معالم المدرستين - ج ١

السيد مرتضى العسكري

معالم المدرستين - ج ١

المؤلف:

السيد مرتضى العسكري


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة البعثة
الطبعة: ٤
الصفحات: ٦١٦

علميّة ، وختمت البحوث بذكر بعض أنواع نشاط المدرستين الثقافيّ والسياسيّ والاجتماعيّ وآثارها في المجتمع الإسلامي.

ثالثا ـ أوردت في الأخير بعض ما افتري به على مدرسة أهل البيت (ع) وحاولت القيام بتمحيصه.

وأسأل الله أن يوفقني للبحث عن روايات المدرستين حول القرآن الكريم بمنّه تعالى.

وها هي البحوث أعرضها على الملأ الإسلاميّ الكريم راجيا أن ينظروا فيها بتجرّد علميّ ، وينبّهوني على أخطائي في سبيل نشر المعرفة الإسلامية وتيسير التقارب والتّفاهم بين المسلمين ، إن شاء الله تعالى.

(قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ). يوسف / ١٠٨.

١٠١
١٠٢

القسم الأوّل

بحوث المدرستين حول مصادر الشريعة الإسلامية

١٠٣
١٠٤

توطئة

في تاريخ الفكر الإسلاميّ نجد انقساما بيّنا بعد وفاة النبيّ (ص) بين مدرستين متعارضتين ، مدرسة السّلطة الحاكمة بعد الرسول حتى آخر الخلفاء العثمانيين ، ومدرسة أئمة أهل البيت (ع) حتّى الإمام الثاني عشر (١). ولم يزل الخلاف قائما بين خرّيجي المدرستين وأتباعهما من المسلمين ، ولا يزال كذلك حتّى عصرنا الحاضر ، وإلى ما شاء الله.

وفي ما يلي من هذا البحث نسمّي المدرسة الأولى بمدرسة الخلفاء والأخرى بمدرسة أهل البيت. ونبدأ بذكر منشأ الخلاف بينهما ، ثمّ نورد أمثلة من وجوه الخلاف ، إن شاء الله تعالى.

منشأ الخلاف :

تتّفق المدرستان في القرآن الكريم ، وتلتزمان بما أحلّه وحرّمه وفرضه

__________________

(١) إنّما حدّدنا مدرسة السلطة الحاكمة بآخر الخلفاء العثمانيّين ، ومدرسة أهل البيت بالإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت ، لأنّ مدرسة الخلفاء تلتزم بشرعية حكومة الخلفاء بعد النبيّ وتسمّيهم بخلفاء النبيّ ، وتلتزم مدرسة أهل البيت بأحقيّة الأئمة الاثني عشر في الحكم وتسمّيهم أوصياء النبي. ولهذا سمّينا الأولى بمدرسة الخلفاء. والثانية بمدرسة أهل البيت.

١٠٥

وندب إليه ، وتختلفان في تأويله وخاصّة متشابه آياته أشدّ الاختلاف. ثمّ تختلفان في الأمور الثلاثة التالية :

أ ـ في الصحابة.

ب ـ في الإمامة والخلافة ، وهما من سبل الوصول إلى مصادر الشّريعة الإسلاميّة.

ج ـ في مصادر الشّريعة الإسلامية بعد القرآن.

وسندرس بحوث المدرستين في كلّ منها بعد دراسة المصطلحات الواردة في بابه في أوّل الباب. ونبدأ هنا بدراسة المصطلحات المشتركة في جميع أبواب الكتاب أوّلا ، ثمّ بدراسة كيفيّة تدوين معاجم اللّغة العربيّة ثانيا.

١٠٦

اللّغة العربيّة والمصطلحات الإسلاميّة

أوّلا ـ تعريف المصطلحات وهي :

أ ـ لغة العرب.

ب ـ المصطلح الشرعيّ أو المصطلح الإسلامي.

ج ـ مصطلح المتشرّعة أو مصطلح المسلمين.

د ـ الحقيقة والمجاز.

ونسمّي الأوّل أحيانا ب (تسمية العرب) ، والثاني ب (تسمية الشارع) والثالث ب (تسمية المسلمين) ونقول :

أ ـ لغة العرب

إنّما نتحدّث عن لغة العرب ، لأنّ القرآن نزل بلغتهم ، فنقول :

إنّ جلّ الألفاظ العربيّة الّتي نستعملها اليوم ، كانت شائعة في معانيها قبل الإسلام وبعد الإسلام حتّى اليوم ، مثل : الأكل والنوم واللّيل والنهار.

ومن تكلم الألفاظ ما ورد في لغة العرب في معان متعدّدة ، مثل لفظ : (غنم) الّذي كان في البدء بمعنى كسب الغنم ، ثمّ استعمل أيضا في لغة العرب بمعنى الفوز بالشيء بلا مشقّة ، ثمّ استعمل في الإسلام في الفوز

١٠٧

بالشيء مطلقا ، سواء أكان الفوز بمشقّة أم دون مشقّة.

وقد يرد لفظ عند قبيلة بمعنى ، وعند أخرى بمعنى آخر ، مثل : (الأثلب) فإنّه في لغة أهل الحجاز : الحجر ، وفي لغة تميم : التراب (١).

وفي عصرنا يستعمل لفظ : (المبسوط) ويراد به عند العراقيين : المضروب ، ولدى الشاميّين واللّبنانيّين : المسرور ، وفي مثل هذه الحالة يجب أن نقول مثلا : (الأثلب) في لغة تميم بمعنى كذا ، وفي لغة الحجازيين بمعنى كذا ، وكذلك الأمر في (المبسوط).

ب ـ المصطلح الشرعي أو «المصطلح الإسلامي»

عند ما بعث الله خاتم أنبيائه (ص) استعمل بعض الألفاظ العربيّة في غير معانيها الشّائعة لدى العرب ، مثل : (الصلاة) الّتي كانت تستعمل في مطلق (الدعاء) واستعملها رسول الله (ص) في عبادة خاصّة لها قراءات خاصّة مقارنة بأفعال خاصّة من قيام وركوع وسجود ، ممّا لم تكن معروفة لدى العرب. وهذا ما نسمّيه ب (المصطلح الشرعي أو الإسلامي) سواء في ذلك أغيّر المعنى اللّغوي للّفظ مثل (الصلاة) أم جاء الشّارع الإسلاميّ بلفظ جديد في معنى جديد ، مثل : (الرحمن) صفة لله تعالى.

ويعرف (المصطلح الشرعي) بورود اللّفظ في معناه في القرآن الكريم أو الحديث النبويّ الشريف ، وبدون ذلك لا يوجد المصطلح الشرعي.

إذا فالمصطلح الشرعيّ : ما استعمله الشارع في معنى خاصّ وبلّغ الرسول (ص) ذلك.

__________________

(١) تهذيب اللغة للأزهري ، ط. القاهرة ، سنة ١٣٨٤ ه‍ ، ١٥ / ٩١.

١٠٨

ج ـ مصطلح المتشرّعة أو «تسمية المسلمين»

من الألفاظ ما هي شائعة في معان خاصّة بها لدى المسلمين عامّة مثل : (الاجتهاد) و (المجتهد) الشائعين لدى عامّة المسلمين في الفقه والفقيه ، وكان اللّفظان في لغة العرب بمعنى بذل الجهد في طلب الأمر (٢) ، وباذل الجهد ، واستعملا بنفس المعنى اللّغوي في حديث الرسول (ص) كما روي عن رسول الله (ص) أنه قال :

«فضل العالم على المجتهد مائة درجة» ، أي على المجتهد في العبادة (٣).

وفي ما روي عن سيرته (ص) وقيل :

كان رسول الله يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره (٤).

ولم يرد (الاجتهاد) و (المجتهد) بمعنى : الفقه والفقيه ، في القرآن الكريم ولا الحديث النبويّ الشريف ، ونسمّي هذا النوع من التسمية ب (عرف المتشرّعة) و (تسمية المسلمين).

ومن هذا النوع من التسمية ما لا يكون شائعا لدى عامّة المسلمين ، بل يكون شائعا لدى بعضهم ، مثل كلمة : (صوم زكريّا) المستعمل لدى بعض المسلمين في الصّوم مع الالتزام بالصّمت والامتناع عن التكلّم. وهذا النوع من المصطلح ينبغي أن نسمّيه باسم البلد الشائع فيه ، فنقول : هذا اصطلاح المسلمين من أهل بغداد ، أو اصطلاح المسلمين في القاهرة مثلا ، ولا يصحّ أن نسمّيه ب (اصطلاح المسلمين) أو (عرف المتشرّعة) أو (تسمية المسلمين) مطلقا

__________________

(٢) مادة : (جهد) من نهاية اللغة لابن الاثير.

(٣) مقدّمة سنن الدارمي ، باب فضل العلم والعالم ، ح ٣٢ ، ١ / ١٠٠.

(٤) صحيح مسلم ، كتاب الاعتكاف ، باب الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان ، ح ١١٧٥.

١٠٩

وبدون تقييد.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى التسمية الشائعة لدى أهل مذهب من المذاهب الإسلامية أو لدى فرقة تنتمي إلى الإسلام.

مثل : (الشاري) و (المشرك) لدى الخوارج ؛ ف (الشاري) عندهم بمثابة المجاهد عند كافّة المسلمين ، و (المشرك) عندهم : جميع المسلمين وكلّ من لا ينتمي إلى الخوارج.

ومثل (الرافضي) الّذي ينبز به بعض أتباع مدرسة الخلفاء بعض أتباع مدرسة أهل البيت (ع).

و (الناصبيّ) عند أتباع مدرسة أهل البيت (ع) الّذي يسمّون به : كل من يبغض الأئمة من أهل البيت (ع).

وفي مثل هذه الحالة ، نسمّي الأول ب (اصطلاح الخوارج) والثاني ب (اصطلاح مدرسة الخلفاء) والثالث ب (اصطلاح مدرسة أهل البيت).

وبناء على ما ذكرنا ، فإذا ورد لفظ (الناصبيّ) لدى أتباع مدرسة الخلفاء لا ينبغي أن نفهم منه أعداء أهل البيت (ع). وكذلك إذا ورد لفظ (الشاري) عند غير الخوارج لا نفهم منه ما اصطلح عليه الخوارج.

د ـ الحقيقة والمجاز

إذا شاع استعمال اللّفظ في معناه ، بحيث لم يتبادر إلى ذهن السّامع عند استماع الكلمة غير ذلك المعنى ، مثل لفظ : (الأسد) الّذي يفهم منه : الحيوان المفترس ، لا غيره. ومثل لفظ : (الصلاة) الّتي لا يفهم منها لدى المسلمين غير : القيام بالأعمال الخاصّة المقرونة بأذكار خاصّة.

في مثل هذه الحالة ، يوصف (الأسد) بأنّه حقيقة في الحيوان المفترس ، و (الصلاة) بأنّها حقيقة في الأعمال المخصوصة ، ويسمّى الأول ب (الحقيقة

١١٠

اللغوية) والثاني ب (الحقيقة الشرعيّة).

وقد يستعمل لفظ (الأسد) ويقصد به : الرجل الشجاع ، ويقال : رأيت أسدا يتكلّم في المسجد. وهذا الاستعمال يسمّى استعمالا مجازيا ويقال : استعمل (الأسد) مجازا في الرجل الشّجاع. ولا بدّ عند ذلك من وجود قرينة في الكلام أو في المقام ، تدلّ على أنّه لم يقصد من (الأسد) المعنى الحقيقي ، مثل قولك هنا : (يتكلّم في المسجد) فإنّ الأسد لا يتكلّم ، وهذه قرينة على أنّ القائل لم يقصد الحيوان المفترس ، وإنّما قصد رجلا شجاعا.

ثانيا ـ كيفيّة تأليف مجاميع اللّغة العربيّة

عند ما قام علماء اللّغة العربيّة بتدوين اللّغة العربيّة في القرنين الثاني والثالث الهجريّين ، سجّلوا أمام كلّ لفظ ما وجدوا له من معنى ، منذ العصر الجاهليّ إلى زمانهم ، سواء أكان ذلك المعنى شائعا عند أهل اللغة أم في الشرع الإسلامي ، أو لدى المسلمين ، غير أنّ فقهاء المسلمين بذلوا جهدا مشكورا مدى القرون في تحديد المصطلحات الإسلاميّة الفقهيّة وتعريفها ، مثل مصطلح الصلاة والصّوم والحجّ وغيرها ، فأصبحت المصطلحات الإسلامية الفقهية معروفة لدى جميع المسلمين. ولمّا لم يبذل نظير ذلك الجهد في تعريف المصطلحات الإسلامية غير الفقهية ، أصبح بعض المصطلحات غير معروف لدى المسلمين ، أهي من نوع الاصطلاح الشرعيّ؟ أم من نوع تسمية المسلمين واصطلاح المتشرّعة. وأدّى ذلك إلى اللّبس والغموض في إدراك المفاهيم الإسلاميّة ، وأحيانا في معرفة بعض الأحكام الشرعية ، نظير ما وقع في لفظي الصحابيّ ، والصحابة ، كما سندرسهما في ما يأتي.

١١١
١١٢

البحث الأول

بحوث المدرستين حول الصحبة والصحابة

تعريف الصحابى لدى المدرستين

ادارة الصحابة لدى المدرستين

خلاصة بحث الصحابة لدى المدرستين

١١٣
١١٤

الفصل الأوّل

تعريف الصحابي لدى المدرستين

تعريف الصحابي في مدرسة الخلفاء

تعريف الصحابي بمدرسة أهل البيت (ع)

ضابطتهم لمعرفة الصحابي

مناقشة ضابطة معرفة الصحابي

١١٥
١١٦

تعريف الصّحابيّ لدى المدرستين

تعريف الصحابيّ في مدرسة الخلفاء

قال ابن حجر في مقدّمة الإصابة ، الفصل الأول في تعريف الصحابيّ : الصحابيّ من لقي النبي (ص) مؤمنا به ، ومات على الإسلام. فيدخل في من لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت ، ومن روى عنه أو لم يرو ، ومن غزا معه أو لم يغز ، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ، ومن لم يره لعارض كالعمى (١).

وذكر في (ضابط يستفاد من معرفته صحبة جمع كثير) وقال : (إنّهم كانوا في الفتوح لا يؤمّرون إلّا الصحابة).

(وانّه لم يبق بمكة ولا الطّائف أحد في سنة عشر إلّا أسلم وشهد مع النبي حجّة الوداع) و (أنّه لم يبق في الأوس والخزرج أحد في آخر عهد النبي (ص) إلّا دخل في الإسلام) و (ما مات النبيّ (ص) وأحد منهم يظهر

__________________

(١) الإصابة ١ / ١٠.

وهذا القول بمدرسة الخلفاء هو مصدر الشهيد الثاني حين قال في كتابه الدراية ؛ الباب الرابع في بعض المصطلحات في أسماء الرجال وطبقاتهم : (الصحابيّ) من لقي النبيّ مؤمنا به ومات على الإسلام.

١١٧

الكفر) (٢).

وإذا راجع باحث أجزاء كتابنا (خمسون ومائة صحابيّ مختلق) يرى مدى تسامحهم في ذلك ومبلغ ضرره على الحديث.

تعريف الصّحابيّ بمدرسة أهل البيت (ع)

إن مدرسة أهل البيت ترى أنّ تعريف الصحابي : هو ما ورد في قواميس اللغة العربية كالآتي :

الصاحب وجمعه : صحب ، وأصحاب ، وصحاب ، وصحابة (٣) و (الصاحب : المعاشر (٤) والملازم (٥)) ، (ولا يقال إلّا لمن كثرت ملازمته) (٦) ، (وانّ المصاحبة تقتضي طول لبثه) (٧).

وبما أنّ الصّحبة تكون بين اثنين ، يتّضح لنا أنّه لا بدّ أن يضاف لفظ (الصاحب) وجمعه (الصحب و...) إلى اسم ما في الكلام ، وكذلك ورد في القرآن في قوله تعالى : (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ) و (أَصْحابُ مُوسى) ، وكان يقال في عصر الرسول (ص) : (صاحب رسول الله) و (أصحاب رسول الله) مضافا إلى رسول الله (ص) كما كان يقال: (أصحاب بيعة الشّجرة) و (أصحاب الصفّة) مضافا إلى غيره ، ولم يكن لفظ الصاحب والأصحاب يوم ذاك أسماء لأصحاب الرسول (ص) ولكنّ المسلمين من أصحاب مدرسة الخلافة تدرّجوا بعد ذلك في تسمية أصحاب رسول الله (ص) بالصحابيّ والأصحاب ، وعلى هذا فإنّ هذه التسمية من نوع (تسمية المسلمين) و (مصطلح المتشرّعة).

__________________

(٢) المصدر السابق ص ١٦ وقبله ص ١٣.

(٥ و ٦ و ٧) راجع لسان العرب ، مادة : (صحب).

١١٨

كان هذا رأي المدرستين في تعريف الصحابي.

ضابطتهم لمعرفة الصحابيّ

ذكر مترجمو الصحابة بمدرسة الخلفاء ضابطة لمعرفة الصحابي ، كما نقلها ابن حجر في الإصابة وقال :

وممّا جاء عن الأئمة من الأقوال المجملة في الصفة الّتي يعرف بها كون الرجل صحابيّا وإن لم يرد التنصيص على ذلك ، ما أورده ابن أبي شيبة في مصنّفه من طريق لا بأس به : أنّهم كانوا في الفتوح لا يؤمّرون إلّا الصحابة (٨).

والرواية الّتي جاءت من طريق لا بأس به بهذا الصدد هي الّتي رواها الطبريّ وابن عساكر بسندهما ، عن سيف ، عن أبي عثمان ، عن خالد وعبادة ، قال فيها :

وكانت الرؤساء تكون من الصحابة حتى لا يجدوا من يحتمل ذلك (٩).

وفي رواية أخرى عند الطبري عن سيف قال :

إنّ الخليفة عمر كان لا يعدل أن يؤمّر الصحابة إذا وجد من يجزي عنه في حربه. فإن لم يجد ففي التّابعين بإحسان ، ولا يطمع من انبعث في الردّة في الرئاسة ... (١٠).

مناقشة ضابطة معرفة الصّحابي

إنّ مصدر الروايتين هو سيف المتّهم بالوضع والزندقة (١١).

وسيف يروي الضابطة عن أبي عثمان ، وأبو عثمان الّذي يروي عن

__________________

(٨) الإصابة ١ / ١٣.

(٩) الطبري ط. أوربا ، ١ / ٢١٥١.

(١٠) الطبري ط : أوربا ، ١ / ٢٤٥٧ ـ ٢٤٥٨.

(١١) راجع ترجمة سيف في أول الجزء الأول من كتاب عبد الله بن سبأ.

١١٩

خالد وعبادة في روايات سيف ، تخيّله سيف : يزيد بن أسيد الغسّاني ، وهذا الاسم من مختلقات سيف من الرواة (١٢).

ومهما تكن حال الرواة الّذين رووا أمثال هذه الروايات ، وكائنين من كانوا ، فإنّ الواقع التاريخيّ يناقض ما ذكروا ؛ فقد روى صاحب الأغاني وقال :

أسلم امرؤ القيس على يد عمر وولّاه قبل أن يصلي لله ركعة واحدة (١٣).

وتفصيل الخبر في رواية بعدها عن عوف بن خارجة المرّي قال :

والله إنّي لعند عمر بن الخطاب (رض) في خلافته ، إذ أقبل رجل أفحج (١٤) أجلح أمعر يتخطّى رقاب الناس حتى قام بين يدي عمر ، فحيّاه بتحيّة الخلافة.

فقال له عمر : فمن أنت؟

قال : أنا امرؤ نصرانيّ ، أنا امرؤ القيس بن عدي الكلبي.

فعرفه عمر ، فقال له : فما تريد؟

قال : الإسلام.

فعرضه عليه عمر ، فقبله. ثمّ دعا له برمح فعقد له على من أسلم بالشّام من قضاعة(١٥). فأدبر الشّيخ واللّواء يهتزّ على رأسه ـ الحديث (١٦).

__________________

(١٢) راجع مخطوطة (رواة مختلقون) للمؤلّف وكتاب عبد الله بن سبأ ط. بيروت سنة ١٤٠٣ ه‍ ١ / ١١٧.

(١٣) الأغاني ، ط. ساسي ، ١٤ / ١٥٨.

(١٤) الأفحج : من تدانت صدور قدميه وتباعد عقباه. والأجلح : الّذي انحسر شعره عن جانبي رأسه. والأمعر: قليل الشعر.

(١٥) قضاعة : قبائل كبيرة ، منهم قبائل حيدان وبهراء وبلى وجهينة ، ترجمتهم في جمهرة أنساب ابن حزم ص ٤٤٠ ـ ٤٦٠. وكانت ديارهم في الشحر ثمّ في نجران ثمّ في الشّام ، فكان لهم ملك ما بين الشام والحجاز إلى العراق ، راجع مادة قضاعة ، معجم قبائل العرب ٣ / ٩٥٧.

(١٦) الأغاني ، ط. ساسي ١٤ / ١٥٧ ، وأوجزه ابن حزم في جمهرة أنساب العرب ص ٢٨٤.

١٢٠