القضاء والقدر

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]

القضاء والقدر

المؤلف:

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٨

علي بن أبي طالب كان يقول : إنّ الله خلق كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ، وإليه المشيئة وبه الحول والقوة.

٤٧٣ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو الطيب يوسف بن أحمد الديرعاقولي نا أبو القاسم حمزة بن القاسم السمسار ، نا الصلت بن الهيثم الضرير ، نا الحسن بن علي الشعراني ، نا أبي ، نا أبو جعفر محمد بن علي الباقر ، عن أبيه قال : قال أبي الحسين بن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهم ـ والله ما قالت القدرية بقول الله ، ولا بقول الملائكة ، ولا بقول النبيين ، ولا بقول أهل الجنّة ، ولا بقول أهل النّار ، ولا بقول صاحبهم إبليس فقالوا له : تفسره لنا يا ابن رسول الله فقال : قال الله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (١) الآية. وقالت الملائكة : (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) (٢) وقال نوح ـ عليه‌السلام ـ : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) (٣) فأمّا موسى ـ عليه‌السلام ـ فقال : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ) (٤) الآية ، وأما أهل الجنّة فإنّهم قالوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) وأمّا أهل النار فإنهم قالوا : (لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ) (٥) الآية ، وأمّا أخوهم إبليس [فقال] (٦) : (فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) (٧) الآية. فزعمت القدرية بأن الله لا يغوي.

٤٧٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب ، نا محمد بن إسحاق الصغاني ، نا أبو الجوّاب ، نا عمّار بن رزيق ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ثعلبة بن يزيد قال : قال علي فذكر الحديث في تركه الاستخلاف ، فقال له عبد الله بن سبع : فما تقول لربك إذا لقيته وقد تركتنا هملا؟ قال أقول : اللهمّ استخلفتني فيهم ما بدا لك ثمّ قبضتني وتركتك فيهم ، فإن شئت أصلحتهم ، وإن شئت أفسدتهم.

__________________

(١) سورة يونس ، الآية رقم (٢٥).

(٢) سورة البقرة ، الآية رقم (٣٢).

(٣) سورة هود ، الآية رقم (٣٤).

(٤) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٥٥).

(٥) سورة الأعراف ، الآية رقم (٤٣).

(٦) في الأصل [قال] والأنسب ما أثبت.

(٧) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٦).

٣٠١

٤٧٥ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العبّاس ، نا محمد ، نا أبو الجواب ، نا عمار ، عن محمد بن علي السلميّ ، قال : جاء رجل إلى علي فذكر الحديث إلى أن قال علي : أنا عبد الله ، كتب الله عليّ أعمالا لا بد أن أعملها.

٤٧٦ ـ أخبرنا أبو نصر بن قتادة أنا أبو عمرو بن مطر ، أنا جعفر بن محمد بن الليث الزيادي ، نا الربيع بن يحيى الأشناني أبو الفضل ، نا سفيان الثوري ، عن محمد بن جحادة ، عن قتادة ، عن أبي السوار العدوي قال : قال الحسن بن علي : قضي القضاء ، وجف القلم ، وأمور تقضى في كتاب قد سبق.

٤٧٧ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، نا الحسن بن علي بن عفان ، نا عبد الله بن نمير ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن أبي عطية قال : دخلت أنا ومسروق على عائشة فذكروا قول عبد الله : من أحبّ لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ، قالت عائشة : رحمة الله على ابن أم عبد حدثكم أوّل حديث / لم تسألوه عن آخره ، إنّ الله إذا أراد بعبد خيرا قيض له ملكا قبل موته بعام ، فسدده ويسره حتى يموت وهو خير ما كان ، ويقول الناس : مات فلان وهو خير ما كان ، فإذا حضر أري ثوابه من الجنّة ، فجعل يتهوع بنفسه ودّ لو خرجت ، فذلك حيث أحبّ لقاء الله ، وأحبّ الله لقاءه ، وإذا أراد بعبد شرا قيض الله له شيطانا قبل موته بعام ، يفتنه ويصده ويضله ، حتى يموت حين يموت وهو شر ما كان ، ويقول الناس : مات فلان وهو شر ما كان ، فإذا حضر ورأى ما أعد الله له في النّار ، فجعل يبتلع نفسه كراهية للخروج ، فعند ذلك يبغض لقاء الله ، والله للقائه أبغض.

٤٧٨ ـ أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطّان ، أنا أبو عمرو بن السماك نا محمد بن الفرج ، نا أبو همّام الدلال ، نا سفيان ، عن إبراهيم بن ميسرة ، عن عبيد بن سعد ، عن عائشة ، أنّه ذكر لها خروجها فقالت : كان بقدر.

٣٠٢

٤٧٩ ـ أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي بن خشيش المقرئ بالكوفة ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الأزدي ، أنا أحمد بن حازم ، أخبرنا أبو نعيم ، عن الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الله بن ربيعة قال : كنّا جلوسا عند عبد الله ، فذكر القوم رجلا من خلقه فقال عبد الله : أرأيتم لو قطعتم رأسه أكنتم تستطيعون أن تعيدوه؟! قالوا : لا ، قال : فيده؟ قالوا : لا ، قال : فرجله؟ قالوا : لا ، قال : فإنّكم لا تستطيعون أن تغيروا خلقه حتى تغيروا خلقه ، إنّ النطفة تستقر في الرحم أربعين ليلة ، ثم يتحدر دما ، ثم يكون علقة ، ثم يكون مضغة ، ثم يبعث إليه ملك فيكتب رزقه وخلقه وأجله ، وشقي أو سعيد.

٤٨٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي ، وأبو محمد بن أبي حامد المقرئ وأبو صادق بن أبي الفوارس الصيدلاني قالوا : أنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، / نا الحسن بن مكرم ، نا سعيد بن عامر ، عن ابن عون قال : دخلنا على أبي وائل فقلنا : حدّثنا ما سمعت من عبد الله؟ قال : سمعت عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ يقول : الشقي من شقي في بطن أمه ، والسعيد من وعظ بغيره ، فقلنا : يا أبا وائل ، ما تقول في الحجاج؟ قال : سبحان الله نحن نحكم على الله؟!

٤٨١ ـ أخبرنا أبو بكر القاضي وأبو سعيد الصيرفي قالا : نا أبو العبّاس الأصم ، نا العبّاس بن محمد الدوري ، نا أبو الجوّاب ، نا عمار بن رزيق ، عن أبي حصين ، عن يحيى بن وثاب ، عن مسروق قال : قال عبد الله ـ وهو ابن مسعود ـ : لا يؤمن العبد حتى يؤمن بالقدر [و] (١) يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، ولئن أعض على جمرة حتى تطفأ أحب إليّ من أن أقول لأمر قضاه الله ليته لم يكن.

٤٨٢ ـ أخبرنا أبو الحسن بن بشران العدل ـ ببغداد ـ أنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفّار ، نا الحسن بن مكرم ، نا إسحاق بن سليمان ، نا أبو سنان سعيد بن سنان الشيباني قال : سمعت وهب بن

__________________

(١) ساقطة من الأصل ، والاستكمال مما بعدها من أحاديث.

٣٠٣

خالد الحمصي ، يحدثنا عن ابن الديلمي قال : وقع في نفسي شيء من القدر ، فأتيت أبيّ بن كعب فقلت : يا أبا المنذر وقع في نفسي شيء من القدر خفت أن يكون فيه هلاك ديني أو أمري ، فقال : يا ابن أخي ، إنّ الله ـ عزوجل ـ لو عذّب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم ، ولو أنّ لك مثل أحد ذهبا أنفقته في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر ، وتعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك وأنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وأنّك إن مت على غير هذا دخلت النّار ، ولا عليك أن تأتي أخي عبد الله بن مسعود فتسأله ، فأتيت عبد الله بن مسعود فسألته فقال مثل ذلك قال إسحاق : قص القصة كلها كما قال أبيّ ، غير أنّي اختصرته ، وقال لي : لا عليك أن تأتي حذيفة بن اليمان فتسأله ، فأتيت حذيفة بن اليمان فسألته / فقال لي مثل ذلك ، قال أبو يحيى : فقص أيضا القصة كما قال أبي وقال : ائت زيد بن ثابت فسله ، فأتيت زيد بن ثابت فسألته فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ الله ـ عزوجل ـ لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ، ولو أنّ لك مثل أحد ذهبا أنفقته في سبيل الله ـ عزوجل ـ ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر ، وتعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وأنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وأنّه إن مات على غير هذا دخل النّار.

وروينا قبل هذا عن كثير بن مرة ، عن ابن الديلمي ، عن سعد بن أبي وقاص مثل هذا.

٤٨٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أنا موسى بن الحسن بن عبّاد ، أنا القعنبي ، أنا هشام بن سعد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن أبي الأسود الدّؤلي قال : قلت لعمران بن حصين : إنّي جلست مجلسا ذكروا فيه القدر ، فقال عمران : يعلم الله الذي لا إله إلّا هو لو أنّ الله عذب أهل السموات والأرض عذبهم وهو غير ظالم لهم حين يعذبهم ، ولو رحمهم كانت رحمته أوسع لهم ، وستقدم المدينة فسل عبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب عن ذلك ،

٣٠٤

فقدمت المدينة فجلست مجلسا فيه عبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب ، فسألت أبي بن كعب فقال : أي والله الذي لا إله إلّا هو لو أنّ الله عذب أهل السموات وأهل الأرض لعذبهم حين عذبهم وهو غير ظالم لهم ، وحدثني ابن مسعود بمثل ذلك.

٤٨٤ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن علي الأسفرائيني الحاكم ، نا محمّد بن أحمد بن يوسف ، نا بشر بن موسى ، نا خلاد بن يحيى ، أنا [فطر] (١) عن أبي إسحاق قال : سمعت أبا الحجاج الأزدي قال : لقيت سلمان الفارسي ـ بأصبهان ـ فقلت له : يا أبا عبد الله ألا تخبرني عن الإيمان بالقدر كيف هو؟ قال : / أن تعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، ولا تقل لو كان كذا لكان كذا.

٤٨٥ ـ وأخبرنا أبو القاسم الحرفي ببغداد ، نا أحمد بن سلمان : نا معاذ بن المثنى ، نا عبد الله بن سوّار ، نا حمّاد بن ثابت ، أنّ أبا الدرداء ذهب مع سلمان الفارسي يخطب عليه امرأة من بني ليث ، فذكر فضل سلمان وسابقته وإسلامه ، وذكر بأنّه يخطب إليهم فتاتهم فلانة فقالوا : أمّا سلمان فلا نزوجه ، ولكنّا نزوجك ، ثم خرج فقال : يا أخي إنّه قد كان شيء وإنّي لأستحي أن أذكره لك ، قال : وما ذاك قال : فأخبره أبو الدرداء بالخبر فقال سلمان : أنا أحق أن أستحي منك أن أخطبها وكان الله تعالى قضاها لك.

٤٨٦ ـ أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، نا أحمد بن عبيد ، نا أحمد بن علي الخزاز ، نا علي بن الجعد الجوهري ، نا عبد الواحد بن [سليم] (٢) قال : سمعت عطاء بن أبي رباح يقول : سألت الوليد بن عبادة بن الصامت كيف كانت وصية أبيك حين حضره الموت قال :

__________________

(١) في الأصل [قطر] والصحيح ما أثبت كما في مصادر ترجمته ، انظر : «تهذيب الكمال» (٢٣ / ٢١٢).

(٢) في الأصل [سليمان] وما أثبت من مصادر ترجمته انظر : «ميزان الاعتدال» (٢ / ٦٧٣ ، ٦٧٤) وانظر : «مسند الطيالسي» (ص ٧٩).

٣٠٥

دعاني فقال لي : يا بني اتق الله واعلم أنّك لن تتقي الله ولن تبلغ العلم حتى تؤمن بالله وحده وتؤمن بالقدر خيره وشره؟ قال : كيف لي أن أؤمن بالقدر خيره وشره قال : تعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، على هذا القدر فإن مت على غير هذا دخلت النّار ، وسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ أوّل ما خلق الله خلق القلم فقال له : اكتب فقال له : ما أكتب يا رب؟ قال : القدر قال : فجرى في تلك الساعة بما كان وبما هو كائن إلى الأبد».

٤٨٧ ـ أخبرنا أبو القاسم زيد بن أبي هاشم العلوي ـ بالكوفة ـ أنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم ، أنا إبراهيم بن عبد الله العبسي ، أنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن طاوس قال : ذكرت القدرية عند ابن عباس فقال : هاهنا منهم أحد فقلت : لو كان ما كنت تصنع؟ قال : كنت آخذ برأسه ثم أقرأ عليه آية كذا وآية كذا / قال طاوس : فتمنيت أنّ كل قدري كان عندنا.

٤٨٨ ـ أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو عثمان البصري ، نا محمد بن عبد الوهاب ، نا يعلى بن عبيد ، أنا سفيان ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : لو أخذت رجلا من هؤلاء الذين يقولون لا قدر لأخذت برأسه ثمّ قلت : لو لا ولو لا.

٤٨٩ ـ قال : ونا سفيان ، عن أبي هاشم ، عن مجاهد قال : قيل لابن عباس : إن أناسا يقولون في القدر قال : يكذبون بالكتاب لئن أخذت بشعر أحدهم [لأنصونه] (١) ، إن الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئا ، ثمّ خلق القلم فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ، فإنما يجري الناس على أمر قد فرغ منه.

٤٩٠ ـ وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو محمد دعلج بن أحمد ، نا محمد بن إبراهيم الكناني قال : حدثني يحيى بن واقد الطائي ، أنا هشيم بن بشير [ح] (٢).

__________________

(١) في الأصل [لأنصرنه] والصحيح ما أثبت وانظر : «النهاية» لابن الأثير (٥ / ٦٨).

(٢) ليست في الأصل وإنّما أثبتها جريّا على عادة المصنف.

٣٠٦

٤٩١ ـ أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أنا أبو منصور النصروي ، نا أحمد بن نجدة ، أنا سعيد بن منصور ، نا هشيم ، نا منصور بن زاذان ، عن الحكم بن عيينة عن أبي ظبيان قال : سمعت ابن عباس قال : إنّ أوّل ما خلق الله القلم وأمره أن يكتب ما هو كائن فكتب فيما كتب (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) (١). لفظ حديث سعيد.

٤٩٢ ـ أخبرنا (٢) أبو عبد الله الحافظ ، أنا أحمد بن إسحاق بن أيوب ، نا بشر بن موسى ، نا معاوية بن عمرو ، عن أبي إسحاق ، عن الليث ، عن شهر بن حوشب قال : قال ابن عباس لعائشة : ما سمّيت أم المؤمنين إلّا لتسعدي وإنّه لاسمك قبل أن تولدي.

٤٩٣ ـ أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكى ، أنا أبو الحسن الطرائفي ، نا عثمان بن سعيد ، نا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (٣) يقول : سبقت لهم السعادة في الذكر الأول. وفي قوله : (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) (٤) يقول : سبقت لهم السعادة. وفي قوله (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) (٥) لليقين فيعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه / وأنّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه. وفي قوله : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (٦) قال : الضلالة والهدى.

٤٩٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : حدّثني علي بن حمشاذ ، نا إسماعيل بن إسحاق ، نا سليمان بن حرب ، نا حمّاد بن زيد ، عن الزبير بن الخرّيت عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان الهدهد يدل سليمان على الماء فقلت : وكيف ذلك والهدهد ينصب له الفخ ويلقى عليه التراب؟ فقال : عضك الله بهن أبيك [أو لم] (٧) يكن إذا جاء القضاء ذهب البصر.

__________________

(١) سورة المسد ، الآية رقم (١).

(٢) صيغة الأداء مختصرة [أنا] في الأصل.

(٣) سورة يونس ، الآية رقم (٢).

(٤) سورة المؤمنون ، الآية رقم (٦١).

(٥) سورة التغابن ، الآية رقم (١١).

(٦) سورة البلد ، الآية رقم (١٠).

(٧) في الأصل [ولم] وما أثبت من «المستدرك» للحاكم (٢ / ٤٠٥).

٣٠٧

ورواه ـ أيضا ـ سعيد بن جبير ، عن ابن عباس.

٤٩٥ ـ أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني ، أنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكى ، نا محمد بن إبراهيم البوشنجي ، نا ابن بكير ، نا مالك ، عن زياد بن سعد ، عن عمرو بن مسلم ، عن طاوس اليماني قال : أدركت أناسا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقولون : كل شيء بقدر ، قال طاوس : وسمعت عبد الله بن عمر يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كل شيء بقدر ، حتى العجز والكيس ، أو الكيس والعجز».

٤٩٦ ـ قال وأنا مالك ، عن زياد بن سعد ، عن عمرو بن دينار قال : سمعت عبد الله بن الزبير يقول ـ في خطبته ـ : إنّ الله هو الهادي والفاتن.

قال : ونا مالك ، عن يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظي ، أنّه قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان عام حج وهو على المنبر يقول : أيّها الناس لا مانع لما أعطى الله ، ولا معطي لما منع ، ولا ينفع ذا الجدّ منه الجدّ ، ومن يرد الله به خيرا يفقه في الدين ، ثمّ قال : سمعت هؤلاء الكلمات من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على هذه الأعواد.

٤٩٧ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : نا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، نا الحسن بن علي بن عفان ، نا أبو داود ، عن سفيان ، عن زياد بن فياض ، عن أبي حازم قال : دخلت أم الدرداء المسجد فرأت الشيخ يجيء فيصلي ويجيء الشاب فيجلس ، فذكرت ذلك لأبي الدرداء / فقال : كل يعمل في ثواب قد أعد له.

٤٩٨ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحمامي المقرئ ـ رحمه‌الله ـ ببغداد ، أنا إسماعيل بن علي الخطبي ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثني أبي ، نا عبد الرحمن بن مهدي ، نا منصور بن سعد ، عن عمّار ـ مولى بني هاشم ـ قال : سألت أبا هريرة عن القدر فقال : كيف بآخر سورة القمر.

٤٩٩ ـ أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو الحسن المصري ،

٣٠٨

نا مقدام بن داود ، نا عمي موسى ، نا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : قال عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص : لقد عجبت لك في ذهنك وعقلك كيف لم تكن من المهاجرين الأولين ، فقال له عمرو : وما أعجبك يا عمر من رجل قلبه بيد غيره لا يستيقن التخلص منه إلّا إلى ما أراد الذي هو بيده ، فقال عمر : صدقت.

٥٠٠ ـ أخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصبهاني ، أنا أبو الشيخ ، نا محمد بن العبّاس بن أيوب ، نا أحمد بن الفرج الكندي ، نا بقية قال : حدثني حبيب بن عمر الأنصاري ، عن أبيه قال : سألت واثلة بن الأسقع ، عن الصلاة خلف القدري فقال : لا تصلي خلف القدري ، أمّا أنا لو صليت خلفه لأعدت صلاتي.

٥٠١ ـ أخبرنا (١) أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : نا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، نا هلال بن العلاء ، نا أبي (٢) نا أبو الوليد ، نا أبي ، نا الوليد بن مسلم ، عن الليث بن سعد ، عن موسى بن علي ، عن أبيه ، عن عمرو بن العاص ، قال : عجبت من الرجل يفر من القدر وهو مواقعه ، ومن الرجل يرى القذاة في عين أخيه ويدع الجذع في عينه ، ومن الرجل يخرج الضغن من نفس أخيه ويدع الضغن في نفسه ، وما تقدمت على أمر قط فلمت نفسي على تقدمي عليه ، وما وضعت سري عند أحد فلمته على أن أفشاه ، وكيف ألومه وقد وضعت وفي رواية أبي سعيد : وقد ضقت.

٥٠٢ ـ أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري / ـ ببغداد ـ أنا إسماعيل بن محمد الصفّار ، نا أحمد بن منصور الرمادي ، نا عبد الرزاق ، نا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه والثوري عن علي بن بذيمة ، عن مجاهد ، في قوله ـ عزوجل ـ : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) (٣) قال : علم من إبليس المعصية وخلقه لها.

__________________

(١) في الأصل صيغة الأداء مختصرة [أنا].

(٢) تكررت [أبي] في الأصل مرتين.

(٣) سورة البقرة ، الآية رقم (٣٠).

٣٠٩

٥٠٣ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي قالا : نا أبو العباس ـ هو الأصم ، نا العباس بن محمد ، نا محمد بن عبيد ، نا العلاء بن عبد الكريم ، عن مجاهد في قوله : (وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ) (١) قال : أعمال لا بد لهم من أن يعملوها.

٥٠٤ ـ أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، نا أبو العبّاس الأصم ، نا يحيى بن أبي طالب ، نا أبو منصور ، وهو الحارث بن منصور الواسطي ، نا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، وعلي بن بذيمة ، عن مجاهد أنّه كان يقرأ : (غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) (٢).

٥٠٥ ـ أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ـ ببغداد ـ أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، نا يعقوب بن سفيان ، نا الحجاج ، نا حمّاد ، عن حميد ، قال : قدم الحسن مكة فكلّمني فقهاء أهل مكة أن أكلمه فيجلس لهم يوما فكلمته فقال : نعم فاجتمعوا وهو على سرير فخطب يومئذ فو الله ما رأيته قبل ذلك اليوم ولا بعد ذلك اليوم ما بلغ منه يومئذ ، فقال له رجل : يا أبا سعيد من خلق الشيطان؟ قال : سبحان الله وهل من خالق غير الله خلق الشيطان وخلق الشر وخلق الخير ، فقال الرجل : ما لهم قاتلهم الله كيف يكذبون على هذا الشيخ.

٥٠٦ ـ وأخبرنا أبو الحسين ، أنا عبد الله ، نا يعقوب ، نا الحجاج ، نا حمّاد بن زيد ، عن خالد قال : قلت للحسن : يا أبا سعيد ، آدم خلق للأرض أم للسماء؟ قال : ما هذا يا أبا منازل!؟ قال : فقال خلق للأرض ، قال : فقلت أرأيت لو أنه استعصم فلم يأكل من الشجرة؟! قال : لم يكن له بد من أن يأكل منها لأنّه خلق للأرض.

٥٠٧ ـ أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي ، نا أحمد بن سلمان الفقيه ، نا محمد بن سليمان ، نا الحجاج بن المنهال / نا حمّاد بن سلمة ، عن حميد قال : قرأت القرآن كله على الحسن في بيت أبي خليفة ففسره على الإثبات فسألته عن قوله :

__________________

(١) سورة المؤمنون ، الآية رقم (٦٣).

(٢) سورة المؤمنون ، الآية رقم (١٠٦).

٣١٠

(كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) (١) قال : الشرك بالله سلكه الله في قلوبهم ، وسألته عن قوله عزوجل : (وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ) (٢) قال : أعمال سيعملونها ولم يعملوها. وسألته عن قوله ـ عزوجل ـ : (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (٣) قال : ما أنتم عليه بمضلين إلّا من هو صال الجحيم.

٥٠٨ ـ أخبرنا أبو [الحسين بن بشران] (٤) العدل ببغداد ، أنا أبو جعفر الرزاز ، نا محمد بن عبد الله ، نا يونس بن محمد ، نا حمّاد ـ هو ابن سلمة ـ عن خالد الحذّاء ، عن الحسن في قوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) (٥) قال : خلق هؤلاء لهذه ، وهؤلاء لهذه.

٥٠٩ ـ أخبرنا أبو الحسين بن [بشران] (٦) نا أحمد بن سلمان الفقيه ، نا أبو داود سليمان بن الأشعث ، نا محمد بن كثير ، نا سفيان ، عن حميد الطويل ، عن الحسن في قوله : (كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) (٧) قال : الشرك بالله.

٥١٠ ـ أخبرنا أبو علي الروذباري ، أنا أبو بكر بن داسة ، نا أبو داود ، نا ابن كثير ، نا سفيان ، عن رجل قد سماه ـ غير ابن كثير ـ عن سفيان ، [عن] (٨) عبيد الصيد ، عن الحسن في قول الله ـ عزوجل ـ :

__________________

(١) سورة الشعراء ، الآية رقم (٢٠٠).

(٢) سورة المؤمنون ، الآية رقم (٦٣).

(٣) سورة الصافات ، الآية رقم (١٦٢ ، ١٦٣).

(٤) في الأصل [إسحاق بن شيران] وهو خطأ ، والتصحيح من مصادر ترجمته انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣١١ ، ٣١٢).

(٥) سورة هود ، الآية رقم (١١٩).

(٦) في الأصل [شيران] والصواب ما أثبت كما في مصادر ترجمته انظر «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣١١ ، ٣١٢).

(٧) سورة الحجر ، الآية رقم (١٢).

(٨) في الأصل [و] وما أثبت هو ما جاء عند أبي داود السجستاني في «السنن» (٥ / ٢٨٦ برقم ٤٦٢٠) ، كتاب السنة ، باب : من دعاء إلى سنة.

٣١١

(وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) (١) قال : بينهم وبين الإيمان.

قال : ونا أبو داود ، نا موسى بن إسماعيل ، نا حمّاد ، أخبرني حميد قال : كان الحسن [يقول] (٢) لأن يسقط من السماء إلى الأرض أحبّ إليه من أن يقول الأمر بيدي.

٥١١ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : نا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، نا الربيع بن سليمان ، نا أسد بن موسى ، نا سعيد بن سالم ، عن رباح بن أبي معروف ، عن مروان ـ مولى هند بنت المهلب ـ قال : دعا معبد إلى القدر علانية ، فما كان أحد أشد عليه في التفسير والرواية والكلام من الحسن ، / فغبت في وجه خرجت فيه ، ثمّ قدمت [فلقيت] (٣) معبدا فقال لي : أما شعرت أنّ الشيخ قد وافقني فاصنعوا ما شئتم بعد ـ يعني الحسن ـ ، فقلت في نفسي : أما والله على ذلك أبدأ بأول منه آتيه فذهبت حتى أتيته ، فاستأذنت عليه ، فلمّا دخلت قلت : يا أبا سعيد قول الله تبارك وتعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) (٤) كان في أم الكتاب قبل أن يخلق الله ـ عزوجل ـ أبا لهب!؟ فقال : سبحان الله! ما شأنك! نعم والله وقبل أن يخلق أبا أبيه ، قال : فقلت : فهل كان أبو لهب يستطيع أن يؤمن حتى لا يصلى هذه النّار؟ قال : لا والله ما كان يستطيع ، قال : أحمد الله هذا الذي كنت عهدتك عليه ، إنّ الذي دعاني إلى ما سألتك أنّ معبد الجهني أخبرني أنّك قد وافقته. قال : كذب لكع ، كذب لكع.

٥١٢ ـ أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب بن سفيان نا سليمان بن حرب نا حماد بن زيد ، عن خالد الحذاء أنّ رجلا من أهل الكوفة كان يقدم البصرة فكان لا يأتي الحسن

__________________

(١) سورة سبأ ، الآية رقم (٥٤).

(٢) ساقطة من الأصل والسياق يقتضيها ، فهي مثبتة من سنن أبي داود السجستاني (٥ / ٢٨٥ برقم ٤٦١٧).

(٣) في الأصل : فألقى.

(٤) سورة المسد ، الآية رقم (١ ـ ٣).

٣١٢

من أجل القدر ، فلقيه يوما في الطريق فسأله فقال : يا أبا سعيد ، (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) (١) قال : نعم ، أهل رحمته لا يختلفون ، قال : فقوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) (٢) قال : خلق هؤلاء للجنّة وهؤلاء للنّار قال : فقال الرجل : لا أسأل عن الحسن بعد اليوم.

٥١٣ ـ وبإسناده قال : نا سليمان بن حرب نا أبو هلال قال : دخلت أنا ونصر أبو خزيمة على الحسن وذاك يوم جمعة ولم يكن جمع فقلت : يا أبا سعيد ، أما جمعت؟ فقال : أردت ذاك ولكن منعني قضاء الله عزوجل.

٥١٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، نا يحيى بن أبي طالب ، نا عبد الوهاب بن عطاء ، نا عوف ، عن الحسن قال : خلق الله الخلق بقدر ، وخلق الآجال بقدر ، وخلق الأرزاق بقدر ، وخلق العافية بقدر ، وخلق / البلاء بقدر ، وأمر ونهى.

٥١٥ ـ أخبرنا أبو الحسن محمّد بن أبي المعروف المهرجاني ، أنا بشر بن أحمد المهرجاني ، نا أحمد بن الحسين بن نصر الحذاء ، أنا علي بن المديني نا [عمر] (٣) بن حازم نا عاصم الأحول ، عن الحسن قال : إنّ الله خلق خلقا ، وقدر رزقا ، وقدر المصيبة ، وقدر عافية ، فمن كذّب بشيء من هذا فقد كذّب بالقرآن.

٥١٦ ـ قال : وحدّثنا علي ، حدّثنا عبد الرزاق ، عن معمر عن الحسن : من كذّب بالقدر كذّب بالقرآن.

٥١٧ ـ أخبرنا أبو علي الروذباري ، أنا أبو بكر بن داسة ، نا أبو داود ، نا محمد عن عبيد ، أنا سليمان عن ابن عون قال : كنت أسير بالشام فناداني رجل من خلفي فالتفت فإذا رجاء بن حياة فقال : يا أبا

__________________

(١) سورة هود ، الآية رقم (١١٨ ، ١١٩).

(٢) سورة هود ، الآية رقم (١١٨ ، ١١٩).

(٣) في الأصل [محمد] وما أثبت من مصادر ترجمته.

٣١٣

عون ما هذا الذي تذكرون عن الحسن؟ قال : قلت : إنّهم يكذبون على الحسن كثيرا.

٥١٨ ـ أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطّان ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا أبو النعمان ، نا حمّاد بن زيد ، عن أيوب قال : كذب على الحسن ضربان من الناس ، قوم القدر رأيهم فينحلونه الحسن لينفقوه في الناس ، وقوم في صدورهم شنآن وبغض للحسن فيقولون : أليس يقول الحسن كذا ، أليس يقول كذا.

٥١٩ ـ أخبرنا أبو القاسم الحرفي ، نا أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي ، نا إسماعيل ، عن منصور بن عبد الرحمن الغرابي قال : قلت للحسن قوله ـ عزوجل ـ : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) (١) قال : سبحان الله ومن يشك في هذا ، كل مصيبة من السماء والأرض ففي كتاب الله قبل أن تبرأ النسمة.

٥٢٠ ـ أخبرنا أبو علي الروذباري وأبو عبد الله الحسن بن عرفة وعمر بن برهان في آخرين قالوا : أنا إسماعيل بن محمد الصفّار ، نا الحسن بن عرفة ، نا علي بن ثابت الجزري ، عن عكرمة بن عمّار اليماميّ قال : سمعت سالم بن عبد الله يلعن القدرية.

٥٢١ ـ وأخبرنا أبو عبد الله / الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : نا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، نا محمد بن علي ، نا عبد الله ابن رجاء ، نا عكرمة ـ يعني بن عمّار ـ قال : سمعت القاسم وسالما يلعنان القدرية. قالوا لعكرمة : من القدرية؟ قال : الذين يزعمون أنّ المعاصي ليست بقدر.

٥٢٢ ـ أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو بكر القطّان ، نا أحمد بن يوسف ، نا محمد بن يوسف ، قال : ذكر سفيان ، عن عمر بن محمد قال : جاء رجل إلى سالم بن عبد الله فقال : رأيت رجلا زنى؟ فقال :

__________________

(١) سورة الحديد ، الآية رقم (٢٢).

٣١٤

يستغفر الله ، قال : كتبه الله عليه؟ قال : نعم ، قال : فيعذبه وقد كتبه عليه ، فأخذ كفا من حصى فحصبه.

٥٢٣ ـ أخبرنا أبو بكر القاضي ، أنا أبو سهل بن زياد القطّان ، نا بشر بن موسى الأسدي ، نا أبو عبد الرحمن المقرئ عن ابن لهيعة ، قال : حدثني عمرو بن شعيب قال : كنت عند سعيد بن المسيب إذ جاءه رجل فقال : يا أبا محمد ، إن ناسا يقولون قدّر الله كل شيء ما خلا الأعمال ، فغضب سعيد غضبا لم أره غضب مثله قط حتى هم بالقيام ، ثمّ قال : فعلوها فعلوها ، ويحهم لو يعلمون ـ أما إنّي قد سمعت فيهم حديثا كفاهم به شرا ، فقلت : وما ذلك يا أبا محمد ـ رحمك الله ـ فقال : حدّثني رافع بن خديج عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : «سيكون في أمتي أقوام يكفرون بالله وبالقرآن وهم لا يشعرون» فقلت : يا رسول الله ، كيف يقولون؟ قال : «يقرون ببعض القدر ويكفرون ببعض ، يقولون : الخير من الله والشر من الشيطان» وذكر الحديث بطوله.

٥٢٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن إسحاق ، أنا الحسن بن علي بن زياد ، نا سعيد بن سليمان ، نا عبد الواحد بن [سليم] (١) ، قال : سألت عطاء بن أبي رباح فقلت : إنّ أناسا من أهل البصرة يقولون في القدر ، قال : تقرأ القرآن؟ قلت : نعم ، قال : اقرأ الزخرف فقرأت (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) (٢) قال : أتدري ما القرآن العربي؟ قلت : نعم / والحمد لله ، قال : وما هو؟ قلت : الفرقان الذي أنزل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : صدقت ، ثم قرأت : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (٣) قال : أتدري ما أم الكتاب؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : هو الكتاب الذي كتبه قبل أن يخلق السموات وقبل أن يخلق الأرض ، فيه أن فرعون من أهل النّار ، وتبت يدا أبي لهب.

__________________

(١) في الأصل [سليمان] والتصحيح من سنن الترمذي (٦ / ٣٠٧ ـ مع التحفة) رقم الحديث ٢٢٤٤.

(٢) سورة الزخرف ، الآية رقم (١ ، ٢).

(٣) سورة الزخرف ، الآية رقم (٤).

٣١٥

٥٢٥ ـ أخبرنا (١) أبو نصر بن قتادة ، أنا أبو عمرو بن مطر ، أنا جعفر بن محمد بن الليث ، نا عثمان بن الهيثم ، نا ابن جريج ، عن عطاء قال : ما لقيت قدريا قط إلّا لقيته منظوما بحمقه.

٥٢٦ ـ أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا أبو النعمان ، نا مهدي ، نا غيلان قال : سمعت مطرفا يقول : إني إنّما وجدت ابن آدم كالشيء الملقى بين الله وبين الشيطان ، فإن أراد الله أن ينعشه اجترّه إليه وإن أراد غير ذلك خلّى بينه وبين عدوه.

٥٢٧ ـ أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو عمرو بن السماك ، نا حنبل بن إسحاق ، نا مسلم بن إبراهيم ، نا حمّاد بن زيد قال : قلت لداود بن أبي هند : يا أبا بكر ، ما تقول في القدر؟ قال : أقول كما قال مطرّف بن عبد الله : «لم يوكلوا إلى القدر وإلى القدر تصيرون».

٥٢٨ ـ أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الحرفي ، نا أحمد بن سلمان ، نا معاذ بن المثنى ، نا عبد الله بن سوار ، وحوثرة قالا : أنا حمّاد ، أنا ثابت ، عن مطرف قال : لو كان الخير في كف أحد ما استطاع أن يفرغه في قلبه حتى يكون الله ـ عز اسمه ـ هو الذي يفرغه قال :

٥٢٩ ـ ونا عبد الله بن سوار ، نا حمّاد بن ثابت البناني ، أن عامر بن عبد الله قال لا بني عم له : فوّضا أمركما إلى الله تستريحا.

٥٣٠ ـ وأخبرنا أبو القاسم الحرفي ، نا أحمد بن سلمان ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، نا أبي ، نا عبد الله بن الوليد ، نا سفيان ، عن داود ، عن ابن سيرين قال : إن لم يكن أهل القدر من الذين يخوضون في آيات الله فلا أدري / من هم.

٥٣١ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن إسحاق ، أنا صالح بن محمد الرازي ، نا محمود بن خداش ، نا ابن القاسم ـ يعني

__________________

(١) في الأصل صيغة الأداء مختصرة [أنا].

٣١٦

هاشم ، نا صالح المري ، قال : جاء سلم بن قتيبة إلى محمد بن سيرين فسأله عن شيء من القدر فقال له محمد : اختر إمّا أن تقوم عني ، وإمّا أن أقوم عنك.

٥٣٢ ـ أخبرنا أبو القاسم الحرفي ، نا أحمد بن سلمان ، نا عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي ، حدّثنا عفان ، نا حمّاد ، أنا أبو جعفر الخطمي ، عن محمد بن كعب القرظي أنّ الفضل الرقاشي قعد إليه فذاكره شيئا من القدر فقال له : تشهّد ، فلمّا بلغ من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، دفع محمد عصا معه فضرب بها رأسه وقال : قم ، فلمّا قام قال : لا يرجع هذا عن رأيه أبدا.

٥٣٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي قالا : نا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، نا أبو عتبة ، نا بقية ، نا ابن ثوبان ، عن بكر بن أسيد ، عن أبيه قال : حضرت محمد بن كعب وهو يقول : إذا رأيتموني أنطق في القدر فغلوني فإنّي مجنون فو الذي نفسي بيده ما أنزلت هؤلاء الآيات إلّا فيهم ، ثمّ قرأ : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) (١) إلى آخر الآية.

٥٣٤ ـ أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أنا منصور النصروي ، نا أحمد بن نجدة ، نا سعيد بن منصور ، نا عتاب بن بشير ، عن خصيف قال : انطلقت أنا ومجاهد وذر إلى محمّد بن كعب القرظي ، فسأله ذر عن قوله : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) (٢) قال : قد رقم الله عليهم ما هم عاملون في سجين فهو أسفل ، والفجار منتهون إلى ما قد رقم الله عليهم ، وعن (كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) قال : قد رقم عليهم ما هم عاملون في عليين ، وهو فوق ، فهم منتهون إلى ما قد رقم الله عليهم ، في عليين.

وقال القرظي : وجدت في القرآن آية أنزلت في أهل القدر (يَوْمَ

__________________

(١) سورة القمر ، الآية رقم (٤٧ ـ ٤٩).

(٢) سورة المطففين ، الآية رقم (٧).

٣١٧

يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (١).

٥٣٥ ـ أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أنا عبد الله بن محمد بن عبد الله الرازي ، أنا إبراهيم بن ذعير / الحلواني ، نا مكيّ بن إبراهيم ، نا موسى بن عبيدة الربذيّ ، عن محمد بن كعب القرظي ، في هذه الآية (قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢) قال : لم يبق مؤمن ولا مؤمنة في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلّا قد دخل في ذلك السلام والبركات إلى يوم القيامة ، ولم يبق كافر ولا كافرة إلّا قد دخل في ذلك المتاع والعذاب الأليم إلى يوم القيامة.

٥٣٦ ـ أخبرني أبو عبد الرحمن السلميّ ـ فيما قرأت عليه من أصله ـ أنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن رجاء البراري ، نا أبو الحسين محمد بن إبراهيم الغازي قال : سمعت عمرو بن علي أبا حفص يقول : سمعت ميمون بن زيد يقول : نا حارث بن شريح البزار قال : قلت لمحمد بن علي : يا أبا جعفر ، إنّ لنا إماما يقول في هذا القدر فقال : يا ابن الفارسي ، انظر كل صلاة صليتها خلفه فأعدها ، إخوان اليهود والنّصارى ، قاتلهم الله أنّى يؤكفون.

فسألت أبا الوليد هشام بن عبد الملك ، عن حرب بن شريح فقال : كان جارنا ولم يكن به بأس.

٥٣٧ ـ أخبرنا أبو علي الروذباري ، أنا أبو بكر بن داسة ، نا أبو داود ، نا ابن كثير ، نا سفيان قال : كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر.

٥٣٨ ـ قال أبو داود : ونا الربيع بن سليمان المؤذن ، نا أسد بن موسى ، نا حمّاد بن دليل قال : سمعت سفيان الثوري ، يحدّثنا عن النّصر ح.

__________________

(١) سورة القمر ، الآية رقم (٤٨ ، ٤٩).

(٢) سورة هود ، الآية رقم (٤٨).

٣١٨

٥٣٩ ـ قال أبو داود وحدّثنا هنّاد بن السري ، عن قبيصة ، نا أبو رجاء ، عن أبي الصلت. وهذا لفظ حديث ابن كثير ـ ومعناهم قال : كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر فكتب : أمّا بعد ، أوصيك بتقوى الله ، والاقتصاد في أمره ، واتباع سنّة رسوله ، وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت سنته وكفوا مئونته ، فعليك بلزوم السنّة ، فإنّها لك بإذن الله عصمة ؛ ثمّ اعلم أنّه لم يبتدع / الناس بدعة إلّا وقد مضى قبلها ما هو دليل عليها أو عبرة فيها ، فإنّ السنة إنما سنها من قد علم في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق ، فارض لنفسك ما رضي القوم لأنفسهم ، فإنّهم عن علم وقفوا ، وببصر نافذ كفوا ، لهم على كشف الأمور كانوا أقدر ، وبفضل ما فيه كانوا أولى ، فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه ، ولئن قلتم إنّ ما حدث بعدهم ما أحدثه إلّا من اتبع غير سبيلهم أو رغب بنفسه عنهم فإنّهم هم السابقون وقد تكلموا فيه بما يكفي ، ووصفوا ما يشفي ، فما دونهم من مقصر ، وما فوقهم من محسن ، قد قصر قوم دونهم فجفوا ، وطمح عنهم أقوام فغلوا ، وإنّهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم. كتبت تسأل عن الإقرار بالقدر ، فعلى الخبير بإذن الله وقعت ، ما أعلم أحدث الناس من محدثة ولا ابتدعوا من بدعة هي أبين أثرا ، ولا أثبت أمرا من الإقرار بالقدر ، لقد كان ذكره في الجاهلية الجهلاء يتكلمون في كلامهم وفي شعرهم يعزّون به أنفسهم على ما فاتهم ، ثم لم يزده الإسلام بعد إلّا شدة ، لقد ذكره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غير حديث ، ولا حديثين ، قد سمعه منه المسلمون فتكلموا به في حياته وبعد وفاته يقينا وتسليما لربهم ـ عزوجل ـ وتضعيفا لأنفسهم أن يكون شيء لم يحط به علمه ، ولم يحصه كتابه بذلك ، ولم يمض فيه قدره ، وإنّه لمع ذلك في محكم كتابه لمنه اقتبسوه ولمنه تعلموه ، ولئن قلتم لم أنزل الله ـ عزوجل ـ آية كذا ، ولم قال الله كذا ، لقد قرءوا منه ما قرأتم وعلموا من تأويله ما جهلتم وقالوا بعد ذلك : كله بكتاب وقدر ، وما يقدر يكن وما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، ولا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا ، ثمّ رغبوا بعد ذلك ورهبوا. ولم يقل ابن كثير : من قد علم.

٣١٩

٥٤٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : أخبرني أحمد بن / سهل ، نا إبراهيم بن مغفل ، نا حرملة ، نا ابن وهب قال : حدّثني مالك أنّ عمر بن عبد العزيز كان حكيما يقول : لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس. وكان يقولها : إن في كتاب الله ـ عزوجل ـ لهؤلاء القدرية علما بينا علمه من علمه وجهله من جهله قوله تعالى : (فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (١) قال مالك : القدرية شر الناس وأرذلهم ، وقرأ قول نوح ـ عليه‌السلام ـ : و (يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) (٢) قال مالك : والأنبياء لا يقولون إلّا الحق.

٥٤١ ـ وأخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أنا أبو منصور النصروي ، نا أحمد بن نجدة ، نا سعيد بن منصور ، نا أبو معاوية ، نا عمر بن ذر قال : خرجت وافدا إلى عمر بن عبد العزيز في نفر من أهل الكوفة ، وكان معنا صاحب لنا يتكلم في القدر ، فسألنا عمر بن عبد العزيز عن حوائجنا ، ثمّ ذكرنا له القدر فقال : لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس ، ثمّ قال : قد بيّن الله ذلك في كتابه : (فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (٣) فرجع صاحبنا ذلك عن القدر.

٥٤٢ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن أبي نصر ، الداربرديّ بمرو ـ نا أحمد بن محمّد بن عيسى القاضي ، نا القعنبي ـ فيما قرأ على مالك ، عن عمّه أبي سهيل ، قال كنت أمشي مع عمر بن عبد العزيز فاستشارني في القدرية فقلت : أرى أن تستتيبهم ، فإن تابوا وإلّا عرضتهم على السيف ، فقال عمر بن عبد العزيز : وذلك رأيي.

قال مالك : وذلك رأيي.

٥٤٣ ـ أخبرنا أبو علي الروذباري وأبو عبد الله بن برهان وغيرهما ، قالوا : أخبرنا إسماعيل بن محمّد الصفّار ، نا الحسن بن

__________________

(١) سورة الصافات ، الآية رقم (١٦١ ـ ١٦٣).

(٢) سورة نوح ، الآية رقم (٢٧).

(٣) سورة الصافات ، الآية رقم (١٦١ ـ ١٦٣).

٣٢٠