معالم المدرستين - ج ٣

السيد مرتضى العسكري

معالم المدرستين - ج ٣

المؤلف:

السيد مرتضى العسكري


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة البعثة
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٤١

تستقبلين بهذا؟ إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك ، فقالت زينب : بدين الله ودين أبي ودين أخي وجدّي اهتديت أنت وأبوك وجدّك. قال : كذبت يا عدوّة الله قالت : أنت أمير مسلّط تشتم ظالما وتقهر بسلطانك ، قالت : فو الله لكأنّه استحيى فسكت ، ثم عاد الشاميّ فقال : يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية ، قال : أغرب وهب الله لك حتفا قاضيا.

رأس سبط رسول الله (ص) بين يدي خليفة المسلمين :

في فتوح ابن أعثم وغيره واللفظ لابن أعثم ، قال : وضع رأس الحسين بين يدي يزيد بن معاوية في طست من ذهب ، فدعا بقضيب خيزران فجعل ينكت به ثنايا الحسين ، وهو يقول : لقد كان أبو عبد الله حسن الثغر (١).

قال الطبري وغيره واللفظ للطبري : فقال رجل من أصحاب رسول الله (ص) يقال له أبو برزة الاسلمي : أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين؟ أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذا ، لربّما رأيت رسول الله (ص) يرشفه! أما انك يا يزيد تجيء يوم القيامة وابن زياد شفيعك! ويجيء هذا يوم القيامة ومحمّد شفيعه! ثمّ قام فولّى.

وفي اللهوف عن الإمام زين العابدين (ع) ، قال : لمّا أتي برأس الحسين (ع) إلى يزيد كان يتّخذ مجالس الشرب ويأتي برأس الحسين ويضعه بين يديه ويشرب عليه فحضر ذات يوم في مجلسه رسول ملك الروم وكان من أشراف الروم وعظمائهم ، فقال يا ملك العرب هذا رأس من؟ فقال له يزيد ما لك ولهذا الرأس؟ فقال : انّي إذا رجعت إلى ملكنا يسألني عن كلّ شيء رأيته فأحببت أن أخبره بقصة هذا الرأس وصاحبه حتّى يشاركك في الفرح والسرور. فقال يزيد : هذا رأس الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، فقال

__________________

(١) في فتوح ابن أعثم ٥ / ٢٤١ «المنطق» ، وفي غيره «الثغر» كما أثبتناه.

٢٠١

الرومي : وأمّه؟ فقال : فاطمة بنت رسول الله ، فقال النصرانيّ : أفّ لك ولدينك ، لي دين أحسن من دينكم. انّ أبي من حوافد داود (ع) وبيني وبينه آباء كثيرة والنصارى يعظموني ، وأنتم تقتلون ابن بنت رسول الله (ص) وما بينه وبين نبيّكم إلّا أمّ واحدة! فأيّ دين دينكم ... (١)؟!

خليفة المسلمين يتمثل بابيات ابن الزبعرى :

روى ابن أعثم والخوارزمي وابن كثير وغيرهم ، أنّ خليفة المسلمين يزيد جعل يتمثّل بابيات ابن الزبعرى.

١ ـ ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الاسل

٢ ـ لأهلّوا واستهلّوا فرحا

ثمّ قالوا يا يزيد لا تشلّ

٣ ـ قد قتلنا القرم من ساداتهم

وعدلنا ميل بدر فاعتدل

قال ابن أعثم :

ثمّ زاد فيها هذا البيت من نفسه :

٤ ـ لست من عتبة ان لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل

وفي تذكرة خواصّ الأمّة : «المشهور عن يزيد في جميع الروايات أنّه لمّا حضر الرأس بين يديه جمع أهل الشام وجعل ينكت عليه بالخيزران ويقول أبيات ابن الزبعرى :

ليت أشياخي ببدر شهدوا

وقعة الخزرج من وقع الاسل

قد قتلنا القرن من ساداتهم

وعدلنا ميل بدر فاعتدل

وقال : قال الشعبي : وزاد عليها يزيد فقال :

٥ ـ «لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

__________________

(١) اللهوف ، ص ٦٩.

٢٠٢

لست من خندف ان لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل»(١)

قال المؤلّف : لمّا كانت أبيات ابن الزبعرى مشهورة ترويها الرواة قبل تمثّل يزيد ببعضها ثمّ تمثّل بها يزيد وأضاف إليها الأبيات الثاني والرابع والخامس فأخذها الرواة عنه وأحيانا أضافوا إلى ما أنشده يزيد ما كان في ذاكرتهم من أصل الأبيات ومن ثمّ حصل بعض الاختلاف في الفاظ الروايات.

كما أنّنا نعرف من رواية الإمام زين العابدين الآنفة والتي ورد فيها (أنّ يزيد كان يتّخذ مجالس الشرب ويأتي برأس الحسين ويضعه بين يديه) سبب تعدّد ما روي من قصص عن مجلس يزيد عند ما كان رأس الحسين أمامه.

__________________

(١) ان أبيات ابن الزبعرى وردت في سيرة ابن هشام ٣ / ٩٧ ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ٣٨٢ ، وورد في ما تمثل به يزيد في فتوح ابن أعثم ٥ / ٢٤١ بعد البيت الثاني.

حين ألقت بقباء بركها

واستحرّ القتل في عبد الاشل

وهذا من أبيات ابن الزبعرى ، وكذلك ورد في تاريخ ابن كثير ٨ / ١٩٢. وورد في مقتل الخوارزمي ٢ / ٥٨ قبل البيت الأول.

يا غراب البين ما شئت فقل

انما تندب أمرا قد فعل

كل ملك ونعيم زائل

وبنات الدهر يلعبن بكل

وجاء فيه أيضا وفي اللهوف ص ٦٩ بعد البيت الرابع :

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

وفي نسختنا من مثير الاحزان ص ٨٠ سقط البيت الرابع ، وفي تاريخ ابن كثير ٨ / ٢٠٤ ، رواها عن تاريخ ابن عساكر عن ريا حاضنة يزيد واكتفى بذكر البيت الأول ، واكتفى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين ص ١٢٠ بذكر البيت الأول والثالث. وذكرنا في المتن لفظ تذكرة خواص الامة ص ١٤٨ ، وراجع أيضا طبقات فحول الشعراء ص ٢٠٠ ، وسمط النجوم العوالي ٣ / ١٩٩ ، فقد روى عنهما بهامش فتوح ابن أعثم ، وراجع أيضا الأمالي لأبي علي القالي ١ / ١٤٢.

٢٠٣

خطبة حفيدة رسول الله (ص) في مجلس الخلافة :

في مثير الاحزان واللهوف بعده (١) : فقامت زينب بنت علي بن أبي طالب ، فقالت: الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على رسوله وآله أجمعين ، صدق الله سبحانه حيث يقول: (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ). أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض ، وآفاق السماء ، فأصبحنا نساق كما تساق الاسارى ؛ انّ بنا على الله هوانا ، وبك عليه كرامة ، وان ذلك لعظم خطرك عنده؟ فشمخت بأنفك ، ونظرت في عطفك ، جذلان مسرورا ، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة ، والامور متّسقة ، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا فمهلا مهلا ، أنسيت قول الله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)؟

«أمن العدل يا ابن الطلقاء ، تخديرك حرائرك وإماءك؟ وسوقك بنات رسول الله سبايا ، قد هتكت ستورهنّ ، وأبديت وجوههنّ ، تحدو بهنّ الاعداء من بلد إلى بلد ، ويستشرفهنّ أهل المناهل والمعاقل ، ويتصفّح وجوههنّ القريب والبعيد ، والدنيّ والشريف ، ليس معهنّ من حماتهنّ حميّ ولا من رجالهنّ وليّ ، وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء ، ونبت لحمه من دماء الشهداء ، وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنآن ، والإحن والأضغان ، ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم :

لأهلّوا واستهلوا فرحا

ثمّ قالوا يا يزيد لا تشلّ

«منحنيا على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنّة تنكتها

__________________

(١) مثير الأحزان ص ٨٠ ، واللهوف ص ٧٠.

٢٠٤

بمخصرتك وكيف لا تقول ذلك ، وقد نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة ، بإراقتك دماء ذريّة محمّد (ص) ونجوم الأرض من آل عبد المطّلب ، وتهتف بأشياخك زعمت أنّك تناديهم فلتردنّ وشيكا موردهم ، ولتودّنّ أنّك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت».

«اللهم خذ لنا بحقّنا ، وانتقم ممّن ظلمنا ، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا ، وقتل حماتنا. فو الله ما فريت إلّا جلدك ، ولا حززت إلّا لحمك ، ولتردنّ على رسول الله (ص) بما تحمّلت من سفك دماء ذرّيّته ، وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته ، حيث يجمع الله شملهم ، ويلمّ شعثهم ويأخذ بحقّهم ؛ ولا تحسبنّ الّذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربّهم يرزقون».

«وحسبك بالله حاكما ، وبمحمّد (ص) خصيما ، وبجبريل ظهيرا ، وسيعلم من سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلا ، وأيّكم شرّ مكانا وأضعف جندا ، ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك ، إنّي لأستصغر قدرك واستعظم تقريعك ، واستكثر توبيخك ، ولكن العيون عبرى ، والصدور حرّى. ألا فالعجب كلّ العجب لقتل حزب الله النجباء ، بحزب الشيطان الطلقاء ، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا ، والأفواه تتحلّب من لحومنا ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل ، وتعفرها أمّهات الفراعل ، ولئن اتخذتنا مغنما ، لتجدنا وشيكا مغرما ، حين لا تجد إلّا ما قدّمت يداك وما ربّك بظلّام للعبيد ، وإلى الله المشتكى وعليه المعوّل».

«فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فو الله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا يرحض عنك عارها ، وهل رأيك إلّا فند وأيّامك إلّا عدد ، وجمعك إلّا بدد ، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين».

«والحمد لله ربّ العالمين ، الذي ختم لأوّلنا بالسعادة والمغفرة ،

٢٠٥

ولآخرنا بالشهادة والرحمة ، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ، ويوجب لهم المزيد ، ويحسن علينا الخلافة ، انّه رحيم ودود ، وهو حسبنا ونعم الوكيل».

فقال يزيد :

يا صيحة تحمد من صوائح

ما أهون النوح على النوائح

استنكار زوجة الخليفة :

وفي تأريخ الطبري ومقتل الخوارزمي : انّ زوجة يزيد ـ وسمّاها الطبري هند ابنة عبد الله بن عامر بن كريز ـ سمعت بما دار في مجلس يزيد فخرجت من خدرها ودخلت المجلس وقالت : يا أمير المؤمنين! أرأس الحسين ابن فاطمة بنت رسول الله (ص)؟ قال : نعم ...(١)

وفي سير أعلام النبلاء وتاريخ ابن كثير وغيرهما : انّ رأس الحسين صلب بمدينة دمشق ثلاثة أيّام (٢).

رأس سبط الرسول (ص) يهدى إلى عصبة الخلافة بمدينة الرسول (ص):

قال البلاذري والذهبي : ثمّ بعث يزيد رأسه إلى المدينة (٣).

فقال عمرو بن سعيد : وددت والله أنّ أمير المؤمنين لم يبعث إلينا برأسه. فقال مروان: بئس والله ما قلت! هاته ، ثمّ أخذ الرأس وقال :

يا حبّذا بردك في اليدين

ولونك الأحمر في الخدين(٤)

وقال فجيء برأس الحسين فنصب فصرخ نساء آل أبي طالب ، فقال مروان :

__________________

(١) تاريخ الطبري ط. اوربا مسلسل ٢ / ٣٨٢ ، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٧٤.

(٢) سير أعلام النبلاء ٣ / ٢١٦ ، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٧٥ ، وتاريخ ابن كثير ٨ / ٢٠٤ ، وتاريخ ابن عساكر الحديث ٢٩٦ ، وراجع خطط المقريزي ٢ / ٢٨٩ ، والاتحاف بحب الأشراف ص ٢٣.

(٣) أنساب الأشراف ص ٢١٩.

(٤) أنساب الأشراف ص ٢١٧ ، وتاريخ الإسلام ٢ / ٣٥١.

٢٠٦

عجّت نساء بني زبيد عجّة

كعجيج نسوتنا غداة الارنب

ثمّ صحن فقال مروان :

ضربت دوسر فيهم ضربة

أثبتت أركان ملك فاستقر(١)

قال : وقام ابن أبي حبيش وعمرو يخطب ، فقال : رحم الله فاطمة ، فمضى عمرو في خطبته شيئا ، ثمّ قال : وا عجبا لهذا الالثغ ، وما أنت وفاطمة؟ قال : أمّها خديجة. قال: نعم والله وابنة محمّد أخذتها يمينا وشمالا ، وددت والله أنّ أمير المؤمنين كان نحّاه عنّي ولم يرسل به إليّ ، وددت والله أنّ رأس الحسين كان على عنقه وروحه في جسده (٢).

وقال : ثمّ ردّ إلى دمشق (٣).

خطبة السجاد (ع) في مسجد دمشق :

وفي فتوح ابن أعثم ومقتل الخوارزمي : انّ يزيد أمر الخطيب أن يرقى المنبر ويثني على معاوية ، ويزيد ، وينال من الإمام علي والإمام الحسين ، فصعد الخطيب المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وأكثر الوقيعة في عليّ والحسين ، وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد ، فصاح به علي بن الحسين : ويلك أيّها الخاطب! اشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق ؛ فتبوّأ مقعدك من النار. ثمّ قال : يا يزيد ائذن لي حتّى أصعد هذه الاعواد ، فأتكلّم بكلمات فيهنّ لله

__________________

(١) أنساب الأشراف ص ٢١٨ ، وتذكرة خواص الامة ص ١٥١ ، وفي أمالي الشجري ص ١٨٥ ـ ١٨٦ ، بايجاز ودوسر : اسم كتيبة كانت للنعمان بن المنذر ملك الحيرة وكانت أشد كتائبه بطشا ، حتى قيل في المثل «أبطش من دوسر» وكتيبة دوسر ودوسرة : مجتمعة.

(٢) أنساب الأشراف ص ٢١٨.

(٣) أنساب الأشراف ص ٢١٩.

قال المؤلف : ان البلاذري لم يكتب خطبة عمرو بن سعيد لنعرف سبب اعتراض ابن أبي حبيش عليه ، وقد مر بي في ما قرأت أنه خاطب قبر الرسول ، وقال : يوم بيوم بدر.

٢٠٧

رضا ، ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب. فأبى يزيد ، فقال الناس : يا أمير المؤمنين ائذن له ليصعد ، فعلّنا نسمع منه شيئا فقال لهم : ان صعد المنبر هذا لم ينزل إلّا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان ، فقالوا : وما قدر ما يحسن هذا؟ فقال : انّه من أهل بيت قد زقّوا العلم زقّا. ولم يزالوا به حتى أذن له بالصعود فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه وقال :

أيّها النّاس ، أعطينا ستّا وفضّلنا بسبع : أعطينا العلم ، والحلم ، والسماحة والفصاحة ، والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين ، وفضّلنا بأنّ منّا النبي المختار محمّدا (ص) ، ومنّا الصدّيق ، ومنّا الطيار ، ومنّا أسد الله وأسد الرسول ، ومنّا سيّدة نساء العالمين فاطمة البتول ، ومنّا سبطي هذه الامّة وسيّدي شباب أهل الجنّة ؛ فمن عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي :

أنا ابن مكّة ومنى ، أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن من حمل الزكاة بأطراف الرداء ، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى ، أنا ابن خير من انتعل واحتفى ، أنا ابن خير من طاف وسعى ، أنا ابن من حجّ ولبّى ، أنا ابن من حمل على البراق في الهواء ، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى ، فسبحان من أسرى ، أنا ابن من بلغ به جبرئيل إلى سدرة المنتهى ، أنا ابن من دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى ، أنا ابن من صلّى بملائكة السماء ، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى ، أنا ابن محمّد المصطفى ، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتّى قالوا لا إله إلّا الله ، أنا ابن من بايع البيعتين ، وصلّى القبلتين ، وقاتل ببدر وحنين ، ولم يكفر بالله طرفة عين ، يعسوب المسلمين ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، سمح سخي ، بهلول زكيّ ، ليث الحجاز وكبش العراق ، مكيّ مدنيّ ، أبطحيّ تهاميّ ، خيفيّ عقبيّ ، بدريّ ، أحديّ ، شجريّ مهاجريّ ، أبي السبطين ، الحسن

٢٠٨

والحسين ، علي بن أبي طالب ، أنا ابن فاطمة الزهراء ، أنا ابن سيّدة النساء ، أنا ابن بضعة الرسول ...

قال : ولم يزل يقول أنا أنا حتّى ضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، وخشي يزيد أن تكون فتنة فأمر المؤذّن أن يؤذّن فقطع عليه الكلام وسكت ، فلمّا قال المؤذن : الله أكبر. قال علي بن الحسين : كبّرت كبيرا لا يقاس ، ولا يدرك بالحواسّ ، ولا شيء أكبر من الله ، فلمّا قال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، قال علي : شهد بها شعري وبشري ، ولحمي ودمي ومخّي وعظمي ، فلمّا قال أشهد أن محمّدا رسول الله التفت علي من أعلا المنبر إلى يزيد وقال : يا يزيد! محمّد هذا جدّي أم جدّك؟ فان زعمت أنّه جدّك فقد كذبت ، وان قلت انّه جدّي فلم قتلت عترته؟ قال وفرغ المؤذّن من الاذان والاقامة فتقدّم يزيد وصلّى الظهر (١).

اقامة المأتم في عاصمة الخلافة :

يبدو أن يزيد اضطرّ بعد هذا إلى أن يغيّر سلوكه مع ذراري الرسول (ص) ويرفّه عنهم بعض الشيء ويسمح لهم باقامة المأتم على شهدائهم.

فقد روى ابن أعثم بعد ذكر ما سبق وقال : فلمّا فرغ من صلاته أمر بعلي بن الحسين وأخواته وعمّاته رضوان الله عليهم ففرّغت لهم دار فنزلوها وأقاموا أيّاما يبكون وينوحون على الحسين رضي الله عنه.

قال : وخرج علي بن الحسين ذات يوم ، فجعل يمشي في أسواق دمشق ، فاستقبله المنهال بن عمرو الصحابي فقال له : كيف أمسيت يا ابن رسول الله؟ قال : أمسينا كبني اسرائيل في آل فرعون ، يذبّحون أبناءهم ويستحيون

__________________

(١) فتوح ابن أعثم ٥ / ٢٤٧ ـ ٢٤٩ ، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٦٩ ـ ٧١ ، وقد أوجزنا لفظ الخطبة.

٢٠٩

نساءهم ، يا منهال أمست العرب تفتخر على العجم بانّ محمّدا منهم ، وأمست قريش تفتخر على سائر العرب بأنّ محمّدا منها ، وأمسينا أهل بيت محمّد ونحن مغصوبون مظلومون مقهورون مقتّلون مثبورون مطردون ، فانّا لله وإنّا إليه راجعون على ما أمسينا فيه يا منهال(١).

__________________

(١) فتوح ابن أعثم ٥ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠.

٢١٠

ارجاع ذريّة الرسول (ص) إلى مدينة جدّهم

لم يكن ما جرى في عاصمة أميّة بعد وصول سبايا آل الرسول إليها في صالح حكم آل أميّة فرأى يزيد أن يرجعهم إلى مدينة جدّهم مع نعمان بن بشير. كما قال الطبري وغيره واللّفظ للطبري.

قال يزيد بن معاوية : يا نعمان بن بشير! جهّزهم بما يصلحهم ، وابعث معهم رجلا من أهل الشام أمينا صالحا ، وابعث معه خيلا وأعوانا فيسير بهم إلى المدينة ، ثمّ أمر بالنسوة أن ينزلن في دار على حدة ، معهنّ ما يصلحهنّ وأخوهنّ معهنّ علي بن الحسين في الدار التي هنّ فيها ، قال : فخرجن حتّى دخلن دار يزيد ، فلم تبق من آل معاوية امرأة إلّا استقبلتهنّ تبكي وتنوح على الحسين ، فأقاموا عليه المناحة ثلاثا.

قال : فدعا ذات يوم عمرو بن الحسن بن عليّ وهو غلام صغير فقال لعمرو بن الحسن : أتقاتل هذا الفتى ـ يعني خالدا ابنه ـ قال : لا ولكن أعطني سكينا واعطه سكينا ثم أقاتله. فقام له يزيد : وأخذه فضمّه إليه ثمّ قال : شنشنة أعرفها من أخزم ، هل تلد الحيّة إلّا حيّة ، قال : ولمّا أرادوا أن يخرجوا أوصى بهم ذلك الرسول. قال : فخرج بهم وكان يسايرهم بالليل فيكونون أمامه حيث لا يفوتون طرفه ، فإذا نزلوا تنحّى عنهم وتفرّق هو

٢١١

وأصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم وينزل منهم بحيث إذا أراد إنسان منهم وضوء أو قضاء حاجة لم يحتشم ، فلم يزل ينازلهم في الطريق هكذا ويسألهم عن حوائجهم ويلطفهم.

وصول آل الرسول إلى كربلاء :

في مثير الاحزان واللهوف : انّ آل الرسول لمّا بلغوا العراق طلبوا من الدليل ان يمرّ بهم على كربلاء ، فلمّا وصلوا مصرع الشهداء وجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري وجماعة من بني هاشم قدموا لزيارة قبر الحسين ، فوافوا في وقت واحد فتلاقوا بالحزن والبكاء ، واجتمع إليهم نساء ذلك السواد وأقاموا على ذلك أيّاما ، ثمّ انفصلوا من كربلاء قاصدين مدينة جدهم.

إقامة العزاء خارج المدينة :

روى بشير بن جذلم وقال : لمّا قربنا من المدينة حطّ علي بن الحسين رحله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه وقال : يا بشير! رحم الله أباك لقد كان شاعرا فهل تقدر على شيء منه؟ فقال : بلى يا ابن رسول الله (ص) انّي شاعر. فقال (ع) : ادخل المدينة وانع أبا عبد الله.

قال بشير : فركبت فرسي وركضت حتّى دخلت المدينة ، فلمّا بلغت مسجد النبي (ص) رفعت صوتي بالبكاء وأنشأت أقول :

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها

قتل الحسين فأدمعي مدرار

الجسم منه بكربلاء مضرّج

والرأس منه على القناة يدار

قال : ثم قلت : هذا علي بن الحسين (ع) مع عمّاته وأخواته قد حلّوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم وأنا رسوله إليكم أعرّفكم مكانه ، قال : فلم يبق في المدينة مخدّرة ولا محجّبة إلّا برزن من خدورهنّ وهنّ بين باكية ونائحة ولاطمة ، فلم ير يوم أمرّ على أهل المدينة منه ، وسألوه : من أنت؟ قال :

٢١٢

فقلت : أنا بشير بن جذلم ، وجّهني علي بن الحسين وهو نازل في موضع كذا وكذا مع عيال أبي عبد الله ونسائه ، قال : فتركوني مكاني وبادروني ، فضربت فرسي حتى رجعت إليهم فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع فنزلت عن فرسي وتخطّيت رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط ، وكان علي بن الحسين داخلا فخرج وبيده خرقة يمسح بها دموعه وخادم معه كرسيّ فوضعه وجلس وهو مغلوب على لوعته ، فعزّاه الناس فأومأ إليهم أن اسكتوا فسكنت فورتهم فقال : الحمد لله ربّ العالمين مالك يوم الدين ، بارئ الخلائق أجمعين ، الذي بعد فارتفع في السموات العلى وقرب فشهد النجوى ، نحمده على عظائم الامور وفجائع الدهور ، وجليل الرزء وعظيم المصائب. أيّها القوم انّ الله وله الحمد ابتلانا بمصيبة جليلة ، وثلمة في الاسلام عظيمة ، قتل أبو عبد الله وعترته ، وسبي نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان من فوق عالي السنان ، أيّها الناس فأيّ رجالات يسرّون بعد قتله؟ أيّة عين تحبس دمعها وتضن عن انهمالها ، فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار والسموات والأرض والأشجار والحيتان ، والملائكة المقرّبون وأهل السموات أجمعون. أيّها الناس أيّ قلب لا ينصدع لقتله؟ أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه؟ أم أيّ سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام فلا يصمّ؟

أيّها الناس أصبحنا مطرودين مشردين ، مذوّدين شاسعين ، كأنّا أولاد ترك أو كابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين ان هذا إلّا اختلاق ، والله لو أنّ النبيّ تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوه ، فانّا لله وإنّا إليه راجعون.

فقام صوحان بن صعصعة بن صوحان وكان زمينا فاعتذر إليه فقبل

٢١٣

عذره وشكر له ، وترحّم على أبيه (١).

بعد وصولهم إلى المدينة :

روى الطبري بسنده عن الحارث بن كعب ، قال : قالت لي فاطمة بنت عليّ : قلت لاختي زينب : يا أخيّة لقد أحسن هذا الرجل الشامي إلينا في صحبتنا فهل لك أن نصله؟ فقالت : والله ما معنا شيء نصله به إلّا حليّنا قالت لها : فنعطيه حليّنا قالت : فأخذت سواري ودملجي ، وأخذت أختي سوارها ودملجها ، فبعثنا بذلك إليه واعتذرنا إليه وقلنا له: هذا جزاؤك بصحبتك ايّانا بالحسن من الفعل. قال : لو كان الّذي صنعت انّما هو للدنيا كان في حليّكنّ ما يرضيني ودونه ، ولكن والله ما فعلته إلّا لله ولقرابتكم من رسول الله (ص)(٢).

السجّاد (ع) يقيم العزاء أربعين سنة :

في اللهوف : روى عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال : انّ زين العابدين (ع) بكى على أبيه أربعين سنة ؛ صائما نهاره ، وقائما ليله ، فإذا حضر الافطار وجاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه فيقول : كل يا مولاي ، فيقول : قتل ابن رسول الله (ص) عطشانا فلا يزال يكرّر ذلك ويبكي حتّى يبتلّ طعامه من دموعه ، فلم يزل كذلك حتّى لحق باللهعزوجل.

قال : وحدّث مولى له قال : إنّه برز يوما إلى الصحراء فتبعته فوجدته قد سجد على حجارة خشنة ، فوقفت وأنا أسمع شهيقه ، وأحصيت عليه ألف مرّة يقول : (لا إله إلّا الله حقّا حقّا. لا إله إلّا الله تعبّدا ورقّا ، لا إله إلّا الله

__________________

(١) مثير الأحزان ص ٩٠ ـ ٩١ ، واللهوف ٧٦ ـ ٧٧.

(٢) تاريخ الطبري. ط. اوربا ٢ / ٣٧٩.

٢١٤

ايمانا وصدقا) ثم رفع رأسه من سجوده وانّ لحيته ووجهه قد غمرا من دموع عينيه ، فقلت : يا سيّدي أما آن لحزنك أن ينقضي ، ولبكائك أن يقلّ؟ فقال : ويحك! انّ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم كان نبيّا وابن نبيّ ، له اثنا عشر ابنا فغيّب الله واحدا منهم فشاب رأسه من الحزن ، واحدودب ظهره من الغمّ ، وذهب بصره من البكاء ، وابنه حيّ في دار الدنيا ، وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين ، فكيف ينقضي حزني ويقلّ بكائي (١)؟

رأس ابن زياد بين يدي السجاد (ع):

وذكر اليعقوبي وقال : وجّه المختار برأس عبيد الله بن زياد إلى علي بن الحسين في المدينة مع رجل من قومه ، وقال له : قف بباب علي بن الحسين ، فإذا رأيت أبوابه قد فتحت ودخل الناس ، فذلك الذي فيه طعامه ، فادخل إليه ، فجاء الرسول إلى باب عليّ بن الحسين ، فلمّا فتحت أبوابه ، ودخل الناس للطعام ، دخل ونادى بأعلى صوته : يا أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة ومهبط الملائكة ، ومنزل الوحي ، أنا رسول المختار بن أبي عبيد ، معي رأس عبيد الله بن زياد. فلم تبق في شيء من دور بني هاشم امرأة إلّا صرخت ، ودخل الرسول فأخرج الرأس ، فلمّا رآه علي بن الحسين قال : أبعده الله إلى النار.

وروى بعضهم أنّ علي بن الحسين لم ير ضاحكا قطّ منذ قتل أبوه ، إلّا في ذلك اليوم ، وانّه كان له ابل تحمل الفاكهة من الشام ، فلمّا أتي برأس عبيد الله بن زياد أمر بتلك الفاكهة ففرّقت بين أهل المدينة ، وامتشطت نساء

__________________

(١) اللهوف ص ٨٠ ، وفي مثير الأحزان ص ٩٢ بايجاز.

٢١٥

آل رسول الله (ص) واختضبن ، وما امتشطت امرأة ولا اختضبت منذ قتل الحسين بن عليّ (١).

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٥٩.

٢١٦

حالة مدرسة الخلفاء بعد استشهاد الحسين (ع)

أ ـ عطاء وحبوة :

قال ابن أعثم : فلمّا قتل الحسين (رض) استوسق العراقان جميعا لعبيد الله بن زياد ، ووصله يزيد بألف ألف درهم جائزة ، فبنى قصريه الحمراء والبيضاء في البصرة وأنفق عليهما مالا جزيلا ، فكان يشتّي في الحمراء ويصيّف في البيضاء ، وعلا أمره وانتشر ذكره ، وبذل الأموال واصطنع الرجال ، ومدحته الشعراء (١).

وقال المسعودي : جلس ـ يزيد ـ ذات يوم على شرابه ، وعن يمينه ابن زياد وذلك بعد قتل الحسين فأقبل على ساقيه ، فقال :

اسقني شربة تروّي مشاشي

ثمّ مل فاسق مثلها ابن زياد

صاحب السرّ والامانة عندي

ولتسديد مغنمي وجهادي

ثمّ أمر المغنّين فغنّوا به (٢).

قال المؤلف : نرى المقصود من ابن زياد في شعر يزيد انّما هو عبيد الله وليس بأخيه سلم كما ذكره ابن أعثم وقال : انّ يزيد قال له : لقد وجبت

__________________

(١) فتوح ابن أعثم ٥ / ٢٥٢.

(٢) المسعودي ، مروج الذهب ٣ / ٦٧.

٢١٧

محبّتكم يا بني زياد على آل سفيان ، ثمّ قال : يا غلام أطعمنا ، فقدّمت المائدة فطعما جميعا ، فلمّا أكلا دعا يزيد بالشراب ، فلمّا دارت الكأس التفت يزيد إلى ساقيه وجعل يقول :

اسقني شربة تروّي عظامي

ثمّ مل فاسق مثلها ابن زياد

موضع العدل والامانة عندي

وعلى ثغر مغنم وجهاد(١)

فانّ هذا القول من يزيد يناسب عبيد الله وليس أخاه سلما ، ولعلّه أنشد البيتين للاخوين في مجلسين للشرب.

ويؤيد ذلك ما قاله سبط ابن الجوزي في التذكرة فانّه قال : استدعى ابن زياد إليه وأعطاه أموالا كثيرة وتحفا عظيمة ، وقرب مجلسه ورفع منزلته ، وأدخله على نسائه وجعله نديمه ، وسكر ليلة وقال للمغنّي غن ثمّ قال يزيد بديها : اسقني شربة ... (٢)

قال المؤلّف : هكذا كان عطاؤه وحباؤه لقائد جنده ، أمّا عطاؤه للجنود فقد ذكره البلاذري وقال : كتب يزيد إلى ابن زياد : أمّا بعد ، فزد أهل الكوفة أهل السمع والطاعة في أعطياتهم مائة مائة (٣).

عاش قتلة الحسين هكذا في حبور وسرور واستبشار حتّى إذا ظهرت آثار أفعالهم ندموا على ما فعلوا.

ب ـ ندم عصبة الخلافة بعد ظهور نتائج أفعالهم :

قال ابن كثير وغيره واللفظ لابن كثير : لمّا قتل ابن زياد الحسين ومن معه وبعث برءوسهم إلى يزيد ، سرّ بقتلهم أوّلا ، وحسنت بذلك منزلة ابن

__________________

(١) الفتوح لابن أعثم ٥ / ٢٥٤.

(٢) تذكرة خواص الأمة ص ١٦٤.

(٣) أنساب الأشراف ص ٢٢٠.

٢١٨

زياد عنده ، ثم لم يلبث إلّا قليلا حتى ندم وقال : بغّضني بقتله إلى المسلمين ، وزرع في قلوبهم العداوة فأبغضني البرّ والفاجر (١).

وكذلك يظهر ندم ابن زياد وعمر بن سعد وسائر قتلة آل رسول الله مما ورد في كتب التواريخ ، وقد أعرضنا عن نقلها روما للاختصار. وانّما ندموا من فعلهم بسبب ما رأوا من آثار سخط المسلمين عليهم أوّلا ، ثمّ لثورات المسلمين المستمرّة عليهم بعد ذلك كما نشرحه في الباب الآتي بحوله تعالى.

__________________

(١) ابن كثير ٨ / ٢٣٢ ، وتاريخ الإسلام للذهبي ٢ / ٣٥١.

٢١٩
٢٢٠