معالم المدرستين - ج ٢

السيد مرتضى العسكري

معالم المدرستين - ج ٢

المؤلف:

السيد مرتضى العسكري


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة البعثة
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٠٤

ودعا أمير المؤمنين ولده وأهل بيته ، وخاصّته وقوّاده وخدمه ، فبايعوا مسرعين مسرورين ، عالمين بإيثار أمير المؤمنين طاعة الله على الهوى في ولده وغيرهم ، وممّن هو أشبك منه رحما ، وأقرب قرابة وسمّاه الرضا إذ كان رضا عند أمير المؤمنين ، فبايعوا معشر أهل بيت أمير المؤمنين ومن بالمدينة المحروسة من قوّاده وجنده ، وعامّة المسلمين لأمير المؤمنين ، والرضا من بعده كتب بقلمه الشريف بعد قوله : «والرضا من بعده» بل آل من بعده علي بن موسى على اسم الله وبركته وحسن قضائه لدينه وعباده بيعة مبسوطة إليها أيديكم ، منشرحة لها صدوركم ، عالمين بما أراد أمير المؤمنين بها ، وآثر طاعة الله والنظر لنفسه ولكم فيها ، شاكرين لله على ما ألهم أمير المؤمنين من قضاء حقّه في رعايتكم ، وحرصه على رشدكم وصلاحكم ، راجين عائدة ذلك في جمع ألفتكم ، وحقن دمائكم ، ولمّ شعثكم ، وسدّ ثغوركم وقوّة دينكم ، ورغم عدوّكم واستقامة أموركم ، وسارعوا إلى طاعة الله وطاعة أمير المؤمنين فإنّه الأمن ان سارعتم إليه وحمدتم الله عليه ، عرفتم الحظّ فيه إن شاء الله وكتب بيده يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين.

صورة ما كان على ظهر العهد

بخطّ الإمام علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الفعّال لما يشاء ، لا معقّب لحكمه ولا رادّ لقضائه ، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وصلاته على نبيّه محمّد خاتم النبيين وآله الطيّبين الطاهرين أقول وأنا علي بن موسى الرضا بن جعفر : إنّ أمير المؤمنين عضده الله بالسداد ووفّقه للرشاد ، عرف من حقّنا ما جهله غيره ، فوصل أرحاما قطعت وأمن نفوسا فزعت بل أحياها وقد تلفت ، وأغناها إذ افتقرت ، مبتغيا رضا ربّ العالمين ، لا يريد جزاء من غيره ، وسيجزى الله الشاكرين ، ولا يضيع أجر المحسنين ، وأنّه جعل إليّ عهده والإمرة الكبرى إن بقيت بعده ، من حلّ عقدة أمر الله بشدها ، وفصم عروة أحبّ الله إيثاقها ، فقد أباح حريمه ، وأحلّ محرمه ، إذ كان بذلك زاريا على الإمام ، منتهكا حرمة الإسلام ، بذلك جرى السالف ، فصبر عنه على الفلتات ، ولم يعترض بعدها على الغرمات ، خوفا من شتات الدين واضطراب حبل المسلمين ، ولقرب أمر الجاهليّة ، ورصد فرصة تنتهز ، وبائقة

٣٤١

تبتدر ، وقد جعلت الله على نفسي إن استرعاني أمر المسلمين وقلّدني خلافته ، العمل فيهم عامّة وفي بني العبّاس بن عبد المطلب خاصة ؛ بطاعته وطاعة رسول الله (ص) ، وأن لا أسفك دما حراما ، ولا أبيح فرجا ولا مالا إلّا ما سفكته حدود الله ، وأباحته فرائضه ، وأن أتخيّر الكفاة جهدي وطاقتي ، وجعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكّدا يسألني الله عنه ، فإنّه عزوجل يقول : «وأوفوا بالعهد إنّ العهد كان مسئولا» وإن أحدثت أو غيّرت أو بدّلت كنت للغير مستحقّا ، وللنكال متعرّضا ، وأعوذ بالله من سخطه ، وإليه أرغب في التوفيق لطاعته ، والحول بيني وبين معصيته في عافية لي وللمسلمين.

والجامعة والجفر يدلان على ضدّ ذلك وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ، إن الحكم إلّا لله يقضي بالحقّ وهو خير الفاصلين ، لكنّي امتثلت أمر أمير المؤمنين وآثرت رضاه ، والله يعصمني وإيّاه ، وأشهدت الله على نفسي بذلك وكفى بالله شهيدا.

وكتبت بخطي بحضرة أمير المؤمنين أطال الله بقاءه ، والفضل بن سهل ، وسهل بن الفضل ، ويحيى بن أكثم ، وعبد الله بن طاهر ، وثمامة بن أشرس ، وبشر بن المعتمر ، وحمّاد بن النعمان ، في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين.

الشهود على الجانب الأيمن :

شهد يحيى بن أكثم على مضمون هذا المكتوب ظهره وبطنه ، وهو يسأل الله أن يعرف أمير المؤمنين وكافة المسلمين ببركة هذا العهد والميثاق ، وكتب بخطه في التاريخ المبين فيه. عبد الله بن طاهر بن الحسين أثبت شهادته فيه بتاريخه. شهد حماد بن النعمان بمضمونه ظهره وبطنه ، وكتب بيده في تاريخه. بشر بن المعتمر يشهد بمثل ذلك.

الشهود على الجانب الأيسر :

رسم أمير المؤمنين أطال الله بقاءه قراءة هذه الصحيفة التي هي صحيفة الميثاق نرجو أن يجوز بها الصراط ظهرها وبطنها بحرم سيدنا رسول الله (ص) بين الروضة والمنبر على رءوس الأشهاد ، بمرأى ومسمع من وجوه بني هاشم وساير الأولياء والأجناد ، بعد استيفاء شروط البيعة عليهم بما أوجب أمير المؤمنين الحجة به على جميع المسلمين ، ولتبطل الشبهة التي كانت اعترضت آراء الجاهلين ، وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه ، وكتب الفضل بن سهل بأمر أمير المؤمنين بالتاريخ فيه.

٣٤٢

انتهى ما أورده الأربلي في كشف الغمّة (١) وقد أوردته بلفظه مفصّلا خلافا لما تعوّدته من تلخيص نظائره ، لما في نصّ الكتابين وشهادات الشهود عليهما من دلالة على صدق محتواهما ممّا يفقده الملخّص منهما.

وأورد ابن الطّقطقي (ت : ٧٠٩ ه‍) ملخّص الكتابين في كتابه : (الفخري) في الآداب السلطانيّة وقال : كان المأمون قد فكّر في حالة الخلافة بعده ، وأراد أن يجعلها في رجل يصلح لها لتبرأ ذمّته ـ كذا زعم ـ فذكر أنّه اعتبر أحوال أعيان البيتين : البيت العبّاسي والبيت العلوي ، فلم ير فيهما أصلح ولا أفضل ، ولا أورع ولا أدين ، من علي بن موسى الرضا (ع) فعهد إليه ، وكتب بذلك خطّه ، وألزم الرضا (ع) بذلك فامتنع ثم أجاب ، ووضع خطّه في ظاهر كتاب المأمون بما معناه :

إنّي قد أجبت امتثالا للأمر ، وإن كان الجفر والجامعة يدلان على ضدّ ذلك وشهد عليهما بذلك الشهود (٢).

وأورد الكتابين بتمامهما المجلسي (ت : ١١١١ ه‍) في البحار نقلا عن كشف الغمة (٣).

ومن مدرسة الخلفاء :

قال المير سيد علي بن محمّد بن علي الحنفي الأسترآبادي (ت : ٨١٦ ه‍) في شرحه على مواقف القاضي عضد الإيجي (ت : ٧٥٦ ه‍) عن الجفر والجامعة : هما كتابان للإمام علي رضي الله عنه قد ذكر فيهما على طريقة علم الحروف الحوادث التي تحدث إلى انقراض العالم ، وكانت الأئمة من أولاده يعرفونهما ويحكمون بهما ، وفي كتاب قبول العهد الذي كتبه عليّ بن موسى (رض) الى المأمون : إنّك قد عرفت من حقوقنا

__________________

(١) كشف الغمة ٣ / ١٢٤ ـ ١٢٣.

(٢) الفخري ص ١٧٨ ط. محمد علي صبيح وأولاده بالقاهرة ، تأليف ابن الطقطقي بكسر الطاء الأولى وفتح الثانية أبي جعفر محمد بن تاج الدين أبي الحسن علي الطباطبائي نقيب العلويين في العراق. وكان قد ألف الكتاب سنة ٧٠١ ه‍ بالموصل وأهداه إلى وإلى الموصل فخر الدين عيسى ـ راجع ما كتبه هيوار عنه بدائرة المعارف الإسلامية ١ / ٢١٧ ـ ٢١٨ ، والقمي في الكنى والألقاب ١ / ٣٣١ ، وراجع مآثر الإناقة في معالم الخلافة ، للقلقشندي (ت : ٨٢١ ه‍) تحقيق عبد الستار فرج أحمد سنة ١٩٦٤ م ٢ / ٣٢٥ ـ ٣٣٠ ، وصبح الأعشى ، له ط. دار الكتب.

(٣) البحار طبعة الكمپاني (١٢ / ٤٢) وطبعة المكتبة الإسلامية بطهران (٤٩ / ١٤٨ ـ ١٥٣).

٣٤٣

ما لم يعرفه آباؤك فقبلت منك عهدك ، إلّا أنّ الجفر والجامعة يدلان على أنّه لا يتمّ ... (١)

وقال طاش كبري زاده المولى أحمد بن مصطفى (ت : ٩٦٢ ه‍) في كتابه مفتاح السعادة ومصباح السيادة :

... إنّ الخليفة لمّا عهد بالخلافة من بعده إلى عليّ بن موسى الرضا وكتب إليه كتاب عهد ؛ كتب هو في آخر ذلك الكتاب : نعم إلّا أنّ الجفر والجامعة يدلان على أن هذا الأمر لا يتمّ وكان كما قال ؛ لأنّ المأمون استشعر من أجل ذلك فتنة من طرف بني هاشم فسمّ علي بن موسى الرضا في عنب ، على ما هو المسطور في كتب التواريخ (٢).

وممّن ذكر الجفر والجامعة من مدرسة الخلفاء :

الشيخ كمال الدين أبو سالم ابن طلحة محمّد بن طلحة النصيبيني الشافعي (ت : ٦٥٢ ه‍) قال في كتابه : (الجفر الجامع والنور اللامع) والكتاب حسب نقل كشف الظنون : مجلد صغير أوّله : الحمد لله الذي أطلع من اجتباه إلخ ذكر فيه أنّ الأئمة من أولاد جعفر يعرفون الجفر ... (٣)

وأيضا نقل عنه في باب علم الجفر والجامعة قوله في هذا الكتاب : (الجفر والجامعة كتابان جليلان أحدهما ذكره الإمام علي بن أبي طالب (رض) وهو يخطب بالكوفة على المنبر والآخر أسرّه رسول الله (ص) وأمره بتدوينه فكتبه علي (رض) حروفا متفرّقة على طريقة سفر أدم في جفر (يعني في رقّ) قد صبغ من جلد البعير ، فاشتهر بين الناس به لأنّه وجد فيه ما جرى للأوّلين والآخرين (٤).

وقال ابن خلدون في مقدمته : ووقع لجعفر وأمثاله من أهل البيت كثير من ذلك ، مستندهم فيه ـ والله أعلم ـ الكشف بما كانوا عليه من الولاية ، وإذا كان مثله لا ينكر من غيرهم من الأولياء في ذويهم وأعقابهم ، وقد قال (ص) : إنّ فيكم محدّثين ؛ فهم أولى الناس بهذه الرتب الشريفة والكرامات الموهوبة (٥).

__________________

(١) المقصد الثاني من النوع الثاني من الفصل الثاني من المرصد الثالث من الموقف الثالث ـ راجع ص ٢٧٦ من ط. بولاق سنة ١٢٦٦ ه‍.

(٢) ٢ / ٤٢٠ ـ ٤٢١ من مفتاح السعادة ط. الأولى سنة ١٣٢٨ ـ ١٣٢٩ ه‍ بحيدرآباد الدكن ، ونقل عنه في كشف الظنون ٢ / ٥٩١.

(٣) كشف الظنون ٢ / ٥٩٢.

(٤) كشف الظنون ٢ / ٥٩١.

(٥) المقدمة لابن خلدون ١ / ٥٩٥ ـ ٥٩٦ الفصل ٥٣ في ابتداء الدول والأمم وفيه الكلام عن الملاحم والكشف عن مسمى الجفر.

٣٤٤

وقال بعده ما ملخّصه : إنّ هارون بن سعيد العجلي رأس الزيدية كان له كتاب يرويه عن جعفر الصادق وفيه علم ما سيقع لأهل البيت على العموم ولبعض الأشخاص منهم على الخصوص ، وقع ذلك لجعفر ونظائره من رجالاتهم على طريق الكرامة والكشف الذي يقع لمثلهم من الأولياء ، وكان مكتوبا عند جعفر في جلد ثور صغير ... الى قوله : وكان فيه تفسير القرآن وما في باطنه من غرائب المعاني مرويّة عن جعفر الصادق ... إلى قوله :

ولو صحّ السند إلى جعفر الصادق لكان فيه نعم المستند من نفسه أو من رجال قومه ، فهم أهل الكرامات ، وقد صحّ عنه إنّه كان يحذّر بعض قرابته بوقائع تكون لهم ، فتصحّ ، كما يقول.

وقد حذّر يحيى ابن عمّه زيد من مصرعه وعصاه ، فخرج وقتل بالجوزجان كما هو معروف.

وإذا كانت الكرامة تقع لغيرهم فما ظنّك بهم علما ودينا وآثارا من النبوة ، وعناية من الله بالأصل الكريم تشهد لفروعه الطيبة ، وقد ينقل بين أهل البيت كثير من هذا الكلام غير منسوب إلى احد (١).

واشار إليه ابو العلاء المعرّي (ت : ٤٤٩ ه‍) في قوله :

لقد عجبوا لأهل البيت لمّا

أتاهم علمهم في مسك جفر

ومرآة المنجّم وهي صغرى

أرته كلّ عامرة وقفر(٢)

* * *

رأينا في الأحاديث السابقة رجوع الأئمة إلى كتاب على الجفر ومصحف فاطمة في استعلام الأنباء الكائنة ، ووجدنا الجفر مشهورا في كتب مدرسة الخلفاء ، ومنهم من نقل رجوع الأئمة إليهما ، وفي ما يلي أمثلة من رجوع أئمّة أهل البيت الى كتاب علي المسمّى بالجامعة لبيان أحكام الشرع الإسلامي :

رجوع الأئمة (ع) إلى كتاب عليّ الجامعة

إنّ أول من وجدنا يروى عن كتاب علي مباشرة ؛ لإمام علي بن الحسين ، كما

__________________

(١) المقدمة ١ / ٦٠٠ ـ ٦٠١ ط. دار الكتاب اللبناني سنة ١٩٥٦.

(٢) أبو العلاء المعري أحمد بن عبد الله بن سليمان توفي بمعرة النعمان. ترجمته في الكنى والألقاب ٣ / ١٦١ ـ ١٦٢ ، والبيان بترجمة عبد المؤمن بن علي القيسي. قم ٣٨١ من وفيات الأعيان لابن خلكان ٢ / ٤٠٥.

٣٤٥

في الكافي ومن لا يحضره الفقيه والتهذيب ومعاني الأخبار والوسائل ، واللفظ للأوّل : عن أبان أن علي بن الحسين سئل عن رجل أوصى بشيء من ماله ، فقال :

الشيء في كتاب علي (ع) واحد من ستة (١).

وروى من بعده الإمام الباقر عنه : في الخصال وعقاب الاعمال والوسائل عن أبي جعفر ـ الإمام الباقر ـ قال : في كتاب عليّ ثلاث خصال ، لا يموت صاحبهنّ أبدا حتّى يرى وبالهنّ : البغي ، وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة يبارز الله بها (٢).

وهكذا يروي الإمام الباقر عن كتاب عليّ : في حكم أخذ مال الولد والأب ووطي جارية الولد (٣) ، وتدليس عيب المرأة عند زواجها (٤) ، واليمين الكاذبة (٥) ، وفي بيان حكم المحرم إذا صاد ، يقول : في كتاب أمير المؤمنين (٦).

ويقول : وجدنا في كتاب عليّ في بيان وجوب حسن الظن بالله وحسن الخلق (٧) وحكم قطع لسان الأخرس (٨) ، وحكم من أحيا أرضا ثم تركها (٩) ، وأثر منع الزكاة (١٠) ،

__________________

(١) فروع الكافي ٧ / ٤٠ ح ١ باب من أوصى بشيء من ماله. ومن لا يحضره الفقيه ٤ / ١٥١. ومعاني الأخبار ٢١٧ وكلاهما للشيخ الصدوق. والتهذيب للشيخ الطوسي ٩ / ٢١١ ح ٨٣٥ ، والوسائل ١٣ / ٤٥٠ ح ١ من باب حكم من أوصى بشيء.

أبان بن تغلب بن رباح أبو سعيد البكري ، مولى بني جرير ، روى عن الأئمة السجاد والباقر والصادق.

وقال لقوم كانوا يعيبونه في روايته عن الإمام الصادق : كيف تلوموني في روايتي عن رجل ما سألته عن شيء ، إلّا قال : قال رسول الله؟ (ت : ١٤١ ه‍). قاموس الرجال ١ / ٧٣.

(٢) الخصال ص ١٢٤ وعقاب الأعمال ص ٢٦١ وكلاهما للشيخ الصدوق والوسائل ج ١٦ ص ١١٩.

(٣) أخذ مال الأب والابن في فروع الكافي ٤ / ١٣٥ ـ ١٣٦ ، والاستبصار ٣ / ٤٨ ، والوسائل ١٢ / ١٩٤ ـ ١٩٥ ، و ١٤ / ٥٤٤.

(٤) حكم تدليس عيب المرأة التهذيب ٧ / ٤٣٢ ، والوسائل ١٤ / ٥٩٧.

(٥) أثر اليمين الكاذبة في فروع الكافي ٧ / ٤٣٦ ، وعقاب الأعمال للشيخ الصدوق ص ٢٧٠ ـ ٢٧١ ، والخصال له ص ١٢٤ ، والوسائل ١٦ / ١٢٢.

(٦) حكم صيد المحرم في فروع الكافي ٤ / ٣٩٠ ، ح ٩.

(٧) حسن الظن بالله في أصول الكافي ٢ / ٧١ ـ ٧٢ ، والوسائل ١١ / ١٨١ ، ح ٢٠٣٥٣.

(٨) حكم قطع لسان الأخرس في فروع الكافي ٧ / ٣١٨ ، ومن لا يحضره الفقيه ٤ / ١١١ ، والتهذيب ١٠ / ٢٧٠.

(٩) حكم إحياء أرض الموات في فروع الكافي ٥ / ٢٧٩ ، والتهذيب ٧ / ١٥٣ ، والوسائل ١٧ / ٣٢٩ ، ح ٣٢٢٣.

(١٠) اثر منع الزكاة في فروع الكافي ٣ / ٥٠٥ ح ١٧ ، والوسائل ٦ / ١٣ ـ ١٤.

٣٤٦

ودية الأسنان (١).

ودخل عليه يعقوب بن ميثم التمار مولى علي بن الحسين ، فقال له : إني وجدت في كتاب أبي أن عليّا قال لأبي : يا ميثم! أحبب حبيب آل محمّد ... إلى قوله فإني سمعت رسول الله وهو يقول ... الحديث.

فقال أبو جعفر هكذا هو عندنا في كتاب علي (٢).

وروى الإمام الصادق عن أبيه إنّه قال : قرأت في كتاب علي أن رسول الله كتب بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل يثرب ... الحديث (٣).

وروى الإمام ابو عبد الله الصادق عن كتاب علي في بيان ثبوت الشهر برؤية الهلال (٤) ، وبيان وقت الفضيلة للظهر (٥) ، وفي بيان حكم أداء صلاة الجمعة مع مخالفيهم (٦) ، وحكم سؤر الهر (٧) ، وحكم المحرم اذا مات (٨) ، وعن لبسه الطيلسان المزرر حديثين (٩) ، وفي كفارة إصابة القطاة حديثين (١٠) ، وفي كفارة بيض القطاة ثلاثة أحاديث (١١) ، وفي زيادة شوط الطواف حديثا (١٢) ، والعمرة المفردة (١٣) ، وعن عدد الكبائر

__________________

(١) دية الأسنان. الكافي ٧ / ٣٢٩ ، ومن لا يحضره الفقيه ٤ / ١٠٤ ، والتهذيب ١٠ / ٢٥٤ ، والاستبصار ٤ / ٢٨٨ ، والوسائل ١٩ / ٢٦٢ ، ح ٣٥٧١٥.

(٢) رواية ابن ميثم في مجالس الشيخ الطوسي ط. النجف ص ٢٥٨ ، والوسائل ١١ / ٤٤٤ ، ح ٢١٢٩٩.

(٣) رواية كتابة العهد بين المهاجرين والانصار في أصول الكافي ٢ / ٦٦٦ ، وفي فروعه ١ / ٣٣٦ ، و ٤ / ٣٠ / ٣١ في كتاب الجهاد ، والوسائل ٨ / ٤٨٧ ، ح ١٥٨٤٢ و ١١ / ٥٠.

(٤) في الاستبصار ٣ / ٦٤ ، والوسائل ٧ / ١٨٤ ، ح ١٣٣٥٢.

(٥) وقت فضيلة الظهر في الاستبصار ١ / ٢٥١ ، والتهذيب ٢ / ٢٣ ، والوسائل ٣ / ١٠٥ ، ح ٤٧٥٢ و ١٠٧ ح ١٤٧٦٤.

(٦) اداء صلاة الجمعة مع المخالفين ، التهذيب ٣ / ٢٨ ، والوسائل ٥ / ٤٤ ، ح ١٩٥٥٠.

(٧) سؤر الهر في فروع الكافي ١ / ٩ ، ح ٤ ، والتهذيب ١ / ٢٢٧ ، والوسائل ١ / ١٦٤ الحديث ٥٨٠.

(٨) حكم المحرم اذا مات ، في ثلاثة أحاديث كما في فروع الكافي ٤ / ٣٦٨ الحديث ٣ ، والوسائل ٢ / ٦٩٦ و ٦٩٧ الحديث ٢٧٥٩ و ٢٧٦١ و ٢٧٦٦.

(٩) في حكم لبس المحرم الطيلسان ، فروع الكافي ٤ / ٣٠٤ ح ٧ و ٨ ، ومن لا يحضره الفقيه ٢ / ١١٧ ، وعلل الشرائع ٢ / ٩٤ ، والوسائل ٩ / ١١٦ الحديث ١٦٨٢٢ و ١٦٨٢٣.

(١٠) كفارة إصابة المحرم القطاة ، فروع الكافي ٤ / ٣٩٠ ، والتهذيب ٥ / ٤٤ ، ح ١١٩٠ و ١١٩١.

(١١) فروع الكافي ٤ / ٣٩٠ ، والاستبصار ٢ / ٢٠٢ و ٢٠٣ و ٢٠٤ ، والتهذيب ٥ / ٣٥٥ و ٣٥٧ ، والوسائل ٩ / ٢١٦ و ٢١٧ و ٢١٨ الحديث ١٧٢٢٣ و ١٧٢٢٥ و ١٧٢٢٩.

(١٢) في حكم زيادة شوط من الطواف. الاستبصار ٢ / ٢٤٨ ، والسرائر ص ٤٤٦ ، والوسائل ٩ / ٤٣٨ و ٤٣٩ ح ١٧٩٦٧ و ١٧٩٧٤ ، وفي بعض الروايات ليس فيها في كتاب علي.

(١٣) حكم العمرة في فروع الكافي ٤ / ٥٣٤ ، ح ٢ ، والوسائل ١٠ / ٢٤٤ ح ١٩٢٧٥.

٣٤٧

حديثين (١) ، وعن أكل مال اليتيم حديثا واحدا (٢) ، وفي حكم إرث الإخوة من الأمّ مع الجدّ حديثان (٣) ، وفي الحكم بالبينة واليمين حديثين (٤) ، وفي مثل الدنيا حديثا واحدا (٥) ، وفي كيفية الجلد في الحدود حسب السّن (٦) وفي حدّ اللواط مع الايقاب (٧) ، وفي ثبوت الحد على شارب الخمر والنبيذ (٨) ، وفي حدّ شارب الخمر والمسكر (٩) ، وفي دية كلب الصيد (١٠) ، وفي حدّ قطع فرج المرأة (١١) ، وفي حد إدراك الذكاة في الذبيحة حديثين (١٢) ، وفي نصب ميراث غير ذوي الفرائض (١٣) ، وفي كراهية لحوم الحمر الأهلية (١٤) ، وفي ما حرم أكله من أنواع السمك ستة أحاديث (١٥) ، وفي حكم ميراث الأعمام والاخوال إذا اجتمعوا (١٦) ، وفي حكم

__________________

(١) عدد الكبائر في أصول الكافي ٢ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ، والوسائل ١١ / ٢٥٤ ، ح ٢٠٦٣١ والخصال ١ / ٢٧٣ وعلل الشرائع ٢ / ١٦٠.

(٢) أكل مال اليتيم ، في عقاب الأعمال ص ٢٧٨ ح ٢ ، والوسائل ١٢ / ١٨٢ ، ح ٢٢٤٤١.

(٣) إرث الإخوة مع الجد في من لا يحضره الفقيه ٤ / ٢٠٦ ، والتهذيب ٩ / ٣٠٨ ، والاستبصار ٤ / ١٦٠ ، والوسائل ج ١٧ ص ٤٩٥ و ٤٩٧ الحديث ٣٢٧٤٦ و ٣٢٧٤٨.

(٤) في الحكم بالبينة في فروع الكافي ٧ / ٤١٤ ، والتهذيب ٦ / ٢٢٨ ، والوسائل ج ١٨ ص ١٦٨ رقم الحديث ٣٣٦٣٤ و ٣٣٦٣٥.

(٥) مثل الدنيا في : أصول الكافي ٢ / ١٣٦ ح ٢٢ ، والوسائل ١١ / ٣١٦ ح ٢٠٨٤٥.

(٦) الجلد حسب السن ، في : فروع الكافي ٧ / ١٨٦ ، والتهذيب ١٠ / ١٤٦ ، ومن لا يحضره الفقيه ٤ / ٥٣ ، والوسائل ١٨ / ٣٠٧ ح ٣٤٠٦٧ ، وراجع المحاسن ص ٢٧٣.

(٧) حد اللواط ، في : فروع الكافي ٧ / ٢٠٠ ، والتهذيب ١٠ / ٥٥ ، والاستبصار ٤ / ٢٢١ والوسائل ١٨ / ٤٢١ ح ٣٤٤٣٦.

(٨) حد شرب الخمر والنبيذ ، في : فروع الكافي ٧ / ٧٢١٤ والتهذيب ١٠ / ٩٠ ، والوسائل ١٨ / ٤٦٨ ح ٣٤٥٨٦.

(٩) حد شرب المسكر ، في : فروع الكافي ٧ / ٢١٤ ، والتهذيب ١٠ / ٩٠ ، والوسائل ١٨ / ٤٧٢ ح

(١٠) دية كلب الصيد الخصال ٢ / ١١١ ، والوسائل ١٩ / ١٦٨ ح ٣٥٤٨٩.

(١١) حد قطع فرج المرأة ، في : الكافي ٧ / ٣١٢ ، من لا يحضره الفقيه ٤ / ١١٢ ، والتهذيب ١٠ / ٢٥١ ، والوسائل ١٩ / ٢٥٩ ح ٣٥٧٠.

(١٢) حد إدراك ذكاة الذبيحة ، في : الكافي ٧ / ٣١٢. والتهذيب ٩ / ٥٧. والوسائل ١٦ / ٣٢٠ ، ح ٢٩٨٩٣ و ٢٩٨٩٤

(١٣) نصيب ميراث غير ذوي الفرائض ، في : الكافي ٧ / ٧٧ ، والتهذيب ٩ / ٢٦٩ ، والوسائل ١٧ / ٤١٨ و ٣٢٤٨٤.

(١٤) كراهة لحوم الدواب الاهلية ، في : الكافي ٦ / ٢٤٦ ، والتهذيب ٩ / ٤٠ ، والاستبصار ٤ / ٧٤ ، والوسائل ١٦ / ٣٢١ ح ٣٠١٢٤.

(١٥) محرمات بعض أنواع السمك ، في : الكافي ٦ / ٢٢٠ ، والتهذيب ٩ / ٢ و ٤ و ٥ و ٦ ، والاستبصار ٤ / ٥٩ والوسائل ١٦ / ٣٣٤ و ٣٣٥ ، والبحار ١٠ / ٢٥٤.

(١٦) حكم اجتماع الأعمام والأخوال في الإرث ، في : والتهذيب ٩ / ٣٢٤ و ٣٢٥ ، والوسائل ـ

٣٤٨

الطلاق في العدّة بغير رجوع (١) ، وفي ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ، ولفظه : «كذلك وجدناه في كتاب علي» (٢) ، في حكم من قتل شخصا مقطوع اليد ، ولفظ : «هكذا وجدناه في كتاب علي» (٣).

وآخر ما نورده في هذا الباب عن الإمام الصادق (ع) قوله : إنّ في كتاب علي الذي أملاه رسول الله (ص) أنّ الله لا يعذّب على كثرة الصلاة والصيام ولكن يزيده خيرا(٤).

* * *

إلى هنا استعرضنا شيئا من الأحاديث الّتي رواها الأئمة من كتاب الإمام علي وأسندوها إليه ؛ غير متوخين الاستقصاء في ذلك ، وإنّما أوردناها كامثلة لما نحن بصدده وفي ما يلي نورد أحاديث أصحاب الأئمة الّذين شاهدوا كتاب الإمام علي ، وفيها أحاديث من قرأ الكتاب ووصفه.

من رأى كتاب علي (ع) من أصحاب الأئمة (ع):

١ ـ عن أبي بصير قال : أخرج إليّ أبو جعفر صحيفة فيها الحلال والحرام والفرائض ، قلت : ما هذه؟ قال : هذه إملاء رسول الله (ص) وخطّه عليّ بيده ، قال : فقلت : فما تبلى؟ قال : فما يبليها؟ قلت : وما تدرس؟ قال : وما يدرسها؟ قال : هي الجامعة (أو من الجامعة) (٥).

٢ ـ روي عن محمّد بن مسلم بسندين قال : أقرأني أبو جعفر ـ الإمام الباقر (ع) ـ شيئا من كتاب علي (ع) فإذا فيه : «أنهاكم عن الجرّي والزّمير والمارماهي والطافي والطحال».

قال : قلت : يا ابن رسول الله يرحمك الله إنّا نؤتى بالسمك ليس له قشر ، فقال : كل ما له قشر من السمك وما ليس له قشر فلا تأكله.

__________________

ـ ١٧ / ٥٠٥ ح ٣٢٧٧٦.

(١) الطلاق في العدة ، الاستبصار ٣ / ٢٨٣ والتهذيب ٨ / ٨١ ـ ٨٢ ، والوسائل ١٥ / ٣٧٥ ح ٢٨٢٢٠.

(٢) ميراث الغرقى ، الكافي ٧ / ١٣٦ ومن لا يحضره الفقيه ٤ / ٢٢٥ ، والوسائل ١٧ / ٥٨٩ ح ٣٣٠٣٨.

(٣) قتل مقطوع اليد ، الكافي ٧ / ٣١٦ ، التهذيب ١٠ / ٢٧٧ ، والوسائل ٩ / ٨٢ ح ٣٥٢٥٤.

(٤) بصائر الدرجات ص ١٦٥.

(٥)؟؟؟ ن ص ١٤٤

٣٤٩

وقد سبقت الإشارة إلى ستة أحاديث بأسانيد متعددة عن الإمام الصادق روى في كلّها عن كتاب علي نفس الحكم أوردنا مصادرها تحت عنوان : في ما حرم أكله من أنواع السمك (١).

٣ ـ وفيه عن أبي بصير عن ابي جعفر ، قال ـ أبو بصير ـ : كنت عنده فدعا بالجامعة فنظر فيها أبو جعفر (ع) فاذا فيها : المرأة تموت وتترك زوجها ليس لها وارث غيره فله المال كلّه (٢).

٤ ـ وعن عبد الملك بن أعين قال : أراني ابو جعفر (ع) بعض كتب علي ... الحديث (٣).

٥ ـ ومنهم عبد الملك في بصائر الدرجات عن عبد الملك ، قال : دعا أبو جعفر (ع) بكتاب علي (ع) فجاء به جعفر مثل فخذ الرجل مطويّا فإذا فيه ... الحديث (٤).

٦ ـ في الكافي والتهذيب عن محمّد بن مسلم قال : نظرت إلى صحيفة ينظر فيها أبو جعفر (ع) فقرأت فيها مكتوبا : ابن أخ وجدّ ، المال بينهما سواء ، فقلت لأبي جعفر (ع) : إنّ من عندنا لا يقضون بهذا القضاء ، ولا يجعلون لابن الأخ مع الجدّ شيئا! فقال أبو جعفر (ع) : أما إنّه إملاء رسول الله (ص) وخطّ علي من فيه بيده.

٧ ـ وفي رواية قال محمّد بن مسلم : نشر أبو عبد الله صحيفة الفرائض فأوّل ما تلقّاني فيها ابن أخ وجدّ ... الحديث (٥).

يبدو أنّ محمّد بن مسلم أخذ بعد هذا السؤال والجواب من الصحيفة شيئا غير يسير من الفرائض ، مثل ما رواه عنه في الكافي ، ومن لا يحضره الفقيه ، والتهذيب ، قال محمّد ابن مسلم :

٨ ـ أقرأني أبو جعفر (ع) صحيفة كتاب الفرائض الّتي هي إملاء رسول

__________________

(١) ما حرم أكله من السمك في فروع الكافي ٦ / ٢١٩ و ٢٢٠ ، والتهذيب ٩ / ٢ ، والوسائل ١٦ / ٣٣٢ و ٤٠٠ ح ٣٠١٥٧.

(٢) بصائر الدرجات ص ١٤٥.

(٣) بصائر الدرجات ص ١٦٢. عبد الملك بن أعين أبو الضريس الشيباني ، روى عن الإمامين الباقر والصادق ، وتوفي في عصره ، قاموس الرجال ٦ / ١٨١.

(٤) بصائر الدرجات ص ١٦٥ ح ١٤ ، والوسائل ١٧ / ٥٢٢ ح ٣٢٨٣٦.

(٥) الكافي ٧ / ١١٣ ، والتهذيب ٩ / ٣٠٨ ، والوسائل ١٧ / ٨٧ ص ٤٨٦ ح ٣٢٧٠٢ ، والرواية الثانية في الكافي ٧ / ١١٢ ، والوسائل ١٧ / ٤٧٥ ح ٣٢٦٩٨.

٣٥٠

الله (ص) وخطّ علي بيده ، فوجدت فيها : رجل ترك ابنته وأمّه ؛ للابنة النصف ... الحديث بطوله (١).

٩ ـ وفي التهذيب عن محمّد بن مسلم قال : أقرأني ابو جعفر (ع) صحيفة كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول الله (ص) وخطّ علي (ع) بيده فإذا فيها أنّ السهام لا تعول (٢).

واستغرب ـ أيضا ـ زرارة ممّا رأى من اختلاف الفرائض في كتاب علي وما لدى فقهاء مدرسة الخلفاء كما روى عمر بن اذينة عنه :

١٠ ـ عمر بن أذينة ، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (ع) عن الجدّ فقال : ما أجد أحدا قال فيه إلّا برأيه إلّا أمير المؤمنين (ع) قلت : أصلحك الله فما قال فيه أمير المؤمنين (ع)؟ قال : إذا كان غدا فالقني حتّى أقرئكه في كتاب ، قلت : أصلحك الله حدّثني فإنّ حديثك أحبّ إليّ من أن تقرئنيه في كتاب ، فقال لي الثانية : اسمع ما أقول لك إذا كان غدا فالقني حتّى أقرئكه في كتاب ، فأتيته من الغد بعد الظهر وكانت ساعتي الّتي كنت أخلو به فيها بين الظهر والعصر وكنت أكره أن أسأله إلّا خاليا خشية أن يفتيني من أجل من يحضره بالتقيّة فلمّا دخلت عليه أقبل على ابنه جعفر (ع) فقال له : أقرئ زرارة صحيفة الفرائض ثمّ قام لينام فبقيت أنا وجعفر (ع) في البيت فقام فأخرج إليّ صحيفة مثل فخذ البعير فقال : لست أقرئكها حتّى تجعل لي عليك الله أن لا تحدّث بما تقرأ فيها أحدا أبدا حتّى آذن لك ولم يقل : حتّى يأذن لك أبي ، فقلت : أصلحك الله ولم تضيّق عليّ ولم يأمرك أبوك بذلك! فقال لي : ما أنت بناظر فيها إلّا على ما قلت لك ، فقلت : فذاك لك ، وكنت رجلا عالما بالفرائض والوصايا ، بصيرا بها ، حاسبا لها ، ألبث الزمان أطلب شيئا يلقى عليّ من الفرائض والوصايا لا أعلمه فلا أقدر عليه فلمّا ألقى إليّ طرف الصحيفة إذا كتاب غليظ يعرف أنّه من كتب الأوّلين فنظرت فيها فإذا فيها خلاف ما بأيدي الناس من الصلة والأمر بالمعروف الّذي ليس فيه اختلاف وإذا عامّته كذلك ، فقرأته حتّى أتيت على آخره بخبث نفس وقلّة تحفظ وسقام رأي وقلت وأنا أقرأه : باطل حتّى أتيت على آخره ثمّ أدرجتها ودفعتها إليه ،

__________________

(١) في الكافي ، باب ميراث الولد مع الأبوين ٧ / ٩٣ ، ومن لا يحضره الفقيه ٤ / ١٩٢ ، والتهذيب ٩ / ٢٧٠ ، والوسائل ١٧ / ٤٦٣ ح ٣٢٧٠٢.

(٢) في التهذيب ٩ / ٢٤٧ ح ٢ ، والوسائل ١٧ / ٤٢٣ ح ٣٢٥٠٣.

٣٥١

فلمّا أصبحت لقيت أبا جعفر (ع) فقال لي : أقرأت صحيفة الفرائض؟ فقلت : نعم ، فقال : كيف رأيت ما قرأت؟ قال : قلت : باطل ، ليس بشيء ، هو خلاف ما الناس عليه قال : فإنّ الّذي رأيت والله يا زرارة هو الحقّ الّذي رأيت ، إملاء رسول الله (ص) وخطّ عليّ (ع) بيده ، فأتاني الشيطان فوسوس في صدري فقال : وما يدريه أنّه إملاء رسول الله (ص) وخطّ عليّ (ع) بيده؟ فقال لي قبل أن أنطق : يا زرارة لا تشكّنّ ، ودّ الشيطان والله إنّك شككت ، وكيف لا أدري أنّه إملاء رسول الله (ص) وخطّ عليّ (ع) بيده وقد حدّثني أبي عن جدّي أنّ أمير المؤمنين (ع) حدّثه ذلك؟ قال : قلت : لا ، كيف جعلني الله فداك وندمت على ما فاتني من الكتاب ولو كنت قرأته وأنا أعرفه لرجوت أن لا يفوتني منه حرف (١) ... الحديث.

يظهر من هذه الأخبار أنّ المجتمع الإسلامي بعامته كان قد تعارف على تقسيم الإرث حسب ما يقضي فقهاء مدرسة الخلفاء ، واجتهد الأئمة في نشر الفرائض كما شرحها كتاب علي عن رسول الله وكان ممّن استغرب ما ورد فيه زرارة ومحمّد بن مسلم ثم تابا ورجعا إلى رواية ما قرءاه في صحيفة الفرائض ، فإنّ زرارة هذا يروي ويقول :

١١ ـ أمر أبو جعفر أبا عبد الله فاقرأني صحيفة الفرائض فرأيت ... الحديث (٢) ، ويقول عن سهمين في حديثين :

١٢ ـ أراني ابو عبد الله صحيفة الفرائض (٣).

ويقول :

١٣ ـ وجدت في صحيفة الفرائض (٤).

١٤ ـ وممن أراه الإمام أبو عبد الله صحيفة الفرائض أبا بصير ، كما في الكافي والتهذيب عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عن شيء من الفرائض ، فقال لي : ألا أخرج لك كتاب علي (ع)؟ فقلت : كتاب علي لم يدرس ، فقال : يا أبا محمّد! إن كتاب علي لم يدرس ـ وفي نسخة لا يندرس ـ فأخرجه فإذا كتاب جليل وإذا فيه : رجل مات

__________________

(١) الكافي ٧ / ٩٤ ـ ٩٥ ، والتهذيب ٩ / ٢٧١.

(٢) فروع الكافي ٧ / ٨١ ح ٤ ، والوسائل ١٧ / ٤٢٢ ح ٣٢٤٩٦.

(٣) التهذيب ٩ / ٢٧٣ ح ٩ ، والوسائل ١٧ / ٤٢٨ ح ٣٢٥١٩ ، والتهذيب ٩ / ٣٠٦ ح ١٦ ، والاستبصار ٤ / ١٥٨ ، والوسائل ١٧ / ٤٩٣.

(٤) التهذيب ٩ / ٢٧٢ ، الكافي ٧ / ٩٤ ، والوسائل ١٨ / ٤٦٣ ح ٣٢٦٣٥.

٣٥٢

وترك عمّه وخاله ، قال : للعمّ الثلثان وللخال الثلث (١).

في هذا الحديث استغرب أبو بصير بقاء الكتاب قرابة قرن أو اكثر مع ما نجد اليوم من بقاء الكتب قرونا طويلة. وفي غيره نجده غير مستغرب لذلك مثل ما ورد في الكافي :

١٥ ـ عن أبي بصير قال : قرأ علي أبو عبد الله كتاب فرائض علي (ع) فكان أكثرهن من خمسة أو من أربعة واكثره من ستة أسهم.

قال المجلسي في مرآة العقول : إذا اجتمعت البنت مع أحد الأبوين تقسم الفريضة عند الشيعة من أربعة أسهم (٢).

١٦ ـ وفي الكافي والتهذيب عن أبي بصير قال : كنت عند أبي عبد الله (ع) فدعا بالجامعة فنظر فيها فإذا : امرأة ماتت وتركت زوجها لا وارث لها غيره : المال له كلّه (٣).

١٧ ـ وعن معتّب قال : أخرج إلينا أبو عبد الله صحيفة عتيقة من صحف عليّ (ع) فإذا فيها ما نقول إذا جلسنا نتشهّد (٤).

١٨ ـ عن ابن بكير قال : سأل زرارة أبا عبد الله عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر ، فأخرج كتابا زعم أنّه إملاء رسول الله (ص) فإذا فيها أنّ الصلاة في وبر كلّ شيء حرام أكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكلّ شيء منه فاسد ، لا تقبل تلك الصلاة حتّى يصلّي في غيره ممّا أحلّ الله أكله ، ثمّ قال : يا زرارة هذا عن رسول الله فاحفظ ذلك ... الحديث (٥).

__________________

(١) في الكافي ٧ / ١١٩ باب ميراث ذوي الارحام ، والتهذيب ٩ / ٣٢٤ وفيه : «لا يندرس» بدل لا يدرس ، والوسائل ج ١٧ / ٥٠٤ ح ٣٢٧٧١.

(٢) الكافي ٧ / ٨١ ، والوسائل ١٧ / ٤٢٢ ح ٣٢٤٩٨ ، وما نقلناه عن المجلسي في شرح حديث زرارة بمرآة العقول.

(٣) الكافي ٧ / ١٢٥ ، والتهذيب ٩ / ٩٤ ح ١٣ ، والاستبصار ٤ / ١٤٩ ، والوسائل ١٧ / ٥١٢ ح ٣٢٧٩٥ تشابه حديثا أبي بصير ذو الرقمين ١ و ٣ عن ابي جعفر وحديثاه ذو الرقمين ١٤ و ١٦ عن أبي عبد الله ، ويرجح عندنا أن يكون الأولان أيضا كالأخيرين مرويين عن الإمام الصادق ووهم الرواة أو الكتاب لدى النسخ. ومن الجائز أنهما قد وردا عن الإمامين معا وقد تشابه حديثا الإمام الأب والإمام الابن.

(٤) بصائر الدرجات ص ١٤٥ ح ٢٢. معتب ـ مولى الإمام الصادق ـ ضربه المنصور ألف سوط حتى مات. قاموس الرجال ٩ / ٤٨.

(٥) الصلاة في ما لا يحلّ لحمه ، في الكافي (٣ / ٣٩٧) ، والتهذيب (٢ / ٢٠٩) ، والاستبصار ١ / ٣٨٣ ـ

٣٥٣

كان الأئمة من أهل البيت يرجعون إلى الجفر ومصحف فاطمة لاستعلام الأنباء الكائنة أحيانا ، وأخرى إلى كتاب الجامعة في بيان الأحكام الإسلامية وآدابها ، يروون عن الجامعة خاصّة تارة مع ذكره السند وأخرى دون ذكره السند ، كما نرى ذلك في المثالين الآتيين :

أ ـ حكم ميراث ابن الأخ مع الجدّ

قال محمّد بن مسلم في روايته السابقة : نشر أبو عبد الله صحيفة الفرائض ، فأوّل ما تلقّاني فيها ابن أخ وجدّ ، المال بينهما نصفان ، قلت : جعلت فداك ، إن القضاة عندنا لا يقضون لابن الأخ مع الجدّ بشيء ، فقال : إنّ هذا الكتاب خطّ عليّ وإملاء رسول الله (ص).

ونجد في الباب نفسه من الكافي روايتين أخريين بهذا المعنى دون ما إشارة إلى كتاب علي.

أولاهما : رواية أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (ع) قال : سألته عن ابن أخ وجدّ ، فقال : المال بينهما نصفان.

والثانية : رواية أبي بصير ، قال : سمعت رجلا يسأل أبا جعفر أو أبا عبد الله وأنا عنده : عن ابن أخ وجدّ ، قال : يجعل المال بينهما نصفين.

ورواية ثالثة بنفس المغزى عن القاسم بن سليمان عن أبي عبد الله ، قال : إنّ عليّا كان يورّث ابن الأخ مع الجدّ ميراث أبيه (١).

ب ـ قولهم في بطلان العول

العول في الاصطلاح الفقهي : زيادة سهام الورثة على الحصص المفروضة ويحصل ذلك بوجود أحد الزوجين مع الورثة ، كمن مات وخلّف ابنتين وأبوين وزوجة فللابنتين الثلثان ، وللأبوين السدسان ، وللزوجة الثمن (٢). ولما كانت السهام من ستة فقد زاد على

__________________

ـ والوسائل (٣ / ٢٥٠ ، ح ـ ٥٣٤٢). ابن بكير أبو علي عبد الله بن بكير بن أعين الشيباني ، مولاهم ، فطحي ثقة ؛ روى عن الإمام الصادق (ع) قاموس الرجال (٥ / ٣٩٩).

(١) الروايات الأربع في الكافي ٧ / ١١٢ ـ ١١٣ ، وأرقامها على التوالي ١ و ٤ و ٦ و ٢ ، وفي التهذيب ٩ / ٣٠٩ ، والوسائل ١٧ / ٤٨٥ ـ ٤٨٦ والقاسم بن سليمان بغدادي روى عن الإمام الصادق ـ قاموس الرجال ٧ / ٣٦٠.

(٢) راجع مادة «العول» في نهاية اللغة.

٣٥٤

السهام الثمن بحسب الفرض ، فمن أعال الفرائض أدخل النقص على سهامهم جميعا حسب ما هو مقرّر في فقه مدرسة الخلفاء. وأمّا في مدرسة أهل البيت فإن النقص يدخل على كلّ فريضة لم يهبطها الله إلى فريضة أخرى. وعلى هذا فإنّ الزوج الذي له النصف وإذا زال عنه هبط سهمه إلى فريضة دونها وهي الربع لا يزيله عنه شيء ، والزوجة التي لها الربع فإذا زالت عنه صارت إلى الثمن لا يزيلها عنه شيء ، واحد الوالدين اللذين لهما الثلث فإذا زالا عنه صارا إلى السدس لا يزيلهما عنه شيء ، ولا يدخل النقص على هؤلاء بعد ذلك وإنما يدخل النقص على البنت والأخت فإن للواحدة منهما النصف وللأكثر الثلثان فإذا أزالتهن الفرائض عن ذلك لم يكن لهنّ إلّا ما بقي وعلى هذا ، فإن للابوين في المثال المذكور السدسين وللزوجة الثمن وللابنتين ما بقي من التركة (١).

وفي ما يلي روايات أئمة أهل البيت في العول :

١ ـ روى محمّد بن مسلم ، والفضيل بن يسار ، وبريد العجلي ، وزرارة بن أعين ، عن أبي جعفر ـ الإمام الباقر ـ أنّه قال : السهام لا تعول ولا يكون أكثر من ستة (٢).

٢ ـ عن أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر ، قال : إنّ الذي يعلم رمل عالج ليعلم أنّ الفرائض لا تعول على أكثر من ستّة (٣).

رمل عالج : ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض.

٣ ـ عن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال : أصل الفرائض من ستة أسهم لا تزيد على ذلك ولا تعول عليها ، ثمّ المال بعد ذلك لأهل السهام الذين ذكروا في الكتاب (٤).

٤ ـ عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله ، قال : سهام المواريث من ستة أسهم لا تزيد عليها ... الحديث (٥).

٥ ـ عن علي بن سعيد ، قال : قلت لزرارة : إن بكير بن أعين حدثني عن

__________________

(١) شرح اللمعة الدمشقية ج ٨ / ٨٦ ـ ٩١.

(٢) الكافي ٧ / ٨٠ ح ١ ، والوسائل ١٧ / ٤٢١ ح ٣٢٤٩٤.

(٣) الكافي ٧ / ٧٩ ح ١ ، والوسائل ١٧ / ٤٢٢ ح ٣٢٤٩٩.

(٤) الكافي ٧ / ٨١ ح ٧ ، والوسائل ١٧ / ٤٢٢ ح ٣٢٥٠٠. بكير بن أعين أبو الجهم الشيباني ولاء ، روى عن الإمامين الباقر والصادق وتوفي في عصر الصادق. قاموس الرجال ٢ / ٢٣٣.

(٥) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٨٩ ح ٥ مرسلا ، والوسائل ١٧ / ٤٢٤ ح ٣٢٥٠٥.

وابن ابي عمير ، أبو أحمد محمد بن زياد مولى الأزد ، روى عن الإمامين الرضا والجواد صنف أربعا وتسعين كتابا (ت : ٢١٧ ه‍). ١٧ / ٤٢٣ ح ٣٢٥٠٩.

٣٥٥

أبي جعفر ، إنّ السهام لا تعول ولا تكون أكثر من ستة ، فقال : هذا ما ليس فيه اختلاف بين أصحابنا عن أبي جعفر وأبي عبد الله (١).

هكذا ذكر الإمامان حكم الله في هذا الأمر دون أن يسنداه بينما نجدهما يسندانه في روايات أخرى مثل الروايات التالية :

٦ ـ عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي جعفر (ع) ربّما أعيل السهام حتى تكون على المائة أو أقلّ أو أكثر ، فقال : ليس تجوز ستة ، ثمّ قال : إنّ أمير المؤمنين كان يقول : إنّ الّذي أحصى رمل عالج ليعلم أنّ السهام لا تعول على ستة ، لو يبصرون وجوهها ، لم تجز ستة (٢).

٧ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله ـ الصادق (ع) ـ قال : قرأ عليّ فرائض علي (ع) فكان أكثرهنّ من خمسة أسهم وأربعة أسهم ، وأكثره من ستة أسهم (٣).

٨ ـ عن محمّد بن مسلم ، قال : أقرأني أبو جعفر (ع) صحيفة كتاب الفرائض الّتي هي إملاء رسول الله وخطّ علي بيده فإذا فيها : إنّ السهام لا تعول (٤).

في المثال الثاني ذكر الإمامان في عدّة روايات أنّ السهام لا تعول ولا تزيد على ستة ، وفي رواية منها : إنّ الّذي أحصى رمل عالج ليعلم أنّ السهام لا تعول.

في هذه الروايات ذكروا الحكم دون ما ذكر سند له ، وفي الحديث السادس أسنده الإمام إلى أمير المؤمنين ، وفي السابع قرأ الإمام على الراوي فرائض علي ، وفي الثامن أقرأ الراوي صحيفة كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول الله وخط علي ، والحكم في جميعها واحد.

وكذلك الشأن في كتاب الإمام الرضا (ع) إلى المأمون حيث قال فيه : والفرائض على ما أنزل الله في كتابه ولا عول فيها (٥).

وكذلك الأمر في غير هذين المثالين مما ذكر الأئمة في حديث لهم حكما شرعيا

__________________

(١) الكافي ٧ / ٨ ح ٢ ، والتهذيب ٩ / ٢٤٨ ح ٤ ، والوسائل ١٧ / ٤٢١ ح ٣٢٤٩٥.

(٢) الكافي ٧ / ٧٩ ح ٢ ، ومن لا يحضره الفقيه ٤ / ١٨٧ ح ١ ، والتهذيب ٩ / ٢٤٧ ح ٣ ، والوسائل ١٧ / ٤٢٣ ـ ٣٢٥٠٩.

(٣) الكافي ٧ / ٨١ ح ٦ ، والوسائل ١٧ / ٤٢٢ ح ٣٢٤٩٨.

(٤) التهذيب ٩ / ٢٤٧ ح ٣ ، والوسائل ١٧ / ٤٢٣ ح ٣٢٥٠٣.

(٥) عيون أخبار الرضا ٢ / ١٢٥ ، وتحف العقول للحسن بن علي بن شعبة الحراني «من أعلام القرن الرابع الهجري» ط. مكتبة بصيرتي بقم ص ٣١٤ وفي لفظه اختلاف يسير ، والوسائل ١٧ / ٤٢٤ ح ٣٢٥٠٨.

٣٥٦

فإنهم يرجعون في جميعها إلى ما قاله جدهم الرسول (ص). الذي «ما ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحي يوحى».

ومن هنا كان لأحاديث أئمة أهل البيت سند واحد ، وحديثهم حديث واحد وقولهم قول واحد.

ولهذا قال الإمام الصادق (ع) كما رواه ابن سنان : ليس عليكم جناح في ما سمعتم منّي أن ترووه عن أبي وليس عليكم جناح في ما سمعتم عن ابي أن ترووه عنّي ليس عليكم في هذا جناح (١).

وقال في جواب أبي بصير لمّا قال : الحديث أسمعه منك أرويه عن أبيك ، أو أسمعه من أبيك أرويه عنك؟ قال : سواء ، إلّا إنّك ترويه عن أبي أحبّ إليّ (٢).

وقال لجميل : ما سمعت منّي فاروه عن أبي (٣).

ولهذا قال لحفص بن البختري لمّا قال : نسمع الحديث منك فلا أدري منك سماعه أو من أبيك ، فقال : ما سمعته منّي فاروه عن أبي وما سمعته منّي فاروه عن رسول الله (ص)(٤).

ولهذا قال كما رواه هشام بن سالم وحمّاد بن عثمان وغيرهما : حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (ص) ، وحديث رسول الله قول الله عزوجل (٥).

ولهذا قال أبو جعفر ـ الإمام الباقر (ع) ـ لجابر ، لما قال له : إذا حدثتني بحديث فأسنده لي ، فقال : حدّثني أبي عن جدّي رسول الله ، عن جبرئيل ، عن الله عزوجل ، وكلّما أحدّثك بهذا الاسناد ... الحديث (٦).

__________________

(١) الوسائل ط. القديمة ج ٣ / ٣٨٠ رقم الحديث ٨٥.

(٢) الكافي ١ / ٥١.

(٣) الكافي ١ / ٥١ ، وجميل في أصحاب الصادق أكثر من واحد.

(٤) الوسائل ج ٣ / ٣٨٠ رقم الحديث ٨٦. وحفص بن البختري ، بغدادي كوفي الأصل ، روى عن الإمام الصادق ، له كتاب. قاموس الرجال ٣ / ٣٥٥.

(٥) الكافي ١ / ٥٣ ، وإرشاد المفيد ص ٢٥٧. وهشام بن سالم أبو محمد الجواليقي الجعفي ولاء ، كوفي ، روى عن الإمام الصادق ، له كتاب. قاموس الرجال ٩ / ٣٥٧.

(٦) أمالي الشيخ المفيد ص ٢٦.

٣٥٧

ولهذا جرى الحديث التالي بين سورة بن كليب وزيد بن علي بن الحسين كما رواه الكشي عن سورة ، قال : قال لي زيد بن عليّ : يا سورة! كيف علمتم أنّ صاحبكم ـ أي الإمام الصادق ـ على ما تذكرونه ، قال : فقلت له : على الخبير سقطت ، قال : فقال : هات! فقلت له : كنّا نأتي أخاك محمّد بن علي (ع) نسأله فيقول : قال رسول الله (ص) وقال الله عزوجل في كتابه ، حتى مضى أخوك فأتيناكم آل محمّد وأنت في من أتينا ، فتخبرونا ببعض ولا تخبرونا بكل الّذي نسألكم عنه حتى أتينا ابن أخيك جعفر ، فقال لنا كما قال أبوه : قال رسول الله (ص) وقال تعالى ، فتبسّم ، وقال : أما والله إن قلت هذا فإنّ كتب علي عنده (١).

ولهذا قال ابن شبرمة : ما ذكرت حديثا سمعته عن جعفر بن محمّد إلّا كاد أن يتصدّع قلبه ، قال :

حدّثني أبي ، عن جدّي ، عن رسول الله ، وقال ابن شبرمة : وأقسم بالله ما كذب أبوه على جدّه ولا جدّه على رسول الله قال : قال رسول الله «من عمل بالمقاييس فقد هلك وأهلك ومن أفتى الناس بغير علم وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك» (٢).

ولمّا كان الأئمة يعتمدون قول الله ورسوله في بيان الأحكام وعلماء مدرسة الخلفاء يعتمدون الرأي والقياس فيه ؛ فقد تحتم وقوع الخلاف بين المدرستين في بيان الأحكام كما نرى مثاله في الحديث الآتي :

روى عذافر الصيرفي ، قال : كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر (ع) فجعل يسأله ، وكان أبو جعفر له مكرما ، فاختلفا في شيء فقال أبو جعفر (ع) : يا بنيّ! قم فأخرج كتابا مدروجا عظيما ففتحه وجعل ينظر حتى أخرج المسألة فقال أبو جعفر (ع) : هذا خطّ علي وإملاء رسول الله (ص) ، وأقبل على الحكم وقال : يا أبا محمّد اذهب أنت وسلمة وأبو المقدام حيث شئتم يمينا وشمالا فو الله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل (٣).

__________________

(١) اختيار معرفة رجال الكشي ص ٣٧٦ في ترجمة سورة بن كليب.

(٢) الكافي ١ / ٤٣.

(٣) رجال النجاشي ٢٧٩.

وعذافر بن عيسى الخزاعي الصيرفي ، روى عن الإمام الصادق. قاموس الرجال ٦ / ٢٩٥.

٣٥٨

ما كان الأئمة من اهل البيت يتمكنون دائما من اظهار ما عندهم من احكام الاسلام عن رسول الله خلافا لما عند مدرسة الخلفاء.

فقد قال أبو عبد الله ـ الصادق ـ : كان أبي يفتى ـ وكان يتقى ونحن نخاف ـ في صيد البزاة والصقور وامّا الآن فانّا لا نخاف ولا نحلّ صيدها الا ان تدرك ذكاته ، فانه في كتاب علي (ع) انّ الله عزوجل ، يقول : «وما علّمتم من الجوارح مكلّبين» في الكلاب(١).

شكوى الإمام علي (ع) من تغيير السنّة النبوية

كان ما ذكره الإمام الصادق من عدم خوفهم الآن وبيانهم الحكم كما هو في كتاب أمير المؤمنين في اخريات العصر الأموي وأوائل العهد العباسي أمّا قبل ذلك فلم يتمكن الأئمة من أهل البيت من التظاهر بخلاف ما عليه مدرسة الخلفاء عدا أيام حكم الإمام علي بن أبي طالب في بيان بعض الأحكام ولذلك ظهر في أيّامه الخلاف بين المدرستين في ذلك البعض الذي بين فيه الإمام وشيعته من الصحابة الحكم الصحيح والتفسير الحقّ للقرآن كما ورد في الكافي والاحتجاج والوسائل ومستدركه وموجزه في نهج البلاغة واللفظ للأوّل : عن سليم بن قيس الهلاليّ قال : قلت : لأمير المؤمنين (ع) : إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذرّ شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبيّ الله (ص) غير ما في أيدي النّاس ، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ورأيت في أيدي النّاس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبيّ الله (ص) أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أنّ ذلك كلّه باطل ، أفتري الناس يكذبون على رسول الله (ص) متعمّدين ، ويفسّرون القرآن بآرائهم؟ قال : فأقبل عليّ فقال : قد سألت فافهم الجواب :

إنّ في أيدي الناس حقّا وباطلا ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وعامّا وخاصّا ، ومحكما ومتشابها ، وحفظا ووهما ، وقد كذب على رسول الله (ص) على عهده

__________________

والحكم بن عتيبة الكوفي الكندي ولاء روى عن الإمامين الباقر والصادق. توفي سنة ١١٣ ـ أو ١٤ أو ١٥. قاموس الرجال ٣ / ٣٧٥.

وأبو محمّد مات وله نيف وستون أخرج حديثه أصحاب الصحاح. التهذيب ١ / ١٩٢.

وسلمة بن كهيل أبو يحيى الحضرمي الكوفي ، أدرك الإمامين الباقر والصادق. قاموس الرجال ٤ / ٤٣٩.

وأبو المقدام ثابت بن هرمز الحداد الفارسي العجلي ولاء ، أدرك الإمامين الباقر والصادق وهو وسلمة من البترية الذين دعوا إلى ولاية علي وخلطوها بولاية أبي بكر وعمر ، ويثبتون إمامتهما ويبغضون عثمان وطلحة والزبير وعائشة ، ويرون الخروج مع بطون ولد علي بن أبي طالب ، يذهبون في ذلك إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويثبتون لكل من خرج من ولد علي بن أبي طالب عند خروجه الإمامة. قاموس الرجال ٢ / ٢٨٧ ـ ٢٨٩

(١) الكافي ٦ / ٢٠٧ ، والتهذيب ٩ / ٣٣ ، والوسائل ١٦ / ٢٠٧ ، وفي ٢٢٠ منه باختصار.

٣٥٩

حتّى قام خطيبا فقال : أيّها النّاس قد كثرت عليّ الكذابة (١) فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ثمّ كذب عليه من بعده ، وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس : رجل منافق يظهر الإيمان ، متصنّع بالإسلام (٢) لا يتأثّم ولا يتحرّج أن يكذب على رسول الله (ص) متعمّدا ؛ فلو علم الناس أنّه منافق كذّاب ؛ لم يقبلوا منه ولم يصدّقوه ، ولكنّهم قالوا هذا قد صحب رسول الله (ص) ورآه وسمع منه ، وأخذوا عنه ، وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عزوجل : «وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم» ثمّ بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضلالة والدّعاة إلى النّار بالزور والكذب والبهتان فولّوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنّما الناس مع الملوك والدّنيا إلّا من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول الله شيئا لم يحمله على وجهه ووهم فيه ، ولم يتعمّد كذبا فهو في يده ، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله (ص) فلو علم المسلمون أنّه وهم لم يقبلوه ، ولو علم هو أنّه وهم لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول الله (ص) شيئا أمر به ثمّ نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثمّ أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنّه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه.

وآخر رابع لم يكذب على رسول الله (ص) ، مبغض للكذب خوفا من الله وتعظيما لرسول الله (ص) ، لم ينسه (٣) ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ فإنّ أمر النبيّ (ص) مثل القرآن ناسخ ومنسوخ [وخاصّ وعامّ] ومحكم ومتشابه ، قد كان يكون من رسول الله (ص) الكلام له وجهان : كلام عامّ وكلام خاصّ مثل القرآن

__________________

(١) بكسر الكاف وتخفيف الذال مصدر كذب يكذب اي كثرت علي كذبة الكذابين. ويصح أيضا جعل الكذاب بمعنى المكذوب والتاء للتأنيث أي الاحاديث المفتراة أو بفتح الكاف وتشديد الذال بمعنى الواحد الكثير الكذب والتاء لزيادة المبالغة والمعنى : كثرت علي اكاذيب الك ذابة او التاء للتأنيث والمعنى كثرت الجماعة الكذابة ولعل الاخير أظهر وهذا الخبر على تقديري صدقه وكذبه يدل على وقوع الكذب عليه «ص» وقوله : فليتبوأ على صيغة الامر ومعناه الخبر. (قاله المجلسي في مرآة العقول).

(٢) اي : متكلف له ومتدلس به غير متصف به في نفس الامر. «مرآة العقول».

(٣) في بعض النسخ [لم يسه].

٣٦٠