كشف الغطاء عن وجوه مراسم الاهتداء

محمد حسن بن معصوم القزويني

كشف الغطاء عن وجوه مراسم الاهتداء

المؤلف:

محمد حسن بن معصوم القزويني


المحقق: الشيخ محسن الاحمدي
الموضوع : الأخلاق
الناشر: مؤتمر المولى مهدي النراقي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٤

بالعقوبة؟ » فما برح حتّى أخصبت بنو إسرائيل بالمطر وأنبت الله العشب في نصف يوم حتّى بلغ الركب ، فرجع برخ ، فاستقبله موسى عليه‌السلام فقال له : كيف رأيت حين خاصمت ربّي كيف أنصفني؟ فهمّ به موسى عليه‌السلام فأوحى الله إليه : أنّ برخا يضحكني في كلّ يوم ثلاث مرّات » (١) فالإدلال والانبساط يحتمل من بعض دون بعض ، كما احتمل من موسى عليه‌السلام قوله :

( إن هي الا فتنتك ) (٢) و ( أخاف أن يكذبون ) * ويضيق صدري ... ولهم عليّ ذنب فاخاف أن يقتلون ) (٣) مع ما فيه من سوء الأدب (٤) لأنّ الذي يقام مقام الانس يحتمل منه ويلاطف معه بما لا يحتمل من غيره ، كما لايحتمل من يونس أدون من ذلك فأقيم مقام الغيظ والهيبة وعوقب في السجن في بطن الحوت في ظلمات ثلاث ، وقيل فيه : ( لولا أن تدراكه نعمة من ربّه لنبذ بالعراء وهو مذموم ) (٥).

ونهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن اتباعه فقيل له : ( ولا تكن كصاحب الحوت ) (٦) وهذا إمّا لا ختلاف الأحوال والمقامات ، أو لما سبق في الأزل من التفاضل والتفاوت يوم القيامة.

( ولقد فضّلنا بعض النبيّين على بعض ) (٧).

ولذلك سلّم عيسى عليه‌السلام على نفسه فقال : ( والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ) (٨) وسكت يحيى عليه‌السلام حتّى سلّم الله عليه فقال تعالى :

__________________

١ ـ المحجّة البيضاء : ٨ / ٨١ ـ ٨٢.

٢ ـ الأعراف : ١٥٥.

٣ ـ الشعراء : ١٢ ـ ١٤.

٤ ـ قال الغزالي في الأحياء ٤ / ٣٤٢ والنراقي في جامع السعادات ٣ / ١٩٣ : وهذا من غير موسى عليه‌السلام من سوء الأدب فراجع ولعلّه مراد الصنّف (ره) أيضاً.

٥ ـ القلم : ٤٩.

٦ ـ القلم : ٤٨.

٧ ـ الإسراء : ٥٥.

٨ ـ مريم : ٣٣.

٦٤١

( وسلام عليه يوم ولد ) (١).

واحتمل من إخوة يوسف نيف وأربعون خطيئة في عشرين آية جمعها بعض العلماء فغفرت لهم ، ولم يحتمل من عزير مسألة سألها في القدر حتّى قيل له : لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، ولم يحتمل من بلعم بن باعورا مع ما كان عليه من الرتبة العظيمة في العلم خطيئة واحدة حتّى طرد ولعن ، واحتمل من آصف بن برخيا ما احتمل.

فقد روي أنّه تعالى أوحى إلى سليمان : يا رأس العابدين ويا ابن محجّة الزاهدين إلى كم يعصيني ابن خالتك آصف وأنا أحلم عنه مرّة بعد مرّة ، فوعزّتي وجلالي لئن أخذته عطفة من عطفاتي (٢) عليه لأتركنّه مثلة لمن معه ونكالاً لمن بعده ، فأخبره سليمان بذلك فعلا على كثيب من رمل ورفع رأسه ومدّ يده إلى السماء وقال : إلهي وسيّدي! أنا أنا وأنت أنت ، وكيف أتوب إن لم تتب عليّ ، وكيف أستعصم إن لم تعصمني ، فوعزّتك وجلالك إن لم تعصمني لأعودنّ ثم لأعودنّ ، فأوحى الله إليه : صدقت يا آصف أنت أنت وأنا أنا ، استقبل التوبة عليّ فقد تبت عليك وأنا التوّاب الرحيم (٣).

والقصص الواردة في القرآن من جملة فوائدها تعريف سنّته وعادته الجارية في الأمم الخالية ، فما فيه من شيء الا وهو نور وهدى ولو تأمّلت كلمات أئمّتك السادة الأطيبين أيضاً في أدعيتهم ومناجاتهم عرفت شرذمة ممّا فيها من الإشارة إلى المقامات العالية المختلفة التي كانوا عليها من الخوف والرجاء والحبّ والعجز والهرب منه إليه والبسط والإدلال أو الفناء في التوحيد وغير ذلك من الأسرار الغريبة التي لايدرك حقائقها الا المتخاطبان بها ، فعليك إن كنت سالكاً حريصاً على المعارف الحقّة بالتفكّر في كلام

__________________

١ ـ مريم : ١٥.

٢ ـ كذا ، وفي المحجة : « غضبة من غضباتي » ، وفي الإحياء (٤ / ٣٤٢) : عصفة من عصفاتي.

٣ ـ المحجّة البيضاء : ٨ / ٨٤.

٦٤٢

إلهك ونبيّك وسادتك الأطيبين ، ففيها شفاء علّتك وبردّ غلّتك ، وتعليم للحكم الغربية والأسرار العجيبة ، ولك فيها غنى عن علوم الأوّلين والآخرين.

والسلام على من اتّبع الهدى.

٦٤٣

ختام فيه إتمام

قد كثرت الأخبار في مدح الحبّ في الله والبغض في الله ، وعظم ثوابه وفضله ، ومعناه لايخلو عن إجمال وإبهام ، فلابدّ من الإشارة إلى ما يدلّ على مدحه وفضله في الجملة ، ثمّ بيان ماهيته وأقسامه ، وهذا وإن كان أنسب بالذّكر في باب صحبة الإخوان كما فعله أبوحامد وغيره الا أنّه لمّا كان متوقّعاً على معرفة معنى الحبّ وتفصيل الكلام فيه ، والتكرير ينافي الاختصار المقصود من وضع الكتاب فلذا ألحقناه بهذا الباب ، والله الموفّق للصّواب.

فنقول : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ودّ المؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان ، ألا ومن أحبّ في الله وأبغض في الله ومنع في الله فهو من أصفياء الله » (١).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه : « أيّ عرى الإيمان أوثق؟ فقالوا : الله ورسوله أعلم ـ إلى أن قال ـ : لكن أوثق عرى الإيمان الحبّ في الله والبغض في الله وتوالي أولياء الله والتبرّي من أعداء الله » (٢)

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « المتحابّون في الله يوم القيامة على أرض زبر جدة خضراء في ظلّ عرشه عن يمينه ـ وجوههم أشدّ بياضاً وأضوء من الشمس الطّالعة يغبطهم بمنزلتهم كلّ نبيّ مرسل وملك مقرّب الحديث » (٣).

وقال الباقر عليه‌السلام : « إذا أردت أنّ تعلم أن فيك خيراً فانظر إلى قلبك ،

__________________

١ ـ الكافي : ٢ / ١٢٥ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الحبّ في الله والبغض في الله ، ح ٣.

٢ ـ الكافي : ٢ / ١٢٥ ـ ١٢٦ كتاب الإيمان والكفر ، باب الحبّ في الله والبغض في الله ، ح ٦.

٣ ـ الكافي : ٢ / ١٢٦ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الحبّ في الله والبغض في الله ، ح ٧.

٦٤٤

فإن كان يحبّ أهل طاعته ويبغض أهل معصيته ففيك خير ، والله يحبّك ، وإن كان يبغض أهل طاعة الله ويحبّ أهل معصيته فليس فيك خير ، والله يبغضك ، والمرء مع من أحبّ » (١).

وقال عليه‌السلام : « لو أنّ رجلاً أحبّ رجلاً لله أثابه الله على حبّه إيّاه وإن كان المحبوب في علم الله من أهل النّار ، ولو أنّ رجلاً لبغض رجلاً لله لاثابه الله على بغضه إيّاه ولو كان المبغض في علم الله من أهل الجنّة » (٢).

وقال الصادق عليه‌السلام : « [ كلّ ] من لم يحبّ على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له » (٣).

والأخبار أكثر من أن تحصى ، ذكرنا هذا القدر تبرّكاً.

واعلم أنّ الحبّ بين إنسانين يحصل غالباً بمجرّد الصحبة الاتفاقيّة كصحبة الجار وأهل سوق واحد ، أو مدرسة واحدة ، أو سفر واحد ، أو خدمة سلطان أو غير ذلك ، وظاهر أنّ أمثال هذه لاتعدّ من الحبّ في الله ، بل هو الحبّ الاتّفاقي ، وربما يحصل من سبب وباعث آخر ، وهو على أقسام أربعة أشرنا إليها في صدر المبحث.

أحدها : الحبّ لذاته لاليتوصّل إلى أمر محبوب ومفقود وراءه ، بل يلتذّ برؤيته ومعيّته ومشاهدة أخلاقه استحساناً منه له ، لما عرفت من لذّة الجمال في حقّ من أدركه ، واللذّة فرع الاستحسان ، وهو فرع المناسبة والملائمة بين الطّباع ، والمناسبة إمّا ظاهرة كجمال الصورة ، أو كمال العقل والعلم وحسن الأفعال والأخلاق ، وإمّا خفيّة معنويّة بين شخصين بخصوصهما ، فكثيراً ما يستحسن رجل آخر من غير حسن ظاهر فيه بوجه من الوجوه ، بل لمناسبة باطنيّة أو جبت إلفهما ، فإنّ شبه الشيء ينجذب إليه

__________________

١ ـ الكافي : / ١٢٦ ـ ١٢٧ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الحبّ في الله والبغض في الله ، ح ١١.

٢ ـ الكافي : ٢ / ١٢٧ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الحبّ في الله والبغض في الله ، ح ١٢.

٣ ـ الكافي : ٢ / ١٢٧ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الحبّ في الله والبغض في الله ، ح ١٦.

٦٤٥

بالطّبع ، والأشباء الباطنة خفيّة ، ولها أسباب دقيقة ليس في قوّة البشر الاطّلاع عليها. وإلى هذا القسم أشير في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الأرواح جنود مجنّدة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف » (١).

وهذا لايدخل في الحبّ في الله ، بل مرجعه إلى الطّبع وشهوة النّفس ، ولذا يتصوّر من غير المؤمن مع المؤمن وبالعكس ، فإن اتّصل به غرض مذموم كان مذموماً ، والا كان مباحاً.

والثاني حبّه لبنال منه محبوباً مفقوداً وراء ذاته من المحابّ الدنيويّة ، ولاريب في أنّ وسيلة المحبوب محبوب ، وهذا أيضاً مثل الأوّل.

والثالث كذلك الا أنّه من المطالب الأخرويّة كحب التلميذ للاستاذ ، فإنّ المقصود سعادة الآخرة ، وهذا يعدّ من الحبّ لله ، وكذلك العكس ، لأنّه ينال بواسطته رتبة التعليم ويستحقّ به التعظيم في ملكوت السماء.

والضابط أنّ كلّ من يحبّ أحداً لصفته أو فعله الذي يوجب تقرّبه إلى الله فهو من المحبّين في الله كحبّ من يخدمه من حيث إنّه يفرغه لتحصيل العلم والعمل ، وحبّ زوجته لأجل ذلك وما يضاهيه في القصد الصّحيح.

الرابع : حبّه لله وفي الله لا لينال منه علماً ولا عملاً أو يتوسّل به إلى شيء وراء ذاته ، بل من حيث إنّه صنع الله ومنسوب إليه إمّا بنسبة عامّة تشمل كلّ الممكنات أو خصوصيّة نسبة من يقرّبه إليه بعلم أو عمل ، وقد أشرنا إلى أنّ كلّ من يحبّ أحداً بالحبّ البالغ يسرى حبّه إلى كلّ من ينتسب إليه حتّى من يمدحه ويحفظ غيابه ، بل محلّه ومسكنه وبلده وطائفته ، كما قيل :

أمّر على الديار ديار سلمى

اقبّل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حبّ الديار شغفن قلبي

ولكن حبّ من سكن الديارا

والبغض في الله بغضك كلّ من يعصي الله ويخالفه من حيث العصيان والمخالفة ، وقد مرّ الخلاف في أنّ من تصادق مع أخ له في الله ثمّ

__________________

١ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٢٤٩.

٦٤٦

رأى منه المخالفة والعصيان فهل يحسن حينئذ تركه وتبديل حبّه ببغضه ومهاجرته وقطع أخوّته لما ذكر ، أو لابل يهتمّ بكلّ ما يمكنه من القول والفعل حتّى رياضة نفسه في التضرّع والدعاء له ليهديه الله إلى ما كان عليه أوّلاً ، وقد ذكرنا ما يغنيك في باب حقوق الإخوان.

ثمّ المعاصي لها درجات مختلفة بعضها أكبر وأشدّ من بعض ، وكذا البغض والهجران له مراتب مختلفة شدّة وضعفاً ، فينبغي أن يراعي الترتيب والمماثلة في الشدّة والضّعف. وهذا كلّه بعد النّصح والتلطيف في الكلام بالرفق واللّين بما سبق تفصيله في باب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وباب حقوق المعاشرة.

وكثيراً ما يتّصف الإنسان بصفتين : إحداهما محمودة والأخرى مذمومة ، فلابدّ من موازنة إحداهما بالاخرى فيرجّح الأشد على لا أضعف ، بل لابدّ من ملاحظة الحيثّية ، فيحبّه من حيث صفته المحمودة ، بل من الجهة الكليّة العامّة المشتركة بين كلّ الممكنات في الانتساب إلى ربّ الأرباب ، بل يكون ملاحظته لهذه الجهة أكثر وأدوم ، ويبغضه من الجهة المذمومة ، ويوازن إحداهما بالاخرى ويعمل بمقتضى الجهتين معاً في السعي في الهداية والإرشاد ، والمنع بالكلام الطيّب والدّعاء والاستغفار له مهما أمكن ، وبالجملة ؛ لمّا كان المقصود من الحبّ والبغض شيء وراء ذات المحبوب والمبغوض ، وإنّما تعلّق الحبّ والبغض به واطلق عليه بالتّبع ، فالمعيار الكلّي مراعاة ماهو الأصل في ذلك.

واعلم أنّ من تمام الحبّ لله والوفاء ، أي الثبات عليه والمواظبة على مقتضياته ولوازمه وإدامته إلى الموت وما بعده مع أولاده ، وأصدقائه. وضدّه الجفاء وهو قطعه وترك لوازمه بالنسبة إليه أو إلى من ينتسب إليه في حياته أو بعد موته ، ولولا الوفاء لما كان للحبّ فائدة ، لأنّه إنّما يراد للآخرة ، فإن انقطع قبل الوصول إليها ضاع السعي وحبط العمل ، ولأنّها إن كانت لله فلا

٦٤٧

معنى لانقطاعها لأنّ انتفاء المسبب مع بقاء السبّب غير معقول ، فهو يدلّ على كونه لله ، وما قيل من أنّ قليله بعد الممات أحسن من كثيره في الحياة إنّما هو لأجل دلالته على الخلوص وكونه لله. وقد تقدّم من أحكام الصحبة وآداب الاخوّة ما يغنيك إن كنت طالباً.

ولنقطع الكلام على حبّ الله ورسوله وأوليائه الكرام حامدين له تعالى على التوفيق للإتمام والفوز بسعادة الاختتام مصلّين على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله سيّد الأنام وآله امناء الملك العلام وشفعاء يوم القيامة ، آملين من فضله العميم ومنّه الجسيم أن يوفّقنا وسائر إخواننا لطاعته ومرضاته وأن يسدّد قلوبنا وجوارحنا بتأييداته وتسديداته ، ويحفظنا من شرّ نفوسنا الأمّارة بألطافه وكراماته ويميل قلوبنا ويصفّي عقولنا للتدبّر في بدائع الحكم المودعة في آياته بمحمّد سيّد رسبه وبريّاته.

وكتب مؤلّفه الراجي رحمة ربّه الحيّ القيّوم ، خادم طلبة العلوم محمّد حسن بن المرحوم الحاج معصوم القزويني أصلاً والحائري موطناً ومسكناً ـ وفّقه الله لسلوك مسالك مراضيه وجعل مستقبل أيّامه خيراً من ماضيه ـ.

وفرغ من تأليفه ضحوة يوم الاثنين الثاني من شهر شوّال المكرّم من سنة العاشرة بعد المأتين والألف من الهجرة النبويّة على مهاجرها ألف صلاة وثناء وتحيّة حامداً لله ومصلّياً على محمّد وآله سادات البريّه (١).

__________________

١ ـ في نسخة ج : هكذا كان في آخر نسخة ظاهرها بخطّ المصنّف ...

٦٤٨

التعليقات

٦٤٩

پس از اينکه کار تحقيق وتخريج وتصحيح اصل کتاب بدون تعليقات مؤلف توسط حجة الاسلام والمسلمين احمدى به پايان رسيد ودر ٦٤٨ صفحه چاپ شد بهتر ديديم که مجموع حواشى مؤلف که در نسخه خطى ما موجود است در پايان کتاب چاپ شود. زحمت استنساخ حواشى را که کار مشکلى بود حضرت آقاى زمانى نژاد ، قبول کردند وپس از استنساخ ، توسط اين جانب در حد ميسور تصحيح شد وبه صورتى که ملاحظه مى فرماييد در آمد.

بايد يادآورى کنم که تعدادى از تعليقات ( که شايد حدود ده تاى آنها مفصل ، وچندتايى هم تعليقاتى کوتاه بود ) بيشتر به خاطر ناخوانا بودن استنساخ نشده بود وچاپ نشد.

وچون در بيشتر موارد مؤلف محل دقيق تعليقه را مشخص نکرده بود به ذکر صفحه ( ص ) وسطر ( س ) تقريبى بسنده شد.

رضا استادى

٥ / ١٠ / ١٣٨٠

٦٥٠

( ١ )

ص ٢٣ س ٧

اعلم أنه قد وقع الخلاف في أن النفس الناطقة حادثة بحدوث البدن أو مخلوقة قبلها.

فقيل بالثاني استنادا الى ظواهر بعض الأخبار ، كقوله : خلق الله تعالى الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا أول الأنبياء خلقا وآخرهم بعثا ، وأول ما خلق الله روحي ونوري ، وكنت نبيا وآدم بين الماء والطين ، وغيرها.

وأن النفس مقوم للبدن قواما محصلا لترتيب أفعال القوى عليه من التغذية والتنمية والحس والحركة والتوليد وغيرها ، ولولا تقومه بها لما كان له وجود فعلي ، وكل ما يتقوم به الشيء يجب أن يكون مقدما في الوجود العيني.

وأيضا فان النفس جوهر مجرد مدبر في البدن وكل ما كان كذلك لم يجز أن يكون وجوده موقوفا على وجوده.

وقيل بالأول بناءا على أنها مع تجرده بمنزلة الصورة النوعية للبدن ، فهي نوع واحد لا يتحقق تكثر لها بالنظر الى ذاتها ولوازم ذاتها كما هو مقتضي النوع ، بل بعوارضها الممتنع عروضها الا بواسطة البدن فانها بحسب ذاتها ليست فاعلة ولا منفعلة وكذلك تمتاز النفس عن العقل فيكون تكثرها بواسطة البدن ، أي وجود كل فرد منها ، اذ ليس المراد من الفرد الا الماهية

٦٥١

المخلوقة بالعوارض المشخصة ، فلا يتحقق فرد منها في الخارج قبل وجود البدن وهو المطلوب.

ويأولون الأخبار المذكورة بأن المراد من الأروح المتقدمة ، العقول المجردة والنفوس الفلكية ، فان النفوس الانسانية بعد استكمالها تتصل بها.

ورد بأنه لا يعقل كون المجرد بمنزلة الصورة النوعية للبدن ولا يلزم كون تعدد النوع بالعوارض البدنية ، بل يجوز أن يكون تعدده وتشخصه بالفاعل ، كما أن تعدد الطبائع والأشخاص الفلكية به ، لا بالقابل ، والا لزم الدور أو التسلسل ، ويشهد لذلك عدم فنائها بفناء البدن لبقاء مشخصها ، أعني الفاعل المفارق.

وما ذكر في توجيه الأخبار غير موجه مع أنه مثبتا للمطلوب أيضا ؛ فان الأرواح الفلكية والملكية أيضا لها تشخصات قبل أبدانها. فافهم. منه عفي عنه.

( ٢ )

ص ٢٤ س ٢

هذا مناف المذاق المتشرعة ، مضافا الى منع انحصار طرو العدم بها ذكر ، بل يكون به وبغلبة الواجب على الممكن ، كما صرح به المحقق اللاهيجي.

( ٣ )

ص ٢٤ س ١٣

قال صدر المحققين رحمه‌الله : فالنفس خلقت ووجدت مثالا للباري تعالى ذاتا وصفة وفعلا ، مع التفاوت الحاصل بينهما والباري تعالى منزه عن

٦٥٢

المثل ، اذا لا مشاركة له في الحقيقة ، لا عن المثال فانه ليس من حقيقة الممثل له ، فللنفس الانسانية في ذاتها عالم خاص ومملكة شبيهة بمملكة باريها مشتملة على أنوع الجواهر والأعراض المجردة والمادية وأصناف البسائط والمركبات من الأفلاك المتحركة والساكنة والنبات والجماد والحيوانات البرية والبحرية وسائر الخلائق يشاهدها بنفس حصولها منها ولها. والناس في غفلة من عالم القلب وعجائب الملكوت الانساني لشدة اهتمامهم باصلاح الظواهر واشتغالهم بعالم الأجسام ونسيانهم أمر الآخرة والرجوع الى الحق وعرفانه نسوا الله فأنساهم أنفسهم والحق تعالى خلق النفس مثالا له ذاتا وأحواله الباطنة وأفعالها الملكوتية فهو بان يجهل باريه أحق وأحرى لأن من لا يعرف المثال الحاضر القريب فكيف يعرف ما هو مثاله له ومرقاة الى معرفته كما في الخبر المشهور ( من عرف نفسه فقد عرف ربه ).

أما كونها مثالا بحسب الذات فلكونها مجردة عن الأحوال والأخبار والجهات غنية عن الأجسام وعوارضها ، وأما كونها مثالا بحسب الصفات فلكونها ذات صفة العلم والقدرة والارادة والسمع والبصر والكلام ، وأما كونها مثالا له في الأفعال فلأن لها مملكة شبيهة بمملكة باريها في الملك والملكوت والخلق والأمر تفعل في عالمها الخاص مايشاء ويختار ما يريد لكنها لأجل تعلقها بهذا البدن العنصري ضعيفة القوام والفعلية ضعيفة التأثير والتكوين ، فكلما يصدر عنها من الأفعال المختصة بها أو مشاركة بشيء من المقامات الخارجية والآلات البدنية يكون لماهيته ومعناه نحو ضعيف من الوجود والكون ، لا يترتب عليها الخواص والآثار على نحو وجود الأظلال والعكوس المرئية ، فان الثابت في المرآت وان كان مشاركا للشخص الخارجي

٦٥٣

في الماهية وصفاتها الفلكاتية الا أنهما متفارقان في الوجود والقوام. وكذلك الصور المتصورة في الحقيقة نفس الانسانية وعالمها الخاص مشاركة للأمر الخارجي الذي هذه الصورة صورة له ومتوجه اليه في الماهية والمعنى ومخالفة له في الاتصاف بالوجود المخصوص به فهذا الوجود للأشياء الذي لا يترتب عليه الآثار المختلفة عن تصور النفس وحضورها في عالمها وان قطع النظر عن الخارج يسمى وجودا ذهنيا وظليا للأمثال والاخر المترتب عليه الآثار ، وجودا خارجيا عينيا وأصليا. صدر الدين محمد الشيرازي رحمه‌الله.

شعر

چه مه وچه آفتاب وچه فلک

چه عقول وچه نفوس وچه ملک

چه وحوش وچه طيور وچه جهاد

چه ملوک وچه گدا چه کيقباد

چه بلاد وچه جبال وچه بحار

چه مه وچه سال وچه ليل ونهار

چه تراب وآب وچه باد وچه نار

چه خريف وصيف وچه دى وچه بهار

جمله اندر حکم ودر فرمان او

همچو گوئى در خم چوگان او

( ٥ )

ص ٣٠ س ٣

وفي الأخبار : من أخلص لله أربعين صباحا جرت ينابيع الحكمة من قلبه الى لسانه. منه رحمه‌الله.

( ٦ )

ص ٣١ س ١٤

قال الغزالي في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ـ الخ ـ : القلب بيت هو منزل الملائكة ومهبط أثرهم ومحل استقرارهم والصفات

٦٥٤

الردية مثل الغضب والشهوة والحقد والحسد والكبر والعجب وأخواتها كلاب نابحة فأنى تدخله الملائكة وهو مشحون بالكلاب ـ الى أن قال ـ : ولست أقول : المراد بلفظ البيت هو القلب وبالكلب هو الغضب والصفات المذمومة.

ولكن أقول : هو تنبيه عليه وفرق بين تغيير الظواهر الى البواطن ، وبين التنبيه الى البواطن من ذكر الظواهر ، ففارق الباطنية بهذا الاعتبار فانه مسلك العلماء الأبرار ، اذ معنى الاعتبار أن يعبر مما ذكر الى غيره ولا يقف عليه كما يرى مصيبة غيره فيكون له فيها عبرة بالتنبه لكونه أيضا عرضة للمصائب وكون الدنيا بصدد الانقلاب فعبوره من غيره الى نفسه ومن نفسه الى أصل الدنيا عبرة محمودة ، فاعبر أنت أيضا من البيت الذي هو بناء الخلق الى القلب الذي هو بيت من بناء الله سبحانه ومن الكلب الذي ذم لصفته لا لصورته وهو لما فيه من سبعية ونجاسة الى روح الكلبية أعني السبعية ـ الى آخره ـ. منه عفي عنه.

( ٧ )

ص ٣٣ س ٢٠

وقد شاهدنا كثيرا ما مما يتعلق بالقوى النظرية تغيرت وتبدلت بالرياضات والمجاهدات والأدعية بل الأدوية أيضا. والعمدة في ذلك حديث سعادة النفس وخذلانها والا فلا شك في كون جميع الأخلاق من حيث هي قابلة للتغيير والتبديل ، وأما التنظير بالطب على النهج الذي قرره ففيه أنه قياس مع الفارق ، وهو ظاهر. منه عفي عنه.

٦٥٥

( ٨ )

ص ٣٥ س ٣

فان قلت : أشرف العلوم هو العلم الالهي ؛ لأن موضوعه أشرف وأعلى من كل شيء ؛ قلت : نعم ولكن كمال هذا العلم يستلزم الكمال في ذلك العلم وبدونه لا يكون كاملا في هذا العلم ، ولكثرة ارتباط أحدهما بالآخر وشدة تلازمهما كأنهما علم واحد ، ولذا قال عليه‌السلام : من عرف نفسه فقد عرف ربه. منه عفي عنه.

( ٩ )

ص ٣٨ س ٣

اعلم أن لكل فعل غاية تتوجه اليها وبذلك الغاية يجب تصورها قبل الفعل والا كان الفعل عبثا ، ولذا قيل :

اول فكر آخر آمد در عمل.

وقال الحكيم : أول البغية آخر المدرك وبالعكس.

وهي اما أن يكون مقصودة لذاتها خيرا في نفسها أو لأمر آخر هو خير منها والأول هو المطلق ، والثاني هو المضاف ، فالخير المطلق هو غاية الغايات والمقصود من جميع الموجودات ، والاضافي ما يتوسل اليه. منه عفي عنه.

( ١٠ )

ص ٣٨ س ٩

فان كمال كل أحد تغاير كمال الآخر وأما الخير فلا لأن العاقل لا يفعل ما لا غاية له ، والغاية ان كانت نفس الفعل كان خيرا مطلقا ، وان كان الوصول اليه كان مضافا ، فاشترك كل العقلاء في هذا المعنى. منه عفي عنه.

٦٥٦

( ١١ )

ص ٤١ س ٢٠

فان قلت : لذة الرؤية لذة المعرفة وهي في الدنيا لأهلها قليلة ضعيفة ، فلذة الرؤية أيضا كذلك وكان أضعف منها.

قلت : استحقار لذة المعرفة منشأه الخلو عنها وذلك لأن لذة النظر الى المعشوق في الدنيا يتفاوت بأسباب : أحدها كمال المعشوق في الجمال ونقصانه فيه ، والثاني كمال الحب ، الثالث كمال الادراك ، والرابع اندفاع العوائق المشوشة والآلام الشاغلة للقلب.

فاذا قدر عاشق ضعيف العشق ينظر الى وجه معشوقه من وراء ستر رقيق على بعد بحيث يمنع بذلك كنه صورته مع اجتماع عقارب وزنابير عليه تؤذيه وتلدغه فهو في هذا الحال لا يخلو عن لذة ما من مشاهدة معشوقه فاذا مات في هذه الحالة عرضته على الفجأة حالة انهتك به الستر وأشرق واندفع عنه المؤذيات وبقى سليما فارغا وهجمت عليه القوة الشهوية المفرطة والعشق المفرط ، فالنظر كيف يتضاعف اللذة حتى لا يبقى للاولى اليه نسبة يعتد بها ، فكذلك نسبة لذة الرؤية الى لذة المعرفة.

فالستر الرقيق مثال البدن والاشتغال به والعقارب والزنابير مثال للشهوات المسلطة على الانسان وضعف الحب مثال لقصور النفس ونقصانها عن الشوق الى الملأ الأعلى ، وهو مثل قصور الصبي عن لذة الرئاسة والعكوف على اللعب ، فالعارف وان قويت معرفته في الدنيا فلا يخلو عن هذه المشوشات وان ضعفت في بعض الأحيان ، فلاح من كمال المعرفة بسببه مايبهت العقل وتعظم لذته بحيث يكاد القلب ينفطر لعظمته الا أنه كالبرق الخاطف تزول بعروض الشواغل والأفكار الضرورية في الحياة الفانية فيكون

٦٥٧

لذته ضعيفة مادام الحياة وانما يطلب في الآخرة ( وأن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ) من بعض العارفين ملخصا (١). منه عفي عنه.

( ١٢ )

ص ٤٥ س ١٦

هذا مناف لمذاق الشرع بل لظاهره. [ ولذا حذفناه ]

( ١٣ )

ص ٤٦ س ٤

فان قلت : يلزم على هذا التوجيه كون العاصين بأسرهم مخلدين ، لرسوخ الملكات وثباتها بعد الممات.

قلت : سنشير بعد هذا الى أن الملكات المتعلقة بالعلم والجهل تبقى دائما ولا تزول بطول المدة ، وأما الملكات الحاصلة من مزاولة الأعمال بالعرض فانها تزول وتنقطع بانقطاع آلتها تدريجا. منه عفي عنه.

( ١٤ )

ص ٥٠ س ٣

وكما أن اللذات غير محصورة في الجسميات ـ كما بين في المتن ـ فكذا الآلام كما أشرنا اليه في صدر المبحث ، فان نار الفراق أشد احراقا من النار المحسوس ؛ لأنها نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة. والنار المحسوس لا شغل لها الا مع الأجساد وألم الأجساد يستحقر مع ألم الفؤاد. ولذا قيل :

__________________

١ ـ راجع إحياء العلوم ٤ / ٣٠٦.

٦٥٨

وفي فؤاد المحب نار هوى

أحر نار الجحيم أبردها

ولا مجال لانكار هذا في الآخرة مع وجود نظيره في الدنيا فقد روي أن بعض من غلب عليه الوجد تعدى على النار وعلى اصول القصب الجارحة للقدم وهو لا يحس به لفرط غلبة ما في قلبه. وترى الغضبان يستولي عليه الغضب في القتال فتصيبه جراحات وهو لا يشعر بها في الحال ؛ لأن الغضب نار في القلب ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الغضب قطعة من النار. واحتراق الفؤاد أشد من احتراق الأجساد والأشد يبطل الاحساس بالأضعف كما تراه فليس التألم من النار والسيف الا أنه من حيث انه يفرق بين جزئين يرتبط أحدهما بالآخر برابطة التأليف الممكن في الأجسام فالذي يفرق بين القلب وبين محبوبه المرتبط به برابطة التأليف أشد احكاما من تأليف الأجسام فهو أشد ايلاما عند أهل القلوب وان لم يدركه من لا قلب له واستحقره بالاضافة الى ألم الجسم. فان من غلب عليه شهوة البطن لو خير بين الهريسة والحلوا وبين فعل جميل يقهر به الأعداء ويفرح به الأصدقاء لآثر الهريسة والحلوا وما ذلك الا لوجود المعنى الذي بوجوده يصير الطعام لذيذا وفقد المعنى الذي بوجوده يصير الجاه محبوبا وكما لا يكون الذوق الا في اللسان والسمع الا في الآذان ، فكذا لا تكون هذه الصفة الا في القلب فمن لا قلب له لا يحس بها كما أن من لا سمع له ولا بصر لا يدرك لذة الألحان ولا حسن الصور والألوان وليس لكل انسان قلب والا لما خصه الله بمن يتذكر القرآن حيث قال : ( ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ). وليس المراد من القلب اللحم الصنوبري بل السر الذي هو من عالم الأمر وهذا اللحم الذي هو من عالم الخلق عرشه والصدر كرسيه وسائر الأعضاء مملكته ولله الخلق والأمر جميعا.

من كلام الغزالي ملخصا. منه عفى الله عنه.

٦٥٩

( ١٥ )

ص ٥٧ س ١٤

فان مبنى هذا التحقيق على أن التوسط في الأخلاق هو الصراط الموصوف بأنه أدق من الشعر وأحد من السيف أعني الصراط الممدود على جهنم أي الرذائل الخلقية. ومبنى ذلك التحقيق على أن الفضائل النفسانية وكذا أضدادها من الرذائل تتصور بصور روحانية وجودها ( كذا ) الادراك في العالم الروحاني بعد رفع الحجب الجسمانية ، فيكون الصراط الذي هو من جملة تلك الموجودات في تلك النشأة عين هذه الملكات الفاضلة ، والفضائل النفسانية. وظهر مما ذكر أن من ادعى (١) الفرق بين هذا التوجيه لمعنى الصراط وذلك التوجيه وأن هذا لا ينافي ظاهر الشريعة وذاك ينافيه فقد أتى بالزور فان كانت منافاة ثمة فكذا هنا ، والا فلا ، الا أن يدعى في التجسد معنى آخر غير ما ذكرناه هنا وهو أن غير الملكة في هذه النشأة جسما ماديا محسوسا في تلك النشأة مع أنه صرح بأن من قال بالتجسد مراده ذلك وحينئذ لا يبقى بينهما أصلا وقد أشرنا الى عدم المنافاة أيضا. فافهم. منه عفي عنه.

( ١٦ )

ص ٥٩ س ١١

لأن العدالة على ما فسرناها به سابقا هي اعتدال القوى الثلاثة وتسالم بعضها مع بعض فرذيلة كل من تلك القوى رذيلة لهذه فان كانت بحسب الافراط فيها كانت بحسب الافراط في هذه وان كانت بحسب التفريط فيها كانت بحسب التفريط في هذه. منه عفى الله عنه.

__________________

١ ـ راجع جامع السعادات ١ / ٦١.

٦٦٠