القضاء والقدر

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]

القضاء والقدر

المؤلف:

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٨

وفي رواية أبي حازم «أهبط الله جبريل ـ عليه‌السلام ـ يقول : كذبوا يا محمد (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (١).

قال ففرح بذلك وفرج عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

١٥٩ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي الأسفراييني ، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، حدّثنا يوسف بن يعقوب ، حدّثنا محمد بن أبي بكر ، حدّثنا عبد الوهّاب الثقفي ، حدّثنا خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال وهو في قبة يوم بدر : «اللهمّ أنشدك عهدك ووعدك ، اللهمّ إن شئت لم تعبد بعد اليوم ، فأخذ أبو بكر بيده فقال : حسبك يا رسول الله فقد ألححت على ربك قال : وهو يقول : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ)» (٢).

رواه البخاري في «الصحيح» عن محمد بن عبد الله بن حوشب ، عن الثقفي (٣) ، أخبرنا / خالد عن عكرمة عن ابن عبّاس أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال وهو من قبة يوم بدر.

١٦٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عمرو بن السماك ، حدّثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور ، حدّثنا يحيى بن سعيد ح.

١٦١ ـ وأخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني ، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله ، أخبرنا محمد بن عبيد قالا : حدّثنا يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ـ وفي رواية يحيى ـ قال : حدّثني أبو حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لعمه عند الموت ـ : «قل لا إله إلّا الله أشهد لك بها عند الله يوم القيامة فقال : لو لا أن تعيرني نساء قريش لأقررت بها [عينك] (٤) فأنزل

__________________

(١) سورة التكوير ، الآية رقم (٢٩) وهي بلفظ [يشاءون] قراءة متواترة.

(٢) سورة القمر ، الآية رقم (٤٥ ، ٤٦).

(٣) كتاب التفسير (٤٨٧٥) تفسير سورة القمر. باب : قوله : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ).

(٤) في الأصل [عندك] والتصحيح من صحيح مسلم (١ / ٥٥).

١٨١

الله ـ عزوجل ـ : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ)» (١).

لم يذكر يحيى قوله : «عند الموت» ولا قوله : «عند الله».

أخرجه مسلم عن محمد بن حاتم ، عن يحيى بن سعيد (٢).

١٦٢ ـ أخبرنا أبو الحسين بن بشران ـ ببغداد ـ أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفّار ، وحدّثنا سعدان بن نصر ، حدّثنا سفيان ، عن الزهري سمع عروة يحدّث عن كرز بن علقمة الخزاعي قال : سأل رجل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم هل للإسلام من منتهى؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أيّما أهل بيت من العرب أو العجم أراد الله بهم خيرا أدخل الله عليهم الإسلام» قال : ثم ما ذا؟ قال : «ثم يقع الفتن كأنّها الظلل» قال الرجل : كلا والله ، إن شاء الله قال : «بلى والذي نفسي بيده لتعودن فيها أساود صبّا يضرب بعضكم رقاب بعض».

قال الزهري أساود صبّا : الحية السوداء أراد أن تنهش ارتفع هكذا ثمّ انصب.

١٦٣ ـ أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو جعفر الرزاز ، حدّثنا يحيى بن جعفر ، أخبرنا زيد بن الحباب ، حدّثني معاوية بن صالح ، حدّثني عبد الرحمن / بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، قال : أخبرني عمرو بن الحمق ، أنّه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إذا أراد الله بعبد خيرا عسله» قيل : يا رسول الله وما عسله؟ قال : «يفتح له عملا صالحا قبل موته حتى يرضى عنه من حوله».

١٦٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا عبد الباقي بن قانع ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل وأنيس بن يحيى ، قالا : حدّثنا أحمد بن محمد بن أيوب ، حدّثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا أراد الله بعبد خيرا فقّهه في الدين وألهمه رشده».

__________________

(١) سورة القصص ، الآية رقم (٥٦).

(٢) كتاب الأيمان (١ / ٥٥).

١٨٢

١٦٥ ـ أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المصري ، حدّثنا ابن أبي مريم ، حدّثنا الفريابي ح.

١٦٦ ـ وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، حدّثنا الباغندي ، حدّثنا أبو نعيم قال : حدّثنا سفيان ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بئسما لأحدكم أن يقول : «نسيت آية كيت وكيت ، بل هو نسّي» وفي رواية الفريابي «لأحدهم» رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم (١).

١٦٧ ـ أخبرنا أبو سعيد الماليني ، أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ ، حدّثنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم وأحمد بن صالح وأحمد بن محمد بن عمرو الخفاف ومحمد بن عبد الرحمن بن شمردل [قالوا] : (٢) حدّثنا عيسى بن أحمد العسقلاني ، حدّثنا إسحاق بن الفرات ، حدّثنا خالد بن عبد الرحمن العبدي وأبو الهيثم ، عن سماك بن حرب ، عن طارق بن شهاب ، عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بعثت داعيا ومبلغا وليس إليّ من الهدى شيء ، وبعث إبليس مزينا وليس إليه من الضلالة شيء».

قال أبو أحمد : لا نعرف هذا إلّا عن عيسى العسقلاني ، عن إسحاق [بن] (٣) الفرات ، عن خالد ، عن سماك ولا أدري سمع خالد عن سماك أو لحقه أم لا /.

١٦٨ ـ أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفّار ، حدّثنا محمد بن محمد التمار ، حدّثنا أبو الربيع ، حدّثنا عباد بن عباد بن حبيب بن المهلب ، عن إسماعيل بن عبد السلام ، عن زيد بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لأبي بكر : «يا أبا بكر ، لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس».

__________________

(١) كتاب فضائل القرآن (٥٠٣٩) باب نسيان القرآن وهل يقول نسيت آية كذا وكذا؟

(٢) من الأصل [قال] والتصحيح من «الكامل» لابن عدي (٣ / ٩١٠).

(٣) ساقطة من الأصل ، وهي عند ابن عدي في «الكامل» (٣ / ٩١٠).

١٨٣

تابعه مقاتل بن حيان ، عن عمرو بن شعيب.

١٦٩ ـ أخبرناه أبو سعد سعيد بن محمد بن أحمد الشعبي ، أخبرنا أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر قال : أخبرنا أبو خليفة الفضل بن حباب ، حدّثنا أبو الربيع الزهراني ، حدّثنا عباد بن عباد ، عن عمر بن ذر قال : سمعت عمر بن عبد العزيز يقول : لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس».

١٧٠ ـ قال وحدّثني مقاتل بن حيان ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لأبي بكر : «يا أبا بكر لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس».

١٧١ ـ وأخبرنا أبو الحسن بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، حدّثنا أبو مسلم ، حدّثنا الحسن بن زياد ، حدّثنا محمد بن يعلى ، عن عمر التميمي ، عن مقاتل ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حدّثنا على باب الحجرات إذ أقبل أبو بكر وعمر ومعهما فئام من الناس يحاور بعضهم بعضا ، ويرد بعضهم على بعض ، فلمّا رأوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سكتوا فقال : «ما كلام سمعت آنفا؟» فقال رجل : يا رسول الله ، زعم أبو بكر أنّ الحسنات من الله ، والسيئات من العباد ، وقال عمر : الحسنات والسيئات من الله. وبايع هذا قوم وبايع هذا قوم ، فالتفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أبي بكر فقال :«كيف قلت» فقال قوله الأول ، ثم التفت إلى عمر فقال قوله الأول فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «والذي نفسي بيده / لأقضين بينكم بقضاء جبريل وإسرافيل وميكائيل» فتعاظم ذلك في أنفس الناس فقالوا : يا رسول الله ، وقد تكلم بهذا جبريل وميكائيل؟ قال : «أي والذي نفسي بيده لهما أوّل خلق الله تكلم فيه ، فقال ميكائيل بقول أبو بكر ، وقال جبريل بقول عمر ، فقال جبريل لميكائيل : إنّا متى نختلف أهل السماء يختلف أهل الأرض ، فهلم فلنتحاكم إلى إسرافيل ، فقضى بينهما بحقيقة القدر خيره وشره ، حلوه ومره كله من الله ، وإنّي قاض بينكما ، ثمّ التفت إلى أبي بكر فقال : يا أبا بكر ، إنّ الله لو أراد أن لا يعصى لم يخلق إبليس» قال أبو بكر : صدق الله ، وبلغت رسله.

١٨٤

تفرد به محمد بن يعلى الكوفي ، عن عمر بن صبح التميمي وكلاهما ضعيف ، وقد روي من وجه آخر أصح من هذا إسنادا غير أنّي أخاف أن يكون غلطا.

١٧٢ ـ أخبرنا الشريف بن الفتح العمري ـ رضي الله عنه ـ أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أخبرنا أبو القاسم البغوي ، حدّثنا داود بن رشيد ، حدّثنا يحيى بن زكريا ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي الزبير ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر قال : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جالس في ملأ من أصحابه إذ دخل أبو بكر وعمر من بعض أبواب المسجد ، معهما فئام من الناس يتمارون ، وقد ارتفعت أصواتهم يرد بعضهم على بعض ، حتى انتهوا إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «ما الذي كنتم تمارون ، قد ارتفعت فيه أصواتكم وكثر لغطكم؟» فقال بعضهم : يا رسول الله ، شيء تكلم فيه أبو بكر وعمر فاختلفا فاختلفنا لاختلافهما قال : «وما ذاك» قالوا : في القدر. قال أبو بكر : يقدّر الله الخير ولا يقدر الشر ، قال عمر : بل يقدّرهما جميعا قال : فكنّا في ذلك نتمارى حتى ذكر كلمة ، فقال بعضنا مقالة أبي بكر وقال بعضنا مقالة عمر ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لأقضي بينكما فيه بقضاء إسرافيل بين جبريل وميكائيل» / فقال بعض القوم : وقد تكلم فيه جبريل وميكائيل؟ فقال : «والذي بعثني بالحق إنّهما لأول الخلائق تكلما فيه ، فقال جبريل مقالة عمر ، وقال ميكائيل مقالة أبي بكر ، فقال جبريل : إنّا إن اختلفنا اختلف أهل السّماوات فهل لك في قاض بيني وبينك ، فتحاكما إلى إسرافيل ، فقضى بينهما قضاء هو قضائي بينكما» فقالوا : يا رسول الله ، ما كان من قضائه قال : «أوجب القدر خيره وشره وحلوه ومره فهذا قضائي بينكما» قال : ثم ضرب على كتف أبي بكر أو في فخذه وكان إلى جنبه فقال : «يا أبا بكر إنّ الله ـ عزوجل ـ لو لم يشأ يعصى ما خلق إبليس» قال : فقال أبو بكر : أستغفر الله ، كانت مني يا رسول الله زلة أو هفوة لا أعود لشيء من هذا المنطق أبدا. قال : فما عاد حتى لقي الله عزوجل.

١٨٥

١٧٣ ـ أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي ، حدّثنا أحمد بن سلمان ، حدّثنا محمد بن عبد الله ـ يعني ابن سليمان ـ حدّثنا عبد الله ، حدّثنا أحمد بن سلمان ، حدّثنا محمد بن عبد الله بن إسحاق الجوهري ، حدّثنا أبو عاصم ، عن شبيب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها) (١) قال : أكثرنا فسّاقها.

١٧٤ ـ أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، حدّثنا الحسن بن علي بن عفان ، أخبرنا أبو أسامة قال : أخبرني عيسى وهو ابن سنان قال : سمعت وهب بن منبه يقول : قرأت اثنين وسبعين كتابا وأربعة وعشرين سوى ذلك فما منها كتاب إلّا فيه إذا جعل العبد إلى نفسه شيئا من المشيئة فقد كفر.

__________________

(١) سورة الإسراء ، الآية رقم (١٦).

١٨٦

باب

ذكر البيان أن القدر خيره وشره

من الله ـ عزوجل ـ وأن الإيمان به واجب

قال الله ـ عزوجل ـ : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (١) وقال : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ / سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (٢).

١٧٥ ـ أخبرنا أبو ذر محمد بن محمد بن أبي القاسم المذكر ، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني الزاهد ، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المؤدب ، حدّثنا الحسين بن جعفر ، حدّثنا سفيان ، حدّثنا أبو عبد الله ، عن زياد بن إسماعيل السهمي ، عن محمد بن عبّاد المخزومي ، عن أبي هريرة قال : جاءت مشركو قريش إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخاصمونه في القدر قال : فنزلت هذه الآية : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (٣).

١٧٦ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني محمد بن أحمد الفقيه ، حدّثنا عبد الله بن محمد ، أخبرنا أبو كريب ، حدّثنا وكيع ، عن سفيان فذكره بإسناده نحوه.

رواه مسلم في «الصحيح» عن أبي كريب.

١٧٧ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو النضر الفقيه ،

__________________

(١) سورة القمر ، الآية رقم (٤٩).

(٢) سورة النساء ، الآية رقم (٧٨).

(٣) سورة القمر ، الآية رقم (٤٧ ـ ٤٩).

١٨٧

حدّثنا عثمان بن سعيد الدارميّ ، حدّثنا القعنبي ـ فيما قرأ على مالك ح.

١٧٨ ـ قال : وأخبرني أبو النضر ، حدّثنا محمد بن نصر الإمام ، حدّثنا عبد الأعلى بن حمّاد النرسي قال : قرأت على مالك بن أنس ، عن زياد بن [سعد] (١) ، عن عمرو بن مسلم ، عن طاوس قال : أدركت ناسا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقولون : كل شيء بقدر. قال : وسمعت عبد الله بن عمر يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كلّ شيء بقدر حتى العجز والكيس أو الكيس والعجز».

رواه مسلم في «الصحيح» عن عبد الأعلى بن حمّاد وغيره.

١٧٩ ـ أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز حدثنا ... (٢) ، بن عبد الله الطيالسي ، حدّثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، حدّثنا كهمس بن الحسن قال : سمعت عبد الله بن بريدة ، يحدّث أن يحيى بن يعمر ، ح.

١٨٠ ـ قال : وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثنا أبو خيثمة ـ زهير ـ بن حرب ـ / حدّثنا وكيع ، حدّثنا كهمس بن الحسن ح.

١٨١ ـ وأخبرنا أبو عبد الله ، أخبرني أبو النضر ، محمد بن محمد بن يوسف الفقيه ، حدّثنا تميم بن محمد ، حدّثنا عبيد الله بن معاذ العنبري ، حدّثنا أبي ، حدثنا كهمس ، عن أبي بريدة ، عن يحيى بن يعمر قال : كان أوّل من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني ، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين ، فقلنا لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسألناه عمّا يقول هؤلاء في القدر ، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلا المسجد ، فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا على يمينه ، والآخر على شماله ، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إليّ فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، إنّه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ،

__________________

(١) في الأصل [سعيد] والتصحيح من «صحيح مسلم» (٤ / ٢٠٤٦).

(٢) كلمة غير واضحة بالأصل.

١٨٨

ويتقفرون العلم [و] (١) ذكر من [شأنهم] (٢) ، وإنهم يزعمون أن لا قدر ، وإنّما الأمر أنف. فقال : إذا لقيت أولئك فأخبرهم إني بريء منهم ، وأنهم مني براء ، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أنّ لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر ، ثمّ قال : حدثني أبي عمر بن الخطاب قال : بينما نحن عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ولا نعرفه فينا ، حتى جلس إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» قال : صدقت قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه قال : فأخبرني عن الإيمان / قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره قال : صدقت قال : فأخبرني عن الإحسان قال : أن تعبد الله كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك قال : فأخبرني متى الساعة؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل قال : فأخبرني عن أمارتها قال : أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان قال : ثمّ انطلق فلبثت ثلاثا ثم قال : يا عمر أتدري من السائل؟ قال : قلت الله ورسوله أعلم قال : فإنّه جبريل ـ عليه‌السلام ـ آتاكم يعلمكم دينكم.

لفظ حديث معاذ بن معاذ.

رواه مسلم في «الصحيح» عن أبي خيثمة ـ زهير بن حرب ـ وعن عبيد الله بن معاذ (٣).

١٨٢ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو النضر الفقيه ، حدّثنا محمد بن نصر المروزي ، حدّثنا أبو كامل ومحمد بن عبيد بن حساب ، قالا : حدّثنا حمّاد بن زيد ، عن مطر الوراق ، عن عبد الله بن

__________________

(١) ليست في الأصل وهي عند مسلم في «الصحيح» (١ / ٣٧).

(٢) في الأصل [شانه] وما أثبت من صحيح مسلم (١ / ٣٧).

(٣) كتاب الأيمان (١ / ٣٦ ـ ٣٨).

١٨٩

بريدة ، عن يحيى بن يعمر قال : لما تكلم معبد بما تكلم به في شأن القدر أنكرنا ذلك قال : فحججت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حجة.

وساق الحديث بمعنى حديث كهمس ، وإسناده ، وفيه بعض زيادة ونقصان أحرف.

رواه مسلم في «الصحيح» عن محمد بن عبيد وأبي كامل (١).

١٨٣ ـ وأخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدّثنا أبو داود ، حدّثنا مسدد ، حدّثنا يحيى ، عن عثمان بن غياث قال : حدّثني عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر ، وحميد بن عبد الرحمن قالا : لقينا عبد الله بن عمر فذكرنا له القدر وما يقولون فيه ، فذكر نحوه.

رواه مسلم في «الصحيح» عن محمد بن حاتم ، عن يحيى بن سعيد القطّان (٢).

١٨٤ ـ وأخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو [جعفر] (٣) الرزاز حدّثنا محمد بن عبيد الله بن يزيد ، حدّثنا يونس بن محمد المؤدب ، حدّثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه ، عن يحيى / بن يعمر قال : قلت لابن عمر : يا أبا عبد الرحمن ، إنّ قوما يزعمون أن ليس قدر ، فساق الحديث نحو حديثهم.

رواه مسلم في «الصحيح» عن حجاج بن الشاعر ، عن يونس بن محمد (٤).

١٨٥ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز ، حدّثنا محمد بن عبيد الله [ح] (٥).

__________________

(١) كتاب الأيمان (١ / ٣٨).

(٢) كتاب الأيمان (١ / ٣٨).

(٣) في الأصل [حفص] والصحيح ما أثبت كما في مصادر ترجمته. انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٥ / ٣٨٥).

(٤) كتاب الأيمان (١ / ٣٨).

(٥) ليس في الأصل وإنّما أثبتها جريّا على عادة المصنف وغيره من أهل الحديث.

١٩٠

١٨٦ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العبّاس محمد يعقوب ، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عبيد الله المنادي ، حدّثنا يونس بن محمد المؤدب ، حدّثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن يحيى بن يعمر قال : كان رجل من جهينة فيه رهق وكان يتثوب على جيرانه ، ثمّ إنّه قرأ القرآن ، وفرض الفرائض ، وقص على الناس ، ثمّ إنه صار من أمره أنّه زعم أنّ العمل أنف ، من شاء عمل خيرا ، ومن شاء عمل شرا. قال : فلقيت أبا الأسود الديلي فذكرت ذلك له فقال : كذب ، ما رأينا أحدا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلّا يثبت القدر ، ثمّ إني حججت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري ، فلمّا قضينا حجنا قلنا نأتي المدينة ، فنلقى أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فنسألهم عن القدر قال : فلما أتينا المدينة لقينا إنسانا من الأنصار ، فلم نسأله ، قال : قلنا حتى نلقى ابن عمر أو أبا سعيد الخدري قال : فلقينا ابن عمر كفه عن كفه ، قال : فقمت عن يمينه وقام عن شماله قال : قلت أتسأله أو أسأله قال : لا بل سله ؛ لأني كنت أبسط لسانا منه قال : قلنا : يا أبا عبد الرحمن : إنّ ناسا عندنا بالعراق قد قرءوا القرآن ، وفرضوا الفرائض ، وقصوا على الناس يزعمون أنّ العمل أنف ، من شاء عمل خيرا ، ومن شاء عمل شرا ، قال : فإذا لقيتم أولئك فقولوا : يقول ابن عمر : هو منكم بريء ، وأنتم منه براء ، ابن عمر منكم بريء ، وأنتم منه براء ، فو الله لو جاء أحدهم من العمل ، أو قال أخذ أحدهم / مثل أحد ما تقبل منه حتى يؤمن بالقدر ، حدّثني عمر ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ موسى لقي آدم فقال : يا آدم أنت خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك الجنّة ، فو الله لو لا ما فعلت ما دخل أحد من ذريتك النّار ، قال : فقال : يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وتكليمه ـ وفي رواية الرّزاز «برسالته وبكلمته» ـ تلومني فيما قد كان كتب عليّ قبل أن أخلق ، فاحتجا إلى الله تبارك وتعالى ، فحجّ آدم موسى فاحتجّا إلى الله ، فحجّ آدم موسى ، فاحتجا إلى الله ، فحجّ آدم موسى» لقد حدّثني عمر أن رجلا في آخر عمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جاء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

فذكر حديث الإيمان بطوله وقال فيه : ما الإيمان؟ قال : «أن

١٩١

تؤمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين والجنّة والنّار والبعث بعد الموت والقدر كله» وقالا في هذه الرواية في موضع آخر : عن محمد بن عبيد الله بإسناده ، قال : «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، [وتؤمن] (١) بالجنّة ، والنّار والميزان ، [وتؤمن] (٢) بالبعث بعد الموت ، وتؤمن بالقدر خيره وشره».

١٨٧ ـ أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب ، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي ، حدّثنا عمران بن موسى ، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدّثنا جرير ، عن أبي حيان ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوما بارزا للناس إذ أتاه رجل يمشي فقال : يا رسول الله ، ما الإيمان؟ قال : «أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله ، وتؤمن بالبعث ، وتؤمن بالقدر كله» قال : صدقت. وذكر الحديث.

رواه البخاري في «الصحيح» (٣) عن إسحاق بن إبراهيم ، عن جرير ، إلّا أنّه لم يحفظ إسحاق لفظ الإيمان بالقدر فيه ، وحفظه عثمان بن أبي شيبة ، وهو حجة.

ورواه ـ أيضا ـ جرير بن عبد الحميد ، عن عمارة بن القعقاع ، / عن أبي زرعة. ومن ذلك الوجه حفظه إسحاق عنه.

١٨٨ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكى ، حدّثنا أحمد بن سلمة ، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا جرير ، عن عمارة ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأصحابه «سلوني» قال : فهابوا أن يسألوه قال : فجاء رجل فجلس عند ركبتيه فقال : يا رسول الله ، ما الإسلام؟ فذكره.

قال : يا رسول الله ، ما الإيمان قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله وتؤمن بالبعث وتؤمن بالقدر كله ، قال : صدقت. وذكر الحديث.

__________________

(١) في الأصل [يؤمن].

(٢) في الأصل [يؤمن].

(٣) كتاب تفسير القرآن (٤٧٧٧) تفسير سورة لقمان.

١٩٢

رواه مسلم في «الصحيح» عن محمد بن حاتم ، عن جرير (١) وذكر الإيمان بالقدر.

١٨٩ ـ أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي ، حدّثنا الحسن بن محمد الزعفراني ، حدّثنا روح بن عبادة ، حدّثنا شعبة ، عن منصور ، سمع ربعي بن حراش ، يحدث عن علي بن أبي طالب ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع ، يشهد أن لا إله إلّا الله ـ قال منصور وأحسبه قال : وحده لا شريك له ـ وأنّي رسول الله بعثني بالحق ، وبالبعث بعد الموت وبالقدر».

١٩٠ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العبّاس محمد بن أحمد المحبوبي ثمّ قال : حدّثنا أحمد بن سيار ، حدّثنا محمد بن كثير ، حدّثنا سفيان ، عن منصور ، عن ربعي بن حراش ، عن علي بن أبي طالب ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا يؤمن العبد حتى يؤمن بأربع ، حتى يشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّي رسول الله بعثني بالحق ، ويؤمن بالبعث بعد الموت ، ويؤمن بالقدر».

وكذلك رواه أبو عاصم ، عن سفيان ، ورواه يعلى بن عبيد وأبو نعيم وأبو حذيفة ، عن سفيان ، عن منصور ، عن ربعي ، عن زيد ، عن علي ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

١٩١ ـ أخبرنا / أبو علي الروذباري ، حدّثنا أبو محمد بن شوذب الواسطي ، حدّثنا شعيب بن أيوب ، حدّثنا يعلى بن عبيد عن سفيان [ح] (٢).

١٩٢ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق ، أخبرنا علي بن عبد العزيز ، أخبرنا أبو نعيم ، وأبو حذيفة قالا : حدّثنا سفيان فذكره.

ورواه شريك وجرير بن عبد الحميد ، عن منصور نحو الرواية

__________________

(١) كتاب الأيمان (١ / ٤).

(٢) ليست في الأصل ، وأثبتها جريّا على منهج المصنف.

١٩٣

الأولى ، ورواه أبو الأحوص وورقاء ، عن منصور نحو الرواية الأخرى.

١٩٣ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ ، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، حدّثنا يوسف بن يعقوب ، حدّثنا مسدد ، حدّثنا أبو الأحوص ، حدّثنا منصور ، عن ربعي بن حراش ، عن رجل من بني أسد ، عن علي قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أربع لن يجد العبد طعم الإيمان حتى يؤمن بهن لا إله إلا الله وحده ، وأنّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثني بالحق وبأنه ميت ثمّ مبعوث من بعد الموت ، ويؤمن بالقدر».

١٩٤ ـ وأخبرنا أبو بكر بن فورك ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يونس بن حبيب ، حدّثنا أبو داود ، نا ورقاء ، عن منصور ، عن ربعي ، عن رجل ، عن علي فذكر معناه مرفوعا.

١٩٥ ـ أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفّار ، حدّثنا جعفر بن محمد الفريابي ، حدّثنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لن يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره».

١٩٦ ـ أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدّثنا أبو داود ، حدّثنا أبو منصور ، حدّثنا أبو معاوية ، حدّثنا جعفر بن برقان ، عن يزيد بن أبي [نشبة] (١) عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ثلاث من أصل الإيمان ، الكف عمّن قال لا إله إلّا الله / لا نكفره بذنب ، ولا نخرجه عن الإسلام بعمل ، والجهاد ماض منذ بعثني الله ـ جلّ وعزّ ـ إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل ، والإيمان بالأقدار».

١٩٧ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا

__________________

(١) في الأصل [شيبة] والتصحيح من «سنن» أبي داود كتاب الجهاد ، باب : في العزو مع أئمة الجور (٧ / ٢٠٥ ، ٢٠٦ ـ مع العون).

١٩٤

أحمد بن عبيد الصفّار ، حدّثنا هشام بن علي ، حدّثنا ابن رجاء ، حدّثنا عبد الأعلى ، حدّثنا ابن أبي مساور أبو مسعود قال : سمعت عامرا الشعبي ، يقول قدم عدي بن حاتم الكوفة وأنا يومئذ شاب ، فأتيناه في أناس من فقهاء أهل الكوفة فقلنا : حدّثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكر قدومه على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وذكر فيه فقال : «يا عدي أسلم تسلم» قال فقلت : وما الإسلام؟ قال : «تشهد أن لا إله إلّا الله ؛ وتشهد أنّي رسول الله ؛ وتؤمن بالأقدار كلها خيرها وشرها وحلوها ومرها».

١٩٨ ـ وأخبرنا أبو حامد أحمد بن الوليد الزوزني ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، حدّثنا عبد الله بن روح ، حدّثنا شبابة ، حدّثنا عبد الأعلى بن أبي المساور قال : سمعت الشعبي يقول : سمعت عدي بن حاتم يقول : لمّا قدمت على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «يا عدي بن حاتم ، أسلم تسلم» قال قلت : وما الإسلام؟ قال : «أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وتشهد أنّي رسول الله ، وتؤمن بالأقدار كلّها خيرها وشرها ، حلوها ومرها».

١٩٥

باب

كيفية الإيمان بالقدر

١٩٩ ـ أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري ، حدّثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب ، حدّثنا الحسين بن الوليد ، عن أبي سنان سعيد بن سفيان القزويني قال : سمعت وهب بن خالد يحدث ح.

٢٠٠ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العباس محمد بن / يعقوب ، حدّثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، حدّثنا محمد بن كثير ، أخبرنا سفيان الثوري ، عن أبي سنان ، عن وهب بن خالد الحمصي ، عن ابن الديلمي قال : وقع في نفسي شيء من القدر قال : فأتيت أبيّا فقلت : إنّه قد وقع في نفسي شيء من القدر! فحدثني بشيء لعل الله يذهبه من قلبي فقال : إنّ الله ـ عزوجل ـ لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه عذبهم وهو غير ظالم [لهم] (١) ، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ، ولو أنفقت مثل أحد ذهبا في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر ، وتعلم أنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وأنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك ، ولو مت على غير ذلك دخلت النّار قال : فأتيت حذيفة فحدثني بمثل هذا قال : ثم أتيت عبد الله بن مسعود فحدثني بمثل هذا قال : فأتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمثل هذا.

رواه أبو داود السجستاني في كتاب «السنن» عن محمد بن كثير بنحو معناه.

٢٠١ ـ أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن أبي المعروف الأسفراييني ـ بها ـ أخبرنا بشر بن أحمد بن بشر ، أخبرنا أحمد بن

__________________

(١) ما أثبت من سنن أبي داود كتاب السنة ، باب : في القدر (١٢ / ٤٦٦ ، ٤٦٧ ـ مع العون).

١٩٦

الحسين بن نصر الحذّاء ، حدّثنا علي بن المديني ، حدّثنا حسّان بن إبراهيم بن زياد أبو هشام الكرماني ، حدّثنا عطية بن عطية ، حدّثنا عطاء بن أبي رباح ، أنّه سمع عمرو بن شعيب يقول : كنت عند سعيد بن المسيب جالسا فذكروا رجالا يقولون : إنّ الله قدر كل شيء ما خلا الأعمال! قال : فو الله ما رأيت سعيدا غضب قط [غضبا] (١) أشد منه حتى همّ بالقيام ، ثمّ سكن فقال : تكلموا به! أما والله لقد سمعت فيهم حديثا كفاهم به شرا ، وويحهم لو يعلمون. قال : قلت : رحمك الله يا أبا محمد وما هو؟ قال : فنظر إليّ وقد سكن بعض غضبه فقال : حدّثني رافع بن خديج أنّه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «يكون قوم في أمتي يكفرون بالله وبالقرآن ، وهم لا يشعرون ، كما / كفرت به اليهود والنصارى» قال فقلت يا رسول الله كيف ذلك؟ قال : «يقرون ببعض القدر ويكفرون ببعضه» قال : قلت ما يقولون؟ قال : «يجعلون إبليس عدلا لله في خلقه وقوله ، ويقولون : الخير من الله ، والشرّ من إبليس ، فيكفرون بعد الإيمان والمعرفة بالقرآن ، ما يلقى أمتي منهم من العداوة والبغضاء والجدال ، أولئك زنادقة هذه الأمّة قال : ثمّ يبعث الله طاعونا فتفنى عامتهم ، ثمّ يكون خسف فما أقلّ من ينجو منه ، المؤمن يومئذ قليل فرحه ، شديد غمّه ، ثمّ يكون المسخ ، فيمسخ الله عامّة أولئك قردة وخنازير ، ثمّ يخرج الدجال على إثر ذلك قريبا» ثم بكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى بكينا لبكائه قلنا : ما يبكيك يا رسول الله قال : «رحمة لهم الأشقياء ، منهم المتعبد ، ومنهم المجتهد ، مع أنّهم ليسوا بأول من سبق إلى هذا القول ، وضاق بحمله ذرعا ، إنّ عامّة من هلك من بني إسرائيل بالتكذيب بالقدر» قال : قلنا : يا رسول الله كيف الإيمان بالقدر؟ قال : «يؤمن بالله وحده ، وأنّه لا يملك معه أحد ضرا ولا نفعا ، ويؤمن بالجنّة والنّار ، ويعلم أنّ الله خلقهما قبل خلق الخلق ، وخلق خلقا فجعل من شاء منهم إلى الجنّة ، ومن شاء منهم إلى النار عدل ذلك منه ، وكل يعمل بما خلق له وهو صائر إلى ما خلق» ، قال : قلت صدق الله ورسوله ـ أو كما قال ـ.

٢٠٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العبّاس ـ هو

__________________

(١) زيادة يقتضيها السياق ، وهي مثبتة من «الإبانة» لابن بطة (١٥١٧) و «شرح اعتقاد أصول أهل السّنة» للالكائي (١٠٩٩) وغيرهما.

١٩٧

الأصم ـ حدّثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، حدّثني هيثم بن خارجة ، وأبو أيوب قالا : حدّثنا سليمان بن عتبة ، عن يونس بن ميسرة ، عن أبي إدريس عن أبي الدرداء عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ لكل شيء حقيقة ، وما بلغ [عبد] (١) حقيقة الإيمان حتى يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه».

٢٠٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق ، أخبرنا عبيد بن عبد الواحد ، حدّثنا هشام بن عمّار ، حدّثنا الوليد / ، حدّثنا منير بن الزبير أنّه سمع عبادة بن نسي يحدث ، عن خباب بن الأرت قال : قلت يا رسول الله ، ما الإيمان بالقدر؟ قال : «تعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وأنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك».

٢٠٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، حدّثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، حدّثنا أبو الجواب ، حدّثنا عمار بن زريق ، عن أبي حصين ، عن يحيى بن وثاب ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود قال : لا يؤمن العبد حتى يؤمن بالقدر ، ويعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، ولئن أعض على جمرة حتى تطفأ أحبّ إليّ من أن أقول لأمر قضاه الله ليته لم يكن.

هذا إسناد صحيح وروي عن عبد الله مرفوعا.

٢٠٥ ـ أخبرنا أبو عبد الرحمن السلميّ ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس ، حدّثنا معاذ ، عن جده ، حدّثنا خلاد بن يحيى ، حدّثنا عبد الأعلى ، عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة ، سمعت أبا عبيدة [بن] (٢) عبد الله بن مسعود يذكر ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال وأهوى بإصبعه إلى فمه : «لا يذوق عبد طعم الإيمان ، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، ويؤمن بالقدر خيره وشره».

__________________

(١) في الأصل [عنه] والصحيح ما أثبت ، وهي من «المسند» للإمام أحمد بن حنبل (٦ / ٤٤١) و «السنة» لابن أبي عاصم (٢٤٦).

(٢) في الأصل [عن] والصحيح ما أثبت كما مسند الإمام أحمد (٦ / ١٤٤) وغيره.

١٩٨

٢٠٦ ـ أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطّان ، أخبرنا أبو سهل بن زياد القطّان ، حدّثنا إسحاق بن الحسن الحربي ، حدّثنا عفان ، حدّثنا همام ، عن عطاء بن السائب ، عن يعلى بن مرة قال : ائتمرنا أن يحرس عليا ـ رضي الله عنه ـ كل ليلة منّا عشرة قال : فخرجنا ومعنا السلاح ، وصلى كما كان يصلي ، ثم أتانا فقال : ما شأن السلاح؟! قال : قلنا : ائتمرنا أن يحرسك كل ليلة منا عشرة قال : من أهل السماء أو من أهل الأرض؟ قلنا : نحن أهون وأضعف أو أصغر ـ أو كلمة نحو ذلك ـ أن نحرسك من أهل السماء قال : إنّ أهل الأرض لا يعملون بعمل حتى يقضى في / السماء ، وإنّ عليّ جنّة حصينة إلى يومي ، وذكر أنّه لا يذوق عبد أو لا يجد عبد حلاوة الإيمان أو طعم الإيمان حتى يستيقن يقينا غير ظن أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأنّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه.

٢٠٧ ـ أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي ببغداد ، حدّثنا أحمد بن سليمان الفقيه ، حدّثنا محمد بن نمير ، حدّثنا حفص بن غياث ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : دخل الحسن بن علي على معاوية فقال معاوية : أبوك الذي كان يقاتل أهل البصرة ، فإذا كان آخر النهار مشى في طرقها؟ قال : علم أنّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وما أصابه لم يكن ليخطئه ، فقال معاوية : صدقت.

٢٠٨ ـ أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أخبرنا أبو عثمان البصري ، حدّثنا محمد بن عبد الوهاب ، أخبرنا يعلى بن عبيد ، حدّثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي حجاج الأزدي قال : سألنا سلمان عن الإيمان بالقدر ، قال : أن يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأنّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه.

٢٠٩ ـ أخبرنا أبو القاسم الحرفي ، حدّثنا أحمد بن سلمان ، حدّثنا محمد بن عبد الله بن سليمان ، حدّثنا عبد الله بن عمر بن أبان ، حدّثنا إسحاق بن سليمان ، عن معاوية بن يحيى ، عن الزهري ، عن محمد بن عبادة بن الصامت قال : دخلت على أبي وهو يجود بنفسه فقلت : أوصني ، فقال : أيّ بنيّ إنّك لن تجد طعم الإيمان ، ولن تؤمن

١٩٩

بالله حقيقة الإيمان حتى تؤمن بالقدر خيره وشره ، قال : قلت : أي أبتاه وكيف لي أن أعلم؟ قال : تعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وأنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، أي بني إنّي سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن أوّل شيء خلقه الله خلق القلم ، فقال : اكتب فقال : ما أكتب؟ قال : اكتب القدر ، فجرى تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة» أيّ بنيّ إن مت على غير هذا دخلت النّار /.

٢١٠ ـ حدثنا أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد ـ رحمه‌الله ـ أخبرنا أبو الحسين علي بن الفضل بن محمد بن عقيل ، أخبرنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني ، أخبرنا علي بن المديني ، حدّثنا عبد الله بن إدريس قال : سمعت ربيعة بن عثمان التيمي يذكر ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «المؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله عزوجل من المؤمن الضّعيف ، واحرص على ما ينفعك واستعن بالله ـ عزوجل ـ ولا تعجز ، فإن غلبك أمر فقل : قدّر الله وما شاء فعل».

٢١١ ـ وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطّان ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، أخبرنا يعقوب بن سفيان ، وحدّثني محمد بن عبد الله بن نمير ، حدّثنا ابن إدريس ، أخبرنا ربيعة بن عثمان التيمي. فذكره بإسناده ، إلّا أنّه قال : «[وفي كلّ خير] (١) احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجز ، وإذ أصابك شرّ فلا تقل : لو أنّي فعلت كذا وكذا ، ولكن قدّر الله ، وما شاء فعل فإنّ لو تفتح عمل الشيطان».

رواه مسلم في «الصحيح» عن محمد بن عبد الله بن نمير وغيره (٢).

٢١٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ ، أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى الموصلي ، حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع ، عن عزرة بن ثابت الأنصاري ، عن

__________________

(١) في الأصل [وكل في خير] والتصحيح من «صحيح مسلم» (٤ / ٢٠٥٢).

(٢) كتاب القدر (٤ / ٢٠٥٢).

٢٠٠