القضاء والقدر

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]

القضاء والقدر

المؤلف:

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٨

١٩ ـ عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم الخركوشيّ ، النيسابوري ، الواعظ ، أبو سعد ، توفي سنة سبع وأربعمائة ، قال الخطيب : «كان ثقة ، ورعا ، صالحا». ووصفه الذهبي ب «الإمام القدوة ، شيخ الإسلام» (١).

٢٠ ـ عبد الواحد بن محمد بن إسحاق النجار المقرى ، أبو القاسم ، لم أجد له ترجمة.

٢١ ـ عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار البغدادي ، السكري ، أبو محمد ، مات سنة سبع عشرة وأربعمائة ، وصفه الذهبي ب «الشيخ المعمّر الثقة» (٢).

٢٢ ـ عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بامويه ، أبو محمد الأرستاني المشهور بالأصبهاني نزيل نيسابور ، ولد سنة خمس عشرة وثلاثمائة ، وتوفي في رمضان سنة تسع وأربعمائة عن أربع وتسعين سنة. وصفه الذهبي ب «الإمام ، المحدث ، الصالح» (٣).

٢٣ ـ عبيد بن محمد بن محمد بن مهدي ، أبو محمد ، ولم أجد له ترجمة.

٢٤ ـ علي بن الحافظ أحمد بن عبدان بن الفرج بن سعيد بن عبدان الشيرازيّ ، ثم الأهوازي ، أبو الحسن ، توفي سنة عشرة وأربعمائة. وصفه الذهبي ب «الشيخ ، المحدث ، الصدوق». وقال : «ثقة مشهور عال الإسناد» (٤).

٢٥ ـ علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن الحمّامي ،

__________________

(١) انظر : «تاريخ بغداد» (١٠ / ٤٣٢) ، و «الأنساب» (٥ / ٩٣ ، ٩٤) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٢٥٦) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ٨٤).

(٢) انظر : «تاريخ بغداد» (١٠ / ١٩٩) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣٨٦) ، و «تاريخ الإسلام» (٢٨ / ٤٢٤) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ٢٠٨).

(٣) انظر : «الأنساب» (١ / ١٧٧ ، ١٧٨) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٢٣٩) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ١٨٨).

(٤) انظر : «تاريخ بغداد» (١٢ / ٩٨ ، ٩٩) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣١١) ، و «تاريخ الإسلام» (٢٨ / ٣٨٢) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ٢٠٣).

٢١

البغدادي ، أبو الحسن ، ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وتوفي سنة سبع عشرة وأربعمائة.

قال الخطيب : «كان صدوقا ، ديّنا ، فاضلا» ووصفه الذهبي ب «الإمام ، المحدث ، مقرئ العراق» (١).

٢٦ ـ علي بن أحمد بن محمد بن داود البغدادي ، الرزاز أبو الحسن ، ولد سنة خمس وثلاثمائة ، وتوفي سنة خمس عشرة وأربعمائة ، وصفه الذهبي ب «الشيخ المسند» (٢).

٢٧ ـ علي بن عبد الله بن إبراهيم بن أحمد الهاشمي ، العباسيّ العيسوي ، أبو الحسن ، توفي سنة خمس عشرة وأربعمائة.

قال الخطيب : «كتبنا عنه ، وكان ثقة» ، ووصفه الذهبي ب «الإمام العلامة ، القاضي الصدوق» (٣).

٢٨ ـ علي بن محمد بن علي بن شاذان الأسفراييني ، أبو الحسن ، قال عنه الذهبي : الإمام الحافظ الناقد القاضي «توفي سنة أربع عشرة وأربعمائة (٤).

٢٩ ـ علي بن محمد بن عبد الله بن بشران بن محمد بن بشر الأمويّ ، البغداديّ ، أبو الحسين ، ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وتوفي سنة خمس عشرة وأربعمائة.

قال الخطيب : «كان تامّ المروءة ، ظاهر الدّيانة ، صدوقا ثبتا» ووصفه الذهبي ب «الشيخ العالم المعدّل ، المسند» (٥).

٣٠ ـ علي بن محمد بن علي بن حسين بن شاذان بن السّقّا ،

__________________

(١) انظر : «تاريخ بغداد» (١١ / ٣٣٠) ، و «الأنساب» (٦ / ١٠٨) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣٦٩) ، و «ميزان الاعتدال» (٣ / ١١٣) ، و «لسان الميزان» (٤ / ١٩٦).

(٢) «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣٠٥).

(٣) انظر : «تاريخ بغداد» (١٢ / ٣٢٩ ، ٣٣٠) ، و «الأنساب» (٤ / ٢٠٧) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٤٠٢) ، و «تاريخ الإسلام» (٢٨ / ٤٢٦).

(٤) «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦).

(٥) انظر : «تاريخ بغداد» (١٢ / ٨ ، ٩) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣٢١) ، و «تاريخ الإسلام» (٢٨ / ٣٨١) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ٢٠٣).

٢٢

الأسفرائيني ، أبو الحسن ، توفي سنة أربع عشرة وأربعمائة. وصفه الذهبي ب «الإمام ، الحافظ ، الناقد ، القاضي» (١).

٣١ ـ عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبديه بن سدوس بن علي بن عبد الله بن الفقيه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذليّ المسعوديّ العبدوي ، النيسابوري ، الأعرج ، أبو حازم ، مات يوم عيد الفطر سنة سبع عشرة وأربعمائة (٢).

قال الخطيب : «كان أبو حازم ثقة صادقا ، حافظا عارفا» ووصفه الذهبي ب «الإمام ، الحافظ ، شرف المحدّثين» (٣).

٣٢ ـ محمد بن إبراهيم بن أحمد الأرستاذني ، أبو بكر ، مات سنة أربع وعشرين وأربعمائة وصفه الذهبي ب «الإمام الحافظ ، الجوّال ، الصالح العابد» (٤).

٣٣ ـ محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق ، أبو الحسن البزاز ، قال عنه الخطيب : «كان ثقة» توفي سنة عشرة وأربعمائة (٥).

٣٤ ـ محمد بن أحمد بن محمد بن فارس بن أبي الفوارس سهل البغدادي ، أبو الفتح ، ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ، وتوفي سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.

قال الخطيب : «كان ذا حفظ ومعرفة وأمانة ، مشهورا بالصلاح» ووصفه الذهبي ب «الإمام الحافظ ، المحقّق ، الرّحال» (٦).

__________________

(١) انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٥٧٢) ، و «طبقات الشافعية» للسبكيّ (٥ / ١٣٦ ـ ١٤٨).

(٢) «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣٩٧).

(٣) انظر : «تاريخ بغداد» (١١ / ٢٧٢ ، ٢٧٣) ، و «الأنساب» (٨ / ٣٥٤) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣٣٣) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ٢٠٨).

(٤) انظر : «تاريخ بغداد» (١ / ٤١٧) ، و «الأنساب» (١ / ١٧٨) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٤٢٨) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ٢٢٧).

(٥) «تاريخ بغداد» (١ / ٢٩٠).

(٦) انظر : «تاريخ بغداد» (١ / ٣٥٢ ، ٣٥٣) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٢٢٣) ، و «تاريخ الإسلام» (٢٨ / ٣٠٢) ، و «الوافي بالوفيات» (٢ / ٦٠ ، ٦١) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ١٩٦).

٢٣

٣٥ ـ محمد بن الحسن بن فورك ، أبو بكر مات مسموما سنة ست وأربعمائة وصفه الذهبي ب «الإمام ، العلامة ، الصالح شيخ المتكلمين» وقال : «كان مع دينه صاحب قلبة ـ أو فلتة ـ وبدعة» (١).

٣٦ ـ محمد بن الحسين بن داود بن علي العلويّ ، الحسني ، النيسابوري ، الحسيب أبو الحسن ، وهو أكبر شيوخ البيهقيّ ، قال الحاكم : «هو ذو الهمة العالية ، والعبادة الظاهرة ، وكان يسأل أن يحدّث فلا يحدّث ، ثم في الآخر عقدت له مجلس الإملاء ، وانتقيت له ألف محبرة ، فحدّث وأملى ثلاث سنين ، مات فجأة في سنة إحدى وأربعمائة». وصفه الذهبي ب «الإمام ، السيد ، المحدث ، الصدوق ، مسند خراسان» (٢).

٣٧ ـ محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل ، البغدادي القطان الأزرق أبو الحسين ، ولد سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ، وتوفي سنة خمس عشرة وأربعمائة. وصفه الذهبي ب «الشيخ ، العالم ، الثقة ، المسند» وقال : «مجمع على ثقته» (٣).

٣٨ ـ محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن خالد بن سالم بن زاوية بن سعيد بن قبيصة بن سرّاق الأزدي ، السّلميّ الأمّ ، أبو عبد الرحمن ، ولد سنة خمس وعشرين وثلاثمائة ، ومات سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.

قال الخطيب : «قال لي معمر بن يوسف القطان النيسابوري :

__________________

(١) انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ١٢٤) ، و «تاريخ الإسلام» (٢٨ / ١٤٧) ، و «وفيات الأعيان» (٤ / ٢٧٢) ، و «الوافي بالوفيات» (٢ / ٣٤٤).

(٢) انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٩٨) ، و «تاريخ الإسلام» (٢٨ / ٥٠) ، و «الوافي بالوفيات» (٢ / ٤٧٣) ، و «طبقات الشافعية» للسبكيّ (٣ / ١٤٨) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ١٦٢).

(٣) انظر : «تاريخ بغداد» (٢ / ٢٤٩ ، ٢٥٠) ، و «الأنساب» (١٠ / ١٨٦ ، ١٨٧) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣٣١) ، وتاريخ الإسلام» (٢٨ / ٣٩١) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ٢٠٣).

٢٤

كان أبو عبد الرحمن السّلمي غير ثقة» وقال الذهبي : «تكلموا فيه وليس بعمدة .. وفي القلب مما ينفرد به» (١).

٣٩ ـ محمد بن عبد الله بن أحمد البسطامي الفقيه الأديب المحدث ، أبو عمرو الرزجاهي ، المعروف بأبي عمرو الأديب ، مات في سنة سبع وعشرين وأربعمائة ، وصفه الذهبي ب «العلامة ، المحدث ، الأديب» (٢).

٤٠ ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن الحكم الضبّيّ الطهماني ، ثم النيسابوريّ ، المعروف بابن البيع ، صاحب «المستدرك على الصحيحين» ولد سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ، وتوفي سنة خمس وأربعمائة. وصفه الذهبي ب «الإمام ، الحافظ ، الناقد ، العلامة ، شيخ المتكلمين» (٣).

٤١ ـ محمد بن علي بن خشيش المقرئ ، أبو الحسين ، ولم أجد له ترجمة.

٤٢ ـ محمد بن الفضل بن نظيف المصري ، الفرّاء ، أبو عبد الله ، ولد سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة ، وتوفي سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة ، وقد نيّف على التسعين وصفه الذهبي ب «الشيخ ، العالم ، المسند ، المعمر» وقال : «تفرد في الدنيا بعلو الإسناد» (٤).

__________________

(١) انظر : «تاريخ بغداد» (٢ / ٢٤٨ ، ٢٤٩) و «الأنساب» (٧ / ١١٣) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٢٤٧) ، و «تاريخ الإسلام» (٢٨ / ٣٠٤) ، و «ميزان الاعتدال» / (٣ / ٥٢٣ ، ٥٢٤) ، و «لسان الميزان» (٥ / ١٤٠ ، ١٤١) ، و «الوافي بالوفيات» (٢ / ٣٨٠ ، ٣٨١).

(٢) انظر : «الأنساب» (٤ / ١١١ ، ١١٢) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٥٠٤) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ٢٣٠).

(٣) انظر : «تاريخ بغداد» (٥ / ٣٧٣) ، و «الأنساب» (٢ / ٣٧٠ ـ ٣٧٢) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ١٦٢) ، و «تاريخ الإسلام» (٢٨ / ١٢٢) ، و «الوافي بالوفيات» (٣ / ٣٢٠ ، ٣٢١).

(٤) انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٤٧٥) ، و «الوافي بالوفيات» (٤ / ٣٢٣) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ٢٤٩).

٢٥

٤٣ ـ محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان ، الصيرفيّ ، ابن أبي عمرو النيسابوري ، أبو سعيد ، مات في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربعمائة عن نيّف وتسعين سنة. وصفه الذهبي ب «الشيخ ، الثقة ، المأمون» (١).

٤٤ ـ محمد بن محمد بن حمزة بن أبي المعروف الفقيه ، أبو الحسن ولم أجد له ترجمة.

٤٥ ـ محمد بن محمد بن محيمش بن علي بن علي بن داود الزّيادي ، الشافعيّ ، النيسابوريّ ، الأديب ، أبو طاهر ، ولد سنة سبع وعشرين وثلاثمائة ، ومات سنة عشر وأربعمائة.

قال عبد الغافر : «أملى نحوا من ثلاث سنين ، ولو لا ما اختص به من الإقتار ، وحرفة أهل العلم ـ أي النسخ ـ لما تقدم عليه أحد». وصفه الذهبي ب «الفقيه ، العلامة ، القدوة ، شيخ خراسان» (٢).

٤٦ ـ مسعود بن محمد الجرجاني ، أبو سعيد. ولم أجد له ترجمة.

٤٧ ـ ناصر بن الحسين بن محمد بن علي القرشيّ العمريّ ، أبو الفتح ، المروزيّ الشافعيّ ، مات في ذي القعدة ، سنة أربع وأربعين وأربعمائة. وصفه الذهبي ب «الإمام ، الفقيه ، شيخ الشافعية» (٣).

٤٨ ـ هلال بن محمد بن جعفر بن سعدان بن عبد الرحمن بن ماهويه بن مهيار بن المرزبان ، الكسكريّ ، ثم البغدادي ، أبو الفتح ، ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة ، ومات في صفر سنة أربع عشرة وأربعمائة.

__________________

(١) انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣٥٠) ، و «العبر» (٣ / ١٤٤) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ٢٢٠).

(٢) انظر : «الأنساب» (٦ / ٣٣٦) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٢٧٦) ، و «تاريخ الإسلام» (٢٨ / ٢١٣) ، و «الوافي بالوفيات» (١ / ٢٧١ ، ٢٧٢) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ١٩٣).

(٣) انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣٥٠) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ٢٧٢).

٢٦

قال الخطيب : «كان صدوقا ... كتبنا عنه» ووصفه الذهبي ب «الشيخ ، الصدوق ، مسند بغداد» (١).

٤٩ ـ يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري ، أبو زكريا ، ولد سنة نيّف وثلاثين وثلاثمائة ، وتوفي سنة أربع عشرة وأربعمائة. وصفه الذهبي ب «الشيخ الإمام ، الصدوق ، القدوة ، الصالح ، مسند نيسابور». وقال : «كان ثقة نبيلا زاهدا صالحا ، ورعا متقنا ، وما كان يحدّث إلّا وأصله بيده يقابل به» (٢).

__________________

(١) انظر : «تاريخ بغداد» (١٤ / ٧٥) ، و «الأنساب» (١٠ / ٤٢٨) ، و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٢٩٣) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ٢٠١).

(٢) انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٢٩٥) ، و «تاريخ الإسلام» (٢٩ / ٣٦٢) ، و «شذرات الذهب» (٣ / ٢٠٢).

٢٧

المبحث السادس

عقيدته :

ليس من شك عند أيّ باحث اطلع على ما كتبه البيهقيّ في مصنفاته ـ وبخاصة تلك المتعلقة بالجانب العقديّ ـ أن البيهقيّ لم يكن أشعريّ العقيدة فحسب ، بل كان أحد أهم الدعاة إلى المذهب الأشعري ، والمنافحين عنه.

وحيث قام بعض الباحثين بعمل دراسات مفصلة للجانب العقديّ عند البيهقيّ (١) ، فقد آثرت الاقتصار هنا على بحث موضوع الكتاب «القضاء والقدر» وعقيدة البيهقيّ في هذا الباب المهم من أبواب الاعتقاد.

فالبيهقي في باب «القضاء والقدر» شأنه كشأن سائر الأشاعرة الذين وإن أقروا بالقضاء والقدر في الجملة موافقين في ذلك لأهل السنة ومخالفين لخصومهم المعتزلة ؛ وهم وإن وافقوا أهل السنة في مسألة «خلق أفعال العباد» ، إلا أنهم نفوا قدرة العبد على إحداث فعله حقيقة ، وأثبتوا له بالمقابل قدرة لا تأثير لها في إحداث الفعل البتّة وهذا ما يعبرون عنه بالكسب. ومن تجمّل فيهم وتحرّز قال : إن قدرة العبد لا تؤثر في وجود الفعل ، وإنما تؤثر في صفة من صفاته ، وتلك الصفة هي المسماة بالكسب (٢).

يقول البيهقيّ بعد ذكره لقوله تعالى : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) وقوله : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) وقوله : (أَأَنْتُمْ

__________________

(١) انظر : «البيهقي وموقفه من الإلهيات» لأحمد بن عطية بن علي الغامديّ.

(٢) انظر : المطالب العالية في العلم الإلهي للرازي (٩ / ٩ ، ١٠).

٢٨

تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) : «فسلب عنهم فعل القتل والرمي والزرع مع مباشرتهم إياه وأثبته لنفسه ليدل بذلك على أن المعنى المؤثر في الوجود بعد العدم هو إيجاده واختراعه ، وخلقه وتقديره ، وإنّما وجد من عباده مباشرة تلك الأفعال بقدرته حادثة أحدثها خالقه على ما أراد فهو من الله سبحانه وتعالى خلق على معنى أنه هو الذي اخترعه بقدرته القديمة ، وهو من عباده كسب على معنى تعلق قدرة حادثة بمباشرتهم التي هي إكسابهم» (١).

وإذا عرفنا أن تلك القدرة الحادثة التي يذكرونها لا تأثير لها عندهم بوجه البتة عرفنا دقة وصف العلّامة ابن قيم الجوزية لهذا «الكسب» الذي ابتدعوه حين قال : «إنه لفظ لا معنى له ، ولا حاصل تحته» (٢). بل هو من محالات العقول ، إذ إن إثبات قدرة لا أثر لها بوجه كنفي القدرة أصلا وهو ما اعترف به عدد من محققي المذهب الأشعري أنفسهم كالإيجي والجويني والرازي وغيرهم (٣).

ولذا قيل : ثلاثة أشياء لا حقيقة لها : طفرة النّظّام ، وأحوال أبي هاشم ، وكسب الأشعري (٤).

قال شيخ الإسلام ـ ابن تيمية ـ رحمه‌الله تعالى : «وكثير من المتأخرين من المثبتين للقدر من أهل الكلام ومن وافقهم سلكوا مسلك جهم في كثير من مسائل هذا الباب ، وإن خالفوه في ذلك إما نزاعا لفظيا ، وإما نزاعا لا يعقل ، وإما نزاعا معنويا ، وذلك كقول من زعم أن العبد كاسب ليس بفاعل حقيقة ، وجعل الكسب مقدورا للعبد ، وأثبت له قدرة لا تأثير لها في المقدور ، ولهذا قال جمهور العقلاء : إن هذا الكلام متناقض غير معقول ، فإن القدرة إذا لم يكن

__________________

(١) (ص ١٦٨) من هذا الكتاب ، و «الاعتقاد» (ص ٦٠ ، ٦١).

(٢) «شفاء العليل» (ص ٣١٣).

(٣) العلم الشامخ : (ص ٢٦٤).

(٤) «مجموع الفتاوى» (٢٨ / ١٢٨).

٢٩

لها تأثير أصلا في الفعل كان وجودها كعدمها ، ولم تكن قدرة ، بل كان اقترانها بالفعل كاقتران سائر صفات الفاعل في طوله وعرضه ولونه» (١).

ويقول في موضع آخر : «ولا يقول ـ أي الأشعري ـ أن العبد فاعل في الحقيقة بل كاسب ، ولم يذكروا بين الكسب والفعل فرقا معقولا ، بل حقيقة قول جهم أن العبد لا قدرة له ولا فعل ولا كسب» (٢).

وكان من نتائج تلك النظرة الخاطئة ـ من قبل البيهقيّ وسائر الأشاعرة ـ إلى القضاء والقدر ؛ أن أنكروا تأثير الأسباب في مسبباتها وقالوا : إنّما الأعمال أو الأسباب أعلام وأمارات يكون عندها المسبب أو الثواب والعقاب ، لا بها!!

«وهذا ـ عندهم ـ كما إذا رأيت غيما أسود باردا في زمن الشتاء ، فإن ذلك دليل وعلامة على أنه يمطر ، قالوا : وهكذا حكم الطاعات مع الثواب ، والكفر والمعاصي مع العقاب ، هي أمارات محضة لوقوع الثواب والعقاب لا أنّها أسباب له ، وهكذا عندهم الكسر مع الانكسار ، والحرق مع الاحتراق ، والإزهاق مع القتل ، ليس شيء من ذلك سببا البتة ، ولا ارتباط بينه وبين ما يترتب عليه ، إلّا مجرد الاقتران العادي ، لا التأثير السببي ، وخالفوا بذلك الحس والعقل ، والشرع والفطرة وسائر طوائف العقلاء ، بل أضحكوا عليهم العقلاء» (٣).

«ذلك أنّهم ظنّوا أن إثبات الأسباب ينافي الإيمان بالقضاء والقدر وكأنّهم يقولون إن الإيمان بالقدر هو اعتقاد وقوع الأشياء بدون أسبابها الشرعية والقدرية ، وهو نفي للوجود لها فإن الله

__________________

(١) «مجموع الفتاوى» (٢٨ / ٤٦٦ ، ٤٦٧).

(٢) «النبوات» (ص ١٦٦).

(٣) «الجواب الكافي» لابن قيم الجوزية (ص ١٥).

٣٠

ربط الكون بعضه ببعض ، ونظم بعضه ببعض ، وواجد بعضه ببعض» (١).

«والذي عليه أهل السنة هو أنّ المقدور قدر بأسباب ، فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور ، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور ، وهذا كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب ، وقدر الولد بالوطء ، وقدر حصول الزرع بالبذر ، وقدر خروج نفس الحيوان بذبحه ، وكذلك قدر دخول الجنّة بالأعمال ، ودخول النّار بالأعمال» (٢)

والقرآن والسنّة مملوءان بأنّه يخلق الأشياء بالأسباب لا كما يقول أتباع جهم من الأشاعرة وغيرهم أنّه يفعل عندهم لا بها ، كقوله تعالى : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) وقوله : (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) وقوله : (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) ، وأمثال هذا في القرآن يزيد على ألف موضوع ، والقرآن من أوله إلى آخره صريح في ترتب الجزاء بالخير والشر أو الأحكام الكونية والأمرية على الأسباب ، بل في ترتب أحكام الدنيا والآخرة ومصالحهما ومفاسدهما على الأسباب والأعمال» (٣). ومع ظهور تهافت هذا القول ـ (إنكار تأثير الأسباب في مسبباتها) إلّا أننا نجد البيهقيّ يصرّ على اقتفاء أثر أسلافه الأشاعرة بما أورده عن الخطابي في التعليق على حديث عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ كنّا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في جنازة .. الحديث (٤). ثم رام اختصار ذلك المعنى كلّه في جملة موجزة ، فعقب بقول سهل بن محمد الصعلوكي ـ أحد الأشاعرة ـ «أعمالنا أعلام الثواب والعقاب» (٥).

__________________

(١) «الرياض الناضرة» للشيخ ابن سعدي.

(٢) «الجواب الكافي» (ص ١٧).

(٣) «الجواب الكافي» (ص ١٧).

(٤) الحديث أخرجه البخاري في كتاب التفسير (٤٩٤٥) باب : وصدق بالحسنى.

(٥) التعليق على حديث رقم (٥٠) من هذا الكتاب.

٣١

وما كان هذا الخطأ الشنيع ليكون في مسألة لم تقررها أدلة الكتاب والسنّة وسيرة سلف الأمة وأقوالهم فحسب ، بل وحتى الفطر والعقول تقرّ بذلك لو لا تلك النظرة الخاطئة الأولى إلى حقيقة القضاء والقدر.

ولهذا قال بعض العلماء : الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ، ومحو الأسباب أن تكون أسبابا نقص في العقل ، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع (١).

ويبيّن ذلك شيخ الإسلام ابن تيميّة ـ رحمه‌الله ـ بقوله : إن الالتفات إلى السبب هو اعتماد القلب عليه ورجاؤه والاستناد إليه ، وليس في المخلوقات ما يستحق هذا ، لأنه ليس مستقلا ، ولا بد له من شركاء وأضداد ، ومع هذا كلّه فإن لم يسخره مسبب الأسباب لم يسخر.

وأما قولهم : محو الأسباب أن تكون أسبابا : نقص في العقل ، فهو كذلك وهو طعن في الشرع أيضا ، فإن كثيرا من أهل الكلام أنكروا الأسباب بالكلية وجعلوا وجودها كعدمها ، كما أن أولئك الطبيعيين جعلوها عللا مقتضية ، وكما أن المعتزلة فرقوا بين أفعال الحيوان وغيرها ، والأقوال الثلاثة باطلة ؛ فإن الله يقول : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) وقال تعالى : (وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) قال تعالى : (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) وقال تعالى : (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) وأمثال ذلك.

فمن قال يفعل عندها لا بها فقد خالف لفظ القرآن مع أن الحس والعقل يشهد أنّها أسباب ، ويعلم الفرق بين الجهة وبين العين في اختصاص أحدهما بقوة ليست في الآخر ، وبين الخبز والحصى في أن أحدهما يحصل به الغذاء دون الآخر.

__________________

(١) «مجموع الفتاوى» (٨ / ٧٠ و ١٦٩).

٣٢

وأمّا قولهم الإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع ، بل هو ـ أيضا ـ قدح في العقل ، فإن أفعال العباد من أقوى الأسباب لما نيط بها ، فمن جعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أو جعل المتقين كالفجار ، فهو من أعظم الناس جهلا وأشدهم كفرا ، بل ما أمر الله به من العبادات والدعوات والعلوم والأعمال من أعظم الأسباب فيما نيط بها من العبادات ، وكذلك ما نهى عنه من الكفر والفسوق والعصيان هي من أعظم الأسباب لما علّق بها من الشقاوات» (١).

ويقول ـ رحمه‌الله ـ في موضع آخر : «ومجرد الأسباب لا يوجب حصول المسبب ، فإن المطر إذا نزل وبذر الحبّ لم يكن ذلك [كافيا] في حصول النبات بل لا بد من ريح مربية بإذن الله ، ولا بد من صرف الانتفاء عنه ، فلا بد من تمام الشروط ، وزوال الموانع وكل ذلك بقضاء الله وقدره ، وكذلك الولد لا يولد بمجرد إنزال الماء في الفرج ، بل كم من أنزل ولم يولد له ؛ بل لا بد من أن الله شاء خلقه فتحبل المرأة وتربّيه في الرحم ، وسائر ما يتم به خلقه من الشروط وزوال الموانع.

وكذلك أمر الآخرة ليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة ، بل هو سبب ولهذا قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّه لن يدخل أحدكم الجنة بعمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله! قال : ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» وقد قال : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فهذه باء السبب ، أي بسبب أعمالكم ، والذي نفاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم باء المقابلة كما يقال : اشتريت هذا بهذا ، أي : ليس العمل عوضا وثمنا كافيا في دخول الجنة ، بل لا بد من عفو الله وفضله ورحمته ، فبعفوه يمحو السيئات ، وبرحمته يأتي بالخيرات ، وبفضله يضاعف البركات» (٢).

__________________

(١) «مجموع الفتاوى» (٨ / ١٦٩ ـ ١٧٦).

(٢) «مجموع الفتاوى» : (٨ / ٧٠ ، ٧١) وانظر في المسألة الثانية ما كتبه العلامة ابن قيم الجوزيّة في كتابه : «شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل».

٣٣

ثم إن الأشاعرة لمّا خشوا المعارضة على جوهر عقيدتهم «الجبر» التي حقيقتها أن العباد مجبورون على أفعالهم ولا قدرة لهم عليها ، وهي من فعل الله وحده ، وذلك بأن يقال لهم : إجبار العباد على أعمالهم ، وكونهم يفعلونها بلا إرادة منهم ، ثم يعاقبون عليها ظلم ، والله منزه عن الظلم ولا شك ، وقد جاء عن نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما يرويه عن ربه : «يا عبادي ، إنّي حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرّما فلا تظالموا ...» الحديث (١).

ولمّا كانت تلك المعارضة متجهة ، فقد سعوا إلى تحريف آخر ، إذ زعموا أن معنى الظلم الذي تنزه الله عنه إنّما هو : التصرف في ملك الغير ، أو هو : مخالفة الأمر الذي تجب طاعته ، وهما ممتنعان في حق الله ، فلا يكون ظلما.

ثم أدخلوا القول بنفي التعليل والحكمة عن أفعال الله تعالى وزعموا أنه يفعل بمحض المشيئة.

وهو الأمر الذي وقع فيه ـ أيضا ـ البيهقيّ في قوله : «وليس لقائل أن يقول إذا خلق كسبه ويسره لعمل أهل النّار ثم عاقبه عليه كان ذلك منه ظلما ، كما ليس له أن يقول إذا مكنه منه وعلم أنه لا يتأتى منه غيره عاقبه ، كان ذلك منه ظلما ؛ لأن الظلم في كلام العرب مجاوزة للحد ، والذي هو خالقنا وخالق أكسابنا ، لا آمر فوقه ، ولا حادّ دونه وكل من سواه خلقه وملكه ، فهو يفعل في ملكه ما يشاء» (٢) (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) (٣).

ثم وفي موضع آخر يقول شارحا لقوله تعالى : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) : «فبيّن لذلك أنّه لا يجري عليه حكم غيره ، ويجري حكمه على غيره ، فغيره من المكلفين تحت حدّه ، فمن جاوز حده كان ظالما ، وليس هو تحت حدّ غيره حتى يكون لمجاوزته ظالما» (٤).

__________________

(١) أخرجه الإمام مسلم (٢٥٧٧).

(٢) «الاعتقاد» (ص ٦٣) للمصنّف.

(٣) «الاعتقاد» (ص ٦٣) للمصنّف.

(٤) (ص ٢٥٥) من هذا الكتاب.

٣٤

ثم ينقل ـ وبعد كلامه الآنف الذكر بأثر واحد قول أبي بكر بن إسحاق : «الظلم عند العرب هو فعل ما ليس للفاعل فعله ، وليس من شيء فعله الله إلّا وله فعله ..» (١).

والمعنيان اللذان يذكرهما الأشاعرة في معنى الظلم الذي نزّه الله عنه نفسه ، وإن كانا صحيحين في حق الله ـ عزوجل ـ لكنهما ليسا المعنى الصحيح للظلم الذي نزه الله عنه نفسه ، بل هو خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة في معنى الظلم.

إذ إن الظلم عند أهل السنّة هو : «وضع الشيء في غير موضعه» وهو معناه ـ أيضا ـ في اللغة : يقال : «من أشبه أباه فما ظلم» وفي المثل : «من استرعى الذئب فقد ظلم» (٢) ويقال : ظلم الرجل سقاءه ، إذا سقى منه قبل أن يخرج زبده ، والظليمة والظليم : اللبن يشرب منه قبل أن يروب ويخرج زبده ، قال الشاعر :

وصاحب صدق لم تربني شكاته

ظلمت ، وفي ظلمي له عامدا أجر (٣)

قال في «اللسان» في شرح البيت : «هذا سقاء سقي منه قبل أن يخرج زبده ، وظلم وطبه ظلما إذ سقى منه قبل أن يروب ويخرج زبده» (٤).

وتقول العرب : هو أظلم من حيّة ؛ لأنّها تأتي الحفر الذي لم تحفره فتسكنه» (٥).

وعلى هذا المعنى بنى أهل السنة معنى الظلم الذي تنزه الله ـ عزوجل ـ عنه ، وهو ما فسّر به سلف الأمة وأئمتها (٦).

__________________

(١) (ص ٢٥٦) من هذا الكتاب.

(٢) «لسان العرب» (١٢ / ٣٧٣).

(٣) «لسان العرب» (١٢ / ٣٧٥).

(٤) المصدر السابق.

(٥) المصدر السابق.

(٦) انظر في المسألة : «شرح حديث أبي ذر» من مجموع الفتاوى (١٨ / ١٥١) ، و «منهاج السنّة» (١ / ٩٠) ، (٢ / ٢٣٦) ، و «مفتاح دار السعادة» (٢ / ١٠٦ ـ ١٠٩) ، و «شرح ـ

٣٥

هذا ما استرعى انتباهي في أثناء عملي لإخراج هذا الكتاب من مقالات وعبارات توضح عقيدة البيهقيّ في موضوع الكتاب الذي صنف فيه ، وهي بالجملة تأتي متوافقة مع عقيدة البيهقيّ الأشعرية والمخالفة لما عليه أهل السنّة والجماعة.

__________________

ـ العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفيّ (٢ / ٦٦) وما كتبه الأستاذ : عبد الرحمن ابن صالح المحمود ضمن كتابه : «القضاء والقدر» ومنه استفدنا فجزاه الله خيرا.

٣٦

المبحث السابع

مصنفاته :

تذكر المصادر أنّ «البيهقيّ» وبعد أن أنهى رحلاته العلمية في طلب العلم عاد إلى قريته وانكبّ على الجمع والتأليف في شتى المعارف والفنون.

ولمّا كان البيهقيّ من المكثرين من التصانيف حتى قال عبد الغفار الفارسيّ : «وتواليفه تقارب ألف جزء مما لم يسبقه إليه أحد» (١).

وحيث اعتنى طائفة من الباحثين بتتبع تلك المؤلفات ومحاولة حصرها ومعرفة المطبوع منها وأماكن وجود المخطوط منها فقد اقتصرت هنا على ذكر أهم مصنفاته في الاعتقاد ، وذلك لصلتها بموضوع هذا الكتاب ، ومن تلك الكتب ما يلي :

١ ـ إثبات عذاب القبر :

وقد طبع هذا الكتاب طبعات متعددة ، منها ما كان بتحقيق شرف محمود القضاة عن دار الفرقان سنة (١٤٠٣ ه‍) وحققه ـ أيضا ـ مصطفى سعيد قطاش لنيل شهادة العالمية من الجامعة الإسلامية.

٢ ـ الأسماء والصفات :

وقد ألف هذا الكتاب بناء على طلب شيخه أبو منصور محمد بن الحسن بن أيوب الأصولي ، وهو الأمر الذي ذكره في ثنايا كتابه هذا ، إذ قال في معرض تأويله الصورة «ومعنى هذا فيما

__________________

(١) «المنتخب من تاريخ نيسابور» (ص ١٠٤).

٣٧

كتب إليّ الأستاذ أبو منصور محمد بن الحسن بن أيوب الأصولي ـ رحمه‌الله ـ الذي كان يحثني على تصنيف هذا الكتاب ، لما في الأحاديث المخرجة فيه من العون على ما كان فيه من نصرة السنة وقمع البدعة ، ولم يقدر في أيام حياته لاشتغالي بتخريج الأحاديث في الفقهيات على مبسوط أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ـ رحمه‌الله ـ الذي أخرجته على ترتيب مختصر أبي إبراهيم المزني ـ رحمه‌الله ـ ولكل أجل كتاب.

وشيخه هذا الذي حثه على تصنيف هذا الكتاب هو أحد أعلام المذهب الأشعري ، فقد كان من أقرب تلاميذ ابن فورك إليه ، حتى إنه زوّجه ابنته الكبرى.

ولذا ؛ فلا يستغرب أن نجده وقد ملأ كتابه هذا بالنقول عن أعلام الأشاعرة وما صدر عنهم من تأويلات باطلة ، وأقوال مخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات.

وقد طبع هذا الكتاب طبعات كثيرة ـ أكثرها الأخير فيها ـ كانت أوّلها سنة (١٣١٣ ه‍) بالهند ، ثم طبع سنة (١٣٤٨ ه‍) بتحقيق محمد بن زاهد الكوثري ، ثم طبع عام (١٤٠٥ ه‍) بتحقيق عماد الدين حيدر ثم طبع أخيرا بتحقيق الشيخ : الحاشدي وتقديم الشيخ : مقبل بن هادي الوادعي ، وهذه الأخيرة التي بتحقيق الشيخ «الحاشدي» أحسن تلك الإخراجات لهذا الكتاب.

٣ ـ الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد :

وقد طبع مرّات عديدة كان منها طبعة سنة (١٣٨٠ ه‍) بتصحيح أحمد مرسي في مصر ، وطبعة سنة (١٤٠١ ه‍) عن دار الآفاق بتحقيق : أحمد عصام الكاتب.

وأودّ عند ذكر هذا الكتاب أن أذكر أن للشيخ العلّامة عبد الرزاق عفيفي ـ رحمه‌الله تعالى ـ دراسة مختصرة عن هذا الكتاب بعث بها إلى الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد والمفتي العام للمملكة العربية السعودية السابق الشيخ : عبد العزيز بن

٣٨

عبد الله بن باز ـ رحمه‌الله ـ أبان فيها بعض مخالفات «البيهقيّ» للسلف في العقيدة في مواضع من كتابه هذا (١).

٤ ـ البعث والنشور :

وقد طبع سنة (١٤٠٦ ه‍) بتحقيق عامر أحمد حيدر وهي طبعة ناقصة نقصا كبيرا ، وقد حقّق قسم منه لنيل شهادة العالمية العالية في الجامعة الإسلامية سنة (١٤٠٣ ه‍) وذلك من قبل عبد العزيز راجي الصاعدي.

٥ ـ الجامع المصنّف في شعب الإيمان :

وقد طبع جزء منه في حيدرآباد بالهند قديما وشرعت الدار السلفيّة في «الهند» بطبعه سنة (١٣٩٥ ه‍) ولم يتم حتى الآن الانتهاء منه وكان آخر ما طبع منه هو المجلد الرابع عشر. وقد طبع كاملا في بيروت طبعة كاملة في تسعة مجلدات.

٦ ـ حياة الأنبياء بعد وفاتهم :

وقد طبع هذا الكتاب سنة (١٣٤٩ ه‍) في مكتبة المعاهد العلمية بالقاهرة ، ثم طبع مرة أخرى سنة (١٣٥٧ ه‍) عن المطبعة المحمودية بتحقيق محمد بن محمد الخانجي البوسنويّ ، وقد طبع أخيرا سنة (١٤١٤ ه‍) عن مكتبة العلوم والحكم بالمدينة النبوية بتحقيق أحمد بن عطية الغامدي.

٧ ـ الرؤية :

نسبه له ابن عبد الهادي في «طبقات علماء الحديث» (٣ / ٣٣٠) والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨ / ١٦٦) و «تذكرة الحفاظ» (٣ / ١١٣٣) وقالا : «جزء في الرؤية».

وذكره صاحب «كشف الظنون» (٢ / ١٤٢١) وصاحب «هديّة العارفين» (١ / ٧٨) باسم «كتاب في الرؤية».

__________________

(١) انظر الدراسة في : «إتحاف النبلاء بسير العلماء» (٢ / ٢٥٥) إعداد : راشد بن عثمان بن أحمد الزهراني ، وجزى الله من أرشدني إليها خيرا.

٣٩

وذكر بروكلمان في «تاريخه» (٦ / ٢٣٣) أنّ نسخة خطية منه في مكتبة محمد حسين «بحيدرآباد» إلّا أن اسمه تصحّف منه إلى «رسالة في الرواية».

٨ ـ فضائل الصحابة أو «معجم الصحابة» :

أشار إليه في «شعب الإيمان» و «الاعتقاد» ونسبه له السمعاني في «التحبير» (١ / ٤٣٥) وياقوت في معجمه (١ / ٥٣٨) والذهبي في السير (١٨ / ١٦٦ ، ١٦٧) وصاحب «كشف الظنون» (٢ / ١٧١٢) وصاحب «هدية العارفين» (٥ / ٧٨).

٤٠