المسلك في أصول الدّين

الشيخ نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الهذلي [ المحقق الحلّي ]

المسلك في أصول الدّين

المؤلف:

الشيخ نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الهذلي [ المحقق الحلّي ]


المحقق: رضا الاستادي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مؤسسة الطبع والنشر في الآستانة الرضويّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٠

لا يقال : فأنتم تصفون عليّا بالشجاعة الخارقة للعوائد (٣٩) فما هذا الضعف. لأنّا نقول : قد يسقط التكليف عند توجّه الضرر ، وإن كان تحمّله ممكنا ، وإذا سقط الوجوب جاز أن يترخّص فيه.

على أنّا نصفه بالشجاعة ، لكن لا إلى حدّ نقول : إنّه يقهر الألف من أقوياء البشر بمفرده ، وإلى أنّه لو قوي عليهم لأمكنه أن يحفظ مع ذلك الدين في صدورهم ويضبط قواعد الإسلام أن ينتقض بينهم. هذا ممّا لا يدّعيه أحد من الشيعة ، فلعلّه ـ عليه‌السلام ـ مع قوّته عرف ما يلزم عن قهره (٤٠) من الفساد الذي لا يتدارك ، فاقتصر على التذكير والمخاطبة دون النفور (٤١) والمحاربة.

__________________

ـ فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب ، وقال : والذي نفس عمر بيده ، لتخرجنّ أو لأحرقنّها على من فيها ، فقيل له: يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة. فقال : وإن. فخرجوا فبايعوا إلّا عليّ ...

وفي تاريخ الطبري عن زياد بن كليب قال : أتى عمر بن الخطّاب منزل عليّ وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين ، فقال : والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة ...

راجع الطبري ٣ / ٢٠٢ والإمامة والسياسة ١ / ١٩ ـ ٢٠ وفاطمة الزهراء للرحماني ٥١٩.

وفي الأصل هكذا : «بعد أن قالوا إن لم تخرج وإلّا حرقنا عليك بيتك» وما أثبتناه هو الصحيح ظاهرا.

(٣٩) العوائد جمع العادة.

(٤٠) عن قهرهم. ن خ.

(٤١) هنا كلمة ، نحتمل كونها : النفور كما أثبتناها.

٢٦١

وعن السادس : قوله : لو كان عليّ ـ عليه‌السلام ـ منصوصا عليه نصّا مشهورا لكان إمّا ساعده الصحابة أو خذلوه. قلنا : ساعده جماعة ، لكنّهم لا يغنون عنه ، وخذله الأكثر.

قوله : يلزم القدح في الصحابة. قلنا : الخاذل ، فيهم المعذور لغلبة الظنّ بالعجز ، والمغرور بحبّ الدنيا ، وغير منكر توجيه الذمّ إلى القبيل الآخر.

ولو احتجّ لهم بالبراءة من اللوم بوقوع اسم الصحبة ، لكان غلطا ، إذ في الصحابة من اتّفق الناس على نفاقه ، بل على مجاهرته ، وقد روي عنه ـ عليه‌السلام ـ إنّه قال : «يذاد عنّي قوم ذات اليمين وذات الشمال ، فأقول : يا ربّ أصحابي ، فيقال : إنّهم ليسوا بأصحابك ، بل إنّهم غيّروا وبدّلوا» (٤٢) وذلك يدلّ على أنّه لا يمدح من الصحابة إلّا من عرف صلاحه وبعد عن موارد الزلل.

__________________

(٤٢) راجع عيون أخبار الرضا ٢ / ٨٧ ـ تلخيص الشافي ٢ / ٢٤٨ وذيل ص ١٩ ج ٢٨ من البحار ومستدرك سفينة البحار ٦ / ١٧٠ وفي سنن ابن ماجة ـ كتاب الزهد ـ : ليذادنّ رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضالّ ، فاناديهم : ألا هلمّوا فيقال : إنّهم قد بدّلوا بعدك ، ولم يزالوا يرجعون إلى أعقابهم ، فأقول : ألا سحقا سحقا.

وراجع سنن ابن ماجة ص ١٤٤١ وموطّأ مالك ص ٣٩ باب «جامع الوضوء».

٢٦٢

[تفضيل عليّ ـ عليه‌السلام ـ]

وحيث انتهينا إلى هذا المقام فلنذكر بحثا مختصّا بتفضيل عليّ ـ عليه‌السلام ـ فنقول :

اختلف الناس بعد النبيّ ـ عليه‌السلام ـ على قولين :

فطائفة قالت بتفضيل عليّ ـ عليه‌السلام ـ على غيره من الصحابة بمعنى أنّه أكثر ثوابا وأرجح في الفضائل العلميّة والعمليّة الشرعيّة ، وهو مذهب الشيعة وبعض المعتزلة وجماعة من أصحاب الحديث.

وقال الباقون من الطوائف بتفضيل أبا بكر (٤٣) على غيره من الصحابة.

واحتجّ أصحابنا على مذهبنا بوجوه :

الأوّل : أنّه منصوص عليه بالإمامة ، وذلك يقتضي اختصاصه بالتفضيل ، لما ثبت من قبح تقديم المفضول على الفاضل.

الثاني : أنّه كان أكثر جهادا فيجب أن يكون أفضل. أمّا الاولى فمطالعة السير تحقّقها إذ لا مقام إلّا وقدمه ـ عليه‌السلام ـ فيه أثبت الأقدام. (٤٤)

__________________

(٤٣) كذا في الأصل.

(٤٤) راجع الإرشاد للشيخ المفيد ـ رحمه‌الله ـ : ص ٣٠ ـ ٧٧. قال قبل نقل الوقائع : وأمّا الجهاد الذي ثبتت به قواعد الإسلام ، واستقرّت بثبوته شرائع الملّة ـ

٢٦٣

وأمّا الثانية فبالقرآن (٤٥) والإجماع.

لا يقال : الجهاد جهادان : جهاد باللسان وجهاد بالسنان ، وأبو بكر وإن لم يجاهد ببدنه فقد جاهد بجدله ولسانه. لأنّا نقول : أمّا الجهاد باللسان فلا يسمّى جهادا عرفا ولا اصطلاحا ، وإن سمّي بذلك كان مجازا ، واللفظ عند الإطلاق ينصرف إلى حقيقته ، وبيان الحقيقة ما أشرنا إليه بالنقل والاستعمال.

أمّا النقل فظاهر ، فإنّ أهل الشرع لا يعنون بالجهاد إلّا هذا إلّا على سبيل التشبيه والاستعارة. فأمّا الاستعمال فظاهر أيضا ، فإنّ كتاب الجهاد في الشرع لا يتضمّن إلّا مسائل الجهاد البدني دون غيره.

ثمّ نقول : أوامر الشرع المطلقة الدالّة على الجهاد هل اريد بها الجدال أو مجاهدة العدوّ بالسيف وقمعهم بيد القهر؟

ثمّ كيف يستجيز ذو البصيرة أن يعتذر لأبي بكر في قعوده عن الجهاد حتّى إذا حضر موطنا لا يريق دما ولا يعرق فرسا (٤٦) في سبيل الله ، مع أنّ الله

__________________

والأحكام ، فقد تخصّص منه أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ بما اشتهر ذكره في الأنام ، واستفاض الخبر به بين الخاصّ والعامّ ، ولم يختلف فيه العلماء ولا تنازع في صحّته الفهماء ولا شكّ فيه إلّا غفل لم يتأمّل الأخبار ، ولا دفعه أحد ممّن نظر في الآثار إلّا معاند بهّات لا يستحيي من العار.

(٤٥) راجع آيات الجهاد من القرآن الكريم مثل :

(فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً).

و (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً).

و (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ).

(٤٦) خلق الله للجهاد رجالا

ورجالا لقصعة وثريد

٢٦٤

سبحانه قد ملأ الأسماع وشحن آي (٤٧) القرآن بالأمر بالجهاد للأعداء والخروج إليهم وإعداد السلاح والقوّة ورباط الخيل. (٤٨) أيرى ذلك كلّه للمناظرة؟

ثمّ أيّ ذنب أعظم من أنّ الله يأمر المسلمين كافّة بالنفور (٤٩) إلى حرب أعداء الإسلام والخروج إليهم فيجرّد كلّ مسلم سيفه ويبسط يده ضربا وطعنا وإثخانا في العدوّ متقرّبا إلى الله سبحانه ، ويعذر مع ذلك من تارة لا يحضر واخرى يحضر منفكّا عن المنابذة (٥٠) مقتصرا على المشاهدة ، ثمّ لا يكتفي بعذره حتّى يجعله من الفضلاء في الإسلام المقدّمين في الايتمام. أترى كان النبيّ ـ عليه‌السلام ـ في مواطن الحرب يسلّط رجاله على مجالدة الأعداء ويحضر لهذا العارف مناظرين يقوى بعلمه على جدالهم ودفع حجّتهم؟ هذا من أقبح ما يلتزم به.

ثمّ إنّا نقول : لو سلّمنا لهم أنّ المناظرة جهاد بقول مطلق لكنّا مطالبون بصور المناظرات التي جرت من هذا الفاضل ، ومواضع احتجاجاته في أبواب التوحيد والعدل وتحقّق النبوّة والمعاد.

أين هذه الأقوال التي قطع بها أوقاته وردّ بها أهل الزيغ إلى محجّة (٥١)

__________________

(٤٧) جمع آية.

(٤٨) إشارة إلى هذه الآية : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ ...) سورة الأنفال ، الآية : ٦٠.

(٤٩) هنا كلمة نحتمل كونها : «النفور» كما أثبتناها.

(٥٠) نابذ القوم الحرب : كاشفهم إيّاها وجاهرهم بها.

(٥١) المحجّة بفتح الميم : الطريق.

٢٦٥

الدين؟ لو كان ذلك لاشتهر كما اشتهر عن عليّ ـ عليه‌السلام ـ من الحجاج على التوحيد ، والاستدلال على العقائد ما يرجح على اجتهاد كلّ عارف من الامّة (٥٢).

الثالث : قوله ـ عليه‌السلام ـ : «آتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء عليّ ـ عليه‌السلام ـ» (٥٣).

لا يقال : هذا خبر واحد وأنتم لا تعملون بالآحاد ، سلّمنا لكنّه لفظ مطلق ، والمطلق يصدق بالجزء وبالكلّ ، فلعلّه أحبّ إليه في شيء دون شيء. سلّمنا شموله ، لكن غايته أنّ النبيّ ـ عليه‌السلام ـ دعا فمن أين أنّه يجب على الله إجابته ، سلّمنا أنّه يجب إجابته ، لكن ما المانع أن يكون أتى من يأكل مع النبيّ مضافا إلى عليّ أو بعد عليّ ، سلّمنا أنّه لم يأت أحد من البشر سواه ، فلم لا يجوز أن يكون سأل الاتيان بأحبّ الخلق إليه مطلقا إمّا في ذلك المقام أو في غيره أو في غير ذلك الطعام.

لأنّا نقول : أمّا أنّه خبر واحد فلا ريب فيه ، لكنّه من الأخبار المقبولة التي اشتهرت بين الناقلين ، وإذا بلغ الخبر هذا المبلغ خرج عن حكم الآحاد إلى وجوب العمل به والانقياد لمضمونه.

__________________

(٥٢) راجع كتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي وأيضا احتجاجات عليّ ـ عليه‌السلام ـ المنقولة في البحار للعلّامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ.

(٥٣) راجع الباب الحادي عشر والثاني عشر ـ ص ٤٧١ ـ من غاية المرام للمحدّث البحراني تجد فيهما هذه الرواية منقولة بطرق كثيرة من عدة كتب من العامّة والخاصّة كمسند أحمد ، والمناقب لابن المغازلي ، والمناقب للخوارزمي ، وفرائد السمطين ، وأمالي الشيخ الطوسي ، وأمالي الشيخ الصدوق ، والاحتجاج للطبرسي.

٢٦٦

قوله : هو لفظ مطلق. قلنا : هذا حقّ لكنّ المطلق يفيد الماهيّة ، فإذا اضيفت اقتضى تعليق الحكم بتلك الماهيّة لا باعتبار قيد ، كما إذا قال : لله عليّ الصدقة بمالي من غير نيّة التخصيص.

قوله : النبيّ ـ عليه‌السلام ـ دعا ، فمن أين يجاب؟ قلنا : أجمع المسلمون أنّ النبيّ ـ عليه‌السلام ـ مجاب الدعوة ، (٥٤) وهذه كلمة وفاق ، ولا يفتقر إلى الاحتجاج.

قوله : لم لا يجوز أن يكون أتى من هو أحبّ الخلق قبل عليّ أو بعده. قلت : قول الناقلين : «فأتى عليّ» دليل على أنّه هو المراد. ثمّ لم ينقل أنّ أحدا جاء غيره ، وذلك يكفي في حصول الغرض ، فإنّ الامور تبنى على الظاهر لا على الاحتمالات البعيدة.

لا يقال : هذا يثمر الظنّ لا اليقين. لأنّا نقول : يثمر اليقين ، لأنّ الامّة بين قائلين : قائل يستعمل اليقينيّات في هذا المقام وهم الإماميّة ، وقائل يجتزي بالظنّ ويقول إنّها مسائل فقهيّة ، فكان العمل بذلك واجبا ، أمّا عندنا فلجزمنا بثمرة المسألة ، وأمّا عند المخالف فلوجوب العمل فيها بالظواهر.

قوله : من أين أنّه سأل الإتيان بأحبّ الخلق في ذلك المقام. قلت : لأنّه سأل أن يأكل معه من ذلك الطائر ، فالظاهر أنّه قصد في ذلك المقام بحيث يأكل معه.

الوجه الرابع : قوله ـ عليه‌السلام ـ : «من كنت مولاه فعليّ مولاه» وقول عمر :

__________________

(٥٤) بعد وجود هذه الجملة في «فجاء عليّ» في روايات الباب كيف يقال : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا ، فمن أين يجاب. نعوذ بالله من قول الزور.

٢٦٧

«بخّ بخّ أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة» (٥٥) وقد بيّنا أنّه لا يريد بالخبر وليّ النصرة ، وإنّما يريد السيادة والحكم ، وكونه أولى.

الوجه الخامس : هو ـ عليه‌السلام ـ أعلم فيجب أن يكون أفضل. أمّا الاولى فيدلّ عليها وجوه ثلاثة :

الأوّل : أنّه ـ عليه‌السلام ـ موصوف بالجلالة والسداد ، وقد قال : «سلوني قبل أن تفقدوني» (٥٦) فلو لم يكن واثقا بجواب كلّ ما يسأل عنه لما استحار (٥٧) ذلك إذ لا يقدم على ذلك من غير وثوق إلّا موصوف بالخرق والطيش وهو صلوات الله عليه يجلّ عن ذلك.

لا يقال لعلّه علم ما يسأله عنه أهل المجلس. لأنّا نقول : فذلك إذا أعظم فضيلة إذ يدلّ على الاطّلاع على الضمائر.

الثاني : أنّا ننقل أنّ أكثر الصحابة افتقرت إليه في الجواب عن

__________________

(٥٥) قد مرّ تخريج مصدره فراجع.

(٥٦) رواها أحمد في مسنده ، والخوارزمي في مناقبه ، والحمويني في فرائد السمطين.

قال ابن أبي الحديد : أجمع الناس كلّهم على أنّه لم يقل أحد من الصحابة ولا أحد من العلماء «سلوني» غير عليّ بن أبي طالب.

ورواها الصدوق في الأمالي والصفّار في بصائر الدرجات ، والشيخ المفيد في أماليه. راجع غاية المرام ص ٥٢٥.

(٥٧) استحاره : استنطقه ، يعني لو لم يكن واثقا بعلمه بجواب كلّ ما يسأل لما حمل الناس على السؤال ولما أوجد الداعي للسؤال فيهم.

طاش فلان طيشا : ذهب عقله.

٢٦٨

الشرعيّات ، ولم ينقل أنّه سأل أحدا في ذلك مستفهما. (٥٨)

الثالث : أنّه ـ عليه‌السلام ـ قال : «والله ما من آية نزلت في برّ أو بحر ، ولا سهل ولا جبل ، ولا سماء ولا أرض ، ولا ليل ولا نهار ، إلّا وأنا أعلم في من نزلت ، وفي أي شيء نزلت» (٥٩) وغيره قال ـ وقد سئل عن آية ـ : أيّ سماء تظلّني وأيّ أرض تقلّني (٦٠) إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم. (٦١)

وأمّا أنّ الأعلم أفضل فبقوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٦٢) وإذا انتفت المساواة وجب أن يكون الرجحان في طرف الأعلم.

__________________

(٥٨) قال الزمخشري في الأنموذج في النحو : «لو لا ولو ما يكونان لامتناع الشيء بوجود غيره فتختصّان بالاسم نحو لو لا عليّ لهلك عمر» ويظهر من تمثيله أنّ صدور هذا الكلام من عمر من المسلّمات.

وقال الشريف المرتضى في الشافي ج ١ ص ٢٠٣ : لا اختلاف بين أهل النقل في رجوع من تولّى الأمر بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في معضلات الأحكام ومشتبهات الامور إليه وأنّهم كانوا يستضيئون برأيه ويستمدّون من علمه وقول عمر : «لا عشت لمعضلة لا يكون لها أبو حسن» وقوله : «لو لا عليّ لهلك عمر» معروف.

أقول : لا شكّ في أنّه قالها غير مرّة وفي أكثر من موطن. راجع تعليقة الشافي ١ / ٢٠٣. وغاية المرام ص ٥٣٠.

(٥٩) راجع أمالي الشيخ المفيد ص ١٥٢.

(٦٠) أقلّ : حمل ومنه قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أبي ذرّ : ما أقلّت الغبراء ...

(٦١) قال السيوطي في الإتقان ص ١١٣ : أخرج أبو عبيد في الفضائل عن إبراهيم بن التيمي أنّ أبا بكر الصدّيق سئل عن قوله تعالى : (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) فقال : أيّ سماء تظلّني وأيّ أرض تقلّني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم.

وراجع تشييد المطاعن ٢ / ٢٧٢ طبع سنة ١٣٩٩ ه‍ ق.

(٦٢) سورة الزمر ، الآية : ٩.

٢٦٩

[ردّ تفضيل أبي بكر]

واحتجّ القائلون بتفضيل أبي بكر بوجوه ، وأقواها ما ذكروه أنّ النبيّ ـ عليه‌السلام ـ قال : «والله ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيّين والمرسلين [على] أفضل من أبي بكر» (٦٣) وقوله : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» (٦٤) وباستنابته في الصلاة (٦٥) وبقوله : (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) (٦٦).

والجواب عمّا ذكروه أوّلا أن نقول : الخبر المذكور لا نعرفه ولم يصحّ نقله ، وما يتفرّدون بنقله لا عمل فيه ، ولا ينعكس مثل ذلك علينا في احتجاجنا بالأخبار ، لأنّا لا نحتجّ بالأخبار التي انفردنا بها إلّا إذا كانت متواترة تفيد اليقين ، ويكون الدافع لها مكابرا بعد الوقوف على نقلها ، وأمّا الآحاد منها فلا نجعلها حجّة على خصومنا إلّا إذا نقلها الخصم كما نقلناها ، وقبلها كما قبلناها.

ثمّ نقول : الذي يدلّ على بطلان هذا الخبر قول أبي بكر : «ولّيتكم

__________________

(٦٣) وأخرج الترمذي : قال عمر لأبي بكر : يا خير الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال أبو بكر : إن قلت ذلك فلقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر ، أقول : وهذا من مصاديق السياسة الملعونة نعوذ بالله منها.

(٦٤) راجع التعليقة رقم ١٣ من هذه التعليقات.

(٦٥) قال السيّد المرتضى في الشافي ج ٢ ص ١٥٩ : إنّ الأمر بالصلاة والإذن فيها وارد من جهة عائشة وليس بمنكر أن يكون الإذن صدر من جهتها لا من جهة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد دلّ أصحابنا على ذلك بشيئين ...

(٦٦) سورة الليل ، الآية : ١٧.

٢٧٠

ولست بخيركم» (٦٧) فقد أخبر عن نفسه أنّه ليس خيرهم ، وكيف يشهد له النبيّ بالفضيلة على غيره وهو ينكر.

ثمّ نقول : لو صحّ هذا الخبر لما كان أفضل من عليّ ، لأنّ عليّا ـ عليه‌السلام ـ أفضل من الأنبياء (٦٨) وقد اختلف في اولي العزم (٦٩) والأفضل من الأفضل أفضل.

وأمّا الجواب عن الاحتجاجات الباقية ، فقد سلف في أوّل (٧٠) هذا المقصد ، فليطالع هناك.

__________________

(٦٧) راجع دلائل الصدق للمظفّر ٣ / ٢٥ وتشييد المطاعن ١ / ٢٧٣ ونهج البلاغة وشروحها ذيل هذه الجملة: «فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته» من الخطبة الشقشقيّة.

(٦٨) قال الصدوق في الاعتقادات : يجب أن يعتقد أنّ الله عزوجل لم يخلق خلقا أفضل من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة ـ عليهم‌السلام ـ ... ويعتقد أن الله تعالى خلق جميع ما خلق له ولأهل بيته وأنّهم لولاهم ما خلق السماء ولا الأرض ولا الجنّة ولا النار ولا آدم ولا حواء ولا الملائكة ولا شيئا ممّا خلق ، صلوات الله عليهم أجمعين. راجع البحار ٢٦ / ٢٩٧ والاعتقادات للصدوق ص ١٠٦ ـ ١٠٧.

(٦٩) قال الشيخ المفيد في كتابه أوائل المقالات ٤٢ ـ ٤٣ : قد قطع قوم من أهل الإمامة بفضل الأئمّة من آل محمّد ـ عليهم‌السلام ـ على سائر من تقدم من الرسل والأنبياء سوى نبيّنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأوجب فريق منهم لهم الفضل على جميع الأنبياء سوى اولي العزم منهم ، وأبي القولين فريق آخر منهم وقطعوا بفضل الأنبياء كلّهم على سائر الأئمّة ـ عليهم‌السلام ـ ... وقد جاءت آثار عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ وذرّيته من الأئمّة ـ عليهم‌السلام ـ والأخبار عن الأئمّة الصادقين أيضا من بعد ، وفي القرآن مواضع تقوّي العزم على ما قاله الفريق الأوّل وأنا ناظر فيه وبالله أعتصم من الضلال. وراجع البحار ٢٦ / ٢٩٨.

(٧٠) راجع ص ٢٥٢.

٢٧١

المقصد الثاني

في الدلالة على إثبات [إمامة] الأئمّة بعد عليّ ـ عليه‌السلام ـ

ولنا في ذلك أدلّة :

أحدها : أن نبيّن أنّ كلّ زمان لا بدّ له من إمام معصوم ، ونبطل دعوى العصمة لمن ادّعوا له الإمامة ، فيتعيّن الإمامة لمن ادّعيناها نحن له خاصّة. (١)

وثانيها : أن ننقل من النصّ عليه ما روته الإماميّة ونقلته نقلا متواترا من كلّ إمام على الذي قبله. (٢)

وثالثها : أن ننقل عن النبيّ ـ عليه‌السلام ـ من الأحاديث المتّفق عليها عند

__________________

(١) راجع الكافي ، كتاب الحجّة ، باب الاضطرار إلى الحجّة ، وفيه حديث هشام الذي هو من أحسن الأدلّة على لزوم الإمام المعصوم في كل زمان. وهذا الحديث قد نقل في الكافي ١ / ١٦٩ ومروج الذهب للمسعودي ٤ / ٢٢ ورجال الكشّي ٢٧١ والمناقب لابن شهرآشوب ١ / ٢٤٦ ـ وهو ينقله عن العيون والمحاسن للمفيد ـ والاحتجاج ص ٢٠٠.

(٢) راجع كتاب إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للشيخ الحرّ العاملي وهو أجمع كتاب في هذا الباب.

٢٧٢

الإماميّة وخصومهم أنّ الأئمّة بعد النبيّ ـ عليه‌السلام ـ اثنا عشر خليفة ، (٣) ثم نقول : كلّ من قال بذلك قال بإمامة هؤلاء على التعيين. والقول بالمنقول مع أنّ الإمامة في غيرهم خروج عن الإجماع.

ورابعها : أن ننقل من المعجزات التي روتها الإماميّة (٤) عن كلّ واحد من الأئمّة ما يدلّ على اختصاصه بالصدق ، ثمّ ننقل عنه دعوى الإمامة ، فيتعيّن إمامته.

ولنذكر طرفا من الأخبار الدالّة على إمامة اثني عشر جملة.

من ذلك ما رواه عبد الرحمن بن سمرة : «قلت : يا رسول الله أرشدني إلى النجاة فقال : إذا تفرّقت الآراء فعليك بعليّ بن أبي طالب ، فإنّه إمام أمّتي ، وخليفتي من بعدي ، وأنّ منه إمامي أمّتي ، وسيدي شباب أهل الجنة ، وتسعة من ولد الحسين تاسعهم قائم أمّتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما» (٥).

وعن عبد الله بن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله اطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختارني منها ، ثمّ اطّلع ثانية فاختار منها عليّا ، وهو أبو سبطي الحسن والحسين ، إنّ الله جعلني وإيّاهم حججا على عباده ، وجعل من صلب الحسين ـ عليه‌السلام ـ أئمّة يقومون بأمري ، التاسع منهم قائم أهل

__________________

(٣) راجع عوالم العلوم والمعارف للشيخ عبد الله البحراني ج ٣ / ١٥ ففيه ٢٤٤ رواية دالّة على أنّ الأئمّة بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر. وقسم من هذه الروايات متّفق عليها بين الفريقين.

(٤) راجع إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للشيخ الحرّ العاملي والخرائج للراوندي ، ومدينة المعاجز للسيّد البحراني ، والإرشاد للشيخ المفيد ، والكافي للكليني.

(٥) كمال الدين ١ / ٢٥٧ ، مع تلخيص.

٢٧٣

بيتي ، ومهدي أمّتي.» (٦).

وعن سلمان الفارسي : قال : «كنت بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو مريض ، فدخلت فاطمة فبكت ، وقالت : يا رسول الله أخشى الضيعة بعدك ، فقال : يا فاطمة أما علمت أنّ الله حتم الفناء على جميع خلقه وأنّ الله اطّلع إلى الأرض فاختار منها أباك ، ثمّ اطّلع ثانية فاختار منها زوجك ، وأمرني أن أتّخذه وليّا ووزيرا ، وأن أجعله خليفتي في أمّتي ، فأبوك خير أنبياء الله وزوجك خير الأوصياء ، وأنت أوّل من يلحق بي من أهلي ، ثمّ اطّلع ثالثة فاختارك وولديك ، فأنت سيّدة النساء وحسن وحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، وأبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة ، والأوصياء بعدي أخي عليّ ، والحسن والحسين ، ثمّ تسعة من ولد الحسين» (٧).

وعن مسروق : «قال : بينا نحن عند عبد الله بن مسعود إذ يقول له شاب : هل عهد إليكم نبيّكم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كم يكون من بعده خليفة؟ قال : إنّك لحديث السنّ وإن هذا شيء ما سألني عنه أحد قبلك ، نعم عهد إلينا نبيّنا ـ عليه‌السلام ـ أنّه يكون بعده اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني إسرائيل». (٨)

وعن جابر بن سمرة : «قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يقول : يكون بعدي اثنا عشر أميرا ثمّ أخفى صوته ، فقلت لأبي : ما قال؟ قال : قال : كلّهم من قريش». (٩)

__________________

(٦) كمال الدين ١ / ٢٥٧ ، مع تلخيص.

(٧) كمال الدين ١ / ٢٦٣ ، مع تلخيص.

(٨) كمال الدين ١ / ٢٧٠.

(٩) كمال الدين ١ / ٢٧٢.

٢٧٤

وعن زين العابدين ـ عليه‌السلام ـ عن أبيه الحسين ـ عليه‌السلام ـ أنّ أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ ، سئل عن العترة فقال : أنا والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين تاسعهم قائمهم ، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم ، حتّى يردوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حوضه. (١٠)

وعن جابر بن عبد الله : قال : لمّا نزل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (١١) قلت : يا رسول الله فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعته؟ فقال ـ عليه‌السلام ـ : هم خلفائي يا جابر وأئمّة المسلمين بعدي ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب ، ثمّ الحسن والحسين ، ثمّ عدّ تسعة من ولد الحسين ـ عليه‌السلام ـ. (١٢)

__________________

(١٠) كمال الدين ١ / ٢٤٠ وفيه : تاسعهم مهديّهم وقائمهم.

(١١) سورة النساء ، الآية : ٥٩.

(١٢) كمال الدين ١ / ٢٥٣.

٢٧٥

المقصد الثالث

في مباحث متعلّقة بالغيبة

وقد عرفت قيام الدلالة على أنّ الزمان لا يخلو من إمام ، وأنّه يجب أن يكون معصوما ، وكلّ من قال بذلك قال بأنّ الإمام الآن هو الذي نشير إليه.

وثبت أيضا من الأخبار المتواترة عن النبيّ والأئمّة ـ عليهم‌السلام ـ ما تتضمّن النصّ على اسمه ونسبه ووجوده فأغنى ذلك عن التعرّض للزيادة في الدلالة.

ويكفي في الجواب عن سبب الغيبة أن يقال : مع ثبوت عصمته يجب أن نحمل أفعاله على الصواب ، وإن خفي الوجه ، فلو لا مصلحة مبيحة للاستتار لما استتر ، غير أنّ للمخالف هاهنا أسئلة خمسة مهمّة لا بد من إيرادها والجواب عنها ، ليتّضح المقصود في هذا الفصل.

الأوّل : المطالبة بالأخبار الدالّة على تعيينه.

الثاني : المطالبة بتصحيح ولادته ، ومن شاهده فإنّهم ينكرون ذلك أيضا.

الثالث : المطالبة بالوجه الذي لأجله حصلت الغيبة مفصّلا ، ووجه استتاره عن أوليائه.

٢٧٦

الرابع : أنّه يلزم من الغيبة فوات كثير من الأحكام ، فهل تسقط أو تكون باقية؟

الخامس : الاستبعاد الذي يلهج به الخصم من تطاول عمره ـ عليه‌السلام ـ هذه المدّة.

أمّا تصحيح ولادته فقد بيّنا أنّه يكفي فيه قيام الدلالة العقليّة أنّ الزمان لا يخلو من إمام معصوم ، ونحن نعلم أنّ كلّ من قال بذلك قال بإمامة المشار إليه ، وهذا دليل على وجوده وذلك يتضمّن تصحيح ولادته ، ويغني عن الإشارة إلى من شاهده ، لكنّا نضيف إلى ذلك شيئا من المنقول ليكون أقوى في الحجّة ، فنقول :

أمّا النص على تعيينه فممّا لا تحصى كثرة ، وذلك ما رواه جابر عن النبيّ ـ عليه‌السلام ـ «قال : قال : المهديّ اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، تكون له غيبة يضلّ فيها الامم. يقبل كالشهاب الثاقب يملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما» (١).

وعن الأصبغ عن أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ «قال : الحادي عشر من ولدي يملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما» (٢).

وعن جابر «قال : دخلت على مولاتي فاطمة بنت رسول الله لاهنّيها بمولد الحسن ، فإذا بيدها صحيفة من درّة بيضاء ، فقلت : يا سيّدة النساء ما هذه الصحيفة؟ فقالت : فيها أسماء الأئمّة من ولدي ، ثمّ قالت : أنت مأذون أن تنظر إلى باطنها من ظاهرها ، فقرأت فيها عدد الأئمّة الاثني عشر ـ عليهم

__________________

(١) كمال الدين ١ / ٢٨٦ ، مع تلخيص.

(٢) كمال الدين ١ / ٢٨٩ ، مع تلخيص.

٢٧٧

السّلام ـ بأسمائهم ، حتّى انتهى إلى أبي القاسم محمّد بن الحسن الحجّة القائم» (٣).

وفي حديث آخر عنه أنّه قال : «دخلت على فاطمة ـ عليها‌السلام ـ وبين يديها لوح مكتوب فيه أسماء الأوصياء ، فعددت اثني عشر ، آخرهم القائم» (٤).

وفي حديث آخر عنه «ثلاثة منهم محمّد وأربعة منهم عليّ» (٥).

وفي حديث عن الحسن بن عليّ ـ عليهما‌السلام ـ في ذكر القائم : «يخفي ولادته ويغيب شخصه ، ذاك من ولد أخي الحسين ـ عليه‌السلام ـ». (٦).

وعن الحسين ـ عليه‌السلام ـ «قال : في التاسع من ولدي شبه من يوسف ، وشبه من موسى بن عمران وهو قائمنا أهل البيت». (٧)

وعنه ـ عليه‌السلام ـ قال : «قائم هذه الامّة هو التاسع من ولدي ، وهو صاحب الغيبة» (٨).

وعنه ـ عليه‌السلام ـ «قال : منّا اثنا عشر مهديّا ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ ، وآخرهم التاسع من ولدي ، وهو القائم بالحقّ» (٩).

__________________

(٣) كمال الدين ١ / ٣٠٦ ، مع تلخيص.

(٤) كمال الدين ١ / ٣١١ ، مع تلخيص.

(٥) كمال الدين ١ / ٣١٢.

(٦) كمال الدين ١ / ٣١٦.

(٧) كمال الدين ١ / ٣١٧.

(٨) كمال الدين ١ / ٣١٧ ، مع تلخيص.

(٩) كمال الدين ١ / ٣١٧ وفيه : وهو الإمام القائم بالحقّ.

٢٧٨

وعن علي بن الحسين ـ عليهما‌السلام ـ «قال : إنّ الله خلق محمّدا وعليّا والأئمّة الأحد عشر من نور عظمته أرواحا يعبدونه قبل خلق الخلق ، وهم الأئمّة الهداية من آل محمّد ـ عليهم‌السلام ـ». (١٠)

ولنقتصر على هذا القدر ، فإنّه باب واسع.

وأمّا تصحيح ولادته ومن شاهده بطريق النقل فغير خفيّ أنّه لا يطّلع على الولادة إلّا نساء الإنسان وخدمه ثمّ يشيع ذلك مع اعتراف الوالد ، فيثبت النسب الشرعي بذلك ، وقد كان الحال فيه ـ عليه‌السلام ـ أظهر من ذلك ، فإنّ حكيمة بنت محمّد بن عليّ عمّه العسكري صلوات الله عليه وآله ، مع صلاحها أخبرت بحضور ولادته صلى الله عليه ، «قالت : رأيته ساجدا لوجهه ، جاثيا على ركبتيه ، رافعا سبّابته نحو السماء ، وهو يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ جدّي رسول الله ، وأنّ أبي أمير المؤمنين ، ثمّ عدّ إماما إماما حتّى بلغ إلى نفسه ، ثمّ قال : اللهمّ انجز عدّتي وأتمم أمري» (١١) وكذا أخبرت نسيم (١٢) ومارية (١٣) قالتا : وقع جاثيا على ركبتيه ، وهو يقول : زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة ، ولو أذن لنا (١٤) في الكلام لزال الريب. (١٥)

__________________

(١٠) كمال الدين ١ / ٣١٨ ، مع تلخيص ، وفيه : الأئمة الهادية.

أقول : راجع الكتاب القيّم منتخب الأثر ، فإنّه أجمع كتاب في هذا الباب.

(١١) كمال الدين ٢ / ٤٢٨ مع تلخيص واختلاف يسير.

(١٢) نسيم خادم أبي محمد ـ عليه‌السلام ـ. راجع كمال الدين ٢ / ٤٣٠.

(١٣) راجع كمال الدين ، الباب ٤٢ ، الحديث الخامس.

(١٤) لي. ن خ.

(١٥) كمال الدين ٢ / ٤٣٠.

٢٧٩

وجارية الخيزراني. (١٦)

وأخبرنا [أبو] غانم الخادم فقال : «ولد لأبي محمّد ولد فسمّاه محمّدا وعرضه على أصحابه وقال : هذا صاحبكم من بعدي» (١٧).

وعن أبي هارون : «قال : رأيت صاحب الزمان ، وكان مولده يوم الجمعة سنة ستّ وخمسين ومائتين» (١٨).

وعن محمد بن إبراهيم الكوفي أنّ أبا محمّد ـ عليه‌السلام ـ بعث إليّ بشاة ، وقال : هذه عقيقة ابني محمّد. (١٩)

وكذا أخبر حمزة بن الفتح. (٢٠)

وأمّا الذين شاهدوه فكثير :

منهم أبو هارون وحده. (٢١)

ومعاوية بن حكم ومحمّد بن أيّوب بن نوح ومحمّد بن عثمان العمري قالوا : عرض علينا أبو محمد ـ عليه‌السلام ـ ، ابنه وكنّا في منزله أربعين رجلا ، فقال :

__________________

(١٦) كمال الدين ٢ / ٤٣١ : أبو علي الخيزراني عن جارية كان أهداها لأبي محمّد ـ عليه‌السلام ـ.

(١٧) كمال الدين ٢ / ٤٣١ وفيه عن أبي غانم الخادم.

(١٨) كمال الدين ٢ / ٤٣٢.

(١٩) كمال الدين ٢ / ٤٣٢ مع اختلاف يسير.

(٢٠) كمال الدين ٢ / ٤٣٢ ، وفيه : حدّثنا الحسن بن المنذر عن حمزة بن أبي الفتح قال : جاءني يوما فقال لي : البشارة ولد البارحة في الدار مولود لأبي محمّد ـ عليه‌السلام ـ وأمر بكتمانه ...

(٢١) كمال الدين ٢ / ٤٣٤.

٢٨٠