 169 ـ 246 هـ ) - ج ١

المؤلف:

القاسم بن ابراهيم بن اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام


المحقق: عبدالكريم أحمد جدبان
الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار الحكمة اليمانية للتجارة والتوكيلات العامة
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٩٧
الجزء ١ الجزء ٢

وقال أيضا : قال القاسم عليه‌السلام في (مسائل يحيى بن حسين العقيقي) (١).

وقال أيضا : قال القاسم عليه‌السلام في (مناسكه) (٢).

وذكر نحو هذا الإمام عبد الله بن حمزة في الشافي (٣).

وذكر نحو هذا أيضا الشهيد حميد المحلي في الحدائق الوردية (٤).

وذكر نحو هذا أيضا السيد محمد بن الإمام عبد الله بن علي بن الحسين بن الإمام عز الدين في التحفة العنبرية (٥).

وذكر نحو هذا أيضا السيد الهادي بن إبراهيم الوزير في هداية الراغبين (٦).

وللإمام القاسم كتاب لم يشتهر ، ولكني على يقين من صحة نسبته إليه ، وهو كتاب (العالم والوافد).

وهذا الكتاب قد طبع سنة ١٣٩٩ ه‍ ـ ١٩٧٩ م باسم (مصباح الأنظار) ضمن كتاب أخلاقي حكمي يسمى (الحقائق في محاسن الأخلاق للفيض الكاشاني الإمامي المتوفي سنة ١٠٩١ ه‍).

تحقيق وتعليق السيد إبراهيم الميانجي. وهو ناقص نحو النصف وملئ بالأخطاء والتصحيفات. ولم ينسبه المحقق إلى الإمام ولا إلى غيره.

والدلائل على صحة نسبته إلى الإمام القاسم كثيرة منها :

١ ـ أسلوب الإمام ونفسه ولغته المتميزة في هذا الكتاب ، فلا يكاد القارئ يقرأ هذا الكتاب ، وقد عرف أسلوب الإمام في الكتاب إلا ويجزم بأنه من تأليفه.

٢ ـ جل من ترجم للإمام يصفه بالعالم حتى صار لقبا له.

__________________

(١) التحرير ١ / ٢٢٥.

(٢) التحرير ١ / ١٩٧.

(٣) الشافي ١ / ٢٦٢.

(٤) الحدائق الوردية ٢ / ٢.

(٥) التحفة العنبرية / ٨١.

(٦) هداية الراغبين / ٤٣١.

١٦١

قال الإمام الحسين بن القاسم العياني عن الإمام القاسم : قال إبراهيم بن إسماعيل أبو القاسم العالم عليه‌السلام :

قد موتت قلبي الهموم وطولت

ليلي مهانا في الصفاد وثاقا

وقال : قال العالم صلوات الله عليه (١). ولا يذكره إلا ويقول : قال العالم.

وقال الإمام عبد الله بن حمزة في ترجمته : القاسم العالم (٢).

وكذلك قال في صفوة الاختيار في مسئلة إذا ورد الأمر مطلقا ، للإمام عبد الله بن حمزة (مخطوط). ووصفه كاتب الكامل المنير بالإمام العالم.

وقال صارم الدين الوزير : القاسم بن إبراهيم عالم آل محمد (٣).

وكذلك وصفه الشر في في المصابيح (٤).

قال السيد يحيى بن المهدي بن القاسم : والصحيح أن الوافد محمد بن القاسم بن إبراهيم عليهما‌السلام ، وأبوه العالم القاسم المجيب على ولده ، نعم والله الوالد والولد ، هاجر إلى جبال الرس ، وتفرغ لعبادة الله ونشر العلوم ... (٥).

وقال السيد العلامة مجد الدين المؤيدي : قلت : المشهور أن الوافد قاموس آل محمد ، محمد بن القاسم ، والعالم والده نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليهم ، وهو كتاب من جوامع العلم ، وسواطع الحكم كله سؤال من الوافد وجواب من العالم ، وقصدهما صلوات الله عليهما إلقاء الحكمة (٦).

وينسب إليه كتاب الكامل المنير في الرد على الخوارج ، ولدي منه ثلاث نسخ مختلفة ، إلا أن نسختين منهما مكتوب عليهما أن المؤلف إبراهيم بن خيران ، وأكد

__________________

(١) تفسير الغريب في تفسيره سورة (محمد).

(٢) الشافي ١ / ٢٦٢.

(٣) الفلك الدوار / ٦٠.

(٤) المصابيح ١ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ـ ٢٧٠.

(٥) الوسائل العظمى / ٢٧١ (مخطوط).

(٦) لوامع الأنوار ٢ / ١٨٩ ـ ١٩٠.

١٦٢

ذلك الإمام الحسن بن بدر الدين في أنوار اليقين ، والإمام عبد الله بن حمزة في فتاويه.

أما الإمام القاسم بن محمد فإنه أكد أنه من تأليف الإمام القاسم بن إبراهيم ، وضح ذلك تلميذه الذي قرأه عليه الحسين بن علي بن صلاح القاسمي ، وهذا موجود على نسخة مكتوب عليه أن المؤلف الإمام القاسم بن إبراهيم وكلام الحسين بن علي القاسمي مزبور عليها بخط يده. والكتاب كله بخط يده.

وقال ابن أبي الرجال في ترجمته : وهو [الذي] ينسب إليه بعض العلماء الكامل المنير ، وبعضهم ينسبه إلى نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم ، وناهيك بهذا الشيخ الذي التبس ما صنفه بما صنفه هذا الإمام الجليل رحمهم‌الله جميعا ، ومن اطلع على هذا الكتاب علم محل الفقيه المذكور من العلم (١).

وأيضا فإن أسلوب ولغة الكامل المنير يختلف تماما عن أسلوب الإمام القاسم ، ولا يلمس هذا إلا من خبر أسلوب القاسم ، وأنا بحمد الله قرأت كتبه وحققتها حرفا حرفا ، حتى طبع أسلوب الإمام في فكري ، بحيث أنني أستطيع أن أميز كلام الإمام من غيره بأدنى تأمل ، لكثرة ما دققت في كتبه وتأملتها.

والإمام يعتمد أساسا العقل ثم القرآن الكريم في مناظرته ومحاججته ، والكامل المنير يعتمد السنة والأخبار ، ويذكر رجال الأسانيد كثيرا ، وهذا غير معهود في كتب الإمام القاسم.

ولهذا فأكاد أجزم بأن الكامل المنير ليس من تأليفه ، والله أعلم.

المسائل المنثورة

جمعت فيه كل ما وجدت من أسئلة وجّهت للإمام القاسم ، وجواباته على تلك الأسئلة ، ولهذا سميتها المسائل المنثورة ، لتناثرها ، ولاختلاف مواضيعها.

* * *

__________________

(١) مطلع البدور ١ / ٥٥ (مخطوط).

١٦٣

الكتب والرسائل الموجودة والمفقودة

الموجود منها :

١ ـ الدليل الكبير (في الرد على الفلاسفة الملحدين).

٢ ـ الدليل الصغير (في الرد على الفلاسفة الملحدين).

٣ ـ مناظر الملحد (في الرد على الملاحدة).

٤ ـ الرد على ابن المقفع (في الرد على الثنوية).

٥ ـ الرد على النصارى.

٦ ـ المسترشد (في الرد على المشبهة).

٧ ـ الرد على المجبرة.

٨ ـ الرد على الرافضة.

٩ ـ الرد على غلاة الروافض.

١٠ ـ العدل والتوحيد.

١١ ـ أصول العدل والتوحيد.

١٢ ـ مسألة الطبريين (في التوحيد والعدل).

١٣ ـ فصول في التوحيد.

١٤ ـ تفسير العرش والكرسي (في التوحيد).

١٥ ـ مديح القرآن الكبير.

١٦ ـ مديح القرآن الصغير.

١٧ ـ تفسير سور القرآن.

١٨ ـ الناسخ والمنسوخ.

١٩ ـ تثبيت الإمامة.

٢٠ ـ الإمامة.

١٦٤

٢١ ـ الإمامة.

٢٢ ـ القتل والقتال.

٢٣ ـ الهجرة للظالمين.

٢٤ ـ المكنون (في الحكم والآداب والأخلاق).

٢٥ ـ سياسة النفس (عظة وعلم نفس).

٢٦ ـ العالم والوافد (عرفان).

٢٧ ـ مواعظ.

٢٨ ـ مفاهيم إسلامية.

٢٩ ـ الطهارة.

٣٠ ـ صلاة اليوم والليلة.

٣١ ـ المسائل المنثورة.

المفقود :

١ ـ الفرائض والسنن.

٢ ـ مسائل ابن جهشيار.

٣ ـ مسائل النيروسي.

٤ ـ مسائل القومسي.

٥ ـ مسائل يحيى بن الحسين العقيقي.

٦ ـ مسائل عبد الله بن الحسن الكلاري.

٧ ـ مناسك الحج.

وله فقه كثير ، يوجد منه شيء كثير في كتاب حفيده الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم الأحكام ، وأمالي أحمد بن عيسى لمحمد بن منصور المرادي ، والجامع الكافي لأبي عبد الله العلوي ، وشرح التجريد للمؤيد بالله في أدلة فتاوى القاسم والهادي ، والتحرير

١٦٥

لأبي طالب الهاروني. ولدي مشروع لجمع فقه الإمام القاسم في كتاب مفرد ، أسأل الله العون والتيسير.

وقد تناول كثير من العلماء والباحثين من الإسلاميين والمستشرقين كتب وحياة الإمام القاسم بالدراسة والتحقيق والترجمة.

فممن تناول فكره بالدراسة والترجمة المستشرق الإيطالي (ميكل أنجلو جويدي) ، والذي حقق كتاب (الرد على ابن المقفع) لأول مرة في بداية القرن ، ثم أعاد طبعه عام ١٩٢٧ م. وترجمه إلى الإيطالية. وقد أشار إلى ما ذكرت الباحث السورى الكبير خير الدين الزركلي في موسوعته (الأعلام) عند ترجمته للإمام القاسم.

ومنهم المستشرق الألماني الشهير (Madelung Wilterd) (ويلفرد ماديلونغ) ، فقد كتب عنه وعن المعتزلة كتابا حافلا باللغة الألمانية ، أخبرني بذلك صديقي الباحث الأمريكي (موريس بومرانتس) وهو أحد تلامذته ، وهو يعد دراسة عن اللقاء بين الزيدية والمعتزلة في القرن الثالث والرابع ، لنيل درجة الدكتوراة بجامعة أمريكية في مدينة شيكاغو.

وقد تكرم بترجمة عناوين الكتاب الآنف الذكر المسمى (القاسم بن إبراهيم والمذهب الزيدي).

وهذا المستشرق الألماني له اهتمام كبير بفكر الزيدية وتاريخهم ، وقد جمع كتابا تحت عنوان (أخبار أئمة الزيدية في طبرستان وديلمان وجيلان) ترجم إلى العربية وطبع عام ١٩٨٧ م.

وهذا مستشرق ألماني آخر اسمه (BINAMIN ABRAHAMOV) (بنيامين إبراهاموف) حقق كتاب (الدليل الكبير) وكتاب (الرد على النصارى) وترجمها إلى الانجليزية وطبعا بالعربية والانجليزية ، ولدي منهما نسخة أهداها لي صديقي السيد حسن أنصاري ، باحث إيراني متخصص في البحث عن الزيدية ، يعمل في دائرة المعارف الإسلامية بطهران.

وللمستشرق الألماني (إبراهاموف) كتاب حافل عن الإمام القاسم ، ما زال باللغة الألمانية ، أرجو أن تتيسر ترجمته إلى العربية ، قال فيه عن الإمام القاسم : إنه أفلاطون

١٦٦

المسلمين ، كأفلاطون في اليونان.

وحقق الباحث المصري سيف الدين الكاتب بعض رسائله ضمن مجموعة رسائل تحت عنوان (رسائل العدل والتوحيد).

كما حقق الباحث الكبير الدكتور محمد عمارة مجموعة من رسائله تحت عنوان (رسائل العدل والتوحيد).

وحقق له أخيرا الباحث إمام حنفي عبد الله عدة كتب منها : الدليل الكبير ، والرد على ابن المقفع ، والرد على الرافضة ... وقد أفدت من مقدماتها في جزء من دراستي عن الإمام القاسم.

وحقق أيضا الأستاذ / صالح الورداني كتاب (تثبيت الإمامة).

وإن كانت كل الكتب المحققة والمطبوعة مليئة بالأخطاء والأوهام والسقط على تفاوت بين المحققين ، بيد أنها جهود مشكورة للتعريف بالإمام القاسم وفكره.

* * *

١٦٧

أسلوب التأليف

كيفية إيصال الفكرة :

إن الإمام القاسم يعد مدرسة متميزة في طرق الإقناع ، والسيطرة على العقول والقلوب ، بما منحه الله تعالى من علم وفهم وأناءة وخلق وسعة صدر.

له أسلوب فريد في الحوار والمناظرة ، لا يملك معه الخصم إلا التسليم عن قناعة وطيب خاطر ، لا يظهر عليه أي علامات الانتصار والفلج ، مما قد يضطر خصمه للعناد والمكابرة ، بل يتلطف ويتواضع ، منطلقا في ذلك من قيم الدين ، والشعور بالمسئولية في هداية الخلق ، ولأنه ينتسب إلى بيت الرحمة والخلق الكريم. فجده علي بن أبي طالب منتهى الكمال البشري في العلم والخلق والدين بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ومناظرته للملحد خير دليل على ذلك ، فإنه اتخذ في محاورته أسلوبا اضطر الملحد للتسليم والدخول في الإسلام.

قال الإمام للملحد واضعا الأسس للحوار : سل عما بدا لك ، وأحسن الاستماع ، وعليك بالنصفة ، وإياك والظلم ، ومكابرة العيان ، ودفع الضرورات والمعقولات.

وهذا أحد النصارى المناظرين من أقباط مصر ، يلقي شبهاته على علماء الإسلام في مصر ، ويثير البلبلة الفكرية في أوساطهم ، ولا يجد عندهم ما يغني ، حتى يلتقي بالإمام فيزيل شبهته ويرجع مبهورا مقتنعا.

وانظر كذلك في كتابه (تثبيت الإمامة) وكتاب الإمامة تجد ما يدهش. بل إن أسلوب الإمام في جميع كتبه منهج لا يختلف.

* * *

١٦٨

فكرة التأليف

لم يكن التأليف عند الإمام ترفا فكريا ، أو افتراض شبه فكرية لا وجود لها ، ومن ثمّ يتطوع لتفنيدها والرد عليها ، بل كانت فكرة التأليف لديه تنطلق من موضع الحاجة ، وبأدنى تأمل في كتبه يتضح صدق ما ندعي ، فجميع كتبه ورسائله تجيب على كثير من التساؤلات المثارة في الساحة الإسلامية آنذاك.

أهمية الكتب والرسائل

تأتي أهمية الكتب والرسائل من نواح عدة :

الأولى : نقاء الفكرة!

وأعني بهذا أنه لم يتأثر بالفلسفة اليونانية ، ولا بالفكر الاعتزالي المعتمد على العقل التجريدي ، ولم يعرج على تلك الأفكار والمصطلحات المعقدة التي تشوش ذهن المسلم وتبلبله ، ولم يدنس أفكاره بالنظرة الوثنية إلى الإله ، التي تشبهه بخلقه وتماثل بينه وبينه في الصفات ، كالوجه والعين واليد والرجل ... إلخ المفاهيم الوثنية ، وتنزه عن خرافات الجبرية القدرية ، ومقالات المرجئة ، وطلاسم وهرطقات الباطنية ، وترهات ومغالات الرافضة ، وإسفاف الصوفية ، وسذاجة وتخرصات الخوارج ، بل اتخذ الوسطية من بين كل هذا الركام الهائل من الافراط والتفريط والتناقض والسطحية في التفكير ، وعمد في الاحتجاج إلى العقل ثم القرآن ثم السنة.

قال الإمام الهادي حفيد الإمام القاسم مبينا عقيدته ووجهته وتميزها عن مقالة الفرق عامة ، والتي تمثل عقيدة ووجهة جده : لست بزنديق ولا دهري ، ولا ممن يقول بالطبع ولا ثنوي ، ولا مجبر قدريّ ، ولا حشوي ، ولا خارجي ، وإلى الله أبرأ من كل رافضي غوي ، ومن كل حروري ناصبي ، ومن كل معتزلي غال ، ومن جميع الفرق الشاذة ، ونعوذ بالله من كل مقالة غالية ، ولا بد من فرقة ناجية عالية ، وهذه الفرق كلها عندي حجتهم داحضة. والحمد لله.

وأنا متمسك بأهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومهبط الوحي ، ومعدن العلم ،

١٦٩

وأهل الذكر ، الذين بهم وحّد الرحمن ، وفي بيتهم نزل القرآن ، ولديهم التأويل والبيان ، وبمفاتيح منطقهم نطق كل لسان. وبذلك حث عليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله : (إني تارك فيكم الثقلين ، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، مثلهم فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق وهوى).

فقد أصبحوا عندي بحمد الله مفاتيح الهدى ، ومصابيح الدجا ، لو طلبنا شرق الأرض وغربها لم نجد في الشرق مثلهم ، فأنا أقفو آثارهم ، وأتمثل مثالهم ، وأقول بقولهم ، وأدين بدينهم ، وأحتذي بفعلهم (١).

الثانية : تناول مواضيع ساخنة :

كما أسلفنا لم يكن التأليف عند الإمامة حالة ترف فكري ، وتأليف من أجل التأليف ، أو أنه كان يتناول مواضيع مألوفة وأفكارا مكرورة ، بل إن المواضيع التي طرحها والأفكار التي نقدها وفندها ، كانت مواضيع ساخنة وتساؤلات مشروعة ، ورؤي معروضة بشكل مستفز ، وكانت أكثر المواضيع حساسية في ذلك العصر ، ولا زالت إلى عصرنا هذا.

الثالثة : أصالة الحجة :

لم يعتمد الإمام القاسم في استدلالاته على حجج غير ناهضة بالمقصود ، ولا على حجج دخيلة على الفكر الإسلامي ، وإنما اعتمد الحجج الأصيلة من صريح المعقول وصحيح المنقول.

* * *

__________________

(١) الجواب لأهل صنعاء ، المجموعة الفاخرة / ١٤٤ ـ ١٤٥.

١٧٠

التحقيق

كيف كانت البداية

قبل أكثر من (١٤) سنة يعني سنة ١٤٠٥ ه‍ تقريبا كانت بداية معرفتي بفكر الإمام القاسم ، حين أخذت في دراسة مجموع كتبه ورسائله على يدي شيخنا العلامة يحيى بن حسين الحشحوش ، فأخذت كتب الإمام القاسم بمجامع قلبي لدقة أنظاره ، وجزالة لفظه ، وبراعة استدلاله ، وبلاغة لغته ، بيد أنه كانت تواجهنا مشكلة التصحيف والسقط في المخطوطة الوحيدة التي لم أجد غيرها في صعدة كلها رغم بحثي المستمر عنها ، وضل يراودني الأمل في الوقوف على نسخة أخرى ، حتى يسّر الله ـ وله الفضل والمنة ـ الحصول على أكثر من مخطوطة من صنعاء وحجة سنة ١٤١٢ ه‍ ، وكانت ـ بحمد الله ـ أدق وأصح وأوسع من المخطوطة التي بجوزتي. وكثيرا ما كنت أسمع كل من يتحدث عن الإمام القاسم وكتبه من الآباء العلماء وغيرهم ، يتحدثون عن تعقيد لغة الإمام ووعورة تراكبيه ، واستعصائها على الفهم ، وبعد تصحيح الكتاب وضبطه والتأمل الدقيق فيه تبين خطأ ما كان يظن فيه من التعقيد والاستعصاء على الفهم ، ومرد ذلك إلى الأخطاء والتصحيفات الكثيرة ، وسيلمس القارئ الكريم صحة ما أقول.

مراحل الإعداد :

لقد كانت أولى مراحل الإعداد تجميع المخطوطات ، ولقد أخذ مني ذلك كل مأخذ، فثاني نسخة حصلت عليها كانت من مكتبة السيد محمد بن زيد ، وهي موروثة من جدهم السيد العلامة محمد بن الحسن بن القاسم بن محمد ، والثانية من مكتبة الجامع الكبير بصنعاء ، ولم أتمكن من الحصول عليها إلا بعد وساطات عالية المستوى ، كالسيد العلامة محمد بن محمد المنصور حفظه الله كبير علماء صنعاء ووزير أوقاف سابق وناظر الوصايا اليمنية ، والسيد العلامة عبد الله بن يحيى الصعدي رحمه‌الله

١٧١

وزير أشغال سابق ، والسيد العلامة يحيى الوشلي رحمه‌الله.

مراحل التحقيق

أول عمل قمت به أن نسخت المخطوط ثم قابلت المخطوطتين ثم دفعته إلى الكمبيوتر وظل أكثر من سنتين حتى تناثر وضاع أكثر ما نسخته ، فداخلني الملل والكلل ، ثم حصلت على نسختين أخريين فقوي العزم على معاودة تحقيقه من جديد ، وأعدت المقابلة وضبط النص ، ودفعته إلى الكمبيوتر ثانية إلى أن أنجزنا منه الكثير ، ثم حصل عطل في الكمبيوتر فأرجأنا العمل مرة أخرى ، وهكذا كلما تقدمت خطوة في العمل تأخرت أخرى ، ثم صممت على إنجازه مهما اعترضتني من عقبات ، وعملت حتى شارفت على التمام فأصاب الكمبيوتر فيروس فأفسد كثيرا من عملي ومسح كتبا عدة لم تكن حفظت ، وواصلت العمل حتى وفق الله وأعان على إتمامه. ولقد تجرعت الغصص حتى انتهيت من العمل فيه ، وقضيت السنوات ذوات العدد ـ أكثر من سبع سنوات ـ بل وحققت وطبعت أثناء العمل فيه أكثر من كتاب.

منهج التحقيق

تصحيح النص

يبدو لي أن أهم عمل ينبغي أن يوليه المحقق الاهتمام الكبير هو تصحيح النص وتقويمه ، حتى يكون أقرب ما يكون من نص المؤلف كما كتبه ، خاصة كتب القرون الأولى.

ولقد واجهت في تصحيح نص كتب الإمام عقبات وعقبات ، لغرابة ألفاظها ولخلوها من الإعجام ، فغالب الخطوط القديمة تأتي مهملة. وأذكر أني وقفت على كلمة (نحيرة) مهملة ، فافترضتها (تحبرة ، أو تخبرة ، أو تجبرة ، أو بحيرة ، أو بخيرة ، أو بجيرة ، أو تجيرة ، أو نحيزة) وقلبتها على وجوه عدة فلم أهتد لمعناها ، أو أقف في معاجم اللغة على معنى أطمئن إليه أنه المقصود للإمام ، وهكذا تركتها سنة تقريبا ، وبينما أنا

١٧٢

أتصفح كتابا لغويا إذ مرت بي كلمة (نحيرة) فتأملتها باهتمام كبير ثم عمدت إلى معجم (لسان العرب) فبحثت عنها ، وإذا به يفسرها بأنها تعني الطبيعة ، فعدت إلى أوراقي وملفاتي القديمة الخاصة بمجموع الإمام القاسم فتأملتها وتأملت السياق الواردة فيه ، فإذا هي هي فكدت أطير فرحا لوقوفي عليها وحمدت الله على ذلك.

ولقد بذلت جهدا مضنيا لتصحيح النص وتقويمه ، ولكثرة تأملي في كتب الإمام ، وتحقيقها حرفا حرفا ، فقد تشرّبت أسلوب الإمام وخبرت طريقته ، حتى كنت إذا قرأت نصا من كلامه وفيه تصحيف أو خطأ ينكشف لي ذلك قبل أي تأمل ، وقبل الرجوع إلى المخطوطات للتأكد والمقابلة. وكثيرا ما كنت أجتهد رأيي في تصحيح النص وتقويمه ، وإن خالفت جميع المخطوطات ، بيد أني أثبت ما ارتئيت في الأصل ، وأثبت ما في المخطوطات في الهامش ، فلعل قارئا متأملا يتبين له خطأ ما أثبت فلا أحرمه فرصة الوقوف على ما في المخطوطات ، وتلك أمانة علمية ينبغي أداؤها.

ضبط النص

لأن الكتاب يتناول أهم مواضيع العقيدة وأكثرها سخونة ، ولأنه من أقدم ما ألف في هذا الصدد ، ولأن كثيرا من كتبه ورسائله كتب في نهاية القرن الثاني ، ولأنه كتب بطريقة فريدة ـ النثر المشعور أو الشعر المنثور ـ وبتراكيب لغوية متينة ، ومفردات جزلة غريبة ، كان لا بد من ضبط النص ، لتسهل قراءته وتتضح معانيه.

توزيع النص

قطعت النص إلى فقرات ، والفقرة إلى جمل ، مستخدما علامات الترقيم المتعارف عليها. ولأن الكتاب شعر منثور أو نثر مشعور فكنت قد أزمعت على الفصل بين كل سجعة وأخرى بنجمة مميزة ، ثم أضربت عنها واستخدمت الفصلة. ولذلك فالفصلات ليست عشوائية ، وإنما وضعتها حسبما أراد الإمام أن يقرأ كتابه.

١٧٣

ترتيب الكتب

مجموعة كتب ورسائل وجوابات الإمام القاسم مختلفة ومتعددة فهي أكثر من (٣٠) كتابا ورسالة ، في مختلف المعارف الإسلامية ، لذلك فإنها لم تأت مرتبة ، بل إن بعض الكتب لا يوجد منه إلا نسخة أو نسختان ، والبعض الآخر ربما وجد منه أكثر من سبع نسخ.

لذلك عمدت إلى ترتيبه ترتيبا مبتكرا ، فبدأت بالكتب التي ناقش فيها الإمام الطوائف غير الدينية ، كالفلاسفة ، والملاحدة ، والزنادقة ، ثم الديانات السماوية (النصارى)، ثم الفرق الإسلامية ، المشبهة المجسمة ، والقدرية المجبرة ، والرافضة ، وغلاة الروافض.

ثم رتبت الباقي حسب ترتيب الأصول الخمسة لدى الزيدية : فبدأت بالتوحيد ، ثم العدل ، ثم النبوة ، وما يتبعها من القرآن والإمامة ، ثم الجهاد ومهاجرة الظالمين ، ثم الحكم والآداب والزهد والعظات ، ثم الطهارة والصلاة ، ثم المسائل العامة.

التعليقات

الآيات

خرجت جميع الآيات المذكورة في الكتاب.

الحديث

خرجت جميع الأحاديث المذكورة في الكتاب من كتب الحديث عند الزيدية ، والجعفرية ، والسنة ، والأباضية.

الغريب

شرحت الغريب من الألفاظ ، والتراكيب ، معتمدا على معاجم اللغة وكتب العقائد.

١٧٤

تعليقات

علقت على كل ما يحتاج إلى تعليق ، بالتوضيح أو الاستشهاد بما يؤكد مراد المؤلف.

مقدمة

وضعت مقدمة للتعريف بالمؤلف ، ودراسة موثقة للكتاب.

الفهارس

وضعت فهرسا للكتب والمواضيع ، وفهرسا للأحاديث ، وفهرسا للأعلام ، ولم أضع فهرسا للآيات لكثرتها.

المخطوطات المعتمدة

اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على خمس نسخ منه :

الأولى : نسخة خطية بخط واضح حسن ، أغلبها مهملة من الإعجام. كتب في آخرها : تم الكتاب وربنا المحمود وله الكبرياء والجود ، وصلى الله على رسوله ، سيدنا محمد وأهله ، وسلم تسليما ، في سادس شهر جمادى الأولى من سنة خمس وستين وألف.

بخط الفقير إلى مولاه : سليمان بن محمد بن عبد الله المهلا ، عفا الله عنه ، وغفر ذنوبه ، وستر عيوبه ، آمين.

وكتب على غلافه : مما استكتبه لنفسه مولانا الأكرم ، العلم العلامة الأعظم ، عز الإسلام والمسلمين ، وسيد أولاد الأنزع البطين ، محمد بن الحسن بن أمير المؤمنين المنصور بالله القاسم بن محمد بن رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين.

كتب في شهر رجب الأصب من سنة خمس وستين وألف سنة. وصلى الله على سيدنا محمد الأمين ، وعلى آله الطيبين وسلم.

وهي تقع في (٤٧٤) صفحة ، في كل صفحة (٢٥) سطرا ، في كل سطر (١٢)

١٧٥

كلمة. وقد رمزت لها ب (أ).

وقد حصلت عليها من مكتبة محمد محمد بن زيد من أحفاد محمد بن الحسن بن القاسم بن محمد.

الثانية : نسخة مصورة بخط واضح غير أنها مليئة بالأخطاء والتصحيفات والسقط ، وإهمال الإعجام ، كتب في آخرها : كان الفراغ من هذه النسخة ثاني شهر رجب الخير ، سنة أربعة وستين وألف سنة. والحمد لله على كل حال من الأحوال.

وهي النسخة الوحيدة الموجودة في صعدة.

وهي تقع في (٥٢٦) صفحة ، في كل صفحة (٢٠) سطرا ، في كل سطر (١١) كلمة ، وقد رمزت لها ب (ب).

الثالثة : نسخة مصورة بخط قديم واضح يغلب عليها الصحة ، ويغلب عليها أيضا إهمال الإعجام. لم يبين تاريخ كتابتها ولا اسم كاتبها ، إلا أنه واضح عليها أنها من خطوط القرن السادس أو السابع.

وهي تقع في (٣٢٨) صفحة ، في كل صفحة (٢٦) سطرا ، في كل سطر (١٩) كلمة. وقد رمزت لها ب (ج).

وحصلت عليها من مكتبة الجامع الكبير بصنعاء.

الرابعة : نسخة خطية بخط واضح ، غير أنها شبيهة بنسخة (ب) بل غالبا ما تتفقان. ويبدو أنها من القرن العاشر الهجري ، لم أعد أذكر التفاصيل عنها ، لأن صاحبها أخذها قبل أن أسجل المعلومات عنها. ورمزت لها ب (د).

حصلت عليها من مكتبة السيد العلامة محمد بن قاسم الشرفي. من المحابشة / حجة.

الخامسة : نسخة مصورة بخط واضح غير أنها قليلة الكتب كثيرة السقط. رمزت لها ب (ه).

إضافة إلى كتب ورسائل عدة بعضها لا يوجد منها إلا نسخة واحدة مفردة عن المجاميع السالفة الذكر.

مثل كتاب العالم والوافد فلدي منه ثلاث نسخ ، وكتاب الناسخ والمنسوخ لدي

١٧٦

منه نسختان ضمن نسخة (أ) و (ج). وكتاب صلاة يوم وليلة لدي منه نسختان نسخة ضمن نسخة (أ) ، والأخرى مفردة. وكتاب المسائل المنثورة يوجد لدي منه نسخة واحدة ضمن مجموع تفسير الأئمة ، بخط قديم مكتوب عليه : كتبه إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن الهادي بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل بن الهادي إلى الحق عليهم‌السلام ، وكان ذلك بصنعاء اليمن ، برجب من سنة ست وستين وثماني مائة.

ورسائل أخرى موجودة لدي.

* * *

١٧٧

١٧٨

١٧٩

١٨٠