معالم المدرستين - ج ١

السيد مرتضى العسكري

معالم المدرستين - ج ١

المؤلف:

السيد مرتضى العسكري


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة البعثة
الطبعة: ٤
الصفحات: ٦١٦

الآفاق فصار سنة (٥٦).

وقال كثيّر بن عبد الرحمن يمدح عمر ويذكر قطعه السبّ :

وليت فلم تشتم عليا ولم تخف

بريا ولم تقبل إساءة مجرم

وكفّرت بالعفو الذنوب مع الّذي

أتيت فأضحى راضيا كلّ مسلم(٥٧)

وقال الرضي أبو الحسن (ره).

ويا ابن عبد العزيز لو بكت

العين فتى من أميّة لبكيتك

غير أني أقول إنك قد طبت

وإن لم يطب ولم يزك بيتك

أنت نزّهتنا عن السبّ والقذ

ف ؛ فلو أمكن الجزاء جزيتك(٥٨)

* * *

إنّ عمر بن عبد العزيز لم ينجح في مسعاه لسببين :

أولا ـ لأنّ المسلمين كانوا قد اعتادوا على لعن الإمام علي ورأوا فيه سنّة لا ينبغي تركه ، وأبى بعضهم ترك لعن الامام علي (ع) على عهد عمر بن عبد العزيز مثل أهل حرّان كما رواه الحموي والمسعودي حيث قال :

قد كان أهل حرّان قاتلهم الله تعالى حين أزيل لعن أبي تراب ـ يعني علي بن أبي طالب (رض) ـ عن المنابر يوم الجمعة امتنعوا عن إزالته وقالوا :

لا صلاة إلّا بلعن أبي تراب. وأقاموا على ذلك سنة حتى كان من أمر

__________________

(٥٦) شرح الخطبة ٥٩ من نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، وأوجز منه في تاريخ اليعقوبي ١ / ٣٠٥.

(٥٧) الأغاني ٩ : ٢٥٨ (طبعة الدار) مع إختلاف في الرواية.

(٥٨) ديوانه ، لوحة ١٢٤.

٣٨١

المشرق وظهور المسوّدة ما كان (٥٩).

ثانيا ـ لأنّ الخلفاء الأمويين من بعد عمر بن عبد العزيز أعادوا تلك السنّة السيئة كما ندرسها في ما يأتي بإذنه تعالى.

د ـ على عهد هشام بن عبد الملك

روى ابن عساكر في ترجمة جنادة بن عمرو بن الجنيد بن عبد الرحمن الحرّي مولى بني امية وقال : إنّه روى عن جدّه الجنيد أنه قال : أتيت من حوران إلى دمشق لآخذ عطائي فصليت الجمعة ثم خرجت من باب الدرج فإذا عليه شيخ يقال له أبو شيبة القاصّ يقصّ على الناس فرغّب فرغبنا وخوّف فبكينا ، فلما انقضى حديثه قال اختموا مجلسنا بلعن أبي تراب فلعنوا أبا تراب عليه‌السلام. فالتفت إلى من على يميني فقلت له : فمن أبو تراب؟ فقال : علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله وزوج ابنته وأول الناس إسلاما وأبو الحسن والحسين. فقلت : ما أصاب هذا القاص ، فقمت إليه وكان ذا وفرة فأخذت وفرته بيدي وجعلت ألطم وجهه وأبطح برأسه الحائط فصاح فاجتمع أعوان المسجد فوضعوا ردائي في رقبتي وساقوني حتى أدخلوني على هشام بن عبد الملك وأبو شيبة يقدمني ، فصاح : يا أمير المؤمنين! قاصّك وقاصّ آبائك وأجدادك أتى إليه اليوم أمر عظيم. قال : من فعل بك؟ فقال : هذا فالتفت إليّ هشام وعنده أشراف الناس فقال : يا أبا يحيى متى قدمت؟ فقلت أمس وأنا على المصير إلى أمير المؤمنين فأدركتني صلاة الجمعة فصليت وخرجت إلى باب الدرج فإذا هذا الشيخ قائم يقصّ فجلست إليه فقرأ فسمعنا

__________________

(٥٩) مروج الذهب ، ٣ / ٢٤٥. ومادة حرّان من معجم البلدان ، واللفظ للأول ، وحرّان مدينة بين الموصل والشام وتركيا وتخرج منها ابن تيمية (ت ٧٢٨ ه‍) مؤسس المذهب السلفي.

٣٨٢

فرغب من رغب وخوف من خوف ودعا فأمنا وقال في آخر كلامه اختموا مجلسنا بلعن أبي تراب فسألت من أبو تراب؟ فقيل : علي بن أبي طالب أول الناس إسلاما وابن عم رسول الله وأبو الحسن والحسين وزوج بنت رسول الله فو الله يا أمير المؤمنين لو ذكر هذا قرابة لك بمثل هذا الذكر ولعنه بمثل هذا اللعن لأحللت به الذي أحللت فكيف لا أغضب لصهر رسول الله وزوج ابنته؟! فقال هشام : بئس ما صنع ، ثم عقد لي على السند ثم قال لبعض جلسائه : «مثل هذا لا يحاورني هاهنا فيفسد علينا البلد فباعدته إلى السند» فلم يزل بها إلى أن مات وفيه يقول الشاعر :

ذهب الجود والجنيد جميعا

فعلى الجود والجنيد السلام(٦٠)

* * *

كان ذلكم عمل الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك ، وفي ما يأتي مثال من عمل ولاته :

عمل خالد بن عبد الله القسري

ذكر المبرد في «الكامل» أن خالد بن عبد الله القسريّ لمّا كان أمير العراق في خلافة هشام ، كان يلعن عليّا عليه‌السلام على المنبر ، فيقول : اللهم العن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، صهر رسول الله على ابنته ، وأبا الحسن والحسين! ثم يقبل على الناس فيقول : هل كنّيت (٦١)

__________________

(٦٠) ترجمة جنادة بن عمرو بن الجنيد في تهذيب تاريخ دمشق لابن بدران ٣ / ٤١٠ واللفظ له وفي مختصره لابن منظور ، ٦ / ١١٧ ـ ١١٨.

(٦١) الكامل ٤١٤ (طبعة اوروبا).

والمبرد أبو العبّاس محمد بن يزيد الازدي الثمالي شيخ أهل النحو وحافظ علم العربية كان من أهل ـ

٣٨٣

من هو خالد بن عبد الله القسري :

ابن النصرانية (٦٢) أبو الهيثم بن عبد الله القسري كان كريما ببيت مال المسلمين ينفقه ويكسب به حمد الناس في الدنيا. ولي مكة لأبناء عبد الملك الوليد وسليمان وهشام ، وولي العراق لهشام.

قال ابن عساكر في ترجمته :

ساق ماء إلى مكة فنصب طستا إلى جانب زمزم ثم خطب فقال : قد جئتكم بماء الغاية لا يشبه أمّ الخنافس (يعني ماء زمزم) ، وكان يقع في علي ابن أبي طالب.

وقال ابن عساكر : وذكر كلاما لا يحلّ ذكره.

وقال ـ أيضا ـ :

وخطب وقال في خطبته : والله لو كتب إليّ أمير المؤمنين لنقضتها حجرا حجرا ، يعني الكعبة.

وكان عاقبة أمر خالد أنّ الخليفة هشاما سلّمه إلى يوسف بن عمر واليه على العراق فقتله تعذيبا في السجن سنة ١٢٦ ه‍ (٦٣).

وقال ابن خلكان : بنى خالد كنيسة في داره لأمّه (٦٤).

* * *

__________________

ـ البصرة فسكن بغداد (ت ٢٨٥ ه‍) بها وأشهر مؤلفاته الكامل. راجع ترجمته في تاريخ بغداد للخطيب.

(٦٢) هكذا ورد ذكره في فهرست الطبري ، ١٦٣ ، للمستشرق دي خويه.

(٦٣) مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ، ٧ / ٣٦٩ ـ ٣٨٤.

(٦٤) هكذا رواه ابن كثير في تاريخه ، ١٠ / ٢١. وبعض أخباره في مروج الذهب ، ٣ / ١٢٠ و ١٧٤ و ١٧٩ و ٢٨٠.

٣٨٤

كانت الخلافة الأموية تسعى جاهدة في إبعاد المسلمين عن ذكر الإمام علي بخير ، وبلغت في ذلك أنّها منعت من تسمية أحد باسم علي : كما نرى ذلك في الخبر الآتي :

بنو أميّة يقتلون من سمّي عليّا

روى ابن حجر في ترجمة علي بن رباح وقال ما موجزه :

كان بنو أميّة إذا سمعوا بمولود اسمه علي قتلوه ، فبلغ ذلك رباحا فقال : هو عليّ ، وكان يغضب من عليّ ويحرّج على من سمّاه به.

المعنى أنّ رباحا كان يقول : اسم ابني عليّ .. وقال ابن حجر :

قال عليّ بن رباح لا أجعل في حلّ من سماني (عليّ) فإنّ اسمي عليّ (٦٥).

* * *

ويظهر من خبر عمر بن عبد العزيز وخبر هشام الآتي أنّ لعن الإمام عليّ من قبل بني أميّة كان مع علمهم بمنزلته. فقد روى ابن أبي الحديد :

أنّ هشام بن عبد الملك لما حجّ خطب بالموسم ، فقام إليه إنسان ، فقال :

يا أمير المؤمنين ، إنّ هذا يوم كانت الخلفاء تستحبّ فيه لعن أبي تراب ، فقال : اكفف ، فما لهذا جئنا (٦٦).

إنّ سبب امتناع هشام من لعن الإمام عليّ في خطبته في الموسم يوم عرفة هو الأمر نفسه الّذي كان يتلجلج بسببه عبد العزيز في لعنه الإمام عليّا في خطبته في المدينة كما أبانه لابنه عمر بن عبد العزيز والّذي أسلفنا ذكره ، حيث قال له :

__________________

(٦٥) علي بن رباح اللخمي (ت ١١٤ أو ١١٧ ه‍) راجع ترجمته في تهذيب التهذيب ، ٧ / ٣١٩.

(٦٦) شرح ابن أبي الحديد ، ١ / ٨٥.

٣٨٥

يا بنيّ إنّ من ترى تحت منبرنا من أهل الشام وغيرهم ـ جنده وخاصّة من حوله ـ لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوك لم يتبعنا منهم أحد.

إذا فقد كانت سياسة الخلافة الأموية القرشية في هذا الأمر تبعا لسياسة الخلافة القرشية في بادئ أمر الخلافة بعد الرسول (ص) وقد بقيت آثار تلك السياسة في المجتمع الإسلامي بعد بني أميّة كما ندرس أمثلة ممّا جرى في هذا الشأن على عهد بني العباس في ما يأتي بإذنه تعالى.

على عهد العبّاسيين :

بقيت في المجتمع الإسلامي على عهد العباسيين آثار ما فعله الخلفاء ، والولاة قبلهم. وندرس في ما يلي ثلاثة أمثلة من ثلاث طبقات في هذا الشأن على عهدهم :

أوّلا ـ من عمل طبقة العلماء :

روى ابن حجر في ترجمة أبي عثمان حريز بن عثمان (٦٧) الحمصي وقال ما موجزه :

كان ينتقص عليّا وينال منه ، وقال إسماعيل بن عياش (٦٨) عادلت حريز بن عثمان من مصر إلى مكّة فجعل يسبّ عليّا ويلعنه. وقال أيضا : سمعت حريز ابن عثمان يقول : هذا الّذي يرويه الناس عن النبيّ (ص) أنّه قال لعلّي : «أنت

__________________

(٦٧) حريز بن عثمان دخل بغداد في عصر المهدي العباسي (ت ١٦٣ ه‍) قال ابن حجر في ترجمته بتهذيب التهذيب ، ٢ / ٢٣٧ ـ ٢٤٠. وتقريب التهذيب ، ١ / ١٥٩ : ثقة ثبت رمي بالنصب أخرج حديثه البخاري وغيره عدا مسلم ، وراجع ترجمته في تهذيب تاريخ ابن عساكر لابن بدران ، ٤ / ١١٦ ـ ١١٨.

(٦٨) إسماعيل بن عيّاش بن سليم العنسي الحمصي (ت ٨١ أو ٨٢ ه‍) أخرج حديثه أصحاب السنن. تقريب التهذيب ، ١ / ٧٣.

٣٨٦

منّي بمنزلة هارون من موسى» حقّ ، ولكن أخطأ السامع ، قلت : فما هو؟ قال : إنّما هو : أنت منّي بمنزلة قارون من موسى.

وذكر الأزدي أنّ حريز بن عثمان روى أنّ النبيّ (ص) لما أراد أن يركب جاء عليّ بن أبي طالب فحلّ حزام البغلة ليقع النبيّ (ص).

وقيل ليحيى بن صالح (٦٩) لم لا تكتب عن حريز؟ فقال : كيف أكتب عن رجل صلّيت معه الفجر سبع سنين ، فكان لا يخرج من المسجد حتّى يلعن عليّا سبعين مرّة.

وقال ابن حبان (٧٠) : كان يلعن عليّا بالغداة سبعين مرّة وبالعشي سبعين مرّة.

ثانيا ـ من عمل طبقة الحكّام :

روى ابن حجر في ترجمة نصر بن عليّ ، وقال :

لما حدّث نصر بن عليّ حديث عليّ بن أبي طالب أنّ رسول الله (ص) أخذ بيد حسن وحسين فقال من أحبّني وأحبّ هذين وأباهما وأمّهما كان في درجتي يوم القيامة ، أمر المتوكّل بضربه ألف سوط ، فكلّمه فيه جعفر بن عبد الواحد وجعل يقول له : هذا من أهل السنّة فلم يزل به حتّى تركه (٧١).

__________________

(٦٩) يحيى بن صالح الوحاظي الحمصي (ت ٢٢٢ ه‍) أخرج حديثه أصحاب الصحاح والسنن تقريب التهذيب ، ٢ / ٣٤٩.

(٧٠) ابن حبان محمد بن حبان أبو حاتم البستي (ت ٣٥٤ ه‍).

(٧١) نصر بن علي بن صهبان الأزدي الجهضمي (ت ٢٥٠ أو ٢٥١ ه‍) تهذيب التهذيب ، ١٠ / ٤٣٠.

٣٨٧

ثالثا ـ من عمل عامّة الناس :

روى الذهبي في ترجمة ابن السّقا من تذكرة الحفاظ ، وقال :

الحافظ الإمام ، محدّث واسط ، أبو محمّد ، عبد الله بن محمّد بن عثمان الواسطي.

واتّفق أنّه أملى حديث الطير ، فلم تحتمله نفوسهم ، فوثبوا به فأقاموه ، وغسلوا موضعه فمضى ولزم بيته. فكان لا يحدّث أحدا من الواسطيين ، فلهذا قلّ حديثه عندهم(٧٢).

* * *

لم يقتصر ما جرى من الحكّام على آل البيت طوال القرون على ما أوردنا أمثلة منه من قيامهم بلعنهم وأمر الناس بلعنهم والتبري منهم وترك رواية أحاديث الرسول (ص) في مدحهم ، بل شمل أنواع الأذى لهم وقتلهم قتل إبادة ، كما أوردنا بعضها في المجلد الثالث من هذا الكتاب ، في ذكرنا ما جرى على آل الرسول (ص) في كربلاء ، ثمّ تسلسل قتل الحكام إيّاهم على عهد الأمويين والعباسيين ، كما حفل بذكر أخبارهم أبو الفرج في كتابه مقاتل الطالبيين. وأحيانا كان يجري عليهم من قبل الخلفاء العباسيين أشدّ مما كان يجري عليهم على عهد الخلفاء من قبلهم ، كالآتي ذكر أمثلة منه بحوله تعالى :

__________________

(٧٢) تذكرة الحفاظ ص ٩٦٥ ـ ٩٦٦.

وحديث الطير أن رسول الله (ص) أهدي إليه طير مشوي فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك يأكل معي. فجاء علي بن أبي طالب وأكل معه. وراجع أسانيد حديث الطير في : ٢ / ١٠٥ ـ ١٥٥ ، من سيرة الإمام علي في تاريخ دمشق لابن عساكر تحقيق البحاثة المحقق المحمودي ط. بيروت سنة ١٣٩٥ ه‍.

٣٨٨

أ ـ مثال ممّا جرى على آل الرسول (ص) على عهد المنصور

روى أبو الفرج انّ المنصور قال لمحمد بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب :

أنت الديباج الأصفر؟

قال نعم.

قال : أمّا والله لأقتلنك قتلة ما قتلتها أحدا من أهل بيتك.

ثمّ أمر بأسطوانة ففرغت ثمّ أدخل فيها فبنيت عليه وهو حيّ (٧٣).

ب ـ بعض ما جرى على آل الرسول على عهد المتوكل

روى الطبري في ذكر حوادث سنة (٢٣٦ ه‍) ، وقال :

وفيها أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن عليّ وهدم ما حوله من المنازل والدور وأن يحرث ويبذر ويسقى موضع قبره وأن يمنع الناس من إتيانه. فذكر أنّ عامل صاحب الشرطة نادى في الناحية : من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة بعثنا به إلى المطبق ، فهرب الناس وامتنعوا من المصير إليه وحرث ذلك الموضع وزرع ما حواليه (٧٤).

وقال ابن الأثير في ذكر حوادث سنة (٢٣٦ ه‍) من تاريخه :

__________________

(٧٣) الطبري ٩ / ١٩٨ ، ومقاتل الطالبيّين ص ٢٠٠.

والديباج من الثياب ما كان من الحرير ، وديباجة الوجه حسن بشرته.

والمنصور أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي ثاني الخلفاء العباسيين (ت ١٥٨ ه‍).

(٧٤) الطبري ٣ / ١٤٠٧ في ذكر حوادث سنة ست وثلاثين ومائتين ، والمتوكّل على الله جعفر بن المعتصم بن هارون الرشيد. ولي الخلافة سنة ٢٣٢ وقتل سنة ٢٤٧ ه‍. والمطبق : سجنه الرهيب.

٣٨٩

في هذه السنة أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن عليّ عليه‌السلام وهدم ما حوله من المنازل والدور وأن يبذر ويسقى موضع قبره وأن يمنع الناس من إتيانه. فنادى بالناس في تلك الناحية : من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة حبسناه في المطبق فهرب الناس وتركوا زيارته وخرب وزرع. وكان المتوكل شديد البغض لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ولأهل بيته. وكان يقصد من يبلغه عنه أنّه يتولى عليّا وأهله بأخذ المال والدم. وكان من جملة ندمائه عبادة المخنث وكان يشدّ على بطنه تحت ثيابه مخدة ويكشف رأسه وهو أصلع ويرقص بين يدي المتوكل والمغنون يغنون :

قد أقبل الأصلع البطين ، خليفة المسلمين ، يحكي بذلك عليّا عليه‌السلام ، والمتوكل يشرب ويضحك. ففعل ذلك يوما والمنتصر حاضر ، فأومأ إلى عبادة يتهدده فسكت خوفا منه ، فقال المتوكل : ما حالك؟ فقام وأخبره ، فقال المنتصر : يا أمير المؤمنين إنّ الّذي يحكيه هذا الكلب ويضحك منه الناس هو ابن عمك وشيخ أهل بيتك وبه فخرك فكل أنت لحمه إذا شئت ، ولا تطعم هذا الكلب وأمثاله منه ، فقال المتوكل : للمغنين غنّوا جميعا :

غار الفتى لابن عمّه

رأس الفتى في حر أمّه

فكان هذا من الأسباب الّتي استحل بها المنتصر قتل المتوكل (٧٥).

وقال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين (٧٦) :

بعث برجل من أصحابه يقال له الديزج ـ وكان يهوديا فأسلم ـ إلى قبر الحسين ، وأمره بكرب قبره ومحوه وإخراب كلّ ما حوله ، فمضى لذلك

__________________

(٧٥) الكامل في التاريخ لابن الأثير ط. مصر الأولى ، ٧ / ١٨.

(٧٦) مقاتل الطالبيّين ٥٩٨ ـ ٥٩٩.

٣٩٠

وخرب ما حوله وهدم البناء وكرب ما حوله نحو مائتي جريب ، فلما بلغ إلى قبره لم يتقدم إليه أحد ، فأحضر قوما من اليهود فكربوه ، وأجرى الماء حوله ، ووكّل به مسالح ، بين كلّ مسلحتين ميل ، لا يزوره زائر إلّا أخذوه ووجهوا به إليه.

وروى عن محمد بن الحسين الأشناني أنّه قال :

بعد عهدي بالزيارة في تلك الأيّام خوفا ، ثمّ عملت على المخاطرة بنفسي فيها ، وساعدني رجل من العطارين على ذلك ، فخرجنا زائرين ، نكمن النهار ونسير الليل ، حتّى أتينا نواحي الغاضرية ، وخرجنا منها نصف الليل فسرنا بين مسلحتين وقد ناموا حتّى أتينا القبر فخفي علينا ، وجعلنا نشمّه ونتحرى جهته حتّى أتيناه ، وقد قلع الصندوق الّذي كان حواليه وأحرق ، وأجري الماء عليه فانخسف موضع اللبن وصار كالخندق ، فزرناه فأكببنا عليه فشممنا منه رائحة ما شممت مثلها قطّ كشيء من الطيب ، فقلت للعطار الّذي كان معي ، أيّ رائحة هذه؟ فقال لا والله ما شممت مثلها كشيء من العطر. فودعناه وجعلنا حول القبر علامات في عدّة مواضع.

فلما قتل المتوكل اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين والشيعة حتّى صرنا إلى القبر فأخرجنا تلك العلامات وأعدناه إلى ما كان عليه.

وقال ـ أيضا ـ

واستعمل على المدينة ومكّة عمر بن الفرج الرخجي فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس ، ومنع الناس من البرّ بهم ، وكان لا يبلغه أنّ أحدا أبرّ أحدا منهم بشيء وإنّ قلّ إلّا أنهكه عقوبة ، وأثقله غرما ، حتّى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلّين فيه واحدة بعد واحدة ، ثمّ

٣٩١

يرقعنه ويجلسن على معازلهن عواري حواسر ، إلى أن قتل المتوكل ، فعطف المنتصر عليهم وأحسن إليهم ، ووجه بمال فرقه فيهم ، وكان يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله ومضادّة مذهبه طعنا عليه ونصرة لفعله (٧٧).

كانت تلكم بعض آثار سياسة الخلافة القرشية على آل الرسول مدى القرون. وسوف ندرس آثارا أخرى لها بعد إيراد نتيجة البحث الآتية بحوله تعالى.

* * *

نتيجة البحث :

كرهت قريش أن تجتمع النبوّة والخلافة في بني هاشم فنهت من استطاعت أن تنهاه عن كتابة حديث الرسول (ص) في حياة الرسول (ص) كي لا يكتب نصّ عن الرسول (ص) يثبت حقّا في الخلافة لمن تكره أن يلي الحكم من بني هاشم بعد الرسول (ص). وأيضا لكي لا ينشر حديث من الرسول (ص) فيه منقصة لذوي أرومتهم من قريش تبعدهم عن الحكم وفضيلة لمنافسيهم من بني هاشم خاصّة والأنصار عامّة.

وللسبب نفسه منعت الرسول (ص) من كتابة وصيّته في آخر ساعة من حياته ، تلك الوصية التي قال عنها : لن تضلوا بعدها أبدا. وخشية أن يكتب نصّا لمن يتولى الحكم بعده من بني هاشم الّذين كرهوا أن تجتمع فيهم النبوّة والخلافة ، وللسبب نفسه سعى الصحابي عمر القرشي ومن معه من مهاجرة قريش في أخذ البيعة لأبي بكر القرشي التيمي بعد وفاة الرسول (ص).

ولذلك ـ أيضا ـ أدلى أبو بكر بالخلافة إلى صاحبه عمر القرشي العدوي

__________________

(٧٧) مقاتل الطالبيّين ص ٥٩٩.

٣٩٢

بواسطة عثمان القرشي (٧٨).

وللسبب نفسه منع الخليفة عمر بن كتابة حديث الرسول (ص) ونشره ، وأحرق ما كتبه الصحابة منه وسجن منهم في المدينة من خالفه ونشر حديث الرسول (ص) في البلاد خارج المدينة (٧٩).

وللسبب نفسه كان عمر إذا استعمل العمال خرج معهم يشيعهم فيقول ... جرّدوا القرآن وأقلّوا الرواية عن محمد ، وأنا شريككم (٨٠).

وللسبب نفسه لم يولّ الخليفتان أبو بكر وعمر أحدا من بني هاشم على جيش في الفتوح ولا على بلد مفتوح (٨١).

ولذلك ـ أيضا ـ دبّر الخليفة عمر تولية عثمان القرشي الأمويّ على الحكم بواسطة عبد الرحمن بن عوف في الشورى القرشية (٨٢).

وللسبب نفسه جرّد عثمان القرآن من حديث الرسول (ص) ونسخه في مصاحف ووزّعه على البلاد الإسلامية وأحرق ما عداها من مصاحف الصحابة التي دوّن فيها مع القرآن أحاديث الرسول (ص) في تفسير القرآن. وجلب الصحابي عبد الله بن مسعود من الكوفة إلى المدينة لمخالفته إيّاه في إحراق المصاحف وأمر بضربه وقطع عطاءه من بيت المال(٨٣).

__________________

(٧٨) راجع أخبارها ومصادرها في فصل الواقع التاريخي لقيام الخلافة من هذا الكتاب ص ١٤٢ فما بعدها.

(٧٩) راجع ٢ / ٤٤ ـ ٤٥ ، من هذا الكتاب فصل منع كتابة الحديث على عهد الخلفاء.

(٨٠) تاريخ الطبري ٥ / ١٩ ، في ذكر سيرة عمر من حوادث سنة ٣٠ ه‍.

(٨١) راجع مروج الذهب للمسعودي ٢ / ٣٢١ ـ ٣٢٢ ، ويؤيد ذلك أنهم لم يولّوا أحدا من بني هاشم على عهد الخلفاء الثلاثة.

(٨٢) أشرنا إلى هذا الخبر قبيل هذا.

(٨٣) راجع بحث على (عهد عثمان) من (تاريخ القرآن) في كتابنا (القرآن الكريم وروايات ـ

٣٩٣

ونفى الصحابي أبا ذر من المدينة إلى الربذة لنشره حديث الرسول بين العباد وفي البلاد (٨٤).

وأدلى بالخلافة إلى عبد الرحمن القرشي الزهري في وصيّته التي كتبها في مرضه بالرعاف(٨٥).

وعند ما توفي عبد الرحمن في حياة عثمان وقتل عثمان ولم يتسنّ له أن يولّي أحدا من قريش على الحكم عندئذ ملك المسلمون زمام أمرهم فتهافتوا على الإمام علي (ع) يبايعونه يتقدمهم سروات قريش من الصحابة بعد فقدهم زمام المبادرة ، وبعد أربعة أشهر من ذلك لملمت قريش أطرافها وأقامت على الإمام عليّ حرب الجمل بقيادة أمّ المؤمنين عائشة وطلحة والزبير لعلّها تسلب الحكم من الإمام علي (ع) (٨٦) ، وثنّت بإقامة حرب صفين عليه للسبب نفسه ولكي تتمكن من إقامة الحربين عليه أشاعت بين المسلمين خارج المدينة بأنّ الإمام قتل الخليفة عثمان واستولى على الحكم (٨٧) ؛ ولمّا كان المسلمون خارج المدينة يأخذون معالم دينهم وأخبار سيرة الرسول (ص) وسيرة أهل بيته وأصحابه ممّن يليهم من الصحابة ، وولاتهم من رجالات قريش وحلفائها ومواليها ، ولا يعلمون ما عدا القرآن من الإسلام وسيرة أهله غير ما يذيعه فيهم أولئك الرجال ، ولا يملكون سبيلا للمعرفة غير ذلك ؛ فقد استطاعت قريش أن تشوّش على المسلمين رؤيتهم للإمام علي (ع) ، وزاد في الطين بلّة رفع جيش معاوية المصاحف

__________________

ـ (المدرستين) وراجع خبر ابن مسعود في كتاب أحاديث أمّ المؤمنين عائشة فصل (على عهد الصهرين).

(٨٤) راجع ٢ / ٤٦ من هذا الكتاب.

(٨٥) مضى ذكر مصدره.

(٨٦) راجع خبر الجمل في كتاب أحاديث أمّ المؤمنين عائشة فصل على عهد الصهرين.

(٨٧) راجع أخبار صفّين في تاريخ الطبري وابن الأثير وابن كثير.

٣٩٤

عند ما ضعفوا عن القتال في صفين ودعوتهم الإمام عليّا (ع) وجيشه إلى تحكيم القرآن ثم إلى تحكيم الحكمين ، وعند ما أصرّ القرّاء في جيش الإمام علي (ع) ومن تبعهم على قبول التحكيم وخدع الصحابي عمرو بن العاص القرشي الأموي الصحابي أبا موسى الأشعري في مقام الحكم ، وانتشر خبر الخدعة ؛ كبر ذلك على جمع ممّن قبلوا التحكيم من قرّاء أهل الكوفة فكفّروا عامّة المسلمين ، وخرجوا على الإمام علي (ع) وحاربوه في النهروان فقتلهم الإمام علي (ع) ، ثم اغتال أحدهم الإمام في محرابه بمسجد الكوفة (٨٨). إنّ كلّ ذلك شوش على المسلمين خارج المدينة الرؤية الصحيحة للإمام عليّ (ع) وسبّب قبولهم ما ينشر عن الإمام علي (ع) خلافا للواقع والحق.

ومن جانب آخر تبدّل كره قريش أن يستولي على الحكم أحد من بني هاشم ـ والمقصود في هذه الكراهية استيلاء الإمام علي على الحكم إذ لم يكن غيره في بني هاشم مرشحا للحكم غيره ـ ، تبدّل ذلك الكره في الحربين التي أقامتها قريش على الإمام علي (ع) إلى الحقد والعداء على الإمام علي (ع) وقام حكم قريش على المسلمين بعد ذلك على أساس الحقد والعداء للإمام عليّ (ع) ، وظهر ذلك جليّا في حكم بني أميّة على المسلمين كما نشير إليه في ما يأتي :

__________________

(٨٨) راجع أخبار صفّين والنهروان في تاريخ الطبري وابن الأثير وابن كثير وغيرها.

٣٩٥

عداوة الخلافة الاموية للامام علي وآثارها

أوّلا ـ في خلافة آل أبي سفيان وعلى عهد معاوية

عند ما استولى معاوية على الحكم بنى سياسة الحكم على أساسين :

١ ـ الادلاء بالخلافة لابنه يزيد بعد أن كانت سياسة الخلفاء قائمة على أساس تداول الخلافة في قريش وكان شعارهم في ذلك (وسّعوها في قريش تتسع) (٨٩).

٢ ـ سياسة العداء لآل الرسول (ص) ولسيّدهم الإمام علي (ع) خاصّة.

لم نعلم في التاريخ مثيلا لعداء معاوية للإمام علي (ع) خاصّة بالإضافة إلى عداوته لعامّة بني هاشم ، ولذلك شيّد حكمه على ذمهم واختلاق المثالب في حقهم والمناقب لغيرهم ، ونشر ذلك بين الناس في البلاد ، وأمر بلعن الإمام علي (ع) في كل ناد وخاصة في خطب صلاة الجمعة في المساجد من أقصى بلاد الشرق إلى أقصى بلاد الغرب الإسلامية ، وآلى ألّا يتركه حتى يهرم عليه الصغير ويفنى الكبير ، وقتل من امتنع عن ذلك من أفاضل المسلمين بأنواع القتل ، وأربى على ذلك ابنه يزيد حين قتل آل الرسول (ص) في كربلاء وقطع رءوسهم وسبى ذريّة الرسول وطاف بالرءوس وبالسبايا في البلاد ، وبذلك انتهت أفعال الخلافة الأموية من آل أبي سفيان ، وانتهى الحكم إلى بني

__________________

(٨٩) لست أدري الآن أين رأيت خبر رفع قريش هذا الشعار بعد وفاة الرسول (ص) وانّ عملهم في تولية القرشيين على الحكم من بطون مختلفة من قريش يدل على ذلك.

٣٩٦

مروان من آل أميّة.

سياسة حكم الخلافة المروانية من آل أميّة

تبع الخلفاء من آل مروان سياسة معاوية في تداول الحكم في أسرتهم وفي لعن الإمام علي (ع) والتنقيص من قدره إلى زمان عمر بن عبد العزيز الذي أمر بترك لعن الإمام. غير أنّ الناس كانوا قد اعتادوا على لعن الإمام ورآه بعضهم فريضة لا يصحّ تركها ولا تقبل صلاة الجمعة دونها كما كان شأن أهل حرّان الّذين قالوا : (لا صلاة دون لعن أبي تراب) ، ولم يدم حكم ابن عبد العزيز أكثر من سنتين وأشهر (٩٠) إذ سمّه آل أبيه (٩١) وعادت آل أميّة بعده إلى عادتها القديمة في لعن الإمام إلى أن جاء إلى الحكم بعدهم بنو العبّاس ، وكانت سياستهم كالآتي.

سياسة حكم الخلافة العباسية :

كان في خلفاء بني العباس من زاد على بني أميّة في قتل آل الرسول والحط من مكانتهم بين المسلمين مثل أبي جعفر المنصور وهارون الرشيد والمتوكل ، وفيهم من خالف أولئك ومال إلى أهل البيت (٩٢).

__________________

(٩٠) مروج الذهب للمسعودي ، ٣ / ٣٥ ، وغيره.

(٩١) تاريخ ابن كثير ، ٩ / ٢٠٩.

(٩٢) مثل الناصر لدين الله الذي كان من أتباع مدرسة أهل البيت وقد شاهدت من آثاره في سامراء في مصلى الأئمة تحت مسجد المهدي والمسمى بسرداب الغيبة كتابة خشبية في صفتها نصبت في ارتفاع أكثر من متر من قاع الصفة كتب عليها أسماء الائمة الاثني عشر وأنّها شيدت بأمر الخليفة الناصر لدين الله.

٣٩٧

غير أنّ الناس كانوا قد تربوا تسعين عاما مدة الخلافة الأموية (٩٣) كما خطط معاوية تربيتهم على التّبري من الإمام علي (ع) ولعنه وتنقيصه ، وبقي أثر تلكم التربية إلى عهد العباسيين ، فقد كان على عهدهم من العلماء والمحدثين حريز بن عثمان (ت : ١٦٢ ه‍) الذي كان يلعن الإمام بالغداة سبعين مرّة وبالعشي سبعين مرّة ووضع الأحاديث في ذم الإمام ورواها في بغداد وغيرها من عواصم البلاد الإسلامية.

وكان في عامة بلادهم أناس مثل أهالي واسط الذين اتفق لعالمهم ومحدث بلدهم عبد الله بن محمد بن عثمان (ت : ٣٧١ ه‍) أن أملى حديث الطير ، فأقاموه وغسلوا موضعه ، فمضى ولزم بيته.

اتفق لمحدث البلد مرّة واحدة أن يحدّث بحديث واحد فيه فضيلة للإمام علي (ع) فأقامه أهل البلد وغسلوا الموضع الذي جلس فيه وحدّث ذلك الحديث.

* * *

لم يقتصر الأمر على ما ذكرنا ومن ذكرنا ، ولا على تلك العصور ، بل امتد الأمر إلى غيرهم وإلى عصرنا الحاضر وإنما اقتصرنا في ما سبق على ذكر أمثلة من عمل الحكام طوال القرون في إخفاء ذكر أهل بيت الرسول (ص) ونشر الكراهية لهم والانتقاص من قدرهم كي لا يتجه المسلمون إليهم ، ويدبروا عنهم. فينتقض حكمهم ـ حكم الخلافة القرشية ـ ويشاد على انقاضه حكم لآل الرسول (ص) ، وأنتجت سياسة الخلافة القرشية قادة وأتباعا مع أهل البيت ، أموية وعباسية ، وغير أموية وغير عباسية إجراء عشرة أنواع من

__________________

(٩٣) راجع مروج الذهب للمسعودي ، ٣ / ٢٣٥.

٣٩٨

الكتمان والتحريف في مدرسة الخلفاء على سنة الرسول (ص) وأخبار سيرة أهل بيته وأصحابه في ما يخصّ منها أهل البيت ، كما سندرسها في بحث : (دراسة عمل مدرسة الخلفاء بنصوص سنة الرسول (ص) وسيرة أهل بيته وأصحابه) الآتي بإذنه تعالى.

٣٩٩
٤٠٠