القضاء والقدر

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]

القضاء والقدر

المؤلف:

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٨

٢٧١ ـ أخبرنا أبو القاسم الحرفي ، حدّثنا أحمد بن سلمان ، حدّثنا محمد بن عبد الله بن سليمان ، حدّثنا أحمد ـ مولى بني مخزوم ـ حدّثنا معمر بن سليمان الرقي ، عن علي بن بذيمة ، عن الحسن (أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) (١) قال : ما كتب / عليهم من الضلالة والهدى.

٢٧٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، حدّثنا محمّد بن إسحاق ، حدّثنا أبو نعيم ، حدّثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير : (أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) (٢) قال : ما كتب عليكم من الخير والشر.

وحدّثنا أبو نعيم ، حدّثنا أبو إسرائيل ، عن عطية قال : الكتاب السابق.

٢٧٣ ـ وأخبرنا أبو عبد الله ، حدّثنا أبو العبّاس ، حدّثنا محمّد بن إسحاق ، حدّثنا حمّاد بن عيسى ، حدّثنا موسى بن عبيدة قال : سمعت محمّد بن كعب قال : من الشقاوة والسعادة و (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (٣) قال : كما بدأكم في الأصل شقيا وسعيدا كذلك تعودون.

٢٧٤ ـ وأخبرنا أبو عبد الله ، حدّثنا أبو العبّاس ، حدّثنا محمّد بن إسحاق ، حدّثنا أبو نعيم ، حدّثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ، كما كتب عليكم تكونون (فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) (٤).

٢٧٥ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن ، حدّثنا إبراهيم بن الحسين ، حدّثنا آدم ، حدّثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (٥) قال : يعني شقيا أو سعيدا.

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية رقم (٣٧).

(٢) سورة الأعراف ، الآية رقم (٣٧).

(٣) سورة الأعراف ، الآية رقم (٢٩).

(٤) سورة الأعراف ، الآية رقم (٣٠).

(٥) سورة الأعراف ، الآية رقم (٢٩).

٢٢١

٢٧٦ ـ أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو منصور النصرويّ ، حدّثنا أحمد بن نجدة ، حدّثنا سعيد بن منصور ، حدّثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق في قوله : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) (١) قال : مخرجه أن يعلم أنّ الله يرزقه وهو يعطيه وهو يمنعه (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) قال : ليس كل من توكل على الله كفاه ، إلّا أنّه من توكل على الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) (٢) من توكل عليه ومن لم يتوكل عليه (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (٣) قال : أجلا.

٢٧٧ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن يعقوب الحافظ ، حدّثنا يحيى بن محمّد بن يحيى ، حدّثنا / مسدد ، حدّثنا المعتمر بن سليمان ، عن عطاء بن السائب ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال : أوّل ما خلق الله القلم خلقه من هجاء قبل الألف واللام ، فتصوّر قلما من نور ، فقيل له : اجر في اللوح المحفوظ ، قال : يا رب بما ذا؟ قال : بما يكون إلى يوم القيامة ، فلمّا خلق الله الخلق ، وكّل بالخلق حفظة يحفظون عليهم أعمالهم ، فلمّا قامت القيامة ، عرضت عليهم أعمالهم وقيل : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤) وعرض بالكتابين فكانا سواء قال ابن عباس : ألستم عرب! هل تكون النسخة إلّا من كتاب؟

٢٧٨ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : حدّثنا أبو العبّاس ـ هو الأصم ـ حدّثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدّثنا حفص بن غياث ، عن عاصم الأحول ، قال : سمعت الحسن يقول : إنّ الله قدر آجلا وقدر بلاء وقدر مصيبة وقدر معافاة فمن كذّب بالقدر [فقد] (٥) كفر بالقرآن. زاد فيه غيره عنه «وقدّر رزقا».

__________________

(١) سورة الطلاق ، الآية رقم (٢).

(٢) سورة الطلاق ، الآية رقم (٥).

(٣) سورة الطلاق ، الآية رقم (٣).

(٤) سورة الجاثية ، الآية رقم (٢٩).

(٥) في الأصل [قد] وما أثبت أولى في السياق.

٢٢٢

٢٧٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر القاضي قالا : حدّثنا أبو العبّاس ـ هو الأصم ـ حدّثنا أبو عتبة ، حدّثنا بقية ، حدّثنا ابن نجيح قال : سمعت الحسن وأتاه رجل فأخذ بعنان دابته. فقال : تزعم أنّه من قتل مظلوما فقد قتل في غير أجله قال : فمن يأكل بقية رزقه يا لكع ، خلّ الدابة بل قتل في أجله فقال : والله ما أحب أنّ لي بما سمعت منك اليوم ما طلعت عليه الشمس.

٢٢٣

باب

ذكر البيان إنّ أحدا لا يستطيع أن يعمل

غير ما كتب له وعليه وأنّه لا يملك لنفسه

وغيره نفعا ولا ضرا إلّا ما شاء الله

قال الله ـ عزوجل ـ : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) (١) وقال : (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢) وقال : (مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً) (٣) / وقال : (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً) (٤).

٢٨٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه ، أخبرنا الحسن بن سفيان ، حدّثنا محمّد بن أبي بكر المقدمي ، حدّثنا عبد الوارث بن سعيد ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف ، عن عمران بن الحصين قال : قيل يا رسول الله : أعلم أهل الجنّة من أهل النّار فقال : «نعم» قال : ففيم يعمل العاملون قال : «اعملوا فكل ميسر لما خلق له».

رواه البخاري في «الصحيح» عن أبي معمر (٥) ، ورواه مسلم عن شيبان كلاهما عن عبد الوارث (٦).

٢٨١ ـ أخبرنا محمّد بن عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العبّاس

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية رقم (٢٩ ، ٣٠).

(٢) سورة الأنعام ، الآية رقم (٣٩).

(٣) سورة الأحزاب ، الآية رقم (١٧).

(٤) سورة الفتح ، الآية رقم (١١).

(٥) كتاب التوحيد (٧٥٥١) باب : قول الله تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).

(٦) كتب القدر (٤ / ٢٠٤١).

٢٢٤

محمّد بن يعقوب ، حدّثنا الربيع بن سليمان ، حدّثنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني معاوية بن صالح ، عن راشد بن سعد ، عن عبد الرحمن ابن قتادة السلميّ وكان من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : خلق الله آدم ثمّ خلق الخلق من ظهره ثم قال : هؤلاء للجنّة ولا أبالي ، وهؤلاء للنّار ولا أبالي ، قال : فقيل يا رسول الله ، فعلى ما ذا نعمل؟ قال : «على مواقعة القدر».

كذا قاله معاوية بن صالح مرّة ، قال البخاري : وهو خطأ وقد قيل عنه كما :

٢٨٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو علي محمّد بن أحمد بن الحسن الصواف ـ ببغداد ـ حدّثنا أبو إسماعيل محمّد بن إسماعيل السلميّ ، حدّثنا أبو صالح قال : حدّثني معاوية بن صالح ، عن راشد بن سعد ، عن عبد الرحمن بن قتادة السلميّ ، عن هشام بن حكيم ، أنّ رجلا أتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : ابتدأ الأعمال أم قضي القضاء؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الله ـ عزوجل ـ أخذ ذرية آدم من ظهورهم ، ثمّ أشهدهم على أنفسهم ثم أفاض بهم في كفيه فقال : هؤلاء في الجنّة ، وهؤلاء في النّار ، فأهل الجنّة ييسرون / لعمل الجنّة ، وأهل النّار ييسرون لعمل النّار». هذا أصح.

٢٨٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو وأبو صادق محمّد بن أبي الفوارس العطّار قالوا : حدّثنا أبو العبّاس محمّد ابن يعقوب ، حدّثنا أبو عتبة ، حدّثنا بقية ح.

٢٨٤ ـ وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطّان ـ ببغداد ـ أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان ، حدّثنا حياة بن شريح وابن المصفى قالا : حدّثنا بقية قال : حدّثني الزبيدي قال : حدّثني راشد بن سعد ، عن عبد الرحمن بن قتادة البصري ، عن هشام بن حكيم ـ وفي رواية أبي عتبة عن عبد الرحمن بن قتادة البصري عن أبيه عن هشام بن حكيم ـ أنّ رجلا أتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله أنبتدئ الأعمال أم قد قضي القضاء؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّ الله أخذ

٢٢٥

ذرية آدم من ظهورهم ، ثمّ أشهدهم على أنفسهم ، ثمّ أفاض بهم في كفيه ، ثمّ قال : هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النّار ، فأهل الجنّة ميسرون لعمل أهل الجنّة ، وأهل النّار ميسرون لعمل أهل النّار» (١).

قال الشيخ : الزبيدي هذا هو محمّد بن الوليد ثقة ، سمّاه إسحاق ابن إبراهيم الحنظلي ، عن بقية إلّا أنّه قال : عن عبد الرحمن بن أبي قتادة البصري عن أبيه ، عن هشام بن حكيم.

ورواه عبد الله بن سالم ، عن الزبيدي ، عن راشد ، عن عبد الرحمن ابن قتادة البصري سمع أباه سمع هشام بن حكيم قيل : يا رسول الله ، علام نعمل؟ فقال : «على مواقع القدر».

٢٨٥ ـ أخبرنا أبو بكر الفارسيّ ، أخبرنا أبو إسحاق الأصبهاني ، حدّثنا أبو أحمد بن فارس ، حدّثنا البخاريّ قال : قال لي إسحاق بن العلاء : حدّثنا عمرو ، حدّثنا أبو سالم فذكره.

٢٨٦ ـ حدّثنا أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد ـ رحمه‌الله ـ أخبرنا أبو محمّد يحيى بن منصور القاضي ، أخبرنا أبو الفضل أحمد بن سلمة البزار ، حدّثنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا جرير ، عن منصور ، عن المسيب بن رافع ، عن ورّاد / عن المغيرة بن شعبة ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يقول في دبر صلاته إذا سلم : «لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ».

رواه البخاري في «الصحيح» عن قتيبة (٢) ، ورواه مسلم ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن جرير (٣).

٢٨٧ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد ابن عبيد الصفّار ، حدّثنا إسماعيل بن إسحاق ، أخبرنا أبو الوليد

__________________

(١) في الأصل بزيادة [العمل] والصحيح بحذفها.

(٢) كتاب الدعوات (٦٣٣٠) باب : الدعاء بعد الصلاة.

(٣) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (١ / ٤١٤ ، ٤١٥).

٢٢٦

الطيالسي ، حدّثنا ليث بن سعد ، حدّثنا قيس بن الحجاج ، عن حنش الصنعاني ، عن ابن عباس قال : كنت خلف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوما فقال : يا غلام ، إنّي أعلمك كلمات ؛ احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أنّ الأمم لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلّا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلّا بشيء قد كتبه الله عليك ، جفت الصحف ، ورفعت الأقلام ، أو قال : «الأقلام ، ورفعت الصحف».

٢٨٨ ـ وأخبرنا أبو نصر قتادة ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، أخبرنا أبو حنيفة ، حدّثنا أبو الوليد. فذكره بإسناده نحوه إلّا أنّه قال : «رفعت الصحف وجفت الأقلام» لم يشك وقال : عن قيس بن الحجاج الحميري.

٢٨٩ ـ أخبرنا محمّد بن عبد الله الحافظ ؛ قراءة عليه من أصله حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، حدّثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي ، حدّثنا أبو أسامة قال : حدّثني يزيد عن جده أبي بردة ، عن أبي موسى قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إذا أتاه وربما قال جاءه سائل وصاحب حاجة قال : «اشفعوا فتؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء».

أخرجاه في «الصحيح» من حديث أبي أمامة / (١).

__________________

(١) البخاري ، كتاب الأدب (٦٠٢٨) باب : قول الله تعالى : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً ...) الآية. وكتاب التوحيد (٧٤٧٦) باب : في المشيئة والإرادة. ومسلم (٤ / ٢٠٢٦) كتاب البر والصلة والآداب.

٢٢٧

باب

قول الله ـ عزوجل ـ : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) (١)

مع قوله : (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ

سَبِيلاً) (٢) فأمرهم بما أخبر أنهم لا يستطيعونه يريد دونه

وقوله : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) (٣) وقوله : (اصْبِرُوا وَصابِرُوا) (٤) مع قوله : (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً) (٥) وقوله : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) (٦) مع قوله (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) (٧) وقوله : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَ) (٨) مع قوله : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ) (٩).

وقوله : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ) (١٠) وقوله بعد ما أمرهم بقيام الليل : (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ) (١١) وقوله بعد ما أمرهم بصبر الواحد للعشرة : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً) (١٢) الآية.

وقول الخضر لموسى ـ عليهما‌السلام ـ بعد ما أمر موسى باتباع الخضر (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) (١٣) وقوله : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً) (١٤) علما منه بأنه لا يستطيع الصبر إلا بمشيئة الله ثم قول

__________________

(١) سورة الأنعام ، الآية رقم (١٥٣).

(٢) سورة الإسراء ، الآية رقم (٤٨).

(٣) سورة المائدة ، الآية رقم (٢).

(٤) سورة آل عمران ، الآية رقم (٢٠٠).

(٥) سورة الفرقان ، الآية رقم (١٩).

(٦) سورة الزمر ، الآية رقم (١٧ ، ١٨).

(٧) سورة الكهف ، الآية رقم (١٠١).

(٨) سورة البقرة ، الآية رقم (٢٢٨).

(٩) سورة النساء ، الآية رقم (١٢٩).

(١٠) سورة القلم ، الآية رقم (٤٢).

(١١) سورة المزمل ، الآية رقم (٢٠).

(١٢) سورة الأنفال ، الآية رقم (٦٦).

(١٣) سورة الكهف ، الآية رقم (٦٧).

(١٤) سورة الكهف ، الآية رقم (٧٢).

٢٢٨

الخضر حين تحقق قوله (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) (١) وقوله : (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (٢).

قال أصحابنا : فلو لا أنّ الأمر بما لا يستطيعون فعله دون توفيقه جائز لما كان لقولهم : (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) معنى ، يعني : وهو لا يحملهم ما لا طاقة لهم به.

٢٩٠ ـ أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو الحسن الطرائفي ، حدّثنا عثمان بن سعيد ، حدّثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ) (٣) قال : هم الكفّار كانوا يدعون في الدنيا وهم آمنون / فاليوم يدعون وهو خائفون.

ثمّ أخبر الله ـ عزوجل ـ أنّه قد حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة ، فأمّا في الدنيا فإنّه قال : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) (٤) وهو طاعته (وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) (٥) وأمّا في الآخرة فقال : (فَلا يَسْتَطِيعُونَ خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) (٦) وبإسناده عن ابن عباس في قوله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (٧) قال : هم المؤمنون وسّع الله عليهم أمر دينهم فقال : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٨) وقال : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) (٩) الإفطار في السفر (وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) الصيام في السفر وقال : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (١٠).

٢٩١ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو زكريا يحيى بن محمّد العنبري ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم العبدي ، حدّثنا أمية بن بسطام ، حدّثنا يزيد بن زريع ، حدّثنا روح يعني ابن القاسم ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : لمّا نزلت على رسول الله

__________________

(١) سورة الكهف ، الآية رقم (٧٢).

(٢) سورة الكهف ، الآية رقم (٧٨).

(٣) سورة القلم ، الآية رقم (٤٣).

(٤) سورة هود ، الآية رقم (٢٠).

(٥) سورة هود ، الآية رقم (٢٠).

(٦) سورة القلم ، الآية رقم (٤٢ ، ٤٣).

(٧) سورة البقرة ، الآية رقم (٢٨٦).

(٨) سورة البقرة ، الآية رقم (١٨٥).

(٩) سورة الحج ، الآية رقم (٧٨).

(١٠) سورة التغابن ، الآية رقم (١٦).

٢٢٩

صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١) قال : فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثمّ بركوا على الركب ، فقالوا : أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصوم والزكاة والصدقة ، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا ، بل قولوا : (سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) فلمّا اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم ، أنزل الله ـ عزوجل ـ في آثرها (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ / بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل الله ـ عزوجل ـ : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) قال : نعم (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) (٢) قال : نعم. (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) (٣). قال : نعم (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (٤) قال : نعم.

رواه مسلم في «الصحيح» عن أمية بن بسطام ، وأخرجه ـ أيضا ـ من حديث سعيد بن جبير ، عن ابن عباس.

٢٩٢ ـ أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين القطّان ، حدّثنا علي بن الحسن الدارابجردى حدّثنا طلق بن غنام ، حدّثنا زائدة ، عن منصور ، عن زبيد ، عن مرّة ، عن عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ في قوله : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) (٥) قال أن يطاع فلا يعصى ، وأن يشكر فلا يكفر ، وأن يذكر فلا ينسى.

٢٩٣ ـ أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو الحسن السراج ،

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية رقم (٢٨٤).

(٢) سورة البقرة ، الآية رقم (٢٨٦).

(٣) سورة البقرة ، الآية رقم (٢٨٦).

(٤) سورة البقرة ، الآية رقم (٢٨٦).

(٥) سورة آل عمران ، الآية رقم (١٠٢).

٢٣٠

حدّثنا مطير ، حدّثنا عبّاد بن يعقوب ، حدّثنا علي بن عابس ، عن أبي إسحاق ، عن مرّة ، عن عبد الله في قول الله ـ عزوجل ـ : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) (١) قال : أن يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ، ويشكر فلا يكفر قال : فنزلت (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (٢).

٢٩٤ ـ أخبرنا أبو الحسن بن بشران ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد المصري ، حدّثنا بكر بن سهل ، حدّثنا عبد الغني بن سعيد ، عن موسى بن عبد الرحمن ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ـ ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) (٣) قالوا : يا رسول الله ، وما حق تقاته؟ قال : «أن يذكر فلا ينسى ويطاع فلا يعصى» قالوا : يا رسول الله ، ومن يقوى على هذا؟ فأنزل الله ـ عزوجل ـ : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (٤).

٢٩٥ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : قال أبو بكر أحمد بن إسحاق / ابن أيوب الفقيه ـ رحمه‌الله ـ : ليس في شيء من الآي والسنن أنّ الأمر بما لم يستطيعوا غير جائز ، وإنّما فيها أنّ عليهم من الأمر قدر ما يستطيعون ، والقدر إنّما يكون من جملة أكثر منه.

٢٩٦ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أنا أحمد بن عبيد الصفّار أنا إسماعيل بن إسحاق ، أنا ابن أبي أوس ، أنا مالك ، عن أبي الزّناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «دعوني ما تركتكم إنّما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».

رواه البخاري في «الصحيح» عن إسماعيل بن أبي أوس (٥).

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية رقم (١٠٢).

(٢) سورة التغابن ، الآية رقم (١٦).

(٣) سورة آل عمران ، الآية رقم (١٠٢).

(٤) سورة التغابن ، الآية رقم (١٦).

(٥) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة (٧٢٨٨) باب : الاقتداء بسنن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقول الله تعالى : (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً).

٢٣١

ورواه مسلم من وجه آخر عن أبي الزّناد (١) ، وفيه إخبار عن أمره إياهم بما لا يستطيعون فعله وأنّ عليهم من جملة ما يأمرهم به ما يستطيعون فعله والخبر وارد في المسلمين.

٢٩٧ ـ أخبرنا أبو محمّد الحسن بن علي بن المؤمل ، أنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري ، أنا أبو أحمد محمّد بن عبد الوهاب ، أنا يعلى بن عبيد ، أنا الأعمش ، عن سالم ـ يعني ابن أبي الجعد ـ عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «استقيموا ولن تحصوا واعلموا أنّ أفضل أعمالكم الصلاة ، ولا يحافظ على الوضوء إلّا مؤمن» قال : فأمرهم بالاستقامة ثمّ أخبر أنّهم لا يطيقونه.

٢٩٨ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، أنا الحسن بن علي العامريّ أنا أبو أسامة ، حدّثني حسين بن ذكوان ، عن عبد الله بن بريدة ، عن بشير بن كعب ، عن شداد بن أوس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «سيد الاستغفار أن يقول العبد اللهم أنت ربي لا إله إلّا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بذنوبي وأبوء لك / بنعمتك عليّ فاغفر لي إنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت».

أخرجه البخاري في «الصحيح» من حديث عبد الوارث ويزيد بن زريع ، عن حسين المعلّم (٢). فبين النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ ما استطاعه من ذلك هو الذي اكتسبه ، وفيه حجة لمن يقول استطاعة الكسب مع الكسب ، وقد نفى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الاستطاعة عمّا لم يقدر كونه. فيما :

٢٩٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا عبد الله بن محمّد الكعبي ، أنا محمّد بن أيوب (٣) ، أنا محمّد بن عبد الله بن نمير ح.

٣٠٠ ـ قال وأخبرني أبو الوليد أنا إبراهيم بن أبي طالب ، أنا أبو كريب ح.

__________________

(١) كتاب الفضائل (٤ / ١٨٣١).

(٢) كتاب الدعوات (٦٣٠٦) باب : أفضل الاستغفار.

(٣) في الأصل كرر الناسخ سهوا [محمد بن أيوب] مرتين.

٢٣٢

٣٠١ ـ قال وأخبرني أبو الوليد ، أنا عبد الله بن محمّد ، أنا إسحاق بن إبراهيم قال : أنا وقالا أنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله قال : كنّا نمشي مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فمر بابن صياد فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «قد خبأت لك خبيئا فقال : دخّ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : اخسأ فلن تعد قدرك» فقال عمر : يا رسول الله ، دعني فأضرب عنقه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «دعه فإن يكن الذي نخاف فلن تستطيع قتله».

رواه مسلم في «الصحيح» عن ابن نمير وإسحاق وأبي كريب (١).

٣٠٢ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد بن داود الرزاز ـ ببغداد ـ أنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق ؛ إملاء أنا جعفر ابن محمّد بن شاعر الصائغ ، أنا سعيد بن سليمان ، أنا إسماعيل بن زكريا ، أنا داود ، عن الشعبي ، عن جرير بن عبد الله قال : بايعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والنصح لكل مسلم ، قال الشعبي : وكان جرير رجلا فطنا ، قال : قلت يا رسول الله : فيم استطعت؟ قال : «فيم استطعت»؟ قال : فكانت رخصة.

٣٠٣ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو عبد الله ، محمّد بن علي الآدمي ـ بمكة ـ أنا إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد ، أنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر أنّ رسول الله / صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لابن صياد : «إنّي قد خبأت [لك] (٢) خبيئا» وخبّأ له : (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) فقال ابن صياد : هو الدخ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اخسأ فلن تعدو قدرك» فقال عمر : يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن يكن هو فلن تسلط عليه ، وإن لا يكن هو فلا خير لك في قتله».

رواه مسلم في «الصحيح» عن عبد بن حميد وغيره ، عن عبد الرزاق (٣).

__________________

(١) كتاب الفتن وأشراط الساعة (٤ / ٢٢٤٠ ـ ٢٢٤١).

(٢) في الأصل [لكم] والتصحيح من «صحيح مسلم» (٤ / ٢٢٤٦).

(٣) كتاب الفتن وأشراط الساعة (٤ / ٢٢٤٦).

٢٣٣

وأخرجه البخاري من حديث ابن المبارك ، عن معمر (١).

٣٠٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرني أبو الحسن محمّد بن عبد الله الجوهري ، أنا محمّد بن إسحاق ، أنا أحمد بن يوسف ، أنا النضر بن محمّد ، أنا عكرمة بن عمّار ، أنا إياس بن سلمة قال : حدثني أبي أنّه كان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ جاء رجل بفرس له يقودها عقوق ومعها مهرة لها تتبعها فقال : من أنت؟ قال : «أنا نبي» قال : وما نبي؟ قال : «رسول الله» قال : متى تقوم الساعة؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «غيب ولا يعلم الغيب إلّا الله» قال : أرني سيفك ، فأعطاه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم سيفه فهزه الرجل ثمّ رده عليه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أما إنّك لم تكن تستطيع الذي أردت».

٣٠٥ ـ أخبرنا أبو علي الروذباري ، أنا أبو بكر بن داسة ، أنا أبو داود ، أنا موسى بن إسماعيل ، أنا حمّاد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقسم فيعدل ويقول : «اللهمّ هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك».

قال أبو داود : يعني القلب. قال فأخبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ ما لم يكتسبه من ذلك هو ما لم يملكه ولم يستطعه ، وما اكتسبه من ذلك هو الذي استطاعه.

٣٠٦ ـ أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن فراس المالكي ـ بمكة ـ أنا علي بن عبد العزيز ، / حدّثنا أبو عبيد ، أنا عبّاد بن عبّاد قال : حدّثني الحجاج بن فرافصة ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا غلام ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهنّ ، احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، جفّ القلم بما هو كائن ، فلو جهد الخلق على أن يعطوك شيئا لم يكتبه الله لك لم يقدروا عليه ، وعلى أن يمنعوك شيئا كتبه الله لك لم يقدروا عليه ، فاعمل لله بالرضا في اليقين ، واعلم أنّ في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا ، وأنّ

__________________

(١) كتاب القدر (٦٦١٨) باب : يحول بين المرء وقلبه.

٢٣٤

النصر مع الصبر ، وأنّ الفرج مع الكرب ، وأنّ مع العسر يسرا».

٣٠٧ ـ وأخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أنا أبو عمرو بن مطر ، أنا أبو داود سليمان بن سلام ، أنا يحيى بن يحيى ، أنا إسماعيل بن عيّاش ، عن عمر بن عبد الله ـ مولى غفرة ـ عن عبد الله بن عباس فذكر الحديث عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنحوه ، إلى أن قال : «فقد جفّ القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، لو جهد الخلائق أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك ما قدروا عليه ، ولو جهدوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله لك أو عليك ما قدروا عليه ، فإن استطعت أن تعمل لله بالرضا في اليقين فافعل ، وإن لم تستطع فإنّ في الصبر ، فذكر ما بعده.

وروي ذلك عن أبي إسماعيل المؤدب ، عن عمر ـ مولى غفرة ـ عن محمّد بن كعب القرظي ، عن ابن عباس. ورويناه عن حنش الصنعاني ، عن ابن عباس.

٣٠٨ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن داود الرزاز ـ ببغداد ـ أنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق ، أنا الحارث بن محمّد التميمي ، أنا يزيد بن هارون ، أنا مسعر بن كدام ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ورّاد ـ كاتب المغيرة ـ قال : كتب المغيرة بن شعبة إلى معاوية بن أبي سفيان : إنّي سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول في دبر كل صلاة : «لا إله إلّا الله وحده / لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ». أخرجاه في الصحيح (١).

وأما قوله ـ عزوجل ـ : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (٢).

__________________

(١) البخاري ، كتاب الأذان (٨٤٤) باب : الذكر بعد الصلاة ، وكتاب الدعوات (٦٤٧٣) باب : الدعاء بعد الصلاة ، وكتاب القدر (٦٦١٥) باب : لا مانع لما أعطى الله ، وكتاب الاعتصام (٧٢٩٢) باب : ما يكره من كثرة السؤال ، ومسلم (١ / ٤١٤ ـ ٤١٥) كتاب المساجد ومواضع الصلاة.

(٢) سورة آل عمران ، الآية رقم (٩٧).

٢٣٥

٣٠٩ ـ فأخبرنا (١) أبو زكريا بن إسحاق ، أنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، أنا محمّد بن إسحاق ، أنا قبيصة بن عقبة ، أنا سفيان ، عن إبراهيم ، عن محمّد بن عبّاد المخزوميّ ، عن ابن عمر سمعته من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (٢) قال : الزاد والراحلة.

وأما قوله : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) (٣) فقد يحتمل أن يكون المراد به : وعلى الذي يطيقونه الإطعام ، ويعجزون عن الصيام الفدية ؛ إذا افطروا. ويحتمل أن يكون المراد به : وعلى الذين يطيقون الصيام إن تكلفوه وأرادوا به الفدية إذا أفطروا على ما كان في أوّل الإسلام ثم نسخ.

٣١٠ ـ وقد أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو حامد بن بلال ، أنا أبو الأزهر ، أنا روح بن عبادة ح.

٣١١ ـ [وأخبرنا] (٤) أبو بكر القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : أنا أبو العبّاس الأصم ، أنا محمّد بن إسحاق ، أنا روح ، أنا زكريا ابن إسحاق ، أنا عمرو بن دينار ، عن عطاء أنّه سمع ابن عباس يقرأ : وعلى الذين [يطوقونه] (٥) فدية طعام مسكين فقال ابن عباس : ليست منسوخه ، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعما مكان كل يوم مسكينا.

رواه البخاري في «الصحيح» عن إسحاق بن منصور ، عن روح (٦).

وروينا عن عائشة ـ أيضا ـ أنّها كانت تقرأ وعلى الذين [يطوقونه] (٧) فدية ومعناه أنّهم يحملونه ولا يطيقونه.

__________________

(١) في الأصل [أخبرنا] وما أثبت أولي لاستقامة الكلام.

(٢) سورة آل عمران ، الآية رقم (٩٧).

(٣) سورة البقرة ، الآية رقم (١٨٤).

(٤) في الأصل جاءت أداة التحمل مختصرة [أنا].

(٥) في الأصل [يطيقونه] وما أثبت من صحيح البخاري (٤٥٠٥).

(٦) كتاب تفسير القرآن (٤٥٠٥) باب : قوله تعالى : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ).

(٧) في الأصل [يطيقونه] وما أثبت من صحيح البخاري (٤٥٠٥).

٢٣٦

باب

قول الله ـ عزوجل ـ :

(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) (١)

وقوله : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (٢).

وقوله : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) (٣) ، وقوله : (كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) (٤) / وقوله : (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ) (٥) وقوله : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) (٦) وقوله : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) (٧) وقوله : (إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) (٨) وقوله : (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) (٩) وقوله : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) (١٠) وقوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها) (١١) وقوله : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) (١٢) وقوله : (أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) (١٣) وقوله : (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (١٤) وقوله : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) (١٥) وقوله : (وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) (١٦) وقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى

__________________

(١) سورة الأنفال ، الآية رقم (٢٤).

(٢) سورة الأنعام ، الآية رقم (١١٠).

(٣) سورة سبأ ، الآية رقم (٥٤).

(٤) سورة الشعراء ، الآية رقم (٢٠٠).

(٥) سورة الكهف ، الآية رقم (٢٨).

(٦) سورة الصف ، الآية رقم (٥).

(٧) سورة آل عمران ، الآية رقم (٨).

(٨) سورة هود ، الآية رقم (٣٤).

(٩) سورة الحجر ، الآية رقم (٣٩).

(١٠) سورة الإسراء ، الآية رقم (١٦).

(١١) سورة الأنعام ، الآية رقم (١٢٣).

(١٢) سورة الإسراء ، الآية رقم (٤).

(١٣) سورة مريم ، الآية رقم (٨٣).

(١٤) سورة الصافات ، الآية رقم (١٦٢ ، ١٦٣).

(١٥) سورة البقرة ، الآية رقم (٧).

(١٦) سورة الجاثية ، الآية رقم (٢٣).

٢٣٧

قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) (١) وقوله : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) (٢) وقوله : (فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) (٣) وقوله : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) (٤) وقوله : (وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) (٥) وقوله : (وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٦) وقوله : (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) (٧) وقوله : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (٨) وقوله : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً) (٩) وقوله : و (كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) (١٠) إلى سائر ما ورد في هذا المعنى في كتاب الله ـ عزوجل ـ سوى هذا وفيما ذكرنا كفاية. وقوله : (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ) (١١) وقوله : (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) (١٢) وقوله : (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً) (١٣) وقوله : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) (١٤) وقوله : (وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) (١٥) وقوله : (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ) (١٦) إلى سائر ما ورد في كتاب الله ـ عزوجل ـ في هذا المعنى. ومعقول في هذه / الآيات وما في معناها أنّه لم يفعل ما أخبر عنه من الحول والتقليب والسلك والإغفال والإزاغة والإغواء والتسليط وإرسال الشياطين والختم والطبع والغشاوة والأكنّة والقساوة والإملاء والاستدراج والتزيين والفتنة وإرادة الخير بهم في دنياهم ولا ليزيدهم قربة إليه ، وإنّما فعل ما فعل من ذلك إرادة الشر بهم وليزيدهم بعدا منه نعوذ بالله من غضبه.

__________________

(١) سورة النحل ، الآية رقم (١٠٨).

(٢) سورة النساء ، الآية رقم (١٥٥).

(٣) سورة محمد ، الآية رقم (٢٣).

(٤) سورة الأنعام ، الآية رقم (٢٥).

(٥) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٠٠).

(٦) سورة الأنعام ، الآية رقم (١١٠).

(٧) سورة آل عمران ، الآية رقم (٧٨).

(٨) سورة القلم ، الآية رقم (٤٤ ، ٤٥).

(٩) سورة الأنعام ، الآية رقم (٤٤).

(١٠) سورة الأنعام ، الآية رقم (١٠٨).

(١١) سورة طه ، الآية رقم (٨٥).

(١٢) سورة طه ، الآية رقم (١٣١).

(١٣) سورة المدثر ، الآية رقم (٣١).

(١٤) سورة الإسراء ، الآية رقم (٦٠).

(١٥) سورة الأنعام ، الآية رقم (٥٣).

(١٦) سورة الدخان ، الآية رقم (١٧).

٢٣٨

٣١٢ ـ وأخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطّان ، أنا أحمد بن يوسف السلميّ ، أنا محمد بن يوسف الفريابي ، أنا سفيان ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم ، عن ابن عمر ، قال : كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يمين يحلف بها : «لا ومقلب القلوب».

رواه البخاري في «الصحيح» عن الفريابي (١).

٣١٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا عبد الله بن محمد الفاكهي ـ بمكة ـ أنا عبد الله بن أحمد بن أبي [مسرة] (٢) ، أنا المقرئ ، أنا حياة قال : أخبرني أبو هانئ أنّه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي أنّه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : إنّه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد [يصرفه] (٣) كيف يشاء ثمّ قال ـ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهم مصرف القلوب اصرف قلوبنا إلى طاعتك».

رواه مسلم في «الصحيح» عن زهير بن حرب وغيره ، عن المقرئ (٤).

٣١٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا سعيد بن عثمان التنوخي ، أنا بشير بن بكر قال : حدّثني ابن جابر ح.

٣١٥ ـ وأخبرنا أبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي ، وأبو نصر أحمد بن علي الفامي قالا : أنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، أنا إبراهيم بن منقذ الخولاني ، أنا أيوب بن سويد ، عن عبد الرحمن بن زيد بن جابر قال : سمعت [بسر] (٥) بن عبيد الله

__________________

(١) كتاب الأيمان والنذور (٦٦٢٨) باب : كيفية كانت يمين النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٢) في الأصل [ميسرة] والتصحيح من مصادر ترجمته انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٢ / ٦٣٢).

(٣) في الأصل [يعرف] والتصحيح من مسلم «صحيح مسلم» (٤ / ٤٥).

(٤) كتاب القدر (٤ / ٢٠٤٥).

(٥) في الأصل [بشر] بإعجام السين ، والتصحيح من مصادر ترجمته انظر : «سير أعلام النبلاء» (٤ / ٥٩٢).

٢٣٩

يقول : سمعت أبا إدريس الخولاني يقول / سمعت النواس بن سمعان الكلابي يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يقول : «ما من قلب إلّا هو بين إصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه» وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «اللهمّ يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ، والميزان بيد الرحمن يرفع أقواما ، ويضع آخرين إلى يوم القيامة».

لفظ حديث بشر بن بكر.

٣١٦ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أنا أحمد بن عبيد الصفّار ، أنا أبو إسماعيل الترمذي ، أنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء قال : حدّثني عمرو بن الحارث قال : حدثني عبد الله بن سالم قال : حدّثني محمد بن سالم الوليد ، أنا الوليد بن مالك الهمذاني أنّ أبا إدريس عائذ الله حدثهم أنّ نواس بن سمعان الكلابي حدثهم يرده إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ما من قلب إلّا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن يقيمه إذا شاء ويزيغه إذا شاء ، والميزان بيد الله يرفع قوما ويضع آخرين إلى يوم القيامة».

وقد مضى في كتاب «الأسماء والصفات».

وقوله : «بين إصبعين من أصابع الرحمن» أراد به أنّ القلوب كلها تحت قدرته (١) ومثّل لأصحابه قدرة الله تعالى بأوضح ما يعقلون من

__________________

(١) هذا من القول على الله بلا علم ، وهو تأويل باطل محدث لصفات الرحمن ـ جلّ وعلا ـ والذي عليه أهل السنّة والجماعة في هذا الباب هو : «الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه ووصفه به رسوله محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، لأنّه سبحانه لا شبيه له ولا كفو له ولا ند له ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى ، فإنّه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلا وأحسن حديثا من خلقه ، ثم رسله صادقون مصدقون بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون [الواسطية ص ١٣]. فنحن نؤمن بما جاء في الأخبار الثابتة عن الله ـ عزوجل ـ ومما جاء أنّه ـ جلّ وعلا ـ يضحك بلا صفة تصف ضحكه ولا نشبّه ضحكه بضحك المخلوقين بل نؤمن بأنّه يضحك كما أعلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسكت عن كيفية ضحكه ـ جلّ وعلا ـ لأن الله ـ عزوجل ـ استأثر بكيفية ضحكه ولم يطلعنا على ذلك ، فنحن قائلون بما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مصدقون بذلك ـ

٢٤٠