في ظلال التّوحيد

الشيخ جعفر السبحاني

في ظلال التّوحيد

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: نشر مشعر
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
964-6293-82-4

الصفحات: ٧١٢

أبو وائل : استعملني ابن زياد على بيت المال بالكوفة.

هذا كلّه حول سند الرواية وهؤلاء رواتها ، ولو ورد فيهم مدح فقد ورد فيهم الذم ، وعند التعارض يقدم الجارح على المادح فيسقط الحديث عن الاستدلال.

ويكفي أيضاً في ضعف الحديث أنّه ليس لراويه ـ أعني أبا الهياج ـ في الصحاح حديث غير هذا ، فكيف يستدلّ بحديث يشتمل على المدلِّسين والمضعِّفين؟ وكيف يُعْدَل بهذا الحديث عن السيرة المستمرّة بين المسلمين؟!

والآن إليك بيان عدم دلالة الحديث على الموضوع بتاتاً :

ضعف دلالة الحديث

إنّ توضيح ضعف دلالة الحديث يتوقّف على بيان معنى اللّفظين الواردين فيه :

١ ـ قبراً مشرفاً.

٢ ـ إلّا سوّيته.

أمّا الأوّل : فقال صاحب القاموس : والشرف ـ محركة ـ العلو ، ومن البعير سنامه ، وعلى ذلك يحتمل المراد منه مطلق العلوّ ، أو العلوّ الخاص كسنام البعير الّذي يعبّر عنه بالمسنَّم ، ولا يتعيّن أحد المعنيين إلّا بالقرينة.

أمّا الثاني : فهو تارةً يُستخدم في بيان مساواة شيء بشيء في الطول أو العرض ، فيقال : هذا القماش يساوى بهذا الآخر في الطول.

وأُخرى في التسوية ، أي كون الشيء مسطّحاً لا انحناء ولا تعرّج فيه.

والفرق بين المعنيين واضح ؛ فإنّ التسوية في الأوّل وصف للشيء بمقايسته مع شيء آخر ، وفي الثاني وصف لنفس الشيء ولا علاقة له بشيء آخر.

فلو استعمل في المعنى الأوّل لتعدّى إلى مفعولين : أحدهما بلا واسطة ، والآخر بمعونة حرف الجرّ ، قال تعالى حاكياً عن لسان المشركين وأنّهم يخاطبون آلهتهم

٣٨١

بقولهم : (إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (١) ، أي نعدّ الآلهةَ الكاذبة مساويةً لربّ العالمين في العبادة أو في الاعتقاد بالتدبير.

وقال سبحانه حاكياً عن حال الكافرين يوم القيامة : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) (٢) ، أي يودّون أنْ يكونوا تراباً أو ميتاً مدفوناً تحت الأرض ، ويكونون كذلك والأرض متساوية.

ترى أنّ تلك المادة تعدّت إلى مفعولين وأُدخل حرف الجرّ على المفعول الثاني.

وأمّا إذا استعمل في المعنى الثاني أي فيما يكون وصفاً للشيء بلا علاقة له بشيء آخر فيكتفي بمفعول واحد ، قال سبحانه : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) (٣) ، وقال سبحانه : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) (٤) ، وقال سبحانه : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) (٥) ، ففي جميع هذه الموارد يراد من التسوية كونها وصفاً للشيء بما هو هو ، وهو فيها كناية عن كمال الخلقة وأنّها بعيدة عن النقص والاعوجاج.

هذا هو مفهوم اللفظ لغةً ، وهلم معي ندرس الحديث وأنّه ينطبق على أيٍّ من المعنيين.

نلاحظ أنّه تعدّى إلى مفهومٍ واحد ، ولم يقترن بالباء ، فهو آية أنّ المراد هو المعنى الثاني ، وهو تسطيح القبر في مقابل تسنيمه ، وبسطه في مقابل اعوجاجه لا مساواته مع الأرض ، وإلّا كان عليه عليه‌السلام أن يقول : سوّيته بالأرض ، ولم يكتف

__________________

(١) الشعراء : ٩٨.

(٢) النساء : ٤٢.

(٣) الأعلى : ٢.

(٤) القيامة : ٤.

(٥) الحجر : ٢٩.

٣٨٢

بقوله سوّيته.

أضف إلى ذلك أنّ ما ذكرناه هو الّذي فهمه شرّاح الحديث وهو دليل على أنّ التسطيح سنّة والتسنيم بدعة وأمر عليّ عليه‌السلام أن تكافح هذه البدعة ويسطّح كلّ قبر مسنّم ، وإليك ذكر نصوصهم :

قال القرطبي في تفسير الحديث : قال علماؤنا : ظاهر حديث أبي الهياج منع تسنيم القبور ورفعها وأن تكون واطئة (١).

أقول : إنّ دلالة الحديث على منع تسنيم القبور ظاهر ، وأمّا دلالتها على عدم ارتفاعها كما هو ظاهر قوله : «ومنع رفعها» فغير ظاهر ، بل مردود باتّفاق أئمة الفقه على استحباب رفعها قدر شبر (٢).

٢ ـ قال ابن حجر العسقلاني في شرحه على البخاري ما هذا نصّه :

مُسنّماً بضمّ الميم وتشديد النون المفتوحة أي : مرتفعاً ، زاد أبو نعيم في مستخرجه : وقبر أبي بكر وعمر كذلك ، واستدلّ به على أنّ المستحب تسنيم القبور ، وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد والمزني وكثير من الشافعية.

وقال أكثر الشافعية ونصّ عليه الشافعي : التسطيح أفضل من التسنيم ؛ لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله سطّح قبر إبراهيم ، وفعله حجّة لا فعل غيره ، وقول سفيان التمّار : رأى قبر النبيّ مسنّماً في زمان معاوية ، لا حجّة فيه ، كما قال البيهقي ؛ لاحتمال أنّ قبره صلى‌الله‌عليه‌وآله وقبرَي صاحبيه لم تكن في الأزمنة الماضية مسنّمة ـ إلى أن قال : ـ ولا يخالف ذلك قول عليعليه‌السلام: أمرني رسول الله أن لا أدع قبراً مشرفاً إلّا سوّيته ، لأنّه لم يرد تسويته بالأرض ، وإنّما أراد تسطيحه جمعاً بين الأخبار ، ونقله في المجموع عن الأصحاب (٣).

__________________

(١) القرطبي ، التفسير ٢ : ٣٨٠ تفسير سورة الكهف.

(٢) الفقه على المذاهب الأربعة ١ : ٤٢.

(٣) إرشاد الساري ٢ : ٤٦٨.

٣٨٣

٣ ـ وقال النووي في شرح صحيح مسلم : إنّ السنّة أنّ القبر لا يرفع عن الأرض رفعاً كثيراً ، ولا يُسنَّم بل يُرفع نحو شبر ، وهذا مذهب الشافعي ومن وافقه ، ونقل القاضي عياض عن أكثر العلماء أنّ الأفضل عندهم تسنيمها ، وهو مذهب مالك (١).

ويؤيّد ذلك أنّ صاحب الصحيح (مسلماً) عنون الباب ب «باب تسوية القبور» ثمّ روى بسنده إلى تمامه ، قال : كنّا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم ، فتوفّي صاحب لنا ، فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوّى ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأمر بتسويتها ، ثمّ أورد بعده في نفس الباب حديث أبي الهياج المتقدّم (٢).

وفي الختام نذكر أُموراً :

١ ـ القول بوجوب مساواة القبر بالأرض مخالف لما اتّفقت عليه كلمات فقهاء المذاهب الأربعة ، وكلّهم متّفقون على أنّه يندب ارتفاع التراب فوق الأرض بقدر شبر (٣).

ولو أخذنا بالتفسير الّذي يرومه الوهابي من حديث أبي الهياج من مساواة القبر بالأرض يجب أن يكون القبر لاطئاً مساوياً معه.

٢ ـ لو افترضنا صحّة حديث أبي الهياج سنداً ودلالة ، فغاية ما يدلّ عليه هو تخريب القبر ومساواته بالأرض ، ولا يدلّ على هدم البناء الواقع عليه ، فتخريب القباب المشيّدة الّتي هي مظاهر الودّ لأصحابها استناداً إلى هذا الحديث عجيب جدّاً.

٣ ـ إنّ الصحابة دفنوا النبيّ الأكرم في بيته من أوّل يوم ، وقد وصّى الخليفتان

__________________

(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٧ : ٣٦ ط الثالثة ، دار إحياء التراث العربي.

(٢) المصدر السابق.

(٣) الفقه على المذاهب الأربعة ١ : ٤٢.

٣٨٤

بأنْ يُدفنا تحت البناء جنب النبيّ الأكرم تبرّكاً بالقبر وصاحبه ، فلو كان البناء على القبور أمراً محرّماً ومن مظاهر الشرك ؛ فلما ذا وارت الصحابة جثمانه الطاهر صلى‌الله‌عليه‌وآله تحت البناء؟ ولما ذا أوصى الخليفتان بالدفن تحته؟

ولمّا واجهت الوهابية عمل الصحابة في مواراة النبيّ قامت بالتفريق وقالت : إنّ الحرام هو البناء على القبر لا الدفن تحت البناء ، وقد دفنوا النبيّ تحت البناء ولم يبنوا على قبره شيئاً(١).

ونترك هذا الجواب بلا تعليق ؛ إذ هو في غاية السقوط ، إذ أيّ فرق بين الأمرين؟ فإنّ البناء على القبر مَدْعاة للإقبال إليه والتضرّع إليه ، ففيه فتح لباب الشرك وتوسّل إليه بأقرب وسيلة ... (٢).

فإذا كان البناء على وجه الإطلاق ذريعة للشرك وتوجّهاً إلى المخلوق ، فلما ذا نرخّص في بعض صوره ونحرّم بعضها الآخر؟ وما هذا إلّا لأنّ الوهابية وإن كانوا ينسبون أنفسهم إلى السلفية ، إلّا أنّ السلفية بعيدون عنهم بُعد المشرقين.

إلى هنا تمّت دراسة حديث أبي الهياج ، ولندرس حديث جابر الّذي هو المستمسك الآخر لمدمّري آثار الرسالة.

الثانية : حديث جابر

إنّ الوهابيين يستدلّون بحديث جابر على حرمة البناء على القبور ، وقد ورد بنصوص مختلفة ، ونحن نذكر نصاً واحداً منها :

روى مسلم في صحيحه : حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدّثنا حفص بن

__________________

(١) عقيل بن الهادي ، رياض الجنّة ، ط الكويت.

(٢) محاسن التأويل ٧ : ٣٠.

٣٨٥

غياث ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجصّص القبر ، وأن يقعد عليه ، وأن يُبنى عليه (١).

وحديث جابر هذا لا يحتجّ به ، لكونه غير صحيح سنداً وضعيفاً دلالةً.

أمّا الأوّل : فلأنّ جميع أسانيده مشتملة على رجلين هما في غاية الضعف :

١ ـ ابن جريج : وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج.

٢ ـ أبو الزبير : وهو محمد بن مسلم الأسدي.

أمّا الأوّل : فإليك كلمات أئمة الرجال في حقّه :

سئل يحيى بن سعيد عن حديث ابن جريج قال : فقال : ضعيف ، فقيل له : إنّه يقول : أخبرني؟ قال : لا شيء .. كلّه ضعيف ، وقال أحمد بن حنبل : إذا قال ابن جريج : قال فلان وقال فلان جاء بمناكير.

وقال مالك بن أنس : كان ابن جريج حاطب ليل.

وقال الدارقطني : يُجتنب تدليس ابن جريج ؛ فإنّه قبيح التدليس ، لا يدلِّس إلّا فيما سمعه من مجروح.

وقال ابن حبّان : كان ابن جريج يدلِّس في الحديث (٢).

وأمّا الثاني : فإليك أقوال علماء الرجال فيه :

فعن إمام الحنابلة عن أيوب أنّه كان يعتبر أبا الزبير ضعيف الرواية.

وعن شعبة : لم يكن في الدنيا أحبّ إليّ من رجل يقدِمُ فأسأله عن أبي الزبير ،

__________________

(١) لاحظ للوقوف على متونها المختلفة وأسانيدها : صحيح مسلم ، كتاب الجنائز ٣ : ٦٢ ؛ وسنن الترمذي ٢ : ٢٠٨ ط المكتبة السلفية ؛ صحيح ابن ماجة ١ : ٤٧٣ كتاب الجنائز ؛ صحيح النسائي ٤ : ٨٧ ـ ٨٨ ؛ سنن أبي داود ٣ : ٢١٦ باب البناء على القبر ؛ مسند أحمد ٣ : ٢٩٥ و ٣٣٢ ، ورواه أيضاً مرسلاً عن جابر : ص ٣٩٩.

(٢) تهذيب التهذيب ٦ : ٢ ـ ٤ و ٥ ـ ٦ ط دار المعارف العثمانية.

٣٨٦

فقدمت مكّة فسمعت منه ، فبينا أنا جالس عنده إذ جاءه رجل فسأله عن مسألة فردّ عليه ، فافترى عليه ، فقلت : يا أبا الزبير تفتري على رجل مسلم؟ قال : إنّه أغضبني ، قلت : ومن يغضبك تفتري عليه؟ لا رويت عنك شيئاً.

وعن ورقاء قال : قلت لشعبة : ما لَكَ تركت حديث أبي الزبير؟ قال : رأيته يزن ويسترجع في الميزان.

وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي عن أبي الزبير ، فقال : يُكتب ولا يحتجّ به ، قال : وسألت أبا زرعة عن أبي الزبير ، فقال : يروي عنه الناسُ ، قلت : يُحتجُّ بحديثه؟ قال : إنّما يحتجّ بحديث الثّقات (١).

بالله عليك ، أيصحّ الاستدلال بهذا الحديث؟ أفهل يصحّ هدم آثار النبوّة والرسالة والصحابة بهذه الرواية؟

على أنّ بعض الأسانيد مشتمل على عبد الرحمن بن أسود المتّهم بالكذب والوضع.

هذا كلّه ما يتعلّق بالسند.

وأمّا الثاني : أي المتن ، ففيه ملاحظتان :

الأُولى : أنّ الحديث روي بصورٍ ستّ ، مع أنّ النبيّ نطق بصورة واحدة ، ولو رجعت إلى متونه المبعثرة في المصادر الّتي أوعزنا إليها ترى فيها الاضطراب العجيب ، وإليك صورها :

١ ـ نهى رسول الله عن تجصيص القبر والاعتماد عليه.

٢ ـ نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الكتابة على القبر.

٣ ـ نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن تجصيص القبر ، والكتابة والبناء عليه ، والمشي عليه.

__________________

(١) تهذيب التهذيب ، ترجمة أبي الزبير ٩ : ٤٤٢ ط حيدرآباد ـ دكن عام ١٣٢٦ ؛ ولاحظ الطبقات الكبرى ٥ : ٤٨١.

٣٨٧

٤ ـ نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الجلوس على القبر ، وتجصيصه ، والبناء والكتابة عليه.

٥ ـ نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الجلوس على القبر وتجصيصه والبناء عليه.

٦ ـ نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الجلوس على القبر وتجصيصه والبناء عليه ، والزيارة والكتابة عليه (١).

مضافاً إلى اختلافات أُخرى في أداء مقصود واحد ، فيعبّر عنه تارةً بالاعتماد ، وأُخرى بالوطء ، وثالثة بالقعود.

ومن المعلوم أنّ الاعتماد غير الوطء ، وهما غير القعود ، فمع هذا الاضطراب والاختلاف في المضمون لا يمكن لأيّ فقيه أن يعتمد عليه؟!

الثانية : أنّ الحديث على فرض صحّته لا يُثبت سوى ورود النهي من النبيّ ، ولكن النهي منه تحريمي ومنه تنزيهي. وبعبارة أُخرى : نهي تحريم ، ونهي كراهة. وقد استعمل النهي في كلمات الرسول في القسم الثاني كثيراً ، ولأجل ذلك حمله الفقهاء على الكراهة ، فترى الترمذي يذكر هذا الحديث في صحيحه تحت عنوان كراهية تجصيص القبور ، والسندي شارح صحيح ابن ماجة ينقل عن الحاكم النيسابوري أنّه لم يعمل بهذا النهي (بالمضمون التحريمي) أحد من المسلمين ، بدليل أنّ سيرة المسلمين قائمة على الكتابة على القبور.

وأمّا الكراهة فربّما تكون مرتفعة بالنسبة إلى المصالح العظيمة المترتّبة عليه ، كما إذا صار البناء على القبر سبباً لحفظ الآثار الإسلامية ، وإظهار المودّة لصاحب القبر الّذي فرض الله مودّته على الناس (٢) ، أو يكون لاستظلال الزائر وتمكّنه من تلاوة القرآن وإهداء ثوابه إلى صاحب القبر ، إلى غير ذلك من الأُمور الّتي يتمكّن

__________________

(١) لاحظ في الوقوف على المتون المختلفة للحديث المصادر الّتي أوعزنا إليها.

(٢) قال سبحانه : (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (الشورى : ٢٣).

٣٨٨

الإنسان منها تحت الظلّ لا تحت الشمس ولا في برد الليل ، فالنهي التنزيهي أشبه بالمقتضيات الّتي ترتفع بأقوى منها.

الثالثة : أحاديث ثلاثة في الميزان

فقد ورد في ذلك المجال أحاديث أُخر نذكرها بسندها ومتنها :

روى ابن ماجة في صحيحه ما يلي :

١ ـ حدّثنا محمد بن يحيى ، حدّثنا محمد بن عبد الله الرقاشي ، حدّثنا وهب ، حدّثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن أبي سعيد : أنّ النبيّ نهى أن يُبنى على القبر (١).

ويذكر ابن حنبل حديثاً آخر بسندين هما :

٢ ـ حدّثنا حسن ، حدّثنا ابن لهيعة ، حدّثنا يزيد بن أبي حبيب ، عن ناعم مولى أُمّ سلمة ، عن أُمّ سلمة قالت : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يُبنى على القبر أو يُجصّص.

٣ ـ عليّ بن اسحاق ، حدّثنا عبد الله بن لهيعة ، حدّثني بريد بن أبي حبيب ، عن ناعم مولى أُمّ سلمة : أنّ النبيّ نهى أن يجصّص قبر أو يبنى عليه أو يجلس عليه (٢).

فسند الحديث الأوّل يشمل على (وهب) ، وهو مردّد بين سبعة عشر رجلاً ، وفيهم الوضّاعون والكذّابون (٣).

والحديث الثاني والثالث لا يُحتجّ بهما ، لاشتمالهما على «عبد الله بن لهيعة» الّذي

__________________

(١) صحيح ابن ماجة ١ : ٤٧٤.

(٢) مسند أحمد ٦ : ٢٩٩.

(٣) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٥٠ ـ ٣٥٥.

٣٨٩

يقول فيه ابن معين : ضعيف لا يحتجّ به ، ونقل الحميدي عن يحيى بن سعيد : أنّه كان لا يراه شيئاً (١).

هذه حال الأحاديث الّتي صارت ذريعة بيد الوهابيين لتدمير الآثار الإسلامية منذ أن استولوا على الحرمين الشريفين ، حيث لا تمرّ سنة إلّا ويدمّر أثر من الآثار الإسلاميّة بحجّة توسيع الحرم الشريف ، حتّى المكتبات وبيوتات بني هاشم ومدارسهم ، وبيت مضيِّف النبي أبي أيّوب الأنصاري ، وفي الوقت نفسه يعكفون على حفظ آثار اليهود في خيبر وغيره ، حتّى بيت كعب بن الأشرف ذلك اليهودي الّذي أهدر دمه رسول الله ، وقتل بأمره غيلة باسم الحفاظ على الآثار التاريخية.

ثمّ إنّ القاضي ابن بليهد قد أعوزته الحجّة فتمسّك بكون البقيع مسبلة موقوفة ، وأنّ البناء على القبور مانع عن الانتفاع بأرضها.

سبحان الله ما أتقنها من برهنة؟ من أين علم أنّ البقيع كانت أرضاً حيّة وقفها صاحبها على دفن الأموات؟!

ومن أراد أن يقف على حال البقيع ، وأنّه لم يكن فيها يوم اعدّت للتدفين أيّ أثر من الحياة ، فليرجع إلى كتاب «وفاء الوفا».

آخر ما في كنانة المستدلّ

ذكر البخاري في صحيحه في باب كراهة اتّخاذ المساجد على القبور الخبر التالي :

لمّا مات الحسن بن الحسن بن علي ضربت امرأته القبّة على قبره سنة ، ثمّ

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٢ : ٤٧٦ ؛ وتهذيب التهذيب ١ : ٤٤٤.

٣٩٠

رفعت ، فسمعوا صالحاً يقول :

ألا هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه الآخر : بل يئسوا فانقلبوا (١).

إنّ هذا الخبر لو صحّ فهو على نقيض المطلوب أدلّ ، فهو يدلّ على جواز نصب المظلّة على القبر ، ولو كان ذلك حراماً لما صدر من امرأة الحسن بن الحسن عليهما‌السلام ؛ لأنّه كان بمرأى ومسمع من التابعين وفقهاء المدينة ، ولعلّها نصبت تلك القبّة لأجل تلاوة القرآن في جوار زوجها وإهداء ثوابها إلى روحه.

وأمّا قول الصالح فهو قول غير صالح ، كما أنّ الجواب أيضاً مثله ، لأنّه بصدد الشماتة ؛ بامرأة افتقدت زوجها وهي مستحقّة للتعزية والتسلية لا الشماتة ، لأنّها ليست من أخلاق المسلمين ، ولم تكن المرأة تأمل عودة زوجها إلى الحياة حتّى يقال : إنّها يئست ، بل كان نصبها للمظلّة للغايات الدينية والأخلاقية ، والشامت والمجيب كانا من أعداء أهل البيت ، والعجب أنّ البخاري ينقله ولا يعلّق عليه شيئاً!

ترى هؤلاء الأغبياء يدمّرون آثار الرسالة وهم يتمسّكون في ذلك بركام من الأوهام ، ويسخرون من الذين أظهروا حبّاً لأهل بيت رسول الله الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وفرض مودّتهم وولاءهم وقال : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٢).

إلى هنا تبيّن أنّه ليس للقوم دليل ، بل ولا شبهة على حرمة البناء على القبور ، وإنّهم لم يدرسوا صحاحهم ومسانيدهم حسبما درسها السلف الصالح.

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ١١١ كتاب الجنائز ؛ السنن للنسائي ٢ : ١٧١ كتاب الجنائز.

(٢) الشورى : ٢٣.

٣٩١
٣٩٢

الفصل الخامس

الحياة البرزخيّة

٣٩٣
٣٩٤

تمهيد :

ابن تيميّة وأثر منهجه في العقيدة والشريعة

في العصر الذي تحالفت فيه الوثنيّة والصليبيّة على تدمير الإسلام وتحطيم كيانه في أراضيه ، والذي ينبغي فيه للعالِمِ المسئول في مثل هذا الظرف الحرج ، أن يتصدّى لهذه المواقف الخطيرة ، ويعمد إلى تجميع القوى وتكريسها ؛ ليكون المسلمون صفاً واحداً ويداً واحدة وقوة حامية للإسلام أمام الزحف الوثني القادم من المشرق ، المتمثل آنذاك في الهجمة المغوليّة الشرسة المدمِّرة ، والزحف الصليبي القادم من الغرب ، المتمثّل في الحملات النصرانية الحاقدة ، على مقدسات المسلمين في فلسطين.

في مثل هذا العصر نرى من يطرح نفسه عالماً دينيّاً عارفاً بالكتاب والسنّة ، يطرح على الساحة قضايا ومسائل من شأنها تعكير الصفو ، وبلبلة الأذهان ، وشقّ الصفوف ، وبالتالي تضعيف القوة الإسلامية التي قوامها الوحدة.

أفيمكن والحال هذه وصف مثل هذا الشخص بأنّه عالم عارف أو شيخ إسلام أحيا السنّة وأمات البدعة؟!

لقد كانت النصارى بالمرصاد للمسلمين وكان من أمانيّهم الاستيلاء على القدس الشريف ، وانتزاعه من أيدي المسلمين بحجّة كونه مولِد المسيح ، وقبلة

٣٩٥

النصارى ، ولهذا شنّوا الغارة تلو الغارة ، والحملة تلو الحملة على بلاد المسلمين من أواخر القرن الخامس (سنة ٤٩٠ ه‍) إلى أواسط القرن السابع ، وكان للحروب الصليبية هذه مراحل ثمان وكان انتصر المسيحيون في بعضها وهزمت قواتهم في البعض الآخر.

وقد تحمّل المسلمون جرّاء هذه الحملات الكبرى خسائر كبرى ، لا يستطيع البنان واللسان عدّها وإحصاءها ، ولا تصويرها ، وبيانها.

وفيما كان الجرح نازفاً من جهة الغرب ، تعرّضت البلاد الإسلامية من ناحية الشرق في عام ٦١٦ ه‍ لحملة شعواء وثنيّة الجذور لاقتلاع الإسلام من أساسه والقضاء على أُصوله وفروعه ، وإبادة حضارته ومدنيّته وامتدّت إلى أن سقطت الخلافة العباسية بأيدي أُولئك الوثنيين عام ٦٥٦ ه‍ ، وكانت الخسائر في النفوس والأرواح كبيرة قاربت المليون ، بل أكثر.

وبقي التدمير والحرب سائدَين في البلاد إلى أواخر هذا القرن ، بل امتدّا إلى أواخر القرن الثامن.

ثمّ وقعت في الشمال الغربي من البلاد الإسلامية أعني الأندلس كارثة أُخرى ، هي إبادة المسلمين وتصفيتهم بقتلهم أو بترحيلهم عن بلادهم وأوطانهم بأعداد كبيرة وهائلة.

فإذا نظرنا إلى الجدول التاريخي نرى أنّ هذه القرون الأربعة تعدّ من شرّ القرون على العالم الإسلامي حيث فيها :

١ ـ ابتدأت الحروب الصليبية من عام ٤٩٠ ه‍ واستمرت إلى عام ٦٩٠ ه‍ (١).

٢ ـ ابتدأت الحروب التترية (المغولية) من عام ٦١٦ ه‍ وانتهت عام ٨٠٧ ه‍ (٢).

__________________

(١) و (٢) الدولة العباسيّة : ٢ / ٣٧٤ ـ ٣٩٨.

٣٩٦

٣ ـ أُبيد المسلمون في أوطانهم بإسبانيا والأندلس ، أو رحّلوا من عام ٦٠٩ ه‍ إلى عام ٨٩٨ ه‍.

ففي هذه الظروف المأساوية المتّسمة بالقتل والتنكيل والتشريد ، والهدم ، والمقرونة بإحراق المكتبات وتدمير الثقافة الإسلامية ، نرى أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية يطرح مسائل باسم التوحيد والشرك ويُقسِّم المسلمين إلى قسمين : موحّد ومشرك.

فالأوّل هو مَن يتّبع خطواته وأفكاره ، والثاني هم المخالفون ؛ وهم الأكثرية الساحقة من المسلمين.

فهل طرحت هذه المسائل المفرّقة لصفوف المسلمين بدوافع إيمانية ، وبحجّة الدفاع عن حوزة الدين والإيمان. أو أنه كان وراء الأكمة ما وراءها ، وأنّه كانت هناك وراء الكواليس أُمور أُخرى لا يعلمها إلّا الله ، أو أنّ طارح هذه الأفكار كان إنساناً ساذجاً ومغفّلاً غير واقف على مصالح الإسلام والمسلمين ولا عارف بما يصلحهم في ذلك الظرف العصيب وما يفسدهم. وبكلمة قصيرة : ما كان يعرف الداء ولا الدواء.

ونحن لا نقضي بشيء عليه فالتاريخ خير قاضٍ ، والعلم عند الله تبارك وتعالى. وعلى أيّ نحو فسّر موقفُ الشخص المذكور ، فقد أنتج هذا الموقف ثلاث نتائج سيئة ، لم تزل آثارها الخطيرة باقية إلى الآن :

١ ـ الحطّ من شأن الأنبياء والأولياء والصالحين والشهداء والصدّيقين ، وإنزالهم عن مقاماتهم المعنوية العالية الّتي أعطاهم الله إيّاها بجهادهم ، وإخلاصهم ، ووفائهم للعقيدة ودفاعهم عن الشريعة.

٢ ـ تعريض الآثار الإسلامية للمحو والإبادة والطمس والهدم ، على حدّ لا يبقى من آثار النبيّ والمسلمين الأوائل شيء يدلّ على وجودهم ، وعلى تفانيهم

٣٩٧

وتضحياتهم ، لو أُتيح لأتباع هذه الفكرة ، وأنصار هذا الرجل أن ينفِّذوا كلّ مآربهم ، ومراميهم.

وبالتالي لوْ وُفِّقوا لذلك ، لَتحوّل الإسلام في رؤية الأجيال المستقبلة إلى صورة أُسطورية لا واقع لها ولا أساس ، إلّا بين الكتب والأوراق ، أو في عالم الأذهان والأفكار.

٣ ـ تفريغ الدين من محتواه الداخلي ، الغني ، حيث قاموا بتفسير القرآن بحرفيته ، فأثبتوا لله سبحانه الجسمانية والجهة ، والمكان ، وسائر ما تتمتع به المخلوقات من الأوصاف والحالات ، وما لها من الأعضاء والجوارح. وهذا واضح لمن طالع رسائل الرجل المذكور ، وكتاباته.

هذه أبرز النتائج التي ترتّبت على هذا المنهج الفكري الذي قدّمه ابن تيمية ، ولكنّه لم يوفّق لتأصيل وتعميم ما كان ينويه ويهدف إليه ويسعى إلى نشره وحمل الناس عليه ، وذلك لأنّه :

أوّلاً : واجه مخالفة العلماء الكبار من جميع المذاهب في البلاد المنعمة بالعلم والإيمان ، والحبّ للرسول وآله في مصر والشام وغيرهما ، ولأجل ذلك بقيت فكرته بذرة في ثنايا الكتب تنتظر أرضية مناسبة لنموّها ، وتجدّدها.

ثانياً : واجه ما كان المسلمون مفطورين عليه من حبٍّ للإسلام ، والرسالة المحمديّة الشريفة ، وتعلّق فطري سليم بالرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله وآثاره ، وما كان مركوزاً في أذهانهم منذ قرون من مشروعية لمظاهر التكريم والتبجيل للأنبياء والأولياء والصالحين.

وكانت الظروف على هذه الحال ، ولم تكن مناسبة لنموّ وتوسع هذه البذرة إلى أن انتقلت إلى أراض قاحلة من العلم والمعرفة من بقاع نجد ، فسقيت البذرة على يد محمّد بن عبد الوهاب النجدي (١١١٥ ـ ١٢٠٦ ه‍) فأخذت البذرة تنمو بين قوم أُمّيين لا يعرفون المعارف الصحيحة ، بل تغلب عليهم البداوة والجاهلية ، وقد

٣٩٨

استغل محمّد بن عبد الوهاب هذا النمط من الناس لتعميق هذه الفكرة ، ودعمها وإشاعتها ، ومن سوء الحظ أنّ أمير المنطقة محمّد بن سعود (حاكم الدرعية) ، من أمارات نجد ، أيّده في فكرته واتّفقا على المناصب والدعم المتقابل ، وبذلك عادت الفكرة إلى الساحة باسم الوهّابية ، وأخذت تنمو شيئاً فشيئاً بين أعراب نجد وما حولها ، وقد وقعت مناوشات وحروب دامية بين هذه الفرقة والخلافة الإسلامية العثمانية مرّات ، بفضل القوات المصرية التابعة للخلافة آنذاك.

وفي خلال الحرب العالمية الأُولى انهارت الخلافة الإسلامية وتبدّلت إلى ملكيات ، وأمارات يحميها الاستعمار البريطاني والفرنسي ، فاستولى أمير الوهابية عبد العزيز بن سعود على مكة والمدينة عام ١٣٤٤ ه‍ ، وبذلك سيطروا على أقوى مركز من مراكز التبليغ والدعوة ، وصار لهم نشاط نسبيّ في تبليغ الفكرة ونشرها ، وكبح الألسن وإلجامها والسيطرة على المخالفين والمعارضين.

ومع ذلك لم يكن النجاح حليفهم إلى أن اكتُشِفَت في المنطقة الشرقية (الظهران) أكبر معادن البترول ، فصار أمير الوهابية يملك أكبر ثروة في العالم سخّرها لصالح قبيلته ، ونشر الفكرة التي نشأ عليها هو وآباؤه ، ولو لا هذه الظروف الاتفاقية لا تحسّ منهم من أحد ، ولا تسمع لهم رِكْزاً.

إنّ التاريخ يعيد نفسه ، ففي الوقت الذي تشنّ القوى الكافرة من الصهاينة والصليبيين ، الغارة تلو الغارة على الأطفال والشباب لمسخ هويتهم الإسلامية بشتى الوسائل ، حتّى أنّ الإنجيل قد ترجم في عقر دار المسلمين بمختلف اللغات الدارجة في البلاد الإسلامية.

ففي هذا الوقت العصيب الذي تدمع عين الإسلام دماً ، نرى الوهابيّين مستمرين على تهديم الآثار الإسلامية الباقية ، بمعاولهم الهدامة تحت غطاء توسيع المسجدين ، وموزّعين ملايين الكتب والأشرطة ، كلّها مكرَّسة للهجمة الشرسة

٣٩٩

على المسلمين قاطبة والشيعة الإمامية خاصة ، ولا تتبنى من العلم الصحيح الناجع لداء المسلمين اليوم ، شيئاً ، سوى أنّ البناء على القبور وتقبيل الضريح والتوسّل بالأولياء وطلب الشفاعة منهم شرك وبدعة.

فيا لله وللمسلمين من هذا التفريق والتبديد ، والإسراف والتبذير!! أما آن لهؤلاء المغفّلين أن ينتبهوا من غفلتهم ، ويسعوا في سبيل وحدة المسلمين ، مكان تفريقهم وإذلالهم ، إذا كانوا يعتبرون أنفسهم مسلمين؟

وعلى كلّ تقدير ، فنحن أمام هذه الكارثة التي هزّت وحدة المسلمين وجعلتهم فريسة للمستعمرين ووسيلة للتقاتل والتخاصم والتنازع والتناوش ، مكان بذل الجهد وتكريس التعاون لأهم الأُمور وهو حفظ استقلالهم والتخلّص من مخالب المستعمرين وتنشيط اقتصادهم وتجديد سيادتهم على العالم.

وهنا نحن نغضّ الطرف عن جميع ما ذكرنا وندعو علماء الوهابية في الحجاز والرياض أن يقيموا مؤتمراً إسلامياً يحضره علماء من كافة المذاهب الإسلامية ، لدراسة مسائل عديدة ـ ممّا يتميز بها الوهابيون عن غيرهم ـ في جوّ هادئ تسيطر عليه الروح الموضوعية والعلمية ، والبعيدة عن السيطرة السياسية حتى يتبيّن الحقّ عن الباطل ، وتتم الحجة على الجاحد ، ولعلّ في هذا المؤتمر نجاح الإسلام والمسلمين وتوحيد الكلمة ، كما أنّ لهم كلمة التوحيد.

وبما أنّ الحياة البرزخيّة بعد الانتقال من الدنيا ، هي الأساس لنقد دعاياتهم وعقائدهم خصّصنا هذا البحث لتحقيقها والبرهنة عليها بالكتاب والسنّة والعقل الصريح ، في ضمن مباحث.

٤٠٠